أين طنطا ..؟
لم يكن غريبا خلاء معرض الكتاب من الناس ؛ وخلاء القطار أيضا ؛ فاليوم يوم جمعة ؛ ثم إنه اليوم الأخير للمعرض .. تمَّمْتُ على شنطة الكتب قبل محطة بركة السبع : الخصائص لابن جِنِّى ؛ الحيوان للجاحظ ؛ العقد الفريد لابن عبد ربه ؛ أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز للجرجانى ..ثم أربع عشرة رواية كلها مهمة.. عشر نسخ من كتابى الذى نوقش فى إحدى مخيمات المعرض ولم يحضر مناقشته إلا خمسة منهم اثنان مناقشان وأنا وعامل الميكروفون وصاحب البوفيه .
هذا الكتاب دراسة لأزمة الثقافة فى دول جنوب المتوسط ؛ هو أول دراسة بحثية لى ؛أما كتبى قبله فهى إبداعات شعرية وقصصية ومسرحية. أما قائمة الكتب التى اشتريتها فلأنها ضاعت من مكتبتى بسبب كثرة إعارتها لمن لايقرأون ولا يقدرون من الكتب إلا جمالها وهى مُرَفَّفة !
وقبل أن تسرقنى هموم الفكر والثقافة انتبهت فاذا القطار يتحرك مغادرا محطة بركة السبع ؛ فنهضت استعدادا للنزول فى طنطا .. دخل القطار محطته التالية فاذا هى كفر الزيات !
أين طنطا؟ لم أنم ..لم أسه .. عدتُ فى القطار المقابل وظللتُ واقفا من كفر الزيات عند باب القطار وهو يقطع الطريق إلى أن دخل محطته التالية فاذا هى بركة السبع !
أين طنطا .. تكررالركوب والنزول من كفر الزيات إلى بركة السبع ومن هذه إلى تلك تكرر ثمانى مرات ..لم أكن أصدق ..هل ابتلعت الأرض طنطا؟
سألت رجلا فى محطة بركة السبع فدارى ضحكة مكتومة ومضى ولم يرد .. سألت مجموعة من الشباب فانفجروا فى ضحك صاخب ثم جرى بعضهم خلف البعض ؛ سألت سيدة فلاحة تبدو عليها الطيبة والبساطة فأشاحت بوجهها مؤدية حركات غريبة كأنها تطرد شيطانا يوشك أن يمسها " دستور يا أسياد.. أشتاتا أشتوت ..أعوذبالله من الشيطان الرجيم"
لم أيأس ..بل ازداد إيمانى بأن فى العالم شيئا مهما اسمه طنطا ؛ بل دار النشيد الخالد فى خاطرى : طنطا هى أمى ..فولها جوا دمى .. شمسها ف بياضي .. إلى آخر النشيد
قصدتُ ناظر المحطة : لو سمحت يا ريس عايز أروح طنطا ..تفرَّس الرجل فى ملامحى طويلا ..ثم أشار لعسكرى بالقرب منه : يا حصُّول ..خد ده
وكانت(خد ده) آخر ما سمعت على المحطة وأنا أعدو عدو الكلاب الضالة حتى تسلمتُ الطريق الزراعى مصر /اسكندرية ..خلعت حذائى وتأبطته كما يفعل محترفو الصعلكة بين المحافظات ومشيت . وشنظة الكتب الضخمة معلقة على كتفى اليسرى وفى الطريق سألت فلاحا : لو سمحت يا حاج موش ده الطريق اللى يودى على طنطا ؟
فإذا بالرجل ينفخ من الغيظ ويقول : يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم اللهم طولك يا روح .
فجأة وجدت رجلا يمشى خلفى يحاول أن يدركنى ثم سألنى : طنطا ..ما تعرفش طنطا فين أنا بدور عليها من يومين قلت له علمى علمك .. اقترب منا شاب وقال: انتم بتدوروا على طنطا ..؟ قلت له أبوس ايدك عايزين نروح طنطا
قال الشاب أنا هقولكم بس كأنى ما قلتش حاجة..أقسمت له أن السر فى بير قال طنطا: فى مصر قلت : كيف؟ قال : بتلاعب المقاولين على ملعب الزمالك !
لم يكن غريبا خلاء معرض الكتاب من الناس ؛ وخلاء القطار أيضا ؛ فاليوم يوم جمعة ؛ ثم إنه اليوم الأخير للمعرض .. تمَّمْتُ على شنطة الكتب قبل محطة بركة السبع : الخصائص لابن جِنِّى ؛ الحيوان للجاحظ ؛ العقد الفريد لابن عبد ربه ؛ أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز للجرجانى ..ثم أربع عشرة رواية كلها مهمة.. عشر نسخ من كتابى الذى نوقش فى إحدى مخيمات المعرض ولم يحضر مناقشته إلا خمسة منهم اثنان مناقشان وأنا وعامل الميكروفون وصاحب البوفيه .
هذا الكتاب دراسة لأزمة الثقافة فى دول جنوب المتوسط ؛ هو أول دراسة بحثية لى ؛أما كتبى قبله فهى إبداعات شعرية وقصصية ومسرحية. أما قائمة الكتب التى اشتريتها فلأنها ضاعت من مكتبتى بسبب كثرة إعارتها لمن لايقرأون ولا يقدرون من الكتب إلا جمالها وهى مُرَفَّفة !
وقبل أن تسرقنى هموم الفكر والثقافة انتبهت فاذا القطار يتحرك مغادرا محطة بركة السبع ؛ فنهضت استعدادا للنزول فى طنطا .. دخل القطار محطته التالية فاذا هى كفر الزيات !
أين طنطا؟ لم أنم ..لم أسه .. عدتُ فى القطار المقابل وظللتُ واقفا من كفر الزيات عند باب القطار وهو يقطع الطريق إلى أن دخل محطته التالية فاذا هى بركة السبع !
أين طنطا .. تكررالركوب والنزول من كفر الزيات إلى بركة السبع ومن هذه إلى تلك تكرر ثمانى مرات ..لم أكن أصدق ..هل ابتلعت الأرض طنطا؟
سألت رجلا فى محطة بركة السبع فدارى ضحكة مكتومة ومضى ولم يرد .. سألت مجموعة من الشباب فانفجروا فى ضحك صاخب ثم جرى بعضهم خلف البعض ؛ سألت سيدة فلاحة تبدو عليها الطيبة والبساطة فأشاحت بوجهها مؤدية حركات غريبة كأنها تطرد شيطانا يوشك أن يمسها " دستور يا أسياد.. أشتاتا أشتوت ..أعوذبالله من الشيطان الرجيم"
لم أيأس ..بل ازداد إيمانى بأن فى العالم شيئا مهما اسمه طنطا ؛ بل دار النشيد الخالد فى خاطرى : طنطا هى أمى ..فولها جوا دمى .. شمسها ف بياضي .. إلى آخر النشيد
قصدتُ ناظر المحطة : لو سمحت يا ريس عايز أروح طنطا ..تفرَّس الرجل فى ملامحى طويلا ..ثم أشار لعسكرى بالقرب منه : يا حصُّول ..خد ده
وكانت(خد ده) آخر ما سمعت على المحطة وأنا أعدو عدو الكلاب الضالة حتى تسلمتُ الطريق الزراعى مصر /اسكندرية ..خلعت حذائى وتأبطته كما يفعل محترفو الصعلكة بين المحافظات ومشيت . وشنظة الكتب الضخمة معلقة على كتفى اليسرى وفى الطريق سألت فلاحا : لو سمحت يا حاج موش ده الطريق اللى يودى على طنطا ؟
فإذا بالرجل ينفخ من الغيظ ويقول : يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم اللهم طولك يا روح .
فجأة وجدت رجلا يمشى خلفى يحاول أن يدركنى ثم سألنى : طنطا ..ما تعرفش طنطا فين أنا بدور عليها من يومين قلت له علمى علمك .. اقترب منا شاب وقال: انتم بتدوروا على طنطا ..؟ قلت له أبوس ايدك عايزين نروح طنطا
قال الشاب أنا هقولكم بس كأنى ما قلتش حاجة..أقسمت له أن السر فى بير قال طنطا: فى مصر قلت : كيف؟ قال : بتلاعب المقاولين على ملعب الزمالك !
تعليق