استباحة مخدع !
عندما فتح جلال (الباشا) باب غرفة النوم، و النعاس يثقل جفنيه المتعبين من السهر و طول الجلوس في غرفة المكتبة يكتب و يشطب، و أوقد النور: تسمر في مكانه و بهت و لم يصدق عينيه و طار النعاس و التعب دفعة، لقد رأى، و ما أدراك ما رأى؟ رآها مستلقية بطولها وسط السرير، رفعت رأسها و نظرت إليه بعينين ذابلتين ثم، ولم تعره أهمية، عادت لوضعيتها السالفة كأنها تقول له:" ها أنا ذي هنا و قد فعلتها على سريرك فافعل بي ما بدا لك !"
دارت في رأسه الذكريات بسرعة الناعورة، لقد رآها في الصباح عند الفطور قبل أن يذهب إلى الشغل، تجوب المنزل ذهابا و إيابا، تمشي الهوينى و بطنها المنتفخة تعيقها عن الجري و المشي بسرعة، و تذكر يوم قدومها و كيف آواها و لم يسأل عن أصلها، بل فتح لها منزله كله، تروح و تجيء بحرية تامة بلا حسيب و لا رقيب، و لم يبخل عليها بشيء، يحضر لها الغذاء المحلي و المستورد، تؤنسه في وحدته و يحدثها عن همومه وقد أتعبته انسانيته، وأحيانا يقرأ لها ما يكتبه، فهو أديب مشهور لكنه وحيد في هذه الدنيا الظالمة، و ها هي ذي تنام على سريره و قد استباحت مخدعه ترضع قُطيطاتها الثمانية ملوحة بذيلها الطويل.
البُليْدة، يوم الأحد 01/02/2009 مساء.
تعليق