وغَابَ وجْهُهَا
ساحةُ المدرسةِ الخارجيّة فضاءٌ فسيحٌ مليء بضجيجِ الصِّغار، تعلُو على المكان زقزقتُهم، وشغبُهم المتزايدُ في نهاية العام.
أخذْتُ أقصَى اليمين أمامَ دكانِ ( رَمكُو – Remiko ) الذي لا يلحقُ في طلباتِ زبائنِه الصّغار.
لمحتْ بوجودِي هناك، أمسكَتْ بيدِ أخيها، وأشارتْ بإصبعِها الفستقيّة، نحوَ السَّيارة. أخذتْ تجرُّ الصَّغيرَ وراءَها، وهو متشبثٌ بتلابيبِ الشَّغبِ والكلامِ مع أقرانِه.
من هناك رفعَتْ شهادتَها الأولى في عالَـمِ النّجاح، تلوِّحُ بها نحوي، متشوِّقةً أنْ أرَى موسمَها الأول على الورق.
كنْتُ أقفُ أمام المدرسة يومَ تكريم المتفوّقينَ، والخجلُ يأخذُ وجهي كلَّهُ، ويطغَى عليَّ الارتباكُ، على تصرفاتي، وكلامي، وحركاتي. يعلنُ المديرُ أسماءَ المتفوّقين: حسن، آزاد، بروين، رسول.
تقدمْتُ نحوَ المديرِ، فرحّبَ بي، مدَّ يدَه نحوي، وقعَتْ نظراتي على قدمي الحافية.
ومريولتي المتدلية توحِي بنوعِ الأكلات والسندويتشاتِ التي تناولتُها هذا الأسبوع، أما رغيفُ الخبزِ، تدهّنُه أمي بالسّمن الأصلي فيتركُ آثارَهُ في جيبِ صدريتي.
خريطةٌ من البقع المختلفة تمتدُّ من صدري إلى الأسفل. صافحْتُه وأخذْتُ شهادتي.
تقدّمَتْ نحوي وهي تسحبُ أخاها الذي يريدُ أنْ يسرقَ الوقتَ لممارسةِ مشاغباتِه، حيثُ لا يستطيعُ القيامَ بها ضمنَ أسوارِ المنزلِ، حيثُ تكثرُ ممنوعاتُ جدّتِه وتقيّدهُ قوانينُ أمِّه الحجرية:
لا تقم، لا تجلس، لا تلعب، تصرخ ... .
لوّحت بشهادتِها. جدائلُها تضاحِكُ الشَّمسَ، تتمايلُ برباطِها (القوس القزحي) فوقَ رأسِها، صدريتُها صفحةُ ماءٍ لا ترضَى بنقطةٍ مغايرةٍ منَ السّقوطِ عليها.
أخذْتُ أقصَى اليمين أمامَ دكانِ ( رَمكُو – Remiko ) الذي لا يلحقُ في طلباتِ زبائنِه الصّغار.
لمحتْ بوجودِي هناك، أمسكَتْ بيدِ أخيها، وأشارتْ بإصبعِها الفستقيّة، نحوَ السَّيارة. أخذتْ تجرُّ الصَّغيرَ وراءَها، وهو متشبثٌ بتلابيبِ الشَّغبِ والكلامِ مع أقرانِه.
من هناك رفعَتْ شهادتَها الأولى في عالَـمِ النّجاح، تلوِّحُ بها نحوي، متشوِّقةً أنْ أرَى موسمَها الأول على الورق.
كنْتُ أقفُ أمام المدرسة يومَ تكريم المتفوّقينَ، والخجلُ يأخذُ وجهي كلَّهُ، ويطغَى عليَّ الارتباكُ، على تصرفاتي، وكلامي، وحركاتي. يعلنُ المديرُ أسماءَ المتفوّقين: حسن، آزاد، بروين، رسول.
تقدمْتُ نحوَ المديرِ، فرحّبَ بي، مدَّ يدَه نحوي، وقعَتْ نظراتي على قدمي الحافية.
ومريولتي المتدلية توحِي بنوعِ الأكلات والسندويتشاتِ التي تناولتُها هذا الأسبوع، أما رغيفُ الخبزِ، تدهّنُه أمي بالسّمن الأصلي فيتركُ آثارَهُ في جيبِ صدريتي.
خريطةٌ من البقع المختلفة تمتدُّ من صدري إلى الأسفل. صافحْتُه وأخذْتُ شهادتي.
تقدّمَتْ نحوي وهي تسحبُ أخاها الذي يريدُ أنْ يسرقَ الوقتَ لممارسةِ مشاغباتِه، حيثُ لا يستطيعُ القيامَ بها ضمنَ أسوارِ المنزلِ، حيثُ تكثرُ ممنوعاتُ جدّتِه وتقيّدهُ قوانينُ أمِّه الحجرية:
لا تقم، لا تجلس، لا تلعب، تصرخ ... .
لوّحت بشهادتِها. جدائلُها تضاحِكُ الشَّمسَ، تتمايلُ برباطِها (القوس القزحي) فوقَ رأسِها، صدريتُها صفحةُ ماءٍ لا ترضَى بنقطةٍ مغايرةٍ منَ السّقوطِ عليها.
كنتُ أقفُ أمامَ المديرِ مُنكَس الرَّأسِ، دونَ سببٍ، لا أرفعُ نظري إليه، يتقاسمُ مع أبي العطفَ علي، ويربتُ على كتفي: يا مهندسَ الكلمة صغْ لنا عالمَ القريةِ في موضوعٍ قصيرٍ، ويشير إليَّ موجهاً كلامَهُ لأبي: لا بأسَ به. وأنا صامتٌ.
كلَّما أزورُ مدرسةَ إيفا تأتي بصخبِها إلى داخلِ الإدارة، وتقبّلُ المديرَ قائلة: أستاذي أولاً يا بابا ثمّ تعانقني بعدَه: أنا كما طلبْتَ مني يا بابا، أليسَ كذلك يا أستاذ؟ تسألُ بثقةِ جبلٍ ثقيل.
إنها تأخذُ حصتي وحصةَ المديرِ من الكلامِ ولا تعرفُ الصَّمتَ. إيفا تختزل عطف الدنيا في عينيها.
أسرعَتْ نحوي، تشقُّ صخبَ الأطفال، رافعةً شهادتها الملونة و المزخرفة، وتجرُّ أخاها وراءَها. الصَّغيرُ الذي دفعتْـهُ أمُّه عن وجهِهَا بحجةِ يومِ الأخير للمدرسةِ.
وصلتْ حافةَ الشَّارعِ، نزلَتْ من الرَّصِيفِ، فسمعْـتُها صائحةً: بابا !! ملوّحةً بالشَّهادةِ، جدائلُها ترقصُ فوقَ رأسها. اتّجهْتُ نحوها باندفاع، لألحق بها قبلَ أن تقطعَ الشَّارعَ، تخطَّتْ بضعَ خطواتٍ وسط الشَّارعِ.
سيارةٌ تلفظُ الجنونَ، تزعقُ بقوةٍ، تأتي مسرعةً، لا تلحقُها الريحُ، ويرتفعَ فحيحُها. في مواجهةِ الارتباكِ والخوفِ أمسكَتْ إيفا أخاها، واحتضَنَـتْـهُ بقوةٍ.
كلَّما أزورُ مدرسةَ إيفا تأتي بصخبِها إلى داخلِ الإدارة، وتقبّلُ المديرَ قائلة: أستاذي أولاً يا بابا ثمّ تعانقني بعدَه: أنا كما طلبْتَ مني يا بابا، أليسَ كذلك يا أستاذ؟ تسألُ بثقةِ جبلٍ ثقيل.
إنها تأخذُ حصتي وحصةَ المديرِ من الكلامِ ولا تعرفُ الصَّمتَ. إيفا تختزل عطف الدنيا في عينيها.
أسرعَتْ نحوي، تشقُّ صخبَ الأطفال، رافعةً شهادتها الملونة و المزخرفة، وتجرُّ أخاها وراءَها. الصَّغيرُ الذي دفعتْـهُ أمُّه عن وجهِهَا بحجةِ يومِ الأخير للمدرسةِ.
وصلتْ حافةَ الشَّارعِ، نزلَتْ من الرَّصِيفِ، فسمعْـتُها صائحةً: بابا !! ملوّحةً بالشَّهادةِ، جدائلُها ترقصُ فوقَ رأسها. اتّجهْتُ نحوها باندفاع، لألحق بها قبلَ أن تقطعَ الشَّارعَ، تخطَّتْ بضعَ خطواتٍ وسط الشَّارعِ.
سيارةٌ تلفظُ الجنونَ، تزعقُ بقوةٍ، تأتي مسرعةً، لا تلحقُها الريحُ، ويرتفعَ فحيحُها. في مواجهةِ الارتباكِ والخوفِ أمسكَتْ إيفا أخاها، واحتضَنَـتْـهُ بقوةٍ.
كانتْ قامتُها الطالعةُ ترقصُ مع أخيها بصمتٍ لوتسيٍّ ثمَّ ..... ناما معاً تحتَ عجلاتِها، ليتلوَّنَ الإسفلتُ بسائلِ الزَّهرتينِ المعصّرتَينِ القاني.
اختفَى وجهُها الضَّوئيُّ، وافترشَتْ جدائلُها الأرضَ. غابَ فرحُهَا الورديُّ، ولم يعدْ ثمّة وَجْهٌ لابتسامتِهَا.
اختفَى وجهُها الضَّوئيُّ، وافترشَتْ جدائلُها الأرضَ. غابَ فرحُهَا الورديُّ، ولم يعدْ ثمّة وَجْهٌ لابتسامتِهَا.
تعليق