حوار مع ذبابة عزيزة في دنياها. (قصة ليست كالققص).

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي الغانمي
    أديب وكاتب
    • 01-03-2009
    • 76

    #16
    [align=center]قصة جميلة رغم قذارة صاحبتهاوحقارة شأنها في نظر الناس لقد تابعتها رغم عدم قرائتي اهتمامي بالقصص. ولكن أحسست فيها عبرة. وأن الكاتب يمكن أن يخلق الموضوع من شيئ.[/align]شكرا

    تعليق

    • حسين ليشوري
      طويلب علم، مستشار أدبي.
      • 06-12-2008
      • 8016

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة علي الغانمي مشاهدة المشاركة
      [align=center]قصة جميلة رغم قذارة صاحبتهاوحقارة شأنها في نظر الناس لقد تابعتها رغم عدم قرائتي اهتمامي بالقصص. ولكن أحسست فيها عبرة. وأن الكاتب يمكن أن يخلق الموضوع من شيئ.[/align]شكرا
      أشكرك أخي علي الغانمي و لك مني تحيتي و احترامي.
      على الكاتب، القاص، أن يختار لأفكاره، أو للرسالة التي يريد تبليغها إلى القراء، "الظروف" أو القوالب المناسبة حتى تمر بسلامة و تصل إليهم إن شاء الله بأسلوب غير مباشر كما هو الشأن في المقالة أو الأنواع الصحفية عموما.
      تحيتي لك أخي علي و دمت على التواصل الغني.
      التعديل الأخير تم بواسطة حسين ليشوري; الساعة 31-03-2009, 13:40.
      sigpic
      (رسم نور الدين محساس)
      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

      "القلم المعاند"
      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

      تعليق

      • محمد جابري
        أديب وكاتب
        • 30-10-2008
        • 1915

        #18
        أخي حسن ليشوري حفظك الله؛
        ما أعظم التأمل في مخلوقات الله، قال أحد أساتذتي وكان قد سجن في مستشفى المجانين: عشت صحبة أبي جعران في الغرفة، وتأملت هدف إحداها يوما وتابعها نظري فانطلقت من حضيض الأرض لتبلغ السقف، وحاولت ولوج شق، فلم تفلح، وسقطت أرضا، ثم عاودت الكرة، فلم تفلح أيضا، وفي الثالثة تمكنت ودخلت الشق، قال وقلت في نفسي أفنكون أوهن عزيمة من أبي جعران عزم على الدخول فدخل، أفنكون أقل همة منه لبلوغ مرادنا والاستماتة على مبدئنا.؟
        وشكرا مرة أخرى على أسلوب انساب انسياب الماء العذب.
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 31-03-2009, 18:33.
        http://www.mhammed-jabri.net/

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
          أخي حُسين ليشوري حفظك الله؛
          ما أعظم التأمل في مخلوقات الله،
          ...
          وشكرا مرة أخرى على أسلوب انساب انسياب الماء العذب.
          أستاذي المبجل محمد جابري حفظك الله و رعاك.
          تحية أخوية ملؤها الحب و التقدير.
          شهادتك وسام على صدري أعتز به.
          إن التفكير عندنا، نحن المسلمين، فريضة إسلامية على حد تعبير الأستاذ عباس محمود العقاد رحمه الله تعالى، و كم يكون جميلا أن نعبر عن أفكارنا في قوالب فنية رائعة و بلغة عربية رائقة حتى نضمن لأعمالنا المتعة و الإفادة، و أنا أسعى، و منذ 1984 ، لتوفيرهما في أعمالي المتواضعة كما أنني أحاول أن تكون كتاباتي هادئة هادفة هادية ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
          و فقنا الله جميعا لما فيه خيرنا و خير إخواننا جميعا و أسأله سبحانه أن يعلمني اللغة العربية كما أحب و أعمل له حتى أخدم دينه و كتابه و عباده، اللهم آمين.
          تحيتي و مودتي أستاذي الفاضل.
          التعديل الأخير تم بواسطة حسين ليشوري; الساعة 31-03-2009, 19:36.
          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • محمد جابري
            أديب وكاتب
            • 30-10-2008
            • 1915

            #20
            أخي الحبيب؛ شكر الله لك لطافة ردك؛
            أحيي فيك هذه الروح الهادئة والناسجة برقة أسلوبها خيوط المودة القلبية؛
            أخي الكريم: تعقيبا على قولك
            "و كم يكون جميلا أن نعبر عن أفكارنا في قوالب فنية رائعة و بلغة عربية رائقة حتى نضمن لأعمالنا المتعة و الإفادة، و أنا أسعى، و منذ 1984 ، لتوفيرهما في أعمالي المتواضعة كما أنني أحاول أن تكون كتاباتي هادئة هادفة هادية ما استطعت إلى ذلك سبيلا".
            ألا وإن أقصر طريق لذلك، وهي غرف ما تتمناه غرفة أو غرفات من باب {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }[طه : 114]، ثم التماس التقوى سبيلا.
            فهناك حيث تغشى البصر نظارات جميلة ولا ترى إلا ربا وفضلا، فتستطيب المقام، ولا تبغي به بديلا.
            لقد استعبدنا الله باتخاذ الأسباب، دون الاعتقاد فيها؛ لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.{وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }[النساء : 32]
            بوركت جهودك.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 01-04-2009, 08:20.
            http://www.mhammed-jabri.net/

            تعليق

            • هاله دياب
              عضو الملتقى
              • 18-02-2009
              • 65

              #21
              يكفي الذباب شرفا ذكره في القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }الحج73
              أبدعت يا أستاذ ليشموني وأمتعت وأفدت
              :emot112:إذا هبت رياحك فاغتنمها
              فإن لكل خافقة سكون

              تعليق

              • حسين ليشوري
                طويلب علم، مستشار أدبي.
                • 06-12-2008
                • 8016

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
                أخي الحبيب؛ شكر الله لك لطافة ردك؛
                أحيي فيك هذه الروح الهادئة والناسجة برقة أسلوبها خيوط المودة القلبية؛
                ...
                ألا وإن أقصر طريق لذلك، وهي غرف ما تتمناه غرفة أو غرفات من باب {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }[طه : 114]، ثم التماس التقوى سبيلا.
                فهناك حيث تغشى البصر نظارات جميلة ولا ترى إلا ربا وفضلا، فتستطيب المقام، ولا تبغي به بديلا.
                لقد استعبدنا الله باتخاذ الأسباب، دون الاعتقاد فيها؛ لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.{وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }[النساء : 32]
                بوركت جهودك.
                أشكرك أستاذي الفاضل و كلامك ينم عن تربية روحية مكينة و قد لاحظتُ هذا من أول تحاور بيننا و زدت اليوم يقينا بمدى علاقتك بالتربية الصوفية.
                جازاك الله عني خيرا و جعل تعارفنا له و فيه حتى نتعاون على البر و التقوى، اللهم آمين.
                تحيتي و مودتي.
                sigpic
                (رسم نور الدين محساس)
                (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                "القلم المعاند"
                (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة هاله دياب مشاهدة المشاركة
                  يكفي الذباب شرفا ذكره في القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }الحج73
                  أبدعت يا أستاذ ليشوري وأمتعت وأفدت
                  أشكرك جزيل الشكر، أستاذة هالة على القراءة و التذكير.
                  ليتنا نعود إلى كتابنا، القرآن، فنستلهم منه أدبنا سلوكا و إبداعا.
                  تحيتي و مودتي.
                  ملحوظة بسيطة. اسمي حُسيْن ليشوري
                  التعديل الأخير تم بواسطة حسين ليشوري; الساعة 01-04-2009, 13:32.
                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • الحسن فهري
                    متعلم.. عاشق للكلمة.
                    • 27-10-2008
                    • 1794

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                    حوارٌ مع ذبابةٍ عزيزةٍ في دُنْياها !
                    (قصةٌ ليستْ كالقصص)


                    [align=justify]كان من عادتي الجلوسُ إلى مكتبي بعد ظهر كل يوم خميس أو جمعة حيث أنتهز فترة قيلولة الأولاد لأكتب شيئا أو أقرأ كتابا.
                    جلست هذه المرة لأكتب، فكنت أتصيّد الخواطر التي كانت تجول في مخيلتي و تحلق فيها، رائحةً آتيةً، فأصطاد واحدة و تفلت مني أخرى، بل أُخر، و كنت أقضي ساعاتٍ طوالاً و أنا في هذه المتعة التي قد لا تساويها متعة أخرى، إنها متعة التأمل في الخلق و التفكر فيهم.
                    و من مفارقات الأمور أنني أحيانا أفكر في أشياء و أتخيل لها صورا عجيبة وغريبة قد تبدو لا تتماشى مع جدية الموضوع الذي أكون أفكر فيه.
                    و بينما أنا جالس و القلم بيميني أفكر فيما سأكتب، وإذا بذبابة تحط على حافة الدواة الموضوعة أمامي بعدما أعياها تجوالها في أرجاء البيت أو في أماكن أخرى الله وحده يعلم أين. نظرت إليها متأملا وكانت هي قد شرعت في طقوس حمامها، فركت يديها طويلا بعدما لثمتهما بخرطومها و مسحت بهما رأسها ثم دلكت جناحيها بقائمتيها الخلفيتين بكل إمعان لتزيدهما شفافية، وكررت العملية عدة مرات وهي لا تعبأ بي كأنها لم ترني أو كأنها لا تعيرني كبير اهتمام، واستغرقت في حمامها وكأنها تقول في نفسها: " ساعة الحمام مقدسة عندي ولا شيء يحول بيني وحمامي !"
                    توقَفت عن وضوئها ثم مشت خطوات ثم طارت فتبعتها بنظري فرأيتها تحلق في الهواء مغنية راسمة مثلثات ودوائر لا تعدَ ولا تحصى ثم عادت وحطت على المكتب على مسافة ذراع مني، أو أكثر قليلا، و أخذت مرة أخرى في وضوئها كأنها لم ترض عن الأول أو كأنها شكّت في تمامه.
                    قلت في نفسي: يا لها من ذبابة نظيفة ! إنها مهتمة بنظافتها و أناقتها أكثر مما يهتم به بنو البشر رغم ذكائهم وادعائهم، فهذه ذبابة حقيرة يستقذرها كل الناس وحتى الحيوان وها هي ذي أحرص منهم على النظافة والطهارة.
                    تابعتُ النظر إليها و قلت في نفسي: لو كانت هذه الذبابة تسمع أو تعقل لكان لها شأن عظيم. و دفعني خيالي ككل مرة إلى متاهات لا ينبغي لي أن ألجهاها(؟؟؟) أو أن أتجاوزها، ولكن ما عساني أن أفعل وهذا الخيال الجامح لا سلطان لي عليه فهو يذهب بي كل مذهب وما علي سوى متابعته في خضوع تام؟ فللخيال على الكاتب سلطان لا يقاوم وأنا لا أقاوم خيالي، وهل أستطيع ؟ ولككني أقومه ما استطعت !
                    ثم لو فرضتُ أنها تسمع أو تعقل فسيكون الحديث معها في غاية الطرافة و المتعة.
                    قلت لها: "ما أحرصك على حمامك فأنت تؤدينه بكل إمعان وجدية وكأنني بك تتهيئين لمقابلة عزيز أو زيارة وزير !
                    رفعت بصرها تجاهي و كأنها تتساءل كيف يحدثها إنسان وقد اعتادت مطاردته إياها في كل زمان ومكان. وبعد صمت كأنه صمت مُفكر أو فيلسوف، قالت: " إنني أستحم في كل يوم عدة مرات، بل في الساعة الواحدة مرات و مرات، و هذا دون أن يكون في نيتي زيارة أو استقبال، فنحن معشر الذباب نهتم بنظافتنا و أناقتنا رغم ما يشيعه الناس عنا أننا قذرة عفنة وسخة !"
                    قلتُ : " قد يكون فيما يقال عنكم بعض الصدق، فقد اعتدنا أن نراكم في أمكان لا ينبغي لأحد أن يزورها و أن يرتع فيها، فالمرء يقاس بمن يصاحب أو بالأماكن التي يرتادها".
                    توقفتْ عنْ دلك جناحيها و قالت: " لو كان هذا الحكم صحيحا والقياس مطردا فلماذا لا تتوددون إلي وتتملقونني ؟ ألم تروني في مكاتب الرؤساء والعظماء؟ وإنني لأرتاد الأماكن الطيبة كثيرا، ألم تروني في المساجد والمكتبات؟ ومع هذا فأنتم تستقذرونني دائما وتحقَرون قدري، وإنه ليوجد بينكم ناس هم أحط في القذارة وأرخص من القمامة ومع هذا فأنتم تتوددون إليهم و تتملقونهم لا لشيء إلا لكونهم مقربين من عظيم أو يشغلون منصبا ساميا وهم أرذل من....من.... الخنافس !" (اختارت الخنافس لأنها في نظرها أقذر من الذباب، يا للعنصرية الذَبابية !)
                    فقلت : " أو من الذَباب...!"
                    نظرت إلي نظرة حادَة وحركت جناحيها بعصبية في حركة مضطربة، فشعرتُ كأنها لو وجدت سبيلا إلى ضربي لضربتني بدون تردد و لكنها قدَرت موقفها فلم تجرؤ على ذلك فهي تعلم حتما أنها لو حاولت لسحقتها، كيف أسمح لذبابة حقيرة لتتطاول علي؟ هه !لم يبق إلا هذا !؟
                    أرسلتْ زفرة طويلة كلها حسرة وغيظ وقالت: " آهٍ منكم يا بشر ! إنكم تغمطونني حقي وتجحفون في الحكم علي، فأنتم تهونون الجميل ولو كان كثيرا وتهولون القبيح ولو كان يسيرا."
                    قلتُ لها و أنا أحاول تهدئتها بعدما لاحظت حدة لهجتها واضطراب صوتها من الغيظ: " هوني عن نفسك، لقد اعتاد الناس ظلم بعضهم البعض فما بالك بمن هو دونهم شأنًا ... كالذباب مثلا؟"
                    خطت خطوات قليلة ثم قفزت متحفزةً للطيران ولكنها عادت ودنت قريبا مني لتسُمعني ردها، كأنها تريد متابعة الحوار معي فإنها لفرصة سانحة أن تعرف رأي البشر فيها وتحاول الدفاع عن سمعتها مع أنها تدرك في قريرة نفسها أنها لن تفلح في مسعاها هذا، أما أنا فقلت سِرًّا و لم أرد إسماعها حتى لا تغترَ: " إنها لذبابة غيورة على عرضها وهذه خصلة تكاد تزول عند البشر أنفسهم ثم هي، رغم حالها الشائن، عزيزة في دنياها !". و أحببتُ معاكستها لما لاحظت حدة مزاجها فقلت لها جهرا: " إنني أسلم لك أنك فعلا تدخلين مكاتب الرؤساء و العظماء، بل أكثر من ذلك فإنك تحطين على أنوفهم و جباههم ورؤوسهم، فمن منا، نحن البشر، يستطيع فعل ذلك ؟ بل إننا لا نجرؤ حتى على الكلام معهم إن سنحت فرصة، فكيف إذا حاولنا لمسهم أو الدُّنُوّ منهم ؟ لكن ورغم ما لكِ من شرف القرب فإنك تبقين ذبابة على أية حال وفي أي زمان أو مكان، و لا تجعل جرأتُك منك كائنا آخر غير ما أنت عليه، فأنت تأكلين ما قذُر و ترتعين فيما عفُن و سيبقى الناس يستقذرونك دائما وأبدا ولا يولونك قيمة رغم ما تدّعينه من مجالسة الكبراء !"
                    نظرت إلي شَزْراً وقالت بصوت مليء بالتّهكم: " إنكم معشر البشر لتأكلون أشياء تجمعونها و تحرصون عليها وإنها لوأمعنتم النظر فيها و محصتم الفكر في شأنها أقذر بكثير مما نأكله نحن ولكنكم لا تعلمون !"
                    قلت بعد صمت : "إنكِ على حق، فإن بعض الناس بل الكثير منهم لا يهمهم مصدر المال الذي يجمعونه ولا يعبئون حتى بما يملئون منه بطونهم من أين جاءهم، و كل ما يهمهم هو كيف يحصلون على المال ولا كيف يجدون مؤنهم فقط !"
                    وبينما أنا أحاور الذبابة وإذا بقائل يقول لي: " مع من تتكلم يا رجل؟" والتفتُّ وإذا بزوجتي تنظر إلي بكل استغراب، لقد كانت منهمكة في غزل سُميط (napperon) بمغزلها الحديدي المعقوف الرأس (الكروشي) وكُبَة الخيط تضطرب عن يمينها كلما جذبت الخيط إليها، كانت أصابعها تعمل بسرعة و بكل حذق، لقد جلست على أريكة على مقربة مني منذ حين ولكنني كنت مستغرقا في تفكيري فنسيت أنها معي، نظرت إليها وقلت: " لا تراعي، أنا أفكر بصوت عال فقط" ثم قلت لها بعد صمت قصير وبعدما استجمعت شجاعتي :" أنا أكلم هذه الذبابة !"
                    رفعتْ بصرها عن غزلها وإذا بي أرى علامات الاستغراب والتعجب تتطاير من رأسها تطاير الشرر من التنور (الكانون)، فقلت لها قبل أن تنطق بكلمة: " لا تظني بي شيئا، فأنا لم أصب في عقلي، لكن ماذا أفعل ؟ هكذا نحن معشر الكُتَاب يذهب بنا الخيال في متاهات لا يمكنكم تقديرها"
                    هزت كتفيها وأطلقت زفرة طويلة بدون أن تقول كلمة ولكنني تصورت ما يجري في خلدها، لعلها تقول: "عجبا لهذا الرجل، يحدث ذبابة وأنا هنا أمامه و لا يكلمني؟ آه من هؤلاء الكُتّاب !"
                    عُدتُّ لأنظر إلى "ذبابتي" فلم أرها في مكانها، بحثت عنها بنظري، طبعا، على سطح المكتب وبين الأدوات المبعثرة عليه، فلم أجدها فقد طارت حينما كنت أتكَلم مع زوجتي، رفعت بصري إلى الجو فلم أجدها لعلها استاءت من صحبتي أو ربما ضاق صدرها بمعاكستي إياها فلم ترغب في مواصلة الحديث معي...
                    [/align]


                    بسم الله.

                    عزيزي الأديب/ حُسيْن ليشوري(لا مشكلة في الاِسم؟!)

                    أسعد الله أوقاتك بكل الخيرات..

                    (طال الأمد بيني وبين إبداعك)

                    استمتعت كثيرا وأنا أمرّ، بل وأنا أعيش معك تفاصيل الحكاية

                    والحوار البديع، المفعم بالمعاني والدلالات الإنسانية والوجودية

                    والفلسفية!! جميلة تلك الفكرة، ومعجِب هذا التناول..

                    * اِستوقفتني بعض الكلمات خلال طوافي بهذه "البديعة" فاعذِرْني

                    إذْ وسَمْتُها باللون الأحمر...


                    * أما "قذرة عَفنة وسَخة"، فيبدو أنك جمعتها على"فَعَلَة"!؟

                    وهذا لا يجوز، لأنها من الصفات التي على"فَعِل"(قذِر عَفِن وَسِخ)

                    وليست مما كان على"فاعل"(مثل: كاتِب كتَبَة، وحافِظ حَفَظَة...)

                    [والله أعلم]

                    * وأما(غيور) فممّا يستوي فيه الذكر والأنثى..

                    * وعلامات الترقيم، فرّطت فيها كثيرا.. على أهميتها الكبيرة،

                    في السرد خاصة.. وأنت أدرى بشعاب السرد.. وضروبه

                    ووجوه عرضه وإرساله... يا ساردي العزيز..

                    * وأما(وإذا بِـ..) فقد أكثرت منها، حيث كان من اليسير تفاديها

                    أو تعويضها بأفضل منها..

                    * وبعد، فما تبقى من ذلك، فتأمّل فيه... ولك كامل الحرية في

                    التصرف والاختيار..


                    سيدي المحترم/ حُسيْن، هذه كلمات أخوية أزجيها إليك على هامش

                    قصتك المفيدة الممتعة، فلا تكوننّ من الممترين في ودي وإعجابي

                    وصدق طويّتي..


                    **أعجبت كثيرا بتوظيفك "توقيعك" أو "لبّهُ" في قصتك!!!!!!!

                    فتقبّل مروري وإعجابي... وبصماتي..

                    بكل الود والاحترام والتقدير من أخيك.
                    ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
                    ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
                    ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
                    *===*===*===*===*
                    أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
                    لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
                    !
                    ( ح. فهـري )

                    تعليق

                    • حسين ليشوري
                      طويلب علم، مستشار أدبي.
                      • 06-12-2008
                      • 8016

                      #25
                      المشاركة الأصلية بواسطة الحسن فهري مشاهدة المشاركة
                      بسم الله.

                      عزيزي الأديب/ حُسيْن ليشوري(لا مشكلة في الاِسم؟!)

                      أسعد الله أوقاتك بكل الخيرات..

                      (طال الأمد بيني وبين إبداعك)

                      استمتعت كثيرا وأنا أمرّ، بل وأنا أعيش معك تفاصيل الحكاية

                      والحوار البديع، المفعم بالمعاني والدلالات الإنسانية والوجودية

                      والفلسفية!! جميلة تلك الفكرة، ومعجِب هذا التناول..

                      * اِستوقفتني بعض الكلمات خلال طوافي بهذه "البديعة" فاعذِرْني

                      إذْ وسَمْتُها باللون الأحمر...


                      * أما "قذرة عَفنة وسَخة"، فيبدو أنك جمعتها على"فَعَلَة"!؟

                      وهذا لا يجوز، لأنها من الصفات التي على"فَعِل"(قذِر عَفِن وَسِخ)

                      وليست مما كان على"فاعل"(مثل: كاتِب كتَبَة، وحافِظ حَفَظَة...)

                      [والله أعلم]

                      * وأما(غيور) فممّا يستوي فيه الذكر والأنثى..

                      * وعلامات الترقيم، فرّطت فيها كثيرا.. على أهميتها الكبيرة،

                      في السرد خاصة.. وأنت أدرى بشعاب السرد.. وضروبه

                      ووجوه عرضه وإرساله... يا ساردي العزيز..

                      * وأما(وإذا بِـ..) فقد أكثرت منها، حيث كان من اليسير تفاديها

                      أو تعويضها بأفضل منها..

                      * وبعد، فما تبقى من ذلك، فتأمّل فيه... ولك كامل الحرية في

                      التصرف والاختيار..


                      سيدي المحترم/ حُسيْن، هذه كلمات أخوية أزجيها إليك على هامش

                      قصتك المفيدة الممتعة، فلا تكوننّ من الممترين في ودي وإعجابي

                      وصدق طويّتي..


                      **أعجبت كثيرا بتوظيفك "توقيعك" أو "لبّهُ" في قصتك!!!!!!!

                      فتقبّل مروري وإعجابي... وبصماتي..

                      بكل الود والاحترام والتقدير من أخيك.
                      آه أيها الحسن ! لستُ أدري إن كنتَ ستصدق كم أنا سعيد بقراءتك المتميزة و زادت سعادتي بنقدك اللغوي الفذ و كم أنا خجل من تقصيري في الصياغة و التعبير و قد استفدت كثيرا بملاحظاتك القيمة.
                      بعض الأخطاء "مطبعية" ناجمة عن التسرع في الرقن فقط، و الأخرى سأصححها بناء على ملاحظاتك.
                      كتبتُ هذه القصة عام 1984 و أنا في بداية مشواري الفني و لم أعد النظر فيها إلا مؤخرا و بدون تدقيق لا لغوي و لا شكلي (علامات الترقيم خاصةً)و قد وظّفت توقيعي قبل نشرها هنا، أي منذ أيام ليس إلا.
                      لستَ ملزما بتأكيد صدق طويتك و لا بإثبات نيتك فأنا أؤمن لك و بك.
                      كيف أشكرك ؟ لست أدري، لكنني أدري أن قدرك عندي عال و غال.
                      تحيتي و مودتي أخي العزيز و لا تبتعد كثيرا فما أحوجني إلى نصحك و نقدك و توجيهك.
                      و لك من مدينة الورود، البُليدة، كل الورد و الود.
                      sigpic
                      (رسم نور الدين محساس)
                      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                      "القلم المعاند"
                      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                      تعليق

                      • حسين ليشوري
                        طويلب علم، مستشار أدبي.
                        • 06-12-2008
                        • 8016

                        #26
                        بسم الله الرحمن الرحيم.
                        الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
                        إنه لمن دواعي سروري أن أرى قصصي المتواضعة منقولة في مواقع كثيرة في الشبكة العنكبية.
                        فقد نقلت بعض المواقع قصتي هذه كموقع :

                        و موقع :

                        هي و غيرها من قصصي :

                        و غيرهما مما لا أريد نقله حتى لا أثقل على القراء هنا.
                        و الحمد لله أولا و أخيرا.
                        sigpic
                        (رسم نور الدين محساس)
                        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                        "القلم المعاند"
                        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                        تعليق

                        • حسين ليشوري
                          طويلب علم، مستشار أدبي.
                          • 06-12-2008
                          • 8016

                          #27
                          sigpic
                          (رسم نور الدين محساس)
                          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                          "القلم المعاند"
                          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                          تعليق

                          يعمل...
                          X