العادات والتقاليد فى مربعات ابن عروس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صابر فرج
    عضو الملتقى
    • 05-07-2007
    • 28

    العادات والتقاليد فى مربعات ابن عروس

    القيم والعادات الاجتماعية
    فـــــى مربعات " ابن عــــــروس"

    ـــــــــــــــــــ

    صابرمحمد فرج




    يقولا" مكيفر وبيج"( انه لايرجي للنظم السائدة والروابط أي إنتظام بمعني الكلمة إلا إذا ارتكزت واعتمدت علي مركب معتمد من صنوف مختلفة من العادات وأساليب السلوك) (1)
    إذن العادات سلطة المجتمع غير المدونه في قوانين أو دساتير وهي محفوظة في صدورالبشر وتحيط بالانسان في كل مناسبة وفي جميع تعاملاته مع غيره في المجتمع 0 ومن هنا تتضح الأهمية العظمي للعادات وذلك لتدخلها في سائر نواحي الحياة ، وتعتبر العادات الاجتماعية " العقل الجمعي" أو مايسميه( سمنر) روح الجماعة0
    ومن مميزات العادات الاجتماعية أنها ذات سلطة وسلطان علي الأفراد ، فهي تلزم افراد المجتمع، ويجد الفرد في طاعتها راحة0

    وكل مجتمع له عاداته الاجتماعية التي تتناغم مع القيم التي اعتنقها ومعاييرالخيروالشر، الصواب والخطأ، وقد يري مجتمع أن بعض العادات عادية ويراها مجتمع آخر شاذة، مثلما قال المويلحي في حديث عيسي بن هشام " ولايتحتم أن مايكون ذا نفع عندالغربيين يكون له نفع عند الشرقيين" والعادات الاجتماعية مرغوب فيها ومحببه إلي الأفراد ، ولعملية التنشئة الاجتماعية أهمية كبيرة في ثبات تلك العادات التي تصبح مقبوله من الجميع، ومن يخرج عليها وينحرف عنها يتعرض إلي عقوبات الرأي الجمعي بمختلف أنواع التحقير الاجتماعي0



    دور الشاعر في تدعيم القيم والعادات الاجتماعية:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
    عندما يضع المجتمع قيمه ومثله وعاداته، نجد الفنان صاحب المشاعر الرقيقة يجري وراء رغبته المباشرة نحو الإصلاح من نقائص المجتمع ويعتبر ذلك الخلل مثلبة يجب الوقوف أمامها ومحاربتها، وهذا مافعله" ابن عروس"في مربعاته والتي ضمنها المعاني الأصيله للقيم والمثل ، ولقد تنوعت في مصر أنواع الكتابة الأدبية ولكن براعة شاعرنا التي أبدعت هذه المربعات تقف وحدها شامخة وذات دلالة علي الحس القومي بمشكلات المجتمع ، ولما كان حيز المربعه لايسمح بالاستهلال وإنما بالمباشرة والدخول في صميم الموضوع مع التركيز والتكثيف، والاستغناء عن كل ماهو زائد/ الثرثره جعلها تقترب بل تكون هي النموذج الأمثل للقصيدة الومضة0



    الدعوة إلي القيم المثالية:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    يقول " ابراهيم حلمي" (2) هناك أنواع من القيم تسمي بالقيم المثالية التي يحس الناس استحالة تحقيقها بصورة كاملة مثل القيم التي تدعو إلي مقابلة الإساءة بالإحسان ، وقد يعجز الفرد في الواقع عن الالتزام بها، ولكن مع ذلك ، إذا تبناها فإنه يعدّل كثيرا من سلوكه 0 مثلما يقول" ابن عروس"

    قلّل كلامك وخليـــــــك في كل محفل مـــوقــر
    واحسن لمن كان يأذيك بالسـوء في كل محضر

    كما أن مربعاته تدعو إلي فضيلة الخير والبعد عن الشر وتلك رسالة سامية ،فيقول:


    اللي علي الخير هنيــه وبشره بالغنيمـــــــــه
    واللي علي الشر عزيه بكره يلاقي الهزيمـــه

    وإكرام الضيف قيمه وعادة وسلوك متبع وكامن في الضمير العربي ، ويؤكد عليه " ابن عروس"


    الجود ماهواش بمـــــال/ ولا بلبس القماشــــي
    دا طبع في الشخص سلسال/ لاهو بماله ولاشي

    ويقول المثل العربي ( القناعة كنز لايفني) ويجئ "ابن عروس" ليؤكده من خلال مربعته الرائقة:

    كسره من الزاد تكفيك وتبقي نفسك عفيفــه
    والقبر بكره يطويـــك وتنام في جارالخليفه

    أما عن قيمة الصدق ، فحدث ولاحرج ، قال تعالي" ليسأل الصادقين عن صدقهم" وقال الشاعر القديم " وفي الصدق منجاة من الشر فاصدق" وعدم الصدق رذيله ، وشهادة الزور من ضمن رذائل الكذب والتي يحقّرها ويحقّر فاعلها شاعرنا " ابن عروس" في مربعه :

    ماأشقاك ياشاهد الزور في الحشر حالك يحزّن
    ذنبك لدي الناس مشهور في يوم يبان المخــــزّن

    والترابط الأسري قوة للمجتمع ويقف أمامنا المثل الشعبي ( أهلك لاتهلك) فيجئ شاعرنا " ابن عروس" ليقول:

    ماينجدك غير أهلــــك ولاينفعك غير مالــــك
    واحلف يمين بعد أمــك حبيب م النسا مابقا لك

    ومن ضمن المربعات التي تنفّر من الرذائل ويحذرنا فيها شاعرنامن الإنسان الخائن/البغيض 00 والذي لايحمل لك سوي العداوة ، فيقول:


    من يبغضك لم يحبــــــك ولو طعمتو الحلاوه
    السن للسن ضاحــــــــك والقلب كله عـــداوه

    ونعتقد أن الفنان الشعبي تأثر بهذا المربع في مواله السباعي (3)

    صاحبت إنسان وعينه للطمـــع فاتحـــــــــــه
    بيعمل أطرش وودنه للسمــــــع فاتحـــــــــــه
    عن الحلال صام وبطنه للحرام فاتحـــــــــــه
    أتريه مكروه وعلي فعله الخلايق شاهــــــــده
    بينضح المر ولاعمره بينضح شهــــــــــــــــد
    ومهما احترمته وأكلته المروّق شهـــــــــــــــد
    خوان للعهد ولايقرا معاك فاتحـــــــــــــــــه


    ومن خلال حكمة الشعب المصري الأصيلة/ الأمثال الشعبية 00 المضمغه بالقيم ، يعيد لنا " ابن عروس" صياغة الحكم والأمثال في مربعاته ، فمثلا يتخذ معني المثل الشعبي ( علمت فيك والطبع فيك غالب ، وديل الكلب لم ينعدل ولو علقوا فيه قالب ) فيقول:



    نصحتك ما اتنصحــــت والطبع فيك غالــب
    وديل الكلب لم يتعــــــدل لو حطوا فيه قالــب

    وكما يقول المثل ( لسانك حصانك ان صنته صانك) يقول" ابن عروس"



    صابونة العدو ماترغيــــــــش وإن رغت ياللا السلامـــه
    إن قعدت في مطرح ماترغيش حتي تقوم بالسلامــــــــــه

    ويجئ الفنان الشعبي بعد أجيال ليقول:


    زلة لسانك تسقطك من عين كل أهل كمـــــــال
    واعــــلم بإن الرجال مابتتقلِش بمــــــــــــــال
    لو كنت تقل الجبال ع الأرض ماتعلـــــــــــم

    وينبه " ابن عروس" أفراد مجتمعه بالبعد عن النذل/ صاحب الخصال الذميمه، فيقول:


    الندل له طعم مالـــــح وله خصايل ذميمـه
    القرب منه فضايـــــح والبعد عنه غنيمـــه

    أما الشاعرالشعبي المتأثربقول " ابن عروس" فيقول : في مواله0

    في الندل هات العصا العوجه وانزل دق
    اكمنه تعبان انزل فوق دمــــــــــاغه دق
    ماعرفشي طعم الشرف ولا حتي طعمه داق
    لابينفعك في الشتا ولايكرمك في الصيــــف
    شاطر في أكل الحرام زي اللهيب في السـف
    تملي سقعان ومكرمش في عز الصيـــــــف
    ولاتلتقي ضيف علي بابهم في مــــــــــره دق (4)


    وابن عروس يلتمس العذرلمن يوافق علي غيرالحقيقه ، ويعمل بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات ولكنه يطالب علاج وإصلاح هذه الآفة
    التي تضربالمجتمع، فيقول:

    طبيبي بالعجل إ لحــــــق هات لي دواك الموافق
    فيه ناس كتيربتعرف الحق/ ولجل الضرورة توافق

    كما أن التطلعات دائما ماتصيب أفراد المجتمع لذلك يدعونا إلي عيشة البساطة والقناعة ويذكرنا بالمثل الشائع( علي قد لحافك مد رجليك) :

    كل عيشك بملحك وفجــلك وعيش عيشـة جدودك
    واتمد علي قد رجلـــــــــك بلاش تزيد عن حدودك


    والأنسان المصري الصبور دائما مايتحمل المصائب ويصبر علي كل الأحوال وهنا يستدعي " ابن عروس" المثل الشائع ( الصبر مفتاح الفرج )
    فيقول في مربعه:

    لاأنام علي الشوك عريان واصبر علي ماجرالي
    واصبر عليك يازمــــــان حتي ينعدل حـــالـــــي

    ويجئ بعد منه الشاعر الشعبي وبنفس المعني فيقول: (5)
    أمش علي الشوك حفيان/ وأضحك مع اللي جفاني
    وأصبر علي ظلم الأيام / لمن ينعدل زمــــــــــاني

    والكلمات هي نفس الكلمات إلي حد كبير ولكننا نجد شاعرنا

    " ابن عروس" دون الآخرمع أن الكلمات واحدة، ويرجع ذلك الي مقدرة الشــــــــــاعر في إحداث المجاورة الموحية والشائقة/ المناسبة للكلمات0
    ومن المفارقات في هذا المجال أن زين الدولة الحسين بن الوزير أبي الكرم قال شعرا في مجلس الملك الصالح المتوفي سنة 746 هـ وجمع متضادين وهما النار والماء في جوانحه ودلل علي مهارته في صياغة هذا المعني فقال:
    وإذا تشب النار بين أضــالعي قابلتها من أدمعي بسيــول
    فأنا الغريق بل الحريق أموت في/ هذا وذا كذبالة القنديــــــــل

    وفي نفس المجلس أنشد أحد عوام بغداد من الكان كان نفس المعني ، واستعمل نفس الكلمات ، فجاء شعره العامي أروع وأدق:

    النار بين ضلــــــــوعي وأنا غريق مدامعـــي
    كأني فتيلة قنديــــــــــــل أمـوت حريق وغريق (6)


    والشاعر العامي هنا أعطي للكلمات المتداولة ، لغة شاعرية هامسة ، كانت قليلة التأثير قبل استعمالها في شعره0


    وهكذا نجد أن " ابن عروس" يأخذ من الناس فلسفتهم وحكمتهم ثم يردهما إليهم بمربعاته السريعة القصيرة / الموجزه/ الطلقة / فتهزهم هزا0
    ونعتقد في نهاية هذه الاطلالة أنه من الضروري أن نوجه نظر القارئ إلي أنه في العامية بالذات تكون الأذن مقياس صحة الوزن ، لأن اللسان العامي قدلايشبع مخارج الحروف مثل الكتابة وقد يلجأ إلي الحذف والإدغام ويهتم بالنطـق0

    ( صابرمحمد فرج)
  • أبو حميد المصري
    أديب وكاتب
    • 25-06-2007
    • 375

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة صابر فرج مشاهدة المشاركة
    وهكذا نجد أن " ابن عروس" يأخذ من الناس فلسفتهم وحكمتهم ثم يردهما إليهم بمربعاته السريعة القصيرة / الموجزه/ الطلقة / فتهزهم هزا0
    ونعتقد في نهاية هذه الاطلالة أنه من الضروري أن نوجه نظر القارئ إلي أنه في العامية بالذات تكون الأذن مقياس صحة الوزن ، لأن اللسان العامي قدلايشبع مخارج الحروف مثل الكتابة وقد يلجأ إلي الحذف والإدغام ويهتم بالنطـق0

    ( صابرمحمد فرج)

    أتفق معك و مع إبن عروس ...
    [align=justify]{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286[/align]

    تعليق

    • د. جمال مرسي
      شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
      • 16-05-2007
      • 4938

      #3
      بارك الله فيك أخي الكريم صابر فرج
      دراسة و إبحار شيق في كتابات ابن عروس الذي كان يدعو للمثالية في أزجاله
      و لكن ترى هل اختفى هذا النوع من الشعر في زماننا الحالي أو انقرض مع متغيرات العصر
      فأصبح عالب الشعر طلاسم لا تسمن و لا تغني من جوع بل و ابعدت متلقيه عنه .
      ثم أني لم أعد أرى شعر الحكمة أيضا في الشعر المعاصر إلا ما رحم ربي
      فهل هذا ضعف في الشاعر أم تغير في النفاهيم
      كلها أسئلة دارت بذهني و أنا أقرأ و أغوص معك في بحور ابن عروس
      بارك الله فيك أستاذ صابر
      زدنا زادك الله من علمه و من فضلة
      و لك الود و التقدير
      د. جمال
      sigpic

      تعليق

      • أبو حميد المصري
        أديب وكاتب
        • 25-06-2007
        • 375

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة د. جمال مرسي مشاهدة المشاركة
        بارك الله فيك أخي الكريم صابر فرج
        دراسة و إبحار شيق في كتابات ابن عروس الذي كان يدعو للمثالية في أزجاله
        و لكن ترى هل اختفى هذا النوع من الشعر في زماننا الحالي أو انقرض مع متغيرات العصر
        فأصبح عالب الشعر طلاسم لا تسمن و لا تغني من جوع بل و ابعدت متلقيه عنه .
        ثم أني لم أعد أرى شعر الحكمة أيضا في الشعر المعاصر إلا ما رحم ربي
        فهل هذا ضعف في الشاعر أم تغير في النفاهيم
        كلها أسئلة دارت بذهني و أنا أقرأ و أغوص معك في بحور ابن عروس
        بارك الله فيك أستاذ صابر
        زدنا زادك الله من علمه و من فضلة
        و لك الود و التقدير
        د. جمال
        الحقيقة ما حدث في الشعر حدث في كل الآداب و الفنون
        في الفنون التشكيلية ظهرت التأثيرية و السريالية و التكعيبية .. الخ
        و الكثير منها غير مفهوم للأجيال القديمة و ربما كانوا إستنكروه و هاجموه
        كما في أدب الرواية ظهرت القصة القصيرة و الخاطرة الموجزة و المقال الرمزي و مع ظهور الإنترنت ظهر الفلاش
        و ما جرى في الشعر أيضا مماثل فأصبحنا نقرأ الفكرة الشعرية و الرباعيات و الثلاثيات و ما هو أقصر بل أصبحنا نقبل الشعر النثري و فيه الكثير من البلاغة و الإستعارة و الرمزية المطلقة و المبهمة
        [align=justify]{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286[/align]

        تعليق

        • د. جمال مرسي
          شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
          • 16-05-2007
          • 4938

          #5
          شكرا لك أخي الحبيب أبو حميد المصري على ما طرحته

          و الآن أوجه سؤالاً آخر لأخي الناقد صابر فرج :
          جاء في نهاية الدراسة :
          ( ونعتقد في نهاية هذه الاطلالة أنه من الضروري أن نوجه نظر القارئ إلي أنه في العامية بالذات تكون الأذن مقياس صحة الوزن ، لأن اللسان العامي قدلايشبع مخارج الحروف مثل الكتابة وقد يلجأ إلي الحذف والإدغام ويهتم بالنطـق0 )

          فهذا يعني في هذه الحالة أن شعر العامية سيظل محكوما عليه بالمحلية إلا من خلال انطلاقته عبر فضاءات الانترنت .
          و من خلال الانترنت لا وجود للسمع كي يستوعب المتلقي مخارج الحروف كما أرادها الشاعر أو طريقة النطق المحكية في كل دولة .

          فما رأيكم في هذا

          أنتظر الإجابة

          و لك الحب
          sigpic

          تعليق

          • د.مصطفى عطية جمعة
            عضو الملتقى
            • 19-05-2007
            • 301

            #6
            الباحث الأديب / صابر فرج
            تحياتي وتقديري إليك
            هذه دراسة جيدة عن ابن عروس ، وأعجبني فيها هذا العرض الموضوعاتي والقيمي عن شعره ، وإن كانت تحتاج إلى دراسة أخرى عن بنية الشعر عنده : صورة وإيقاعا .
            وقد أثارت جملة تساؤلات ، وأرى أن أبرزها :
            - قضية محلية الشعر العامي : أرى أن العامية ستظل محلية ، مادامت تختلف حسب اختلاف القطر والمكان ، والسبيل الوحيد لانتشار الشعر العامي هو اقتراب شاعر العامية من القاموس الفصيح نطقا ولفظا ، مثلما نرى في شعر صلاح جاهين وفؤاد حداد ، فهذا أدعى لفهمه في محيط عربي أوسع ، فالإغراق في العامية يضيق تلقي الشعر .
            - قضية غموض بعض الشعر العامي الجديد : نتيجة تأثره بالمذاهب الأدبية مثل السيريالية والحداثة ، وأرى أن هذا مشروع فالشاعر العامي أديب وفنان يتاثر بكل المطروح ، ولكن القضية هي كيفية التعبير بالعامية عن هذه القضايا ، ففؤاد حداد وسيد حجاب هضموا الحداثة بفنية عالية ، وعبروا عنها بأشعار عالية القيمة ، عكس بعض الشعراء الآخرين الذين أغرقوا في الغموض ففقدوا متلقيهم مثل : مصطفى الجارحي ، ومجدي الجابري ( رحمه الله ) .
            تحياتي ولكم شكري

            تعليق

            • صابر فرج
              عضو الملتقى
              • 05-07-2007
              • 28

              #7
              الشاعر الجميل أبو حميد المصرى
              انت شاعر جميل ، ومرورك على مشاركتى أسعدنى، دمت مبدعا .

              تعليق

              • صابر فرج
                عضو الملتقى
                • 05-07-2007
                • 28

                #8
                العزيز الغالى الدكتور جمال مرسى

                جزيل شكرى وامتنانى على تلك الحفاوة التى أجدها فى موقعكم المتميز، بالنسبة لسؤال حضرتك عن أن شعر العامية سيظل محكوما عليه بالمحلية .......
                اطلاقا ياسيدى العامية المصرية مفهومة من كل العرب ، وتخيل الأبنودى عندما تقام له ندوة فى أى دولة عربية ، ستجد [ أمة محمد] فى ندوته وتسمع وتنتشى وتطلب قصائد بعينها ، ومعظم المواقع الآن بالدول العربية الحبيبة تنشر العامية المصرية ، ونحن نفهم ونستمتع بالشعر النبطى فما بال العامية التى غزت عقول وقلوب كل من يتكلم بالعربية ، وماتكلمت عنه هو ضرورة النطق السليم لشكل الكلمة حتى تسمع موزونة.. ولكن للأسف لم يصبح للوزن أى اعتبار فمعظم ماينشر من شعر عامية به بعض الهنات العروضية ، [ واللى يدور يلاقى] ، كما أن استخدام الفصحى فى العامية فتح الباب لتقريب تلك المسافة ، ولذلك هناك بعض المثالب من استخدام الفصحى. والشاعر الجيد هو الذى يستطيع دخول قلوب الناس قبل عقولهم .. ولدينا أمثلة كثيرة فى الزجل .. ومعدودة فى شعر العامية... ابوفراج مثلا زجل سكندرى جميل ، الجيل الحالى لايعرف عنه أية معلومة ولم يقرأ اعماله
                - ابو فراج له [ مناجاة وتسبيحات ] جميلة كتبها بالموال مثل:
                يارب لك صور فى الحسن فيها فنون
                لو شافها عابد حايصبح بالجمال مفتون
                جمال محرم علينا واحنا فينا عيون
                يارب انا باعبدك فى حسن من صنعك
                وف كل شء قلت له بالقدره كن فيكون
                أو
                أكرمتنا ياالهى بالحـــواس الخمـــس
                بالودن نسمع آياتك فى العلن واالهمس
                والشم الذوق فضايلهم كتير .. واللمس
                يارب كم لك نعم خالقها فى الانسان
                وعيون جفونها تصونها م الغبار والشمس
                بحر العامية يااستاذنا الدكتور واسع وممتد ومانعرف منه الا القليل ونحن نسعى وليس علينه ادراك النجاح.

                تعليق

                • د. جمال مرسي
                  شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
                  • 16-05-2007
                  • 4938

                  #9
                  بحر العامية واسع وممتد ومانعرف منه الا القليل ونحن نسعى وليس علينه ادراك النجاح.

                  صدقت أخي الكريم صابر فرج
                  فإذا استثنينا العامية المصرية بذيوعها عبر الفضائيات و المسلسلات و الأفلام
                  و إذا نحينا جانباً شهرة عبد الرحمن الأبنودي و طريقت الجذابة في الإلقاء فماذا عن بقية اللهجات المحكية كالمغاربية مثلاً ؟
                  و ماذا عن شعراء آخرين لم يجدوا طريقا للشهرة كالأبنودي ؟
                  و ماذا لو لم يُتح لشاعر العامية أن يلقي قصائده بنفسه ؟ أتراه سيوصلها مكتوبة بنفس الإحساس الذي نستشعرها منه مسموعة ؟
                  ثم نأتي لموضوع تطعيم العامية بالفصحى .. لقد فعلته في القلي القلي من شعر العامية الذي كتبتُه فكان يواجه بموجات انتقاد و كان الرد الغالب أم كونك شاعر للفصحى يؤثر على عاميتك ؟ فما رأيك بهذا أيضا ؟
                  كلها أسئلة للنقاش و فتح دائرته
                  و أتمنى من بقية الزملاء التجاوب مع هذا الموضوع القيم

                  محبتي
                  sigpic

                  تعليق

                  • صابر فرج
                    عضو الملتقى
                    • 05-07-2007
                    • 28

                    #10
                    استاذنا الدكتور مصطفى عطية جمعه
                    معك أن صلاح جاهين وحداد والابنودى وسيد حجاب تخطت أعمالهم المحلية وليس ذلك باستخدام الفصحى فى اشعارهم .. العامية المصرية ياسيدى لها طغيان وتواجد عند المتحدث بالعربية ..ولن ندخل فيما يحدث اليوم من محاولة لضربها.. لأنها جزء من المكون الثقافى لمصر..
                    وتواجد الفصحى قد يضر بالعامية ان لم يستخدمها الشاعر المتمكن .. فمثلا:
                    ساعات اشوف الصبح عيل شقى
                    بيشاغب........
                    ......
                    .....
                    ويتبول على المخاليق
                    عملية التبول فى العامية مقززة وكان على الشاعر أن يستخدم الفصحى تلقائيا دون التفكير فى أى محظورات . انت عالم جميل وسوف نستفيد منك كل ماهو جديد فى عالم النقد ، فالعبد الفقير لله بلغ من العمر اكثر من الستين . دمت لنا يادكتور.

                    تعليق

                    • صابر فرج
                      عضو الملتقى
                      • 05-07-2007
                      • 28

                      #11
                      استاذى الدكتور جمال مرسى
                      استخدام الفصحى فى بعض الأحيان يبعد المتلقى عن العمل ، أكيد سيادتك تعرف الشاعر الكبير فؤاد قاعود ، استخدم الفصحى فى بعض مواويله ، فلم ينجح [ وهذا رأى شخصى] أدلل عليه بما كتبته فى هذا الموضوع:
                      إن بساطة الفن خداعة أحيانا !!!!
                      عن فؤاد قاعود ومواويله
                      (1)
                      ارتبط الموال بالحس الشعبي والقيم الاجتماعية والعادات والتقاليد والبطولة الشعبية , فعرفنا موال أدهم الشرقاوي وحسن ونعيمه وغيرهما, ولن ندخل في شكل البنية الفنية للموال فهي معروفة عند جميع الشعراء من موال رباعي وخماسي وسباعي وغيره مما اوجدته تجديدات الشعراء علي مدى رحلة الموال ومثال ذلك موال العم بيرم الشهير:

                      قال ايه مراد ابن آدم قلت له طقه
                      قال ايه يكفي ابن آدم قلت له شقه
                      قال ايه يعجل بعمــره قلت له زقــه
                      قالي ماحدش مخلــد قلت له لأه

                      أما عن موسيقي الموال فهي من البحر البسيط بكل تفريعاته , ومايهمنا ونحن بصدد قراءة مواويل الشاعر الجميل الراحل ابن الأسكندرية فؤاد قاعود أن نعرف مدي الإتجاه الأجتماعي عند هذا الشاعر الذي اعتنق فكرة العدالة الأجتماعية وظل مخلصا لها حتي أخر أيامه, وشعر شاعرنا يصدر عن الحس العميق الانساني بعد تأمله الواعي في معركة مجتمعه وسعيه المتواصل من أجل حياة أكثر أمنا وعدالة ورفاهية. يقول الشاعر في موال الأعداء:

                      للنور ولائي وأعدائي سبع ظلمـــــــــــــات
                      المنع م الشوف وزرع الخوف ف الطرقــــات
                      وعتمة الروح اذا ماعششت ع الـــــــــذات
                      والجهل باللي ح يجري والسكوت ع الــــذل
                      وصلصلات القيود لما تسود الكـــــــــــل
                      وكره مخصوص أكنـــــه للعـــدو السابــــــع
                      أعتي من التاني والسادس وم الرابـــــــــع
                      دا الحب اذ يجلبــــوه م السوق مشتريــات

                      ان سبب مايحدث للبشر كامن في أسباب انسانية. والشاعر جزء من كل لايمكنه مواجهة مشاكله وحلها جزريا , إلا بالتصدي للعوامل الاجتماعية , ومن هنا نستطيع أن نأكد انه استطاع الربط بين رؤية الشاعر وبين مضمون عمله ثم بين مضمون العمل الفني وبين ادوات التعبير التي إختارها, يقول شاعرنا في موال الفرز:

                      أعوذ بالله من النهازه والنهــــــــــــــــــاز
                      من كل أعرج ضمير عمل الشرف عــــكاز
                      نفوس صايبها العفن بس الوجوه بــرواز
                      أعوذ بالله من الكدابه والكـــــــــــــــــداب
                      من كل طاووس مخبي تحت ريشه غراب
                      قالواالادين اللي تدي الخسيس تنعــــض
                      صنف الحدادي يدادي وفي الفرص ينقــض
                      قلت الخلايق معـــادن والزمن فــــــــــــــراز

                      ونحن نظن ان فؤاد قاعود ظل مخلصا لمدرسة بيرم العظيم , ونعتقد ان مواويله أبدع أعماله الشعرية , فهي تعبر عن فكره وفلسفته ورؤيته للعالم الذي نعيشه . وكما فعل مختار مثال مصر الكبير , قام قاعود بنحت مواويله لتكون كقطع الماس , وقد يطلع علينا البعض بأنه لم يكثف ويوجز , واتسمت بعض مواويله بالفضفضه, ولهم كل الحق.لانهم لايعرفون الذائقة الشعبية التى تحب التكرار والضرب علي الحديد وهو ساخن , ولعشاق التكثيف نرد رباعية لقاعود:

                      المجتمع زي الرصيــــف وسخ وعــــايز يتكنس
                      فيه ناس بتعرف ع الرغيف وناس بتعرق م التنس

                      والرجل الشعبي الحكيم يقلب الأمور علي جوانبها المختلفة بغية الوصول الي الرأي القاطع والحاسم حسب إعتقاده, كما أن النفس والوجدان الشعبي يطرب للموسيقي والتجنيس الصوتي في الموال, لذلك انتقلت لنا المواويل القديمه بالتواتر ولم ينتقل لنا النثر الا بالكتابة .

                      ان القيم الاخلاقية التي تهدف إلي مساعدة البشر أو اسعادهم ربما قد تأثر بها معظم الشعراء ولكن عند البعض قد تفقد قيمتها الشعرية من حيث هي, ولاتصبح لها قيمة شعرية الا بعد ان تمر من خلال كيان الشاعر وتظهر ثانية كصفات للخيال حينئذ تصبح قوة هائلة في عالم الشعر وذلك مافعله قاعود ( للنور و لائي وأعدائي سبع ظلمات..... الخ) والنور في شعر قاعود وحياته يعني الكثير( وتو ماتفك مني يد مغلوله/ اقطع بمقطع بيسطع من حروفه النور) وكذلك( يالؤلؤ النور يابنور ع الشفق شفاف) وأيضا( أعلن سقوط الكباري وانقطاع النور) ( وبعد برهة ح يتحقق فناء النور) والشاعر هنا يأمل في أن يكون النور مشرقا لأن القهر ليس كونيا ولكنه قهر وضعي مرتبط بعوامل الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. والقارئ لمواويل قاعود سيجد بعض الشطرات تعلق بذاكرته وتصبح أقوالا مأثوره وكأنها حكمة الفيلسوف... ونذكر بعضها :
                      - هوه الوحيد اللي مبصر والقطيع عميان ( ونردها الي بيرم حينما قال: في الأربعة دول فقي عاجز نظر وخبيث/ قاعد مقرفص وفاتح جبّته الابليس/ لأنه عارف بقي المنزل مافيهش أنيس/ غير المره والمشايح كلهم عميان)
                      - الحر لجل الحقيقة يركب الأهوال
                      - الحر لازم يثور لما الشعور يتمس
                      - وكنت أحزن لو المولي خلقني جماد
                      - غير ابن آدم ماتلقي في الوعود سواف
                      (2)

                      مسألة ثانية قد يراها النقد في هذه المواويل, وهي استخدامه مفردات الفصحي بشكل يمنع من تدفق الشعور بالنسبة للمتلقي .. ومبرر شاعرنا انه اراد ان يحقق جمالية الترصيع الداخلي بشكل ثر, الا اننا نري ان الدور الذي تلعبه الألفاظ في تحقيقة يتفاوت في درحة وضوحه, وهذه الألفاظ بالرغم من انها غير ثابته ولامتحجرة ، فهي ليست علي درجة من المرونه تسمح للشاعر بأن يتعامل معها حسب هواه . وسنكتفي ببعض الأمثله:

                      في موال الآوقات يقول:
                      (العصر مشهد جنازة والصباح مولود/ والضهر ساعة رهق فوقها الزهق ممدود) ولفظة رهق في لسان العرب تعني جهل الانسان وحمقه.

                      وفي موال الجزاء يقول:
                      ( جزت التباب والهضاب والغاب والأكوار)
                      ولفظة الاكوار تعني في لسان العرب : مما يذلل به البعير ويوطأ , ومفرد الأكوار : كور والكور يعني كور الحداد الذي فيه الجمر وتوقد فيه النار .. وأيضا الكور : الأبل الكثيرة العظيمة .. اما ان كان يقصد ماقاله الجوهري في لسان العرب ( الكوره : المدينه والصقع) فجمعها كور وليس الأكوار)

                      وفي موال الاضداد يقول:
                      ( وقبلت شوك القتاد قصاد وداد البان)
                      والقتاد في لسان العرب تعني : شجر له شوك أمثال الأبر

                      اما في موال الجواد يقول:
                      ( اعبر خطوط القنوط واقصد شطوط الشرح/ واستل من لجة الأوشاب لباب الفرح)والأوشاب تعني في لسان العرب: الأخلاط من الناس والأوباش أي الرعاع.

                      وفي نفس الموال السابق يقول( والركض بالرفض أكرم من لعوق الجرح) ونحن نجد ان الهروب يتساوي مع لعوق الجرح والوقوف بشموخ في حالة الرفض أكرم من الهروب , ولكن جمال التركيبة اللفظية سرقه من المعني المراد ايصاله وتلك من آفات استعمال الفصحي.

                      وفي موال القطب يقول:
                      ( ونسجت للروح قوادم من ثبوت ويقين) والقوادم في لسان العرب، تعني قوادم ريش الطير , والقوادم أربع ريشات في مقدم الجناح , ونحن نري ان الثبوت واليقين لايتنسابان مع ريش الطائر , ولكنها كما قلنا آفة استعمال الفصحي في العامية .

                      وفي نفس الموال يقول( رأيت بعين الحقيقة واحتداد الفكر) والحتد: الخالص من كل شئ , والمحتد الأصل والطبع.. وفي مكان أخر من لسان العرب : الحدة مايعتري الانسان من النزق والغضب .. وفي الحديث" الحدة تعتري خيار أمتي" والحدة كالنشاط والسرعة في الأمور .. والمراد هنا الصلابة والمقصد إلي الخير.

                      وفي موال الزار يقول:
                      ( وأعف لما يكف الجوع عن التشويش)مخالفا بذلك قول عنتره:
                      أغشي الوغي وأعف عند المغنم.... والاستخدام المستمر والتواتر يؤكدان علي أن العفة تكون في وجود الشئ لا في عدم وجوده)

                      اما في موال التقطير يقول:
                      ( رقرق نميرك ونمق من عبيرك حان )
                      والنمير هو الماء العذب ، والتنميق تعني النقش .. ونقول : ثوب نميق أو منمق.

                      ويقول ايضا في نفس الموال:
                      ( تتبدل بجلمود عنود عندل ودود نشوان)
                      والجلمود كما يعرف الجميع هو الصخر , والعندل طائر جميل الصوت والجمع عنادل.

                      ونكتفي بهذه الأمثله للتدليل علي أن استخدام الفصحي ليس في صالح العامية في بعض استخدامها ، لأن تراكيب العامية مختلفة تماما عن تراكيب الفصحي.
                      وفي نهاية هذه الورقة لانملك سوي أن نترحم علي شاعر مبدع سكندري , عاش بعيدا عن الشللية والأضواء وقدم لنا تجاربه بما لها وما عليها .


                      صابر محمد فرج

                      تعليق

                      يعمل...
                      X