هذا هو الحل لقضيـّة فلسطين
ركاد حسن خليل
قبل عام تقريبـًا نشرت هذه المقالة في العديد من المواقع الإلكترونيـة وبعض الصـّحف الفلسطينيـّة، وإنـّي أعيد نشرها اليوم، لأنــّي لا زلت أؤمن بأن الحل لمأساتنا الفلسطينيـّة، هو حل الجماهير، ولا يجب علينا أبدًا الإستمرار في انتظار أصحاب الكراسي، الذين لا يعنيهم ما على كاهلنا من أثقال، وما في قلوبنا من أوجاع.
أعيد نشر هذه المقالة كما جاءت بمناسبة تحضير الأخ زياد أبوعين، لمسيرة جماهيريـّة لاجتياح الحدود التــّي صنعها العدو الإسرائيلي في الذّكرى السـّتون للنـّكبة. ولأنــّي أعتقد أنّ هذه المقالة لم تـُقرأ كما يجب، وأنــّها لم تؤخذ على محمل الجد، أعيد نشرها هنا علّ وعسى أن تأخذ حيـّزًا أكبر للتحليل والدّراسة.
المقالة:
الإجتياح الكبير
بقلم: ركاد حسن خليل
حين قرأت خبر مسيرات العودة المزمع القيام بها يوم الرابع عشر من الشهر الجاري ، بمناسبة الذكرى السّتون للنكبة،
وجدتني أمسك القلم و أخط هذه الكلمات إسداءً للنصيحة وإبداءً للرأي ، خصوصا ً و أنّ الأمر تطابق مع أفكار في داخلي تراودني صبح َ مساء.
وقد كنت كتبت يوما ً في نفس الموضوع مقالة في مجلة فلسطين الثورة التي كانت تصدر باسم منظمة التحرير الفلسطينية في عددها رقم 765 الصادر في يوم 24/9/1989 وقد أشرت حينها إلى كتابٍ قرأته بعنوان " هجرة العودة الفلسطينية " للكاتب " ويلي كراوفورد" .
و بما أنّ الأمر سيتحقق وإن لم يكن كما سأحدّثكم عنه بعد قليل ، فإني أعتبر ذلك جهد المقل ولا يسعني إلا ّ أن أشد على يدي الأخ زياد أبو عين الذي عرفناه مناضلا مخلصا ً مذ كان طالبا ً في الولايات المتحدة الأمريكية حين سلمته إلى الكيان الصهيوني آنذاك. آملا ً من الأخ زياد و كل القائمين على تنفيذ هذه المسيرات أن يأخذوا ما سأكتبه تاليا ً بعين الإهتمام والإعتبار ، علَّ الله أن يتمم لنا الغاية والهدف في تحقيق العودة وتقرير المصير و إقامة الدولة الفلسطينية دون التخلي أو التّفريط بأيِّ حقٍّ من حقوقنا.
إنّ ما سنقوم به في الرابع عشر من الشهر الجاري لن يكون أكثر من مظاهرات ليوم ٍ واحد تنتهي عند المساء و يعود كلٌّ من حيث أتى ،و تبقى فلسطين على ما هي عليه، وتبقى حياتنا كفلسطينيين كما هي من سيّءٍ إلى أسوء، ويبقى العالم مناصرا للظالم، ونحن ليس لنا غير الله من نصير أو سند . وهنا أقول أن لا بأس من هذه المسيرات على أن تكون تجربة لمعرفة رد الفعل الإسرائيلي أوّلا ً و العربي والدّولي ثانيا ً. وهنا علينا أن نسجّل كل كبيرة و صغيرة و كل حدث يمكن أن يحصل عظم أو صغر للدراسة والتحليل و للإستفادة منه فيما أدعو إليه لاحقا ً. وعلينا أخذ الإحتياطات اللازمة حتىّ نقلل من الأضرار و المخاطر قدر الإمكان ، فمع هذا العدو و المغتصب علينا أن نتوقع دائما ً الأسوأ.
نحن نعلم اليوم أنّ موازين القوى على الأرض ليست في صالحنا و أن لا تكافؤ بيننا وبين العدو بالسلاح والنّصرة، وإن خلافاتنا الفلسطينية أخذت من وقت وجهد شعبنا الكثير الكثير، وأنّ القيادة الفلسطينية بكافة تياراتها، تسبح في غير بحرنا، ووهم السلطة و الكرسي يسيطر على الجميع ، والإعتقاد الدائم بقوة البندقية دون قوة العقل تجعلنا نجهل مصيرنا و مآلنا و تجعلنا نبتعد كثيرًا عن تحقيق آمالنا بالعودة والتحرير وإقامة دولتنا الفلسطينية فوق ترابنا الوطني .
وأوهام السلام تأخذنا دائما ً إلى غير اتجاه ، والإعتقاد بأننا قادرون على إقامة هذا السلام مع هؤلاء مغتصبو الأرض هو ضربٌ من الخبل والجهل بطبيعة هذا العدو ، هذا طبعا ً إن صدّقنا أنّ القائمون على قيادة شعبنا الفلسطيني قد مسّهم الخبل أو هم جهلاء ، لأني أعتقد غير ذلك ، فهم مجرّد تجّار يستغلون قضيتنا لملءِ الجيوب تستهويهم السلطة و الكرسي ، و هؤلاء هم سياسيونا .
أما كتائبنا المسلحة فمعاذ الله أن أعيبهم بشيءٍ من إخلاص نيّة وغاية ، فهم المجاهدون الذين يجب أن تنحني لهم الهامات ، لكني أقول أنه فاتهم أن البون واسع بين ما نملك من سلاح وما يملك منه عدونا . صحيح أنّ قوة الإيمان بالحق قد تصنع العجائب و تحقق الإنتصار في معركة، إلا ّ أنه ينقصنا قوة المنطق لنضيفها إلى قوة الحق حتى يكون الإنتصار في الحرب حاسما ً ونهائيا ً، وأن لا نبقى نهلل ونكبّر لانتصارنا في معركة هنا أو هناك.
إخواني العمر يمضي، ستون عاما ً ونحن كل يوم ٍ في نكبة ، ووضع الفلسطيني اليوم تماما ً كما كان في العام 1948 إن لم يكن أسوء، وفي كل يوم ٍ نتفتت ونتشتت والأمل بالتحرير يبعد ويبعد ، والعدو يزداد قوة على قوة.
شلالات دمانا ما زالت غزيرة و آلام جرحانا و أسرانا لا يعادله ألم ، وكل يوم يمضي نزداد ثكلى و يتامى و نزداد قصصا ً لمآسي جديدة تروى لولد الولد، تدمي القلوب و تبكي الرّجال، صدّقوني لا يتأثر بها سوانا ولا أحد في العالم بأسره يرانا و " الوجع ما بيوجع غير صاحبه" حتى وإن أحسّ الآخرون بنا .
و هنا أقول آن لنا كفلسطينيين أن نغيّر لعبة الحرب هذه و أن نخوض حربنا على طريقتنا ، وآن لنا أن نغيّر نوع السلاح كي نكون الأقوى و نبطل كل ما في أيدي العدو من سلاح يجبره على الإستسلام و الإنكفاء وإعادة الأرض لأصحابها الحقيقيين.
و هذا السلاح هو سلاح الجماهير، نعم إخواني ، سلاح الجماهير الذي لا يمكن أن يعادله أي سلاح إن عرفنا كيف نستعمله و نشحذه بقوّة الحق وننظمه و نقوده في هذه الحرب المفتوحة علينا بلا هوادة.
خلاصة القول وهذا هو رأيي ونصيحتي التي أردت أن أسديها:
أوّلا ً: دعونا نجعل من مسيرات الغد تجربة لنسجّل فيها ملاحظات و ردود الفعل ، ونقيس النتائج التي يمكن أن تتحقق مهما كانت قليلة ومتواضعة.
ثانيا ً: أن يكون هدفنا النّهائي هو القيام بالإجتياح الكبير، نعم أسمّيه الإجتياح الكبير، في يوم ما يحدد ، يعلن أو يكتم وتحدد له ساعة الصفر، لنقل بعد سنه أو بعد سنتين أو ثلاث، لا تزيد عن ذلك ، وهذه تحدد بعد إجراء الدّراسات اللازمة و الإمكانيات المتوفرة ومعرفة القدرات التي يمكن أن نستغلها لهكذا يوم.
ثالثا: أن نقيم مؤسسة ضخمة بطواقم ذات كفاءة و قدرات عالية و دراية بكل الأنشطة السياسية و العسكرية و الإجتماعية و الإقتصادية و الطبية.... إلخ، لقيادة هذا العمل الوطني الكبير.
رابعا ً: أن نكرّس كل جهودنا وحياتنا ووقتنا وقدراتنا لتحقيق هذا الهدف . و أن نقيم دورات على مدار السّاعة ، لجماهير شعبنا، كل جماهير شعبنا، في الدّاخل و في الشتات، وفي أراضي العام 1948 في التكافل الإجتماعي و دورات في الإسعافات الأولوية و التمريض ودورات في نشر الوعي وتعلم الصبر على الجوع والعطش والسهر و المشي الطويل و تحمل الألم ، ودورات في علم النفس و تعلّم الجرأة و المواجهة .... إلخ ، و كل ما يمكن أن نحتاجه في في هذا اليوم العظيم..
خامسا: و بناءً على ما جاء في رابعا ً ، أن يقسّم شعبنا الفلسطيني ، كل الشعب، إلى لجان بالمئات إن لم يكن بالآلاف ، تحدد لكل لجنة مهماتها و موقعها و تؤمّن لها الإمكانيات التي تحتاجها في ذلك اليوم المنشود.
سادسا ً: حين تحين ساعة الصفر ، علينا أن لا نطلِق صفاّرة الإنطلاق قبل أن نكون متأكدين أنّ كل الإمكانيات متوفرة و الإستعدادات المطلوبة قد اكتملت ، حينها فقط نستطيع أن نبدأ في هذا الإجتياح الكبير . عندها يجب أن تكون طريقنا ذات اتجاه واحد بوصلتنا موجّهة إلى هدفٍ واحد، كل منا إلى أرضه و بيته، فإمّا الوصول للهدف أو الموت في سبيله ، لا يوقفنا تدخل من هنا أو رأي من هناك ، أقصد ما يسمّى بالمجتمع الدّولي أو العالم العربي. نمضي إلى غايتنا دون اكتراثٍ لأحد لأنّ ما سنفعله حقٌّ لنا نستعيده أو نفنى دونه. فمهما طاولنا من خطوب ولحقنا من مجازر نكمل طريقنا إلى آخرها.
سابعا ًوأخيرا ً: أن يتم الإجتياح بمئات الألوف من شعبنا ، العزّل من أي سلاح، على كافّة الجبهات و الحدود في داخل الضّفه الغربية و قطاع غزّه ، ومن مخيّمات لبنان و الأردن وسوريا ، ومن مصر، ومن الخارج بالطائرات و السفن القادمة من أوروبا و أمريكا ومن العالم العربي. و كذا أن يتحرك كل فلسطينيو ال 48 في الدّاخل . وأن يحصل كل ذلك في يوم انطلاق واحد يستمر حتى يتحقق النّصر .
علينا أن نأخذ باعتبارنا أنّ خسائر كبيرة ستلحق بنا وعلى كافّة المستويات ، إلا ّأنّ الوطن يستحقُّ منّا ذلك و أكثر ، حتّى و إن سقط من ّ الكثير فإنّّ باقي شعبنا سينعم بالنصر الكبير و المؤزّر .
أنا متأكد عندها أنّ العالم بأسره سيقف على رجل ٍ واحدة وأنّ العدو الإسرائيلي لن يكون قادرا ً على حربٍ مفتوحة على كل الجبهات و النصر إن شاء الله أكيد، والكيان الصّهيوني سيذوب و يفنى .
قد يُقمع رأيي هذا و يُغيّب ، أو قد أُقتَل دون ذلك ، إلا إنيّ متأكد أن الوسيلة الوحيدة القوية التي بين أيدينا اليوم ، هي ما أقول.
علينا أن لا نركن لسلام ٍ موهوم ، أو لقيادة تأمَن جانب العدو و تأمل أن تصل معه إلى نتائج، إن تحققت ومهما عظمت فهي بلا شك أدنى بكثير من حقوقنا وعدالة قضيّتنا .
الحق لا تنازل عنه ، والعدل هو أن تعود الأرض كل الأرض لنا.
ركاد حسن خليل
قبل عام تقريبـًا نشرت هذه المقالة في العديد من المواقع الإلكترونيـة وبعض الصـّحف الفلسطينيـّة، وإنـّي أعيد نشرها اليوم، لأنــّي لا زلت أؤمن بأن الحل لمأساتنا الفلسطينيـّة، هو حل الجماهير، ولا يجب علينا أبدًا الإستمرار في انتظار أصحاب الكراسي، الذين لا يعنيهم ما على كاهلنا من أثقال، وما في قلوبنا من أوجاع.
أعيد نشر هذه المقالة كما جاءت بمناسبة تحضير الأخ زياد أبوعين، لمسيرة جماهيريـّة لاجتياح الحدود التــّي صنعها العدو الإسرائيلي في الذّكرى السـّتون للنـّكبة. ولأنــّي أعتقد أنّ هذه المقالة لم تـُقرأ كما يجب، وأنــّها لم تؤخذ على محمل الجد، أعيد نشرها هنا علّ وعسى أن تأخذ حيـّزًا أكبر للتحليل والدّراسة.
المقالة:
الإجتياح الكبير
بقلم: ركاد حسن خليل
حين قرأت خبر مسيرات العودة المزمع القيام بها يوم الرابع عشر من الشهر الجاري ، بمناسبة الذكرى السّتون للنكبة،
وجدتني أمسك القلم و أخط هذه الكلمات إسداءً للنصيحة وإبداءً للرأي ، خصوصا ً و أنّ الأمر تطابق مع أفكار في داخلي تراودني صبح َ مساء.
وقد كنت كتبت يوما ً في نفس الموضوع مقالة في مجلة فلسطين الثورة التي كانت تصدر باسم منظمة التحرير الفلسطينية في عددها رقم 765 الصادر في يوم 24/9/1989 وقد أشرت حينها إلى كتابٍ قرأته بعنوان " هجرة العودة الفلسطينية " للكاتب " ويلي كراوفورد" .
و بما أنّ الأمر سيتحقق وإن لم يكن كما سأحدّثكم عنه بعد قليل ، فإني أعتبر ذلك جهد المقل ولا يسعني إلا ّ أن أشد على يدي الأخ زياد أبو عين الذي عرفناه مناضلا مخلصا ً مذ كان طالبا ً في الولايات المتحدة الأمريكية حين سلمته إلى الكيان الصهيوني آنذاك. آملا ً من الأخ زياد و كل القائمين على تنفيذ هذه المسيرات أن يأخذوا ما سأكتبه تاليا ً بعين الإهتمام والإعتبار ، علَّ الله أن يتمم لنا الغاية والهدف في تحقيق العودة وتقرير المصير و إقامة الدولة الفلسطينية دون التخلي أو التّفريط بأيِّ حقٍّ من حقوقنا.
إنّ ما سنقوم به في الرابع عشر من الشهر الجاري لن يكون أكثر من مظاهرات ليوم ٍ واحد تنتهي عند المساء و يعود كلٌّ من حيث أتى ،و تبقى فلسطين على ما هي عليه، وتبقى حياتنا كفلسطينيين كما هي من سيّءٍ إلى أسوء، ويبقى العالم مناصرا للظالم، ونحن ليس لنا غير الله من نصير أو سند . وهنا أقول أن لا بأس من هذه المسيرات على أن تكون تجربة لمعرفة رد الفعل الإسرائيلي أوّلا ً و العربي والدّولي ثانيا ً. وهنا علينا أن نسجّل كل كبيرة و صغيرة و كل حدث يمكن أن يحصل عظم أو صغر للدراسة والتحليل و للإستفادة منه فيما أدعو إليه لاحقا ً. وعلينا أخذ الإحتياطات اللازمة حتىّ نقلل من الأضرار و المخاطر قدر الإمكان ، فمع هذا العدو و المغتصب علينا أن نتوقع دائما ً الأسوأ.
نحن نعلم اليوم أنّ موازين القوى على الأرض ليست في صالحنا و أن لا تكافؤ بيننا وبين العدو بالسلاح والنّصرة، وإن خلافاتنا الفلسطينية أخذت من وقت وجهد شعبنا الكثير الكثير، وأنّ القيادة الفلسطينية بكافة تياراتها، تسبح في غير بحرنا، ووهم السلطة و الكرسي يسيطر على الجميع ، والإعتقاد الدائم بقوة البندقية دون قوة العقل تجعلنا نجهل مصيرنا و مآلنا و تجعلنا نبتعد كثيرًا عن تحقيق آمالنا بالعودة والتحرير وإقامة دولتنا الفلسطينية فوق ترابنا الوطني .
وأوهام السلام تأخذنا دائما ً إلى غير اتجاه ، والإعتقاد بأننا قادرون على إقامة هذا السلام مع هؤلاء مغتصبو الأرض هو ضربٌ من الخبل والجهل بطبيعة هذا العدو ، هذا طبعا ً إن صدّقنا أنّ القائمون على قيادة شعبنا الفلسطيني قد مسّهم الخبل أو هم جهلاء ، لأني أعتقد غير ذلك ، فهم مجرّد تجّار يستغلون قضيتنا لملءِ الجيوب تستهويهم السلطة و الكرسي ، و هؤلاء هم سياسيونا .
أما كتائبنا المسلحة فمعاذ الله أن أعيبهم بشيءٍ من إخلاص نيّة وغاية ، فهم المجاهدون الذين يجب أن تنحني لهم الهامات ، لكني أقول أنه فاتهم أن البون واسع بين ما نملك من سلاح وما يملك منه عدونا . صحيح أنّ قوة الإيمان بالحق قد تصنع العجائب و تحقق الإنتصار في معركة، إلا ّ أنه ينقصنا قوة المنطق لنضيفها إلى قوة الحق حتى يكون الإنتصار في الحرب حاسما ً ونهائيا ً، وأن لا نبقى نهلل ونكبّر لانتصارنا في معركة هنا أو هناك.
إخواني العمر يمضي، ستون عاما ً ونحن كل يوم ٍ في نكبة ، ووضع الفلسطيني اليوم تماما ً كما كان في العام 1948 إن لم يكن أسوء، وفي كل يوم ٍ نتفتت ونتشتت والأمل بالتحرير يبعد ويبعد ، والعدو يزداد قوة على قوة.
شلالات دمانا ما زالت غزيرة و آلام جرحانا و أسرانا لا يعادله ألم ، وكل يوم يمضي نزداد ثكلى و يتامى و نزداد قصصا ً لمآسي جديدة تروى لولد الولد، تدمي القلوب و تبكي الرّجال، صدّقوني لا يتأثر بها سوانا ولا أحد في العالم بأسره يرانا و " الوجع ما بيوجع غير صاحبه" حتى وإن أحسّ الآخرون بنا .
و هنا أقول آن لنا كفلسطينيين أن نغيّر لعبة الحرب هذه و أن نخوض حربنا على طريقتنا ، وآن لنا أن نغيّر نوع السلاح كي نكون الأقوى و نبطل كل ما في أيدي العدو من سلاح يجبره على الإستسلام و الإنكفاء وإعادة الأرض لأصحابها الحقيقيين.
و هذا السلاح هو سلاح الجماهير، نعم إخواني ، سلاح الجماهير الذي لا يمكن أن يعادله أي سلاح إن عرفنا كيف نستعمله و نشحذه بقوّة الحق وننظمه و نقوده في هذه الحرب المفتوحة علينا بلا هوادة.
خلاصة القول وهذا هو رأيي ونصيحتي التي أردت أن أسديها:
أوّلا ً: دعونا نجعل من مسيرات الغد تجربة لنسجّل فيها ملاحظات و ردود الفعل ، ونقيس النتائج التي يمكن أن تتحقق مهما كانت قليلة ومتواضعة.
ثانيا ً: أن يكون هدفنا النّهائي هو القيام بالإجتياح الكبير، نعم أسمّيه الإجتياح الكبير، في يوم ما يحدد ، يعلن أو يكتم وتحدد له ساعة الصفر، لنقل بعد سنه أو بعد سنتين أو ثلاث، لا تزيد عن ذلك ، وهذه تحدد بعد إجراء الدّراسات اللازمة و الإمكانيات المتوفرة ومعرفة القدرات التي يمكن أن نستغلها لهكذا يوم.
ثالثا: أن نقيم مؤسسة ضخمة بطواقم ذات كفاءة و قدرات عالية و دراية بكل الأنشطة السياسية و العسكرية و الإجتماعية و الإقتصادية و الطبية.... إلخ، لقيادة هذا العمل الوطني الكبير.
رابعا ً: أن نكرّس كل جهودنا وحياتنا ووقتنا وقدراتنا لتحقيق هذا الهدف . و أن نقيم دورات على مدار السّاعة ، لجماهير شعبنا، كل جماهير شعبنا، في الدّاخل و في الشتات، وفي أراضي العام 1948 في التكافل الإجتماعي و دورات في الإسعافات الأولوية و التمريض ودورات في نشر الوعي وتعلم الصبر على الجوع والعطش والسهر و المشي الطويل و تحمل الألم ، ودورات في علم النفس و تعلّم الجرأة و المواجهة .... إلخ ، و كل ما يمكن أن نحتاجه في في هذا اليوم العظيم..
خامسا: و بناءً على ما جاء في رابعا ً ، أن يقسّم شعبنا الفلسطيني ، كل الشعب، إلى لجان بالمئات إن لم يكن بالآلاف ، تحدد لكل لجنة مهماتها و موقعها و تؤمّن لها الإمكانيات التي تحتاجها في ذلك اليوم المنشود.
سادسا ً: حين تحين ساعة الصفر ، علينا أن لا نطلِق صفاّرة الإنطلاق قبل أن نكون متأكدين أنّ كل الإمكانيات متوفرة و الإستعدادات المطلوبة قد اكتملت ، حينها فقط نستطيع أن نبدأ في هذا الإجتياح الكبير . عندها يجب أن تكون طريقنا ذات اتجاه واحد بوصلتنا موجّهة إلى هدفٍ واحد، كل منا إلى أرضه و بيته، فإمّا الوصول للهدف أو الموت في سبيله ، لا يوقفنا تدخل من هنا أو رأي من هناك ، أقصد ما يسمّى بالمجتمع الدّولي أو العالم العربي. نمضي إلى غايتنا دون اكتراثٍ لأحد لأنّ ما سنفعله حقٌّ لنا نستعيده أو نفنى دونه. فمهما طاولنا من خطوب ولحقنا من مجازر نكمل طريقنا إلى آخرها.
سابعا ًوأخيرا ً: أن يتم الإجتياح بمئات الألوف من شعبنا ، العزّل من أي سلاح، على كافّة الجبهات و الحدود في داخل الضّفه الغربية و قطاع غزّه ، ومن مخيّمات لبنان و الأردن وسوريا ، ومن مصر، ومن الخارج بالطائرات و السفن القادمة من أوروبا و أمريكا ومن العالم العربي. و كذا أن يتحرك كل فلسطينيو ال 48 في الدّاخل . وأن يحصل كل ذلك في يوم انطلاق واحد يستمر حتى يتحقق النّصر .
علينا أن نأخذ باعتبارنا أنّ خسائر كبيرة ستلحق بنا وعلى كافّة المستويات ، إلا ّأنّ الوطن يستحقُّ منّا ذلك و أكثر ، حتّى و إن سقط من ّ الكثير فإنّّ باقي شعبنا سينعم بالنصر الكبير و المؤزّر .
أنا متأكد عندها أنّ العالم بأسره سيقف على رجل ٍ واحدة وأنّ العدو الإسرائيلي لن يكون قادرا ً على حربٍ مفتوحة على كل الجبهات و النصر إن شاء الله أكيد، والكيان الصّهيوني سيذوب و يفنى .
قد يُقمع رأيي هذا و يُغيّب ، أو قد أُقتَل دون ذلك ، إلا إنيّ متأكد أن الوسيلة الوحيدة القوية التي بين أيدينا اليوم ، هي ما أقول.
علينا أن لا نركن لسلام ٍ موهوم ، أو لقيادة تأمَن جانب العدو و تأمل أن تصل معه إلى نتائج، إن تحققت ومهما عظمت فهي بلا شك أدنى بكثير من حقوقنا وعدالة قضيّتنا .
الحق لا تنازل عنه ، والعدل هو أن تعود الأرض كل الأرض لنا.
تعليق