أفرح بانتصارك قليلاً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    أفرح بانتصارك قليلاً

    أفرح قليلاً بانتصارك
    هادي زاهر

    اختلى عثمان بنفسه والألم ثالثهما : ما الذي فعلته؟ هل ما كسبته بحجم النتيجة ؟ ان ما آل إليه حالي لا يطاق ، لقد جلبت العار على ضناي ، كان علي ّ أن أفكر جيداً بأبعاد أفعالي: اففففففف، الحقيقة هي إني فكرت ولكنها الأوراق الخضراء لعنها الله ، لقد استغلوا حاجتي اليها واليوم يريدون تركي قشرة بعد أن أكلوا مني اللب !! لا..لا لن أتيح لهم ذلك ، سوف أثأر لنفسي إذا فشلت قضيتي وعليّ وعلى أعدائي يا رب ، يزفر عميقاً: لقد أوكلت بقضيتي لأفضل المحامين وأوصلتها إلى أعلى المراجع القضائية ، أصبر يا عثمان قليلاً قبل أن ترتكب الجريمة ، قد يكون النجاح حليفك ، لقد اتخذت احتياطاتي اللازمة على أكمل وجه وهي ستفاجئهم عندما أجندها كدليل قاطع من أجل أثبات حقي ، لقد تعلمت الثعلبة منهم وكان شكي ُمبرّراً .

    وشعر بحرقة في عينيه وما عساه يفعل والبنون نصف زينة حياة الدنيا. ومن سيساعد سعاد على تربيتهم ؟ إنها لا تستطيع تحمل المسؤولية لوحدها !

    وأحس باختناق يبتدأ من أنفه لينتهي في حنجرته ، أخرج منديلاً من جيبه علّه يسعفه !َ! وأستمر في مناجاة نفسه: أني لا أستطيع تخيل نظرات الازدراء التي ستلاحق الأولاد جراء ما قمت به ، سوف يعانون ويعاقبون اجتماعيا دون ذنب اقترفوه ، لقد أكلتُ حصرمي فلماذا يضرس أبنائي؟! قاتل الله الطمع . وجد نفسه يردد المثل القائل الطمع ضر ما نفع أردف في نفسه وهو يهز رأسه: هل أضحيت حكيماً بعد أن فات الأوان ؟!.

    وصل عثمان إلى المحكمة والقلق يكتنفه، لقد أتصل بالمحامي ولم يتلق أي رد : ترى هل هو الآخر يتنكر لي بعد أن دفعت له الكثير، أيمكن أن يكون قد تم إغراؤه ؟ وأخذ يشرأب بعنقه نحو مدخل بناية المحكمة يتفحص بناظرَيهِ كل داخل .

    وكان المحامي قد وصل إلى بناية المحكمةً مبكراً والدهشة تغمره: ما الذي يريده القاضي مني ؟ لماذا دعاني إلى مكتبه بهذه الساعة ؟ هل من أمر غريب يقتضي أن نتحدث به على انفراد زَمّ شفتيه : إن مثل هذا الآمر قلما يحدث ، تأفف وهو يسير وسط الممر بين القاعات والغرف حتى وصل مكتب القاضي ، طرق الباب ودخل فاستقبلته سكرتيرة القاضي وأعلمت القاضي بوصوله فدعاه والبسمة مرتسمة على وجهه ، أشار إلى الكرسي فجلس المحامي وما ان جلس حتى بادر القاضي بالحديث :

    - علينا أن نتفهم أبعاد ما نقدم عليه ، فالدولة لا تستطيع أن تتبنى كل ادعاء كهذا لان ذلك يكلفها الكثير من المال ، إضافة إلى المشكلة السُكانية التي تنجم عن ذلك .

    رد المحامي قائلاً:

    - إننا أمام إنسان ذكي جداً ، احتاطَ لأمره بحرص ولديه من أدلة دامغة ما لا يمكن التنكر لها.
    ثم شرح للقاضي المذهب الذي أنتهجه موكله لإثبات ما ذهب إليه، فرفع القاضي حاجبيه وفتح عينيه مندهشاً وقال:

    - حسناً لنرى كيف ستتطور الأمور وقف المحامي وغادر غرفة القاضي .
    رأى عثمان المحامي قادماً من الاتجاه المغاير فانفرجت أساريره، وفي داخل القاعة باشرَ المحامي مرافعته:
    - إن موكلي خاطر بحياته من أجل إنقاذ حياة الكثيرين من الأبرياء في الدولة ، وأن عودته إلى بلدته تشكل خطراً على حياته ، ثم أن الأجهزة المختصة تعهدت له بضمه إلى مواطني الدولة مع توفير كل لوازم الحياة الكريمة ، وعلى الدولة أن تفي بتعهداتها.

    ثم طلب استجواب الضابط زئيف الذي استدعته المحكمة للمثول أمامها فتقدم الضابط ، وبعد أن اقسم بأن يقول الحق، أنكر معرفته بعثمان ، أبتسم المحامي وقال لنفسه: يبدو أن الحظ اليوم سقط علينا من السماء فمن أول غزواته كسر عصاته ثم أخرج من ملفه شريطاً مصوراً وطلب عرضه فاستجاب القاضي لطلبه ، وكان الشريط عبارة عن فيلم يوثق بدقة متناهية أدعاء عثمان ، كان المنظر الأول بيت الضابط زئيف ،سأل المحامي الضابط:

    - هل هذا هو بيتك؟

    امتقع وجه الضابط وأدرك المطب الذي وقع فيه ولاذ بالصمت عل قريحته تجود عليه بمخرج
    عاود المحامي السؤال ، ولكن زئيف واصل صمته فحثه القاضي على الكلام فوجد الضابط نفسه في المصيدة وأدرك أن لا مجال للإنكار فقال وهو يهز برأسه:

    أنه..أنه بيتي .

    أخذ الضابط يتمتم بكلمات غير مسموعة وأستمر عرض الفيلم إلى أن ظهر وهو يخرج من بيته وهنا سأله لمحامي بسخرية:

    - وهل هذا الخارج من البيت هو حضرتك ؟

    صمت الضابط فحثه القاضي مجدداً على الحديث فقال:

    هذا..أنا
    وأستمر عرض الشريط من ساعة خروجه من بيته حتى ساعة لقاء عثمان وإصداره للتعليمات.
    وفي الخارج قال زئيف لعثمان عندما تصادمت عيونهما :
    لقد انتصرت هذه المرة ، ولكن لم يولد قط من ينتصر علينا ..لا بأس أفرح قليلاً بانتصارك .
    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2

    الزميل الكاتب
    هادي زاهر
    قرأت لك سابقا كما أتصورقصة عن موضوع يشله هذا
    لاأدري لست متأكده
    الخيانة
    أنا من النوع الذي لايصفح أبدا لكل من يخون بلده
    ولست أقصد هنا الناس الذين يقارعون الظلم ببلدانهم ويحاولون نشر العدل..لا
    أقصد خيانة الناس لوطنهم لصالح دولة أخرى مهما كانت هذه الدوله
    قصتك فيها جرح كبير يعاني منه الكثير
    أحسنت بالطرح
    دعنا نطرق الحديد دوما لنعالج ولو جزئيا مسألة في غايةالخطوره
    تحياتي لك سيدي الكريم
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • هادي زاهر
      أديب وكاتب
      • 30-08-2008
      • 824

      #3
      تعقيب

      أختي عائدة
      القصة هذه(أفرح قليلاً بانتصارك ) تتطرق إلى نفس موضوع قصتي السابقة ( الثمن ) ولكن من زاوية أخرى
      " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

      تعليق

      يعمل...
      X