احتراق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    احتراق

    احتراق
    تشاغبه مدن بعيدة ، فيسرع صوب النهر ، يتجاذب و إياه حديثا طويلا ، وحين لا يجد منه جوابا ، يخلع نفسه من ثيابه ، يخوض فى عالمه ، يبصر الشمس بين كفيه ، فيحتضنها كعاشق ، و يتغنى ، وهى تضحك على كفيه ، فتكشف له مدنا جديدة للسحر ، يقرأ نارها ،حبيبات روعتها تسيل ، خيطا خيطا تلفلف نفسها ، تدميه اندهاشا ، وهى تستحم معه ، وتنثنى بين ذراعيه ، فتأخذه رجفة ، ويبحر بها بعيدا ، صوب الأعماق !!
    حين كشر الملك ، و أشتعل غضبه ، نهشت أظافره أكباد معارضيه .. و الذين فتكت بعقولهم آفة الحفر فى محاجر المجهول . كوت غلظته قلوبهم على ذويهم .. كان يختفي و ابنه في كهف سحيق ، اختبأ فيه طويلا ، تأتيه أخبار متفرقات ، عن غزوات الملك التي لا تنفض ، و لم تهدأ سورة غضبه إلى الآن ، بينما الولد يختنق ، يموت شغفا لمحبوبته ، فيخاتل أباه ، ويصعد خلسة ، ليكون معها ، يبثها لواعجه ، وشجونه ، فتكشف له جديدا ، وتعرى بقاع الأرض من حوله ، ثم يتسلل و الحمى تنهض فاتكة برأسه .
    لم يكن يقين يسكنه ، بنجاته وولده ، فكان يعد عدته ؛ ليعبر المفازة ، و يكون خارج دائرة الموت .. فكر كثيرا .. فكر حتى ما عاد في رأسه شيء يصلح ، ليس إلا أزيز لدبابير ، تنهك تماسكه ، وتصليه حيرة و ارتباكا .
    جاءته حين كان يهدهد ولده ، و يزرع شتلات أمل في روحه المحلقة ، في ارتحالها العميق ؛ حين دندن ، و النعاس يداعب أحلامه :" بي رغبة للتحليق .. للارتفاع إلى ما لا حدود يا ابتى ؛ لأصبح هناك فى سديم هذا الكون مع النجوم ، و لن أكتفي ، بل أكون أبعد و أبعد .. يجذبني غرام عجيب إلى كشف أسرار لا أعرفها .. أكاد ألمحها ، و لا أمسكها بيدي".. وأغلق دون انتظار لسماع رد والده ، هام في لجة غرامه !
    لم ينم الأب ؛ حيث أشرقت المعاني ، وتجلت الحاجة ، نور لم يتوقعه ، ومن فوره كان خارج الكهف ، يلاحق رياش النسور ، و الجوارح ، و قفل عائدا فى جبين الفجر ، يحمل فوق رأسه خمرا لليلته ، كان حملا ضخما من الريش ، ملأ صدر الكهف ، و غطى قامته !
    شيء محير ، فى الحبال يفكر ، و الحبال صعبة ، و ليست مجدية ، أيضا غير متوفرة ، جدائل شجر الصفصاف و السرو والليف ، سوف تحدث ثقلا ، و الأمر لا يحتمل .. ما العمل إذا ؟!
    يكاد يخبط جمجمته فى نتوءات الحائط الصخري ، و أيضا أتت .. نعم أتت كوحى أوحى إليه ، رقص رقصا عجيبا ، وحده رقص بين كومة الريش ، فحمل حربته ، و تسلل ثانية ، و عاد تسبقه آنات ولهاث عال ، و كان على رأس الكومة يحمل غزالا .. وشع العقل حد الجنون !
    أخيرا حلقا ، بعيدا كطائرين من عالم لا يمت لهذه البسيطة ، عبرا أراضٍ ، ومساكن ، وغابات ، وبحار ، حتى كانا بعيدين .. بعيدين عن قبضة الغضب ، فنادى ولده :"هيا نحتضن أرضنا الجديدة ".
    كانت مفاجأة ، لم تخطر بباله ، وقت سمع رفضه ، و أطلق العنان لارتفاعه ، بينما الأب يصرخ فيه ، بله بكى استعطافا ، عله يحن ، لكن الولد لم يسمع له ،و أشرق في صدره شيء خارق ، لم يدر كنهه ، وظل يرتفع .. يرتفع ، غير مدرك ، أنه فى رحلة الصعود يلزمه الكثير ؛ يلزمه إلى جانب عشقها وعشقه لها!
    احتضنته الشمس ، و في حضنها السخن ، العنيف لهذا المعشوق ، أطارت ريش الجناحين ، فهوى كأوراق خريفية ، بينا تتخلى عن عناقها ، تلتقط أنفاسها لمعاودة الالتصاق به ، إلا أن العاشق تفلت منها .. تهاوى ، وهو يفتح لها جناحيه ، ويصرخ فيها :" أين ما وعدت به .. خنت عهدا بيننا ؟! ".
    بكت الشمس ، دارت :" لم تكن على قدر جنوني ؛ فاذهب .. أشعلتني ؛و أنت أضعف من أن تتحمل احتراقي بك !! " .
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 24-02-2009, 14:26.
    sigpic
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2

    الزميل الرائع
    القدير ربيع عقب الباب
    حين تعشق
    تتحرر
    وحين تعشق الحرية تسكنك تلك الحمى
    تشعل جسدك بنارها
    يتلظى الجسد
    لكن الحرية تسطع كالشمس
    وتحرق الأرواح
    رائع أنت دوما
    تحياتي لك
    هلا وغلا مليون مرة
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      كنت نسيت هذا النص .. لا أدرى كيف .. و لكن هكذا كان الأمر
      رغم أنك مداخلتك لا تنسى سيدتى
      أشكرك لكل ما جاء هنا بشأن هذا الاحتراق !!

      تحيتى و تقديرى
      sigpic

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #4
        نعم سيدى الاحتراق هو سيد الحالة .. و العشق لا جزاء له سوى الاحتراق ..و جزء لا يتجزأ منه منذ لحظة المكابدة من أجله و حتى لحظة التحقق و التحرر له !!
        لا نستطيع الوصول لكل الأهداف , و أيضا كل المُحبات لسن شمساً محرقة ؛ فأحيانا تكون نهرا طرياً عباً ..
        و أحيناً سماء و آفاق تنشق من أجلها الأجنحة و تفتل الأحبال و تتلاضم الرياش .
        الحب طاقات يجب أن تبذل من أجلها العافيات , فلن يعشق إلا ذو قوة و صلابة لأن المعشوقة و الحبيبة حتماً سترفض من لم يتحمل ..
        هن هكذا سيدى .. يعشق و يكرهن فى وضمة و ضمة جناح .. وأحيانا منذ الإنطلاقة الأولى للتمكن .. !!
        لغة شاعرية بها موسيقى هادئة تحرق وجد الكلمات و تطربنا عشقاً .. دائماً جميلاُ ربيعي حتى فى احتراقك و عشقك !!
        تحياتى و احتراقى لسطورك .. أرشحها للقصة الذهبية
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          يبصر الشمس بين كفيه ، فيحتضنها كعاشق ، و يتغنى ، وهى تضحك على كفيه ، فتكشف له مدنا جديدة للسحر ، يقرأ نارها ،حبيبات روعتها تسيل ، خيطا خيطا تلفلف نفسها ، تدميه اندهاشا ، وهى تستحم معه ، وتنثنى بين ذراعيه ، فتأخذه رجفة ، ويبحر بها بعيدا ، صوب الأعماق ...

          فتكشف له جديدا ، وتعرى بقاع الأرض من حوله ،

          يزرع شتلات أمل في روحه المحلقة


          بكت الشمس ، دارت :" لم تكن على قدر جنوني ؛ فاذهب .. أشعلتني ؛و أنت أضعف من أن تتحمل احتراقي بك !! " .

          .....

          أي صور هذه يا سيدي ..
          نقف أمامها مبهورين ، تقطعي الأنفس ، نحاول لم شتات أنفسنا لكي نفهم الصورة كاملة ، والمعنى بكل أبعاده ، وليتنا نفعل ..
          حين تقف في حضرة نص عملاق لكاتب في حجم ربيع عقب الباب
          عليك أن تعيد القراءة مرتين ..
          قبل أن تضع رداً ..

          تمتعت بهذا الكم من الصور المدهشة في هذا النص الفريد ..

          دمت لنا أستاذاً ..
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          • مجدي السماك
            أديب وقاص
            • 23-10-2007
            • 600

            #6
            الرائع ربيع عقب الباب

            تحياتي ايها المبدع
            نص جميل نقلني الى عالمك المدهش..نص مدهش..بصورة..ولغته المستحيلة..
            رائعة جديدة اسعدتني هذه الليلة..قرأتها مرة ثانية..لانني في الصباح قرأتها ولم استطع التعليق لانقطاع النت فجأة.
            مودتي
            عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مجدي السماك مشاهدة المشاركة
              تحياتي ايها المبدع
              نص جميل نقلني الى عالمك المدهش..نص مدهش..بصورة..ولغته المستحيلة..
              رائعة جديدة اسعدتني هذه الليلة..قرأتها مرة ثانية..لانني في الصباح قرأتها ولم استطع التعليق لانقطاع النت فجأة.
              مودتي
              ليسمح لى الأخوة بالتعقيب على الأستاذ مجدى متجاوزا ، و سوف أعود إليكم أحبائى
              أستاذى الغالى ، فى أثناء مرورى هنا فى الصفحات المطوية أبصرت مواضيع كثيرة لحضرتكم ، و عليها تعليقات كثيرة ، و مع ذلك ظلت بلا تعقيب ، أرجوك أخى ، عقب على مداخلات الزملاء ، و حتى تأهخذ الأعمال حقها فى القراءة و المتابعة !!
              لا حرمنى الله منك مجدى أخا و صديقا جميلا

              محبتى
              sigpic

              تعليق

              • سمية البوغافرية
                أديب وكاتب
                • 26-12-2007
                • 652

                #8
                الأستاذ ربيع عقب الباب
                تحية أبداعية عطرة
                أحييك سيدي على هذا النص الآسر..نسجته ببراعة تحسد عليها..
                عنصر التشويق كان فيه قوي جدا..

                انحناءة كبيرة للغتك الشعرية الجميلة ولدلالة هذا الكنز الجميل
                إعجابي وتقديري

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                  نعم سيدى الاحتراق هو سيد الحالة .. و العشق لا جزاء له سوى الاحتراق ..و جزء لا يتجزأ منه منذ لحظة المكابدة من أجله و حتى لحظة التحقق و التحرر له !!
                  لا نستطيع الوصول لكل الأهداف , و أيضا كل المُحبات لسن شمساً محرقة ؛ فأحيانا تكون نهرا طرياً عباً ..
                  و أحيناً سماء و آفاق تنشق من أجلها الأجنحة و تفتل الأحبال و تتلاضم الرياش .
                  الحب طاقات يجب أن تبذل من أجلها العافيات , فلن يعشق إلا ذو قوة و صلابة لأن المعشوقة و الحبيبة حتماً سترفض من لم يتحمل ..
                  هن هكذا سيدى .. يعشق و يكرهن فى وضمة و ضمة جناح .. وأحيانا منذ الإنطلاقة الأولى للتمكن .. !!
                  لغة شاعرية بها موسيقى هادئة تحرق وجد الكلمات و تطربنا عشقاً .. دائماً جميلاُ ربيعي حتى فى احتراقك و عشقك !!
                  تحياتى و احتراقى لسطورك .. أرشحها للقصة الذهبية
                  محمد سلطان
                  أشكرك صديقى على ما نثرت هنا
                  أسعدنى حديثك كثيرا

                  تحيتى وتقديرى
                  sigpic

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
                    يبصر الشمس بين كفيه ، فيحتضنها كعاشق ، و يتغنى ، وهى تضحك على كفيه ، فتكشف له مدنا جديدة للسحر ، يقرأ نارها ،حبيبات روعتها تسيل ، خيطا خيطا تلفلف نفسها ، تدميه اندهاشا ، وهى تستحم معه ، وتنثنى بين ذراعيه ، فتأخذه رجفة ، ويبحر بها بعيدا ، صوب الأعماق ...

                    فتكشف له جديدا ، وتعرى بقاع الأرض من حوله ،

                    يزرع شتلات أمل في روحه المحلقة


                    بكت الشمس ، دارت :" لم تكن على قدر جنوني ؛ فاذهب .. أشعلتني ؛و أنت أضعف من أن تتحمل احتراقي بك !! " .

                    .....

                    أي صور هذه يا سيدي ..
                    نقف أمامها مبهورين ، تقطعي الأنفس ، نحاول لم شتات أنفسنا لكي نفهم الصورة كاملة ، والمعنى بكل أبعاده ، وليتنا نفعل ..
                    حين تقف في حضرة نص عملاق لكاتب في حجم ربيع عقب الباب
                    عليك أن تعيد القراءة مرتين ..
                    قبل أن تضع رداً ..

                    تمتعت بهذا الكم من الصور المدهشة في هذا النص الفريد ..

                    دمت لنا أستاذاً ..
                    شكرا لك صديقى النبيل أحمد عيسى على كريم ما تفضلت به
                    ونثرته هنا تحليلا للنص أعتز به

                    تحيتى وتقديرى
                    sigpic

                    تعليق

                    • ربيع عقب الباب
                      مستشار أدبي
                      طائر النورس
                      • 29-07-2008
                      • 25792

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
                      الأستاذ ربيع عقب الباب
                      تحية أبداعية عطرة
                      أحييك سيدي على هذا النص الآسر..نسجته ببراعة تحسد عليها..
                      عنصر التشويق كان فيه قوي جدا..

                      انحناءة كبيرة للغتك الشعرية الجميلة ولدلالة هذا الكنز الجميل
                      إعجابي وتقديري

                      سلمت أستاذتنا النبيلة
                      بل أنا سيدتى تلميذ فى مدرسة عطائكم ،
                      و إبداعكم الجميل

                      سررت بحديثك كثيرا
                      تحيتى و تقديرى
                      sigpic

                      تعليق

                      • ريمه الخاني
                        مستشار أدبي
                        • 16-05-2007
                        • 4807

                        #12
                        قصة محبوكة بعناية وفكرة لماعة بريقها أخاذ رغم رمزية النص العميقة
                        تحيتي وتقديري لقلم رائع معطاء

                        تعليق

                        • ربيع عقب الباب
                          مستشار أدبي
                          طائر النورس
                          • 29-07-2008
                          • 25792

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
                          قصة محبوكة بعناية وفكرة لماعة بريقها أخاذ رغم رمزية النص العميقة
                          تحيتي وتقديري لقلم رائع معطاء
                          أستاذة ريمه الخاني
                          شكرا لقراءتك و رأيك و ذائقتك
                          لا تحرمينا من طلتك علينا بجديدك

                          منكم نستمد العون و حميمية التواجد

                          احترامي و تقديرى
                          sigpic

                          تعليق

                          • م. زياد صيدم
                            كاتب وقاص
                            • 16-05-2007
                            • 3505

                            #14
                            ** الاديب المتميز ربيع المنبر.......

                            لم يكن على قدر حبها الذى اتقد نارا احرق جناحيه ..ويريد وضع اللوم عليها ؟؟!!.. يبدو انه لم يعتد الحرية والتحليق بين النجوم وفضاءات العشق!!

                            تحايا عبقة بالزعتر...................
                            أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
                            http://zsaidam.maktoobblog.com

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #15
                              الأستاذ الغالي: ربيع:
                              أضمّ صوتي للأخ الغالي زياد..
                              كان عليه أن يخوض غمار الشمس..ليكتشف عالمها..
                              هكذا أراد..فخسرها..
                              قبل أن ندخل عالم قصصك ربيع الملتقى:
                              علينا أن نجول المحيطات ، والكهوف ، والروابي.وقمم الجبال..
                              ونتلفّح برداء الشمس، ونؤدّي طقوساً نسكيّة في عالم الروح..
                              ثمّ نعود إلى سطورك لنفكّ رموزها..
                              هذا النص تحفة فنيّة لا تزول..
                              دُمتَ بسعادةٍ..أستاذي..تحيّاتي..

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              يعمل...
                              X