ـ المساءُ الصيفيُّ يلملمُ أطرافَهُ لينسحبَ في هدوءٍ .. الطيورُ البريَّةُ تستعرضُ قدرتَها على الطيرانِ .. تؤوبُ بِطاناً إلى أعشاشِهَا مودعةً في أذنِ المساءِ صَدَى تغريدِهَا الطروبِ .. أمامَ البيوتِ البيضاءِ يفغرُ فاهُ المسودَّ كَمِفْحَمَةٍ قديمَةٍ .. اليدُ العجوزُ الخبيرةُ تُسَجِّرُهُ باتصالٍ .. تلقِمُهُ بقايا جذوعِ شجرةٍ متيبِّسَةٍ فَتَتَأَجَّجُ في أَعْمَاقِهِ ثورةٌ حمراءُ مَشْبُوْبَةٌ .. تَسْرِي في أوصالِهِ حُمَّى الاحتراقِ .. يَتَمَدَّدُ بِأَلْسَنَةٍ مُتَرَاقِصَةٍ مُتَلَمِّساً قُبْلاتٍ حَرَّى .. فيما يَتَوَعُّدُ اللهبُ الْمُتَصَاعِدُ مِنْ أََََحْشَائِهِ النَّازِلِيْنَ إلى أعماقِهِ .. !!
*****
قَبَّلَ اليدَ الخبيرةَ المعروقَةَ بلحسَاتٍ دافئَةٍ .. طَالَ الْعِنَاقُ فغدَتِ القبلاتُ لَسْعاً .. ارتدَّتِ اليدُ الْمَعْرُوْقََةُ بَعَفْوِيَّةٍ إثرَ لَذْعَةٍ مُفاجئةٍ .. لَحَسَتْهَا الْعَجُوْزُ خطفاً ثمَّ عادَتْ تُمَسِّدُ خَدَّيْ رَغيفٍ رَطِبٍ لتنيمَهُ على السطحِ الحديديِّ الملتهبِ .. وتتركُهُ للتمدِّدِ والانتفاخِ والاحمرارِ المثيرِ ..
*****
في أَعمَاقِهِ يتلظَّى جمرٌ كسولٌ مُوَارَبٌ على نُعاسٍ مُنْتَظَرٍ .. اشتعالُهُ النَّزِِقُُ يُهيِّجُ أعماقَهُ المستفزَّةَ فتهيِّئُ ألسنَةً حمرَاءَ متوعِّدةً الدَّاخِلِيْنَ بالاحتراقِ .. عَلَى فَمِهِ الْمَفْغُوْرِ رَشْرَشتِ اليدُ العجوْزُ قَطْرَاتِ مَاءٍ مُمَلَّحٍ لِتُنِيْمَ ذَؤْابَاتٍ لَهَبِيَّةً مُتَمَرِّدَةً ..
*****
في الاستدَارَةِ الحديديَّةِ المحمرَّةِ يبلغُ القمرُ الأرضيُّ سِنَّ النضجِ مُنزلقاً نحوَ الاكتمالِ .. على جدارِهِ المسودِّ يَنْتَفِخُ الرَّغِيْفُ .. يستديرُ محمرًّا كوجهِ قمرٍ صيفيٍّ .. تتَوَرَّدُ خدَّاهُ كحسناءَ دَاهَمَهَا الْخَفَرُ .. تمتدُّ اليدانِ المعروقتانِ تُمَسِّدانِ أطرافَهُ .. يَغدو اللَّذْعُ قَرْصاً ودوداً .. تَخْفُتُ الحرارةُ .. تُمْسِيْ دِفْئاً .. أَطْرَافُهُ تَحْمَرُّ كَكَفِّ عروسٍ مُحَنَّاةٍ .. بَدَا آيلاً لِلنُّضْجِ .. فيما تتوَهَّجُ انفرَاجَةُ أَمَلٍ بَاسِقٍ على الوجْهِ الْمُتَغَضِّنِ ..
*****
على كَتِفِ الْخُوْرِ تَنْتَصِبُ بيوتُ الشَّعْرِ كَجَنَاحِي نَسْرٍ .. البُطُوْنُ الْجُوْعَى تَحْلُمُ بِالامْتِلاءِ .. العيونُ تتسَلَّقُ أعمدةَ الدخانِ حُلْماً بمعانقةِ الاستدَارَةِ السَّمْرَاءِ .. النُّفُوْسُ اللَّهفَى تَنْشُجُ بِالْفَرَحِ سَاحِبَة مِنْ أعْمَاقِهَا أنفاساً مُلَغَّمَةً بالأمنياتِ .. النسمَاتُ النمَّامَةُ تَهْرَعُ بِرَائِحَةِ النُّضْجِ رَسَائِلَ فرحٍ عجولٍ .. الأنوفُ تَشْرَئِبُّ نحوَ الرائحَةِ الأخَّاذَةِ .. الرائحَةُ الشَّهِيِّةُ دَعْوَاتٌ مِلْحاحَةٌ لِمَهْرَجَانِ شَبَعٍ مُرْتَقَبٍ ..!
*****
في الأفقِ الأرجوانيِّ الغربيِّ تَذْرِفُ الشمسُ آخرَ دمعَةٍ صفراءَ قبلَ غيابِها في الخلاءاتِ القصيَّةِ .. في المرعى القريْبِ تصاَيحَتِ الشِّيَاهُ مُتقفِّيَةً خُطا راعٍ تلقَّى ـ عن بُعْدٍ ـ دَعْوَةً شَهِيَّةً .. اختلطَ الصياحُ بأصواتِ الصغارِ العائدينَ من لعبِهِمِ البرئِ الحميمِ .. على الفوَّهَةِ المستديرةِ الْتَقَتِ العيونُ .. تقاسمتِ النظراتِ الآمِلَةَ .. خفَقَتِ الْقُلُوْبُ بحبٍّ مخبوءٍ .. امْتَدَّتِ الأيدي تتقاسَمُ قِطَعاً سَاخِنَةً مُحْمَرَّةً .. امتلأتِ البطونُ فاطمأنَّتِ الأعماقُ بِشَبَعٍ شَهِيٍّ..!
*****
الليلُ العجولُ يرتدي جلبابَهُ الرماديَّ .. يلقي على الكونِ عباءَتَهُ السوداءَ .. يشعلُ في السماءِ البعيدةِ قناديلَهُ الصغيرَةَ المتناثرةَ ويرحلُ .. ابتلعتِ الأغنامُ صياحَها اللحوحَ .. دسَّتِ رؤوسَهَا في أحواضِ العلفِ .. بدا مضغُهَا الشهيُّ كوشوشاتِ العاشقينَ .. تَفرَّقَ الآكلونَ في كلِّ اتجاهٍ فيمَا ظلَّ التنُّوْرُ العتيقُ فَاغِراً فَمَهَ الأسْوَدَ المُسْتديرَ .. مُبِيْحاً لليدينِ المُغْرَمَتِيْنِ بِاللَّذع الحميمِ فعلَ تَلْغِيْمِ أحشائِهِ بالجمرِ المُبارِكِ لأَلفِ مَرَّةٍ قادمَةٍ .. !!
اجدابيا 24/9/2004 ف
alfakhrey@yahoo.com
*****
قَبَّلَ اليدَ الخبيرةَ المعروقَةَ بلحسَاتٍ دافئَةٍ .. طَالَ الْعِنَاقُ فغدَتِ القبلاتُ لَسْعاً .. ارتدَّتِ اليدُ الْمَعْرُوْقََةُ بَعَفْوِيَّةٍ إثرَ لَذْعَةٍ مُفاجئةٍ .. لَحَسَتْهَا الْعَجُوْزُ خطفاً ثمَّ عادَتْ تُمَسِّدُ خَدَّيْ رَغيفٍ رَطِبٍ لتنيمَهُ على السطحِ الحديديِّ الملتهبِ .. وتتركُهُ للتمدِّدِ والانتفاخِ والاحمرارِ المثيرِ ..
*****
في أَعمَاقِهِ يتلظَّى جمرٌ كسولٌ مُوَارَبٌ على نُعاسٍ مُنْتَظَرٍ .. اشتعالُهُ النَّزِِقُُ يُهيِّجُ أعماقَهُ المستفزَّةَ فتهيِّئُ ألسنَةً حمرَاءَ متوعِّدةً الدَّاخِلِيْنَ بالاحتراقِ .. عَلَى فَمِهِ الْمَفْغُوْرِ رَشْرَشتِ اليدُ العجوْزُ قَطْرَاتِ مَاءٍ مُمَلَّحٍ لِتُنِيْمَ ذَؤْابَاتٍ لَهَبِيَّةً مُتَمَرِّدَةً ..
*****
في الاستدَارَةِ الحديديَّةِ المحمرَّةِ يبلغُ القمرُ الأرضيُّ سِنَّ النضجِ مُنزلقاً نحوَ الاكتمالِ .. على جدارِهِ المسودِّ يَنْتَفِخُ الرَّغِيْفُ .. يستديرُ محمرًّا كوجهِ قمرٍ صيفيٍّ .. تتَوَرَّدُ خدَّاهُ كحسناءَ دَاهَمَهَا الْخَفَرُ .. تمتدُّ اليدانِ المعروقتانِ تُمَسِّدانِ أطرافَهُ .. يَغدو اللَّذْعُ قَرْصاً ودوداً .. تَخْفُتُ الحرارةُ .. تُمْسِيْ دِفْئاً .. أَطْرَافُهُ تَحْمَرُّ كَكَفِّ عروسٍ مُحَنَّاةٍ .. بَدَا آيلاً لِلنُّضْجِ .. فيما تتوَهَّجُ انفرَاجَةُ أَمَلٍ بَاسِقٍ على الوجْهِ الْمُتَغَضِّنِ ..
*****
على كَتِفِ الْخُوْرِ تَنْتَصِبُ بيوتُ الشَّعْرِ كَجَنَاحِي نَسْرٍ .. البُطُوْنُ الْجُوْعَى تَحْلُمُ بِالامْتِلاءِ .. العيونُ تتسَلَّقُ أعمدةَ الدخانِ حُلْماً بمعانقةِ الاستدَارَةِ السَّمْرَاءِ .. النُّفُوْسُ اللَّهفَى تَنْشُجُ بِالْفَرَحِ سَاحِبَة مِنْ أعْمَاقِهَا أنفاساً مُلَغَّمَةً بالأمنياتِ .. النسمَاتُ النمَّامَةُ تَهْرَعُ بِرَائِحَةِ النُّضْجِ رَسَائِلَ فرحٍ عجولٍ .. الأنوفُ تَشْرَئِبُّ نحوَ الرائحَةِ الأخَّاذَةِ .. الرائحَةُ الشَّهِيِّةُ دَعْوَاتٌ مِلْحاحَةٌ لِمَهْرَجَانِ شَبَعٍ مُرْتَقَبٍ ..!
*****
في الأفقِ الأرجوانيِّ الغربيِّ تَذْرِفُ الشمسُ آخرَ دمعَةٍ صفراءَ قبلَ غيابِها في الخلاءاتِ القصيَّةِ .. في المرعى القريْبِ تصاَيحَتِ الشِّيَاهُ مُتقفِّيَةً خُطا راعٍ تلقَّى ـ عن بُعْدٍ ـ دَعْوَةً شَهِيَّةً .. اختلطَ الصياحُ بأصواتِ الصغارِ العائدينَ من لعبِهِمِ البرئِ الحميمِ .. على الفوَّهَةِ المستديرةِ الْتَقَتِ العيونُ .. تقاسمتِ النظراتِ الآمِلَةَ .. خفَقَتِ الْقُلُوْبُ بحبٍّ مخبوءٍ .. امْتَدَّتِ الأيدي تتقاسَمُ قِطَعاً سَاخِنَةً مُحْمَرَّةً .. امتلأتِ البطونُ فاطمأنَّتِ الأعماقُ بِشَبَعٍ شَهِيٍّ..!
*****
الليلُ العجولُ يرتدي جلبابَهُ الرماديَّ .. يلقي على الكونِ عباءَتَهُ السوداءَ .. يشعلُ في السماءِ البعيدةِ قناديلَهُ الصغيرَةَ المتناثرةَ ويرحلُ .. ابتلعتِ الأغنامُ صياحَها اللحوحَ .. دسَّتِ رؤوسَهَا في أحواضِ العلفِ .. بدا مضغُهَا الشهيُّ كوشوشاتِ العاشقينَ .. تَفرَّقَ الآكلونَ في كلِّ اتجاهٍ فيمَا ظلَّ التنُّوْرُ العتيقُ فَاغِراً فَمَهَ الأسْوَدَ المُسْتديرَ .. مُبِيْحاً لليدينِ المُغْرَمَتِيْنِ بِاللَّذع الحميمِ فعلَ تَلْغِيْمِ أحشائِهِ بالجمرِ المُبارِكِ لأَلفِ مَرَّةٍ قادمَةٍ .. !!
اجدابيا 24/9/2004 ف
alfakhrey@yahoo.com
تعليق