الخطيب ...؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ماهين شيخاني
    أديب وكاتب
    • 03-02-2009
    • 194

    الخطيب ...؟

    الخطيب

    وقف أمام المرآة ، أمسك بالمشط وبدأ يسرح شعره ، ثم وضع قليلاً من الكولونيا بين كفيه وفركهما ومسحهما بلطف على وجهه الحليق ، مد يده الى ربطة عنقه ، شدّ ها ونادى قائلاً :
    - هاتي الجاكيت معكِ ،جاهز وبانتظاركِ ، لقد حان موعدنا ...أسرعي ...؟
    - أصبحتُ جاهزة …ثوانٍ فقط وما علينا إلا النزول الى السيارة ( الصوت آتٍ من الغرفة الثانية )
    بعد لحظات كانا في السيارة ... نظر الى ساعته والتفت إليها .
    - أغلقي الباب بإحكام ؟….
    وتحركت السيارة ،سلكت الطريق العام ،أثناء ذلك قالت له: ماذا سنفعل...؟
    كان يجب أن يرافقنا هو أيضاً، ففي مثل هذه الحالة يستوجب حضوره .
    - لا عليكِ ، سأتصرف بلباقة وكأنه حاضر... لا تقلقي ولا تحتاري .
    (رفع صوت آلة التسجيل قليلاً )،ضغط على (دعسة ) البنزين حيث بدأ مؤشر السرعة بالزيادة ... بعد مرور نصف ساعة، توقفت السيارة أمام دار فسيحة ،
    مسورة بأشجار السرو والحور وبعض أشجار الورود ... باب كبير ، خاص لدخول السيارات والجرارات والآلات الزراعية ، وباب صغير عادي ،جميل ،
    ذو نقوش وتزيينات محاطة بقطع رخامية .
    - قال في سره : يبدو أنهم أثرياء جداً.
    - قالت في سرها : يبدو أنهم يعيشون أرغد عيش .
    قرعا الجرس ، بعد هُنيهة اتجه نحوهم رجل كبير وسيم ذو هيبةٍ ووقار ، ومدَ
    يده للمصافحة ... أهلاً ... أهلاً وسهلاً بالضيوف ، أنا فلان الفلاني والد فلانة،
    تفضلا ...من هنا ... أهلاً وسهلاً على الرحب والسعة ...
    - تشرفنا ... نحن ...
    - أعلم بذلك ... لقد أخبروني وأنا بانتظاركم منذ لحظات ...تفضلا من هنا .
    دخلا غرفة الضيوف ...جلساعلىالأرائك (لم يروها إلا من خلال التلفزيون)
    نظرا الى بعضهما ، استرقا النظر الى المحتويات الموجودة في الغرفة ... ياه ...! سجاد أعجمي ...! فازات ...! ترابيزات مذهبة من النوع الفاخر ، ثريات ...! تتلألأ في سماء الغرفة ، تحفٌ في صدرها تذكرك بالسنين الغابرة .
    - قالت : إذا وافقوا سنكون من المحظوظين في هذه الدنيا وسيكون الله تعالى قد لبى دعواتنا .
    - قال : لقد أنعم الله عليهم ، ألم تنتبهي الى الكراج ، فيه جميع أنواع الآلات .. جرارات ... سيارات ...بيكابات آخر مود يل ( أبو طاقه ).
    كان لعابهما يسيلان من كثرة الاندهاش والسرور، خاصة وانهم لقيا ترحيباً حاراً من كبير العائلة حيث قال لهم بأنه كان بانتظارهم ، أي أنهم موافقون مائة بالمائة .
    - قالت :يا رب لا تسود وجهنا ...
    - قال : يا رب افتحها بوجهنا ...
    دخل المحترم ومعه أفراد عائلته ، حيث رحبوا بهما أيما ترحيب ، وقدموا أفخر أنواع الضيافة وخاصة ذلك التفاح الأحمر الذي تزن الواحدة منه حوالي نصف كيلو غرام تقريباً ... وذاك العرموط المستوي ...
    بعد الضيافة ، ابتسم الرجل المحترم وقال :لم يبقَ لنا إلا أن نضيفكم فنجان القهوة ... أليس كذلك ؟
    كان يقصد التعرف على ابنتهم حسب الشرع لموافقة الطرفين ولخـلوهما من الأعذار ـ هذا هو العرف والعادة ـ غَمزَ المحترم لأحدهم ، ففهم منه الرسالة أو الشيفرة ، فذهب لابلاغ الابنة ، لتحضير القهوة وتقديمها لهم .بعد لحظات كانت القهوة جاهزة ، أو بالأحرى جاهزة مسبقاً ولكنها بانتظار الإذن بالدخول .
    ها قد دخلت الابنة ، صينية القهوة ترتجف بين يديها ، تتصبب عرقاً من شدة الخجل والفرح بآنٍ واحد.كانت تبلغ من العمر عقدها الثالث ، ذات بشرة حنطية ، طويلة القامة ، شعر أسود فاحم ، مسترسل ، وعينان صغيرتان كثقب الإبرة ، وأنف معقوف ...
    بعد أن قدمت القهوة ، جلست قرب أختها الصغرى والتي كادت بدورها ، أن تطير فرحاً ، أصبح الضيفان يسترقان النظر من حين الى آخر، لرؤيتها بشكل أفضل ، حيث كانت تنظر إليها من أخمص قدميها الى فروة شعرها . ثم أخذت رشفة من القهوة وقالت :
    - فتيات اليوم يُصبغنَ شعرهن بالأشقر أو الأسود الفاحم ، لقد أصبحت موضة هذه الأيام ...آخ من الموضة ...كل يوم شكل .
    - ردّتْ أم الفتاة الحمد لله لقد وهبها أجمل شعر وهي ليست بحاجة الى صبغه أو ما شابه ذلك ، ثم أن عائلتنا ، أقصد عائلة أبي ،جميعهم بهذا اللون .وهي أخذت هذه الصفة الوراثية من خالها الكبير . خجلت الابنة فاستأذنت بالانصراف ولحقتها الأخت الصغرى.التفت الرجل المحترم الى ضيفه وقال :
    - إيه، يا بني ...وأنت ماذا تعمل ؟ هل أنت موظف ؟ أم تاجر؟ أم مزارع ؟ لا اعتقد بانك موظف،لأن الراتب لا يساعدك لشراء سيارة ...أليس كذلك..؟
    - صحيح ...هذه سيارتي واعمل بالأجرة ، لي بيتان ورثتهما عن أبي الله يرحمه
    - رحمه ورحم الناس جميعاً ، الإنسان الناجح يا بني يستطيع أن يحصل على لقمة العيش ولونبش الصخر،ولكن اسمح لي ،حيث تبادر إلى ذهني سؤال فضولي، هل أنت وحيد والديك ؟ لِـمَ لـمْ يأتِ أحد معك ؟ أليس لك أهل...؟عم.. خال ...أخوة ...؟
    - لماذا ...؟
    - البركة فيك يا بني … ولكن العادة تتطلب في مثل هذه الحالة …وجاهة … رجال … انها خطبة ...؟
    - لكن الخطبة ليست رسمية الآن ... فقط جئنا لزيارتكم و رؤية .....
    قاطعه قائلاً : من ناحيتنا اطمئن .البنت موافقة على جنابكم ، وبما أنها موافقة،فنحن موافقون .
    - ولكن مثلما أخبرتكم ، جئنا فقط لزيارتكم ورؤية الفتاة وسنُخبر الخطيب بذلك ....
    اندهش الرجل المحترم وقال:
    - أوه ...؟ يا إلهي إذاً ... أنت ...أنت لست الخطيب وهذه المرأة التي معك ليست والدتك ...؟
    ابتسم الضيف وقال : أنها زوجتي … أم الخطيب ؟؟….
    بقلم : ماهين شيخاني .
    السلام عليكم :
    وشكراً لزيارتكم للمدونة
    مع تحيات ماهين شيخاني
    http://azad90.man-blog.net
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    ماهين شيخاني
    مفارقة كبيرة أن يكون الخاطب والد الخطيب!! وليس هو وأن تكون الإبنة الصغرى هي المقصودة وليست الكبيرة أيضا.. أم أني أغرد خارج سرب نص قصتك زميلي!!؟
    أتمنى أن أكون موفقة في قراءتي لنصك
    تحياتي وودي لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ماهين شيخاني
      أديب وكاتب
      • 03-02-2009
      • 194

      #3
      الزميلة العزيزة والاخت الفاضلة عائدة :
      تحياتي , نعم هناك مفارقات وانت دائما تغردين في اجمل البساتين مع اجمل الطيور ودمت رائعة ومبدعة وناقدة ذكية .
      السلام عليكم :
      وشكراً لزيارتكم للمدونة
      مع تحيات ماهين شيخاني
      http://azad90.man-blog.net

      تعليق

      يعمل...
      X