الخطيب
وقف أمام المرآة ، أمسك بالمشط وبدأ يسرح شعره ، ثم وضع قليلاً من الكولونيا بين كفيه وفركهما ومسحهما بلطف على وجهه الحليق ، مد يده الى ربطة عنقه ، شدّ ها ونادى قائلاً :
- هاتي الجاكيت معكِ ،جاهز وبانتظاركِ ، لقد حان موعدنا ...أسرعي ...؟
- أصبحتُ جاهزة …ثوانٍ فقط وما علينا إلا النزول الى السيارة ( الصوت آتٍ من الغرفة الثانية )
بعد لحظات كانا في السيارة ... نظر الى ساعته والتفت إليها .
- أغلقي الباب بإحكام ؟….
وتحركت السيارة ،سلكت الطريق العام ،أثناء ذلك قالت له: ماذا سنفعل...؟
كان يجب أن يرافقنا هو أيضاً، ففي مثل هذه الحالة يستوجب حضوره .
- لا عليكِ ، سأتصرف بلباقة وكأنه حاضر... لا تقلقي ولا تحتاري .
(رفع صوت آلة التسجيل قليلاً )،ضغط على (دعسة ) البنزين حيث بدأ مؤشر السرعة بالزيادة ... بعد مرور نصف ساعة، توقفت السيارة أمام دار فسيحة ،
مسورة بأشجار السرو والحور وبعض أشجار الورود ... باب كبير ، خاص لدخول السيارات والجرارات والآلات الزراعية ، وباب صغير عادي ،جميل ،
ذو نقوش وتزيينات محاطة بقطع رخامية .
- قال في سره : يبدو أنهم أثرياء جداً.
- قالت في سرها : يبدو أنهم يعيشون أرغد عيش .
قرعا الجرس ، بعد هُنيهة اتجه نحوهم رجل كبير وسيم ذو هيبةٍ ووقار ، ومدَ
يده للمصافحة ... أهلاً ... أهلاً وسهلاً بالضيوف ، أنا فلان الفلاني والد فلانة،
تفضلا ...من هنا ... أهلاً وسهلاً على الرحب والسعة ...
- تشرفنا ... نحن ...
- أعلم بذلك ... لقد أخبروني وأنا بانتظاركم منذ لحظات ...تفضلا من هنا .
دخلا غرفة الضيوف ...جلساعلىالأرائك (لم يروها إلا من خلال التلفزيون)
نظرا الى بعضهما ، استرقا النظر الى المحتويات الموجودة في الغرفة ... ياه ...! سجاد أعجمي ...! فازات ...! ترابيزات مذهبة من النوع الفاخر ، ثريات ...! تتلألأ في سماء الغرفة ، تحفٌ في صدرها تذكرك بالسنين الغابرة .
- قالت : إذا وافقوا سنكون من المحظوظين في هذه الدنيا وسيكون الله تعالى قد لبى دعواتنا .
- قال : لقد أنعم الله عليهم ، ألم تنتبهي الى الكراج ، فيه جميع أنواع الآلات .. جرارات ... سيارات ...بيكابات آخر مود يل ( أبو طاقه ).
كان لعابهما يسيلان من كثرة الاندهاش والسرور، خاصة وانهم لقيا ترحيباً حاراً من كبير العائلة حيث قال لهم بأنه كان بانتظارهم ، أي أنهم موافقون مائة بالمائة .
- قالت :يا رب لا تسود وجهنا ...
- قال : يا رب افتحها بوجهنا ...
دخل المحترم ومعه أفراد عائلته ، حيث رحبوا بهما أيما ترحيب ، وقدموا أفخر أنواع الضيافة وخاصة ذلك التفاح الأحمر الذي تزن الواحدة منه حوالي نصف كيلو غرام تقريباً ... وذاك العرموط المستوي ...
بعد الضيافة ، ابتسم الرجل المحترم وقال :لم يبقَ لنا إلا أن نضيفكم فنجان القهوة ... أليس كذلك ؟
كان يقصد التعرف على ابنتهم حسب الشرع لموافقة الطرفين ولخـلوهما من الأعذار ـ هذا هو العرف والعادة ـ غَمزَ المحترم لأحدهم ، ففهم منه الرسالة أو الشيفرة ، فذهب لابلاغ الابنة ، لتحضير القهوة وتقديمها لهم .بعد لحظات كانت القهوة جاهزة ، أو بالأحرى جاهزة مسبقاً ولكنها بانتظار الإذن بالدخول .
ها قد دخلت الابنة ، صينية القهوة ترتجف بين يديها ، تتصبب عرقاً من شدة الخجل والفرح بآنٍ واحد.كانت تبلغ من العمر عقدها الثالث ، ذات بشرة حنطية ، طويلة القامة ، شعر أسود فاحم ، مسترسل ، وعينان صغيرتان كثقب الإبرة ، وأنف معقوف ...
بعد أن قدمت القهوة ، جلست قرب أختها الصغرى والتي كادت بدورها ، أن تطير فرحاً ، أصبح الضيفان يسترقان النظر من حين الى آخر، لرؤيتها بشكل أفضل ، حيث كانت تنظر إليها من أخمص قدميها الى فروة شعرها . ثم أخذت رشفة من القهوة وقالت :
- فتيات اليوم يُصبغنَ شعرهن بالأشقر أو الأسود الفاحم ، لقد أصبحت موضة هذه الأيام ...آخ من الموضة ...كل يوم شكل .
- ردّتْ أم الفتاة الحمد لله لقد وهبها أجمل شعر وهي ليست بحاجة الى صبغه أو ما شابه ذلك ، ثم أن عائلتنا ، أقصد عائلة أبي ،جميعهم بهذا اللون .وهي أخذت هذه الصفة الوراثية من خالها الكبير . خجلت الابنة فاستأذنت بالانصراف ولحقتها الأخت الصغرى.التفت الرجل المحترم الى ضيفه وقال :
- إيه، يا بني ...وأنت ماذا تعمل ؟ هل أنت موظف ؟ أم تاجر؟ أم مزارع ؟ لا اعتقد بانك موظف،لأن الراتب لا يساعدك لشراء سيارة ...أليس كذلك..؟
- صحيح ...هذه سيارتي واعمل بالأجرة ، لي بيتان ورثتهما عن أبي الله يرحمه
- رحمه ورحم الناس جميعاً ، الإنسان الناجح يا بني يستطيع أن يحصل على لقمة العيش ولونبش الصخر،ولكن اسمح لي ،حيث تبادر إلى ذهني سؤال فضولي، هل أنت وحيد والديك ؟ لِـمَ لـمْ يأتِ أحد معك ؟ أليس لك أهل...؟عم.. خال ...أخوة ...؟
- لماذا ...؟
- البركة فيك يا بني … ولكن العادة تتطلب في مثل هذه الحالة …وجاهة … رجال … انها خطبة ...؟
- لكن الخطبة ليست رسمية الآن ... فقط جئنا لزيارتكم و رؤية .....
قاطعه قائلاً : من ناحيتنا اطمئن .البنت موافقة على جنابكم ، وبما أنها موافقة،فنحن موافقون .
- ولكن مثلما أخبرتكم ، جئنا فقط لزيارتكم ورؤية الفتاة وسنُخبر الخطيب بذلك ....
اندهش الرجل المحترم وقال:
- أوه ...؟ يا إلهي إذاً ... أنت ...أنت لست الخطيب وهذه المرأة التي معك ليست والدتك ...؟
ابتسم الضيف وقال : أنها زوجتي … أم الخطيب ؟؟….
بقلم : ماهين شيخاني .
وقف أمام المرآة ، أمسك بالمشط وبدأ يسرح شعره ، ثم وضع قليلاً من الكولونيا بين كفيه وفركهما ومسحهما بلطف على وجهه الحليق ، مد يده الى ربطة عنقه ، شدّ ها ونادى قائلاً :
- هاتي الجاكيت معكِ ،جاهز وبانتظاركِ ، لقد حان موعدنا ...أسرعي ...؟
- أصبحتُ جاهزة …ثوانٍ فقط وما علينا إلا النزول الى السيارة ( الصوت آتٍ من الغرفة الثانية )
بعد لحظات كانا في السيارة ... نظر الى ساعته والتفت إليها .
- أغلقي الباب بإحكام ؟….
وتحركت السيارة ،سلكت الطريق العام ،أثناء ذلك قالت له: ماذا سنفعل...؟
كان يجب أن يرافقنا هو أيضاً، ففي مثل هذه الحالة يستوجب حضوره .
- لا عليكِ ، سأتصرف بلباقة وكأنه حاضر... لا تقلقي ولا تحتاري .
(رفع صوت آلة التسجيل قليلاً )،ضغط على (دعسة ) البنزين حيث بدأ مؤشر السرعة بالزيادة ... بعد مرور نصف ساعة، توقفت السيارة أمام دار فسيحة ،
مسورة بأشجار السرو والحور وبعض أشجار الورود ... باب كبير ، خاص لدخول السيارات والجرارات والآلات الزراعية ، وباب صغير عادي ،جميل ،
ذو نقوش وتزيينات محاطة بقطع رخامية .
- قال في سره : يبدو أنهم أثرياء جداً.
- قالت في سرها : يبدو أنهم يعيشون أرغد عيش .
قرعا الجرس ، بعد هُنيهة اتجه نحوهم رجل كبير وسيم ذو هيبةٍ ووقار ، ومدَ
يده للمصافحة ... أهلاً ... أهلاً وسهلاً بالضيوف ، أنا فلان الفلاني والد فلانة،
تفضلا ...من هنا ... أهلاً وسهلاً على الرحب والسعة ...
- تشرفنا ... نحن ...
- أعلم بذلك ... لقد أخبروني وأنا بانتظاركم منذ لحظات ...تفضلا من هنا .
دخلا غرفة الضيوف ...جلساعلىالأرائك (لم يروها إلا من خلال التلفزيون)
نظرا الى بعضهما ، استرقا النظر الى المحتويات الموجودة في الغرفة ... ياه ...! سجاد أعجمي ...! فازات ...! ترابيزات مذهبة من النوع الفاخر ، ثريات ...! تتلألأ في سماء الغرفة ، تحفٌ في صدرها تذكرك بالسنين الغابرة .
- قالت : إذا وافقوا سنكون من المحظوظين في هذه الدنيا وسيكون الله تعالى قد لبى دعواتنا .
- قال : لقد أنعم الله عليهم ، ألم تنتبهي الى الكراج ، فيه جميع أنواع الآلات .. جرارات ... سيارات ...بيكابات آخر مود يل ( أبو طاقه ).
كان لعابهما يسيلان من كثرة الاندهاش والسرور، خاصة وانهم لقيا ترحيباً حاراً من كبير العائلة حيث قال لهم بأنه كان بانتظارهم ، أي أنهم موافقون مائة بالمائة .
- قالت :يا رب لا تسود وجهنا ...
- قال : يا رب افتحها بوجهنا ...
دخل المحترم ومعه أفراد عائلته ، حيث رحبوا بهما أيما ترحيب ، وقدموا أفخر أنواع الضيافة وخاصة ذلك التفاح الأحمر الذي تزن الواحدة منه حوالي نصف كيلو غرام تقريباً ... وذاك العرموط المستوي ...
بعد الضيافة ، ابتسم الرجل المحترم وقال :لم يبقَ لنا إلا أن نضيفكم فنجان القهوة ... أليس كذلك ؟
كان يقصد التعرف على ابنتهم حسب الشرع لموافقة الطرفين ولخـلوهما من الأعذار ـ هذا هو العرف والعادة ـ غَمزَ المحترم لأحدهم ، ففهم منه الرسالة أو الشيفرة ، فذهب لابلاغ الابنة ، لتحضير القهوة وتقديمها لهم .بعد لحظات كانت القهوة جاهزة ، أو بالأحرى جاهزة مسبقاً ولكنها بانتظار الإذن بالدخول .
ها قد دخلت الابنة ، صينية القهوة ترتجف بين يديها ، تتصبب عرقاً من شدة الخجل والفرح بآنٍ واحد.كانت تبلغ من العمر عقدها الثالث ، ذات بشرة حنطية ، طويلة القامة ، شعر أسود فاحم ، مسترسل ، وعينان صغيرتان كثقب الإبرة ، وأنف معقوف ...
بعد أن قدمت القهوة ، جلست قرب أختها الصغرى والتي كادت بدورها ، أن تطير فرحاً ، أصبح الضيفان يسترقان النظر من حين الى آخر، لرؤيتها بشكل أفضل ، حيث كانت تنظر إليها من أخمص قدميها الى فروة شعرها . ثم أخذت رشفة من القهوة وقالت :
- فتيات اليوم يُصبغنَ شعرهن بالأشقر أو الأسود الفاحم ، لقد أصبحت موضة هذه الأيام ...آخ من الموضة ...كل يوم شكل .
- ردّتْ أم الفتاة الحمد لله لقد وهبها أجمل شعر وهي ليست بحاجة الى صبغه أو ما شابه ذلك ، ثم أن عائلتنا ، أقصد عائلة أبي ،جميعهم بهذا اللون .وهي أخذت هذه الصفة الوراثية من خالها الكبير . خجلت الابنة فاستأذنت بالانصراف ولحقتها الأخت الصغرى.التفت الرجل المحترم الى ضيفه وقال :
- إيه، يا بني ...وأنت ماذا تعمل ؟ هل أنت موظف ؟ أم تاجر؟ أم مزارع ؟ لا اعتقد بانك موظف،لأن الراتب لا يساعدك لشراء سيارة ...أليس كذلك..؟
- صحيح ...هذه سيارتي واعمل بالأجرة ، لي بيتان ورثتهما عن أبي الله يرحمه
- رحمه ورحم الناس جميعاً ، الإنسان الناجح يا بني يستطيع أن يحصل على لقمة العيش ولونبش الصخر،ولكن اسمح لي ،حيث تبادر إلى ذهني سؤال فضولي، هل أنت وحيد والديك ؟ لِـمَ لـمْ يأتِ أحد معك ؟ أليس لك أهل...؟عم.. خال ...أخوة ...؟
- لماذا ...؟
- البركة فيك يا بني … ولكن العادة تتطلب في مثل هذه الحالة …وجاهة … رجال … انها خطبة ...؟
- لكن الخطبة ليست رسمية الآن ... فقط جئنا لزيارتكم و رؤية .....
قاطعه قائلاً : من ناحيتنا اطمئن .البنت موافقة على جنابكم ، وبما أنها موافقة،فنحن موافقون .
- ولكن مثلما أخبرتكم ، جئنا فقط لزيارتكم ورؤية الفتاة وسنُخبر الخطيب بذلك ....
اندهش الرجل المحترم وقال:
- أوه ...؟ يا إلهي إذاً ... أنت ...أنت لست الخطيب وهذه المرأة التي معك ليست والدتك ...؟
ابتسم الضيف وقال : أنها زوجتي … أم الخطيب ؟؟….
بقلم : ماهين شيخاني .
تعليق