أفرح قليلاً بانتصارك
هادي زاهر
اختلى عثمان بنفسه والألم ثالثهما : ما الذي فعلته؟ هل ما كسبته بحجم النتيجة ؟ ان ما آل إليه حالي لا يطاق ، لقد جلبت العار على ضناي ، كان علي ّ أن أفكر جيداً بأبعاد أفعالي: اففففففف، الحقيقة هي إني فكرت ولكنها الأوراق الخضراء لعنها الله ، لقد استغلوا حاجتي اليها واليوم يريدون تركي قشرة بعد أن أكلوا مني اللب !! لا..لا لن أتيح لهم ذلك ، سوف أثأر لنفسي إذا فشلت قضيتي وعليّ وعلى أعدائي يا رب ، يزفر عميقاً: لقد أوكلت بقضيتي لأفضل المحامين وأوصلتها إلى أعلى المراجع القضائية ، أصبر يا عثمان قليلاً قبل أن ترتكب الجريمة ، قد يكون النجاح حليفك ، لقد اتخذت احتياطاتي اللازمة على أكمل وجه وهي ستفاجئهم عندما أجندها كدليل قاطع من أجل أثبات حقي ، لقد تعلمت الثعلبة منهم وكان شكي ُمبرّراً .
وشعر بحرقة في عينيه وما عساه يفعل والبنون نصف زينة حياة الدنيا. ومن سيساعد سعاد على تربيتهم ؟ إنها لا تستطيع تحمل المسؤولية لوحدها !
وأحس باختناق يبتدأ من أنفه لينتهي في حنجرته ، أخرج منديلاً من جيبه علّه يسعفه !َ! وأستمر في مناجاة نفسه: أني لا أستطيع تخيل نظرات الازدراء التي ستلاحق الأولاد جراء ما قمت به ، سوف يعانون ويعاقبون اجتماعيا دون ذنب اقترفوه ، لقد أكلتُ حصرمي فلماذا يضرس أبنائي؟! قاتل الله الطمع . وجد نفسه يردد المثل القائل الطمع ضر ما نفع أردف في نفسه وهو يهز رأسه: هل أضحيت حكيماً بعد أن فات الأوان ؟!.
وصل عثمان إلى المحكمة والقلق يكتنفه، لقد أتصل بالمحامي ولم يتلق أي رد : ترى هل هو الآخر يتنكر لي بعد أن دفعت له الكثير، أيمكن أن يكون قد تم إغراؤه ؟ وأخذ يشرأب بعنقه نحو مدخل بناية المحكمة يتفحص بناظرَيهِ كل داخل .
وكان المحامي قد وصل إلى بناية المحكمةً مبكراً والدهشة تغمره: ما الذي يريده القاضي مني ؟ لماذا دعاني إلى مكتبه بهذه الساعة ؟ هل من أمر غريب يقتضي أن نتحدث به على انفراد زَمّ شفتيه : إن مثل هذا الآمر قلما يحدث ، تأفف وهو يسير وسط الممر بين القاعات والغرف حتى وصل مكتب القاضي ، طرق الباب ودخل فاستقبلته سكرتيرة القاضي وأعلمت القاضي بوصوله فدعاه والبسمة مرتسمة على وجهه ، أشار إلى الكرسي فجلس المحامي وما ان جلس حتى بادر القاضي بالحديث :
- علينا أن نتفهم أبعاد ما نقدم عليه ، فالدولة لا تستطيع أن تتبنى كل ادعاء كهذا لان ذلك يكلفها الكثير من المال ، إضافة إلى المشكلة السُكانية التي تنجم عن ذلك .
رد المحامي قائلاً:
- إننا أمام إنسان ذكي جداً ، احتاطَ لأمره بحرص ولديه من أدلة دامغة ما لا يمكن التنكر لها.
ثم شرح للقاضي المذهب الذي أنتهجه موكله لإثبات ما ذهب إليه، فرفع القاضي حاجبيه وفتح عينيه مندهشاً وقال:
- حسناً لنرى كيف ستتطور الأمور وقف المحامي وغادر غرفة القاضي .
رأى عثمان المحامي قادماً من الاتجاه المغاير فانفرجت أساريره، وفي داخل القاعة باشرَ المحامي مرافعته:
- إن موكلي خاطر بحياته من أجل إنقاذ حياة الكثيرين من الأبرياء في الدولة ، وأن عودته إلى بلدته تشكل خطراً على حياته ، ثم أن الأجهزة المختصة تعهدت له بضمه إلى مواطني الدولة مع توفير كل لوازم الحياة الكريمة ، وعلى الدولة أن تفي بتعهداتها.
ثم طلب استجواب الضابط زئيف الذي استدعته المحكمة للمثول أمامها فتقدم الضابط ، وبعد أن اقسم بأن يقول الحق، أنكر معرفته بعثمان ، أبتسم المحامي وقال لنفسه: يبدو أن الحظ اليوم سقط علينا من السماء فمن أول غزواته كسر عصاته ثم أخرج من ملفه شريطاً مصوراً وطلب عرضه فاستجاب القاضي لطلبه ، وكان الشريط عبارة عن فيلم يوثق بدقة متناهية أدعاء عثمان ، كان المنظر الأول بيت الضابط زئيف ،سأل المحامي الضابط:
- هل هذا هو بيتك؟
امتقع وجه الضابط وأدرك المطب الذي وقع فيه ولاذ بالصمت عل قريحته تجود عليه بمخرج
عاود المحامي السؤال ، ولكن زئيف واصل صمته فحثه القاضي على الكلام فوجد الضابط نفسه في المصيدة وأدرك أن لا مجال للإنكار فقال وهو يهز برأسه:
أنه..أنه بيتي .
أخذ الضابط يتمتم بكلمات غير مسموعة وأستمر عرض الفيلم إلى أن ظهر وهو يخرج من بيته وهنا سأله لمحامي بسخرية:
- وهل هذا الخارج من البيت هو حضرتك ؟
صمت الضابط فحثه القاضي مجدداً على الحديث فقال:
هذا..أنا
وأستمر عرض الشريط من ساعة خروجه من بيته حتى ساعة لقاء عثمان وإصداره للتعليمات.
وفي الخارج قال زئيف لعثمان عندما تصادمت عيونهما :
لقد انتصرت هذه المرة ، ولكن لم يولد قط من ينتصر علينا ..لا بأس أفرح قليلاً بانتصارك .
هادي زاهر
اختلى عثمان بنفسه والألم ثالثهما : ما الذي فعلته؟ هل ما كسبته بحجم النتيجة ؟ ان ما آل إليه حالي لا يطاق ، لقد جلبت العار على ضناي ، كان علي ّ أن أفكر جيداً بأبعاد أفعالي: اففففففف، الحقيقة هي إني فكرت ولكنها الأوراق الخضراء لعنها الله ، لقد استغلوا حاجتي اليها واليوم يريدون تركي قشرة بعد أن أكلوا مني اللب !! لا..لا لن أتيح لهم ذلك ، سوف أثأر لنفسي إذا فشلت قضيتي وعليّ وعلى أعدائي يا رب ، يزفر عميقاً: لقد أوكلت بقضيتي لأفضل المحامين وأوصلتها إلى أعلى المراجع القضائية ، أصبر يا عثمان قليلاً قبل أن ترتكب الجريمة ، قد يكون النجاح حليفك ، لقد اتخذت احتياطاتي اللازمة على أكمل وجه وهي ستفاجئهم عندما أجندها كدليل قاطع من أجل أثبات حقي ، لقد تعلمت الثعلبة منهم وكان شكي ُمبرّراً .
وشعر بحرقة في عينيه وما عساه يفعل والبنون نصف زينة حياة الدنيا. ومن سيساعد سعاد على تربيتهم ؟ إنها لا تستطيع تحمل المسؤولية لوحدها !
وأحس باختناق يبتدأ من أنفه لينتهي في حنجرته ، أخرج منديلاً من جيبه علّه يسعفه !َ! وأستمر في مناجاة نفسه: أني لا أستطيع تخيل نظرات الازدراء التي ستلاحق الأولاد جراء ما قمت به ، سوف يعانون ويعاقبون اجتماعيا دون ذنب اقترفوه ، لقد أكلتُ حصرمي فلماذا يضرس أبنائي؟! قاتل الله الطمع . وجد نفسه يردد المثل القائل الطمع ضر ما نفع أردف في نفسه وهو يهز رأسه: هل أضحيت حكيماً بعد أن فات الأوان ؟!.
وصل عثمان إلى المحكمة والقلق يكتنفه، لقد أتصل بالمحامي ولم يتلق أي رد : ترى هل هو الآخر يتنكر لي بعد أن دفعت له الكثير، أيمكن أن يكون قد تم إغراؤه ؟ وأخذ يشرأب بعنقه نحو مدخل بناية المحكمة يتفحص بناظرَيهِ كل داخل .
وكان المحامي قد وصل إلى بناية المحكمةً مبكراً والدهشة تغمره: ما الذي يريده القاضي مني ؟ لماذا دعاني إلى مكتبه بهذه الساعة ؟ هل من أمر غريب يقتضي أن نتحدث به على انفراد زَمّ شفتيه : إن مثل هذا الآمر قلما يحدث ، تأفف وهو يسير وسط الممر بين القاعات والغرف حتى وصل مكتب القاضي ، طرق الباب ودخل فاستقبلته سكرتيرة القاضي وأعلمت القاضي بوصوله فدعاه والبسمة مرتسمة على وجهه ، أشار إلى الكرسي فجلس المحامي وما ان جلس حتى بادر القاضي بالحديث :
- علينا أن نتفهم أبعاد ما نقدم عليه ، فالدولة لا تستطيع أن تتبنى كل ادعاء كهذا لان ذلك يكلفها الكثير من المال ، إضافة إلى المشكلة السُكانية التي تنجم عن ذلك .
رد المحامي قائلاً:
- إننا أمام إنسان ذكي جداً ، احتاطَ لأمره بحرص ولديه من أدلة دامغة ما لا يمكن التنكر لها.
ثم شرح للقاضي المذهب الذي أنتهجه موكله لإثبات ما ذهب إليه، فرفع القاضي حاجبيه وفتح عينيه مندهشاً وقال:
- حسناً لنرى كيف ستتطور الأمور وقف المحامي وغادر غرفة القاضي .
رأى عثمان المحامي قادماً من الاتجاه المغاير فانفرجت أساريره، وفي داخل القاعة باشرَ المحامي مرافعته:
- إن موكلي خاطر بحياته من أجل إنقاذ حياة الكثيرين من الأبرياء في الدولة ، وأن عودته إلى بلدته تشكل خطراً على حياته ، ثم أن الأجهزة المختصة تعهدت له بضمه إلى مواطني الدولة مع توفير كل لوازم الحياة الكريمة ، وعلى الدولة أن تفي بتعهداتها.
ثم طلب استجواب الضابط زئيف الذي استدعته المحكمة للمثول أمامها فتقدم الضابط ، وبعد أن اقسم بأن يقول الحق، أنكر معرفته بعثمان ، أبتسم المحامي وقال لنفسه: يبدو أن الحظ اليوم سقط علينا من السماء فمن أول غزواته كسر عصاته ثم أخرج من ملفه شريطاً مصوراً وطلب عرضه فاستجاب القاضي لطلبه ، وكان الشريط عبارة عن فيلم يوثق بدقة متناهية أدعاء عثمان ، كان المنظر الأول بيت الضابط زئيف ،سأل المحامي الضابط:
- هل هذا هو بيتك؟
امتقع وجه الضابط وأدرك المطب الذي وقع فيه ولاذ بالصمت عل قريحته تجود عليه بمخرج
عاود المحامي السؤال ، ولكن زئيف واصل صمته فحثه القاضي على الكلام فوجد الضابط نفسه في المصيدة وأدرك أن لا مجال للإنكار فقال وهو يهز برأسه:
أنه..أنه بيتي .
أخذ الضابط يتمتم بكلمات غير مسموعة وأستمر عرض الفيلم إلى أن ظهر وهو يخرج من بيته وهنا سأله لمحامي بسخرية:
- وهل هذا الخارج من البيت هو حضرتك ؟
صمت الضابط فحثه القاضي مجدداً على الحديث فقال:
هذا..أنا
وأستمر عرض الشريط من ساعة خروجه من بيته حتى ساعة لقاء عثمان وإصداره للتعليمات.
وفي الخارج قال زئيف لعثمان عندما تصادمت عيونهما :
لقد انتصرت هذه المرة ، ولكن لم يولد قط من ينتصر علينا ..لا بأس أفرح قليلاً بانتصارك .
تعليق