[align=right]ببزته العسكرية وسلاحه كان منتصباً شامخاً أمام والديه ..
دمعات الأم الخائفة تحاول الهروب من شِباك عينها لكنها لا تسمح لها بذلك ،
تقف صامتة تراقب والده الذي يشجعه على التصدي للقوات الغازية
- اتركوا البرج يا والدي
قالها إبراهيم فرد والده بصوته القوي :
- سنموت في بيتا يا ولدي
- أرجوك أي والدي ، اذهب إلى بيت عمي فهو أكثر أمناً ..
فان لم تفعل فإنني سأموت دون أن أسمح للغزاة بالاقتراب من البرج .. وليتني أستطيع ..
صراخ رفاقه يتعالى من الخارج :
هيا يا إبراهيم ، قوات الاحتلال تتقدم ..
صافح إبراهيم والديه وإخوته ، نظر لهم نظرات طويلة وهو لا يعرف هل سيلقاهم في الدنيا مرة أخرى
أم أن اللقاء سيكون هناك ، عند رب العالمين في جنته التي وعد بها المتقين والمجاهدين في سبيله ..
وخرج إبراهيم إلى رفاقه وسلاح في يده ، قاذف الار بي جي خلف ظهره ، وقنابله اليدوية في جعبته العسكرية ..
كان متسلحاً بعزمه وإيمانه يشتاق للقاء العدو لكي يثخن فيه وينتقم لدماء الأطفال ويثأر لكل آهة انطلقت من أفواه نساء غزة ..
ومع رفاقه الثلاثة توزعت المجموعة حول البرج ، ومن بعيد بدأت أول الدبابات في الاقتراب من البرج ..
وكانت أول قذيفة ..
وبدأت المعركة دون مقدمات ..
باغت الشباب الدبابة في المقدمة بقذائف الار بي جي ، وانطلقت الرصاصات في كل مكان ، وتحول المكان إلى ساحة حرب ..
وبعينه التي أجهدها القتال شاهد إبراهيم قذيفة تصيب شقته ..
واندلعت النيران فيها ..
هل تموت عائلته أمام عينيه ..؟
وانقض إبراهيم ..
وبطرف عينه شاهد إبراهيم ما عجز عن تفسيره إلى يومنا هذا ..
النيران تندلع بقوة ثم تخفت حتى تكاد تنطفئ .. ثم تندلع مرة أخرى ثم تخفت بوتيرة عجيبة .. ولكأن الملائكة تحرس المكان ..
وبكل الغضب المعتمل هجم المقاتل ..
كان يسمع أنين الجنود في الدبابات المحطمة .. استغاثاتهم وكأنهم يبكون ، فاستمد العزم وهجم هجمته ليستقل ظهر الدبابة ويعتليها ..
وصار يطلق النار على كوتها بكل قوته .. صراخهم يتعالى من الداخل ، وأصابعهم تجمدت على أزندة مدافع دبابتهم فأصبحوا لا يستطيعون حتى أن يضغطوا عليها
وشاهد إبراهيم أول رفاقه يسقط شهيداً بعد أن أوقع في العدو أكبر الخسائر ..
ثم يسقط ثان ..
ثم ثالث ..
وأصابت الرصاصات يد إبراهيم ..
قفز من الدبابة وابتعد قليلاً ...
وأصابت الرصاصات قدميه ..
تهشمت كفيه وسقط السلاح منهما ..
امتلأ قلبه بالمرارة .. أن يموت وقد فقد سلاحه ولو في آخر رمق هو ما يزعج هذا البطل ..
وسقط أرضاً وهو لا يقوى على الحراك بجوار جدار البرج الذي احتوى قلبه وأحلامه ..
وانتشرت الدبابات في المكان والجنود بداخلها يخشون الخروج رغم توقف الرصاص المقاوم في المنطقة لفترة ..
لم يكن يخاف من الشهادة بقدر ما كان ينتظرها ..
لكن إرادة الله شاءت ألا ينتبه إليه الجنود وقد ظنوا أنه مات ..
ومضت الساعات وهم متمركزين في دباباتهم ..
وإبراهيم على حاله لا يقدر على الحراك ..
ثم مضى اليوم الأول وقد كاد العطش أن يهلكه ..
ثم كاد أن ينتهي اليوم الثاني .. لكن لسان إبراهيم تذوق طعم الماء ..
حاول أن يفتح عينيه المنهكتين فلم يستطع إلا أن يرى ما بينهما وقد تشوشت الرؤية ..
كانت الرصاصات قد اخترقت أنبوب الماء الرئيس إلى البرج .. فانسابت قطرات الماء إلى الأرض لتصنع مجرى من الماء يصل إلى شفتي المقاتل .. لم يكن يملك الوقت ليفكر أي معجزة هذه .. لكن ما رآه وشعر به أن المقاومة لم تتوقف رغم أن المجموعة المسئولة عن المنطقة قد استشهد جميع أفرادها ..
وانتهى اليوم الثاني وقد روى إبراهيم عطشه ..
ثم انتهى اليوم الثالث بانسحاب القوة الغازية من المكان تحت ضربات المقاومة ..
كان قد غادره وعيه فلم يلمح سيارة الإسعاف وهي تلتقطه وقد ظنوا أنه من الشهداء ..
لكنه عندما استيقظ رأى والده وأمه وأخوته حول سريره في المستشفى ، رأى الأمل في وجوههم ، والدموع في عيونهم ، والابتسامة المريرة تنساب عبر أحاسيسهم ..
شعر بالرغبة في البكاء ، ودفن رأسه في صدر أمه ..لكنه لم يبكِ ..
ابتسم رغم الجراح ..
وقد أيقن ان الله وجنده يقاتلون مع الذين آمنوا .
******[/align]
دمعات الأم الخائفة تحاول الهروب من شِباك عينها لكنها لا تسمح لها بذلك ،
تقف صامتة تراقب والده الذي يشجعه على التصدي للقوات الغازية
- اتركوا البرج يا والدي
قالها إبراهيم فرد والده بصوته القوي :
- سنموت في بيتا يا ولدي
- أرجوك أي والدي ، اذهب إلى بيت عمي فهو أكثر أمناً ..
فان لم تفعل فإنني سأموت دون أن أسمح للغزاة بالاقتراب من البرج .. وليتني أستطيع ..
صراخ رفاقه يتعالى من الخارج :
هيا يا إبراهيم ، قوات الاحتلال تتقدم ..
صافح إبراهيم والديه وإخوته ، نظر لهم نظرات طويلة وهو لا يعرف هل سيلقاهم في الدنيا مرة أخرى
أم أن اللقاء سيكون هناك ، عند رب العالمين في جنته التي وعد بها المتقين والمجاهدين في سبيله ..
وخرج إبراهيم إلى رفاقه وسلاح في يده ، قاذف الار بي جي خلف ظهره ، وقنابله اليدوية في جعبته العسكرية ..
كان متسلحاً بعزمه وإيمانه يشتاق للقاء العدو لكي يثخن فيه وينتقم لدماء الأطفال ويثأر لكل آهة انطلقت من أفواه نساء غزة ..
ومع رفاقه الثلاثة توزعت المجموعة حول البرج ، ومن بعيد بدأت أول الدبابات في الاقتراب من البرج ..
وكانت أول قذيفة ..
وبدأت المعركة دون مقدمات ..
باغت الشباب الدبابة في المقدمة بقذائف الار بي جي ، وانطلقت الرصاصات في كل مكان ، وتحول المكان إلى ساحة حرب ..
وبعينه التي أجهدها القتال شاهد إبراهيم قذيفة تصيب شقته ..
واندلعت النيران فيها ..
هل تموت عائلته أمام عينيه ..؟
وانقض إبراهيم ..
وبطرف عينه شاهد إبراهيم ما عجز عن تفسيره إلى يومنا هذا ..
النيران تندلع بقوة ثم تخفت حتى تكاد تنطفئ .. ثم تندلع مرة أخرى ثم تخفت بوتيرة عجيبة .. ولكأن الملائكة تحرس المكان ..
وبكل الغضب المعتمل هجم المقاتل ..
كان يسمع أنين الجنود في الدبابات المحطمة .. استغاثاتهم وكأنهم يبكون ، فاستمد العزم وهجم هجمته ليستقل ظهر الدبابة ويعتليها ..
وصار يطلق النار على كوتها بكل قوته .. صراخهم يتعالى من الداخل ، وأصابعهم تجمدت على أزندة مدافع دبابتهم فأصبحوا لا يستطيعون حتى أن يضغطوا عليها
وشاهد إبراهيم أول رفاقه يسقط شهيداً بعد أن أوقع في العدو أكبر الخسائر ..
ثم يسقط ثان ..
ثم ثالث ..
وأصابت الرصاصات يد إبراهيم ..
قفز من الدبابة وابتعد قليلاً ...
وأصابت الرصاصات قدميه ..
تهشمت كفيه وسقط السلاح منهما ..
امتلأ قلبه بالمرارة .. أن يموت وقد فقد سلاحه ولو في آخر رمق هو ما يزعج هذا البطل ..
وسقط أرضاً وهو لا يقوى على الحراك بجوار جدار البرج الذي احتوى قلبه وأحلامه ..
وانتشرت الدبابات في المكان والجنود بداخلها يخشون الخروج رغم توقف الرصاص المقاوم في المنطقة لفترة ..
لم يكن يخاف من الشهادة بقدر ما كان ينتظرها ..
لكن إرادة الله شاءت ألا ينتبه إليه الجنود وقد ظنوا أنه مات ..
ومضت الساعات وهم متمركزين في دباباتهم ..
وإبراهيم على حاله لا يقدر على الحراك ..
ثم مضى اليوم الأول وقد كاد العطش أن يهلكه ..
ثم كاد أن ينتهي اليوم الثاني .. لكن لسان إبراهيم تذوق طعم الماء ..
حاول أن يفتح عينيه المنهكتين فلم يستطع إلا أن يرى ما بينهما وقد تشوشت الرؤية ..
كانت الرصاصات قد اخترقت أنبوب الماء الرئيس إلى البرج .. فانسابت قطرات الماء إلى الأرض لتصنع مجرى من الماء يصل إلى شفتي المقاتل .. لم يكن يملك الوقت ليفكر أي معجزة هذه .. لكن ما رآه وشعر به أن المقاومة لم تتوقف رغم أن المجموعة المسئولة عن المنطقة قد استشهد جميع أفرادها ..
وانتهى اليوم الثاني وقد روى إبراهيم عطشه ..
ثم انتهى اليوم الثالث بانسحاب القوة الغازية من المكان تحت ضربات المقاومة ..
كان قد غادره وعيه فلم يلمح سيارة الإسعاف وهي تلتقطه وقد ظنوا أنه من الشهداء ..
لكنه عندما استيقظ رأى والده وأمه وأخوته حول سريره في المستشفى ، رأى الأمل في وجوههم ، والدموع في عيونهم ، والابتسامة المريرة تنساب عبر أحاسيسهم ..
شعر بالرغبة في البكاء ، ودفن رأسه في صدر أمه ..لكنه لم يبكِ ..
ابتسم رغم الجراح ..
وقد أيقن ان الله وجنده يقاتلون مع الذين آمنوا .
******[/align]
تعليق