ابراهيم .. قصة حقيقية من سجلات المقاومة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    ابراهيم .. قصة حقيقية من سجلات المقاومة

    [align=right]ببزته العسكرية وسلاحه كان منتصباً شامخاً أمام والديه ..
    دمعات الأم الخائفة تحاول الهروب من شِباك عينها لكنها لا تسمح لها بذلك ،
    تقف صامتة تراقب والده الذي يشجعه على التصدي للقوات الغازية
    - اتركوا البرج يا والدي
    قالها إبراهيم فرد والده بصوته القوي :
    - سنموت في بيتا يا ولدي
    - أرجوك أي والدي ، اذهب إلى بيت عمي فهو أكثر أمناً ..
    فان لم تفعل فإنني سأموت دون أن أسمح للغزاة بالاقتراب من البرج .. وليتني أستطيع ..
    صراخ رفاقه يتعالى من الخارج :
    هيا يا إبراهيم ، قوات الاحتلال تتقدم ..
    صافح إبراهيم والديه وإخوته ، نظر لهم نظرات طويلة وهو لا يعرف هل سيلقاهم في الدنيا مرة أخرى
    أم أن اللقاء سيكون هناك ، عند رب العالمين في جنته التي وعد بها المتقين والمجاهدين في سبيله ..
    وخرج إبراهيم إلى رفاقه وسلاح في يده ، قاذف الار بي جي خلف ظهره ، وقنابله اليدوية في جعبته العسكرية ..
    كان متسلحاً بعزمه وإيمانه يشتاق للقاء العدو لكي يثخن فيه وينتقم لدماء الأطفال ويثأر لكل آهة انطلقت من أفواه نساء غزة ..
    ومع رفاقه الثلاثة توزعت المجموعة حول البرج ، ومن بعيد بدأت أول الدبابات في الاقتراب من البرج ..
    وكانت أول قذيفة ..
    وبدأت المعركة دون مقدمات ..
    باغت الشباب الدبابة في المقدمة بقذائف الار بي جي ، وانطلقت الرصاصات في كل مكان ، وتحول المكان إلى ساحة حرب ..
    وبعينه التي أجهدها القتال شاهد إبراهيم قذيفة تصيب شقته ..
    واندلعت النيران فيها ..
    هل تموت عائلته أمام عينيه ..؟
    وانقض إبراهيم ..
    وبطرف عينه شاهد إبراهيم ما عجز عن تفسيره إلى يومنا هذا ..
    النيران تندلع بقوة ثم تخفت حتى تكاد تنطفئ .. ثم تندلع مرة أخرى ثم تخفت بوتيرة عجيبة .. ولكأن الملائكة تحرس المكان ..
    وبكل الغضب المعتمل هجم المقاتل ..
    كان يسمع أنين الجنود في الدبابات المحطمة .. استغاثاتهم وكأنهم يبكون ، فاستمد العزم وهجم هجمته ليستقل ظهر الدبابة ويعتليها ..
    وصار يطلق النار على كوتها بكل قوته .. صراخهم يتعالى من الداخل ، وأصابعهم تجمدت على أزندة مدافع دبابتهم فأصبحوا لا يستطيعون حتى أن يضغطوا عليها
    وشاهد إبراهيم أول رفاقه يسقط شهيداً بعد أن أوقع في العدو أكبر الخسائر ..
    ثم يسقط ثان ..
    ثم ثالث ..
    وأصابت الرصاصات يد إبراهيم ..
    قفز من الدبابة وابتعد قليلاً ...
    وأصابت الرصاصات قدميه ..
    تهشمت كفيه وسقط السلاح منهما ..
    امتلأ قلبه بالمرارة .. أن يموت وقد فقد سلاحه ولو في آخر رمق هو ما يزعج هذا البطل ..
    وسقط أرضاً وهو لا يقوى على الحراك بجوار جدار البرج الذي احتوى قلبه وأحلامه ..
    وانتشرت الدبابات في المكان والجنود بداخلها يخشون الخروج رغم توقف الرصاص المقاوم في المنطقة لفترة ..
    لم يكن يخاف من الشهادة بقدر ما كان ينتظرها ..
    لكن إرادة الله شاءت ألا ينتبه إليه الجنود وقد ظنوا أنه مات ..
    ومضت الساعات وهم متمركزين في دباباتهم ..
    وإبراهيم على حاله لا يقدر على الحراك ..
    ثم مضى اليوم الأول وقد كاد العطش أن يهلكه ..
    ثم كاد أن ينتهي اليوم الثاني .. لكن لسان إبراهيم تذوق طعم الماء ..
    حاول أن يفتح عينيه المنهكتين فلم يستطع إلا أن يرى ما بينهما وقد تشوشت الرؤية ..
    كانت الرصاصات قد اخترقت أنبوب الماء الرئيس إلى البرج .. فانسابت قطرات الماء إلى الأرض لتصنع مجرى من الماء يصل إلى شفتي المقاتل .. لم يكن يملك الوقت ليفكر أي معجزة هذه .. لكن ما رآه وشعر به أن المقاومة لم تتوقف رغم أن المجموعة المسئولة عن المنطقة قد استشهد جميع أفرادها ..
    وانتهى اليوم الثاني وقد روى إبراهيم عطشه ..
    ثم انتهى اليوم الثالث بانسحاب القوة الغازية من المكان تحت ضربات المقاومة ..
    كان قد غادره وعيه فلم يلمح سيارة الإسعاف وهي تلتقطه وقد ظنوا أنه من الشهداء ..
    لكنه عندما استيقظ رأى والده وأمه وأخوته حول سريره في المستشفى ، رأى الأمل في وجوههم ، والدموع في عيونهم ، والابتسامة المريرة تنساب عبر أحاسيسهم ..
    شعر بالرغبة في البكاء ، ودفن رأسه في صدر أمه ..لكنه لم يبكِ ..
    ابتسم رغم الجراح ..
    وقد أيقن ان الله وجنده يقاتلون مع الذين آمنوا .

    ******[/align]
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    ما أشد اعجابي في تمكنك من التقاط مشهد سينمائي لحالة المعركة بالصوت والصورة تنقل إلينا الانفعالات والاحاسيس
    فنشعر بها تماما بصورة مبسطة بعيدة عن التعقيد
    تحية لقلمك الثائر سيدي الفاضل أحمد عيسى

    مودتي
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #3
      جزاك الله عن كل الشهداء و المناضلين

      قصص الحرب و الاستشهاد دائماً لها رونق و مذاق خاص

      و يجب أن تُدرس في كل مراحل التعليم ؛

      كي يدرك الطفل و الشاب مدي جمال المقاومة

      أحييك زميلي و خالص و دي

      و تقديري للبطل الغالي " إبراهيم "
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
        ما أشد اعجابي في تمكنك من التقاط مشهد سينمائي لحالة المعركة بالصوت والصورة تنقل إلينا الانفعالات والاحاسيس
        فنشعر بها تماما بصورة مبسطة بعيدة عن التعقيد
        تحية لقلمك الثائر سيدي الفاضل أحمد عيسى

        مودتي
        الأخت الفاضلة : مها راجح

        انما هو احساسك الراقي الذي يعرف كيف يشعر ويحس ..
        شكري لمرورك

        أنرتِ الصفحة بعطر اسمك ..
        كوني بخير
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
          جزاك الله عن كل الشهداء و المناضلين

          قصص الحرب و الاستشهاد دائماً لها رونق و مذاق خاص

          و يجب أن تُدرس في كل مراحل التعليم ؛

          كي يدرك الطفل و الشاب مدي جمال المقاومة

          أحييك زميلي و خالص و دي

          و تقديري للبطل الغالي " إبراهيم "
          الأديب القدير : محمد سلطان
          نعم أخي قصص الاستشهاد لها رونقها الخاص ، وجوها الذي يثير الشجون لكنه9 يبعث على الأمل ..
          لكن الله شاء أن يبقى صديقنا ابراهيم رغم أنه تلا الشهادة مرات في قلب المعركة ..
          ربما لمعركة قادمة .. حيث يثخن في العدو أكثر ..

          تقبل مودتي
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            الزميل القدير
            أحمد عيسى
            لكم الله شعب الجنة
            صدقني كنت معك قلبا وروحا وأنت تنتقل من مشهد لآخر
            ولسان حالي بقول لله دركم أيها الأبطال
            نعم الله مع الصابرين والمجاهدين والذين يدافعون عن الوطن وكرامته
            نص جميل أحمد
            ليبقى قلمك يصدح
            وللمقاومة وأدبها سحرها الذي لانستطيع معه سبيلا
            تحايا بعطر الورد
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • أحمد عيسى
              أديب وكاتب
              • 30-05-2008
              • 1359

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              الزميل القدير
              أحمد عيسى
              لكم الله شعب الجنة
              صدقني كنت معك قلبا وروحا وأنت تنتقل من مشهد لآخر
              ولسان حالي بقول لله دركم أيها الأبطال
              نعم الله مع الصابرين والمجاهدين والذين يدافعون عن الوطن وكرامته
              نص جميل أحمد
              ليبقى قلمك يصدح
              وللمقاومة وأدبها سحرها الذي لانستطيع معه سبيلا
              تحايا بعطر الورد
              الأخت الفاضلة /الأديبة المقاومة/عائدة

              للقاومة سحرها وألقها ..
              كيف لا وهي الطريق التي لا يعرف الشعب الفلسطيني غيرها ..
              ولا تعرف الشعوب الحرة سبيلاً لتحقيق أحلامها الا بها ..

              تحية بعطر الورود
              ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
              [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

              تعليق

              يعمل...
              X