يوم جديد
مشهد (1)
قبل هذا اليوم بزمان ...........
كلاهما كان من هواة التسلق، لا يكلان، وإن اختلفت الجبال..فالرحلة مستمرة، ولا تبدو لها في الأفق نهاية..كان لكل منهما جبله المفضل؛ يسعي حثيثا نحو قمته..غاية المني الراحة فوقها ..جبلان منبتهما واحد، كفرعين ناتئين من جذع مشترك..
جبله ينبت من العش وينطلق به، منه، إلى عنان سماء الثراء، وجبلها ينبت من العش وتنطلق به، فيه، إلي عنان سماء الاستقرار..
كان رب العمل، وكانت مديرة العش..
كان يعمل من أجل العش، خارجه نهارا وليلا، وكانت تعمل من أجل العش، داخله ليلا ونهارا..
كان العش عند المنبت ضيقا بالكاد يكفيهما، فمتعة العش الضيق في تلاصقهما ..
كلما صعدا لأعلى..احتاجا لتوسعة العش..
العش يصل بين الجبلين،
العش متسع ليهب لكل منهما براح، وفي العش الواسع لم يظلا ملتصقين..
أخيرا..وصلا إلي القمة ..
انتابتهما نشوة سعادة بالوصول وتحقيق الغاية..لم تضاهي سعادتهما سعادة كل البشر مجتمعين..استقرا هناك أمدا طال حتى نسيا مقاييس الزمن ..غفيا سويا..أقليل أم كثير؟
لا يدريان.
فيما هما نائمين..انشطر العش..لم يجدا قشا يكفي ليصل بين الجبلين..اكتفيا بتشابك الذراعين في الخواء بينما كلاهما آمن في النوم فوق قمته، لا بل، ذراعاهما بالكاد متلامسين..
وذات صباح استيقظا علي صوت مسافر جديد في نفس الآن لحق بكليهما فوق قمته..
مسافر واحد منشطر ومتواصل بين القمتين المتباعدتين.
استغرباه في بادئ الأمر..سألاه فعرفا له اسم ..حاوراه فبدا حلو المعشر.. لم تمضي ثوان إلا وكشف عن كينونته ..فلم يكن اسمه إلا علي مسمي ..
كان الملل اسمه وكان وصفه ووظيفته وكيانه.
مشهد (2)
إنه يوم جديد ..لا بل ..يوم مختلف..
جدلا ليس بالقصير، دار بينهم..
جاء بعده قرارا بالإجماع للمرة الأولى؛ منذ عهود سحيقة؛ يعجز عن عدها الفلكيين..كان القرار من بند واحد ..
لنتبادل الجبال
في هرولة نزلا هربا من شريك القمة(الملل)..
فلما كان المساء..تلاصقا ثانية في العش الضيق القديم..وجاء اليوم الجديد ..
فلما كان الصباح ..
كعادته استيقظ واستقل خُفَيه متجها صوب الحمام..حلق ذقنه واستحم وتوجه نحو خزانة ملابسه..أخرج بذلة أنيقة ورابطة عنق جديدة ..لكنه تذكر ..
ولما كان الصباح..
كعادتها استيقظت وقبل أن تزيح رمل النوم الملتصق بعينيها إثر النزول من الجبل..
هرولت نحو المطبخ لتعد لوازم الراحلين عن العش..لكنها تذكرت..
غير اتجاهه نحو المطبخ..وغيرت مسيرتها نحو الحمام..
قبل أن تغادر إلي رحلة التسلق في جبله في أول يوم لها..
قدم لها الإفطار والشاي وسندوتشات الأولاد وأعد حقائب المدرسة ..
كانت في أبهى صورها ..وكان مازال في ملابس النوم..
كانت هذه أولي خطواته الصاعدة في جبلها..وكانت أولى خطواتها تسلقا لجبله.
إنها أول مرة يستريح من عناء رحلة الصعود اليومية التي تستغرق أكثر من ساعتين صعودا.. وهبوطا ووقوفا في أنواع متباينة من الركائب ..
قدّر أن رحلته الجديدة إلي القمة لا تتطلب أكثر من خطوات هي المسافة بين العش والمطبخ وغرفة التلفاز صعودا نحو قمتها..حان الوقت ليريح قدميه من إرهاق الرحيل والعودة.
إنها أول مرة تملأ رئتيها بنسمات الصباح، في الهواء الطلق، بعيدا عن رائحة الطعام المختلطة بالشاي وسائل تنظيف الأطباق ..
قدّرت أن المتعة الآتية في رحلتها الجديدة تكمن في مشاهدة عوالم متجددة حبيس الفتارين وهي تروح وتغدو صعودا نحو قمته..حان الوقت لتنشط ساقيها اللتين تيبستا من الحركة المحدودة بين العش والمطبخ.
نزعة ذكورية انتابته؛ في ألا يطيع تعليماتها التي أملته إياها، فور نزولهما من القمم السابقة استعداد لرحلة صعود الغد ..
حول درجات حرارة الفرن والطعام المجمد وإرشاداتها عن ألوان الغسيل و كراسات الواجب
وعن مواعيد بائع اللبن وجامع القمامة مانحة إياه خلاصة السهر الذي منح عينيها هالة سوداء..
قال ذات فكرة:
سأبتكر لأريها قدراتي وألقنها درسا في التفوق وتنظيم الوقت وحسن الإدارة حتى وإن كان مجالي هو المطبخ فقط..
غريزة أنثوية اجتاحتها أن تلقي بنصائحه التي منحها إياها مصحوبة بوجبة الغداء، قبل نزولها من العش في رحلة صعود قمته في أقرب صندوق قمامة..
حول أرقام الركائب ومواعيد وصولها وكيفية كشف حيل رجال محركهم الوحيد شهوتهم ..
وعن طرق الإنجاز والنجاح مانحا إياها عصارة الشيب الذي أصاب قمته..
قالت ذات فكرة:
سأبتكر لأثبت تعادلي وأشهد العالم علي كفاءتي فها أنا صاعدة لا محالة حتى وإن كان مجالي هو الكون كله..
مشهد (3)
نيجاتيف الصورة..
عاودا نشاطهما في هواية تسلق الجبال..كلاهما أثبت جدارة في تسلق جبل رفيقه..كان العش عند المنبت ضيقا بالكاد يكفيهما..ضِيق العش متعته في تلاصقهما ..
ولكن كلما صعدا لأعلي..احتاجا لتوسعة العش..
................................
في العش الواسع لم يعودا ملتصقين ..
وإذ فجأة وصلا إلي القمة ..
.................
واستقرا هناك أمدا طال حتى نسيا مقاييس الزمن..
.................
وانشطر العش ..
........................
ذراعاهما بالكاد متلامسان..
وذات صباح استيقظا علي صوت عودة المسافر القديم يلحق بكليهما فوق قمته في ذات الوقت..
..............................
كان الملل اسمه وكان وصفه ووظيفته وكيانه ..
مشهد (4)
إنه يوم جديد..
لا بل ..
يوم مختلف..
جدلا ليس بالقصير..
جاء بعده قرارا بالإجماع للمرة الثانية منذ عهود سحيقة يعجز عن عدها الفلكيين..
كان القرار من بنود عدة لها منبعا ومصبا واحدا..
لنتشارك الجبال
لنشبك ذراعينا
لنلتصق
لنمضي سويا
ثبت أصابعه القوية بين أناملها الرقيقة ..
واحد..
اثنان..
ثلاثة..
خطوة للأمام.. خطوة للأمام..دائما للأمام ..
لا داع للصعود..
لا احتياج لإرهاقات التسلق..
يكفي أنهما سويا.. في العش الضيق نعم،
قمة المتعة في العش الضيق أنهما متلاصقان.
مشهد (1)
قبل هذا اليوم بزمان ...........
كلاهما كان من هواة التسلق، لا يكلان، وإن اختلفت الجبال..فالرحلة مستمرة، ولا تبدو لها في الأفق نهاية..كان لكل منهما جبله المفضل؛ يسعي حثيثا نحو قمته..غاية المني الراحة فوقها ..جبلان منبتهما واحد، كفرعين ناتئين من جذع مشترك..
جبله ينبت من العش وينطلق به، منه، إلى عنان سماء الثراء، وجبلها ينبت من العش وتنطلق به، فيه، إلي عنان سماء الاستقرار..
كان رب العمل، وكانت مديرة العش..
كان يعمل من أجل العش، خارجه نهارا وليلا، وكانت تعمل من أجل العش، داخله ليلا ونهارا..
كان العش عند المنبت ضيقا بالكاد يكفيهما، فمتعة العش الضيق في تلاصقهما ..
كلما صعدا لأعلى..احتاجا لتوسعة العش..
العش يصل بين الجبلين،
العش متسع ليهب لكل منهما براح، وفي العش الواسع لم يظلا ملتصقين..
أخيرا..وصلا إلي القمة ..
انتابتهما نشوة سعادة بالوصول وتحقيق الغاية..لم تضاهي سعادتهما سعادة كل البشر مجتمعين..استقرا هناك أمدا طال حتى نسيا مقاييس الزمن ..غفيا سويا..أقليل أم كثير؟
لا يدريان.
فيما هما نائمين..انشطر العش..لم يجدا قشا يكفي ليصل بين الجبلين..اكتفيا بتشابك الذراعين في الخواء بينما كلاهما آمن في النوم فوق قمته، لا بل، ذراعاهما بالكاد متلامسين..
وذات صباح استيقظا علي صوت مسافر جديد في نفس الآن لحق بكليهما فوق قمته..
مسافر واحد منشطر ومتواصل بين القمتين المتباعدتين.
استغرباه في بادئ الأمر..سألاه فعرفا له اسم ..حاوراه فبدا حلو المعشر.. لم تمضي ثوان إلا وكشف عن كينونته ..فلم يكن اسمه إلا علي مسمي ..
كان الملل اسمه وكان وصفه ووظيفته وكيانه.
مشهد (2)
إنه يوم جديد ..لا بل ..يوم مختلف..
جدلا ليس بالقصير، دار بينهم..
جاء بعده قرارا بالإجماع للمرة الأولى؛ منذ عهود سحيقة؛ يعجز عن عدها الفلكيين..كان القرار من بند واحد ..
لنتبادل الجبال
في هرولة نزلا هربا من شريك القمة(الملل)..
فلما كان المساء..تلاصقا ثانية في العش الضيق القديم..وجاء اليوم الجديد ..
فلما كان الصباح ..
كعادته استيقظ واستقل خُفَيه متجها صوب الحمام..حلق ذقنه واستحم وتوجه نحو خزانة ملابسه..أخرج بذلة أنيقة ورابطة عنق جديدة ..لكنه تذكر ..
ولما كان الصباح..
كعادتها استيقظت وقبل أن تزيح رمل النوم الملتصق بعينيها إثر النزول من الجبل..
هرولت نحو المطبخ لتعد لوازم الراحلين عن العش..لكنها تذكرت..
غير اتجاهه نحو المطبخ..وغيرت مسيرتها نحو الحمام..
قبل أن تغادر إلي رحلة التسلق في جبله في أول يوم لها..
قدم لها الإفطار والشاي وسندوتشات الأولاد وأعد حقائب المدرسة ..
كانت في أبهى صورها ..وكان مازال في ملابس النوم..
كانت هذه أولي خطواته الصاعدة في جبلها..وكانت أولى خطواتها تسلقا لجبله.
إنها أول مرة يستريح من عناء رحلة الصعود اليومية التي تستغرق أكثر من ساعتين صعودا.. وهبوطا ووقوفا في أنواع متباينة من الركائب ..
قدّر أن رحلته الجديدة إلي القمة لا تتطلب أكثر من خطوات هي المسافة بين العش والمطبخ وغرفة التلفاز صعودا نحو قمتها..حان الوقت ليريح قدميه من إرهاق الرحيل والعودة.
إنها أول مرة تملأ رئتيها بنسمات الصباح، في الهواء الطلق، بعيدا عن رائحة الطعام المختلطة بالشاي وسائل تنظيف الأطباق ..
قدّرت أن المتعة الآتية في رحلتها الجديدة تكمن في مشاهدة عوالم متجددة حبيس الفتارين وهي تروح وتغدو صعودا نحو قمته..حان الوقت لتنشط ساقيها اللتين تيبستا من الحركة المحدودة بين العش والمطبخ.
نزعة ذكورية انتابته؛ في ألا يطيع تعليماتها التي أملته إياها، فور نزولهما من القمم السابقة استعداد لرحلة صعود الغد ..
حول درجات حرارة الفرن والطعام المجمد وإرشاداتها عن ألوان الغسيل و كراسات الواجب
وعن مواعيد بائع اللبن وجامع القمامة مانحة إياه خلاصة السهر الذي منح عينيها هالة سوداء..
قال ذات فكرة:
سأبتكر لأريها قدراتي وألقنها درسا في التفوق وتنظيم الوقت وحسن الإدارة حتى وإن كان مجالي هو المطبخ فقط..
غريزة أنثوية اجتاحتها أن تلقي بنصائحه التي منحها إياها مصحوبة بوجبة الغداء، قبل نزولها من العش في رحلة صعود قمته في أقرب صندوق قمامة..
حول أرقام الركائب ومواعيد وصولها وكيفية كشف حيل رجال محركهم الوحيد شهوتهم ..
وعن طرق الإنجاز والنجاح مانحا إياها عصارة الشيب الذي أصاب قمته..
قالت ذات فكرة:
سأبتكر لأثبت تعادلي وأشهد العالم علي كفاءتي فها أنا صاعدة لا محالة حتى وإن كان مجالي هو الكون كله..
مشهد (3)
نيجاتيف الصورة..
عاودا نشاطهما في هواية تسلق الجبال..كلاهما أثبت جدارة في تسلق جبل رفيقه..كان العش عند المنبت ضيقا بالكاد يكفيهما..ضِيق العش متعته في تلاصقهما ..
ولكن كلما صعدا لأعلي..احتاجا لتوسعة العش..
................................
في العش الواسع لم يعودا ملتصقين ..
وإذ فجأة وصلا إلي القمة ..
.................
واستقرا هناك أمدا طال حتى نسيا مقاييس الزمن..
.................
وانشطر العش ..
........................
ذراعاهما بالكاد متلامسان..
وذات صباح استيقظا علي صوت عودة المسافر القديم يلحق بكليهما فوق قمته في ذات الوقت..
..............................
كان الملل اسمه وكان وصفه ووظيفته وكيانه ..
مشهد (4)
إنه يوم جديد..
لا بل ..
يوم مختلف..
جدلا ليس بالقصير..
جاء بعده قرارا بالإجماع للمرة الثانية منذ عهود سحيقة يعجز عن عدها الفلكيين..
كان القرار من بنود عدة لها منبعا ومصبا واحدا..
لنتشارك الجبال
لنشبك ذراعينا
لنلتصق
لنمضي سويا
ثبت أصابعه القوية بين أناملها الرقيقة ..
واحد..
اثنان..
ثلاثة..
خطوة للأمام.. خطوة للأمام..دائما للأمام ..
لا داع للصعود..
لا احتياج لإرهاقات التسلق..
يكفي أنهما سويا.. في العش الضيق نعم،
قمة المتعة في العش الضيق أنهما متلاصقان.
تعليق