القيم والعادات الاجتماعية
فـــــى مربعات " ابن عــــــروس"
ـــــــــــــــــــ
صابرمحمد فرج
يقولا" مكيفر وبيج"( انه لايرجي للنظم السائدة والروابط أي إنتظام بمعني الكلمة إلا إذا ارتكزت واعتمدت علي مركب معتمد من صنوف مختلفة من العادات وأساليب السلوك) (1)
إذن العادات سلطة المجتمع غير المدونه في قوانين أو دساتير وهي محفوظة في صدورالبشر وتحيط بالانسان في كل مناسبة وفي جميع تعاملاته مع غيره في المجتمع 0 ومن هنا تتضح الأهمية العظمي للعادات وذلك لتدخلها في سائر نواحي الحياة ، وتعتبر العادات الاجتماعية " العقل الجمعي" أو مايسميه( سمنر) روح الجماعة0
ومن مميزات العادات الاجتماعية أنها ذات سلطة وسلطان علي الأفراد ، فهي تلزم افراد المجتمع، ويجد الفرد في طاعتها راحة0
وكل مجتمع له عاداته الاجتماعية التي تتناغم مع القيم التي اعتنقها ومعاييرالخيروالشر، الصواب والخطأ، وقد يري مجتمع أن بعض العادات عادية ويراها مجتمع آخر شاذة، مثلما قال المويلحي في حديث عيسي بن هشام " ولايتحتم أن مايكون ذا نفع عندالغربيين يكون له نفع عند الشرقيين" والعادات الاجتماعية مرغوب فيها ومحببه إلي الأفراد ، ولعملية التنشئة الاجتماعية أهمية كبيرة في ثبات تلك العادات التي تصبح مقبوله من الجميع، ومن يخرج عليها وينحرف عنها يتعرض إلي عقوبات الرأي الجمعي بمختلف أنواع التحقير الاجتماعي0
دور الشاعر في تدعيم القيم والعادات الاجتماعية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
عندما يضع المجتمع قيمه ومثله وعاداته، نجد الفنان صاحب المشاعر الرقيقة يجري وراء رغبته المباشرة نحو الإصلاح من نقائص المجتمع ويعتبر ذلك الخلل مثلبة يجب الوقوف أمامها ومحاربتها، وهذا مافعله" ابن عروس"في مربعاته والتي ضمنها المعاني الأصيله للقيم والمثل ، ولقد تنوعت في مصر أنواع الكتابة الأدبية ولكن براعة شاعرنا التي أبدعت هذه المربعات تقف وحدها شامخة وذات دلالة علي الحس القومي بمشكلات المجتمع ، ولما كان حيز المربعه لايسمح بالاستهلال وإنما بالمباشرة والدخول في صميم الموضوع مع التركيز والتكثيف، والاستغناء عن كل ماهو زائد/ الثرثره جعلها تقترب بل تكون هي النموذج الأمثل للقصيدة الومضة0
الدعوة إلي القيم المثالية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول " ابراهيم حلمي" (2) هناك أنواع من القيم تسمي بالقيم المثالية التي يحس الناس استحالة تحقيقها بصورة كاملة مثل القيم التي تدعو إلي مقابلة الإساءة بالإحسان ، وقد يعجز الفرد في الواقع عن الالتزام بها، ولكن مع ذلك ، إذا تبناها فإنه يعدّل كثيرا من سلوكه 0 مثلما يقول" ابن عروس"
قلّل كلامك وخليـــــــك في كل محفل مـــوقــر
واحسن لمن كان يأذيك بالسـوء في كل محضر
كما أن مربعاته تدعو إلي فضيلة الخير والبعد عن الشر وتلك رسالة سامية ،فيقول:
اللي علي الخير هنيــه وبشره بالغنيمـــــــــه
واللي علي الشر عزيه بكره يلاقي الهزيمـــه
وإكرام الضيف قيمه وعادة وسلوك متبع وكامن في الضمير العربي ، ويؤكد عليه " ابن عروس"
الجود ماهواش بمـــــال/ ولا بلبس القماشــــي
دا طبع في الشخص سلسال/ لاهو بماله ولاشي
ويقول المثل العربي ( القناعة كنز لايفني) ويجئ "ابن عروس" ليؤكده من خلال مربعته الرائقة:
كسره من الزاد تكفيك وتبقي نفسك عفيفــه
والقبر بكره يطويـــك وتنام في جارالخليفه
أما عن قيمة الصدق ، فحدث ولاحرج ، قال تعالي" ليسأل الصادقين عن صدقهم" وقال الشاعر القديم " وفي الصدق منجاة من الشر فاصدق" وعدم الصدق رذيله ، وشهادة الزور من ضمن رذائل الكذب والتي يحقّرها ويحقّر فاعلها شاعرنا " ابن عروس" في مربعه :
ماأشقاك ياشاهد الزور في الحشر حالك يحزّن
ذنبك لدي الناس مشهور في يوم يبان المخــــزّن
والترابط الأسري قوة للمجتمع ويقف أمامنا المثل الشعبي ( أهلك لاتهلك) فيجئ شاعرنا " ابن عروس" ليقول:
ماينجدك غير أهلــــك ولاينفعك غير مالــــك
واحلف يمين بعد أمــك حبيب م النسا مابقا لك
ومن ضمن المربعات التي تنفّر من الرذائل ويحذرنا فيها شاعرنامن الإنسان الخائن/البغيض 00 والذي لايحمل لك سوي العداوة ، فيقول:
من يبغضك لم يحبــــــك ولو طعمتو الحلاوه
السن للسن ضاحــــــــك والقلب كله عـــداوه
ونعتقد أن الفنان الشعبي تأثر بهذا المربع في مواله السباعي (3)
صاحبت إنسان وعينه للطمـــع فاتحـــــــــــه
بيعمل أطرش وودنه للسمــــــع فاتحـــــــــــه
عن الحلال صام وبطنه للحرام فاتحـــــــــــه
أتريه مكروه وعلي فعله الخلايق شاهــــــــده
بينضح المر ولاعمره بينضح شهــــــــــــــــد
ومهما احترمته وأكلته المروّق شهـــــــــــــــد
خوان للعهد ولايقرا معاك فاتحـــــــــــــــــه
ومن خلال حكمة الشعب المصري الأصيلة/ الأمثال الشعبية 00 المضمغه بالقيم ، يعيد لنا " ابن عروس" صياغة الحكم والأمثال في مربعاته ، فمثلا يتخذ معني المثل الشعبي ( علمت فيك والطبع فيك غالب ، وديل الكلب لم ينعدل ولو علقوا فيه قالب ) فيقول:
نصحتك ما اتنصحــــت والطبع فيك غالــب
وديل الكلب لم يتعــــــدل لو حطوا فيه قالــب
وكما يقول المثل ( لسانك حصانك ان صنته صانك) يقول" ابن عروس"
صابونة العدو ماترغيــــــــش وإن رغت ياللا السلامـــه
إن قعدت في مطرح ماترغيش حتي تقوم بالسلامــــــــــه
ويجئ الفنان الشعبي بعد أجيال ليقول:
زلة لسانك تسقطك من عين كل أهل كمـــــــال
واعــــلم بإن الرجال مابتتقلِش بمــــــــــــــال
لو كنت تقل الجبال ع الأرض ماتعلـــــــــــم
وينبه " ابن عروس" أفراد مجتمعه بالبعد عن النذل/ صاحب الخصال الذميمه، فيقول:
الندل له طعم مالـــــح وله خصايل ذميمـه
القرب منه فضايـــــح والبعد عنه غنيمـــه
أما الشاعرالشعبي المتأثربقول " ابن عروس" فيقول : في مواله0
في الندل هات العصا العوجه وانزل دق
اكمنه تعبان انزل فوق دمــــــــــاغه دق
ماعرفشي طعم الشرف ولا حتي طعمه داق
لابينفعك في الشتا ولايكرمك في الصيــــف
شاطر في أكل الحرام زي اللهيب في السـف
تملي سقعان ومكرمش في عز الصيـــــــف
ولاتلتقي ضيف علي بابهم في مــــــــــره دق (4)
وابن عروس يلتمس العذرلمن يوافق علي غيرالحقيقه ، ويعمل بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات ولكنه يطالب علاج وإصلاح هذه الآفة
التي تضربالمجتمع، فيقول:
طبيبي بالعجل إ لحــــــق هات لي دواك الموافق
فيه ناس كتيربتعرف الحق/ ولجل الضرورة توافق
كما أن التطلعات دائما ماتصيب أفراد المجتمع لذلك يدعونا إلي عيشة البساطة والقناعة ويذكرنا بالمثل الشائع( علي قد لحافك مد رجليك) :
كل عيشك بملحك وفجــلك وعيش عيشـة جدودك
واتمد علي قد رجلـــــــــك بلاش تزيد عن حدودك
والأنسان المصري الصبور دائما مايتحمل المصائب ويصبر علي كل الأحوال وهنا يستدعي " ابن عروس" المثل الشائع ( الصبر مفتاح الفرج )
فيقول في مربعه:
لاأنام علي الشوك عريان واصبر علي ماجرالي
واصبر عليك يازمــــــان حتي ينعدل حـــالـــــي
ويجئ بعد منه الشاعر الشعبي وبنفس المعني فيقول: (5)
أمش علي الشوك حفيان/ وأضحك مع اللي جفاني
وأصبر علي ظلم الأيام / لمن ينعدل زمــــــــــاني
والكلمات هي نفس الكلمات إلي حد كبير ولكننا نجد شاعرنا
" ابن عروس" دون الآخرمع أن الكلمات واحدة، ويرجع ذلك الي مقدرة الشــــــــــاعر في إحداث المجاورة الموحية والشائقة/ المناسبة للكلمات0
ومن المفارقات في هذا المجال أن زين الدولة الحسين بن الوزير أبي الكرم قال شعرا في مجلس الملك الصالح المتوفي سنة 746 هـ وجمع متضادين وهما النار والماء في جوانحه ودلل علي مهارته في صياغة هذا المعني فقال:
وإذا تشب النار بين أضــالعي قابلتها من أدمعي بسيــول
فأنا الغريق بل الحريق أموت في/ هذا وذا كذبالة القنديــــــــل
وفي نفس المجلس أنشد أحد عوام بغداد من الكان كان نفس المعني ، واستعمل نفس الكلمات ، فجاء شعره العامي أروع وأدق:
النار بين ضلــــــــوعي وأنا غريق مدامعـــي
كأني فتيلة قنديــــــــــــل أمـوت حريق وغريق (6)
والشاعر العامي هنا أعطي للكلمات المتداولة ، لغة شاعرية هامسة ، كانت قليلة التأثير قبل استعمالها في شعره0
وهكذا نجد أن " ابن عروس" يأخذ من الناس فلسفتهم وحكمتهم ثم يردهما إليهم بمربعاته السريعة القصيرة / الموجزه/ الطلقة / فتهزهم هزا0
ونعتقد في نهاية هذه الاطلالة أنه من الضروري أن نوجه نظر القارئ إلي أنه في العامية بالذات تكون الأذن مقياس صحة الوزن ، لأن اللسان العامي قدلايشبع مخارج الحروف مثل الكتابة وقد يلجأ إلي الحذف والإدغام ويهتم بالنطـق0
( صابرمحمد فرج)
فـــــى مربعات " ابن عــــــروس"
ـــــــــــــــــــ
صابرمحمد فرج
يقولا" مكيفر وبيج"( انه لايرجي للنظم السائدة والروابط أي إنتظام بمعني الكلمة إلا إذا ارتكزت واعتمدت علي مركب معتمد من صنوف مختلفة من العادات وأساليب السلوك) (1)
إذن العادات سلطة المجتمع غير المدونه في قوانين أو دساتير وهي محفوظة في صدورالبشر وتحيط بالانسان في كل مناسبة وفي جميع تعاملاته مع غيره في المجتمع 0 ومن هنا تتضح الأهمية العظمي للعادات وذلك لتدخلها في سائر نواحي الحياة ، وتعتبر العادات الاجتماعية " العقل الجمعي" أو مايسميه( سمنر) روح الجماعة0
ومن مميزات العادات الاجتماعية أنها ذات سلطة وسلطان علي الأفراد ، فهي تلزم افراد المجتمع، ويجد الفرد في طاعتها راحة0
وكل مجتمع له عاداته الاجتماعية التي تتناغم مع القيم التي اعتنقها ومعاييرالخيروالشر، الصواب والخطأ، وقد يري مجتمع أن بعض العادات عادية ويراها مجتمع آخر شاذة، مثلما قال المويلحي في حديث عيسي بن هشام " ولايتحتم أن مايكون ذا نفع عندالغربيين يكون له نفع عند الشرقيين" والعادات الاجتماعية مرغوب فيها ومحببه إلي الأفراد ، ولعملية التنشئة الاجتماعية أهمية كبيرة في ثبات تلك العادات التي تصبح مقبوله من الجميع، ومن يخرج عليها وينحرف عنها يتعرض إلي عقوبات الرأي الجمعي بمختلف أنواع التحقير الاجتماعي0
دور الشاعر في تدعيم القيم والعادات الاجتماعية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
عندما يضع المجتمع قيمه ومثله وعاداته، نجد الفنان صاحب المشاعر الرقيقة يجري وراء رغبته المباشرة نحو الإصلاح من نقائص المجتمع ويعتبر ذلك الخلل مثلبة يجب الوقوف أمامها ومحاربتها، وهذا مافعله" ابن عروس"في مربعاته والتي ضمنها المعاني الأصيله للقيم والمثل ، ولقد تنوعت في مصر أنواع الكتابة الأدبية ولكن براعة شاعرنا التي أبدعت هذه المربعات تقف وحدها شامخة وذات دلالة علي الحس القومي بمشكلات المجتمع ، ولما كان حيز المربعه لايسمح بالاستهلال وإنما بالمباشرة والدخول في صميم الموضوع مع التركيز والتكثيف، والاستغناء عن كل ماهو زائد/ الثرثره جعلها تقترب بل تكون هي النموذج الأمثل للقصيدة الومضة0
الدعوة إلي القيم المثالية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول " ابراهيم حلمي" (2) هناك أنواع من القيم تسمي بالقيم المثالية التي يحس الناس استحالة تحقيقها بصورة كاملة مثل القيم التي تدعو إلي مقابلة الإساءة بالإحسان ، وقد يعجز الفرد في الواقع عن الالتزام بها، ولكن مع ذلك ، إذا تبناها فإنه يعدّل كثيرا من سلوكه 0 مثلما يقول" ابن عروس"
قلّل كلامك وخليـــــــك في كل محفل مـــوقــر
واحسن لمن كان يأذيك بالسـوء في كل محضر
كما أن مربعاته تدعو إلي فضيلة الخير والبعد عن الشر وتلك رسالة سامية ،فيقول:
اللي علي الخير هنيــه وبشره بالغنيمـــــــــه
واللي علي الشر عزيه بكره يلاقي الهزيمـــه
وإكرام الضيف قيمه وعادة وسلوك متبع وكامن في الضمير العربي ، ويؤكد عليه " ابن عروس"
الجود ماهواش بمـــــال/ ولا بلبس القماشــــي
دا طبع في الشخص سلسال/ لاهو بماله ولاشي
ويقول المثل العربي ( القناعة كنز لايفني) ويجئ "ابن عروس" ليؤكده من خلال مربعته الرائقة:
كسره من الزاد تكفيك وتبقي نفسك عفيفــه
والقبر بكره يطويـــك وتنام في جارالخليفه
أما عن قيمة الصدق ، فحدث ولاحرج ، قال تعالي" ليسأل الصادقين عن صدقهم" وقال الشاعر القديم " وفي الصدق منجاة من الشر فاصدق" وعدم الصدق رذيله ، وشهادة الزور من ضمن رذائل الكذب والتي يحقّرها ويحقّر فاعلها شاعرنا " ابن عروس" في مربعه :
ماأشقاك ياشاهد الزور في الحشر حالك يحزّن
ذنبك لدي الناس مشهور في يوم يبان المخــــزّن
والترابط الأسري قوة للمجتمع ويقف أمامنا المثل الشعبي ( أهلك لاتهلك) فيجئ شاعرنا " ابن عروس" ليقول:
ماينجدك غير أهلــــك ولاينفعك غير مالــــك
واحلف يمين بعد أمــك حبيب م النسا مابقا لك
ومن ضمن المربعات التي تنفّر من الرذائل ويحذرنا فيها شاعرنامن الإنسان الخائن/البغيض 00 والذي لايحمل لك سوي العداوة ، فيقول:
من يبغضك لم يحبــــــك ولو طعمتو الحلاوه
السن للسن ضاحــــــــك والقلب كله عـــداوه
ونعتقد أن الفنان الشعبي تأثر بهذا المربع في مواله السباعي (3)
صاحبت إنسان وعينه للطمـــع فاتحـــــــــــه
بيعمل أطرش وودنه للسمــــــع فاتحـــــــــــه
عن الحلال صام وبطنه للحرام فاتحـــــــــــه
أتريه مكروه وعلي فعله الخلايق شاهــــــــده
بينضح المر ولاعمره بينضح شهــــــــــــــــد
ومهما احترمته وأكلته المروّق شهـــــــــــــــد
خوان للعهد ولايقرا معاك فاتحـــــــــــــــــه
ومن خلال حكمة الشعب المصري الأصيلة/ الأمثال الشعبية 00 المضمغه بالقيم ، يعيد لنا " ابن عروس" صياغة الحكم والأمثال في مربعاته ، فمثلا يتخذ معني المثل الشعبي ( علمت فيك والطبع فيك غالب ، وديل الكلب لم ينعدل ولو علقوا فيه قالب ) فيقول:
نصحتك ما اتنصحــــت والطبع فيك غالــب
وديل الكلب لم يتعــــــدل لو حطوا فيه قالــب
وكما يقول المثل ( لسانك حصانك ان صنته صانك) يقول" ابن عروس"
صابونة العدو ماترغيــــــــش وإن رغت ياللا السلامـــه
إن قعدت في مطرح ماترغيش حتي تقوم بالسلامــــــــــه
ويجئ الفنان الشعبي بعد أجيال ليقول:
زلة لسانك تسقطك من عين كل أهل كمـــــــال
واعــــلم بإن الرجال مابتتقلِش بمــــــــــــــال
لو كنت تقل الجبال ع الأرض ماتعلـــــــــــم
وينبه " ابن عروس" أفراد مجتمعه بالبعد عن النذل/ صاحب الخصال الذميمه، فيقول:
الندل له طعم مالـــــح وله خصايل ذميمـه
القرب منه فضايـــــح والبعد عنه غنيمـــه
أما الشاعرالشعبي المتأثربقول " ابن عروس" فيقول : في مواله0
في الندل هات العصا العوجه وانزل دق
اكمنه تعبان انزل فوق دمــــــــــاغه دق
ماعرفشي طعم الشرف ولا حتي طعمه داق
لابينفعك في الشتا ولايكرمك في الصيــــف
شاطر في أكل الحرام زي اللهيب في السـف
تملي سقعان ومكرمش في عز الصيـــــــف
ولاتلتقي ضيف علي بابهم في مــــــــــره دق (4)
وابن عروس يلتمس العذرلمن يوافق علي غيرالحقيقه ، ويعمل بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات ولكنه يطالب علاج وإصلاح هذه الآفة
التي تضربالمجتمع، فيقول:
طبيبي بالعجل إ لحــــــق هات لي دواك الموافق
فيه ناس كتيربتعرف الحق/ ولجل الضرورة توافق
كما أن التطلعات دائما ماتصيب أفراد المجتمع لذلك يدعونا إلي عيشة البساطة والقناعة ويذكرنا بالمثل الشائع( علي قد لحافك مد رجليك) :
كل عيشك بملحك وفجــلك وعيش عيشـة جدودك
واتمد علي قد رجلـــــــــك بلاش تزيد عن حدودك
والأنسان المصري الصبور دائما مايتحمل المصائب ويصبر علي كل الأحوال وهنا يستدعي " ابن عروس" المثل الشائع ( الصبر مفتاح الفرج )
فيقول في مربعه:
لاأنام علي الشوك عريان واصبر علي ماجرالي
واصبر عليك يازمــــــان حتي ينعدل حـــالـــــي
ويجئ بعد منه الشاعر الشعبي وبنفس المعني فيقول: (5)
أمش علي الشوك حفيان/ وأضحك مع اللي جفاني
وأصبر علي ظلم الأيام / لمن ينعدل زمــــــــــاني
والكلمات هي نفس الكلمات إلي حد كبير ولكننا نجد شاعرنا
" ابن عروس" دون الآخرمع أن الكلمات واحدة، ويرجع ذلك الي مقدرة الشــــــــــاعر في إحداث المجاورة الموحية والشائقة/ المناسبة للكلمات0
ومن المفارقات في هذا المجال أن زين الدولة الحسين بن الوزير أبي الكرم قال شعرا في مجلس الملك الصالح المتوفي سنة 746 هـ وجمع متضادين وهما النار والماء في جوانحه ودلل علي مهارته في صياغة هذا المعني فقال:
وإذا تشب النار بين أضــالعي قابلتها من أدمعي بسيــول
فأنا الغريق بل الحريق أموت في/ هذا وذا كذبالة القنديــــــــل
وفي نفس المجلس أنشد أحد عوام بغداد من الكان كان نفس المعني ، واستعمل نفس الكلمات ، فجاء شعره العامي أروع وأدق:
النار بين ضلــــــــوعي وأنا غريق مدامعـــي
كأني فتيلة قنديــــــــــــل أمـوت حريق وغريق (6)
والشاعر العامي هنا أعطي للكلمات المتداولة ، لغة شاعرية هامسة ، كانت قليلة التأثير قبل استعمالها في شعره0
وهكذا نجد أن " ابن عروس" يأخذ من الناس فلسفتهم وحكمتهم ثم يردهما إليهم بمربعاته السريعة القصيرة / الموجزه/ الطلقة / فتهزهم هزا0
ونعتقد في نهاية هذه الاطلالة أنه من الضروري أن نوجه نظر القارئ إلي أنه في العامية بالذات تكون الأذن مقياس صحة الوزن ، لأن اللسان العامي قدلايشبع مخارج الحروف مثل الكتابة وقد يلجأ إلي الحذف والإدغام ويهتم بالنطـق0
( صابرمحمد فرج)
تعليق