البَسْمةُ نَحْفرُها
إن رأيتموني بخطايا
فارجموني بوطن
صقر أبوعيدة
بَسْماتُنا
جرْحٌ على أفْواهنا لم ينْقَشِعْ
ألوانُها عَطشَى إلى ألوانِها
طيرٌ على أمواهِ نِيلٍ فانْجزعْ
طيفٌ عَلا غيماتِ صيفٍ ترتَحلْ
خبزٌ ولم يهنأْ على الأسنانِ وانْتُزِعْ
رسمٌ على رملٍ تُغَشّيهِ السّيُول
ظِلٌّ قلَى شمساً وتُخْفيهِ الغُيوم
وهْمٌ أتَى بعد الصباحِ المُنْصدِع
تَقْليبُ بُستانٍ على طيشِ الفُصول
لم تلقَ مرسًى في مَواني بَحْرنا
وانْكبَّتِ الأرْقامُ واحْتارَ الذُّهول
أحلامَنا يا حُلوتي
كلُّ الدَّواهي أوْقِديها حزْنَكِ
هل من سبيلٍ يعْتلي هذا الغُفول
أسفارُنا موجٌ على أمواج
والـهَبُّ أضحى عاتِيا
هبّتْ على أكنافِ غزَّةَ
من كل فجٍّ وانْبِعاج
سالتْ بها الأرسالُ والعاني بها أسْراب
حطّتْ على شطٍّ لكِ
الرملُ في أحشائهِ لم تّـمْلكي
والدربُ أمسى في الغِيابْ
والقيدُ يَجْفو مسْلكي
عينُ المنافي شاخِصة
البعدُ عن عينيكِ وصلٌ في العذابْ
والأسْرُ فيها رحلةٌ عندَ الأُجاج
في جِيدها مِسكٌ عَبِق
السّربُ عند البحر يرنو لليمامْ
ألقَى اليمامُ الريشَ في بحرٍ خُنِقْ
حطّتْ على حبلِ الصَّواري تنتَحِبْ
أسرابُ دمعٍ لاهثاتٍ في العَبابْ
نادتْ على موجٍ يناغي شطأَها وترتقبْ
كي تقتفي حَوْمَ الغمامْ
لما رأى الدّربَ السرابْ
مدَّ الشراعْ
والبحرُ في أغوار تِيهٍ لا يُرامْ
نادت على أنواء فجرٍ في انْقطاع
أين الإمامْ
أشكو لهُ بثي وجَفوةَ الأنامْ
ثِقْلَ الليالي فوق أجفاني بلا غُمْضٍ وتَهْجاع
والصحبُ يرجو مَوتتي
إن مِتُّ يخشَى عَودتي
واستمرأوا ألوانَ قيدي واليَبابْ
والدمعَ يَطلى خُبزةً الأيتام
يا حلوتي
يا من أناجي سرها
أنت الرؤومْ
عينٌ هطولْ
لم تشتكي مهما تمادتْ غَيبتي
الجرح في عينيك بسمُها
فوق المآقي ترتقي
أنت الصبايا والخيول
دفءٌ وثوبُ الشّتوةِ
أحببتُ فيكِ بلوَتي
أنت المراعي والسهولْ
تغفو بها أفراخُنا
في الناسِ أو في الخلوةِ
فيها القَواريرُ المسالمةْ
الوردُ يمشي في نواحيها يجول
لم يطلبِ المساومةْ
هلاّ وَجعنا للثكالى
أم ماتَ فينا شمعُنا
ذبّالةُ الـمُلاومةْ
في حُضنك الأوجاعُ والأسفارُ والجنائز
أحزانُنا تبري الترائبا
والظلُّ تـجْفوهُ الغزالات
يا حلوتي قد أورثونا الدمعَ والنوائبا
في خيمةٍ منسيةٍ والجرحُ في أرواقها
يا مَنْ أُناجي سِرَّها
ناخت لها عيني وما غيري لها قلبى حَبا
لازلتِ وأيمُ اللهِ يعلو كعبُكِ
أمّ المساكين
بنت الأسارى
أخت الحيارى
لم يرقَ فيها سَيلُ عينٍ تمنعُهْ
والجفنُ في أنحائهِ
قد أسدلَتْ سنابلُهْ
وادٍ على الخدين طافتْ أنهرُهْ
فاضت على آلاءِ ثغرٍ تغْسلُهْ
فازدانتِ الأحزانُ بَسْماً تحفرُهْ
تعليق