رد: يا أساتذة الملتقى ساعدوني
من نفس المرجع و لنفس الكاتب :
وتمايز خالدة سعيد بين الحداثة والتجديد لشمولية الأولى وخصوصية الثاني، لأن التجديد أحد مظاهر الحداثة ،بمعنى أن الجديد « هو إنتاج المختلف المتغير ... الجديد نجده في عصور مختلفة، لكنه لا يشير إلى الحداثة دائما » إن الاختلاف والتباين تحدد أن ماهية الجديد لتعبيره عن واقع مختلف متجدد، ولاستخدامه معايير تغاير الماضي ولا تنفيه أو تلغيه، أما الحداثة فإنها تتضمن الجدة وتتجاوزها في آن ولذلك فهي ترتبط «بالانـزياح المتسارع في المعارف وأنماط الإنتاج والعلاقات على نحو يستتبع صراعا مع المعتقدات ... ومع القيم التي تفرزها أنماط الإنتاج والعلاقات السائدة» وبقدر ما يؤكد هذا العلاقة الوثيقة بين الحداثة والتطور فإنه يشير إلى ارتباط التغير بأنماط إنتاجه وعلاقاته بها، بحيث يتبدى العلاقة الجدلية بين المعرفة والبنية التحتية في ضوء تجلياتها الماركسية المعروفة، إذ ليست الحداثة مقترنة بمظاهر شكلية كالوزن والقافية، أو قصيدة النثر، أو أنظمة القص والسرد، وإنما تتجاوز ذلك إلى « ثورة فكرية »، بمعنى أنها «لا تنفصل عن ظهور الأفكار والنـزوعات التاريخية التطورية وتقدم المناهج التحليلية التجريبية، وهي تتبلور في اتجاه تعريف جديد للإنسان عبر تحديد جديد لعلاقته بالكون . إنها إعادة نظر شاملة في منظومة المفهومات والنظام المعرفي، أو ما يكون صورة العالم في وعي الإنسان، ومن ثم يمكن أن يقال إنها إعادة نظر في المراجع والأدوات والقيم والمعايير »
.
ولم يقتصر دور الباحثين العرب على تمايز دلالة الحداثة عن مصطلحات مرافقة أو مصاحبة، ولكنهم أسهموا أيضا في تحديد ماهية الحداثة وسماتها الداخلية، فلقد بحث كمال أبو ديب عن معيار علمي منضبط يحدد للحداثة خصائصها، ويحاول التوصل إليه في ضوء ثلاثة مكونات :
1ـ اتساع نطاقها : إذ يشمل مفهوم الحداثة الآداب والفنون ويتجاوزهما إلى التكنولوجيا كصناعة السيارات، وهي عامة بحيث تشتمل على أية حداثة، معاصرة أو قديمة، عربية أو أعجمية.
2 ـ مفهوم مطلق للحداثة يتجاوز السياقات التاريخية والاجتماعية، فهي ظاهرة لا تاريخية، وأن مكوناتها « لا زمنية » .
3 ـ وعي ماهية الحداثة في ضوء إدراك نقيضها « اللاحداثة، ويتكئ أبو ديب على منجزات رومان ياكبسون انطلاقا من تصور أساسي تقوم عليه اللغة مكون من بعدين : الرسالة والترميز، وتتحدد في أنها تركز على النظام في الرسالة، أما الحداثة «فإنها تنـزع إلى نقل محور الفاعلية الإبداعية من مستوى الرسالة إلى مستوى الترميز »
مفهوم الحداثة عند أدونيس :
ويعد أدونيس « علي أحمد سعيد » أبرز من تكلم عن الحداثة، فهي هاجسه الأكبر في الإبداع والتنظير، ويتأسس مفهوم الحداثة لديه في ضوء المغايرة والاختلاف، والمعاصرة والتجريب، ويميز أدونيس ـ ابتداء ـ بين المغايرة الشكلية والجوهرية، فالمغايرة الشكلية مقصودة لذاتها، ولا تعني شيئا مضافا، إذ لا تتجاوز الفعل الذي يقوم على إنتاج النقيض، بمعنى أن الإبداع يناقض الذي سلفه لمجرد المغايرة ، ويصدق هذا على الإبداع وغيره، فالخوارج ـ كما يرى أحد الباحثين ـ ليسوا محدثين على الرغم من اختلافهم وتغايرهم عن معاصريه، أما المغايرة الجوهرية الحداثية فن الإبداع فيها يتغاير « من حيث التجربة وأشكال التعبير>> ومن ثم فهو مختلف عما سبقه، وليس مؤتلفا معه .
وفي ضوء هذا تسهم المغايرة الجوهرية في تحديد ماهية الحداثة وخصائصها، وهي تعني ـ عند أدونيس ـ التغاير مع الماضي العربي والآخر الغربي في آن، وقد أكد ذلك بقولـه : « تقتضي الحداثة قطعا مع التأسلف والتمغرب »[38]غير أن القطع مع الماضي ليس مطلقا، فلقد انتج الماضي أنماطا معرفية آنية وفقا لأنساق اجتماعية وتغيرات تاريخية معينة، فهي تعبر عن مرحلة ينتهي تأثيرها بمجرد انتهائها، وتختفي قيمها بزوال مسببها .
يعني أن أدونيس لا يخرج على كل قيم الماضي وإنما يتمرد على « النظام السائد » في كل أنظمة المعارف والثقافة والفكر التي تمثل الماضي بمفهومه السلبي، ويتحدد موقفه في ضرورة تهديمها تماما، ولذا فالكتابة الإبداعية الحداثية هي التي « تمارس تهديما شاملا للنظام السائد وعلاقاته ـ أعني نظام الأفكار» ، ومن ثم فلا «لا تنشأ الحداثة مصالحة، وإنما تنشأ هجوما . تنشأ إذن، خرق ثقافي جذري وشامل، لما هو سائد
تبع ........
من نفس المرجع و لنفس الكاتب :
وتمايز خالدة سعيد بين الحداثة والتجديد لشمولية الأولى وخصوصية الثاني، لأن التجديد أحد مظاهر الحداثة ،بمعنى أن الجديد « هو إنتاج المختلف المتغير ... الجديد نجده في عصور مختلفة، لكنه لا يشير إلى الحداثة دائما » إن الاختلاف والتباين تحدد أن ماهية الجديد لتعبيره عن واقع مختلف متجدد، ولاستخدامه معايير تغاير الماضي ولا تنفيه أو تلغيه، أما الحداثة فإنها تتضمن الجدة وتتجاوزها في آن ولذلك فهي ترتبط «بالانـزياح المتسارع في المعارف وأنماط الإنتاج والعلاقات على نحو يستتبع صراعا مع المعتقدات ... ومع القيم التي تفرزها أنماط الإنتاج والعلاقات السائدة» وبقدر ما يؤكد هذا العلاقة الوثيقة بين الحداثة والتطور فإنه يشير إلى ارتباط التغير بأنماط إنتاجه وعلاقاته بها، بحيث يتبدى العلاقة الجدلية بين المعرفة والبنية التحتية في ضوء تجلياتها الماركسية المعروفة، إذ ليست الحداثة مقترنة بمظاهر شكلية كالوزن والقافية، أو قصيدة النثر، أو أنظمة القص والسرد، وإنما تتجاوز ذلك إلى « ثورة فكرية »، بمعنى أنها «لا تنفصل عن ظهور الأفكار والنـزوعات التاريخية التطورية وتقدم المناهج التحليلية التجريبية، وهي تتبلور في اتجاه تعريف جديد للإنسان عبر تحديد جديد لعلاقته بالكون . إنها إعادة نظر شاملة في منظومة المفهومات والنظام المعرفي، أو ما يكون صورة العالم في وعي الإنسان، ومن ثم يمكن أن يقال إنها إعادة نظر في المراجع والأدوات والقيم والمعايير »
.
ولم يقتصر دور الباحثين العرب على تمايز دلالة الحداثة عن مصطلحات مرافقة أو مصاحبة، ولكنهم أسهموا أيضا في تحديد ماهية الحداثة وسماتها الداخلية، فلقد بحث كمال أبو ديب عن معيار علمي منضبط يحدد للحداثة خصائصها، ويحاول التوصل إليه في ضوء ثلاثة مكونات :
1ـ اتساع نطاقها : إذ يشمل مفهوم الحداثة الآداب والفنون ويتجاوزهما إلى التكنولوجيا كصناعة السيارات، وهي عامة بحيث تشتمل على أية حداثة، معاصرة أو قديمة، عربية أو أعجمية.
2 ـ مفهوم مطلق للحداثة يتجاوز السياقات التاريخية والاجتماعية، فهي ظاهرة لا تاريخية، وأن مكوناتها « لا زمنية » .
3 ـ وعي ماهية الحداثة في ضوء إدراك نقيضها « اللاحداثة، ويتكئ أبو ديب على منجزات رومان ياكبسون انطلاقا من تصور أساسي تقوم عليه اللغة مكون من بعدين : الرسالة والترميز، وتتحدد في أنها تركز على النظام في الرسالة، أما الحداثة «فإنها تنـزع إلى نقل محور الفاعلية الإبداعية من مستوى الرسالة إلى مستوى الترميز »
مفهوم الحداثة عند أدونيس :
ويعد أدونيس « علي أحمد سعيد » أبرز من تكلم عن الحداثة، فهي هاجسه الأكبر في الإبداع والتنظير، ويتأسس مفهوم الحداثة لديه في ضوء المغايرة والاختلاف، والمعاصرة والتجريب، ويميز أدونيس ـ ابتداء ـ بين المغايرة الشكلية والجوهرية، فالمغايرة الشكلية مقصودة لذاتها، ولا تعني شيئا مضافا، إذ لا تتجاوز الفعل الذي يقوم على إنتاج النقيض، بمعنى أن الإبداع يناقض الذي سلفه لمجرد المغايرة ، ويصدق هذا على الإبداع وغيره، فالخوارج ـ كما يرى أحد الباحثين ـ ليسوا محدثين على الرغم من اختلافهم وتغايرهم عن معاصريه، أما المغايرة الجوهرية الحداثية فن الإبداع فيها يتغاير « من حيث التجربة وأشكال التعبير>> ومن ثم فهو مختلف عما سبقه، وليس مؤتلفا معه .
وفي ضوء هذا تسهم المغايرة الجوهرية في تحديد ماهية الحداثة وخصائصها، وهي تعني ـ عند أدونيس ـ التغاير مع الماضي العربي والآخر الغربي في آن، وقد أكد ذلك بقولـه : « تقتضي الحداثة قطعا مع التأسلف والتمغرب »[38]غير أن القطع مع الماضي ليس مطلقا، فلقد انتج الماضي أنماطا معرفية آنية وفقا لأنساق اجتماعية وتغيرات تاريخية معينة، فهي تعبر عن مرحلة ينتهي تأثيرها بمجرد انتهائها، وتختفي قيمها بزوال مسببها .
يعني أن أدونيس لا يخرج على كل قيم الماضي وإنما يتمرد على « النظام السائد » في كل أنظمة المعارف والثقافة والفكر التي تمثل الماضي بمفهومه السلبي، ويتحدد موقفه في ضرورة تهديمها تماما، ولذا فالكتابة الإبداعية الحداثية هي التي « تمارس تهديما شاملا للنظام السائد وعلاقاته ـ أعني نظام الأفكار» ، ومن ثم فلا «لا تنشأ الحداثة مصالحة، وإنما تنشأ هجوما . تنشأ إذن، خرق ثقافي جذري وشامل، لما هو سائد
تبع ........
تعليق