فرعون مات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شجاع الصفدي
    عضو الملتقى
    • 18-05-2007
    • 35

    فرعون مات

    ماتَ فرعونْ...
    وعهودٌ عِجافٌ في التاريخِ يندبنَ حظَّ الفقراء.
    ما مِن حبةِ قمحٍ وما من سُنبلةٍ تَكْسو عُري البائسين.
    ماتَ فِرعون, وما أكثرَ الحاضرين لِمَراسِمِ التَأبين !
    الكهنةُ يُلْقونَ خُطَبَ الوداع, يَرْثونَ الراحلَ العظيم.
    ما زلتُ أذكر منذ طفولتي ما سمعتُ مِنْهُم آنذاك !
    أيها الشعب:
    لقد فقدتْ الأرضُ والسماءُ ما بينهما,
    صاحبَ القلب الكبير.., كانَ للأيتامِ أباً
    وللفقراء عَوْناً , وللشعبِ أخاً
    ماتَ فِرْعَوْن , و كَبرت أنا
    وما زلتُ أتعجب !!!
    قد عشتُ يتيماً, وما كان فرعون لي أباً !!
    وتلوعتُ جوعا ما وجدتُ كسرة خبزٍ يابسةٍ
    يُلقيها فرعون في جوفي ,
    وكنتُ من الشعبِ ولم أعرف لي أخاً !
    أَمَاتَ فرعون ؟
    أيا ليْتَني لم أكبرْ! .
    أسمعُ رجلاً يَنْتَحِبُ كما الثكلى
    يُتمتمُ بعباراتٍ لا أفهمها
    أقتربُ حَذِراً ,
    خَشْيةَ أن تُسْقِطني دمعاته
    كانَ إخناتون العاجز !
    ظَنَنْتَهُ يبكي فَرحاً برحيلِ فرعون
    مُنْتَشِياً بِوفاةِ الظُلم ,
    فَسَوَّلتْ لي نفسي أن أسأل عما يُبْكيه ,
    يَصْرخُ ذو الشأنِ القديمِ :
    كانَ فرعون عادلاً وعظيماً ,
    ها أنا أَبْكيهِ , فقد هَزَّني رثاءُ الكهنة ,
    كم كُنتُ ناكرا لجميلِ فرعونْ
    ولا يَكْفي نحيبي
    صَمّتُ دهشةً
    نظرتُ لإخناتون بلا أطراف !ّ
    يَقْرأُ ما يَدُور في خُلْدي ,
    فيَصْرُخُ ملءَ شِدْقَيْهِ :
    كان الفرعون مُحِقا فِيما فَعَلَ بي ,
    هذا جزاءُ من يعصي الإله ,
    كم يُسْعِدُني أن أنالَ جزاءَ أعْمالي على يدِ الإله لا غيره .!
    أضَرِبُ كفاً بِكَفٍ وأَرْحَلُ عنهُ ,
    أتَذّكّرُ إخناتون حينَ كانَ غنياً عظيماً
    وأنظر خلفي لهذا المُتًكَوِّمِِ كالقشِ هناك !
    أضحكُ وأُحَدِثُ نفسي بما فَعَلَ بهِ الفرعون..
    وأقول رحماك يا الله .../
    هذا الفرعون قد مات , من يَحْكي تاريخه
    قَبْلَ أن يَحْضُرَ فِرْعَوْن الجديد ؟
    هذا الكاهنُ الصغير الذي يُحنِط الموْتى
    امْتَلَكَ القُبور في غَفْلةٍ مِن الزمن
    فَخَشِيَ مِنهُ الأحياءَ والأموات
    صنعَ تاجاً فَأقَرَّهُ الجمهور مَلِكًا دونَ اعتراض !
    تمَادى فَقَالَ:
    ( أنا الله )
    فَخَرُّوا لَهُ ساجِدين ,
    فَعَاثَ في ظُهورهم فساداً وبِغاء .
    فِرعوْن مات.../
    وما زالَ المُنْبَطِحون على بُطونِهم
    جاثينَ يَنْتَظرون انتهاء الكهنةِ من رثاءِ الإله .
    أُسافرُ إلى أرضٍ أُخْرى,
    أبْحَثُ عن ترابٍ لم يُدْفن فيهِ فِرْعوْن,
    وَجَدتُ فِرْعونَ في كل أرضٍ
    فَسافَرْتُ في رِحْلَتي الأخيرة إلي السماء .../
    " هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
    لم يلق فى طول الطريق سوى اللصوص ،
    حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
    فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص ! " .

    نجيب سرور
  • حسام عبد الغفور
    عضو الملتقى
    • 03-06-2007
    • 346

    #2
    شاعر الجمال شجاع الصفدي..
    ما أروع ما أبدعت أيها النابض بالصدق والأصالة والجمال..
    هذا هو ديدن المنبطجين والمهرولين اللاهثين خلف سراب فراعنة العصر ليتلقفواهداياهم ويتمسحوا ويهتفوا ويمجدوا علهم ينالوا بعض عطاياهم..
    وياللأسف فقد غصت الأرض بأمثال هؤلاء ..ومالنا نجاة إلا في السماء

    لا عدما حرفك الألق

    تعليق

    • شجاع الصفدي
      عضو الملتقى
      • 18-05-2007
      • 35

      #3
      الزميل الفاضل حسام عبد الغفور
      لا بد من نهاية حاسمة لكل فرعون في هذا الوطن العربي المترامي الأطراف وإلا سيتحقق قول الراحل دنقل :
      " لا تحلموا بعالم سعيد
      فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد "


      دمت بوِد
      " هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
      لم يلق فى طول الطريق سوى اللصوص ،
      حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
      فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص ! " .

      نجيب سرور

      تعليق

      • على جاسم
        أديب وكاتب
        • 05-06-2007
        • 3216

        #4
        الاستاذا شجاع الصفدي

        جميل هذا النص

        فهو يحوي الحكمة والسخرية معاً

        فكم فرعون لدينا اليوم

        ومناقبهم بعد الوفاة كثيرة

        واعمالهم كبيرة

        وفرعون بلدي واحد منهم

        تقبل مروري هذا

        تقديري لك

        تشكرات
        عِشْ ما بَدَا لكَ سالماً ... في ظِلّ شاهقّةِ القُصور ِ
        يَسعى عَليك بِما اشتهْيتَ ... لَدى الرَّواح ِ أوِ البكور ِ
        فإذا النّفوس تَغرغَرتْ ... في ظلّ حَشرجَةِ الصدورِ
        فهُنالكَ تَعلَم مُوقِناَ .. ما كُنْتَ إلاََّ في غُرُور ِ​

        تعليق

        • شجاع الصفدي
          عضو الملتقى
          • 18-05-2007
          • 35

          #5
          الزميل الفاضل على جاسم
          يسرني مرورك هنا
          ولا بد لفراعنة الزمان من أن تسحقهم خطى القادمين دعما للحقيقة يوما
          " هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
          لم يلق فى طول الطريق سوى اللصوص ،
          حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
          فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص ! " .

          نجيب سرور

          تعليق

          • د. جمال مرسي
            شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
            • 16-05-2007
            • 4938

            #6
            الصديق الشاعر الغالي شجاع الصفدي
            سعيد بوجودك بيننا يا صاحب القلم الحر النزيه
            نعم أخي الشجاع .. فرعون موجود في كل بقعة من بقاع أرضنا
            يهللون له و هو حي و يتمادون في تخليده و هو ميت .
            ربما يكون الرحيل إلى السماء مهرب من فرعون و زبانيته
            و لكن أجمل من الرحيل البقاء و المواجهة
            رحم الله امرءً قال كلمة حق في وجه كل ظالم متكبر
            بارك الله فيك
            و أعتذر في تأخري عن الرد
            و تقبل خالص الود و التقدير
            د. جمال
            sigpic

            تعليق

            • شجاع الصفدي
              عضو الملتقى
              • 18-05-2007
              • 35

              #7
              الدكتور العزيز جدا والمبدع جمال مرسي
              حقا يسرني أن نلتقي هنا من جديد ويسرني أكثر أن تشرق شمسك في صفحة الفرعون الذي يأبى أن يموت
              " هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
              لم يلق فى طول الطريق سوى اللصوص ،
              حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
              فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص ! " .

              نجيب سرور

              تعليق

              يعمل...
              X