الأستاذ الجليل الدكتور أحمد الليثي : أقف إجلالا واحتراما أمام تدخلك الذي طرح إشكالا كبيرا في قراءة النص الشعري العربي الحديث عامة وقصيدة النثر الخالصة خاصة .
" قصيدة الشاعرة نجلاء الرسول قصيدة نثر خالصة" . إنها قصيدة نثر بكل مقومات هذا الشكل الشعري الذي نظَّرتْ له كتابات نقدية غربية وعربية . ولا يمكن بأي حال من الأحوال قراءته وتقبُّله ونحن نلج بوابته بمقاييسنا النقدية العربية الموروثة التي تختزل الشعر في الكلام الموزون المقفى الذي يدل على معنى، أو مقاييس النقد المتطور عنها .
إن قصيدة النثر بلا معنى جاهز يمكن أن يتفق عليه كل القراء ، لكنها في الآن نفسه لا تخلو من معان متعددة محتملة ولا نهائية يبدعها القارئ .
فقصيدة النثر لعبة إبداعية يفرغ فيها الشاعر الكلمات من معانيها المتداولة والمألوفة ويعيد تركيبها في جمل تبدو معها غريبة كل الغرابة ، حتى إن أدونيس سمى قصيدته الأولى في أغاني مهيار الدمشقي " فارس الكلمات الغريبة "، ومهمة القارئ أن يبحث لها عن معان ممكنة ، وينتج معرفة بها، ليست بالضرورة لها علاقة بما يقصده الشاعر، الذي قد لا يقصد شيئا سوى ذلك الإبداع الجميل الذي تبوح به العلاقات التركيبية بين الكلمات . وكلما كانت الجملة الشعرية أكثر غرابة كلما كانت القراءة التأويلية أرحب أفقا وأغنى دلالة .
و حينما نتحدث عن الأنقى والأصفى، فالقصد ليس في المعنى لا ولا في الأسلوب، وإنما القصد غياب كل خصائص النثر من سرد واستطراد ووصف وتتابع للأفكار ووضوحها ، والتخلص من رقابة العقل والحواس، ليصبح النص عبارة عن أحاسيس خالصة وصافية ونقية من شوائب العقل لا يربط بينها رابط منطقي ،وإنما يربطها رابط ذاتي فرداني شخصاني كما أفكار الحلم التي لا يمكن تفسيرها بالعقل وحده،إن قصيدة النثر شكل من أشكال الشعرية العربية التي لم تعد خاضعة لنسق نظرية عمود الشعر بعناصرها المعروفة".
يمكن أن يكون العنوان مدخلا لقراءة النص ، فالجدران أربعة ، والنص يضيف جدارا خامسا، جسده في رقصة بوزان، فما هو هذا الجدار؟ وما طبيعته؟ وما هي العبارات والجمل في النص الذي تصب في دلالة الجدار كحاجز بين الذات وموضوعها ؟ أسئلة أولية تحتاج إلى تدقيق، يمكن تأملها ومحاولة الإجابة عنها،لإنتاج معرفة منسجمة بالنص وإكسابه معنى .
ويمكن أن تكون هناك مداخل أخرى للنص ، كأن أن نطرح عليه سؤال الحداثة الذي تختزلها الشعرية العربية في التمرد على كل ما هو جاهز وقائم من أشكال ودلالات وقيم وتراكيب ومعان ، و إعلان القطيعة تلو القطائع مع المعلوم ، والدخول الكلي في المجهول.
ولا شك أن قصيدة نجلاء الرسول يتحقق فيها هذا التمرد.
خلاصة القول، إن قصيدة النثر الخالصة لا يمكن مقاربتها في غياب خلفية نظرية تنظِّر لها وتحدد أسسها وخصائصها البنائية . وقد قدمت في بوابة دراسات نقدية مقالا في الموضوع.
إنني لست من كتاب قصيدة النثر الخالصة ،و لكنني لست ضدها ، أقرأها وأحللها متى استطعت إلى ذلك سبيلا ،و لا أستطيع أن أخفي إعجابي بقصائد نجلاء حتى ولو لم أقتحم عالمها الخفي واكتفيت بلوحات لغتها الشعرية التي تأسرني كقارئ للشعر الحديث بكل أشكاله. توقف الأستاذ أحمد المحترم عند كلمة مثقلة ، وله الحق في ذلك ،إذ فهمها بمعناها السلبي ، وأقول إنني لا أقصد ذلك ، وإنما أقصد العكس تماما أي المحملة ، وقد استعملت كلمة المثقلة ترشيحا لاستعارة الكثافة التي هي صفة من صفات الأحجام ، فكلما ازداد الحجم كثافة إلا وازداد ثقلا.
مع احترامي لكل الآراء ، فنحن في مجال الدراسات الأدبية مجال الاختلاف بامتياز.
" قصيدة الشاعرة نجلاء الرسول قصيدة نثر خالصة" . إنها قصيدة نثر بكل مقومات هذا الشكل الشعري الذي نظَّرتْ له كتابات نقدية غربية وعربية . ولا يمكن بأي حال من الأحوال قراءته وتقبُّله ونحن نلج بوابته بمقاييسنا النقدية العربية الموروثة التي تختزل الشعر في الكلام الموزون المقفى الذي يدل على معنى، أو مقاييس النقد المتطور عنها .
إن قصيدة النثر بلا معنى جاهز يمكن أن يتفق عليه كل القراء ، لكنها في الآن نفسه لا تخلو من معان متعددة محتملة ولا نهائية يبدعها القارئ .
فقصيدة النثر لعبة إبداعية يفرغ فيها الشاعر الكلمات من معانيها المتداولة والمألوفة ويعيد تركيبها في جمل تبدو معها غريبة كل الغرابة ، حتى إن أدونيس سمى قصيدته الأولى في أغاني مهيار الدمشقي " فارس الكلمات الغريبة "، ومهمة القارئ أن يبحث لها عن معان ممكنة ، وينتج معرفة بها، ليست بالضرورة لها علاقة بما يقصده الشاعر، الذي قد لا يقصد شيئا سوى ذلك الإبداع الجميل الذي تبوح به العلاقات التركيبية بين الكلمات . وكلما كانت الجملة الشعرية أكثر غرابة كلما كانت القراءة التأويلية أرحب أفقا وأغنى دلالة .
و حينما نتحدث عن الأنقى والأصفى، فالقصد ليس في المعنى لا ولا في الأسلوب، وإنما القصد غياب كل خصائص النثر من سرد واستطراد ووصف وتتابع للأفكار ووضوحها ، والتخلص من رقابة العقل والحواس، ليصبح النص عبارة عن أحاسيس خالصة وصافية ونقية من شوائب العقل لا يربط بينها رابط منطقي ،وإنما يربطها رابط ذاتي فرداني شخصاني كما أفكار الحلم التي لا يمكن تفسيرها بالعقل وحده،إن قصيدة النثر شكل من أشكال الشعرية العربية التي لم تعد خاضعة لنسق نظرية عمود الشعر بعناصرها المعروفة".
يمكن أن يكون العنوان مدخلا لقراءة النص ، فالجدران أربعة ، والنص يضيف جدارا خامسا، جسده في رقصة بوزان، فما هو هذا الجدار؟ وما طبيعته؟ وما هي العبارات والجمل في النص الذي تصب في دلالة الجدار كحاجز بين الذات وموضوعها ؟ أسئلة أولية تحتاج إلى تدقيق، يمكن تأملها ومحاولة الإجابة عنها،لإنتاج معرفة منسجمة بالنص وإكسابه معنى .
ويمكن أن تكون هناك مداخل أخرى للنص ، كأن أن نطرح عليه سؤال الحداثة الذي تختزلها الشعرية العربية في التمرد على كل ما هو جاهز وقائم من أشكال ودلالات وقيم وتراكيب ومعان ، و إعلان القطيعة تلو القطائع مع المعلوم ، والدخول الكلي في المجهول.
ولا شك أن قصيدة نجلاء الرسول يتحقق فيها هذا التمرد.
خلاصة القول، إن قصيدة النثر الخالصة لا يمكن مقاربتها في غياب خلفية نظرية تنظِّر لها وتحدد أسسها وخصائصها البنائية . وقد قدمت في بوابة دراسات نقدية مقالا في الموضوع.
إنني لست من كتاب قصيدة النثر الخالصة ،و لكنني لست ضدها ، أقرأها وأحللها متى استطعت إلى ذلك سبيلا ،و لا أستطيع أن أخفي إعجابي بقصائد نجلاء حتى ولو لم أقتحم عالمها الخفي واكتفيت بلوحات لغتها الشعرية التي تأسرني كقارئ للشعر الحديث بكل أشكاله. توقف الأستاذ أحمد المحترم عند كلمة مثقلة ، وله الحق في ذلك ،إذ فهمها بمعناها السلبي ، وأقول إنني لا أقصد ذلك ، وإنما أقصد العكس تماما أي المحملة ، وقد استعملت كلمة المثقلة ترشيحا لاستعارة الكثافة التي هي صفة من صفات الأحجام ، فكلما ازداد الحجم كثافة إلا وازداد ثقلا.
مع احترامي لكل الآراء ، فنحن في مجال الدراسات الأدبية مجال الاختلاف بامتياز.
تعليق