محروس فلاح طيب ، فلاح منحوس ، من كثرة ما رمح فى دور السينما ، أصبح لكل علة ، أو لكل مقام مقال ، من خيرة الأقوال ، التى ضجت بها بطلات أو أبطال الأفلام ، و هذه حصيلة ، مهببة بالنيلة و القطران ، ووجع الرأس ، عليه و على أهله !
ففى مثل هذه الظروف التعيسة ، كانت البلدة ، تشهد مصيبة ، شأنها ، بين وقت و آخر ، من جريمة لجريمة ، و لكنها هذه المرة لم تكن كأى جريمة ، فقد وجدوا جثة ممزقة ، متناثرة فى الغيطان ، و فى الترع و المصاريف ، فقام البوليس فى الحال ، و اتصل بمخبريه الأندال ، و المرشدين أصحاب ، الوصل ، و المصل ، و الزعارير ، غزو الغيطان بحثا عن الجانى الأكيب ، الذى يربض كالذيب ، بين أوراق الشجر و التراكيب، سواء كان من الفلاحين أو الغجر ، فهو ممسوك ممسوك ، و لو تخفى فى زاروق !!
حين تشمم الفلاحون رائحة الجريمة ، وأحس بها الإنسان و البهية ، قنعوا بعدم السروح ، وأغلقوا عليهم أبواب الجروح ، بل و غالوا فى أمرهم ، بمنع صغارهم من عبروا أبواب الدور و السطوح !
لكن محروس المنحوس ، ولو علقوا على ذيل جلبابه ألف فانوس ، كان له شأن آخر ، فقد اغتاظ ، من الركنة فى الدار ، و علا صوته ، متحديا الحمار ، الذى نهق و رفس ، طلبا للحرية ، و الفرار !
و عنها ساق البهائم ، على الترعة و النسائم ، بعيدا عن زنقة الزريبة ، التى تبخ الموت و الخيبة !، وهو يهتز على أنغام صوت قنديل : بين شاطين ومية ، شافتهم عينه .. ياغالين عليه .. ياشطيطة يابامية ".
وقضى اليوم ، بين نوم و استراحة ، و صلاة و سباحة ، و هو يشهد بأم عينيه حركات الرجال ، هنا وهناك ، يدرى أنهم عفاريت الظهر الأحمر ، تنبش فى السبخ و الأكوام ، وعقول من يرون أصحابها فى الترع و الغيطان !
فحل البقرة و الجاموسة ، و ركب حمارته المنحوسة ، و قال يافاكيك من المماليك وعسكر أبو الزيك..و على الطريق الزراعى ، فجأة وقفت أمامه عربة بناعورة ، كأنها الأسطورة : وقف عندك
توقف محروس ، و هو يرتعش ، ويحوس ، ويردد بصوت محبوس : نشنت يافالح !
حدثه السيد الضابط ، و سأله عن الخابط ، و اللابط : أنت تعرف صابر أو زكريا ؟
فتلبست عم محروس ، روح السيدة نجمة ابراهيم ، و الدف و الطار ، يدق بلا توقف ، كأنه الحصار :" قطيعة .. محدش بياكلها بالساهل .. الله عليها .. يا الله عليها ".
: يعنى تعرفه ؟
: أعرف مين ياسعادة البيه .. أنا معرفشى حد ".
: ياراجل .. أنت لسه قايل أهوووت .. خدوه !
جبده المخبرون الأنذال ، فوقع على وجه ، وارتطم بأرض السكة ، و ضاعت البقرة ، و الجاموسة فى فركة ولوصه.
بكى محروس ، أبو الرجال ، و بعد قليل كان يضحك كالملحوس :" على رأى بشارة واكيم .. ماينوب المخلص .. اطلع ياأسطى ".
كان يمكن أن تصبح الصحبة ، فى عربة أولاد القحبة ، مسلية ، و لها طعمة ، وخاصة و نحن فى رمضان ، لكنه حين تحسس جيبه ليخرج قطعة القماش ، ليطرى على وجهه من هذه الزنقة بين المجرمين و الأوباش ، تعثرت يده ، فى خنصر ، وهنا ضاع تماسكه ، و اهتبل قلبه ، و قام يرقص ، و يضحك ، و يبكى ، و المجرمون فى ذهول ، و تهليل و تطبيل ، فالقتيل شفى بخنصر ، و قطع بالساطور !
لم يتوقف محروس ، و الناس فى عجب محسوس ، و الدهشة و الحنتوس ، حتى وصلت الحافلة قسم الشرطة ، ومعقل حرب الباسوس !!
حشروا فى حجرة ، وتبادل على لطمهم ، مجرمون بالأجرة ، و بالعصا ، و الأكف ، و ضرب القفا حتى الغفا ، و الانكفاء !!
أولاد محروس ، و أخوته الكبار ، علموا بالأمر المنحوس ، فجروا كل فى اتجاه ، يبحثون ياولداه ، عن حل رباط ، محروس ، و العودة به إلى الدار المتروس ، فرمضان لن يغفر لهم ، إن لم يفعلوا ما يفعل الشطار !
إلى المحامين ، و إلى مستشار جار ، و إلى شرطجى مغوار ، و مخبر من الأشرار ، لكنه ظل بين يد المحقق الجبار !
الخنصر يزعق فى صدره : أنا الخنصر ، أنا من قتل و تغندر ، أنا بجيب محروس ، قاتل البسوس ، و حامى الديار من الهكسوس ".
فيطير عقل محروس ، و تتملكه الجلالة ، و يصبح ولدا خلبوس .. و المحقق يحقق ، و يدقق ، بحثا عن القاتل المدسوس ، حتى جاء دوره ، فسيق على حوله ، ووقف بأسنان تتقاتل ، و تدق كمدقة المنجلة :
قل لى يامحروس أنت تعرف صابر ".
ارتعد ،وصعد ، و الخنصر مازال يصرخ :" ياسيادة المحقق ، أنا الخنصر فى جيب هذا المغفل ، المترقرق ". فيبكى محروس أمام الدبوس ، و لم يتوقف المحقق عن سؤاله ، إلا على رنين التليفون ، الذى حمل له رقة رمضان ، وحرص إخوته و أولاده به : أهلا سعادة الباشا .. أبدا يافندم .. دا مجرد اشتباه .. أؤمر يافندم .. هو قدامى أهوووت .. لا .. أنت تؤمر .. ألف سلامة ياباشا ".
ووضع السماعة ، و هو يحاصر محروس ، بنظرات لماعة ، ثم ينظر فى الساعة ، و يقول :" أنا هاسيبك تمشى .. أنت واضح رجل طيب .. بل أنا هاديك علقة .. عشان إما حد يسألك ، تعرف فلان .. تقول معرفوش ".
و جاءه الفرج ، من أبى الفرج ، ضربوه ضربا حتى عرج ، و تكسرت أسنانه وأصبح شرج ، ونزفت دماؤه.. ثم لم نفسه ، وخرج باكيا ، لاعنا نجمة ابراهيم ، وزوزو حمدى الحكيم ، وبشارة واكيم .. والخنصر يزغه فى جنبه ، و يغيظه .. و يكيد له كيدا : أمن أجل قطع حبل أو بصلة تشيل خنصر يامفترى .. يللا اشبع ". و بالطبع لم يبلغ البوابة حتى سقط من طوله ، فتلقفه أولاده فى استرابة ، وخيبة معتادة !
ففى مثل هذه الظروف التعيسة ، كانت البلدة ، تشهد مصيبة ، شأنها ، بين وقت و آخر ، من جريمة لجريمة ، و لكنها هذه المرة لم تكن كأى جريمة ، فقد وجدوا جثة ممزقة ، متناثرة فى الغيطان ، و فى الترع و المصاريف ، فقام البوليس فى الحال ، و اتصل بمخبريه الأندال ، و المرشدين أصحاب ، الوصل ، و المصل ، و الزعارير ، غزو الغيطان بحثا عن الجانى الأكيب ، الذى يربض كالذيب ، بين أوراق الشجر و التراكيب، سواء كان من الفلاحين أو الغجر ، فهو ممسوك ممسوك ، و لو تخفى فى زاروق !!
حين تشمم الفلاحون رائحة الجريمة ، وأحس بها الإنسان و البهية ، قنعوا بعدم السروح ، وأغلقوا عليهم أبواب الجروح ، بل و غالوا فى أمرهم ، بمنع صغارهم من عبروا أبواب الدور و السطوح !
لكن محروس المنحوس ، ولو علقوا على ذيل جلبابه ألف فانوس ، كان له شأن آخر ، فقد اغتاظ ، من الركنة فى الدار ، و علا صوته ، متحديا الحمار ، الذى نهق و رفس ، طلبا للحرية ، و الفرار !
و عنها ساق البهائم ، على الترعة و النسائم ، بعيدا عن زنقة الزريبة ، التى تبخ الموت و الخيبة !، وهو يهتز على أنغام صوت قنديل : بين شاطين ومية ، شافتهم عينه .. ياغالين عليه .. ياشطيطة يابامية ".
وقضى اليوم ، بين نوم و استراحة ، و صلاة و سباحة ، و هو يشهد بأم عينيه حركات الرجال ، هنا وهناك ، يدرى أنهم عفاريت الظهر الأحمر ، تنبش فى السبخ و الأكوام ، وعقول من يرون أصحابها فى الترع و الغيطان !
فحل البقرة و الجاموسة ، و ركب حمارته المنحوسة ، و قال يافاكيك من المماليك وعسكر أبو الزيك..و على الطريق الزراعى ، فجأة وقفت أمامه عربة بناعورة ، كأنها الأسطورة : وقف عندك
توقف محروس ، و هو يرتعش ، ويحوس ، ويردد بصوت محبوس : نشنت يافالح !
حدثه السيد الضابط ، و سأله عن الخابط ، و اللابط : أنت تعرف صابر أو زكريا ؟
فتلبست عم محروس ، روح السيدة نجمة ابراهيم ، و الدف و الطار ، يدق بلا توقف ، كأنه الحصار :" قطيعة .. محدش بياكلها بالساهل .. الله عليها .. يا الله عليها ".
: يعنى تعرفه ؟
: أعرف مين ياسعادة البيه .. أنا معرفشى حد ".
: ياراجل .. أنت لسه قايل أهوووت .. خدوه !
جبده المخبرون الأنذال ، فوقع على وجه ، وارتطم بأرض السكة ، و ضاعت البقرة ، و الجاموسة فى فركة ولوصه.
بكى محروس ، أبو الرجال ، و بعد قليل كان يضحك كالملحوس :" على رأى بشارة واكيم .. ماينوب المخلص .. اطلع ياأسطى ".
كان يمكن أن تصبح الصحبة ، فى عربة أولاد القحبة ، مسلية ، و لها طعمة ، وخاصة و نحن فى رمضان ، لكنه حين تحسس جيبه ليخرج قطعة القماش ، ليطرى على وجهه من هذه الزنقة بين المجرمين و الأوباش ، تعثرت يده ، فى خنصر ، وهنا ضاع تماسكه ، و اهتبل قلبه ، و قام يرقص ، و يضحك ، و يبكى ، و المجرمون فى ذهول ، و تهليل و تطبيل ، فالقتيل شفى بخنصر ، و قطع بالساطور !
لم يتوقف محروس ، و الناس فى عجب محسوس ، و الدهشة و الحنتوس ، حتى وصلت الحافلة قسم الشرطة ، ومعقل حرب الباسوس !!
حشروا فى حجرة ، وتبادل على لطمهم ، مجرمون بالأجرة ، و بالعصا ، و الأكف ، و ضرب القفا حتى الغفا ، و الانكفاء !!
أولاد محروس ، و أخوته الكبار ، علموا بالأمر المنحوس ، فجروا كل فى اتجاه ، يبحثون ياولداه ، عن حل رباط ، محروس ، و العودة به إلى الدار المتروس ، فرمضان لن يغفر لهم ، إن لم يفعلوا ما يفعل الشطار !
إلى المحامين ، و إلى مستشار جار ، و إلى شرطجى مغوار ، و مخبر من الأشرار ، لكنه ظل بين يد المحقق الجبار !
الخنصر يزعق فى صدره : أنا الخنصر ، أنا من قتل و تغندر ، أنا بجيب محروس ، قاتل البسوس ، و حامى الديار من الهكسوس ".
فيطير عقل محروس ، و تتملكه الجلالة ، و يصبح ولدا خلبوس .. و المحقق يحقق ، و يدقق ، بحثا عن القاتل المدسوس ، حتى جاء دوره ، فسيق على حوله ، ووقف بأسنان تتقاتل ، و تدق كمدقة المنجلة :
قل لى يامحروس أنت تعرف صابر ".
ارتعد ،وصعد ، و الخنصر مازال يصرخ :" ياسيادة المحقق ، أنا الخنصر فى جيب هذا المغفل ، المترقرق ". فيبكى محروس أمام الدبوس ، و لم يتوقف المحقق عن سؤاله ، إلا على رنين التليفون ، الذى حمل له رقة رمضان ، وحرص إخوته و أولاده به : أهلا سعادة الباشا .. أبدا يافندم .. دا مجرد اشتباه .. أؤمر يافندم .. هو قدامى أهوووت .. لا .. أنت تؤمر .. ألف سلامة ياباشا ".
ووضع السماعة ، و هو يحاصر محروس ، بنظرات لماعة ، ثم ينظر فى الساعة ، و يقول :" أنا هاسيبك تمشى .. أنت واضح رجل طيب .. بل أنا هاديك علقة .. عشان إما حد يسألك ، تعرف فلان .. تقول معرفوش ".
و جاءه الفرج ، من أبى الفرج ، ضربوه ضربا حتى عرج ، و تكسرت أسنانه وأصبح شرج ، ونزفت دماؤه.. ثم لم نفسه ، وخرج باكيا ، لاعنا نجمة ابراهيم ، وزوزو حمدى الحكيم ، وبشارة واكيم .. والخنصر يزغه فى جنبه ، و يغيظه .. و يكيد له كيدا : أمن أجل قطع حبل أو بصلة تشيل خنصر يامفترى .. يللا اشبع ". و بالطبع لم يبلغ البوابة حتى سقط من طوله ، فتلقفه أولاده فى استرابة ، وخيبة معتادة !
تعليق