[align=center]صرخة أسير! [/align]
[align=center]شعر: محمود الحليبي[/align]
[align=center]في زنازين طغاة العالم آلاف من المسلمين يعيشون ما لانتصوره من جور وذل وعذاب !
فإلى ذلك الأسير المسلم فرج الله عنه وفك أسره !
إليه أرسلت قلبي لأسمعه من خلف كل المسافات يقول :[/align]
الليلُ والجلادُ والبردُ العنيدُ ولا دِثارْ
والرعبُ يلهث في العروقِ بلا حدودٍ أو منار
ويظلُّ يجْرَعُه الوريدُ دمًا ونار
والهيكلُ المصلوبُ في صدرِ الجدار
والساعدُ المقهورُ يأكلهُ الحديدُ ، ولا فِرار
أوَّاهُ تمضغني القيودْ
صَدَأُ السلاسلِ باتَ يحفرُ تحت أنقاضِ الجلود
أوَّاهُ تقهرني السلاسلُ والقيود
أوّاهُ من ليلٍ يطولُ ولا نهار !!
**************
زنزانتي
جُدرانُها غَرِقتْ بأمواجِ الظلام
أهذي أقول : الضوءُ لاح ؟
الضوءُ ماتَ بها وعشَّش في حناياها السوادْ !
والشمسُ قلبُ متيَّمٍ مَلَّ الصُّدود
كَلَّتْ سواعدُها المضيئةُ من مصارعةِ السُّدود
شُبّاكها المردومُ ثغرٌ كمَّمته يدُ القَتام
وعلى خُصاصةِ بابِها شُنِقَتْ مواعيدُ الصباح
ربَّاهُ جُدْ ليَ حيثُ لا شيءٌ حِياليَ قد يجود
عيني مقرحةٌ تعيثُ بها زبانيةُ السُّهاد
تشتاقُ لحنَ النُّور تعزفهُ نواعيرُ الصباح
سَئِمتْ مواويلَ الحِداد
عينايَ لم ترَيا سوى الجسدِ المفجَّعِ بالجراح
مضغتهُ أنيابُ اللِّئام
مِزَقًا من اللحم المُسجَّى فوقَ شِلْوٍٍ مستباح
هذا دمي حولي تدوسُ شذَاه أحذيةُ الجنود
وذراعُ جلادي ارتوتْ جلدًا وما شبعتْ عِناد
لم تدْرِ أنيَ قد غدوتُ حكايةً منسيةً
شُلَّ النضالُ بها ، وجَفَّ دمُ الكفاح
يا سوطَ جلاَّدي اتئدْ
أنا لم أعُدْ نارًا ، ولكني رماد !
يا أيها الجلادُ حسبُكَ لم أعدْ
جسدًا ولكني بقايا من رُفات
أنا لم أعُدْ جسدًا تغرِّدُ في حناياهُ الحياةْ
أنا ثغرُ حزنٍ أحرقتْ شفتيهِ ألسنةُ النُّواح
أنا غصنُ عِزٍّ حطمتهُ يدُ الرياح
وضحيةُ النوم المخيِّم فوق أدمغة الأُسود
مذ نُكِّستْ بالذلِّ راياتُ الجدود !
مذ أمستِ الأعرابُ حَبًّا في طواحين البغاةْ
مذ خَلَّفتها خِرْبةً تقتاتُها نارُ الشتاتْ
سوسٌ يعربدُ في مراتعها ودود !
مذ أَحرقتْ ( تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ ...)
على مدافئِها القُساةْ
مذ عفَّرتْ أنفَ الخلافة في مدافنها العُداةْ
مذ أصبحَ الكرسيُّ في زمن التنصُّل والتزلّف والفساد
وثنًا لعبَّاد الطغاةْ !
مُذْ حاصرتْ رسلُ السياسةِ نبضَ آياتِ الجهاد
مُذ جُرجرتْ قدماي نحوكَ كي أُبادْ
أدركتُ أنيَ لقمةٌ ستسوغُ في حلق الثعالبِ والقرود
أدركتُ أنيَ لم أعدْ حُرًّا كما قد كنتُ في تلك العهود
أدركتُ أنيَ لمْ أعُدْ شيئًا
وأنيَ مسلمٌ خارتْ قُواهُ ، وهانَ في سوق الكساد !!
يا قلبَ جلادي ، وما قلبٌ سواكَ هنا يُراد
جمدتْ قلوبُ المسلمينَ ، ولم يعد حولي سواك
أموالُهمْ زحفتْ تسمّن صِبْيتي لوحوش أوديةِ القتاد
وأنا تعربدُ حول أجنحتي الشِّباك
أشدو بأغنيتي الحزينةِ فوق جدرانِ الهلاك
يا قلبَ جلادي وما قلبٌ سواكَ هنا يُثار
أفنتْ مصالحُنا مشاعرَنا فأمسينا كؤوسًا في يَدِ الأعْدَا تُدار
لو أنَّ فأرًا مّا تطاولَ نطَّ من حولِ الجدار
لغدت قضيتَنا صغارًا أو كبار
خرَقَ الحدود !!
رُفع الستار :
والثأرُ بين أخٍ وجار
والُثأر في حربِ الأقاربِ ألفُ ثار
لو أنَّ ذئبَ عدوِّنا ـ أخطأتُ ذئب صديقنا ! ـ هدمَ الجدار
قتلَ الكبار
نهش النساءَ الغافلاتِ ومزَّقتْ أظفارُه طُهرَ الخِمار
سرقَ الطفولةَ من يُديَّاتِ الصِّغار
لغدا التسلُّحُ حينذاك محرَّمًا ، وغدا السلامُ هو الشعار !!!
*****
يا قلبَ جلادي ترفقْ لو دقائقَ بل ثوان
دعني أخاطبْ فيكَ مملكةَ الأمان
أرنو إلى كفيكَ كفَّيْ رأفةٍ
ما فيهما سوطٌ ترنَّحَ أو قيود
عينيكَ عينيْ رحمةٍ
ما فيهما شرَرٌ توقَّد بالحقود
إني أراكَ كما يريدُ القلبُ منيَ أن يراك
قلبًا تدفق فيه نهرٌ من حنان
واقرأْ هوانيَ علَّ قلبك لا تهونُ عليه لوحاتُ الهوان
فعساكَ تسمعني وترحمني عساك
خذ شعرَ رأسيَ أيها الجلاَّدُ وانفض فوق قلبِكَ منه أكداسَ الغبار
فعساكَ تطفئُ ما بصدركَ من أُوار
ولعلَّ قلبكَ أن يجود
خُذْ ما بدا لكَ من حياتيَ غيرَ حلمٍ صارَ نخلاً
كنت أسقيه دمَ الإصرارِ من عِرْق الوعُود
خذ ما بدا لكَ غيرَ ساعاتِ انتظار
أيامَ كان الحلمُ باخرتي وساعاتي بحار
أيامَ أقطعُ فوقَ راحلتي القفار
السهلُ يركضُ بي تُدحرجني النُّجود
أسري وأحدو ثم أحدو علَّني
أرتاد خاتمةَ المسار
خذ كلَّ شيءٍ غير شيءٍ من صُمود !!
فلربما يأتي القطار
ولربما عادَ الجُدود
ولربما وفتِ الوعُود
إن الذي خلق الظلامَ ثقيلةً ساعتُهُ
خلقَ النهار !!
[align=center]شعر: محمود الحليبي[/align]
[align=center]في زنازين طغاة العالم آلاف من المسلمين يعيشون ما لانتصوره من جور وذل وعذاب !
فإلى ذلك الأسير المسلم فرج الله عنه وفك أسره !
إليه أرسلت قلبي لأسمعه من خلف كل المسافات يقول :[/align]
الليلُ والجلادُ والبردُ العنيدُ ولا دِثارْ
والرعبُ يلهث في العروقِ بلا حدودٍ أو منار
ويظلُّ يجْرَعُه الوريدُ دمًا ونار
والهيكلُ المصلوبُ في صدرِ الجدار
والساعدُ المقهورُ يأكلهُ الحديدُ ، ولا فِرار
أوَّاهُ تمضغني القيودْ
صَدَأُ السلاسلِ باتَ يحفرُ تحت أنقاضِ الجلود
أوَّاهُ تقهرني السلاسلُ والقيود
أوّاهُ من ليلٍ يطولُ ولا نهار !!
**************
زنزانتي
جُدرانُها غَرِقتْ بأمواجِ الظلام
أهذي أقول : الضوءُ لاح ؟
الضوءُ ماتَ بها وعشَّش في حناياها السوادْ !
والشمسُ قلبُ متيَّمٍ مَلَّ الصُّدود
كَلَّتْ سواعدُها المضيئةُ من مصارعةِ السُّدود
شُبّاكها المردومُ ثغرٌ كمَّمته يدُ القَتام
وعلى خُصاصةِ بابِها شُنِقَتْ مواعيدُ الصباح
ربَّاهُ جُدْ ليَ حيثُ لا شيءٌ حِياليَ قد يجود
عيني مقرحةٌ تعيثُ بها زبانيةُ السُّهاد
تشتاقُ لحنَ النُّور تعزفهُ نواعيرُ الصباح
سَئِمتْ مواويلَ الحِداد
عينايَ لم ترَيا سوى الجسدِ المفجَّعِ بالجراح
مضغتهُ أنيابُ اللِّئام
مِزَقًا من اللحم المُسجَّى فوقَ شِلْوٍٍ مستباح
هذا دمي حولي تدوسُ شذَاه أحذيةُ الجنود
وذراعُ جلادي ارتوتْ جلدًا وما شبعتْ عِناد
لم تدْرِ أنيَ قد غدوتُ حكايةً منسيةً
شُلَّ النضالُ بها ، وجَفَّ دمُ الكفاح
يا سوطَ جلاَّدي اتئدْ
أنا لم أعُدْ نارًا ، ولكني رماد !
يا أيها الجلادُ حسبُكَ لم أعدْ
جسدًا ولكني بقايا من رُفات
أنا لم أعُدْ جسدًا تغرِّدُ في حناياهُ الحياةْ
أنا ثغرُ حزنٍ أحرقتْ شفتيهِ ألسنةُ النُّواح
أنا غصنُ عِزٍّ حطمتهُ يدُ الرياح
وضحيةُ النوم المخيِّم فوق أدمغة الأُسود
مذ نُكِّستْ بالذلِّ راياتُ الجدود !
مذ أمستِ الأعرابُ حَبًّا في طواحين البغاةْ
مذ خَلَّفتها خِرْبةً تقتاتُها نارُ الشتاتْ
سوسٌ يعربدُ في مراتعها ودود !
مذ أَحرقتْ ( تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ ...)
على مدافئِها القُساةْ
مذ عفَّرتْ أنفَ الخلافة في مدافنها العُداةْ
مذ أصبحَ الكرسيُّ في زمن التنصُّل والتزلّف والفساد
وثنًا لعبَّاد الطغاةْ !
مُذْ حاصرتْ رسلُ السياسةِ نبضَ آياتِ الجهاد
مُذ جُرجرتْ قدماي نحوكَ كي أُبادْ
أدركتُ أنيَ لقمةٌ ستسوغُ في حلق الثعالبِ والقرود
أدركتُ أنيَ لم أعدْ حُرًّا كما قد كنتُ في تلك العهود
أدركتُ أنيَ لمْ أعُدْ شيئًا
وأنيَ مسلمٌ خارتْ قُواهُ ، وهانَ في سوق الكساد !!
يا قلبَ جلادي ، وما قلبٌ سواكَ هنا يُراد
جمدتْ قلوبُ المسلمينَ ، ولم يعد حولي سواك
أموالُهمْ زحفتْ تسمّن صِبْيتي لوحوش أوديةِ القتاد
وأنا تعربدُ حول أجنحتي الشِّباك
أشدو بأغنيتي الحزينةِ فوق جدرانِ الهلاك
يا قلبَ جلادي وما قلبٌ سواكَ هنا يُثار
أفنتْ مصالحُنا مشاعرَنا فأمسينا كؤوسًا في يَدِ الأعْدَا تُدار
لو أنَّ فأرًا مّا تطاولَ نطَّ من حولِ الجدار
لغدت قضيتَنا صغارًا أو كبار
خرَقَ الحدود !!
رُفع الستار :
والثأرُ بين أخٍ وجار
والُثأر في حربِ الأقاربِ ألفُ ثار
لو أنَّ ذئبَ عدوِّنا ـ أخطأتُ ذئب صديقنا ! ـ هدمَ الجدار
قتلَ الكبار
نهش النساءَ الغافلاتِ ومزَّقتْ أظفارُه طُهرَ الخِمار
سرقَ الطفولةَ من يُديَّاتِ الصِّغار
لغدا التسلُّحُ حينذاك محرَّمًا ، وغدا السلامُ هو الشعار !!!
*****
يا قلبَ جلادي ترفقْ لو دقائقَ بل ثوان
دعني أخاطبْ فيكَ مملكةَ الأمان
أرنو إلى كفيكَ كفَّيْ رأفةٍ
ما فيهما سوطٌ ترنَّحَ أو قيود
عينيكَ عينيْ رحمةٍ
ما فيهما شرَرٌ توقَّد بالحقود
إني أراكَ كما يريدُ القلبُ منيَ أن يراك
قلبًا تدفق فيه نهرٌ من حنان
واقرأْ هوانيَ علَّ قلبك لا تهونُ عليه لوحاتُ الهوان
فعساكَ تسمعني وترحمني عساك
خذ شعرَ رأسيَ أيها الجلاَّدُ وانفض فوق قلبِكَ منه أكداسَ الغبار
فعساكَ تطفئُ ما بصدركَ من أُوار
ولعلَّ قلبكَ أن يجود
خُذْ ما بدا لكَ من حياتيَ غيرَ حلمٍ صارَ نخلاً
كنت أسقيه دمَ الإصرارِ من عِرْق الوعُود
خذ ما بدا لكَ غيرَ ساعاتِ انتظار
أيامَ كان الحلمُ باخرتي وساعاتي بحار
أيامَ أقطعُ فوقَ راحلتي القفار
السهلُ يركضُ بي تُدحرجني النُّجود
أسري وأحدو ثم أحدو علَّني
أرتاد خاتمةَ المسار
خذ كلَّ شيءٍ غير شيءٍ من صُمود !!
فلربما يأتي القطار
ولربما عادَ الجُدود
ولربما وفتِ الوعُود
إن الذي خلق الظلامَ ثقيلةً ساعتُهُ
خلقَ النهار !!
تعليق