يا أساتذة الملتقى ساعدوني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #16
    رد: يا أساتذة الملتقى ساعدوني

    من نفس المرجع و لنفس الكاتب :

    وتمايز خالدة سعيد بين الحداثة والتجديد لشمولية الأولى وخصوصية الثاني، لأن التجديد أحد مظاهر الحداثة ،بمعنى أن الجديد « هو إنتاج المختلف المتغير ... الجديد نجده في عصور مختلفة، لكنه لا يشير إلى الحداثة دائما » إن الاختلاف والتباين تحدد أن ماهية الجديد لتعبيره عن واقع مختلف متجدد، ولاستخدامه معايير تغاير الماضي ولا تنفيه أو تلغيه، أما الحداثة فإنها تتضمن الجدة وتتجاوزها في آن ولذلك فهي ترتبط «بالانـزياح المتسارع في المعارف وأنماط الإنتاج والعلاقات على نحو يستتبع صراعا مع المعتقدات ... ومع القيم التي تفرزها أنماط الإنتاج والعلاقات السائدة» وبقدر ما يؤكد هذا العلاقة الوثيقة بين الحداثة والتطور فإنه يشير إلى ارتباط التغير بأنماط إنتاجه وعلاقاته بها، بحيث يتبدى العلاقة الجدلية بين المعرفة والبنية التحتية في ضوء تجلياتها الماركسية المعروفة، إذ ليست الحداثة مقترنة بمظاهر شكلية كالوزن والقافية، أو قصيدة النثر، أو أنظمة القص والسرد، وإنما تتجاوز ذلك إلى « ثورة فكرية »، بمعنى أنها «لا تنفصل عن ظهور الأفكار والنـزوعات التاريخية التطورية وتقدم المناهج التحليلية التجريبية، وهي تتبلور في اتجاه تعريف جديد للإنسان عبر تحديد جديد لعلاقته بالكون . إنها إعادة نظر شاملة في منظومة المفهومات والنظام المعرفي، أو ما يكون صورة العالم في وعي الإنسان، ومن ثم يمكن أن يقال إنها إعادة نظر في المراجع والأدوات والقيم والمعايير »

    .

    ولم يقتصر دور الباحثين العرب على تمايز دلالة الحداثة عن مصطلحات مرافقة أو مصاحبة، ولكنهم أسهموا أيضا في تحديد ماهية الحداثة وسماتها الداخلية، فلقد بحث كمال أبو ديب عن معيار علمي منضبط يحدد للحداثة خصائصها، ويحاول التوصل إليه في ضوء ثلاثة مكونات :
    1ـ اتساع نطاقها : إذ يشمل مفهوم الحداثة الآداب والفنون ويتجاوزهما إلى التكنولوجيا كصناعة السيارات، وهي عامة بحيث تشتمل على أية حداثة، معاصرة أو قديمة، عربية أو أعجمية.
    2 ـ مفهوم مطلق للحداثة يتجاوز السياقات التاريخية والاجتماعية، فهي ظاهرة لا تاريخية، وأن مكوناتها « لا زمنية » .
    3 ـ وعي ماهية الحداثة في ضوء إدراك نقيضها « اللاحداثة، ويتكئ أبو ديب على منجزات رومان ياكبسون انطلاقا من تصور أساسي تقوم عليه اللغة مكون من بعدين : الرسالة والترميز، وتتحدد في أنها تركز على النظام في الرسالة، أما الحداثة «فإنها تنـزع إلى نقل محور الفاعلية الإبداعية من مستوى الرسالة إلى مستوى الترميز »

    مفهوم الحداثة عند أدونيس :
    ويعد أدونيس « علي أحمد سعيد » أبرز من تكلم عن الحداثة، فهي هاجسه الأكبر في الإبداع والتنظير، ويتأسس مفهوم الحداثة لديه في ضوء المغايرة والاختلاف، والمعاصرة والتجريب، ويميز أدونيس ـ ابتداء ـ بين المغايرة الشكلية والجوهرية، فالمغايرة الشكلية مقصودة لذاتها، ولا تعني شيئا مضافا، إذ لا تتجاوز الفعل الذي يقوم على إنتاج النقيض، بمعنى أن الإبداع يناقض الذي سلفه لمجرد المغايرة ، ويصدق هذا على الإبداع وغيره، فالخوارج ـ كما يرى أحد الباحثين ـ ليسوا محدثين على الرغم من اختلافهم وتغايرهم عن معاصريه، أما المغايرة الجوهرية الحداثية فن الإبداع فيها يتغاير « من حيث التجربة وأشكال التعبير>> ومن ثم فهو مختلف عما سبقه، وليس مؤتلفا معه .
    وفي ضوء هذا تسهم المغايرة الجوهرية في تحديد ماهية الحداثة وخصائصها، وهي تعني ـ عند أدونيس ـ التغاير مع الماضي العربي والآخر الغربي في آن، وقد أكد ذلك بقولـه : « تقتضي الحداثة قطعا مع التأسلف والتمغرب »
    [38]غير أن القطع مع الماضي ليس مطلقا، فلقد انتج الماضي أنماطا معرفية آنية وفقا لأنساق اجتماعية وتغيرات تاريخية معينة، فهي تعبر عن مرحلة ينتهي تأثيرها بمجرد انتهائها، وتختفي قيمها بزوال مسببها .

    يعني أن أدونيس لا يخرج على كل قيم الماضي وإنما يتمرد على « النظام السائد » في كل أنظمة المعارف والثقافة والفكر التي تمثل الماضي بمفهومه السلبي، ويتحدد موقفه في ضرورة تهديمها تماما، ولذا فالكتابة الإبداعية الحداثية هي التي « تمارس تهديما شاملا للنظام السائد وعلاقاته ـ أعني نظام الأفكار» ، ومن ثم فلا «لا تنشأ الحداثة مصالحة، وإنما تنشأ هجوما . تنشأ إذن، خرق ثقافي جذري وشامل، لما هو سائد


    تبع ........
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #17
      رد: يا أساتذة الملتقى ساعدوني

      من نفس المرجع و لنفس الكاتب :

      مفهوم الحداثة عند جابر عصفور :
      ويمكن تأمل مفهوم « الحداثة » عند جابر عصفور في ضوء ثلاثة مكونات :

      أولها : دور الأنا الفاعلة في تحديد ماهية الأنا من ناحية، والوعي الضدي وأثره في تدعيم المكونات البنائية للحداثة .
      ثانيها : المدى الجغرافي للحداثة ( المدينة )
      ثالثها : كون الحداثة وجها آخر للتحديث .
      وتنبثق الحداثة من اللحظة التي « تتمرد فيها الأنا الفاعلة للوعي على طرائقها المعتادة في الإدراك، سواء أكان إدراك نفسها من حيث هي حضور متعين فاعل في الوجود، أو إدراك علاقتها بمواقعها، من حيث هي حضور مستقل في الوجود »، أي أن هناك ذاتا فاعلة واعية تعي نفسها أولا، وواقعها ثانيا، غير أن هذه الوعي المركب للذات والواقع لا يكفي لتحديد الحداثة أو نشوئها، وإنما لا بد من التمرد على طرائق الإدراك المعتادة، إن هذا الوعي يضاد وعيا قائما، ولذلك أطلق على وعي الذات نفسها وواقعها، وكيفيات تمردها: الوعي الضدي، وهو وعي لا يستسلم لليقين والذات العارفة لكل شيء، وإنما يستبدل « بالمطلق النسبي، وباليقين الشك »

      إن المعيار الذي تتطابق فيه الحداثة والتحديث يصدق فعلا على الحداثة الغربية، غير أن تطبيقه وتعميمه على الوطن العربي، وبخاصة في الخليج والجزيرة العربية ليس دقيقا تماما، لأن المجتمعات العربية الأكثر تقدما من مجتمعات الخليج والجزيرة لم يحدث فيها هذا التغيير الهائل في أدوات الإنتاج وعلاقاتها التقنية، بحيث يبعث على حضور مقابلها، أعني الحداثة، وإنما يتفاعل المجتمع العربي بطريقة استهلاكية مع بعض مظاهر التحديث، ومن ثم فإن الإبداع المعرفي والفني ـ وفقا لهذا المعيار ـالذي يقترن بهذه الطريقة الاستهلاكية سيكون حتما متوافقا مع الطبيعة الاستهلاكية من ناحية، ومختلفا كيفا عما يحدث في الغرب من ناحية ثانية .
      إن التحديث ـ في تصوري ـ له دلالتان : دلالة إنتاجية داخلية وعميقة، وهذا يحدث في الغرب، ودلالة استهلاكية خارجية وسطحية، في الوطن العربي بعامة، وفي الخليج والجزيرة بخاصة، وليس بالضرورة أن يستمتع كل غربي بثمار ما ينتجه هو من تقنية، ولكنه في الحقيقة، صانع لها، ومؤثر فيها، ومؤثرة فيه، ومن ثم تغير من رؤيته وسلوكه وأنماط أفعاله، وقد يتفيأ الإنسان العربي بالمظاهر الاستهلاكية للتقنية، ولكن علاقته بها سطحية وخارجية، ولذلك فإنها لا تغير تماما من سلوكه ورؤيته وأنماط أفعاله، بمعنى أن البنية التحتية العميقة لمنظومات الإنسان العربي ثابتة وباقية ولم تعرف تفاوتا وتغايرا عميقين .
      إن الإنسان الغربي يَخلق ويعيش في مناخ إنتاج الحاسوب والانترنيت والتقنية المتطورة، أما الإنسان العربي ـ وبخاصة في الخليج والجزيرة ـ فإنه لا يخلق هذه التقنيات المتطورة ولا يعيش مناخها، ولا يتفاعل معها، إلا بمقدار، على الرغم من استيراده لها، واستخدامه إياها كل يوم.

      مآزق الحداثة العربية
      أولا : حداثة انفصام :
      إن الإبداع الحداثي ليس وجودا معلقا في فراغ، وإنما هو لبنة في بناء أشمل يتشكل ويتفاعل مع أنظمة معرفية متشابكة، ونتاج سياقات تاريخية واجتماعية معينة، وهذا يصدق على الحداثة العربية في التراث وعلى الحداثة المعاصرة في الغرب .
      وتتكئ الحداثة في التراث العربي على أصول نظرية ومعرفية وفنية، وتتفاعل مع واقع بالغ الحركة والتغير والصيرورة، فهي جزء من بناء حداثي أوسع إذ تتأسس «على الصراع بين النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام » وتشتمل على تيارين ـ كما يحدد ذلك أدونيس : سياسي ـ فكري، وفني، ويتمثل الأول سياسيا في الحركات المناهضة للسلطة ـ الخوارج والزنج والقرامطة ـ وفكريا بالتصورات الاعتزالية والعقلانية الإلحادية والتصوف، ويهدف التيار السياسي /الفكري إلى نظام يوحد بين الناس، حاكمين ومحكومين، ويساوي بينهم اقتصاديا وسياسيا، ولا يمايز بينهم في جنس أو لون . أما التيار الفني فلقد ابطل القديم وتجاوزه، وتحول فيه الإبداع إلى جهد إنساني يمارس فيه الإنسان « عملية خلق العالم».

      أما الحداثة الغربية فإنها وليدة تطور لتحولات وتبدلات سريعة من التقدم الصناعي والفني، أي أن التحولات الكائنة في أنظمة الحياة والواقع تعود بشكل أو بآخر لأحداث تغير في طبيعة الأدب وأنظمته وبنائه اللغوي، وهذا يعني أن الحداثة في الغرب تعبر عن أوجه التحول السريع التي حدثت في الواقع وسياقاته التاريخية، فالحداثة، والحالة هذه، «ابنة التقنية، وهي حركة تاريخية شاملة وليست مدرسة أو مذهبا أدبيا، وهي فن مديني لازمت فن القرن العشرين »

      وإذا كانت الحداثتان العربية في الماضي والغربية المعاصرة في الحاضر تعبران عن واقع اجتماعي معين، وتتفاعلان مع طبيعة السياقات التاريخية الخاصة فإن الحداثة العربية المعاصرة تعاني من أزمة انفصام حقيقي، ذلك أن الحداثيين العرب المعاصرين تعاملوا مع المنجزات الحداثية الغربية بوصفها لبنة مستقلة عن سياقاتها التاريخية والاجتماعية، ومنفصلة عن منظوماتها المعرفية، ولقد فطن إلى هذا أدونيس الذي أكد خطأ فهم العربي لحداثة الغرب، لأنه لم ينظر إليها في ضوء ارتباطها «العضوي بالحضارة الغربية بأسسها العقلانية»

      ثانيا : حداثة اغتراب :
      وإذا كانت الحداثة العربية المعاصرة فهمت حداثة الآخر فهما سطحيا وشكليا، فإنها في الوقت نفسه مغتربة عن الواقع الاجتماعي العربي ومتعالية عليه، فلقد قدم الحداثيون العرب نصوصا تعكس واقعا مختلفا ومتغايرا، إذ كيف يتسنى وجود حداثة للشعر العربي ولا وجود لحداثة في العلم أو في المجتمع أو في الاقتصاد، ترى هل كان الأدب العربي الحديث يعبر حقا في إنجازاته الحداثية عن الفكر العربي والواقع العربي والمشكلات العربية، أم انه يعبر عن الآخر، إن الآخر ـ كما يقول أدونيس ـ « يقيم في عمق أعماقنا، فجميع ما نتداوله اليوم فكريا وحياتيا، يجيئنا من هذا الغرب، أما فيما يتصل بالناحية الحياتية فليس عندنا ما نحسن به حياتنا إلا ما نأخذه من الغرب، وكما أننا نعيش بوسائل ابتكرها الغرب، فإننا نفكر بـ » لغة « الغرب : نظريات، ومفهومات، ومناهج تفكير، ومذاهب أدبية ... الخ، ابتكرها هي أيضا، الغرب . الرأسمالية، الاشتراكية، الديموقراطية، الجمهورية، الليبرالية، الحرية، الماركسية، الشيوعية، القومية ...الخ / المنطق، الديالكتيك، العقلانية ... الخ / الواقعية، الرومانطيقية، الرمزية، السوريالية »

      . وإذا كانت الحداثة الغربية تعكس « معارضة جدلية ثلاثية الأبعاد : معارضة للتراث، ومعارضة للثقافة البرجوازية بمبادئها العقلانية والنفعية، وتصورها لفكرة التقدم » فإن الحداثة العربية المعاصرة لم تشهد هذا كله ،ويصر أنصارها على أن هناك تطورا وتغيرا في الشعر العربي يضارع شعر الحداثة الأوربية ويماثله، على الرغم من أن المجتمع العربي لم يشهد تحولات تماثل التحولات الكائنة في الغرب « فليس في المجتمع العربي حداثة علمية .

      ولا تعاني الحداثة العربية المعاصرة من انفصامها عن الواقع فحسب، وإنما تعاني من عدم التحامها عضويا بالبناء المعرفي للثقافة العربية، فهي لا تنمو بعافية في الواقع ولا تنبع من ذوات قلقة، فالحداثي العربي يعيش ـ كما يقول أدونيس « بعقل الآخر وأدواته وتذوقه », لأن النظام المعرفي للثقافة العربية يحجم الحداثة ويحد من حريتها وتلقائيتها، إن الحداثة « حركة تقوم على قول ما لم يقل في هذا المجتمع على رؤية عوالم متحررة من جميع العوائق النظرية والعملية، في حرية تخيل كاملة، وحرية تعبير كاملة، ويتعذر ذلك دون تجاوز النظام المعرفي السائد »، وهذا صعب إن لم يكن مستحيلا في ظل الواقع الراهن، ولذا فإن الحداثة السائدة تمثل تهجينا في واقع مغترب، فهي«حداثة مهربة » كما يقول أدونيس « لأننا عندما نتكلم عليها إنما نتكلم على الآخر، متوهمين أن الآخر هو الذات».


      يتبع ......
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #18
        رد: يا أساتذة الملتقى ساعدوني

        من نفس المرجع و لنفس الكاتب :

        ثالثا : حداثة صفوة :
        إن الحداثة العربية تعاني من أزمة انفصام حقيقي مع الآخر من ناحية، ومع السياقات التاريخية من ناحية ثانية، وهي في الوقت نفسه حداثة مجموعة من المثقفين، أو الانتلنجسيا بالمفهوم الغربي، يتحاورون ويتناقشون بعيدا عن الشارع العربي، بمعنى أنهم لا يعبرون عنه ولا يؤثرون فيه، ويرى محمد عابد الجابري أن هذه الصفوة « فئة قليلة جدا، وغير مؤثرة التأثير الكافي في واقعنا الثقافي . إن الكتاب الذي يصدر بيننا ويؤلفه واحد منا نتداوله فيما بيننا نحن فقط، ولا يوزع منه إلا حوالي ستة آلاف نسخة فقط في شعب يزيد على مائة وخمسون مليونا ».
        إن الذين يؤثرون في الواقع الاجتماعي أولئك السلفيون الذين يصوغون الحاضر في ضوء نمطية الماضي ومثاليته وثبات آلياته وأفكاره، وهذا يعني أنهم يعيدون إنتاج الماضي في الحاضر، واجترار لكل أشكاله المألوفة ، ومن ثم لا يمثل ما يقدمونه إضافة معرفية جديدة ،وإنما إنتاج ما تم إنتاجه، شرحا، أو تلخيصا، إن لم يكن تشويها . إن المثال الذي يسعى إليه هؤلاء لا يتحقق وجوده في الحاضر والمستقبل بفعل الجهد الإنساني، وإنما هو قار في الماضي، ومن ثم فإن التقدم عند هؤلاء ليس في « السير نحو المستقبل وإنما هو في العودة إلى الماضي . مثلها الأعلى نظريا هو الإيمان المطلق بكمال الماضي، وهو عمليا الخضوع للمؤسسات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية التي تمثله»
        إن هناك تطابقا في الرؤية والسلوك بين جماهير الأمة والمؤثرين فيها من أصحاب النـزعات الماضوية والسلفية، وهذا يعني أن التغير الذي نراه على هذه الجماهير إنما هو تغير شكلي وسطحي، ولأن جمهورنا ـ كما يقول أدونيس ـ « لم يبدأ حتى الآن ثورته العقلية » ،إذن ليس المعول عليه ارتداء البدلة الإفرنجية وركوب السيارة والطائرة، ولا حتى استخدام الحاسوب والانترنيت ـ وإنما المعول عليه هو الفعل الذي تؤديه هذه الجماهير حقا، فهل تجد الجماهير ـ في زمن الإحباط ـ وجودها الذهني والمعرفي في تلك النمطية الثابتة في الماضي، أو أنها تتبنى مفاهيم الحداثيين، الفئة القليلة، التي تتحاور وتتناقش في معضلات ومشكلات لا تفهمها هذه الجماهير، ولا تعيرها اهتماما، تلك إذن هي المعضلة.


        تساؤلات أخيرة
        بقيت بعض التساؤلات تثار حول الشعر العرب الحديث بوصفه معبرا عن الحداثة العربية المعاصرة:
        لماذا بقيت قصائد الحداثيين غارقة في الغنائية، وإذا كانت الغنائية تعبير مفرط عن الذات، وتلك سمة شائعة في أدبنا الحديث، فهل الحداثة تكريس وتأكيد لهذه الغنائية، أم تجاوز لها ؟ إن هذا تعميق لدور الشفاهية ودورها في الإبداع، على الرغم من أن منظري الحداثة يؤكدون ضرورة نفيها وتجاوزها .
        لماذا ظل الوعي بالعالم والمجتمع والإنسان لدى أغلب شعراء الحداثة على ما هو عليه، ما عدا اختلافات بسيطة، إذ لا يزال الحداثيون يعيدون إنتاج القيم القديمة ذاتها، ولا يتجاوزون التغيرات الشكلية، فهم محافظون على « حدود قيم الريف الذي خرجوا منه والقبيلة التي ينتمون إليها .ولا يهم هنا إذا ما تغيرت الأسماء فقد يتخذ الريف شكل المدينة، وقد تستبدل القبيلة بالدولة أو الحزب، أو أي شيء آخر، المهم هو أن الموقف هو الموقف القديم ذاته والعواطف هي العواطف المبتذلة ذاتها »
        لماذا يرتبط أغلب شعراء الحداثة العربية بالسلطات القمعية، يدافعون عنها، ويعيدون إنتاج ثقافتها، فلقد شهدت مرحلة ما بعد 67 وأغلب أدباؤها حداثيون «أدباء يؤثرون العبودية الوديعة يخدمون السلطة وينالون مقابل هذه الخدمة الامتيازات والمكافآت . وهؤلاء يخضعون في نتاجهم لمباديء لا يحددها الفن، وإنما تحددها السلطة، وهي مبادئ خاضعة للتغير تبعا لتغير السلطة »، ولذلك ليس غريبا « ان نرى شعراء وكتابا عربا، ترتبط أسماؤهم بالحداثة العربية يمجدون الدكتاتوريات وأنظمة القمع والحروب باسم الغيرة الوطنية والقومية، أو يقفون مع الجلادين مشاركينهم الفتك بشعوب بأكملها، أو يسكبون عواطفهم الساذجة المبتذلة الهشة على الورق وبكائياتهم وصيغهم الجاهزة عن كل شيء من تمجيد القوة العسكرية وحتى البكاء على الذات».
        وأخيرا :هل يمكنني القول :
        إن ما نعيشه اليوم يمثل إرهاصات الحداثة .... و ان الحداثة العربية لما تأت بعد .



        انتهى ..
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • سعاد ميلي
          أديبة وشاعرة
          • 20-11-2008
          • 1391

          #19
          رد: يا أساتذة الملتقى ساعدوني

          شكرا اخي المبدع محمد اختيارك موفق باذن الله .
          مدونة الريح ..
          أوكساليديا

          تعليق

          يعمل...
          X