بسم الله.

أختنا الشاعرة الرقيقة/ أحلام،
هأنذا قد عدت، والعوْد أحمد..
فاسمحي لي هذه المرّة أقفْ أمام بعض ما جادت به قريحتك وقفة، وأنظرْ نظرات..
(ولا أخفيك أن بعض هذا البعض قد أتعبني!)

1. أمرّ مرور الكرام بهذه الأفعال التي رأيت أنك أولعت بها ولعا أو إيلاعا:

تزيّنتْ، تشبّعتْ، ترشّشتْ، توشوشتْ، تلألأتْ، توحّدتْ،
توضّأتْ، تتوّجتْ، تجرّعتْ، تشاركتْ، تسلّلتْ..
(للتأمّل)

2. الفعل: تزيّن، هل يتعدّى بنفسه؟ فنقول:
* وَتَزَيَّنَتْ دُرَرَ الكَلامِ جَرائِدُ
يعني: وتزيّنتْ جرائدُ دررَ الكلام؟
مثل: تزيّنت الطفلةُ حُلّةَ العيد.
ولمَ نصبت: دررَ؟ مع أن الفعل لازم.
أعلى نزع الخافض، كما في:
* تمرّون الدّيَارَ ولمْ تعوجوا.......؟

3. .. كلّ مطيرة، أهيَ صفة للسحابة؟

فَتَشَبَّعَتْ بالوَصْفِ كُلُّ مَطيرَةٍ
وترشّشَتْ بِعُطورِهِنَّ خَرائِدُ

والضمير هنا في عطورهنّ، علامَ أو على من يعود؟ على سابق(كل مطيرة)
أو على لاحق(خرائد)؟ وهذه الأخيرة، أهيَ الأبكار أو اللآلئ؟
والفعل: ترشّش، هل هو بمعنى: سال؟

4.
مِن شُرفَةٍ حَسناءُ تَرقُبُ جَمْعَهُم
شعراؤها عمروٌ سعيدٌ رائدُ

(كلام بليغ وبديع، ولكن ربما في: جَمْعَهُمْ، نظر)

5.
غَزَلوا لَها بِالنائِحاتِ عَباءَةً
وَتَتَوَّجَت فَوْقَ الجَبينِ قَصائِدُ

وقفت مليا أمام: بِالنائِحاتِ، بكل حروفها، فبدت لي وكأنها في مكان غير مناسب!
فما دخل النواح والنائحات في موضوع جميل رقيق عذب.. كالغزل مثلا؟
ثمّ إن: تَتوّجَ معناه: لبسَ التاج، والذي يفهم من هذا الشطر أن القصائد هي التي تتوجتْ، أي لبست التاج أو التيجان.. مع أن قوة المعنى وجودته يكمنان في كون القصائد تيجانا تُتوّج غيرها وتزينه..(إلا أن يكون الجبين جبين الحسناء!!!)

6.
كم طافَت الأزهارُ حولَ سَريرِها
وَتَشارَكَت لَذَّ الحَديثِ حدائِدُ

حدائد السرير؟!

7.
وتَسَلَّلَت لِلحُلمِ جَنَّةُ عَدْنِها
في أرضِها كُلُّ الجِنانِ زَوائِدُ

تَسلّل يقترن بـ:مِنْ، وليس باللام.. تسلل من.. بمعنى: انطلق أو خرج.. وهو على عكس: تسرّب في.. بمعنى: دخل.

8.
أنّى تَعي تِلكَ الجَميلَةُ أنّها
أشهى الأُكولِ تُعِدُّهُنَّ رَصائِدُ

علامَ أو على من تعود: ها، على الجميلة أو على سابق سابق؟
والأكول، جمع أكل؟
ومع أن: الرصائد أو الوصائد ذكرهما لسان العرب في آخر مادة: رصد، إلا أن معناهما: مصايد تُعَدّ للسباع، وليست هي التي تُعِدّ!


*وكالأفعال التي بدأت بها، رأيتك استعملت ضمائر جمع المؤنث بشكل لافت كذلك في: بِعُطورِهِنَّ، في جيدِهِنَّ، لَكَأنَّهُنَّ، تُعِدُّهُنَّ.

(والله أعلى وأعلم أوّلا وآخرا)


وبعد، فأرجو أن يكون كلامي، هذا الكثير الثقيل، خفيفا..
إذ ما قصدت به غير الفائدة والنقد البنّاء(إن كان هذا يرقى إلى مستوى النقد حقّا)
فالقصيدة بكل صدق جميلة وممتعة.. وبديعة شكلا ومضمونا، وغامرة بجدّتها.. آخذة بالمشاعر والوجدان أخذاً يُنسي المتلقّيَ مجرد التفكير في بعض مكوناتها وسياقاتها المتنوعة..

كما أرجو أن يكون عوْدي أحمد حقا..


دمت شاعرة، وتفضلي بقبول تحيات أخيكم.

بسم الله.

وأنا سعدت بردودك الجميلة، وبدفاعك الراقي..
فشكرا لك، ومعذرة إذ دفعتك إلى تفسير ما كتبت دفعا، وأجبرتك على كثرة الكتابة إجبارا..

بقيت واحدة في نفسي مثل " حتّى "، إنها (الواو) في هذا البيت:

غَزَلوا لَها بِالنائِحاتِ عَباءَةً
وَتَتَوَّجَت فَوْقَ الجَبينِ قَصائِدُ

ألا تريْن أن (الفاء) هنا أنسب وأبلغ وأحلى وأعذب؟

بكل الود والإعجاب من أخيك.