بناء الإنسان !
[align=justify]إن أي مشروع بناء حضاري مهما كانت طبيعته و مهما كانت أهدافه يبقى ناقصا ما لم يضع في حسبانه بناء الإنسان، الإنسان الذي تتمثل فيه الآدمية الحقة التي تعرف قيمتها و تقدر دورها في الحياة و تسعى للعيش وفق القيم الإنسانية الفاضلة و إلا سقط ذالك "الإنسان" في مستنقع الوحشية الشرسة القاسية أو البهيمية النهمة الملتهمة !
غير أن السؤال الذي يفرض نفسه علينا الآن هو : كيف نجعل الناس يتفقون على مفهوم الآدمية الحقة و هذه البشرية تختلف في القيم الإنسانية ذاتها منذ القدم ؟ و كل أمة أو مجموعة من الناس تدعي أنها على الحق و غيرها على الباطل، و من ثمة تسعى إلى إحقاق حقها و إبطال باطل غيرها حسب زعمها، و هنا نقع في إشكال لا يمكن الخروج منه إلا بقبول مصدر محايد خارج عن إرادة الإنسان نفسه و بعيد عن سيطرته، و إننا لن نجد ذلك المصدر الخارجي إلا في الوحي، الوحي الرّبّاني إلى الإنسان !
إن الوحي هو الفيصل الوحيد الذي يمكن بواسطته، إن صدفت النوايا و صحت العزائم، بلوغ وحدة التصور و وحدة الفهم و وحدة العمل، غير أننا نقع بعد الإشكال الأول في إشكال ثان و هو تفسير الوحي ذاته، و كثيرا ما يَلبِس تفسير الوحي لباس الوحي نفسه فلا يمكن تمييز أحدهما من الآخر إلا بجهد جهيد لا يتيسر لكثير من الناس مع الاعتراف أن الأمم المتسلطة على العالم قد ألغت الوحي كمصدر من مصادر العلم و التشريع و قلدها الأميون في باقي العلم في ذلك.
إلا أن ما يبعث الارتياح في النفس رغم الجاهلية السائدة في العالم اليوم، ما بلغه العقلاء في الأمم المختلفة من وعي جعلهم يتوصلون بتجاربهم الذاتية في الحياة و بتفكيرهم العميق إلى بعض ما يرشدهم إليه الوحي، و من ثمة نراهم يدعون إلى بناء الإنسان بما يتماشى مع آدميته، و عند هذا الحد تقفل الدائرة و نعود إلى ما بدأنا به مقالتنا هذه و هو ضرورة إدراج مشروع بناء الإنسان في كل مخطط حضاري !
و للحديث بقية إن شاء الله تعالى و رحم الله كل من دلني على خطإ في اللغة أو في الفكر.[/align]
تعليق