العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. حسين علي محمد
    عضو أساسي
    • 14-10-2007
    • 867

    #16
    وهذه الجملة الشعرية التركيبية ذات الإسناد التأويلى تتعانق مع العلاقة النفسية والمناجاة لتعطى صفة المشاركة والحشد لعلاقات جديدة على مستوى المشهد والنص المصور. والملاحظ أن السهاد قد أسند إلى غير حقيقته، بالإضافة لكونه علاقة معنوية لاتتعدى حدود الوجدان، مما يجعل عملية التحقيق متواصلة وأن الامر لايقف عند حدود الشوق بل يتعداه إلى الفراق والأرق النفسى ليس للنافذة فقط وإنما للشاعر وما يحيط به
    نـافــذتــى = تتـسـهــد

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    نــافـــــــــــــــــــــرة
    العلاقة : انحرافية
    ـــــــــــــــــــ انتظار النـــــداء
    النتيجة: تعدديةالرؤى
    وتوحد الحال
    والمتتبع لحركة الاستعارة يجد أن الشاعر قد أخذ من النافذة محور العلاقة (وظيفتها الاساسية) كأداة مشاركة، وكعنصر أساس ليؤلف علاقة ارتباطية جديدة، حيث أسند إلى غير المتحرك والجامد حركة ووجداناً فى آن واحد "تتسهد ــ نافرة" وهو إسناد لصفات غير أصلية فى وضعها الانتقالى الجديد، مما يجعل اللاملاءمة صفة وعلاقة قامت عليها الصورة فى النص.
    وكذلك (نافرة) إسناد جديد لايعطى تأويلا مباشرا قدر ما يعطى علاقة انحرافية جديدة على مستوى الإسناد، وعلى مستوى الاستعارة التي تظهر اضطرابا فى وعلاقة لا ملائمة بين الفاعل والفعل والمفعول، ونسبة "انتظار النداء" اليها بهذه الطريقة يقوى من دلالة التوظيف ويجعل من الحركة المضطربة فى وجدان الشاعر، حركة متواصلة ودائمة، لايستطيع التخلص منها إلا بتحقيق الحدث والفعل المنتظر
    أأكتشف البحر
    إذ يتفضض لون الغبار؟
    وينحدر الزبد / الموج
    حتى أعانق فيك غناء السماء
    وجرح بدايات هذا الضياء
    هذه اللوحة الوجدانية النفسية المحاصرة بالاستفهام تؤكد الحقيقة التى عليها الشاعر؛ فهويناجى ذاته من خلال نافذته ومن خلال المركبات العامة للصورة المتعدية إلى احتواء المعالم من حوله والتى تعد عناصر مكملة للشاعر والتجربة. فالبحر هنا يمثل حضورا واضحا منذ البداية لكنه كان متمثلا فى الزورق، وهنا التمثيل يطوى فى جنباته لهفة اللقاء والموعد لمضروب فى الذهن والذاكرة. والاستفهام هنا فى غير حقيقته وهومسند إلى الخيال والوجدان.
    هذه العلاقة التى يحاول الشاعر إقامتها بين العقل والطبيعة البيئية هى عملية تقارب بين هذه المعالم الطبيعية الرمزية وبين ذات النص والشاعر والقارىء، وتلك حلة من التجانس ودمج الحسي بالمعنوي، وخلق حالة من التوحد والانصهار يقوم على أساسها العنصر البيانى والصورة فى التجربة، حتى تبدو الفكرة ذات دلالة تتصف بالبوح والغموض أحيانا من ذلك قوله
    إذ يتفضض لون الغبار
    والصورة اللونية المرئية هنا هى قوام التعبير واستعارة الفضة كلون وإضافته للغبار هو على سبيل التأكيد للموقف، والحالة الشعورية واعتقد أن هذا يجعل من الصورة الشعرية على حد قول د.ساسين عساف:
    "هى التعبير، هى التجسيد الروحى والحسى لهذا الإيقاع الكونى المتعدد والواحد"(4).
    والصيغة المضارعة التى ورد فيها الفعل يتفضض تجعل حالة انعدام الرؤيا قائمة، مما يعنى أن عدم الاستقرار النفسى الوجدانى كما هى منذ بداية النص، كذلك الغبار الذى تحول من معناه وحقيقته إلى خاصية من خصائص الطبيعةالنفسية، ويصبح عاملا مساعداً فى تحقيق الفعل والصورة والموقف كل ذلك جعل اللقطة بعيدة فى تأويلها تعتمد الرمز والتلميح.
    وقوله:
    وينحدر الزبد / الموج
    السقوط هو التأويل المباشر للتركيب والمراوغة الناتجة عن الجمع بين الزبد والموج تخلق حالة من التشابه والتماثل الذهنى المعقول؛ فالمواصفات التى لحقت بالصورة المشبهة تبدو حقيقية واقعية تؤكد على أمر قد يكون ممكناً.
    حتى أُعانِقَ فيكِ غناءَ السماءْ
    وجُرحَ بداياتِ هذا الضِّياءْ
    ( أينفرجُ الزَّمنُ الوغْدُ
    في سلَّةِ الأُمنياتِ
    والغاية هنا تبدو متحققة وتبدو من النهائى متطلبات الصورة التى تلخص المشهد الذى عاد فيه الشاعر إلى نفسه وأمنياته وضيقه وتبرمه، ولعل التركيب "وجرح بدايات هذا الضياء" يؤكد ذلك وينفى عملية الاستقرار التى يريد الشاعر أن تتحقق.
    والصورة هنا وانتقالها من حالة الحقيقة إلى حالة المجاز ووصف الزمن بهذا الوصف والاعتراف بأن الامنيات مصيرها هو السلة يجعل من النص الاخير فى مشهده حالة تنتهى وتبدأ مرة بعد أخرى ولا نهاية لتكرارها أو الشكوى منها .
    وفى النهاية فإن الصورة والتجربة فى نص «وردة من د ماء» تفرض مجموعة من الدلالات أهمها أن النص والصورة يجعلان من الأشياء غير المتجانسة وحدة وعلاقة يمكنها أن تربط بين المحسوس والمعنوى وبين الخيال والواقع وبين المرئى والمسموع؛ فالوردة والدماء لا يرتبطان بصلة أو علاقة داخلية سوى إمكانية اللون ومع ذلك فقد نتج عنهما نص وصورة: النص يعود على اللغة ومنحنياتها، والصورة تعكس وجدان الشاعر الذى يؤدى دور الوردة الرمزى فى عدم المواءمة والملائمة.
    ـــــــــــــــــ
    (1) دلائل الإعجاز عبد القاهر الجرجانى عبد القاهر الجرجانى صـ 202
    (2) الصورة الشعرية د. صبحى البستانى صـ61
    (3) السابق صـ 61
    (4) الصورة الشعرية د.صبحى البستانى صـ90

    تعليق

    • د. حسين علي محمد
      عضو أساسي
      • 14-10-2007
      • 867

      #17
      (14)رؤية نقدية:
      القهوة المُرة في فندق الرشيد!

      بقلم: أحمد محمد عبده
      ..................

      الدكتور حسين علي محمد.. صوت شعري وحس نقدي. ربما تكون قد خسرته المنتديات والمؤتمرات والمؤسسات الثقافية والأدبية داخل مصر. لغيابه الطويل خارج البلاد. إلا أن حضوره كان مستمرا ومشاركته دائمة واتصالاته لم تنقطع بالأدباء وبالحياة الثقافية طوال هذه المدة. وربما كان حضوره الدائم علي شبكة الإنترنت ناقدا ومبدعا ومؤسسا لمنتديات أدبية قد وسع من دائرة صداقته لقاعدة عريضة من الأدباء في مصر وخارجها.
      كنا في صالون دائم معه.. من خلال الشبكة العنكبوتية كما يقولون. ولم نعدمه متحدثا في برامج الاعلام السعودي وعلي صفحات الجرائد والمجلات العربية في مصر.
      الدكتور حسين علي محمد. الذي عمل استاذا للأدب الحديث بجامعة الامام محمد بن سعود بالرياض لفترات طويلة. لم يمنعه ذلك العمل الاكاديمي الشاق من اضافاته الإبداعية. بل هو غزير الانتاج. حتي انك لتظن انه قد تفرغ لذلك فله ما يزيد علي الخمسين كتابا ما بين الكتب النقدية والمسرحيات الشعرية وشعر الأطفال والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية غير الأبحاث المحكمة في العديد من المجلات والحوليات الجامعية. وكان آخر انتاجه كتابه "المتنبي يشرب القهوة في فندق الرشيد" وهذا الكتاب. وبحكم التقسيم الفني لكتب الشعر يعد ديوانا يجمع سمات الديوان الشعري. وذلك للوحدة الفكرية أو الخط الايديولوجي أو الجو العام الذي تدور في فلكه القصائد والمقطوعات. فحسين علي محمد شأنه شأن كل موجوع عربي بهموم الوطن وقضايا الأمة. استدعي شاعر العربية الأول. أبو الطيب المتنبي ليكون رمزا لصوت الكلمة والتي هي الداعية الأولي للعزة العربية والنخوة والاعتداد بالنفس وعدم الخضوع والخنوع. المتنبي يشرب القهوة في فندق الرشيد. بكل ما يحمل العنوان من دلالة. قد يبين بعضها في القصيدة وفي باقي القصائد. وقد ترك بعضها الآخر لما اسماه الدكتور صابر عبد الدايم. لأفق توقع القارئ! وجاء العنوان كعتبة أولي للنصوص. ثم جاءت العتبة الثانية في الإهداء. الذي كان لأحفاد الشاعر. وهو ما يشير إلي المستقبل الذي يؤرقه.
      وقال الدكتور صابر إن ديوان حسين علي محمد يحمل عدة ظواهر منها ما يسمي بالاختيار الايقاعي. والذي تمثل في تقمص الشاعر لشخصية عنترة التي اتخذها قناعا "للشاعر اثنتا عشرة قصيدة عن عنترة في هذا الديوان وفي غيره من الدواوين". ومن تلك الظواهر أيضا ظاهرة الانزياح أو العدول.. وقد ظهر هذا في العديد من قصائد الديوان "وأنا أكتب عن مخلوقات تتكاثر لتموت" وقوله "بجرح البلبل المسكون بالوجع المباح" وقوله "فوق الأفواه العطشي مطر يغلي" وقوله "قمر أسود" وغيرها كثير. فكما نري. يأتي الشاعر بألفاظ صادمة. توضع في غير موضعها المنطقي. أو علي غير المألوف من التراكيب. وغالبا ما يأتي ذلك علي سبيل السخرية أو محاولة لتحدي المألوف أو ربما قلب المنطق ومحاولة صياغة الواقع.
      يتضمن الديوان عدة قصائد سردية جاءت في تسلسل منطقي شعري بديع. كما وظف الشاعر التراث في الكثير من قصائده.
      .................................
      *المساء ـ في 10/10/2009م.

      تعليق

      • د. حسين علي محمد
        عضو أساسي
        • 14-10-2007
        • 867

        #18
        (15) قراءة عروضية في قصيدة «الغريب يحلم بلقاء» للدكتور حسين علي محمد

        بقلم: د. عمر خلوف
        ..................

        (النص)

        الغريب يحلمُ بلقاء
        (إلى قريتي .. )


        شعر: حسين علي محمد

        يفتحُ في الفجْرِ فمَهْ
        ليقولَ: أُحبُّكِ‏
        فيبادره النومُ‏،
        وتغزوهُ الأشجانْ
        ...

        (يُخرجُ صندوقَ التذكاراتِ
        يُحدِّقُ في بعضِ الصورِ،
        ويبسمُ ..
        يُخرج ورقاً يقرأ ما فيه بصوت عالٍ)
        ...
        ما أشقى الإنسانْ!

        كانت تعشقُه،
        في الزمنِ الأولِ
        (من يتذكَّرُ ذاكَ .. الآنْ؟)

        هلْ يفتَحُ عينيه‏
        ويحلمُ
        بلقاءٍ آخَرَ
        ‏ يطفئُ أشواقَ الوجدانْ؟!!

        أم يقضي ..
        في حرمانْ؟!!

        بنها 28/12/1989م

        ***
        (القراءة)
        يفتحُ في الفجْرِ فمَهْ
        /ه// /ه /ه // /ه
        فاعلُ فعْلن فعِلن

        ليقولَ: أُحبُّكِ‏، فيبادره النومُ‏، وتغزوهُ الأشجانْ
        ///ه ///ه //// /ه // /ه /ه ///ه /ه /ه /ه/ه ه
        فعِلن فعِلن فعِلَتُ فاعِلُ فعْلن فعِلن فعْلن فعْلانْ
        ...
        يُخرجُ صندوقَ التذكاراتِ، يُحدِّقُ في بعضِ الصورِ، ويبسمُ، يُخرج ورقاً يقرأ ما فيه بصوت عالٍ، ما أشقى الإنسانْ!
        /ه // /ه /ه /ه/ه /ه /ه ///ه ///ه /ه /ه //// /ه // /ه // ///ه /ه// /ه/ه ///ه /ه /ه /ه/ه /ه/ه /ه/ه ه
        فاعلُ فعْلن فعْلن فعْلن فعِلن فعِلن فعْلن فعِلَتُ فاعِلُ فاعِلُ فعِلن فاعلُ فعْلن فعِلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلانْ

        كانت تعشقُه،في الزمنِ الأولِ، من يتذكَّرُ ذاكَ .. الآنْ؟
        /ه/ه /ه// /ه // /ه /ه ///ه ///ه ///ه /ه /ه ه
        فعْلن فاعلُ فاعلُ فعْلن فعِلن فعِلن فعِلن فعْلانْ

        هلْ يفتَحُ عينيه‏ ويحلمُ بلقاءٍ آخَرَ ‏ يطفئُ أشواقَ الوجدانْ؟!
        /ه/ه ///ه /ه// /ه// ///ه /ه/ه ///ه ///ه /ه/ه /ه/ه ه
        فعْلن فعِلن فاعلُ فاعلُ فعِلن فعْلن فعِلن فعِلن فعْلن فعْلانْ

        أم يقضي في حرمانْ؟!
        /ه/ه /ه /ه /ه/ه ه
        فعْلن فعْلن فعْلانْ

        تقوم قصيدة أستاذنا الدكتور حسين علي محمد على إيقاع بحر الخبب..
        وهو بحرٌ قديم قدمَ الشعر العربي، حيث تنسب أولى قصائده إلى عمرو الجني، والتي يقال إنه مدح بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن للأسف لم يصلنا منها سوى بيت واحد تستشهد به جل كتب العروض القديمة والحديثة.
        بل إن جل القصائد الخببية القديمة لم يُنقل إلينا منها أكثر من أبيات معدودة، وكأنهم أنِفوا أن يحتفظوا لنا بشيء لم يقل به الخليل رحمه الله. كما أنِفوا بعد ذلك من نقل الموشحات الأندلسية.
        وقد حاول العروضيون تأصيل هذا البحر بعد الخليل فأدرجوه خطأ تحت الوزن الخليلي المهمل الذي يقوم على (فاعلن فاعلن) وهو منه براء.
        وبحر الخبب بحر غريب يُخالف قواعد البحور الخليلية
        فهو وزن يقوم إيقاعه على السبب، فتنعدم فيه الأوتاد التي تميز جميع بحور الشعر الخليلية.
        ولتسهيل حفظه يقال إنه يقوم على تكرار التفعيلة (فعْلن) أربع مرات في الشطر الواحد..
        وهو البحر الوحيد الذي يكون زحافه بتحريك الساكن لا بحذفه.
        ولذلك يجوز فيه أن تأتي (*فعْلن*) على:
        1- *فعِلن؛ *بتحريك الساكن الأول
        2- *فاعِلُ؛ *بتحريك الساكن الثاني
        3- *فعِلتُ؛ *بتحريك الساكنين معاً
        وبنظرة سريعة إلى تقطيعنا لأسطر القصيدة، نلاحظ أن الشاعر قد استخدم الأشكال الأربعة لتفاعيل البحر..
        ويلاحظ على تقطيعنا ما يلي:
        1- كتبنا السطور المدورة سطراً واحداً، وذلك للإيحاء باتصال الإيقاع.
        2- يمكن قراءة السطر الأول على وزن الخبب كما وسمناه، كما يمكن قراءته على وزن الرجز لأنه يساوي: (مفتعلن مفتعلن)، وهذا من تداخل الأوزان الذي نعتقد أن يثري الإيقاع الشعري.. ولذلك لا يجوز أبداً الاعتماد على السطر الأول فقط في تحديد إيقاع أي قصيدة، تفادياً لمثل هذا التداخل.
        3- لا فارق إيقاعي كبير بين التفاعيل الثلاثة الأولى، إلا أن (فعِلتُ) هي أثقلها، حيث يمكن للأذن الحساسة أن تكتشف أماكن وجودها بسهولة.
        4- جاءت القصيدة عملياً على ستة سطور شعرية، كان أولها وآخرها على ثلاثة أفاعيل، وثانيها ورابعها على ثمانية أفاعيل، وخامسها على عشرة أفاعيل.. وكان الثالث أطولها حيث اشتمل على ثماني عشرة تفعيلة.
        5- من مجموع خمسين تفعيلة، وردت (فعِلتُ) مرتان، و(فاعلُ) عشر مرات، و(فعِلن) خمس عشرة مرة. بينما طغت التفعيلة الأصلية للبحر (قعْلن) على التفاعيل الأخرى، حيث وردت ثلاثاً وعشرين مرة.

        لا زالت القرية تحنّ لفتاها العاشق
        ولا زال العاشق يحلم بفتاته القرية
        فاحلم أيها الفتى،
        وسطر لنا من عشقك قصائد خالدة.
        لا حرمنا الله منك
        أستاذي.

        تعليق

        يعمل...
        X