الهزيمــــــــــــــة... حسام الدين مصطفى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسام الدين مصطفى
    رئيس الجمعية المصرية للترجمة
    • 04-07-2007
    • 408

    الهزيمــــــــــــــة... حسام الدين مصطفى




    عاد الملك إلى قصره يسير موكبه مكللاً بالغار بعد أن أخمد التمرد في جنوب بلاده وأمَن حدودها، يتقدم وزراءه وقواده في موكب مهيب يجر وراءه قطعان الأسرى...
    كان الشوق طول الطريق يلكز جواد قلبه يحثه على أن يهرع ويسرع للقياها ... شهور أمضاها في لظى الحروب بعيداً عن جنة القرب من حبيبته مليكته... طوال الطريق يتخيلها وهي تستقبله لتتوج روحه بإكليل بسمتها...

    وعند باب قصره لم يرها واقفة كما عودته طوال سنوات إقترانهما الثمانية ...قفزت عيناه تشق طريقها عبر زحام مستقبليه وتقلب في وجوههم بحثاً عن وجهها ... وما وجدها.... طارت روحه تسابقها قدماه الراكضتان وجرى إلى غرفتها .... همست الوصيفة بأن مولاتها قد غلبها نوم بعد أن أعياها القلق والأرق... لم يشأ أن يوقظها وجلس على مقعد أمام مخدعها يتأمل وجهها وهدوئه ويمعن النظر في قسماته ويسرح فيهما ....

    ساعات مرت حتى شقشق الضياء في عيني الملكة ولملمت الجفون ستائر أهدابها فتنبهت له وعيناه تحتضنها وتلفها ببسمه حنون تتراقص على زفرة شوق أطلقها وهو يستعيد روحه...

    قامت إليه وارتمت على صدره ودلفت إلى حضنه وعيناها تحمل نظرة غير تلك التي عرفها منها... راعه ما هي فيه... ضمها بقوة إلى صدره فتنبه إلى أنه لم يخلع درعه حتى الساعة... ابتسم لها ...
    طرح عنه درعه وأخذها من يدها وسار بها نحو أعلى أبراج قلعته تلك التي بناها لها خصيصاً لتكن في مأمن بعيدة عن يد أعدائه وتحيا فيها وادعة هانئة .... وصلا إلى قمة البرج وجلسا على تلك الصخرة في منتصفه ... تذكر هذه الصخرة التي كان يجلسان عليها حين كانا طفلين هاربين من زحام القصور .. فجاء بها إلى برجهما ....

    أجلسها وحاول أن يفتح بوابات حديثها ... فأشار إليها لترى ما صنعته يداها من نصر حمله كالعادة إليها...
    أطرقت ... نظرت ...ثم ثانية أطرقت... وبكت
    تهاوت روحه دفعة واحدة... وسقط قلبه ينازع كما طير ذبيح ... صمت وإطراق وبكاء!!!!
    أخذ بيدها وأوسدها راحة يديه وفرش يده الأخرى فوقها بُرداً.... واقترب منها يلتصق بها... ثم أرسل ذراعه يحيط بكتفيها كما سور قلعته يلفها ....

    رفع وجهها ... وسألها عن شأنها... فقالت ...
    لقد خَذَلتَني... ولم تحمني
    خذلــــتني ... ولم تحمـــــــــني
    خذلــتني .... ولم تحمـــني
    خذلتني... ولم تحمني

    خذلتني .. ولم تحمني

    صدى الكلمات يهبط بمطرقته على هامته يهشمها .. يطحنها... أغمض جفنيه وفتحهما لعله يكتشف أنه واهم...
    إنطلقت كتائب الاستفهام من عينيه تكتسح المسافات بينهما ...
    قالت: أمس ناديتك ولم تجب وشعرت أن بيني وبينك سدود وحجب ....وكنت أحلم وقد زارني بحلمي شبح وهاجمني واختطف تاجي وعلى الأرض ألقاه ... وناديتك كي تحميني ... ولكنك خذلتني....
    وياليتك ما أوهمتني بأن أسوار حمايتك تضمني، لقد أسرفت في حكاياتك عن قلعة الأمان لي بنيتها، وفتحت غرفها وسكنتها وبت ترفع أسوارها وأبراجها ... وحين ناديتك تركتني للأحلام وأشباحها...


    دهست سنابك الكلمات قلبه ... اعتصرته .. فجرته.. مزقته... نثرت أشلاءه ......وذهب عقله يلملمها من كل حدب وصوب....


    جاء الحاجب ليعلم سيده أن الوزراء والقواد قد استعدوا لحضور عرس إنتصاره ... وأن وزيره الأول يستأذن في المثول بين يده ... استدار إلى مليكته وقد ألصق ابتسامة بشقتيه يخشى أن تفلت من قبضة شفتيه وتسقط .. وصرفها للقاء وزيره ...

    دخل الوزير ... والتقاه الملك بنفس البسمة المحتضرة ... نثر الوزير كلمات الفخر والسعادة بما أنجزه مولاه ... وكيف حمى رعاياه ووقاهم شر المغيرين والغزاة ... وكيف الشعب يهتف ببسالته والشجاعة وكيف القصص عنه صارت كجبل يزيد كل لحظة ارتفاعه....
    ما قولك يا مولاي؟!! ما قولك يا مولاي؟!!
    طرق السؤال باب أذن الملك فانتبه إلى وزيره الذي تركه يسافر في بساتين الكلام ...
    أجاب الملك: لقد تعب الجنود و أرهقتهم المعارك وطول السفر... فليخلدوا إلى الراحة ولا حرب بعد اليوم ...
    تضافرا حاجبي الوزير عجباً ما الذي بدل رأي الملك وهو الذي كان مصراً أن يضم لمملكته كل الإمارات حولها!!!!!!

    استأذن الوزير وخرج .... وبقي الملك على صخرته وحيداً.... سافر بصره يسعى أن يبلغ حدود مملكته دركها... عاد يطوف في أرجائها ويمر ببسمات الأطفال تترقرق على صفحات وجوههم، ويتابع فلاحي مملكته في حقولهم ونسائهم تسير إليهم وقت الغروب و أسوار قلعته والجنود والحرس والأقواس والسهام والجرس....

    [align=justify]بدأت جراح قديمة في صدره تنزف ...
    ...........حاول أن يجلس ...
    .............. استند إلى رمحه ...
    ................ خارت قدماه
    ................. واستقر السنان بصدره ...[/align]
    كانت الرحلة قصيرة من قمة البرج إلى قاع بهو القلعة ... أعلن عن انتهائها صوت الارتطام...

    هرع الحراس والخدم ... وجرت الملكة ... وانكبت على جسده ترفع رأسه وتسند عنقه الذي دقته مطرقة بلاطات البهو ... وجرجرت بصرها يسير عبر هضبة جثته

    أما الصخرة فسالت منها أنهار دموع قرمزية صنعت بركة على سطحها طفت رقعة ...خط الملك عليها بدمه

    أكتبوا على قبري...
    هذا قبر ملك كان الكون بستانه وطالما فيه سرح
    هذا قبر ملك أجرى أنهار الأمان لشعبه والفرح
    هذا قبر ملك جعل النصر بحره وطالما فيه سبح
    هذا قبر ملك لم يحم مليكته وهزمه شبح
    التعديل الأخير تم بواسطة حسام الدين مصطفى; الساعة 24-09-2008, 09:28.
    حسام الدين مصطفى
    مترجم - باحث- كاتب
    رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
    رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
    أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
    www.hosameldin.org
    www.egytrans.org

  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    هذه ملحمة بكل ماتعنيه الكلمه
    من روائع ماقرات حقيقة
    تحيتي لك

    تعليق

    • حياة سرور
      أديب وكاتب
      • 16-02-2008
      • 2102

      #3
      أكتبوا على قبري...
      هذا قبر ملك كان الكون بستانه وطالما فيه سرح
      هذا قبر ملك أجرى أنهار الأمان لشعبه والفرح
      هذا قبر ملك جعل النصر بحره وطالما فيه سبح
      هذا قبر ملك لم يحم مليكته وهزمه شبح


      حبى يا طاووسي المقتول

      يا كنز بين ضلوعى مجهول

      عذراً فأنا القاتلة وأنت المقتول

      وأنا الزائلة وأنت ذكرى لن تزول

      وداعاً حبيبي فــ الموت هو المكتوب

      والدهر غالبٌ وأنا المغلوب

      وحبك كنزي المنهوب

      مهما قالوا فـــ أنا الدمع المسكوب

      وهذا قدرنا المكتوب ....

      \\



      \\



      \\


      هذا أكثر ما يوجع القلب ..!!!


      أستاذي القاص الألق ... الكاتب المبدع ... حسام الدين مصطفى

      نورٌ أطل من بين شقوق الجبال .!

      ليفسح في الأرض مساحةً لـ حب .!
      .
      .


      ويستمر الشق في الإتساع .!


      .
      .

      قاصٌ يعتلي عرش الحس في حرفه، و هنا أيضاً تمسك بناصية فكر المتلقي

      لتدله إلى مكامن فكركـــــــــ بــ لغةٍ سلسلةٍ و مفرداتٍ منسجّمة مع حالتك و رقي

      في الطرح ..

      قلمٌ جميل يحملنى بحروفه الراقية على بساط من الخيال .. يجوب بنا مدناً ساحرة

      سكانها الكلمات ومهندسوها أناملك المبدعة ..

      نصٌ متكامل رسمت فيه لوحةً بهية حازت على كل إعجاب ..

      هكذا يكون الحرف يتسلل عبر أصعب المداخل بانسيابية تدل على حنكة الكاتب

      و مدى مصداقيته و عشقه للكلم ..

      دمت مبدع الحرف .. ألق السطر .. أعذب قاص

      تحيتي تقديري


      تعليق

      • حياة سرور
        أديب وكاتب
        • 16-02-2008
        • 2102

        #4
        عودة أخرى لا لشئ وإنما تثبيتاً

        لهذه الذائقة الفريدة الألقة .. ولــ جمال تلك الملحمة وإبداع كاتبها هناك روعةٌ ما ,،،


        تعليق

        • د.مازن صافي
          أديب وكاتب
          • 09-12-2007
          • 4468

          #5
          هل كان الحرب سببا للشقاء
          هل أسرف في الحرب والانتصار
          هل قتله شبح حقا ... أم خوف حبه
          أم غِنى حبيبته بمكوثه بين عينيها كان هو المُـــــــراد


          \
          /
          \
          /
          \

          أخي الحبيب الكاتب المبدع ... حسام الدين مصطفى

          تمتعت بــ قراءة هذا النص الزاخر بالكثير من العِبر والعظات ... وأراك تقول : " إحمي دارك قبل أن تبدأ حربا بدعوى ضم بيوت الاخرين .. "


          مجموعتي الادبية على الفيسبوك

          ( نسمات الحروف النثرية )

          http://www.facebook.com/home.php?sk=...98527#!/?sk=nf

          أتشرف بمشاركتكم وصداقتكم

          تعليق

          • حسام الدين مصطفى
            رئيس الجمعية المصرية للترجمة
            • 04-07-2007
            • 408

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
            هذه ملحمة بكل ماتعنيه الكلمه
            من روائع ماقرات حقيقة
            تحيتي لك
            الأديبة المبدعة ريمة الخاني
            لك الشكر على طيب كلماتك التي اعتدناها تقطر من بديع مدادك ...
            وأشكر لك أن ارتقيت بنصي فوضعته ضمن أرقى ما جادت به قريحة الأدباء والمبدعين ...
            وربما ذلك لأنها جسدت بكل صدق تجربة شعورية اصطبغت بصبغة المأساة...
            لذلك لازلت أؤمن بأن الحزن هو أنبل وأسمى المشاعر الإنسانية
            لك خالص التحية
            حسام الدين مصطفى
            مترجم - باحث- كاتب
            رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
            رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
            أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
            www.hosameldin.org
            www.egytrans.org

            تعليق

            • حسام الدين مصطفى
              رئيس الجمعية المصرية للترجمة
              • 04-07-2007
              • 408

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة حياة سرور مشاهدة المشاركة


              حبى يا طاووسي المقتول

              يا كنز بين ضلوعى مجهول

              عذراً فأنا القاتلة وأنت المقتول

              وأنا الزائلة وأنت ذكرى لن تزول

              وداعاً حبيبي فــ الموت هو المكتوب

              والدهر غالبٌ وأنا المغلوب

              وحبك كنزي المنهوب

              مهما قالوا فـــ أنا الدمع المسكوب

              وهذا قدرنا المكتوب ....
              [/COLOR]
              المبدعة ....
              حرت في أن أجد صفة أقرنها بصفة الإبداع لديك ... فكل صفات أهل الحرف تنطبق عليك .. ولكني وجدت أن أجمل ذلك كله في صفة هي
              الإنسانة.... حياة سرور
              فردك كان أعظم تتويج لنصي ... فلا أروع من أن يشعر الإنسان بالإنسان فيملأ قلمه بمداد من السمو يجعله قادراً على قراءة ما بعد الكلمات ....
              أشكر لك أن أجزلت في كرمك وأشعرتني أن للصدق صدى يسمعه الصادقون
              ........

              من عبرات ملك مهزوم...
              يا ملاكي

              لا تظني أن في الموت فنائي أو هلاكي ...
              لا تحسَبي أني أحببت العيش يوماً لولاك
              لا تحسِبي الأعمار بالأيام ودورة الأفلاك
              فحياة البشر مرت لحظات .. دقائق وثوان
              أما هناك مليكتي
              فلدي ألف ألف ألف عمر
              فيا لهناءتني أن جاءني الردى ركضاً
              ويا لسعادتي أن لا أرى الفجر
              فهنا مليكتي
              لا غروب ولا نوم ولا قبر
              هنا سأحبك دون أن يلهب عمري سوط الفناء
              هنا سأحبك بلا خوف ولا وجل أو استحياء
              هنا سأحبك حباً يفترش الكون بساطاً
              ويلتحف السماء...
              ولا تظني أن فراقنا عمداً ...
              فالموت فاتنتي ... هو ديدن الأحياء.

              قد تذهب كل الكلمات أدراج الرياح
              قد تتساقط أوراق الحرف كشهاب في الفضا لاح
              قد يغدو الليل طويلاً طويلاً ... تاهت عنه شمسه أو ضاع الصباح
              لكنني هنا ... شهيد عشق ... أنا
              لا زالت أسطر في سجل الخلود أسطورة هواك
              فما أدركت النهاية ... ولا قلبي استراح
              حسبي أن وَدَعتني ابتسامتك
              فأنا أكره البكاء والنواح
              وإن يمسسك لفراقي حزن ....
              فأسألك مغفرة والسماح ..

              (حسام الدين مصطفى- رقصات على سطح القمر)
              التعديل الأخير تم بواسطة حسام الدين مصطفى; الساعة 24-09-2008, 10:41.
              حسام الدين مصطفى
              مترجم - باحث- كاتب
              رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
              رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
              أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
              www.hosameldin.org
              www.egytrans.org

              تعليق

              • حسام الدين مصطفى
                رئيس الجمعية المصرية للترجمة
                • 04-07-2007
                • 408

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة د.مازن ابويزن مشاهدة المشاركة
                هل كان الحرب سببا للشقاء
                هل أسرف في الحرب والانتصار
                هل قتله شبح حقا ... أم خوف حبه
                أم غِنى حبيبته بمكوثه بين عينيها كان هو المُـــــــراد


                \
                /
                \
                /
                \

                أخي الحبيب الكاتب المبدع ... حسام الدين مصطفى

                تمتعت بــ قراءة هذا النص الزاخر بالكثير من العِبر والعظات ... وأراك تقول : " إحمي دارك قبل أن تبدأ حربا بدعوى ضم بيوت الاخرين .. "


                أخي الحبيب بن غزة هاشم الأديب د.مازن ابويزن
                حييت وبورك شهد قلمك ...

                حروبه يا صديقى ما كانت يوماً سبباً لشقائهما بل كانت جسوراً يشيدها لتصل بينهما وأبراجاً يرفعها كي تعلو بهما عن أرض الهزيمة...
                ربما يكون انتصاره على كل ما واججهه هو كعب أخيلوس الذي قضى عليه حينما وقف أمام نفسه يسائلها ... أأنتصر على كل ما قابلني وأدحر الصعب وأصنع حياتي وقدري ... ويهزمني شبح وهم عند الإنسانة الوحيدة التي أشركتها في انتصاراته وأراد أن يكون دوماً حاميها ونصيرها
                في هذه اللحظة لا شك أنه شعر بأن كل ما حققه كان وهماً حتى وإن هتفت بانتصاراته كل الشعوب

                وأما سؤاليك
                هل قتله شبح حقا ... أم خوف حبه
                أم غِنى حبيبته بمكوثه بين عينيها كان هو المُـــــــراد
                فجوابهما عندها ....
                هل أسلمته لأوهامها؟؟ هل كفرت بكل إيمانها به؟؟ أم آثرت أن تنهزم و تنتحر بخنجر الأقدار بعد أن أعياها الانتظار؟؟ فكان أن باغتته من حيث لايدري و طلبت إليه أن يحضر لها لؤلؤة في قاع بحر ... بعد أن أوثقت يديه وقدميه وألقته في اليم وكانت الأشباح هي العذر؟؟؟
                *********
                وأراك تقول : " إحمي دارك قبل أن تبدأ حربا بدعوى ضم بيوت الاخرين .. "
                صدقت يا صديقي ... ولكن لنضف إلى ذلك ....
                لا يهم كم من الأعداء يتربصون بك
                لا يهم إذا كان النصر قريباً أو بعيداً
                لا يهم إن بقيت حياً أو شهيداً
                لا يهم كم من الأراضي ستضمها إلى مملكتك
                المهم ...
                أن لا تنقلب أرضك عليك ...
                وأن لا يلقيك جوادك تحت سنابكه..

                حارب كل شيء وأي شيء ... ولكن اعلم أنك ستهزم إن أسلمك من تحارب من أجلهم لدنياهم وأشباحهم
                لك محبتي وعظيم تقديري
                التعديل الأخير تم بواسطة حسام الدين مصطفى; الساعة 24-09-2008, 11:26.
                حسام الدين مصطفى
                مترجم - باحث- كاتب
                رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
                رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
                أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
                www.hosameldin.org
                www.egytrans.org

                تعليق

                • بنت الشهباء
                  أديب وكاتب
                  • 16-05-2007
                  • 6341

                  #9
                  المبدع الأستاذ حسام الدين مصطفى
                  وقفت أكثر من مرة أمام رائعتك لأضيف ردا , ولكن الصورة الأخيرة كان لها الأثر الكبير في نفسي , ووقفت حائلا بيني وبين قلمي حينما أعلنت النهاية عن سقوط الملك من علو البرج إلى قاع بهو القلعة ليسيل دمه من بين الصخور العاتية , وهو يحمل لمليكته الوصية التي خطها لتكون شاهدا له ...

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  أكتبوا على قبري...
                  هذا قبر ملك كان الكون بستانه وطالما فيه سرح
                  هذا قبر ملك أجرى أنهار الأمان لشعبه والفرح
                  هذا قبر ملك جعل النصر بحره وطالما فيه سبح
                  هذا قبر ملك لم يحم مليكته وهزمه شبح

                  ولكن تراني عدت إلى هنا من جديد حيث بدأت مع هذه الملحمة , ودخلت مع الملك بهو القصر , وأنا أرى تهاليل فرح الانتصار بالفوز تكسو معالم وجهه وهو يأمل أن يعود إلى مليكته , وتستقبله بإكليل بسماتها كما اعتاد دائما أن يراها .. لكن كانت المفاجأة الكبرى له كانت حينما أخبرته وصيفتها

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  .... همست الوصيفة بأن مولاتها قد غلبها نوم بعد أن أعياها القلق والأرق...
                  والملك الذي أراد أن يستريح استراحة المحارب أبى أن يوقظ مليكته , وبقي يتأمل هذا الوجه الصبوح وينتظر من الفجر أن يشقشق النور في عينيها فتصحو وتراه بجانبها .
                  وإذ بمليكته تصحو - بعد أن أعياها الزمن وقسوته – وهي تأمل منه أن يرعاها بودّه , ويضمّها لصدره لتعود السكينة والاطمئنان لها ....ولكن ما حدث أنه لم ينتبه إلى أنه
                  لم يخلع عنه درع المحارب

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  فتنبه إلى أنه لم يخلع درعه حتى الساعة... ابتسم لها ...
                  هذه العبارة أوقفتني كثيرا وأنا أحاول أن أفهم ما وراء حدودها ..وأسأل نفسي : لم ابتسم لها , وما وراء هذه الابتسامة !!!؟؟...
                  هل كان يعلم بأن درع المحارب الذي لم يخلعه يعني أنه لم يعد كما كان من قبل , لذلك ابتسم بهدف أن يقدّم الاعتذار لها
                  ولم يجد حينها إلا يخلع عنه درعه , ويذهب بها إلى هناك حيث اللقاء الأول الذي جمعهما بعيدا عن ضجيج الناس , وزحمة القصور!!؟؟...

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  تذكر هذه الصخرة التي كان يجلسان عليها حين كانا طفلين هاربين من زحام القصور ..
                  والصورة هنا أوحت لنا بأن الملك يريد أن يعود إلى حيث النقاء والطهر والبراءة , إلى الطفولة البريئة التي ما زال يحلم بها ومليكته .....
                  ولكن يعود مرة ثانية إلى انتصاراته التي حملها لها , دون أن ينتبه إلى أنها بحاجة ليفتح بوابات حديث القلب والروح فتتراقص من جديد أحلامها وأمانيها ...
                  لذا فإن المليكة نراها

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  أطرقت ... نظرت ...ثم ثانية أطرقت... وبكت
                  علم ما في داخلها , وأراد أن يقترب منها ويحيطها من جديد بالدفء والحنان وهنا كان النداء له معان كبيرة لم يكن له إلا أن يستوعبها وخاصة حينما استطاع الكاتب أن يبرز لنا بوضوح معالم الضعف الأنثوي الحزين الذي بدأ بصوت خافت ومن ثم بدأ يعلو وما يلبث إلى أن يغيب إلى أصغر صورة

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  لقد خَذَلتَني... ولم تحمني
                  خذلــــتني ... ولم تحمـــــــــني
                  خذلــتني .... ولم تحمـــني
                  خذلتني... ولم تحمني

                  خذلتني .. ولم تحمني

                  فكان صدى الضعف الأنثوي الحزين قد هبط عليه دون استئذان , وعلامات الاستفهام من عينيه تزيد من نزف جراحات مليكته وهي تعاتبه



                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة


                  قالت: أمس ناديتك ولم تجب وشعرت أن بيني وبينك سدود وحجب ....وكنت أحلم وقد زارني بحلمي شبح وهاجمني واختطف تاجي وعلى الأرض ألقاه ... وناديتك كي تحميني ... ولكنك خذلتني....
                  وياليتك ما أوهمتني بأن أسوار حمايتك تضمني، لقد أسرفت في حكاياتك عن قلعة الأمان لي بنيتها، وفتحت غرفها وسكنتها وبت ترفع أسوارها وأبراجها ... وحين ناديتك تركتني للأحلام وأشباحها...

                  يحاول أن يلمّ شتات قلبه بعدما قتلته بسيف كلماتها , وهو على هذه الحال إذ بالحاجب يدخل عليه ليخبره بأن الوزراء وحاشيته قد استعدوا لحضور عرس انتصاره , وهنا نراه بأنه

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  ... استدار إلى مليكته وقد ألصق ابتسامة بشقتيه يخشى أن تفلت من قبضة شفتيه وتسقط .. وصرفها للقاء وزيره ...
                  وهذه الابتسامة التي صرفها للقاء وزيره لها دلالات ومعاني واسعة أراد من خلالها الملك أن يفسّر لنا الابتسامة وينعتها بالبسمة المحتضرة التي صرفت نظرها عن الانتصارات التي أنجزها , بل نجده يصورّ لنا ببراعة بأن سمعه لم يعد يكترث لقول وزيره وتركه وكأنه يكلم نفسه , ولم ينتبه إليه حينما قال له :

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  ما قولك يا مولاي؟!! ما قولك يا مولاي؟!!
                  طرق السؤال باب أذن الملك فانتبه إلى وزيره الذي تركه يسافر في بساتين الكلام ...
                  أجاب الملك: لقد تعب الجنود و أرهقتهم المعارك وطول السفر... فليخلدوا إلى الراحة ولا حرب بعد اليوم ...
                  وبعد أن تركه وزيره أراد الملك أن يجول ببصره , ويذكر أسوار قلعته , وجنوده وحاشيته , والانتصارات الكبيرة التي وصل إليها , لكن الملك بدأ من جديد مع هذه الصورة المحكية المسبوقة بكلام لم يكن يريد أن يرويه , لذا فإن الكاتب هنا استخدم لنا الفراغات .......... التي تعبّر عن قصة جراحات الملك القديمة التي أرهقته , وأوقعته من قمة البرج إلى قاع بهو القلعة

                  المشاركة الأصلية بواسطة حسام الدين مصطفى مشاهدة المشاركة

                  [align=justify]بدأت جراح قديمة في صدره تنزف ...
                  ...........حاول أن يجلس ...
                  .............. استند إلى رمحه ...
                  ................ خارت قدماه
                  ................. واستقر السنان بصدره ...[/align]
                  هو نص من النصوص الابداعية جذبت قارئها لمتابعة مجريات أحداثه من أوله إلى آخره دفعة واحدة دون أن يشعر القارئ من الملل منه
                  واستطاع الكاتب أن يصوّر لنا بمهارة هذا العرض بأسلوب ازدان بالسلاسة والعذوبة وأحاطه أحيانا أخرى في إطار السهل الممتنع , وكأنه يريد أن يرجع بنا إلى حكايات ألف ليلة وليلة وهو يروي أحداث فصوله بحبكة متقنة ربطت مقدمة النص بنهايته .
                  الأستاذ حسام الدين مصطفى
                  أعلم أنني بمحاولتي في قراءة النص قد أكون تجاوزت ما أنا عليه , ولكن أحببت - ولأول مرة - كقارئة متذوقة لهذا النص الذي جذبني أن أضع هذه القراءة المتواضعة ....
                  ودمت مبدعا

                  أمينة أحمد خشفة

                  تعليق

                  • فرح عبد الرحمن
                    عضو الملتقى
                    • 25-09-2008
                    • 10

                    #10
                    أدخل المكان على استحياء فمن المؤكد أن قلمي لا يرقى لأي من الكتاب أو الأدباء
                    أو يفكر أن يناطح أو ينازع أي حتى من صغار القراء ......
                    فما بالك بجهابذة العظماء ......
                    أنا لست بأديبة ولا كاتبة ولم أسع بأي وقت لنشر همس أو خاطرة ...
                    وأدون كل ماأحمله في الذاكرة ..في صفحة للآخرة ......

                    لكنها قصة أثارت في كثير من الحزن والألم ...وحركت بواعث نفس متناثرة
                    بتجربة خلتها مريرة ...جعلت العين غير قريرة ...وجعلت مني العظم واللحم دون الحس والقلب .

                    وعلى الرغم من كل ما تقدم ومن كل اعتذار ،فربما أحياناً لسان الحس والصدق ينطق
                    فهل يأذن لي الأستاذ حسام الدين أن أضيف مشهداً للملحمة ...ربما اكتملت المسألة ...وإن كنت عنها بعيدة .....

                    تعليق

                    • فرح عبد الرحمن
                      عضو الملتقى
                      • 25-09-2008
                      • 10

                      #11
                      [align=center]ربما حبا الله الملك بعظيم بنان ....وفصاحة لسان ....وقوة برهان
                      ليقنع نفسه والرعية ....بأنه كان للحب ضحية ...وأن ما يسعى له كان للملكة هدية
                      وربما كانت الملكة أرق قلباً .....وأقصر نفساً ......وأكثر صمتاً .......وأوهن عظماً
                      وأكثر ضعفاً
                      لنرى مشهداً آخر عله يعدل ميزان القضية .....ويكون للقارئ عيناً أخرى وإن كانت خفية

                      المشهد الثاني
                      هرعت الوصيفة لمليكة القصر الجالسة على الشط وحيدة
                      لتخبرها بما جرى لسيدها ...ولمن أحبت ...ومن عشقت ...ومن وهبته كل ماتملك ...
                      وجدتها منتصبة الجذع من بعيد ورأسها مائلاً على كتفها الأيمن،
                      ومطرقة بمياه البحر التي اختلطت بدموعها.....
                      وبدأت تصرخ من بعيد ..سيدتي ......سيدتي. .....سيدتي....
                      بصرخة كلها ألم وبكاء ...
                      لكن سيدتها لم تلتفت لها، ولم تلق لها بالاً ولم تكترث...
                      زادت الصراخ...سيدتي متلعثمة بالكلام .......
                      واستمرت المليكة مطرقة....
                      فقفز بذهن الوصيفة أن لاشيء ينبه المليكة أكثر من كلمة سيدي لتهب واقفة واعية .....
                      سيدي......تتلعثم مرة أخرى بالكلام وهي تلهث ....سيدي..... .سيدي. ...سيدي......
                      لكن المليكة استمرت مطرقة بصمتها ....
                      أدركت لحظتها الوصيفة ألم الخطب حين لم تلتفت لها سيدتها حين قالت سيدي.....
                      وصلتها والعبرات تخنقها والدموع تملأ عينيها....
                      لم تجرؤ على ملامستها لأنها عرفت النتيجة...
                      ترددت لبرهة .....ثم هزتها لتنبهها ...
                      فوجدتها جثة هامدة ....قد فارقت الحياة ...وتحتضن سلسلة بيدها .....
                      وقد حفرت بجانبها على صخرة من أشد الصخور صلابة ...

                      قد سبقتك حتى في رحلة الموت يا من عشقت...
                      كما سبقتك في رحلة الحب يا من عشت لأجله......
                      لا تلمني حينما تكتشف موتي ...
                      بل لم سلاح القدر الذي لم يستطع احدنا منعه ...فو الله كان أمضى واحد من السيف.....
                      ولا تسلني عن سبب موتي ...لأنه لو قدر لك أن تعيش بعدي لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً.....
                      فليتك تعرف يوماً كم أحببتك ..........





                      ولدت غريبة ومت غريبة[/align]

                      تعليق

                      • حسام الدين مصطفى
                        رئيس الجمعية المصرية للترجمة
                        • 04-07-2007
                        • 408

                        #12
                        الكاتبة المبدعة ابنة حلب الشهباء
                        لك تحية عرضها الأرض والسماء ....
                        ذكرني ردك الطيب بما كتبته يوماً عنك في تحليل نصوصك الأدبية وخلصت منه إلى وصفك بأنك "قاطرة الخاطرة" والآن أكتشف لديك مهارة أخرى هي مهارة النقد والتحليل الأدبي والتي اعتمدت فيها على بصيرة القارئ أكثر من تركيزك على لوم الكاتب ...
                        يبدو أن قاطرتك تحمل الكثير من صنوف الإبداع ... فلا عدمنا ألق حرفك كمبدعة أديبة و لا عميق بصيرتك كقارئة فطنة ولا صادق موهبتك كمحللة ناقدة

                        أشكر لك تشريفك لي بالتعقيب و لك عظيم تقديري
                        التعديل الأخير تم بواسطة حسام الدين مصطفى; الساعة 25-09-2008, 23:04.
                        حسام الدين مصطفى
                        مترجم - باحث- كاتب
                        رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
                        رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
                        أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
                        www.hosameldin.org
                        www.egytrans.org

                        تعليق

                        • حسام الدين مصطفى
                          رئيس الجمعية المصرية للترجمة
                          • 04-07-2007
                          • 408

                          #13
                          [align=justify]الكاتبة الموهوبة فرح عبدالرحمن
                          أهلا بك ومرحباً في هذا البستان ...
                          لا أدري إن كان قولي الآتي قد يطيب أم لا يروق لشخصك الكريم ... ولكن الصدق أقول بلا غرور بل بكل إعجاب أنني حين طالعت مشاركتك هذه خلتني أقرأ بعضاً من كتاباتي القديمة وعدت إلى أيام خوالي أيام كنت أجتهد كي أجلس بين صفوف أهل الأدب والإبداع ....
                          وقبل أن أشرف بتناول ما أوردته بمشاركة التالية اسمحي لي أن أجدد الترحيب بك وأعبر عن بالغ احترام وعظيم إعجاب بأسلوبك والذي أجد فيه الكثير من صدق فطرة الموهبة وبعض من حنكة الخبرة ... فحين قرأت لك شعرت أنني أمام قلم أدبي بطبعه ولا يعدم الصنعة في طريقته وأسلوبه... ولا أشد مني سعادة اليوم وأنا أشعر أن كلماتي كانت سبباً في استقطاب موهبة مبشرة مثلك... بل إنني بت أرى نصي المدرج أعلاه درة عقد ما كتبت طوال ما سبق ولا عجب فخير طيور الأقلام قد مرت في سمائه، وحط بعضها برسائل إبداع وها أنا أراه قد استحال إلى درجة أشرف بأن تكون هي أولى درجاتك في سلم سيصل بك ولا غرو إلى ما يستحقه أهل الموهبة من أمثالك...

                          وكما أوحى لك نصي بما جادت به أحرفك ... فقد أوحى لي مقدمك ومشاركتك أن أقترح على أخي الأستاذ محمد الموجي والأخوات والإخوة من شموس الإبداع والأدب في هذا الملتقى الأغر أن يخصصوا منتدى للأقلام الجديدة بحيث يمكن لهم نشر نتاجهم دون أن يتوه في غمار مشاركات الكبار من مبدعينا وكتابنا ويكون هو نقطة إنطلاق هذه الأقلام .... فكل موهبة حقيقية –مثل موهبتك- تستحق من أعلام الإبداع في ملتقانا احتضانها وتشجيعها ودعمها وصقل موهبتها... فلولا براعم الحروف ما وصلنا إلى ثمار الكلمات ...
                          ولننتقل الآن إلى ما جاء بمشاركتك الكريمة [/align]
                          التعديل الأخير تم بواسطة حسام الدين مصطفى; الساعة 25-09-2008, 21:50.
                          حسام الدين مصطفى
                          مترجم - باحث- كاتب
                          رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
                          رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
                          أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
                          www.hosameldin.org
                          www.egytrans.org

                          تعليق

                          • حسام الدين مصطفى
                            رئيس الجمعية المصرية للترجمة
                            • 04-07-2007
                            • 408

                            #14
                            [align=justify]
                            المشاركة الأصلية بواسطة فرح عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
                            [align=center]ربما حبا الله الملك بعظيم بنان ....وفصاحة لسان ....وقوة برهان
                            ليقنع نفسه والرعية ....بأنه كان للحب ضحية ...وأن ما يسعى له كان للملكة هدية
                            وربما كانت الملكة أرق قلباً .....وأقصر نفساً ......وأكثر صمتاً .......وأوهن عظماً
                            وأكثر ضعفاً
                            لنرى مشهداً آخر عله يعدل ميزان القضية .....ويكون للقارئ عيناً أخرى وإن كانت خفية

                            المشهد الثاني
                            هرعت الوصيفة لمليكة القصر الجالسة على الشط وحيدة
                            لتخبرها بما جرى لسيدها ...ولمن أحبت ...ومن عشقت ...ومن وهبته كل ماتملك ...
                            وجدتها منتصبة الجذع من بعيد ورأسها مائلاً على كتفها الأيمن،
                            ومطرقة بمياه البحر التي اختلطت بدموعها.....
                            وبدأت تصرخ من بعيد ..سيدتي ......سيدتي. .....سيدتي....
                            بصرخة كلها ألم وبكاء ...
                            لكن سيدتها لم تلتفت لها، ولم تلق لها بالاً ولم تكترث...
                            زادت الصراخ...سيدتي متلعثمة بالكلام .......
                            واستمرت المليكة مطرقة....
                            فقفز بذهن الوصيفة أن لاشيء ينبه المليكة أكثر من كلمة سيدي لتهب واقفة واعية .....
                            سيدي......تتلعثم مرة أخرى بالكلام وهي تلهث ....سيدي..... .سيدي. ...سيدي......
                            لكن المليكة استمرت مطرقة بصمتها ....
                            أدركت لحظتها الوصيفة ألم الخطب حين لم تلتفت لها سيدتها حين قالت سيدي.....
                            وصلتها والعبرات تخنقها والدموع تملأ عينيها....
                            لم تجرؤ على ملامستها لأنها عرفت النتيجة...
                            ترددت لبرهة .....ثم هزتها لتنبهها ...
                            فوجدتها جثة هامدة ....قد فارقت الحياة ...وتحتضن سلسلة بيدها .....
                            وقد حفرت بجانبها على صخرة من أشد الصخور صلابة ...

                            قد سبقتك حتى في رحلة الموت يا من عشقت...
                            كما سبقتك في رحلة الحب يا من عشت لأجله......
                            لا تلمني حينما تكتشف موتي ...
                            بل لم سلاح القدر الذي لم يستطع احدنا منعه ...فو الله كان أمضى واحد من السيف.....
                            ولا تسلني عن سبب موتي ...لأنه لو قدر لك أن تعيش بعدي لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً.....
                            فليتك تعرف يوماً كم أحببتك ..........





                            ولدت غريبة ومت غريبة[/align]
                            والآن اسمحي لي أن نتشاور كشريكين في بناء عمل أدبي واحد ...
                            برغم جمال وروعة الأسلوب ورقي الإحساس وعمق الفكرة في طرحك ... لكن ألا ترين أن ذلك يبتر القصة عند السطور الأولى وأجده يقف بها عند الفقرة الثالثة في النص الأول ... وما كنا سنصل بالأحداث إلى ذروتها والتعقيد ونفقد عنصر التشويق فنقدم للقارئ عملاً أقرب ما يكون إلى التقرير منه إلى عمل أدبي ... فلابد لنا أن نخلق مساحة يستمتع فيها القارئ بأن يطلق لخياله بعض عنان من خلال مساحات وجدانية ...
                            أعود وأنظر إلى ما جاد به قلمك وهنا أضع نفسي مكان القارئ ... وأتساءل ما هي المقدمات التي تجعلني أرسم للملكة صورة كمال و ما هي مجريات الأقدار التي جعلت منها ضحية وبالتالي يكتمل نموذج " البطل التراجيدي Tragic hero ... فإذا ما نظرنا لهذا النص الأصلي بأنه يميل إلى الطابع الملحمي وجسد الملك فيه شخصية البطل التراجيدي الذي نال ما لم يستحق دون جريرة أو ذنب فهذا يجعلنا نتساءل عن ما نالته الملكة ولما؟؟؟
                            ****************
                            كما أنك –يا شريكتي- قد قدمت شخصية الوصيفة على شخصية الملكة فبدت من خلال الحوار الداخلي الخفي وتداعي الأفكار أقرب إلى البطولة من الملكة ذاتها ... هذا فضلاً عن عدم اتفاق المستوى الفكري والخطابي مع طبيعة الشخصية .. فالحوار الداخلي يرسم لنا شخصية أعلى مقاماً من كونها وصيفة
                            ************
                            وقفت طويلاً أمام هذا الجزء من النص
                            وقد حفرت بجانبها على صخرة من أشد الصخور صلابة ...
                            قد سبقتك حتى في رحلة الموت يا من عشقت...
                            كما سبقتك في رحلة الحب يا من عشت لأجله......
                            لا تلمني حينما تكتشف موتي ...
                            بل لم سلاح القدر الذي لم يستطع احدنا منعه ...فو الله كان أمضى واحد من السيف.....
                            ولا تسلني عن سبب موتي ...لأنه لو قدر لك أن تعيش بعدي لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً.....
                            فليتك تعرف يوماً كم أحببتك ..........

                            ولدت غريبة ومت غريبة

                            ووجدتني بكل تلقائية أردد عبارة الاستحسان التي يعرفها عني من رافقتهم من إخوة وأخوات خلال جولاتنا في رياض وبساتين الابداع وقلت ... الله..الله...الله ... أحسنت والله
                            ولكن بما أنك شرفتني وصار الأمر قسمة بيني وبينك فلا أقل من أهديك تناصح أخوي وبعض رأي دون حجر أو تقليل مما أينع به نصك ودون ادعاء بأن لي ما يؤت غيري من علم وإنما ما يجعل لي بعض جرأة في تناول نصك هو ثقة في كرمك والذي لمسته بتفضلك بإدراج مشاركتك وكذا سبق على درب الكتابة الأدبية وإن لم أمسك بناصيتها أو أعتلي بسنامها..
                            ************
                            وقد حفرت بجانبها على صخرة من أشد الصخور صلابة ... رسمت صورة للملكة من بدايتها إلى نهايتها جسدت فيها الضعف في خط مستمر ثم وضعتي بصمة نهايتها على "صخرة صلبة" ألا تتفقين معي أن هناك تناقض في الصور التعبيرية فأنى لها وهي المهزومة المنهكة على طول الخط السردي أن تمتلك قوة " الحفر" على "صخر" وصفته بأنه "صلب" ولا يمكن للقارئ أن يتخيل أمر كهذا إلا في حالة واحدة هو أن تكون هذه الجزئية في وصف زفرة النهاية التي أطلقت معها الملكة كل ما بقي فيها من قوة.

                            قد سبقتك حتى في رحلة الموت يا من عشقت...
                            كما سبقتك في رحلة الحب يا من عشت لأجله......
                            لا تلمني حينما تكتشف موتي ...

                            لما؟؟؟ ما الدافع المأساوي الذي قذف بها إلى تلك النهاية؟؟؟ تساؤلات لا يمكن لعقل القارئ مهما اجتهد أن "يكيف" لها إجابات مجازية
                            لا تلمني حينما تكتشف موتي ...
                            لفظ الاكتشاف هنا يرسم صورة ذهنية لبعد المسافات بين الملك والملكة ففي إطار علاقة كالتي سعينا –أنت وأنا- أن نرسمها لا يمكن إفساح كل تلك المسافات الفاصلة حتى أن الملك لم يستشعر ولو ببعض وخز وقرينته حبيبته قد ماتت
                            بل لم سلاح القدر الذي لم يستطع احدنا منعه ...فو الله كان أمضى واحد من السيف.....
                            ولا تسلني عن سبب موتي ...لأنه لو قدر لك أن تعيش بعدي لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً.....
                            فليتك تعرف يوماً كم أحببتك ..........

                            سلاح القدر... أهم عنصر في المأساة التراجيدية ... والذي يعاقب دوماً من ينبغي أن ينال الشكر والثناء ... كما حدث في حال "ديدمونة" في مأساة "عطيل"... برغم كل الشجن والحزن في تعبيرات عبارتك إلا أنها لم تبين أين " ظلم القدر"
                            " ولا تسلني عن سبب موتي ...لأنه لو قدر لك أن تعيش بعدي لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً....."
                            هذه العبارة استوجبت مني عظيم تحية لك ... لأنها التقطتني قبل السقوط في تيه التساؤلات ومهدت لي طريقاً لطرح افتراضات عن سبب موت الملكة... والذي يبدو أنه نوع من التضحية التي لا يمكن الإفصاح عن حقيقتها... كأن تكون الملكة إكتشفت أنها أضحت نقطة ضعف في حياة الملك، أو أنها تعرضت لضغوط كادت أن تدفعها إلى الإساءة إلى الملك، أو أنها وجدت أن تضع لمأساة خفية نهاية على طريقة "بيدي أنا لا بيد عمرو" ..... وغير ذلك من تفسيرات فتحتها هذه العبارة لعقل القارئ
                            ولكننا هنا –يا زميلة الحرف- نكون قد أغمطنا الملكة حقها في أن نظهر عمق جراحها من خلال بعض تلميح عن مأساتها...أو جعلناها عرضة أن تتهم بتضحية مرفوضة تغلب عليها الأنانية غير المبررة ... وهنا يأتي التناول بأثر عكسي فتصبخ التضحية أنانية..

                            **************
                            تكتمل روعة نصك بآخر العبارات التي أوردتها به ... فرغم أن جمال ما كتبت منذ بداية نصك يقوم على روعة موهبتك الفطرية وإبداع الطبع فيك ... إلا أن العبارات الأخيرة أشهد لك فيها بجمال أدب الطبع والصنعة

                            لا أريدك أن تعيش إلا سعيداً منتصراً.....
                            فليتك تعرف يوماً كم أحببتك ..........
                            ولدت غريبة ومت غريبة

                            الله... الله...الله ... تصويرات ترسم لنا بصورة إنعكاس المرآة طبيعة المأساة ... فبرغم أننا لم نعرف تفاصيلها إلا أن حجمها قد يتضح من خلال أثرها فنقول إنه أمر لو علم به الملك لعاش حزيناً مهزوماً ولاكتشف كم كان ظالماً إذ لم يكتشف كل هذا الحب والذي جعل الملكة ترى نفسها غريبة حتى خلال مشاركتها للملك ....
                            ولدت غريبة ومت غريبة..... طوبى للغرباء ... أحسنت في تصويرك لهذا الاحساس ...
                            ولكن ألا ترين أننا وبرغم كل هذا لم يعد لدينا بطل تراجيدي فلا الملكة ولا الملك يصلحان في هذه الحالة لإرتقاء مقعد البطل المأساوي ...
                            ************
                            إنني وإن كنت قد تناصحت معك كشريكة في عمل فإن هذا لا ينسني أن أعبر عن بالغ تقدير لمحاولتك هذه والتي أراها تقف أمام نصي موقف "الند" و تتساوى معه ... فأنا أمام نص هو أشبه بالمعارضة الشعرية .... ملحمة مستقلة بذاتها ... فحين اقرأها متجرداً من نصي أراها الوجه الآخر للمأساة ... لذا فإن ما جاد به قلمك كان أكبر وأبرز من أن يدخل ضمن ثنايا نصي الضيقة بينما تظهر قيمته وروعته إذا نظرنا له كعمل مستقل ووجه آخر للمأساة
                            وتقبلي كل تحياتي وأمنياتي بالتوفيق .... وأكرر شكري أن انطلقت سفينة أحرفك من مرفأ هذا النص ولا أحسبها إلى ستجوب وتمخر بكل ثبات ما دام شراعها رائع إحساس ودفتها صادق موهبة ...

                            وفقك الله ....[/align]
                            حسام الدين مصطفى
                            مترجم - باحث- كاتب
                            رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
                            رئيس المجلس التأسيسي للرابطة المصرية للمترجمين- المركز القومي للترجمة
                            أمين عام المجلس التأسيسي لنقابة المترجمين المصريين
                            www.hosameldin.org
                            www.egytrans.org

                            تعليق

                            • بنت الشهباء
                              أديب وكاتب
                              • 16-05-2007
                              • 6341

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة فرح عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
                              أدخل المكان على استحياء فمن المؤكد أن قلمي لا يرقى لأي من الكتاب أو الأدباء
                              أو يفكر أن يناطح أو ينازع أي حتى من صغار القراء ......
                              فما بالك بجهابذة العظماء ......
                              أنا لست بأديبة ولا كاتبة ولم أسع بأي وقت لنشر همس أو خاطرة ...
                              وأدون كل ماأحمله في الذاكرة ..في صفحة للآخرة ......

                              وما بالك يا فرح بأنني أحببتك , وأحسست بتباشير الخير تنساب من بين طيب كلمك !!!؟؟...
                              فقلمك يا غالية أوحى لي بأنك تملكين موهبة متميّزة تزدان بالحسّ المرهف , ورقة المشاعر الجميلة النبيلة ....
                              ونحن هنا يا عزيزتي في الملتقى عائلة واحدة اجتمعنا على المودة والمحبة والخير , فهل لمثل هذه العائلة الكريمة التي فتحت أبواب بيتها أن لا تهلل فرحا وطربا بقدوم مبدعة رقيقة من أمثالكِ !!!؟؟...
                              وخير بداية اخترتِ ... وكان حظكِ أن تكون أولى خطواتكِ هي مشاركة في الرد على الأستاذ حسام الدين مصطفى والذي لا يزال يضرب لنا مثلا عاليا في ذائقته الأدبية التي جمعت كل صنوف فنون الإبداع , ولمسنا فيه الناصح الكريم دون غرور .. بل لقد كان له معنا جولات وصولات في تحليل صنوف النصوص الإبداعية , ومن حسن حظي أنني كنت ممن أجاد عليهم بنصحه , وكرم تواضعه , وجمّ أدبه ....
                              أهلا وسهلا بك يا فرح فأنت هنا وسط أهلكِ وإخوانكِ

                              أمينة أحمد خشفة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X