نزار قباني: البحث عن لغة ثالثة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرؤوف النويهى
    أديب وكاتب
    • 12-10-2007
    • 2218

    #16
    الحرية..لاتعنى التحقير لعقول الآخرين

    [align=justify]أستاذنا الجليل /محمد جابرى .

    لسنا مجموعة من الحمقى حتى ننساق وراء الضلالات.
    ولسنا أطفالاً فى رياض الأطفال ،.
    ولسنا قاصرين فى حاجة لأوصياء.
    ولسنا صغاراً ..

    لك رأيك تقوله فى حرية واحترام.
    ولنا مثل ما لك .
    لكن المساس بعقول الآخرين ..مرفوض .مرفوض ..مرفوض.[/align]

    تعليق

    • علي المتقي
      عضو الملتقى
      • 10-01-2009
      • 602

      #17
      أستاذ جابري السلام عليكم وبعد : امتثالا لأمر الله عز وجل ،سأجادلك بالتي هي أحسن .
      ما رأيك يا أستاذ لو كتب شاعر عربي قصيدة نثر أو قصيدة تفعيلة ذات رؤيا إسلامية واضحة ، هل نعتبر قصيدة النثر قصيدة إسلامية ، وتقام حولها الحملات في الغرب باعتبارها شكلا (ظلاميا ومتخلفا) لا يسمح بتداوله في الغرب . إن قصيدة النثرـ كما قلت و أكررـ هي شكل من أشكال الكتابة لك الحق في رفضه وعدم قراءته ، فذاك شأنك، ولن ينقص من قيمته شيئا .وقد يكون حاملا لرؤيا إلحادية أو رؤيا إسلامية صوفية أساسا، أو أي رؤيا أخرى إذا كانت تجربة الشاعر تنطلق من هذه الرؤيا، وقد لا تنطلق من أي رؤيا من هذه الرؤى ، وإنما تعبر عن تجربة الإنسان في علاقته بأخيه الإنسان أو في علاقته بالطبيعة أو في صراعه من ميكانيكية الحياة الرتيبة اليومية ، أي مما تشترك فيه الإنسانية جمعاء. ولا يعقل بكل أشكال المنطق أن ترفض شكلا لأن شخصا تختلف معه في الرؤيا وظفه في إبداعه .
      2 ـ يتبين من خلال ما تكتب أنك لم تطلع على الفلسفة الوجودية بمختلف تفرعاتها ، ولا يعقل أن تحكم على الشيء انطلاقا من آراء الآخرين حوله ودون معرفة جيدة به فهذه الفلسفة ليست كلها فلسفة إلحادية ، بل تتضمن فلسفة مبنية على الإيمان ، وأطلب منك العودة إلى قراءة ما كتب حول كيركجارد ، هذا الفيلسوف الذي لايرى الحقيقة المطلقة إلا في الإيمان . وقد سبق لي أن درست الفلسفة الوجودية لطلبتي وفيهم من هم متشددون في أمور الدين ، فاستطعنا أن نتعرف عليها في مصادرها ، وفكرنا في ما يمكن أن نستفيد منها في ثقافتنا دون أن يمس ذلك بجوهر ديننا وثقافتنا العربية الإسلامية .
      3 ـ لا أدري ما علاقة نزار بقصيدة النثر ، فنزار لم يكتب هذه القصيدة قط ، ولم يجربها في أي ديوان من دواوينه ، وإنما يكتب القصيدة العمودية الموروثة والخاضعة للوزن والقافية . وبمنطقك الذي يرفض قصيدة النثر لأن الإلحاديين يكتبون بها ، فعليك رفض الشكل العمودي لأن نزار ( الإلحادي في تصورك واليساري على الرغم من أنه ليس يساريا ) كتب بهذا الشكل، وضمنه إلحادياته .
      4ـ إن قصيدة النثر ليست ثقافة الآخر ، كما أن الشكل العمودي ليس ثقافة العرب ، بل كل هذه الأشكال هي أشكال كونية توجد في الشرق كما في الغرب ، كما في إيران الأشد تطرفا والأقل تسامحا مع ثقافة الآخر ، وإذا حكمت عليها بأنها ثقافة الآخر لأنها ظهرت هناك ، فالسيارة والطائرة و الأنترنيت ثقافة الآخر التي صرت لها عبدا ولا تستطيع منها فكاكا ، أليس في الأنترنيت جنس مقزز ، وأفلام إباحية ، وكل ما لا يخطر لك على بال ؟فإذا أخذت من الأنترنيت الجانب الإيجابي ، وتجاهلت سلبياته ، فافعل مع قصيدة النثر ذلك ، دع الإلحاد جانبا لأنه موجود في كل الأشكال العمودية والتفعيلية و قصيدة النثر ، لأنه لا يرتبط بالشكل بقدر ما يرتبط بالتجربة المعبر عنها ، أي بالشاعر ، واستفد من الغنى والتحرر الذي فتحته قصيدة النثر والشعر الحر وغيرهما من الأشكال الشعرية التي سمحت لجيل من الشباب في هذا المنتدى أن يفجر أحاسيسه وعواطفه وتجاربه.
      4 ـ صدقني إذا قلت لك ، إنني في كل ما قرأت لنزار لم أقتنع بإلحاده وكفرياته ، ولا يمكنني أن أحكم على شاعر انطلاقا من شعره على إيمانه أو إلحاده ، ذلك أن الشعر حمال أوجه ، ولو كان هناك وجه واحد يسمح لي بأن أؤول كلام نزار على أنه ليس إلحادا لاخترت ذلك الوجه ورفضت كل الوجوه الأخرى المتشددة ، إيمانا مني بأن رحمة الله واسعة ، وحسن الظن بالله وبالإنسان هو الأصل في ديننا الحنيف.
      وأؤكد لكم أن نقادنا وفقهاءنا القدماء كانوا أرحب أفقا و أوسع صدرا مما تقولونه في حق الناس وفي حق الشعر والشعراء. لقد كان أبو القاسم بن عبد الغفور الكلاعي رحمه الله معجبا بكتابة أبي العلاء المعري ، لكنه كان يؤاخذ عليه آراءه التي يراها خارجة عن الدين ، فكان كلما تكلم عنه تكلم عنه بإعجاب وأتبع ذكر اسمه بدعائه "غفر الله له" . وها أنت تسميه شيطانا وتتحدث عنه بالسوء ، والأولى أن ندعو له بالرحمة والمغفرة .
      لقد كتب نزار في المديح النبوي ، وكان أصدق في شعره، وهو واقف على قبر رسول الله ص، فلم يكن حافظا لأدعية يرددها ببغائيا دون فهمها كما يفعل الكثير من الأميين ، لكنه امتلك لغة أسعفته في التعبير عن خوالج نفسه وهو في الحضرة المحمدية ، فكان أصفى وأنقى و أجمل .
      و إذا كان نزارا ثائرا ، فقد كان ثائرا ضد الظلم وضد الطغيان وضد الاحتلال ، وضد الذات التواكلية التي التي تنتظر النصر من الله تعالى دون أن تحارب أ تقاتل .
      على كل حال ، لا ألزمك بقراءة نزار أو غيره ، ولن أدعوك إلى ذلك ما دمت لا تجد فيه ذاتك ، لكن من حقي ومن حق كل قارئ أيضا أن يقرأ ما يجد فيه ذاته ، و أن يكتب بالشكل الذي يرتاح له ، . أما أنا فسأصيح بأعلى صوتي : رحم الله نزارا وغفر له ، فقد كتب بلغة شعرية ميسرة شعرا طرق كل الأسماع ، وعبر عن أحاسيس أمة مجروحة في كرامتها وعزتها .
      كل تقديري واحتراماتي
      [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
      مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
      http://moutaki.jeeran.com/

      تعليق

      • محمد جابري
        أديب وكاتب
        • 30-10-2008
        • 1915

        #18
        أستاذي الجليل عبد الرؤوف نويهي:
        أعوذ بالله أن أكون قصدت أحدا بسوء اللهم إلا فكر نزار؛ بل اتهمت نفسي حينما انقاذ الكل، وبقيت لوحدي مشدوها؟...وهو ما سبب لي صدمة عنيفة.
        واستفسرت مسترشدا لا معاندا فكيف أرمي بالحمق من قلت عنهم: "إنها تساؤلات منطقية معقولة بها خاطبت فئة راقية علمية نزيهة كما أعتقد؟ فهل من مجيب؟".
        وعلى كل فاللغة فيها التشبيه المقلوب ومن هنا تسرب سوء الظن...الذي تبعده القرينة :" أرجوكم دلوني إلى ما وجّه سبيلكم نحو سبيل الفكر الإلحادي حيث الثوار والجنون والفكر الوجودي وكل الضلالات ؟" فهل يسترشد المرء بمن يعتقد فيهم الحمق؟
        .ولتطمئن حبيبي بأني أبعد الناس عن رمي أحبتي بسوء.

        وهذا الأستاذ د. علي متقي حفظه الله، يثير الفكر المعادي، ولو لم يسبق لي به علم ومعرفة، لانصرفت عن بابه كلية؛ لكننا ننطلق كل من زاويته وأثناء تجاذب أطراف الحديث نتلاقى، ونتصافح فكرا ورؤية، حتى إذا قلت لم يبق هناك خلافا البتة، نشر موضوعا أشد وأعتى من سابقه وتعود المواقف في تصلبها وتشنجها من جديد.

        هل تصورت أخي وقع الصدمة التي دفعتني للتساؤل: كيف اتحد الفكر ضد الرسوم المسيئة، وكيف اختلفنا حينما هاجت رياح الشعر...؟

        وشكر الله لك هذه اليقظة الحارسة لحدود الأحبة. وبارك الله الجهود.
        http://www.mhammed-jabri.net/

        تعليق

        • عبد الرحيم محمود
          عضو الملتقى
          • 19-06-2007
          • 7086

          #19
          أخي الأستاذ محمد الجابري المحترم
          النقد الأدبي أخي الكريم هو نقد معاضد للنص لا معانده ، يقوم سقطات النص استجابة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنصر أخاك ظالما أو مظلوما .
          ومن نحن حتى نكفر فلانا ولا علانا ، قال شاعر الخمر والمجون أبو نواس عندما حظرته الوفاة : اللهم إني أتيتك بأحب الأعمال إليك وهو التوحيد ، واجتنبت أشد ما تكره وهو الشرك ، فاغفر ما بين هذه وتلك . فوصل كلامه لأحد أكابر العلماء في عصره فقال متعجبا : أو قالها !!؟؟
          وكذا المعري في بداياته أنكر وجود الله فقال :
          لقد أسمعت لو ناديت حيا // ولكن لا حياة لمن تنادي .
          ولكنه في نهاية حياته قال بيتين جعلت الشعراوي يترحم
          عليه عندما قال :
          زعم المنجم والطبيب كلاهما // لا تبعث الأجساد قلت إليكما
          إن صح زعمكما فلست بخاسر // أو صح زعمي فالخسار عليكما
          يا أخي الجابري ، قال عليه الصلاة والسلام : الأعمال بخواتيمها.
          وقال أيضا : يعمل أحدكم بعمل أهل الجنة .......... ويعمل أحدكم
          بعمل أهل النار .............. فيدخلها .
          لسنا نعلم أإلى جنة سيق الرجل أو للنار ، لكننا نقول أنه أسرف في لغته الواصفة للنساء والمجون بهن ، ولا ننكر عليه إضاءات أخرى في الموضوع
          الديني والوطني والإنساني ، ولا ننكر قدرته على مسك حصى الكلمات فيصقلها بأصابعه ماسا متألقا .
          ولنجتنب الشتم أخي والقسوة والتألي على الله تعالى .
          نثرت حروفي بياض الورق
          فذاب فؤادي وفيك احترق
          فأنت الحنان وأنت الأمان
          وأنت السعادة فوق الشفق​

          تعليق

          • محمد جابري
            أديب وكاتب
            • 30-10-2008
            • 1915

            #20
            أخي العزيز عبد الرحيم محمود؛
            تأكيدا لقولكم فإني دوما أقول : النقد مسحة بارع على لوحة مبدع. وأنا هنا أصبت بصدمة قوية، حيث أسلس الكل القيادة وركبوا في فلك د. علي متقي حفظه الله، وبقيت وحيدا، حائرا مشدوها مستفسرا...
            أما ما يتعلق بتكفير المسلمين فإني أبعد الناس عن هذا الباب ولكم أن تقرأوا مقالي في هذا المجال علىالحبل الرابط:

            أخي عبد الرحيم؛
            كنت في حاجة ماسة إلى من يفك لي لغز كيف انقاد الجميع لفكر نزار - رحمه الله - وأسلسوا له القيادة، وبحثت وبحثت ووجدت الوزاني يكشف بعض ما كنت أبحث عنه: "وإذا كان غيري يحمل نزار مسؤولية ما وقع، أو جزءا من المسؤولية على الأقل، لكونه يثير الشباب ويهيج غرائزه، بذكر النهود والأذرع والسيقان والعيون السود، وسنابل القمح التي تركت دون حصاد، فأنا شخصيا أبرئ نزار من أية مسؤولية. فهو شاعر يقول الشعر على طريقته الخاصة، وليس لنا حق التدخل في شؤون الشاعر الخاصة. فكل ما يطلب منه كشاعر، هو أن يمتعنا، ومن هذه الناحية فإن نزارا قد أوفى على الغاية. وليس مفروضا على الشاعر – أي شاعر – أن يحذف من قاموسه كل الكلمات الجنسية، ليكون محل تقديرنا واحترامنا، وليجعلنا نلتزم جانب الهدوء والوقار. ولو أن نزارا كف عن ذكر الأذرع والسيقان والنهود وما إلى هذا، لما بقي منه شيء، فنحن نحب نزارا الإنسان كما هو، وكما خلقه الله، دون تهذيب هنا، أو تشذيب هناك، ومتى خالف الشاعر طبيعته التي فطر عليها، فقال للناس شيئا وهو يحس بشيء آخر، أصبح حطام شاعر، وماتت فيه أو كادت معاني الشاعرية. "
            وعلمت بأن تذوق الشعر يتطلب الانصياع للشاعر ومتابعته حتى ترتوي من حروفه، فإن وجدت متعة، فقد تذوقت الشعر وإلا فقد قضيت فترة بين أسطر شاعر وكلمات برقت جمالا وتلألأت لآلئها.
            ذلك هو سبب إبحار الناس وراء الشعراء... وهذه الخلاصة تتطلب مني وقتا وجهدا كي أستخلص منها موقفا نهائيا: أأسترسل في قراءة الشعر أم أعزف عنه كلية؟؟؟
            وإني إذ أعتبر نفسي رجل فقه قبل أن أكون أديبا فهذا ما يمنعني من أذية الأخرين. وإني كنت مستفسرا لا متهما والفرق بينهما واضح.
            أعتذر عن إزعاجكم وبخاصة فقد كتبت ردي مباشرة بعد قراءة آلية فك الخلاف... فلا يمكن أن أعمد إلى معاكسة الأخرين.
            والحمد لله فقد وجدت بعض بغيتي عند الوزاني. وبارك الله فيكم ومعذرة مرة أخرى على الإزعاج.
            http://www.mhammed-jabri.net/

            تعليق

            • محمد جابري
              أديب وكاتب
              • 30-10-2008
              • 1915

              #21
              بسم الله الرحمن الرحيم
              أعزائي : د. علي متقي؛ الأستاذ عند الرؤوف النويهي؛ الأستاذ عبد الرحيم محمود:

              شكر الله لكم عنايتكم، ومداخلتكم، وأريد أن أطلعكم بأنني وجدت بغيتي كاملة لدى عبد العلي الوزاني فقد عبر عن حالتي تعبير طبيب يشخص الداء فقال :

              "وكلما طالت عشرتنا للشعراء الأفذاذ، نلتمس عندهم شفاءنا مما نجد من كبت، تجاه أنفسنا، في حالات إشراقها وتفتحها، لا تزيدنا تلك العشرة إلا حيرة على حيرة، فإذا بشؤوننا الروحية، وشكوكنا الفكرية، وتطلعاتنا إلى المجهول، لا تزداد إلا تعقيدا وغموضا، إذ كلما انفسح المجال أمام الرؤية الفنية، كلما كثرت الشكوك والوساوس، فكأنما ألقي بنا في بحر خضم، لا نهدأ فيه ولا نستقر، وإنما هي غمرات تعقبها غمرات.. وإذا كان الشعر سؤالا حائرا على حد تعبير سليمان العيسي، فهدا السؤال سيظل منتصبا أمام خالقي الشعر وقارئيه، متحديا المواهب والتطلعات الفكرية، تندفع من اجل الإجابة عنه، ولكنها لا تصل إلى دلك الجواب المريح، ولو هي وصلت إليه، واستراحت وزايلها كل قلق وحيرة، لانطفأت شعلة الفن، وأقفرت دنيا الشعراء، وأغلقت أبواب السماء، وانقطع الوحي الشعري، دلك أن من عجائب قصة الخلق الفني عند الإنسان، انه بقدر ما تكثر شكوكه، وهواجسه، وتطلعاته، وتحرقه للحقيقة الخالدة، وتلهفه للكمال الإنساني والفني، بقدر ما تنفجر في نفسه ينابيع الشعر، وتسيل الكلمات من بين أصابعه تفيض إشراقا وحرارة.

              ولم يكتف بوصف الداء فقد قدم أيضا الدواء:

              " نريد أن نتناول القضية في نطاقها الواسع، واضعين نصب أعيننا بادئ ذي بدء أن العواطف المجردة عن أي قالب أو شكل حسي تكاد تكون منعدمة...
              فنحن نلقى بثقلنا المعنوي، على النص الشعري، لكوننا نجد فيه الصورة التي نرتضيها لمشاعرنا، والتي ما كنا لنعثر على أجود منها - في اعتقادنا - لو كان إلينا شيء من مقاليد الكلمة الشعرية. والنص الشعري يختلف أسلوب تأثيره فينا باختلافنا في خصوبة النفس قوة وضعفا، فهو حاجز يعوق عن الانطلاقة الروحية بالنسبة لبعض النفوس الفقيرة، في استعدادها الفكري والعاطفي، وهو نقطة انطلاق نحو آفاق مشرقة بالنسبة لبعض النفوس الغنية القوية الخصوبة. هذا إلى أن النص الشعري نفسه قد يكون محدود الدلالة، شحيح المعاني، ضئيل الإيحاء، وقد يكون مثالا للحيوية والقوة والعمق فيحول دون توثب المواهب وتفتحها في الحالة الأولى، ويكون قوة دافعة لها في الحالة الثانية، وقوة النص وضعفه يقاسان بمدى استعداد المتلقي، فرب نص تعتبره أنت في منتهى القوة والأصالة، وهو عند غيرك متهافت هزيل، إلى طبيعة اللحظة التي نكون فيها عندما نستعير النص الشعري للتعبير عما نجده من خاطر أو إحساس، فهي قد تكون على شيء، غير قليل من الكثافة وضيق الأفق، فتصيب الطبع بالبلادة، والسليقة الفنية بالجمود، أو تكون فياضة المعاني، مشرقة الجوانب، فتتيح لنا أن نحيى النص الشعري إلى أبعد جوانبه، ونمتص كل معطياته، وكأنما هو مفتاح لدنيا من السحر والفنون.

              وأجمل القراءة الشعرية تلك التي تجتمع لها هذه العناصر الأساسية: نص شعري فيه طرافة وإبداع، يتجدد كلما عاودت النظر إليه، والتأمل فيه، وقارئ كفء للنص، يمتاز بخصب النفس، وقوة الطبع، والمرونة النفسية للتكيف مع الأجواء الشعرية على اختلافها، ولحظة فنية مشرقة تتم فيها عملية القراءة، فإذا اجتمعت هذه العناصر، فلا خوف على حرية خيالاتنا وعواطفنا من هذا السياج الرقيق، الذي تضربه النصوص الشعرية حولنا، لأنه سيكون حينئذ من الشفوف، بحيث لا يحجبنا عن أنفسنا، ولا يحجب مطارح الخيال عنا، وإنما يكون باعثا على كثير من الإبداع في تخيل أنماط الحياة المعنوية وتمثلها."


              أخي وعزيزي علي متقي، حفظك الله؛

              على جناح التلاقي حملتني من شاطئ الفن والجمال إلى جزيرة لأرقب جبال الأمواج قد برعت خيوط الشمس في طلي حواشيها بالذهب؛ ولأتمعن في جميل خلق الله بين ضفتي الفن والجمال إلا أنك في نفس الوقت ما أو وضعت رجلي على الجزيرة حتى أخرجت إلي قرشا ثائرا يتهددني، فناورت وتطاوعنا، وانتهى أمره إلى خير وها هو يعاود الكرة ثانية ليتركني في حيرة تائها،...
              خطابك العقلاني يحلل بموضوعية، لكن لا سبيل له على مركز العواطف الجياشة وهي التي إن أقبلت إقبالها شد مشهدها الناظرين؛ لكن إن أعرضت ما يغني عقل عن قلب؟...
              ومرآة النفوس بصائرها فإن لم تصقل مرآتها لتتجلى شفافيتها، فكأن العقل يطرق الحديد البارد.

              فهي ثلاث أمور لا ينفك بعضهاعن بعض القناعة الفكرية والعاطفية والبصيرية التي لا ترى إلا ربا وفضلا: مجتمعة، متعاضدة، متآزرة، يشد بعضها على يد بعض ليوحوا وحي القناعة في أي مجال من المجالات.

              فدغدغة المشاعر لا تغني إن تخلفت القناعة الفكرية، وكلتاهما لا يغنيان إن توقفت الرؤية البصيرية.

              فالرؤية الفلسفية جافة الطبع يابسة المعنى؛ لكنها صلبة ومتينة،
              والشعر هز للأحاسيس ودغدغة للمشاعر، ومجاله العواطف الجياشة، والتي إن انفصمت عن الرؤية العقلية كان فسدها خطيرا وعظيما...
              والبصيرة حكم لتوازن الانسجام بين العقل والقلب.

              أرسم هذه اللوحة حتى نهتدي بهديها حينما نجد حائرا تائها لنوازي بين توجيه العقل وما يتطلبه ودغدغة المشاعروما تستوجبه من جيوش جياشة، ورؤية بصيرية تضبط العقل عن تشدده والعواطف عن تجاوز حدها.

              بارك الله فيكم جميعا
              --------
              نصوص الوزاني منقولة عن مجلة دعوة الحق.
              http://www.mhammed-jabri.net/

              تعليق

              • علي المتقي
                عضو الملتقى
                • 10-01-2009
                • 602

                #22
                الأستاذ الجليل محمد جابري :السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،
                كن متأكدا أخي أننا نتناقش ونتحاور من داخل الدائرة لا من خارجها ، فالإسلام ديننا جميعا الذي نؤمن به ونحتمي بقيمه ونفتخر بانتمائنا له ،ولن نسمح لأحد مهما كان شأنه أن يمسه بسوء ، لذا أقول لكم : إن رأيي ليس معاديا لرأيك ، وإنما هو رأي مخالف ، ينظر إلى الأدب من زاوية مخالفة للزاوية التي تنظر منها ، رأيي ورأيك ليسا معا رأيين غريبين عن ثقافتنا ، فهما موجودان معا منذ بدأ الحديث عن الخصومة بين القدماء والمحدثين ، فهناك منذ العصر العباسي الذي تبدو قصائده اليوم أصيلة من لا يقرأ إلا قصائد ما قبل القرن الأول الهجري.
                فالقراءة أذواق ، ولن يحلل الناقد نصا ما لم يتذوقه ويعجب به .ولا أدعي أنني أقرأ كل النصوص الحداثية وأجد فيها ذاتي، فقليلة هي النصوص الحداثية القابلة للتحليل حتى عند النقاد الكبار، وإلا كيف نفسر أن قصيدة القطط لبودلير حظيت بالتحليل من طرف الكثير من النقاد دون غيرها .
                ليس غريبا ولا عيبا أن ترفض نصا بعد أن تحدد عتباتك التي تدخل منها ، لأنه لا يقدم إليك أجوبة على الأسئلة التي تطرحها عليه . والخلاف بيني وبينك هو التعميم الذي يحكم تصورك . فأنا لا أعمم أحكامي أبدا ، إلى درجة أنك لو سألتني عن الشاعر الذي يشدني ويأسرني شعره ، لقلت لك : اسألني عن النصوص التي تأسرني وليس عن الشعراء ، فقد يعجبني نص عند شاعر ولا يعجبني نص آخر عند نفس الشاعر. ومن بين الشعراء الذين قرأت لهم وحللت نصوصهم شاعرك المفضل حسن الأمراني ، وكم أسرتني قصيدته: سآتيك بالسيف و الأقحوان . دمت قارئا مشاكسا يسعى إلى أن يبني تصورا منسجما مع قناعاته .
                [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                http://moutaki.jeeran.com/

                تعليق

                • محمد جابري
                  أديب وكاتب
                  • 30-10-2008
                  • 1915

                  #23
                  عزيزي د. علي متقي،

                  شكر الله لك اهتمامك، ورفع شأنك، فرحت فرحا شديدا بقولك:" فالقراءة أذواق ، ولن يحلل الناقد نصا ما لم يتذوقه ويعجب به ".
                  وأرى للوزاني سبيلا آخرإذ يقول : " هناك عادة لها سلطان على نفسي, كما أن لكل إنسان عادة أو عادات, تلازمه في سائر أطوار حياته, أو في بعضها على الأقل, وهي أني إذا هزني داع من داعي العقل والوجدان، إلى لون من ألوان النشاط العقلي والروحي، أدمن عليه حتى ارتوي، دون أن أقنع منه بالشيء اليسير، فلسفة كان هذا اللون أو اجتماعا أو تاريخا أو نقدا أدبيا أو غير ذلك.

                  فأنا منذ عدة شهور مدمن شعر، أقرؤه إذا أصبحت، وأقرؤه إذا أمسيت، وأشغل به نفسي فيما بين الصباح والمساء، امتشقت الحسام مع أبي فراس، وصاولت الخصوم مع المتنبي، وقارعت الكؤوس مع أبي نواس، وكانت لي عين غزلة مع أبي ربيعة، وخيال آثم مع نزار قباني... كما عشت مع غير هؤلاء, متنقلا بين هذه العوالم الساحرة العجيبة, واجدا في ذلك لذة ومتاعا ليس إلى وصفها من سبيل.

                  وكلما لقيت شاعرا أعطيته زمام نفسي، وتركته يقودني على هواه، ناسيا أو متناسيا كل ما كتبه عنه الكاتبون، وما أحاطه به الناقدون، لأني أريده خالصا لي بدون وساطة أحد، ولو كان الوسيط إماما من أئمة البيان، أو بليغا من جهابذة البلغاء.

                  وماذا يبغي الوسيط عندما يدخل فيما بيني وبين من أقرأ له من الشعراء؟ ولماذا يدس أنفه في هذه العلاقة التي أريدها بعيدة عن أعين الرقباء، لأن لي فيها وطرا من أوطار الروح، ولي عندها غرضا من أغراض القلب والوجدان؟ فأحيانا يود القارئ أن يلخص له شاعره المفضل ليجرب جنته وناره، أو حيرته وشكوكه، أو يأسه وقنوطه، تجربة فيها كل ما في تجارب الحياة التي يتعرض لها، بما تحمله من خير وشر."

                  وبقولك أعلاه رسمت خريطة مساري في القراءة الشعرية، بعد أن كدت أن أعزف عنها وإلى الأبد...

                  وقولك: " والخلاف بيني وبينك هو التعميم الذي يحكم تصورك . فأنا لا أعمم أحكامي أبدا ، إلى درجة أنك لو سألتني عن الشاعر الذي يشدني ويأسرني شعره ، لقلت لك : اسألني عن النصوص التي تأسرني وليس عن الشعراء ، فقد يعجبني نص عند شاعر ولا يعجبني نص آخر عند نفس الشاعر. "

                  أليس هذا هو مضمون الموضوع بين الكاتب الإسلامي والنص الإسلامي، هنا التقينا وتصافح فكرنا، فأنا شخصيا لا ألقي بالا للأشخاص مهما علت مكانتهم وإنما يهزني نبض الكلمات، والأشخاص نكل أمرهم للوكيل جل وعلا.

                  ولئن رأيتني قد عممت في ثنايا هذا الموضوع فنظرا لحيرتي في انطلاق الكل وبقيت وحيدا على قارعة الطريق...وهو ما أثار حيرتي واستغرابي.

                  وعلى كل شكر الله لك صبرك معي، وجزاك الله عني كل خير...
                  http://www.mhammed-jabri.net/

                  تعليق

                  يعمل...
                  X