ونحن نريد لأدبنا الدرامي الذى صار بحكم الواقع هو ديوان العرب الحديث فعلا، لا زمن الرواية المقروءة كما قال الدكتور جابر عصفور ، بل نحن فى زمن الرواية المشاهدة لأن لها الغلبة والحظوة والسطوة ؛ ولأن العرب لا يحبون القراءة بصفة العموم والكثير منهم أمي ، وقد فطروا وجبلوا على حب الحكي المسموع أكثر من المقروء ، وعندما صار الحكي مشاهدا أخذ ألبابهم وسحر قلوبهم حيث وجدوا ضالتهم بما يشتاقون إليه من اليسر والسهولة والتسلي والتفريج والتسرية ، ونحن نريد له أن يتسيد سواء كان روائيا أو دراميا على أن يكون مغايرا لما سبق من أدب الأقدمين الذين كتبوا وأبدعوا حسب الفطرة السليمة لبعضهم ، ولحقهم آخرون تغيرت فطرتهم بتحرر مفرط تجاوز حدود وأهداف الأدب النبيل المثبت للقلب على الطاعة ، ولم يكن لديهم علم تام كامل للقصة يكتبون على هديه ومعايير يسيرون عليها وأصول يهتدون بها ، وقوانين يتحاكمون إليها ، ومكونات يستندون عليها ، وأسس تعينهم على الصواب والحسن والتعمق ، نريد للدراما أن تكون أدبا جديدا مبنيا على علم دقيق شامل يحتويه هذا الكتاب الذى بين أيديكم وجاء فيه فصل الخطاب الذى يختلف العالم كله فيه ولم يحسمه الحسم التام منذ أرسطو حتى الآن ؛ نتيجة فقدان الدليل الحازم الذى لم ينتبه ولم يتأمل ولم يهتد إليه فلاسفة المسلمين على وجه الخصوص ، بمثل ما هداني الله إليه وهو بين أيدينا نتلوه آناء الليل وأطراف النهار ونزين به الأمكنة ونتشرف به ، أدب لا يختلف حول قواعده وأسسه وقوانينه وأصوله وأهدافه أحد ، ولا يحتار فى مقاصده الكلية ولا نهاياته المطلوبة النفعية أحد ، مستندين على علم من كلام رب العالمين منزله وقاصه على أفضل رسله ، الذى خلق الإنسان وفضله وميزه عمن خلق ، وهو جل اهتمامنا ومناط عنايتنا ومقصد عملنا وقبلة اجتهادنا ، لما نريده من صلاح وهدى كامل لمن يكتب وعلاج نافع شاف للروح لمن يكتب لهم ، مثبت للقلوب على التقوى والطاعة لله ، ملزمة هادية منيرة راشدة دالة محرضة مقننة للعقل من حريته الكاملة التى يتمتع بها التى إن تركت على حالها وعنفوانها تورده مورد المساءلة والحساب العسير من الله خالقه ومحاسبه ، ومده بعقل المخ مناط الحساب والاختيار ، وعقل فى القلب حكم لكنه يتغير وينسى ويتقلب ولذا يحتاج إلى الثبات والتذكر والعبرة ، ليظل على ثباته على الطاعة والهداية والتقوى وليكون بحق حكم على إفراز عقل المخ ملزم وهادٍ وحاكم له ، وهى من موجبات القص المتكرر المتجدد التى تعين العقل على التذكر والاتعاظ والنصح والالتزام ، وتعين القلب على القوامة والتثبيت على الصواب والإيمان والصلاح للحكم 0
إن الأدب الدرامي الذى نبتغيه تسمعه الأذن وتراه العين ويعيه القلب ويدركه العقل فهو أقوى تأثيرا ومدا ، وأشد حسما وصدقا ، وأوسع انتشارا وفعلا ، وأحسن سطوة وجذبا ، واجل هدفا وعظما ، وأكثر دويا ونفعا ، لامتلاكه أدوات التأثير القوى التى تسيطر على الآذان والأفئدة والأبصار مراكز الإدراك ، وهى أدوات الوعي أيضا لأنها تقدم ما أدركته لعقل المخ ليفعل هذه المدركات ويخرج بالعبرة المرجوة والهدف المطلوب والعظة المأمولة ، محركات مشاعره وأحاسيسه وعواطفه أجهزة الاستقبال الخارجية وأدوات الأجهزة الفاعلة الداخلية التى تتحكم فى الروح ، وتكون مكمن قوته وعلاجه وقوامه وصحته وتقدمه ورقيه وابتكاره وطاعته من تثبيت القلب ، وهداية للعقل فلابد من التوظيف السليم ، والنهج الحسن المليح ، والقوامة الراشدة الدالة الهادية المنيرة حتى تؤتى أكلها الطيب وثمارها النافعة التى تعيد الوعى وتنير البصيرة وتستنفر الطاقة وتحقق التعلم الذى ينفر منه الجميع ، وينشر المعرفة لتعين الجميع على اكتشاف دروب الحياة الصعبة لتيسرها علي غير القادرين على إدراكها لجهلهم وأميتهم وكسلهم وتواكلهم وتعالج ما فسد وما استجد من قضايا ، وتؤرخ بموجبات طباعها لزمن وقوعها غير ملتزمة بتاريخ متتابع منظم تخبر بكل ما يحدث حسب ما يقع ، فهذا ليس من شأنها بل تحمله فوق أكتافها عبئا زائدا عن حاجتها ومقتضيات وظيفتها المعالجة للنفس من أدرانها وأمراضها ومثبتة للقلب ومسرية للروح ، وبجميعهم تكون سبيلا من سبل النهضة والتقدم والوعي تعين المؤسسات الأخرى لنرتقي ونتقدم 0 ولكن الأدب الدرامي يعيبه عدم استدامة وخلود منتجه وضعف لغته ، وهى نقيصته التى نريد لها درجة كبيرة من الكمال ، أن نستعيضها ونكملها بثراء المنتج وتحكمه إلى نهج عقيدتنا الوسطية السمحة ، والتجويد والتحسين للغته بشرف التمسك ببعض الفصحى التى تتخلل العامي ، بقرآن كريم ، وحديث شريف ، وقول مأثور ، وشعر موزون ، وقول حكيم ، وعبارة فيلسوف وكثرة العرض الجديد المتغير يعوض الاستدامة والخلود0
والله الموفق لما فيه الخير والصلاح
فتحى حسان محمد
إن الأدب الدرامي الذى نبتغيه تسمعه الأذن وتراه العين ويعيه القلب ويدركه العقل فهو أقوى تأثيرا ومدا ، وأشد حسما وصدقا ، وأوسع انتشارا وفعلا ، وأحسن سطوة وجذبا ، واجل هدفا وعظما ، وأكثر دويا ونفعا ، لامتلاكه أدوات التأثير القوى التى تسيطر على الآذان والأفئدة والأبصار مراكز الإدراك ، وهى أدوات الوعي أيضا لأنها تقدم ما أدركته لعقل المخ ليفعل هذه المدركات ويخرج بالعبرة المرجوة والهدف المطلوب والعظة المأمولة ، محركات مشاعره وأحاسيسه وعواطفه أجهزة الاستقبال الخارجية وأدوات الأجهزة الفاعلة الداخلية التى تتحكم فى الروح ، وتكون مكمن قوته وعلاجه وقوامه وصحته وتقدمه ورقيه وابتكاره وطاعته من تثبيت القلب ، وهداية للعقل فلابد من التوظيف السليم ، والنهج الحسن المليح ، والقوامة الراشدة الدالة الهادية المنيرة حتى تؤتى أكلها الطيب وثمارها النافعة التى تعيد الوعى وتنير البصيرة وتستنفر الطاقة وتحقق التعلم الذى ينفر منه الجميع ، وينشر المعرفة لتعين الجميع على اكتشاف دروب الحياة الصعبة لتيسرها علي غير القادرين على إدراكها لجهلهم وأميتهم وكسلهم وتواكلهم وتعالج ما فسد وما استجد من قضايا ، وتؤرخ بموجبات طباعها لزمن وقوعها غير ملتزمة بتاريخ متتابع منظم تخبر بكل ما يحدث حسب ما يقع ، فهذا ليس من شأنها بل تحمله فوق أكتافها عبئا زائدا عن حاجتها ومقتضيات وظيفتها المعالجة للنفس من أدرانها وأمراضها ومثبتة للقلب ومسرية للروح ، وبجميعهم تكون سبيلا من سبل النهضة والتقدم والوعي تعين المؤسسات الأخرى لنرتقي ونتقدم 0 ولكن الأدب الدرامي يعيبه عدم استدامة وخلود منتجه وضعف لغته ، وهى نقيصته التى نريد لها درجة كبيرة من الكمال ، أن نستعيضها ونكملها بثراء المنتج وتحكمه إلى نهج عقيدتنا الوسطية السمحة ، والتجويد والتحسين للغته بشرف التمسك ببعض الفصحى التى تتخلل العامي ، بقرآن كريم ، وحديث شريف ، وقول مأثور ، وشعر موزون ، وقول حكيم ، وعبارة فيلسوف وكثرة العرض الجديد المتغير يعوض الاستدامة والخلود0
تعريف القصة الفعلية الدرامية المشاهدة
هوعمل فعلى جاد عظيم تام مشاهد من مجموعة من الناس ، لفعل حقيقى يرى رؤيا العين وسمع الأذن بأدوات من مشاعر وأحاسيس وعواطف وغرائز وفطرة تربط بين القائم بالفعل والمشاهد له ، سواء كانت المشاهدة مباشرة ( مسرحا ) أو غير مباشرة ( سينما وتليفزيون ) والفعل يقوم به شخص عظيم ونبيل ، يعمل عملا بديعا طيبا مؤثرا مشوقا مثيرا مقنعا ، أو مرعبا مفزعا مخيفا ، له حاجة جليلة عظيمة يريد الحصول عليها ، وهدف سام كبير يريد تحقيقه ، ويحدده من البداية ، بفكر من عقيدة سماوية رفيعة، وبلغة بديعة ، ويكشف عن فكرة رائعة من فساد وضلال وانحراف فى أحوال الناس ودنياهم ؛ ليعالجها ويحذر منها ويوضحها ، ويرغب إلى خير وإيمان وصلاح ، ليغير حال الناس من الشقاء إلى السعادة ، ومن الفساد إلى الصلاح 0 وبما أن الشيطان للإنسان عدو مبين ؛ فإنه لابد أن يواجهه نوع من الصراع ، إن لم يكن من الشيطان فإنه من أعوانه من الإنس ، ومن آخرين لهم حاجاتهم وأهدافهم ورسالتهم الوضيعة من فكر مضلل فاسد ، من الممكن أن يوقع به أو يعطله عن طريقه ويضع أمامه العراقيل والعقد التى تصعب عليه عمله0 فيكذبونه ويضطهدونه ويتصادمون معه ، و يقفون له بالمرصاد ويحاربونه بكل أنواع الحيل ، ويصمم على توصيل رسالته والحصول على حاجته ، وتحقيق هدفه ، فيلجأ إلى التحذير والتنبيه بترهيب وترغيب ، ولكنه يلقى المواجهة والمصارعة القوية ، وهو يواجههم بقوة وبسالة 0 ويحاول تلمس طريقه الذى لا يحيد عنه ، ويمتحن فى قوته وإيمانه وتمسكه بفكرته وهدفه فيختبر ويكون الابتلاء عظيما ، فيوقعون به فعلا و يجبرونه على تغيير مسار خط سيره الصحيح الذي حدده من البداية إلى اتجاه آخر مرغم عليه0 وبصبره وعزيمته وإيمانه واحتماله يحاول أن ينجح فى دحر الابتلاء0 ويواصل طريقه بقوة فيقفون له بالمرصاد ويهددون حياته بالقتل , فنخاف عليه ويسدون أمامه كل الطرق ويحاربونه بكل الأدوات والوسائل فى نفسه وشخصه ، أو فى عرضه وشرفه ، وأقرب الناس إليه - فنشفق عليه - ليمنعوه حاجته ويقضون على هدفه ، وتتأزم أمامه الحلول ، ويصعب أمامه الطرق إلى أعقد وأصعب درجة ، تجعله لا يعرف لها مخرجا ولا حلا ويغيم الطريق أمامه ، أو يتسرع ولا يحسب حساباته جيدا ، أو يأخذ برأي بطانته أو معارفه أو أصدقائه ، فيأتي بزلة غير مقصودة منه ، أو تكون من واحد من المقربين له ، لا بنية سيئة ولا بمعصية سواء منه أو من المقربين ، بل لحرصه على حاجته وتحقيق هدفه ، فتحيق به معاناة شديدة وآلام عظيمة يرزح تحت وطأتها فترة من الزمن - فنعطف عليه ونأسى له - وهو يحاول أن يتجاوز هذه الزلة ويتوب إلى الله ويستغفره ، ولكنهم يشددون عليه الحصار ويسدون أمامه كل الطرق0 ويوقعون به ويضعونه فى أزمة أخرى أشد وأقوى ، ويحاول التغلب عليها والخروج منها منتصرا فينازعهم وينازلهم ويحاول دفع الأذى عن نفسه ولكن بدون فائدة ولا جدوى ، ويُحكمون عليه الحصار ويسدون أمامه كل الطرق ، فتتعقد أمامه كل الحلول وتكون العقدة فيجد أمامه عقبة كبرى مستحكمة ما لها من قرار ولا حل ، يحاول التغلب عليها والخروج منها ، فيستعمل كل أدواته وما يملك من علم وخبرة وحيلة ودهاء ومكر، يحاول التغلب عليها ، ويرفع عن نفسه الآلام والمعاناة ، ويسبر أغوار تلك العقدة فلا يستطيع سبر أغوارها بمفرده ، فيلجأ إلى الله ويتضرع ويتذلل له ويرجع الفضل إليه الذي بيده كل شىء - فنشاركه حيرته ونتضرع لله له ، ويذكر الأنبياء – فنصلى عليهم - فيستجيب الله له وتحدث الانفراجة يفرج عنه ويهيئ له الأسباب ، التى تسوق له قبسا من انفراجة ، بفعل مبهر يقع فجأة بعيدا عنه يكون له دخل و أمل فيه – فنستبشر خيرا- فيستغله ؛ لأن حله يتوقف على مشاركته ، فلا يتقاعس ويبذل كل ما فى وسعه وينجح ، ويذكر الأنبياء – فنصلى عليهم - ويكون سببا يعود به إلى تلمس خط سيره الصحيح ، فيبدأ يجابه ويحاول التغلب على الصعاب ويفك خيوط العقدة ، ويسبر الكثير من أغوارها ويحصل على حاجته ، وييسر الله له بتعرف على شخص أو شخوص يعاونونه جل المعاونة ، فيحقق هدفه ، ويقر رأيا صالحا عاما فنتعظ منه ونتعلم ، ويبين حقيقة عامة ، وتكون النهاية كذلك سعيدة فتفرحنا 0والله الموفق لما فيه الخير والصلاح
فتحى حسان محمد
تعليق