[align=justify]
أنا سيدة في الرابعة و الأربعين من عمري ، تخرجت من إحدى الكليات العملية بتفوق و تم تعيني بوظيفة معيدة بأحد أقسام الكلية ، وقد نشأت في أسرة متوسطة مكافحة استطاعت بالقليل أن تؤهلنا إلى أعلى الدرجات الدراسية . و طول مدة الدراسة لم اسمح لنفسي أن أدخل في علاقة ، فقد كان همي الأول و الأخير العلم و الدراسة . و حتى لا أطيل عليك ، فبعد تخرجي و حصولي على الماجستير تقدم لخطبتي شاب رائع و مهذب و ذو مركز اجتماعي مرموق ، ووافقت عليه ( جواز صالونات ) وبدأت رحلتي معه تنعمت بأجمل أيام السعادة حتى بدأ الأهل يسألون و يستفسرون عن الإنجاب و الأولاد ،رغم لم يمر على زواجنا سوى سنة واحدة فقط ، واستجاب زوجي لرغبات أهله و أهلنا بعد مرور سنه أخرى و بدأنا رحلة المستشفيات و العيادات و التي استمرت لمدة ثلاث سنوات عرفت في نهايتها إن الله حرمني نعمة الإنجاب لعيب خلقي في الرحم ، و لم يظهر زوجي أي استياء بل تقبل الوضع برحابة و انغمست في الدراسة و الأبحاث , ووجد زوجي ضالته في القراءة و الكتابة لعل ذلك يخفف علينا حرماننا من هذه النعمة و استمرت الحياة . .
إلى أن جاء يوم العاصفة التي زلزلت كياني ، عندما قرأت بطريق الصدفة كشف الحساب البنكي لزوجي لأكتشف يا سيدي أن زوجي المحترم يدفع الدولارات شهريا لمواقع الدردشة . و كاد عقلي ينفجر من كثرة التفكير و التساؤلات التي فرضتها وساوسي . لماذا ينفق زوجي الدولارات على هذه المواقع ؟ و مع من يتكلم ؟ هل هم رجال أم نساء ؟ هل هذا تفسيراً منطقياً لقضائه الساعات الطويلة في غرفة مكتبه ؟ هل أستفسر منه ؟ . . . الخ
و بعد أيام من الصراعات الداخلية قررت أن أكتشف الأمر و لكن كيف ! . عرضت على صديقتي و كاتمة أسراري أمري هذا فعرضت على أن تراسل زوجي باسم مستعار لأنه يعرفها جيداً . و وضعت صديقتي خطتها الجهنمية و بدأت تراسل زوجي على بريده الالكتروني و عرفته بنفسها على أنها حصلت على بريده من احد المواقع و أعطت بعض التفاصيل عن حياتها ( بالطبع غير صحيحة لتخفي معالم شخصيتها ) ، و كانت الفاجعة يا سيدي . بعد ثلاثة أسابيع من العذاب و الشك و الغيرة القاتلة جاءتني صديقتي بنسخ من المحادثات المرسلة بينهم بصفة يومية ، و أعفيني أن أذكر ما جاء بها لأن مجرد ذكرها يؤلمني و يقطع أواصري ، ولن أقول لك يا سيدي سوى إنها طامة كبيرة أن زوجي المحترم يخرج أسرار بيتي و يشكو بالوحدة المريرة و التي يستعطف بها أي امرأة . كلام حرمني منه و جاد به على غيري !
و بعد ما عرفت و تأكدت من خيانة زوجي لي لا اعرف ماذا افعل ؟ هل أواجه و تكون النهاية ؟ هل أطلب الطلاق ، و ليس ما ابكي عليه فلا أولاد و لا شيء ؟
لك الشكر و التقدير على رسالتك الكريمة
لا أعلم لماذا استحضرت ذاكرتي الضعيفة مقولة عالم النفس الأمريكي ( وليم جيمس ) عن السعادة : إن لم نستشعر السعادة الحقيقية في حياتنا أن نتصرف كما لو كنا سعداء ، و إن لم نستشعر البهجة الحقيقية في حياتنا أن نتصرف كما لو كنا مبتهجين ، فالتظاهر بالابتهاج و السعادة قد يخفف عن النفس بعض شقائها و يعينها على احتمال الحياة . . ربما لأني أدرك تماماً أن البحث عن السعادة المشروعة هي أحد المكلفات الإنسانية لاستمرارية الحياة حتى لو تعثرت خطواتنا و طالت .
وللأديب الأيرلندي العظيم برناردشو كلمة حكيمة يقول فيها : إن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يتوافر لديك الوقت لكي تتساءل فيه هل أنا شقي . . أم سعيد ؟. فرحلة البحث عن السعادة المشروعة تستلزم السعي الدءوب و الصبر على أحوال الحياة و التفاني في خدمة المحب . . فالحب الحقيقي عطاء إلى النهاية و لو كان أحيانا لمن لا يستحقون !.
يا سيدتي . . إن الله لا يحرم عباده من فضله , و إنما يعلم الخير لعباده أكثر مما يعلمون في أنفسهم . . فالله يحكم كل شيء بحكمته " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " . . فقد سأل سيدنا داود ربه : يا رب إن كنت أنت الشافي . . فلا حاجة لنا في الطبيب ، فقال الله تعالى لسيدنا داود : هو يرزق . .
فإزاء تصاريف القدر لا يملك الإنسان أن يسأل .. لماذا ؟ . . و كيف . . . و لم ؟ . و تقبلك لأمر الله بحجب هذه النعمة عنك دليل الرضا الموجب لشكره و العمل على ما يظهره في كل وقت . و لن أتطرق كثيراً لهذه المسألة لأن أمر الله نافد و لا راد لقضائه و هو قادر على شيء .
ما جلب انتباهي هو تقاعسك عن مواجهة زوجك عندما اكتشفت تعامله مع مواقع الدردشة . . كان بيدك فرصة ذهبية لسماع وجهة نظره أو دفاعه , أو حتى قد يراجع نفسه و يستشعر بجريمته الأخلاقية . . فإدمان الإنترنت أصبح من الأخطار التي تهدد حياتنا و يجب التعامل معها بحظر شديد . . حيث أصبح شكل من أشكال فقد السيطرة على السلوك ، مما يعجز أمامه المرء عن إيقاف هذا السلوك غير المرغوب ، بالرغم من عواقب هذا السلوك على الفرد من حيث القلق والتوتر وتغير المزاج للأسوأ وغيرها من أعراض الانسحاب سواء على المستوى النفسي أو البدني أو الاجتماعي .. و من أهم أسباب إدمان الإنترنت هو الهروب من الواقع بضرب من الخيال في علاقات تفتقد فيها الحميمة مع الأخر . و لذلك تكلمت عن السعادة و رحلة البحث عنها في صدر ردي عليك . . فقد قوقعتم حياتكما معا في إطار نمطي رتيب ،
وتسلل داخل كل منكما إحساس بأن عدم وجود الأولاد في حياتكما يعطي شرعية لكل منكما لتمرير حياته وفقا لما يراه و ليس وفقا لمفهوم السعادة الزوجية القائمة على تأمين العيش المشترك ، والسكن والحب ، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين ، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة ، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة ، وغير ذلك . فكانت النتيجة وقوع أحدكما في دائرة الإدمان
و الذي انتهى بالنتيجة التي وصلت إليها بعد رحلة مخابرتيه أتعجب لها !! ..
فزوجك و بحق في محنة حقيقية و إن لم تمتد يد المساعدة لتنتشله و تعالجه من هذا الإدمان فسوف تكون العواقب وخيمة مع الأخذ في الاعتبار أن هذا لا يعفيه من اقترافه هذا الجرم . . فمدمن الإنترنت في تقديري كمدمن المخدرات تماما كلاهما يحتاج إلى المساعدة !
والمواجهة الآن أصبحت صعبة . . بل ستؤدي إلى كارثة و أزمة حقيقية . . فاكتشاف زوجك لخيانته لك سوف يضعه في موقف صعب للغاية , وستكون لغة الحوار من جانب واحد فقط و لن تصلوا إلى حل . . فلن تقبلي اعتذاره أو طلبه الصفح إن أعتذر. . و ربما الأسوأ أن يكون مواجهتك له بمثابة غطاء شرعي ليتمادي في أفعاله . . و على أية حال. . فالأمر يتطلب حكمة و بصيرة في المعالجة للحفاظ على كيان أسرتك . .
فكل زوج هو طفل كبير , وكل زوجة أم صغيرة والسعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات ، ومنها : المسؤولية ، والتفاعل ، والتعاون ، والمشاركة ، والحوار ، و الصداقة ، والحب ، والحساسية للطرف الآخر ، وعين الرضا ، والتكيف ، والتوافق ، والتكامل ، والمرونة ، والواقعية ..
وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت .. ويجب مراعاة هذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة .. و يجب أن نعلم إننا لا نتعامل مع الآخرين بأخلاقهم و قيمهم هم . . و إنما بأخلاقنا نحن و بما تفرضه علينا قيمنا الدينية و الخلقية . .
ونحن لا نطلب رضاهم و إنما من هو أعلى منهم شأنا وهو الخالق البارئ . .
وإن كان الآخرين هنا هو زوجك الذي يعاني من محنه حقيقية قد يكون السبب فيها هو نفسه أو أنت يا سيدتي أو كلاكما معا . و الحقيقة التي لا يقاومها أحد أنه منذ فجر التاريخ انفردت المرأة وتميزت بميلها الطبيعي لإنشاء الروابط الاجتماعية ولإظهار التعاطف والحب , فالمرأة هي رابط بين زوجها والعائلة والمجتمع من خلال ميلها لتوثيق العلاقات الودية , كما هي القوة الأكبر في تحديد تصرفات زوجها الاجتماعية , ففي سن الرشد يلجأ الرجل إلى المرأة وفي سن الطفولة أيضا فهو يعيش في مراحله الطبيعية للحصول على الرضي والتقدير والعطف , وعندما يحصل كل هذا من المرأة سيشعر أنه سينتصر على العالم كله.....
وتستطيع المرأة استعمال قوتها أكثر من الرجل في علاقتها معه , فالمرأة هي أساس توازن الرجل العاطفي طيلة حياته و هذا ما عبرت عنه الكاتبة الأمريكية لورا شلسنجر في كتابها الرائع (قوة الزوجات الخفية ) . . وقول الله تعالى في محكم آياته مصوراً أروع علاقة بشرية : (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) فقد فسر أهل العلم الآية الكريمة بالستر، أي هن ستر لكم وأنتم ستر لهن، لأن كلا الزوجين يستر صاحبه ويمنعه من الفجور و يغنيه عن الحرام،فما أعظم نعمة الله علينا أن جعل بيننا الزوجين الرحمة و المودة . .
و نصيحتي إليك يا سيدتي . . أن تعيدي ترتيب بيتك مرة أخرى و تجذبي زوجك إلى حظيرتكما و صدقيني سوف تنعمين بنشوة النصر . .فنحن نضع ودائعنا عند من لا يغفل و لا ينام لنلتمس الجوائز الربانية الأخروية و الفوز بالمقام الكريم .
تمنياتي لك بالسعادة و الهناء و العون في مهمتك .
[/align]
إلى أن جاء يوم العاصفة التي زلزلت كياني ، عندما قرأت بطريق الصدفة كشف الحساب البنكي لزوجي لأكتشف يا سيدي أن زوجي المحترم يدفع الدولارات شهريا لمواقع الدردشة . و كاد عقلي ينفجر من كثرة التفكير و التساؤلات التي فرضتها وساوسي . لماذا ينفق زوجي الدولارات على هذه المواقع ؟ و مع من يتكلم ؟ هل هم رجال أم نساء ؟ هل هذا تفسيراً منطقياً لقضائه الساعات الطويلة في غرفة مكتبه ؟ هل أستفسر منه ؟ . . . الخ
و بعد أيام من الصراعات الداخلية قررت أن أكتشف الأمر و لكن كيف ! . عرضت على صديقتي و كاتمة أسراري أمري هذا فعرضت على أن تراسل زوجي باسم مستعار لأنه يعرفها جيداً . و وضعت صديقتي خطتها الجهنمية و بدأت تراسل زوجي على بريده الالكتروني و عرفته بنفسها على أنها حصلت على بريده من احد المواقع و أعطت بعض التفاصيل عن حياتها ( بالطبع غير صحيحة لتخفي معالم شخصيتها ) ، و كانت الفاجعة يا سيدي . بعد ثلاثة أسابيع من العذاب و الشك و الغيرة القاتلة جاءتني صديقتي بنسخ من المحادثات المرسلة بينهم بصفة يومية ، و أعفيني أن أذكر ما جاء بها لأن مجرد ذكرها يؤلمني و يقطع أواصري ، ولن أقول لك يا سيدي سوى إنها طامة كبيرة أن زوجي المحترم يخرج أسرار بيتي و يشكو بالوحدة المريرة و التي يستعطف بها أي امرأة . كلام حرمني منه و جاد به على غيري !
و بعد ما عرفت و تأكدت من خيانة زوجي لي لا اعرف ماذا افعل ؟ هل أواجه و تكون النهاية ؟ هل أطلب الطلاق ، و ليس ما ابكي عليه فلا أولاد و لا شيء ؟
لك الشكر و التقدير على رسالتك الكريمة
لا أعلم لماذا استحضرت ذاكرتي الضعيفة مقولة عالم النفس الأمريكي ( وليم جيمس ) عن السعادة : إن لم نستشعر السعادة الحقيقية في حياتنا أن نتصرف كما لو كنا سعداء ، و إن لم نستشعر البهجة الحقيقية في حياتنا أن نتصرف كما لو كنا مبتهجين ، فالتظاهر بالابتهاج و السعادة قد يخفف عن النفس بعض شقائها و يعينها على احتمال الحياة . . ربما لأني أدرك تماماً أن البحث عن السعادة المشروعة هي أحد المكلفات الإنسانية لاستمرارية الحياة حتى لو تعثرت خطواتنا و طالت .
وللأديب الأيرلندي العظيم برناردشو كلمة حكيمة يقول فيها : إن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يتوافر لديك الوقت لكي تتساءل فيه هل أنا شقي . . أم سعيد ؟. فرحلة البحث عن السعادة المشروعة تستلزم السعي الدءوب و الصبر على أحوال الحياة و التفاني في خدمة المحب . . فالحب الحقيقي عطاء إلى النهاية و لو كان أحيانا لمن لا يستحقون !.
يا سيدتي . . إن الله لا يحرم عباده من فضله , و إنما يعلم الخير لعباده أكثر مما يعلمون في أنفسهم . . فالله يحكم كل شيء بحكمته " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " . . فقد سأل سيدنا داود ربه : يا رب إن كنت أنت الشافي . . فلا حاجة لنا في الطبيب ، فقال الله تعالى لسيدنا داود : هو يرزق . .
فإزاء تصاريف القدر لا يملك الإنسان أن يسأل .. لماذا ؟ . . و كيف . . . و لم ؟ . و تقبلك لأمر الله بحجب هذه النعمة عنك دليل الرضا الموجب لشكره و العمل على ما يظهره في كل وقت . و لن أتطرق كثيراً لهذه المسألة لأن أمر الله نافد و لا راد لقضائه و هو قادر على شيء .
ما جلب انتباهي هو تقاعسك عن مواجهة زوجك عندما اكتشفت تعامله مع مواقع الدردشة . . كان بيدك فرصة ذهبية لسماع وجهة نظره أو دفاعه , أو حتى قد يراجع نفسه و يستشعر بجريمته الأخلاقية . . فإدمان الإنترنت أصبح من الأخطار التي تهدد حياتنا و يجب التعامل معها بحظر شديد . . حيث أصبح شكل من أشكال فقد السيطرة على السلوك ، مما يعجز أمامه المرء عن إيقاف هذا السلوك غير المرغوب ، بالرغم من عواقب هذا السلوك على الفرد من حيث القلق والتوتر وتغير المزاج للأسوأ وغيرها من أعراض الانسحاب سواء على المستوى النفسي أو البدني أو الاجتماعي .. و من أهم أسباب إدمان الإنترنت هو الهروب من الواقع بضرب من الخيال في علاقات تفتقد فيها الحميمة مع الأخر . و لذلك تكلمت عن السعادة و رحلة البحث عنها في صدر ردي عليك . . فقد قوقعتم حياتكما معا في إطار نمطي رتيب ،
وتسلل داخل كل منكما إحساس بأن عدم وجود الأولاد في حياتكما يعطي شرعية لكل منكما لتمرير حياته وفقا لما يراه و ليس وفقا لمفهوم السعادة الزوجية القائمة على تأمين العيش المشترك ، والسكن والحب ، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين ، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة ، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة ، وغير ذلك . فكانت النتيجة وقوع أحدكما في دائرة الإدمان
و الذي انتهى بالنتيجة التي وصلت إليها بعد رحلة مخابرتيه أتعجب لها !! ..
فزوجك و بحق في محنة حقيقية و إن لم تمتد يد المساعدة لتنتشله و تعالجه من هذا الإدمان فسوف تكون العواقب وخيمة مع الأخذ في الاعتبار أن هذا لا يعفيه من اقترافه هذا الجرم . . فمدمن الإنترنت في تقديري كمدمن المخدرات تماما كلاهما يحتاج إلى المساعدة !
والمواجهة الآن أصبحت صعبة . . بل ستؤدي إلى كارثة و أزمة حقيقية . . فاكتشاف زوجك لخيانته لك سوف يضعه في موقف صعب للغاية , وستكون لغة الحوار من جانب واحد فقط و لن تصلوا إلى حل . . فلن تقبلي اعتذاره أو طلبه الصفح إن أعتذر. . و ربما الأسوأ أن يكون مواجهتك له بمثابة غطاء شرعي ليتمادي في أفعاله . . و على أية حال. . فالأمر يتطلب حكمة و بصيرة في المعالجة للحفاظ على كيان أسرتك . .
فكل زوج هو طفل كبير , وكل زوجة أم صغيرة والسعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات ، ومنها : المسؤولية ، والتفاعل ، والتعاون ، والمشاركة ، والحوار ، و الصداقة ، والحب ، والحساسية للطرف الآخر ، وعين الرضا ، والتكيف ، والتوافق ، والتكامل ، والمرونة ، والواقعية ..
وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت .. ويجب مراعاة هذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة .. و يجب أن نعلم إننا لا نتعامل مع الآخرين بأخلاقهم و قيمهم هم . . و إنما بأخلاقنا نحن و بما تفرضه علينا قيمنا الدينية و الخلقية . .
ونحن لا نطلب رضاهم و إنما من هو أعلى منهم شأنا وهو الخالق البارئ . .
وإن كان الآخرين هنا هو زوجك الذي يعاني من محنه حقيقية قد يكون السبب فيها هو نفسه أو أنت يا سيدتي أو كلاكما معا . و الحقيقة التي لا يقاومها أحد أنه منذ فجر التاريخ انفردت المرأة وتميزت بميلها الطبيعي لإنشاء الروابط الاجتماعية ولإظهار التعاطف والحب , فالمرأة هي رابط بين زوجها والعائلة والمجتمع من خلال ميلها لتوثيق العلاقات الودية , كما هي القوة الأكبر في تحديد تصرفات زوجها الاجتماعية , ففي سن الرشد يلجأ الرجل إلى المرأة وفي سن الطفولة أيضا فهو يعيش في مراحله الطبيعية للحصول على الرضي والتقدير والعطف , وعندما يحصل كل هذا من المرأة سيشعر أنه سينتصر على العالم كله.....
وتستطيع المرأة استعمال قوتها أكثر من الرجل في علاقتها معه , فالمرأة هي أساس توازن الرجل العاطفي طيلة حياته و هذا ما عبرت عنه الكاتبة الأمريكية لورا شلسنجر في كتابها الرائع (قوة الزوجات الخفية ) . . وقول الله تعالى في محكم آياته مصوراً أروع علاقة بشرية : (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) فقد فسر أهل العلم الآية الكريمة بالستر، أي هن ستر لكم وأنتم ستر لهن، لأن كلا الزوجين يستر صاحبه ويمنعه من الفجور و يغنيه عن الحرام،فما أعظم نعمة الله علينا أن جعل بيننا الزوجين الرحمة و المودة . .
و نصيحتي إليك يا سيدتي . . أن تعيدي ترتيب بيتك مرة أخرى و تجذبي زوجك إلى حظيرتكما و صدقيني سوف تنعمين بنشوة النصر . .فنحن نضع ودائعنا عند من لا يغفل و لا ينام لنلتمس الجوائز الربانية الأخروية و الفوز بالمقام الكريم .
تمنياتي لك بالسعادة و الهناء و العون في مهمتك .
تعليق