وفاة شقيق الأخت منيرة الفهري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • همس العامري
    أديب وكاتب
    • 01-01-2013
    • 909

    #16
    أحر التعازي لأختي الفاضلة منيره الفهري رحم الله فقيدكم وغفر له وانا لله وانا اليه راجعون
    التعديل الأخير تم بواسطة همس العامري; الساعة 08-05-2022, 16:49.

    الأرض لاتنسى جباه الساجدين
    والليل لاينسى دعاء العابدين


    اللهم برحمتك يا أرحم الراحمين
    ارحم جميع أموات المسلمين وأغفر لهم

    تعليق

    • عبدالهادي القادود
      نائب رئيس ملتقى الديوان
      • 11-11-2014
      • 939

      #17
      انا لله وانا اليه راجعون
      رحم الله شقيقكم أديبتنا منيرة وغفر له واسكنه فسيح جناته

      وأحسن الله عزاءكم

      البقاء لله

      تعليق

      • منيره الفهري
        مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
        • 21-12-2010
        • 9870

        #18
        وداعا حبوب الغالي




        تَمَنَّيْ أمنيةً و بسرعة !
        هذا أخي "حبيب الأمة" كما أسماهُ أبي منذ ستين عاما و نيف, أبي الذي كان يحمل في قلبه الكبير همّ الأمّة و وجعها.
        أخي حبيب كان يزورني كل نهاية أسبوع فيسعدني بصحبته و يزيد بيتي نورا و بهجة. دخل عليّ "حْبَيّبْ" المطبخ قبل دقائق من أذان المغرب ينتظر مني أن أتمنى أمنية, بعد أن كان جالسا بالحديقة يدعو الله لوقت طويل.
        فاجأني بسؤاله , نظرت إليه وذهني يتساءل:, ماذا تتمنى أمٌّ مثلي في هذه الأيام المباركة غير صلاح الأبناء و برّهم, لكنني نطقت و دون تفكير: ليلة القدر
        قال متحمسا: سيجازيك الله بها بإذنه تعالى.
        قلت ملهوفة: صحيح؟ كيف عرفت؟
        أردف قائلا: عديني أنك ستدعين لي عندما تشعرين أنها ليلة القدر
        قلت: أنا أدعو لك دائما و لكل إخوتي
        عندها نظر إليّ و قال بإلحاح: ادعي لإخوتك و لا تنسي أن تذكريني في دعائك بالإسم: حبيب الأمة الفهري.
        وعدته بذلك لكنني لحقته حتى غرفة الطعام حيث أُعِدّت مائدة الإفطار في احد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان. و عندما تجاهلني رجوته أن يوضح لي أكثر و قلت له: لن أكلمكَ حتى تقول لي كيف عرفت. عندها التفتَ إليّ مبتسما و قال: "خْسَارْتِكْ يا منيرة ", أنا أبشّرك بمثل هذه البشرى العظيمة و أنت تقولين لي لن أكلمك.
        قبّلت جبينه و قلت : "ربي يبارك فيك يا حبوب يا غالي".

        جلستُ مع العائلة و قد أذن المغرب, شربت جرعة ماء و تذكرت ما حصل هذا الصباح فقد سمعت بكاء و شهيقا , نظرت من النافذة فإذا هو حبيّب في الحديقة يبكي بكاء مرا و عيناه منتفختان . جريتُ لزوجته التي كانت تكلم ابنتها عبر الواتساب و قلت: حبيب يبكي و لا أعرف ما السبب. أغلقتِ الهاتف و أسرعت تسأل زوجها إن كان به سقم أو أي أمر مكروه. قال و قد اشتد بكاؤه: أنا خائف من الله, قد أكون قصّرت مع أي أحد من الناس.

        بكينا كلنا و قلت في نفسي : يا الله ما أقوى إيمانك يا حبيب, إن كنت أنت تخاف الله وتخاف تقصيرا فماذا نقول نحن؟
        أخي حبيب هذا حباه الله حكمة وإيمانا و خشوعا و ورعا ، فلا تنقضي ليلة إلا و قد قامها بالذكر وقراءة القرآن منذ سنوات شبابه الأولى. كان موضع ثقة كلّ من يعرفه ، حتى في عمله حينما كان يشغل خطة مضيف طيران في الخطوط الجوية السعودية ، كان الكل على اختلاف جنسياتهم يحترمونه و يسألونه النصح. وكان صاحب نكتة و دعابة خفيفة وابتسامة لا تفارق محياه النضر. كان يوزع ابتساماته وكلامه الجميل على كل من يراه، ولم تسلبه أوجاع الدنيا هذه الابتسامة التي تختزل كل سعادة العالم.
        عاد حبيب وزوجته إلى منزلهما بالعاصمة بمنطقة "حلق الوادي" الجميلة بعد أن قضيا معي يومين ككل "ويك اند" وقد وعداني أن يعودا ثاني أيام العيد الذي بقي عليه أقل من أسبوع. نظرت لطيفة إلى زوجها وهو يتمتم مادّا يديه متضرعا وهو يتنقل بين أركان بيته, لم تسمع جيدا ما كان يقول و لكنها فهمت أنه يدعو الله. بعد حوالي الساعة قال بحماس: الحمد لله الآن حصنت لكم البيت. ماذا تريدون أكثر؟

        حمدت لطيفة الله تعالى على هذا الزوج الذي أنعم الله به عليها. كانا زميلين في العمل وكانت هي مضيفة الطيران الوحيدة التي لا يمزح معها. لكنه تجرأ يوما و طلب يدها في الطائرة. و كانت خطبتهما مباركة في مكة المكرمة بحضور والدِيهما آنذاك. كانت تغبط نفسها على هذا الزوج الصالح و ذريتها الصالحة و لا تسأل الله غير الستر و السعادة مع أسرتها الصغيرة.

        و كان هذا الشعور متبادلا بينهما. أذكر أن حبيبا كان يقول لي دائما إن لطيفة هي الحَسَنة التي أعطاه إياها ربي.
        دخل عليها ليلة السابع و العشرين من رمضان و عيناه منتفختان. ذُعرت لطيفة و سألته ما به, قال باكيا: كأن قلبي انتُزع من بين أضلعي بانتهاء الشهر المبارك. ضحكت قائلة يا رجل أفزعتني. الحمد لله أنك بخير و دعت أن يعيد الله عليه رمضان و هو في أحسن حال.

        أكرمني الله هذه السنة بزيارة بيته المعمور في الأسبوع الأول من رمضان فكان يبكي ويسأل زوجته إن كانت منيرة بخير رغم أنه كان يكلمني كل يوم و يرسل لي الدعاء تلو الدعاء. حدثتني لطيفة وقالت انه كان يبكي بكل جوارحه و يسألها إن كانت منيرة تتنفس كما يجب و هل هي متعبة و يقول : لو حدث مكروه لأختي لا سمح الله سأكون يتيما مرتين فهي أمي الثانية و لن أدخل "الميدة" بعدها أبدا...

        اليوم عيد والكل يرفل في أبهى الحلل ..خرج حبيب لصلاة العيد سعيدا بنعم الله الكثيرة...عاد من صلاته و الفرح يملأ قلبه و الضحكة لا تفارق محياه الجميل .. لم يترك جارا إلا و تمنى له عيدا سعيدا مباركا. دخل بيته و احتضن ابنَيْه و زوجته متمنيا لهم أحلى عيد.

        سأل زوجته ماذا ستطبخ اليوم. ردت أن ابنها البكر أحمد يحب ملوخية لكنها متعبة و ستطبخها في بداية الأسبوع بإذن الله, فما كان من حبيب إلا أن قال لها: ما رأيك أنني أيضا اشتهي ملوخية على الغداء..ابتسمت لطيفة و قالت حاضر .
        تجمعت العائلة على طبق الملوخية و هم سعداء فرحين و كانوا يمزحون و يتندرون بطيبة حبيب الزائدة .
        هاتف حبيب إخوته و كلّ أصحابه متمنيا لهم عيدا سعيدا..

        استعجل أحمد أباه في الخروج لصلاة الجنازة فقد توفيَ صهره ليلة العيد و سيُوارَى الثرى اليوم. توضأ حبيب و احتضن مرة أخرى زوجته و ابنه عزيز و خرج إلى المسجد. كان موعد صلاة الظهر و لم يأت الإمام فرجا الحاضرون حبيب أن يصلي بهم,,,صلى حبيب بهم صلاة الظهر ثم صلاة الجنازة و دعا للميت ثم خرج الكل إلى المقبرة..التفت أحمد فلم يجد أباه وراءه..نظر فإذا هو جالس على مقعد هناك و يومئ له أن يأتي..أسرع أحمد و قلبه يخفق بشدة فقال له حبيب بصوت خافت: اسندني إلى صدرك يا بني...
        و نطق الشهادة مرتين.....

        رحمك الله يا سندي و يا مرفأي ..رحمك الله حبوب الغالي و بارك لك في أولادك و زوجتك..
        و صبّرنا على فقدانك .. لن ننساك فأنت حي فينا لم تمت ..
        مازلنا نحتاجك لتنير لنا الطريق...مازلنا نحتاجك لتضيء لنا السبيل..
        وداعا يا من كنت تملأ دنياي...وداعا يا من كنتُ أختزل في ضحكته عالما بأسره...
        وداعا يا دربيَ الذي ضاع....

        وداعا حبوب الغالي...


        أختك منيرة









        تعليق

        • السعيد ابراهيم الفقي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 24-03-2012
          • 8288

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
          وداعا حبوب الغالي




          تَمَنَّيْ أمنيةً و بسرعة !
          هذا أخي "حبيب الأمة" كما أسماهُ أبي منذ ستين عاما و نيف, أبي الذي كان يحمل في قلبه الكبير همّ الأمّة و وجعها.
          أخي حبيب كان يزورني كل نهاية أسبوع فيسعدني بصحبته و يزيد بيتي نورا و بهجة. دخل عليّ "حْبَيّبْ" المطبخ قبل دقائق من أذان المغرب ينتظر مني أن أتمنى أمنية, بعد أن كان جالسا بالحديقة يدعو الله لوقت طويل.
          فاجأني بسؤاله , نظرت إليه وذهني يتساءل:, ماذا تتمنى أمٌّ مثلي في هذه الأيام المباركة غير صلاح الأبناء و برّهم, لكنني نطقت و دون تفكير: ليلة القدر
          قال متحمسا: سيجازيك الله بها بإذنه تعالى.
          قلت ملهوفة: صحيح؟ كيف عرفت؟
          أردف قائلا: عديني أنك ستدعين لي عندما تشعرين أنها ليلة القدر
          قلت: أنا أدعو لك دائما و لكل إخوتي
          عندها نظر إليّ و قال بإلحاح: ادعي لإخوتك و لا تنسي أن تذكريني في دعائك بالإسم: حبيب الأمة الفهري.
          وعدته بذلك لكنني لحقته حتى غرفة الطعام حيث أُعِدّت مائدة الإفطار في احد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان. و عندما تجاهلني رجوته أن يوضح لي أكثر و قلت له: لن أكلمكَ حتى تقول لي كيف عرفت. عندها التفتَ إليّ مبتسما و قال: "خْسَارْتِكْ يا منيرة ", أنا أبشّرك بمثل هذه البشرى العظيمة و أنت تقولين لي لن أكلمك.
          قبّلت جبينه و قلت : "ربي يبارك فيك يا حبوب يا غالي".

          جلستُ مع العائلة و قد أذن المغرب, شربت جرعة ماء و تذكرت ما حصل هذا الصباح فقد سمعت بكاء و شهيقا , نظرت من النافذة فإذا هو حبيّب في الحديقة يبكي بكاء مرا و عيناه منتفختان . جريتُ لزوجته التي كانت تكلم ابنتها عبر الواتساب و قلت: حبيب يبكي و لا أعرف ما السبب. أغلقتِ الهاتف و أسرعت تسأل زوجها إن كان به سقم أو أي أمر مكروه. قال و قد اشتد بكاؤه: أنا خائف من الله, قد أكون قصّرت مع أي أحد من الناس.

          بكينا كلنا و قلت في نفسي : يا الله ما أقوى إيمانك يا حبيب, إن كنت أنت تخاف الله وتخاف تقصيرا فماذا نقول نحن؟
          أخي حبيب هذا حباه الله حكمة وإيمانا و خشوعا و ورعا ، فلا تنقضي ليلة إلا و قد قامها بالذكر وقراءة القرآن منذ سنوات شبابه الأولى. كان موضع ثقة كلّ من يعرفه ، حتى في عمله حينما كان يشغل خطة مضيف طيران في الخطوط الجوية السعودية ، كان الكل على اختلاف جنسياتهم يحترمونه و يسألونه النصح. وكان صاحب نكتة و دعابة خفيفة وابتسامة لا تفارق محياه النضر. كان يوزع ابتساماته وكلامه الجميل على كل من يراه، ولم تسلبه أوجاع الدنيا هذه الابتسامة التي تختزل كل سعادة العالم.
          عاد حبيب وزوجته إلى منزلهما بالعاصمة بمنطقة "حلق الوادي" الجميلة بعد أن قضيا معي يومين ككل "ويك اند" وقد وعداني أن يعودا ثاني أيام العيد الذي بقي عليه أقل من أسبوع. نظرت لطيفة إلى زوجها وهو يتمتم مادّا يديه متضرعا وهو يتنقل بين أركان بيته, لم تسمع جيدا ما كان يقول و لكنها فهمت أنه يدعو الله. بعد حوالي الساعة قال بحماس: الحمد لله الآن حصنت لكم البيت. ماذا تريدون أكثر؟

          حمدت لطيفة الله تعالى على هذا الزوج الذي أنعم الله به عليها. كانا زميلين في العمل وكانت هي مضيفة الطيران الوحيدة التي لا يمزح معها. لكنه تجرأ يوما و طلب يدها في الطائرة. و كانت خطبتهما مباركة في مكة المكرمة بحضور والدِيهما آنذاك. كانت تغبط نفسها على هذا الزوج الصالح و ذريتها الصالحة و لا تسأل الله غير الستر و السعادة مع أسرتها الصغيرة.

          و كان هذا الشعور متبادلا بينهما. أذكر أن حبيبا كان يقول لي دائما إن لطيفة هي الحَسَنة التي أعطاه إياها ربي.
          دخل عليها ليلة السابع و العشرين من رمضان و عيناه منتفختان. ذُعرت لطيفة و سألته ما به, قال باكيا: كأن قلبي انتُزع من بين أضلعي بانتهاء الشهر المبارك. ضحكت قائلة يا رجل أفزعتني. الحمد لله أنك بخير و دعت أن يعيد الله عليه رمضان و هو في أحسن حال.

          أكرمني الله هذه السنة بزيارة بيته المعمور في الأسبوع الأول من رمضان فكان يبكي ويسأل زوجته إن كانت منيرة بخير رغم أنه كان يكلمني كل يوم و يرسل لي الدعاء تلو الدعاء. حدثتني لطيفة وقالت انه كان يبكي بكل جوارحه و يسألها إن كانت منيرة تتنفس كما يجب و هل هي متعبة و يقول : لو حدث مكروه لأختي لا سمح الله سأكون يتيما مرتين فهي أمي الثانية و لن أدخل "الميدة" بعدها أبدا...

          اليوم عيد والكل يرفل في أبهى الحلل ..خرج حبيب لصلاة العيد سعيدا بنعم الله الكثيرة...عاد من صلاته و الفرح يملأ قلبه و الضحكة لا تفارق محياه الجميل .. لم يترك جارا إلا و تمنى له عيدا سعيدا مباركا. دخل بيته و احتضن ابنَيْه و زوجته متمنيا لهم أحلى عيد.

          سأل زوجته ماذا ستطبخ اليوم. ردت أن ابنها البكر أحمد يحب ملوخية لكنها متعبة و ستطبخها في بداية الأسبوع بإذن الله, فما كان من حبيب إلا أن قال لها: ما رأيك أنني أيضا اشتهي ملوخية على الغداء..ابتسمت لطيفة و قالت حاضر .
          تجمعت العائلة على طبق الملوخية و هم سعداء فرحين و كانوا يمزحون و يتندرون بطيبة حبيب الزائدة .
          هاتف حبيب إخوته و كلّ أصحابه متمنيا لهم عيدا سعيدا..

          استعجل أحمد أباه في الخروج لصلاة الجنازة فقد توفيَ صهره ليلة العيد و سيُوارَى الثرى اليوم. توضأ حبيب و احتضن مرة أخرى زوجته و ابنه عزيز و خرج إلى المسجد. كان موعد صلاة الظهر و لم يأت الإمام فرجا الحاضرون حبيب أن يصلي بهم,,,صلى حبيب بهم صلاة الظهر ثم صلاة الجنازة و دعا للميت ثم خرج الكل إلى المقبرة..التفت أحمد فلم يجد أباه وراءه..نظر فإذا هو جالس على مقعد هناك و يومئ له أن يأتي..أسرع أحمد و قلبه يخفق بشدة فقال له حبيب بصوت خافت: اسندني إلى صدرك يا بني...
          و نطق الشهادة مرتين.....

          رحمك الله يا سندي و يا مرفأي ..رحمك الله حبوب الغالي و بارك لك في أولادك و زوجتك..
          و صبّرنا على فقدانك .. لن ننساك فأنت حي فينا لم تمت ..
          مازلنا نحتاجك لتنير لنا الطريق...مازلنا نحتاجك لتضيء لنا السبيل..
          وداعا يا من كنت تملأ دنياي...وداعا يا من كنتُ أختزل في ضحكته عالما بأسره...
          وداعا يا دربيَ الذي ضاع....

          وداعا حبوب الغالي...


          أختك منيرة









          ====
          1
          رحم الله الأخ حبيب وغفر له
          2
          كل ماسطرتي هنا من المبشرات الظاهرة =====( إن شاء الله )
          3
          إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ -
          30

          نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)
          نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ -
          32

          تعليق

          • منيره الفهري
            مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
            • 21-12-2010
            • 9870

            #20
            إخوتي الأعزاء الغاليين
            أساتذتي الأفاضل:
            المختار محمد الدرعي
            مها راجح
            محمد شعبان الموجي
            السعيد ابراهيم الفقي
            الحسن فهري
            علي فرحان
            عبد الملك آل صقر
            ناريمان الشريف
            الهويمل أبو فهد
            عبد الرحيم أمزيل
            جلال داود
            محمد شهيد
            سميرة سلمان
            همس العامري
            عبد الهادي القادود
            أشكركم من كل قلبي لمواساتي في فقدان المغفور له بإذن الله العزيز الغالي شقيقي حبيب الأمة الفهري
            جزاكم الله كل خير و جعل كل كلمة مواساة كتبتموها في ميزان حسناتكم
            تحياتي لكم و كل امتناني .

            تعليق

            • بهائي راغب شراب
              أديب وكاتب
              • 19-10-2008
              • 1368

              #21
              ونعلم اختنا واستاذتنا الراقية كم أن مصيبة الموت عظيمة
              كلماتنا لا تغني عن الحزن شيئا ،لكننا بقدر احساسنا بالم الفقدان نعزيك ونسأل الله أن يثبتكم ويصبركم على مصاب فقد شقيقكم
              أسأل الله العظيم أن يرحمه وأن يحسن نزله في الجنة وعظم الله أجركم
              وانا لله وانا إليه رجعون
              أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

              لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

              تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

              تعليق

              • بهائي راغب شراب
                أديب وكاتب
                • 19-10-2008
                • 1368

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
                وداعا حبوب الغالي




                تَمَنَّيْ أمنيةً و بسرعة !
                هذا أخي "حبيب الأمة" كما أسماهُ أبي منذ ستين عاما و نيف, أبي الذي كان يحمل في قلبه الكبير همّ الأمّة و وجعها.
                أخي حبيب كان يزورني كل نهاية أسبوع فيسعدني بصحبته و يزيد بيتي نورا و بهجة. دخل عليّ "حْبَيّبْ" المطبخ قبل دقائق من أذان المغرب ينتظر مني أن أتمنى أمنية, بعد أن كان جالسا بالحديقة يدعو الله لوقت طويل.
                فاجأني بسؤاله , نظرت إليه وذهني يتساءل:, ماذا تتمنى أمٌّ مثلي في هذه الأيام المباركة غير صلاح الأبناء و برّهم, لكنني نطقت و دون تفكير: ليلة القدر
                قال متحمسا: سيجازيك الله بها بإذنه تعالى.
                قلت ملهوفة: صحيح؟ كيف عرفت؟
                أردف قائلا: عديني أنك ستدعين لي عندما تشعرين أنها ليلة القدر
                قلت: أنا أدعو لك دائما و لكل إخوتي
                عندها نظر إليّ و قال بإلحاح: ادعي لإخوتك و لا تنسي أن تذكريني في دعائك بالإسم: حبيب الأمة الفهري.
                وعدته بذلك لكنني لحقته حتى غرفة الطعام حيث أُعِدّت مائدة الإفطار في احد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان. و عندما تجاهلني رجوته أن يوضح لي أكثر و قلت له: لن أكلمكَ حتى تقول لي كيف عرفت. عندها التفتَ إليّ مبتسما و قال: "خْسَارْتِكْ يا منيرة ", أنا أبشّرك بمثل هذه البشرى العظيمة و أنت تقولين لي لن أكلمك.
                قبّلت جبينه و قلت : "ربي يبارك فيك يا حبوب يا غالي".

                جلستُ مع العائلة و قد أذن المغرب, شربت جرعة ماء و تذكرت ما حصل هذا الصباح فقد سمعت بكاء و شهيقا , نظرت من النافذة فإذا هو حبيّب في الحديقة يبكي بكاء مرا و عيناه منتفختان . جريتُ لزوجته التي كانت تكلم ابنتها عبر الواتساب و قلت: حبيب يبكي و لا أعرف ما السبب. أغلقتِ الهاتف و أسرعت تسأل زوجها إن كان به سقم أو أي أمر مكروه. قال و قد اشتد بكاؤه: أنا خائف من الله, قد أكون قصّرت مع أي أحد من الناس.

                بكينا كلنا و قلت في نفسي : يا الله ما أقوى إيمانك يا حبيب, إن كنت أنت تخاف الله وتخاف تقصيرا فماذا نقول نحن؟
                أخي حبيب هذا حباه الله حكمة وإيمانا و خشوعا و ورعا ، فلا تنقضي ليلة إلا و قد قامها بالذكر وقراءة القرآن منذ سنوات شبابه الأولى. كان موضع ثقة كلّ من يعرفه ، حتى في عمله حينما كان يشغل خطة مضيف طيران في الخطوط الجوية السعودية ، كان الكل على اختلاف جنسياتهم يحترمونه و يسألونه النصح. وكان صاحب نكتة و دعابة خفيفة وابتسامة لا تفارق محياه النضر. كان يوزع ابتساماته وكلامه الجميل على كل من يراه، ولم تسلبه أوجاع الدنيا هذه الابتسامة التي تختزل كل سعادة العالم.
                عاد حبيب وزوجته إلى منزلهما بالعاصمة بمنطقة "حلق الوادي" الجميلة بعد أن قضيا معي يومين ككل "ويك اند" وقد وعداني أن يعودا ثاني أيام العيد الذي بقي عليه أقل من أسبوع. نظرت لطيفة إلى زوجها وهو يتمتم مادّا يديه متضرعا وهو يتنقل بين أركان بيته, لم تسمع جيدا ما كان يقول و لكنها فهمت أنه يدعو الله. بعد حوالي الساعة قال بحماس: الحمد لله الآن حصنت لكم البيت. ماذا تريدون أكثر؟

                حمدت لطيفة الله تعالى على هذا الزوج الذي أنعم الله به عليها. كانا زميلين في العمل وكانت هي مضيفة الطيران الوحيدة التي لا يمزح معها. لكنه تجرأ يوما و طلب يدها في الطائرة. و كانت خطبتهما مباركة في مكة المكرمة بحضور والدِيهما آنذاك. كانت تغبط نفسها على هذا الزوج الصالح و ذريتها الصالحة و لا تسأل الله غير الستر و السعادة مع أسرتها الصغيرة.

                و كان هذا الشعور متبادلا بينهما. أذكر أن حبيبا كان يقول لي دائما إن لطيفة هي الحَسَنة التي أعطاه إياها ربي.
                دخل عليها ليلة السابع و العشرين من رمضان و عيناه منتفختان. ذُعرت لطيفة و سألته ما به, قال باكيا: كأن قلبي انتُزع من بين أضلعي بانتهاء الشهر المبارك. ضحكت قائلة يا رجل أفزعتني. الحمد لله أنك بخير و دعت أن يعيد الله عليه رمضان و هو في أحسن حال.

                أكرمني الله هذه السنة بزيارة بيته المعمور في الأسبوع الأول من رمضان فكان يبكي ويسأل زوجته إن كانت منيرة بخير رغم أنه كان يكلمني كل يوم و يرسل لي الدعاء تلو الدعاء. حدثتني لطيفة وقالت انه كان يبكي بكل جوارحه و يسألها إن كانت منيرة تتنفس كما يجب و هل هي متعبة و يقول : لو حدث مكروه لأختي لا سمح الله سأكون يتيما مرتين فهي أمي الثانية و لن أدخل "الميدة" بعدها أبدا...

                اليوم عيد والكل يرفل في أبهى الحلل ..خرج حبيب لصلاة العيد سعيدا بنعم الله الكثيرة...عاد من صلاته و الفرح يملأ قلبه و الضحكة لا تفارق محياه الجميل .. لم يترك جارا إلا و تمنى له عيدا سعيدا مباركا. دخل بيته و احتضن ابنَيْه و زوجته متمنيا لهم أحلى عيد.

                سأل زوجته ماذا ستطبخ اليوم. ردت أن ابنها البكر أحمد يحب ملوخية لكنها متعبة و ستطبخها في بداية الأسبوع بإذن الله, فما كان من حبيب إلا أن قال لها: ما رأيك أنني أيضا اشتهي ملوخية على الغداء..ابتسمت لطيفة و قالت حاضر .
                تجمعت العائلة على طبق الملوخية و هم سعداء فرحين و كانوا يمزحون و يتندرون بطيبة حبيب الزائدة .
                هاتف حبيب إخوته و كلّ أصحابه متمنيا لهم عيدا سعيدا..

                استعجل أحمد أباه في الخروج لصلاة الجنازة فقد توفيَ صهره ليلة العيد و سيُوارَى الثرى اليوم. توضأ حبيب و احتضن مرة أخرى زوجته و ابنه عزيز و خرج إلى المسجد. كان موعد صلاة الظهر و لم يأت الإمام فرجا الحاضرون حبيب أن يصلي بهم,,,صلى حبيب بهم صلاة الظهر ثم صلاة الجنازة و دعا للميت ثم خرج الكل إلى المقبرة..التفت أحمد فلم يجد أباه وراءه..نظر فإذا هو جالس على مقعد هناك و يومئ له أن يأتي..أسرع أحمد و قلبه يخفق بشدة فقال له حبيب بصوت خافت: اسندني إلى صدرك يا بني...
                و نطق الشهادة مرتين.....

                رحمك الله يا سندي و يا مرفأي ..رحمك الله حبوب الغالي و بارك لك في أولادك و زوجتك..
                و صبّرنا على فقدانك .. لن ننساك فأنت حي فينا لم تمت ..
                مازلنا نحتاجك لتنير لنا الطريق...مازلنا نحتاجك لتضيء لنا السبيل..
                وداعا يا من كنت تملأ دنياي...وداعا يا من كنتُ أختزل في ضحكته عالما بأسره...
                وداعا يا دربيَ الذي ضاع....

                وداعا حبوب الغالي...


                أختك منيرة









                ماذا أقول لك اختنا منيرة الفهري
                لم يبق لدي قدرة على الكلام
                ما قلته بقدر ما أحزنني بقدر ما أفرحني أنه العابد لله الوقور الحكيم الواصل الذي لا يقصر في حق ربه واهله ورحمه
                لقد رأى وما رأيتم
                لقد علم وما علمتم
                لقد أحس وما أحسستم
                عرف انه إلى الرحيل صار أقرب
                أعطاكم الاشارات ..
                ومضى مجللا بالحب وبالدعاء ان يرضى الله عنه وأن يدخله الله الجنة بسلام بغير حساب ولا سابق عذاب
                ..
                كلماتك عن حبيب الأمة الفهري أضاءت ناقوسا في صدورنا
                نسأل الله الهداية وحسن الخاتمة
                وأعظم الله أجركم
                أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

                لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

                تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

                تعليق

                • عبدالهادي القادود
                  نائب رئيس ملتقى الديوان
                  • 11-11-2014
                  • 939

                  #23
                  البقاء لله أختنا الغالية

                  ربنا يصبركم ويسكنه فسيح جناته

                  تعليق

                  • منيره الفهري
                    مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                    • 21-12-2010
                    • 9870

                    #24
                    أخي الفاضل بهائي راغب شراب
                    بارك الله فيك و جزاك الله كل خير
                    كلماتك كانت بلسما لجروجي.شكرا من القلب.

                    تعليق

                    • منيره الفهري
                      مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                      • 21-12-2010
                      • 9870

                      #25
                      الأديب الفاضل و الأخ العزيز عبد الهادي القادود
                      شكرا بحجم السماء
                      جزاك الله كل خير
                      و إنا لله و إنا إليه راجعون

                      تعليق

                      • مصباح فوزي رشيد
                        يكتب
                        • 08-06-2015
                        • 1272

                        #26
                        لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
                        فلتصبري ولتحتسبي.
                        أحسن الله عزاءكِ
                        ورزقكِ الصّبر والسلوان.
                        لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                        تعليق

                        • منيره الفهري
                          مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                          • 21-12-2010
                          • 9870

                          #27
                          أخي الفاضل مصباح فوزي رشيد
                          بارك الله فيك و جزاك الله كل خير
                          و إنا لله و إنا إليه راجعون

                          تعليق

                          • سميرة سلمان
                            عصفورة لاتجيد الزقزقة
                            • 13-07-2012
                            • 1326

                            #28
                            المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
                            وداعا حبوب الغالي




                            تَمَنَّيْ أمنيةً و بسرعة !
                            هذا أخي "حبيب الأمة" كما أسماهُ أبي منذ ستين عاما و نيف, أبي الذي كان يحمل في قلبه الكبير همّ الأمّة و وجعها.
                            أخي حبيب كان يزورني كل نهاية أسبوع فيسعدني بصحبته و يزيد بيتي نورا و بهجة. دخل عليّ "حْبَيّبْ" المطبخ قبل دقائق من أذان المغرب ينتظر مني أن أتمنى أمنية, بعد أن كان جالسا بالحديقة يدعو الله لوقت طويل.
                            فاجأني بسؤاله , نظرت إليه وذهني يتساءل:, ماذا تتمنى أمٌّ مثلي في هذه الأيام المباركة غير صلاح الأبناء و برّهم, لكنني نطقت و دون تفكير: ليلة القدر
                            قال متحمسا: سيجازيك الله بها بإذنه تعالى.
                            قلت ملهوفة: صحيح؟ كيف عرفت؟
                            أردف قائلا: عديني أنك ستدعين لي عندما تشعرين أنها ليلة القدر
                            قلت: أنا أدعو لك دائما و لكل إخوتي
                            عندها نظر إليّ و قال بإلحاح: ادعي لإخوتك و لا تنسي أن تذكريني في دعائك بالإسم: حبيب الأمة الفهري.
                            وعدته بذلك لكنني لحقته حتى غرفة الطعام حيث أُعِدّت مائدة الإفطار في احد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان. و عندما تجاهلني رجوته أن يوضح لي أكثر و قلت له: لن أكلمكَ حتى تقول لي كيف عرفت. عندها التفتَ إليّ مبتسما و قال: "خْسَارْتِكْ يا منيرة ", أنا أبشّرك بمثل هذه البشرى العظيمة و أنت تقولين لي لن أكلمك.
                            قبّلت جبينه و قلت : "ربي يبارك فيك يا حبوب يا غالي".

                            جلستُ مع العائلة و قد أذن المغرب, شربت جرعة ماء و تذكرت ما حصل هذا الصباح فقد سمعت بكاء و شهيقا , نظرت من النافذة فإذا هو حبيّب في الحديقة يبكي بكاء مرا و عيناه منتفختان . جريتُ لزوجته التي كانت تكلم ابنتها عبر الواتساب و قلت: حبيب يبكي و لا أعرف ما السبب. أغلقتِ الهاتف و أسرعت تسأل زوجها إن كان به سقم أو أي أمر مكروه. قال و قد اشتد بكاؤه: أنا خائف من الله, قد أكون قصّرت مع أي أحد من الناس.

                            بكينا كلنا و قلت في نفسي : يا الله ما أقوى إيمانك يا حبيب, إن كنت أنت تخاف الله وتخاف تقصيرا فماذا نقول نحن؟
                            أخي حبيب هذا حباه الله حكمة وإيمانا و خشوعا و ورعا ، فلا تنقضي ليلة إلا و قد قامها بالذكر وقراءة القرآن منذ سنوات شبابه الأولى. كان موضع ثقة كلّ من يعرفه ، حتى في عمله حينما كان يشغل خطة مضيف طيران في الخطوط الجوية السعودية ، كان الكل على اختلاف جنسياتهم يحترمونه و يسألونه النصح. وكان صاحب نكتة و دعابة خفيفة وابتسامة لا تفارق محياه النضر. كان يوزع ابتساماته وكلامه الجميل على كل من يراه، ولم تسلبه أوجاع الدنيا هذه الابتسامة التي تختزل كل سعادة العالم.
                            عاد حبيب وزوجته إلى منزلهما بالعاصمة بمنطقة "حلق الوادي" الجميلة بعد أن قضيا معي يومين ككل "ويك اند" وقد وعداني أن يعودا ثاني أيام العيد الذي بقي عليه أقل من أسبوع. نظرت لطيفة إلى زوجها وهو يتمتم مادّا يديه متضرعا وهو يتنقل بين أركان بيته, لم تسمع جيدا ما كان يقول و لكنها فهمت أنه يدعو الله. بعد حوالي الساعة قال بحماس: الحمد لله الآن حصنت لكم البيت. ماذا تريدون أكثر؟

                            حمدت لطيفة الله تعالى على هذا الزوج الذي أنعم الله به عليها. كانا زميلين في العمل وكانت هي مضيفة الطيران الوحيدة التي لا يمزح معها. لكنه تجرأ يوما و طلب يدها في الطائرة. و كانت خطبتهما مباركة في مكة المكرمة بحضور والدِيهما آنذاك. كانت تغبط نفسها على هذا الزوج الصالح و ذريتها الصالحة و لا تسأل الله غير الستر و السعادة مع أسرتها الصغيرة.

                            و كان هذا الشعور متبادلا بينهما. أذكر أن حبيبا كان يقول لي دائما إن لطيفة هي الحَسَنة التي أعطاه إياها ربي.
                            دخل عليها ليلة السابع و العشرين من رمضان و عيناه منتفختان. ذُعرت لطيفة و سألته ما به, قال باكيا: كأن قلبي انتُزع من بين أضلعي بانتهاء الشهر المبارك. ضحكت قائلة يا رجل أفزعتني. الحمد لله أنك بخير و دعت أن يعيد الله عليه رمضان و هو في أحسن حال.

                            أكرمني الله هذه السنة بزيارة بيته المعمور في الأسبوع الأول من رمضان فكان يبكي ويسأل زوجته إن كانت منيرة بخير رغم أنه كان يكلمني كل يوم و يرسل لي الدعاء تلو الدعاء. حدثتني لطيفة وقالت انه كان يبكي بكل جوارحه و يسألها إن كانت منيرة تتنفس كما يجب و هل هي متعبة و يقول : لو حدث مكروه لأختي لا سمح الله سأكون يتيما مرتين فهي أمي الثانية و لن أدخل "الميدة" بعدها أبدا...

                            اليوم عيد والكل يرفل في أبهى الحلل ..خرج حبيب لصلاة العيد سعيدا بنعم الله الكثيرة...عاد من صلاته و الفرح يملأ قلبه و الضحكة لا تفارق محياه الجميل .. لم يترك جارا إلا و تمنى له عيدا سعيدا مباركا. دخل بيته و احتضن ابنَيْه و زوجته متمنيا لهم أحلى عيد.

                            سأل زوجته ماذا ستطبخ اليوم. ردت أن ابنها البكر أحمد يحب ملوخية لكنها متعبة و ستطبخها في بداية الأسبوع بإذن الله, فما كان من حبيب إلا أن قال لها: ما رأيك أنني أيضا اشتهي ملوخية على الغداء..ابتسمت لطيفة و قالت حاضر .
                            تجمعت العائلة على طبق الملوخية و هم سعداء فرحين و كانوا يمزحون و يتندرون بطيبة حبيب الزائدة .
                            هاتف حبيب إخوته و كلّ أصحابه متمنيا لهم عيدا سعيدا..

                            استعجل أحمد أباه في الخروج لصلاة الجنازة فقد توفيَ صهره ليلة العيد و سيُوارَى الثرى اليوم. توضأ حبيب و احتضن مرة أخرى زوجته و ابنه عزيز و خرج إلى المسجد. كان موعد صلاة الظهر و لم يأت الإمام فرجا الحاضرون حبيب أن يصلي بهم,,,صلى حبيب بهم صلاة الظهر ثم صلاة الجنازة و دعا للميت ثم خرج الكل إلى المقبرة..التفت أحمد فلم يجد أباه وراءه..نظر فإذا هو جالس على مقعد هناك و يومئ له أن يأتي..أسرع أحمد و قلبه يخفق بشدة فقال له حبيب بصوت خافت: اسندني إلى صدرك يا بني...
                            و نطق الشهادة مرتين.....

                            رحمك الله يا سندي و يا مرفأي ..رحمك الله حبوب الغالي و بارك لك في أولادك و زوجتك..
                            و صبّرنا على فقدانك .. لن ننساك فأنت حي فينا لم تمت ..
                            مازلنا نحتاجك لتنير لنا الطريق...مازلنا نحتاجك لتضيء لنا السبيل..
                            وداعا يا من كنت تملأ دنياي...وداعا يا من كنتُ أختزل في ضحكته عالما بأسره...
                            وداعا يا دربيَ الذي ضاع....

                            وداعا حبوب الغالي...


                            أختك منيرة









                            الله يلهمكم الصبر أستاذة منيرة
                            ويجعل مسكن أخيك الحبيب العلى من الجنة
                            مؤلم ما كتبت استاذة قلوبنا معك

                            تعليق

                            • منيره الفهري
                              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                              • 21-12-2010
                              • 9870

                              #29
                              أختي العزيزة سميرة سلمان
                              بارك الله فيك
                              شكرا لكلاماتك البلسم .جزاك الله كل خير
                              و انا لله و إنا إليه راجعون

                              تعليق

                              • ناريمان الشريف
                                مشرف قسم أدب الفنون
                                • 11-12-2008
                                • 3454

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
                                وداعا حبوب الغالي




                                تَمَنَّيْ أمنيةً و بسرعة !
                                هذا أخي "حبيب الأمة" كما أسماهُ أبي منذ ستين عاما و نيف, أبي الذي كان يحمل في قلبه الكبير همّ الأمّة و وجعها.
                                أخي حبيب كان يزورني كل نهاية أسبوع فيسعدني بصحبته و يزيد بيتي نورا و بهجة. دخل عليّ "حْبَيّبْ" المطبخ قبل دقائق من أذان المغرب ينتظر مني أن أتمنى أمنية, بعد أن كان جالسا بالحديقة يدعو الله لوقت طويل.
                                فاجأني بسؤاله , نظرت إليه وذهني يتساءل:, ماذا تتمنى أمٌّ مثلي في هذه الأيام المباركة غير صلاح الأبناء و برّهم, لكنني نطقت و دون تفكير: ليلة القدر
                                قال متحمسا: سيجازيك الله بها بإذنه تعالى.
                                قلت ملهوفة: صحيح؟ كيف عرفت؟
                                أردف قائلا: عديني أنك ستدعين لي عندما تشعرين أنها ليلة القدر
                                قلت: أنا أدعو لك دائما و لكل إخوتي
                                عندها نظر إليّ و قال بإلحاح: ادعي لإخوتك و لا تنسي أن تذكريني في دعائك بالإسم: حبيب الأمة الفهري.
                                وعدته بذلك لكنني لحقته حتى غرفة الطعام حيث أُعِدّت مائدة الإفطار في احد أيام العشر الأواخر من شهر رمضان. و عندما تجاهلني رجوته أن يوضح لي أكثر و قلت له: لن أكلمكَ حتى تقول لي كيف عرفت. عندها التفتَ إليّ مبتسما و قال: "خْسَارْتِكْ يا منيرة ", أنا أبشّرك بمثل هذه البشرى العظيمة و أنت تقولين لي لن أكلمك.
                                قبّلت جبينه و قلت : "ربي يبارك فيك يا حبوب يا غالي".

                                جلستُ مع العائلة و قد أذن المغرب, شربت جرعة ماء و تذكرت ما حصل هذا الصباح فقد سمعت بكاء و شهيقا , نظرت من النافذة فإذا هو حبيّب في الحديقة يبكي بكاء مرا و عيناه منتفختان . جريتُ لزوجته التي كانت تكلم ابنتها عبر الواتساب و قلت: حبيب يبكي و لا أعرف ما السبب. أغلقتِ الهاتف و أسرعت تسأل زوجها إن كان به سقم أو أي أمر مكروه. قال و قد اشتد بكاؤه: أنا خائف من الله, قد أكون قصّرت مع أي أحد من الناس.

                                بكينا كلنا و قلت في نفسي : يا الله ما أقوى إيمانك يا حبيب, إن كنت أنت تخاف الله وتخاف تقصيرا فماذا نقول نحن؟
                                أخي حبيب هذا حباه الله حكمة وإيمانا و خشوعا و ورعا ، فلا تنقضي ليلة إلا و قد قامها بالذكر وقراءة القرآن منذ سنوات شبابه الأولى. كان موضع ثقة كلّ من يعرفه ، حتى في عمله حينما كان يشغل خطة مضيف طيران في الخطوط الجوية السعودية ، كان الكل على اختلاف جنسياتهم يحترمونه و يسألونه النصح. وكان صاحب نكتة و دعابة خفيفة وابتسامة لا تفارق محياه النضر. كان يوزع ابتساماته وكلامه الجميل على كل من يراه، ولم تسلبه أوجاع الدنيا هذه الابتسامة التي تختزل كل سعادة العالم.
                                عاد حبيب وزوجته إلى منزلهما بالعاصمة بمنطقة "حلق الوادي" الجميلة بعد أن قضيا معي يومين ككل "ويك اند" وقد وعداني أن يعودا ثاني أيام العيد الذي بقي عليه أقل من أسبوع. نظرت لطيفة إلى زوجها وهو يتمتم مادّا يديه متضرعا وهو يتنقل بين أركان بيته, لم تسمع جيدا ما كان يقول و لكنها فهمت أنه يدعو الله. بعد حوالي الساعة قال بحماس: الحمد لله الآن حصنت لكم البيت. ماذا تريدون أكثر؟

                                حمدت لطيفة الله تعالى على هذا الزوج الذي أنعم الله به عليها. كانا زميلين في العمل وكانت هي مضيفة الطيران الوحيدة التي لا يمزح معها. لكنه تجرأ يوما و طلب يدها في الطائرة. و كانت خطبتهما مباركة في مكة المكرمة بحضور والدِيهما آنذاك. كانت تغبط نفسها على هذا الزوج الصالح و ذريتها الصالحة و لا تسأل الله غير الستر و السعادة مع أسرتها الصغيرة.

                                و كان هذا الشعور متبادلا بينهما. أذكر أن حبيبا كان يقول لي دائما إن لطيفة هي الحَسَنة التي أعطاه إياها ربي.
                                دخل عليها ليلة السابع و العشرين من رمضان و عيناه منتفختان. ذُعرت لطيفة و سألته ما به, قال باكيا: كأن قلبي انتُزع من بين أضلعي بانتهاء الشهر المبارك. ضحكت قائلة يا رجل أفزعتني. الحمد لله أنك بخير و دعت أن يعيد الله عليه رمضان و هو في أحسن حال.

                                أكرمني الله هذه السنة بزيارة بيته المعمور في الأسبوع الأول من رمضان فكان يبكي ويسأل زوجته إن كانت منيرة بخير رغم أنه كان يكلمني كل يوم و يرسل لي الدعاء تلو الدعاء. حدثتني لطيفة وقالت انه كان يبكي بكل جوارحه و يسألها إن كانت منيرة تتنفس كما يجب و هل هي متعبة و يقول : لو حدث مكروه لأختي لا سمح الله سأكون يتيما مرتين فهي أمي الثانية و لن أدخل "الميدة" بعدها أبدا...

                                اليوم عيد والكل يرفل في أبهى الحلل ..خرج حبيب لصلاة العيد سعيدا بنعم الله الكثيرة...عاد من صلاته و الفرح يملأ قلبه و الضحكة لا تفارق محياه الجميل .. لم يترك جارا إلا و تمنى له عيدا سعيدا مباركا. دخل بيته و احتضن ابنَيْه و زوجته متمنيا لهم أحلى عيد.

                                سأل زوجته ماذا ستطبخ اليوم. ردت أن ابنها البكر أحمد يحب ملوخية لكنها متعبة و ستطبخها في بداية الأسبوع بإذن الله, فما كان من حبيب إلا أن قال لها: ما رأيك أنني أيضا اشتهي ملوخية على الغداء..ابتسمت لطيفة و قالت حاضر .
                                تجمعت العائلة على طبق الملوخية و هم سعداء فرحين و كانوا يمزحون و يتندرون بطيبة حبيب الزائدة .
                                هاتف حبيب إخوته و كلّ أصحابه متمنيا لهم عيدا سعيدا..

                                استعجل أحمد أباه في الخروج لصلاة الجنازة فقد توفيَ صهره ليلة العيد و سيُوارَى الثرى اليوم. توضأ حبيب و احتضن مرة أخرى زوجته و ابنه عزيز و خرج إلى المسجد. كان موعد صلاة الظهر و لم يأت الإمام فرجا الحاضرون حبيب أن يصلي بهم,,,صلى حبيب بهم صلاة الظهر ثم صلاة الجنازة و دعا للميت ثم خرج الكل إلى المقبرة..التفت أحمد فلم يجد أباه وراءه..نظر فإذا هو جالس على مقعد هناك و يومئ له أن يأتي..أسرع أحمد و قلبه يخفق بشدة فقال له حبيب بصوت خافت: اسندني إلى صدرك يا بني...
                                و نطق الشهادة مرتين.....

                                رحمك الله يا سندي و يا مرفأي ..رحمك الله حبوب الغالي و بارك لك في أولادك و زوجتك..
                                و صبّرنا على فقدانك .. لن ننساك فأنت حي فينا لم تمت ..
                                مازلنا نحتاجك لتنير لنا الطريق...مازلنا نحتاجك لتضيء لنا السبيل..
                                وداعا يا من كنت تملأ دنياي...وداعا يا من كنتُ أختزل في ضحكته عالما بأسره...
                                وداعا يا دربيَ الذي ضاع....

                                وداعا حبوب الغالي...


                                أختك منيرة









                                أبكتني سطورك .. فهذه التأبينة الحنونة والمرثية الرقيقة من أمه الثانية تدخل القلب..لا أدري ما أقول ؟!
                                إنه الموت - يا عزيزة - هازم اللذات وقاتل الضحكات ، المتربص بنا ينتظرنا في آخر محطات حياتنا، شئنا أم أبينا، يشعر الفاقد منا بأنه لا يخطف إلا الطيبين، أشعر بأنه متآمر علينا، ولكن، ما لنا إلا الصبر، والحي عادة لا يقلق إلا على الذي يموت مقصراً .. أما أخوك حبيب من الواضح أنه كان قريباً من الله .. فسلي له الرحمة وأسأل الله تبارك تعالى أن يجمعكما في جنان النعيم.
                                تحيتي ... ناريمان
                                sigpic

                                الشـــهد في عنــب الخليــــل


                                الحجر المتدحرج لا تنمو عليه الطحالب !!

                                تعليق

                                يعمل...
                                X