هَوِّنْ عَلَيْكَ فَمَا فِي النِّفْسِ مُتَّسَعُ = لِمَا تُعَانِي وَحَسْبُ النَّفْسِ مَا تَسَعُ
ضَاقَتْ بِكُلِّ صُرُوُفِ الدَّهْرِ تَقْهَرُهَا = حَلَّتْ عَليْهَا فَلَمْ تُسْألْ فَتَمْتَنِعُ
إذَا تَتُوُقُ إلى الآمَالِ تَنْسِجُهَا = تَمْتَدُّ للخَيْطِ أيَدِيهَا فَيَنْقَطِعُ
فَكُلُّ أحْلامِهَا كَالسُّحْبِ ثَابِتَةً = لا تَهْبِطُ الأرْضَ أوْ تَجْرِي فَتَنْقَشِعُ
فَتِلْكَ أقْدَارُهَا كَالرِّيحِ عَاصِفَةً = وَتِلْكَ أوْتَادُهَا بِالغَصْبِ تُقْتَلَعُ
وَكَمْ فَتِيلٍ خَبَا فِي لَيْلِ غُرْبَتِهَا = وَكَمْ سَرَابٍ بَدَا فِي طَيِّهِ الخِدَعُ
فَلا بَصِيصٌ سِوَى الأوْهَامِ وَاهِنَةً = وَلا دَلِيلٌ سِوَى الآلامِ يُتَّبَعُ
وفِي رِيَاضِ الهَوَى تُمْسِي بِلا عَبَقٍ = وفِي قِفَارِ الجَوَى تَكْبُوُ وتَنْصَدِعُ
تُبْلِي الوَفَاءَ وَتُبْدِي الوِدَّ ثُمَّ تَرَى = خَنَاجِرَ الغَدْرِ لِلتَّسْدِيدِ تَقْتَرِعُ
وَمِنْ نَصِيبٍ لِعَقْلٍ فِكْرُهُ تَعَبٌ = إلِى دَبِيبٍ لِقَلْبٍ كُلُّهُ وَجَعُ
وَمَا تَمَنَّتْ مَدَى الأيَّامِ أمْنِيَةً = إلا أجَابَتْ رَحَى الأيَّامِ وَالجَزَعُ
تَشْقَى بِحَاضِرِهَا فِي غَابِ فَانِيةٍ = تَعِيثُ فِيهِ ذِئابٌ الإنْسِ والضُّبُعُ
فّالنَّفْسُ أمَّارَةٌ بِالسَّوُءِ إنْ خَرَجَتْ = عَنْ نَهْجِ خَالِقِهَا واقْتَادَهَا الجَشَعُ
وَالنَّفْسُ لَوَّامَةٌ إنْ أذْنَبَتْ نَدِمَتْ = تَضِلُّ حِيناً وتَغْلُوُ ثُمَّ تَرْتَدِعُ
وَتَطْمَئِنُّ إذَا عَادَتْ لِبَارِئِهَا = وَكَانَ مِنْهَاجُهَا رَبّاً لَهُ السَّمَعُ
وَالنَّاسُ فِي تُلْكُمِ الدُّنْيَا تُفَرِّقُهُمْ = أسْبَابُ رِزْقٍ وَأهْوَاءٌ ومُبْتَدَعُ
وَلَوْ أرَادُوُا لَكَانَ الجَمْعُ مُلْتَئِمِاً = لَكِنَّهُ الكُفْرُ والطُّغْيَانُ والطَّمَعُ
وَاللهُ أنْزَلَ قُرْآناً لِيَهَدِيَهُمْ = فَمَا اهْتَدَوْا غَيْرَ نَزْرٍ جُلُّهُمْ شِيَعُ
وَشَبَّتِ النَّارُ تَنْويراً وَعَوْلَمَةً = تُحَرِّقُ الضَّادَ وَالتَّحْدِيثُ ينْدَلِعُ
وَيَكْتُبُونَ غُمُوُضاً لَسْتَ تَفْهَمُهُ = يُقَالُ فَسِّرْ فَمَعْنَى النَصِّ يَتَّسِعُ ؟!
وَقُلْتُ أقْرَعُ أجْرَاساً تُنَبِهُهُمْ = قَرَعْتُ شِعْرِي وَهُمْ لَلحُرِّ قَدَ قَرَعُوُا
سَمَّوْهُ شِعْراً بِلا بَحْرٍ وَلا عَمَدٍ = وَالسَّجْعُ لَيْسَ قَرِيضاً كَيْفَمَا سَجَعُوُا
قَلَّبْتُ كَفّاً عَلَى كَفِّ أُسَائِلُهُمْ = لِمَ النَّثِيرُ لإسْمِ الشَّعْرِ يَنْتَزِعُ ؟
وَهَلْ يَعِيبُ فُنُوُنَ النَّثْرِ تَسْمَيَةٌ = لَهَا لِنُبْدِلُهَا اسْماً بِمِا خَلَعُوُا ؟
مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ لا يَدْرِي مَكَانَتَهُ = بَيْنَ الفُنُوُنِ وَلا بِالقَدْرِ مُضْطَلِعُ
فَلَمْ يَرَ الدُّرَّ كَنْزاً فِي المَقَامَة أوْ = رَأىَ الرِسَالاتِ كَالألمَاسِ تَلتَمِعُ
وَكَمْ مِنَ الشُّعَرَاءِ العُرْبِ تُعْجِزُهُمْ = كِتَابَةُ النَّثْرِ حَتَى إنْ هُمُ بَرَعُوُا
وَمنْ يَقُوُلُ بَأنَّ (الرَّافِعِي) مَثَلاً = يَفُوُقُهُ شَاعِرٌ فَنّاً ولوَ جَمَعُوُا ؟
دَعُوُا الفُنُوُنَ إذَنْ كُلٌ لَهُ سِمَةٌ = وَلا نُغَالِطُ فِي الأسْمَاءِ نَقْتَطِعُ
وَذَاكَ جُزْءٌ مِنَ الأثْقَالِ أحْمِلُهَا= وَغَيرُ ذَلِكَ مِمَّا فَوْقَهَا وَضَعُوُا
فَكُلُّ شَيْءٍ بِنَا قَدْ بَاتَ يُحْبِطُنِي = فَالرَّأسُ مُطْرِقَةٌ وَالوَجْهُ مُمْتَقِعُ
يَرْقَى المَنَابِرَ فِي السَّاحَاتِ أجَهَلُنَا = والعَالِمُ الحَقُّ أجْلَسْنَاهُ يَسْتِمِعُ !
أهْلُ النِّفَاقِ عَلَوْا والزَّيْفُ مَعْدِنُهُمُ = إنْ سَادَ عُمْيٌ فَمَنْ بِالتَّبْرِ يَنْتَفِعُ ؟!
فَمَنْ أُنَادِي وَقَدْ أُلْجِمْتُ مُنْدَهِشاً = مِمَّا تَرَدَّتْ لَهُ الأسْمَاعُ تَتَّضِعُ ؟
وَمَنْ أحِدِّثُ والآذَانُ قَدْ ضُرِبَتْ = فِي الكَهْفِ دُوُنَ هُدًى وَالصُّمُّ مَا هَجَعُوا ؟
فَفِي رَقِيمٍ لَنَا شَأنٌ لَهُ عَجَبٌ = مَنْ نَامَ عَنْ أمْرِنِا بِالأمْرِ يَضْطَلِعُ !
وَبَعْضُ قَوْمٍ أبَاحُوُا الثَّدْىَ يُطْعِمُهُمْ = كَأنَّهُمْ مِنْ سِوَى ذَا الثَّدْىِ قَدْ رَضَعُوُا !
غَايَاتُهُمْ شَبَعٌ حَتَّى وإنْ شَبِعُوُا = كَأنَّ جُوُعَهُمُ قَدَ عَضَّهُ الصَّرَعُ
وَلَيْسَ فِيهِمْ سِوَى صَوْتٌ لِحَنْجَرَةٍ = سُبْحَانَ خَالِقِهِ كالرَّعْدِ إنْ رَفَعُوُا
تَرَى هَتُوُفاً بِبُوُقِ الشِّدْقِ مُنْتَفِخاً = يُصَانِعُ الشَّيءَ مَدْفُوُعاً فَيَنْدَفِعُ
وَمِنْهُمُ عِلَلٌ كَالدَّاءِ يُمْرِضُنِي = وَلا دَوَاءٌ لَهُ إلا إذَا صُرِعُوُا
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّنْ كَانَ أكْثَرُهُمْ = أسْبَابَ خَيْبَتِنَا يَا بِئْسَ مَا صَنَعُوُا
فَهَلْ شَيَاطِينُهُمْ صِنْفٌ بِلا مَثَلٍ= أمْ كَانَ شَيْطَانُنَا صِنْفاً لَهُ وَرَعُ ؟!
وَكُلَّمَا أشْتَكِي فِكْرِي يُعَانِدُنِي = وَكُلَّمَا أُبْعِدُ الأفْكَارَ تَرتَجِعُ
فَكَيَفَ أرْجُوُ هُدُوُءَ النَّفْسِ يُبْرِؤُهَا = وَلَيْسَ يَهْدَأُ فِيهَا الفِكْرُ أوْ يَدَعُ ؟
وَقَدْ عَيِيتُ لِكَي تَرْضَى فَأقْنِعُهَا = بِأنْ تُجَارِي وَلَكِنْ كَيْفَ تَقتَنِعُ ؟
فَهَلْ تُجَارِي صُنُوُفَ الهَزْلِ تَتْبَعُهَا = وَهَلْ تَبَايِعُ ذَاكَ السُّخْفِ تَصْطَنِعُ ؟
وَكَيْفَ تَقْبَلُ أنْ تَنْسَاقَ جَاهِلَةً = وَهْىَ الَّتِي بِمَقَامِ العِلْمِ تَرْتَفِعُ ؟
وَكَيْفَ تُبْدِلُ ثَوْبَ العِزِّ تَخْلَعُهُ = وَتْرْتَدِي الذُّلَّ ثَوْباً كُلُّهُ رُقَعُ ؟!
وَمَنْ أبَتْ نُقْطَةً سَوْدَاْءَ تُبْطِنُهَا = هَلْ تَجْتَبِي مَا بَدَتْ فِي صَدْرِهِ البُقَعُ ؟!
وَلَيْسَ مِنْ مَنْطِقٍ فِي سِفْرِ مَنْهَجِهَا = يُبِيحُ إثْماً فَهَلْ فِي السِّفْرِ تَخْتَرِعُ ؟!
فَفِي فِرَاشِ النُّهَا تَحَيَا مُؤرَّقَةً = وَكُلُّ جَنْبٍ لَهَا قَدْ حَارَ يَضْطَجِعُ
تَرْنُوُ لِحُلْمٍ بِهِ الأحْدَاثُ مُنْصِفَةً = فَوَيحَ نَفْسٍ لِحُلْمِ القِسْطِ تَنْتَزِعُ
لَهَا نَصِيبٌ بِأنْ تَحْيَا بِذَا زَمَنٍ = تَصْلَى سِنِيناً عُجَاباً يُسْرُهَا فَزَعُ
وَرَغْمَ ذَلِكَ لَمْ تَيْأسْ فَمَبْدَأُهَا = للهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَةٌ تَقَعُ
فَاسْكُبْ هُمُومَكَ فِي الأقْدَاحِ وَاجْرَعُهَا = دَمْعَاً مَرِيراً بِلا نُدْمَانِ تَجْتَمِعُ
هَوِّنْ عَلَيْكَ فُؤادِي وَاتَّخِذْ أمَلاً = مِنْ عِنْدِ مَنْ يَرْفَعُ الآمَالَ أوْ يَضَعُ
ضَاقَتْ بِكُلِّ صُرُوُفِ الدَّهْرِ تَقْهَرُهَا = حَلَّتْ عَليْهَا فَلَمْ تُسْألْ فَتَمْتَنِعُ
إذَا تَتُوُقُ إلى الآمَالِ تَنْسِجُهَا = تَمْتَدُّ للخَيْطِ أيَدِيهَا فَيَنْقَطِعُ
فَكُلُّ أحْلامِهَا كَالسُّحْبِ ثَابِتَةً = لا تَهْبِطُ الأرْضَ أوْ تَجْرِي فَتَنْقَشِعُ
فَتِلْكَ أقْدَارُهَا كَالرِّيحِ عَاصِفَةً = وَتِلْكَ أوْتَادُهَا بِالغَصْبِ تُقْتَلَعُ
وَكَمْ فَتِيلٍ خَبَا فِي لَيْلِ غُرْبَتِهَا = وَكَمْ سَرَابٍ بَدَا فِي طَيِّهِ الخِدَعُ
فَلا بَصِيصٌ سِوَى الأوْهَامِ وَاهِنَةً = وَلا دَلِيلٌ سِوَى الآلامِ يُتَّبَعُ
وفِي رِيَاضِ الهَوَى تُمْسِي بِلا عَبَقٍ = وفِي قِفَارِ الجَوَى تَكْبُوُ وتَنْصَدِعُ
تُبْلِي الوَفَاءَ وَتُبْدِي الوِدَّ ثُمَّ تَرَى = خَنَاجِرَ الغَدْرِ لِلتَّسْدِيدِ تَقْتَرِعُ
وَمِنْ نَصِيبٍ لِعَقْلٍ فِكْرُهُ تَعَبٌ = إلِى دَبِيبٍ لِقَلْبٍ كُلُّهُ وَجَعُ
وَمَا تَمَنَّتْ مَدَى الأيَّامِ أمْنِيَةً = إلا أجَابَتْ رَحَى الأيَّامِ وَالجَزَعُ
تَشْقَى بِحَاضِرِهَا فِي غَابِ فَانِيةٍ = تَعِيثُ فِيهِ ذِئابٌ الإنْسِ والضُّبُعُ
فّالنَّفْسُ أمَّارَةٌ بِالسَّوُءِ إنْ خَرَجَتْ = عَنْ نَهْجِ خَالِقِهَا واقْتَادَهَا الجَشَعُ
وَالنَّفْسُ لَوَّامَةٌ إنْ أذْنَبَتْ نَدِمَتْ = تَضِلُّ حِيناً وتَغْلُوُ ثُمَّ تَرْتَدِعُ
وَتَطْمَئِنُّ إذَا عَادَتْ لِبَارِئِهَا = وَكَانَ مِنْهَاجُهَا رَبّاً لَهُ السَّمَعُ
وَالنَّاسُ فِي تُلْكُمِ الدُّنْيَا تُفَرِّقُهُمْ = أسْبَابُ رِزْقٍ وَأهْوَاءٌ ومُبْتَدَعُ
وَلَوْ أرَادُوُا لَكَانَ الجَمْعُ مُلْتَئِمِاً = لَكِنَّهُ الكُفْرُ والطُّغْيَانُ والطَّمَعُ
وَاللهُ أنْزَلَ قُرْآناً لِيَهَدِيَهُمْ = فَمَا اهْتَدَوْا غَيْرَ نَزْرٍ جُلُّهُمْ شِيَعُ
وَشَبَّتِ النَّارُ تَنْويراً وَعَوْلَمَةً = تُحَرِّقُ الضَّادَ وَالتَّحْدِيثُ ينْدَلِعُ
وَيَكْتُبُونَ غُمُوُضاً لَسْتَ تَفْهَمُهُ = يُقَالُ فَسِّرْ فَمَعْنَى النَصِّ يَتَّسِعُ ؟!
وَقُلْتُ أقْرَعُ أجْرَاساً تُنَبِهُهُمْ = قَرَعْتُ شِعْرِي وَهُمْ لَلحُرِّ قَدَ قَرَعُوُا
سَمَّوْهُ شِعْراً بِلا بَحْرٍ وَلا عَمَدٍ = وَالسَّجْعُ لَيْسَ قَرِيضاً كَيْفَمَا سَجَعُوُا
قَلَّبْتُ كَفّاً عَلَى كَفِّ أُسَائِلُهُمْ = لِمَ النَّثِيرُ لإسْمِ الشَّعْرِ يَنْتَزِعُ ؟
وَهَلْ يَعِيبُ فُنُوُنَ النَّثْرِ تَسْمَيَةٌ = لَهَا لِنُبْدِلُهَا اسْماً بِمِا خَلَعُوُا ؟
مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ لا يَدْرِي مَكَانَتَهُ = بَيْنَ الفُنُوُنِ وَلا بِالقَدْرِ مُضْطَلِعُ
فَلَمْ يَرَ الدُّرَّ كَنْزاً فِي المَقَامَة أوْ = رَأىَ الرِسَالاتِ كَالألمَاسِ تَلتَمِعُ
وَكَمْ مِنَ الشُّعَرَاءِ العُرْبِ تُعْجِزُهُمْ = كِتَابَةُ النَّثْرِ حَتَى إنْ هُمُ بَرَعُوُا
وَمنْ يَقُوُلُ بَأنَّ (الرَّافِعِي) مَثَلاً = يَفُوُقُهُ شَاعِرٌ فَنّاً ولوَ جَمَعُوُا ؟
دَعُوُا الفُنُوُنَ إذَنْ كُلٌ لَهُ سِمَةٌ = وَلا نُغَالِطُ فِي الأسْمَاءِ نَقْتَطِعُ
وَذَاكَ جُزْءٌ مِنَ الأثْقَالِ أحْمِلُهَا= وَغَيرُ ذَلِكَ مِمَّا فَوْقَهَا وَضَعُوُا
فَكُلُّ شَيْءٍ بِنَا قَدْ بَاتَ يُحْبِطُنِي = فَالرَّأسُ مُطْرِقَةٌ وَالوَجْهُ مُمْتَقِعُ
يَرْقَى المَنَابِرَ فِي السَّاحَاتِ أجَهَلُنَا = والعَالِمُ الحَقُّ أجْلَسْنَاهُ يَسْتِمِعُ !
أهْلُ النِّفَاقِ عَلَوْا والزَّيْفُ مَعْدِنُهُمُ = إنْ سَادَ عُمْيٌ فَمَنْ بِالتَّبْرِ يَنْتَفِعُ ؟!
فَمَنْ أُنَادِي وَقَدْ أُلْجِمْتُ مُنْدَهِشاً = مِمَّا تَرَدَّتْ لَهُ الأسْمَاعُ تَتَّضِعُ ؟
وَمَنْ أحِدِّثُ والآذَانُ قَدْ ضُرِبَتْ = فِي الكَهْفِ دُوُنَ هُدًى وَالصُّمُّ مَا هَجَعُوا ؟
فَفِي رَقِيمٍ لَنَا شَأنٌ لَهُ عَجَبٌ = مَنْ نَامَ عَنْ أمْرِنِا بِالأمْرِ يَضْطَلِعُ !
وَبَعْضُ قَوْمٍ أبَاحُوُا الثَّدْىَ يُطْعِمُهُمْ = كَأنَّهُمْ مِنْ سِوَى ذَا الثَّدْىِ قَدْ رَضَعُوُا !
غَايَاتُهُمْ شَبَعٌ حَتَّى وإنْ شَبِعُوُا = كَأنَّ جُوُعَهُمُ قَدَ عَضَّهُ الصَّرَعُ
وَلَيْسَ فِيهِمْ سِوَى صَوْتٌ لِحَنْجَرَةٍ = سُبْحَانَ خَالِقِهِ كالرَّعْدِ إنْ رَفَعُوُا
تَرَى هَتُوُفاً بِبُوُقِ الشِّدْقِ مُنْتَفِخاً = يُصَانِعُ الشَّيءَ مَدْفُوُعاً فَيَنْدَفِعُ
وَمِنْهُمُ عِلَلٌ كَالدَّاءِ يُمْرِضُنِي = وَلا دَوَاءٌ لَهُ إلا إذَا صُرِعُوُا
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّنْ كَانَ أكْثَرُهُمْ = أسْبَابَ خَيْبَتِنَا يَا بِئْسَ مَا صَنَعُوُا
فَهَلْ شَيَاطِينُهُمْ صِنْفٌ بِلا مَثَلٍ= أمْ كَانَ شَيْطَانُنَا صِنْفاً لَهُ وَرَعُ ؟!
وَكُلَّمَا أشْتَكِي فِكْرِي يُعَانِدُنِي = وَكُلَّمَا أُبْعِدُ الأفْكَارَ تَرتَجِعُ
فَكَيَفَ أرْجُوُ هُدُوُءَ النَّفْسِ يُبْرِؤُهَا = وَلَيْسَ يَهْدَأُ فِيهَا الفِكْرُ أوْ يَدَعُ ؟
وَقَدْ عَيِيتُ لِكَي تَرْضَى فَأقْنِعُهَا = بِأنْ تُجَارِي وَلَكِنْ كَيْفَ تَقتَنِعُ ؟
فَهَلْ تُجَارِي صُنُوُفَ الهَزْلِ تَتْبَعُهَا = وَهَلْ تَبَايِعُ ذَاكَ السُّخْفِ تَصْطَنِعُ ؟
وَكَيْفَ تَقْبَلُ أنْ تَنْسَاقَ جَاهِلَةً = وَهْىَ الَّتِي بِمَقَامِ العِلْمِ تَرْتَفِعُ ؟
وَكَيْفَ تُبْدِلُ ثَوْبَ العِزِّ تَخْلَعُهُ = وَتْرْتَدِي الذُّلَّ ثَوْباً كُلُّهُ رُقَعُ ؟!
وَمَنْ أبَتْ نُقْطَةً سَوْدَاْءَ تُبْطِنُهَا = هَلْ تَجْتَبِي مَا بَدَتْ فِي صَدْرِهِ البُقَعُ ؟!
وَلَيْسَ مِنْ مَنْطِقٍ فِي سِفْرِ مَنْهَجِهَا = يُبِيحُ إثْماً فَهَلْ فِي السِّفْرِ تَخْتَرِعُ ؟!
فَفِي فِرَاشِ النُّهَا تَحَيَا مُؤرَّقَةً = وَكُلُّ جَنْبٍ لَهَا قَدْ حَارَ يَضْطَجِعُ
تَرْنُوُ لِحُلْمٍ بِهِ الأحْدَاثُ مُنْصِفَةً = فَوَيحَ نَفْسٍ لِحُلْمِ القِسْطِ تَنْتَزِعُ
لَهَا نَصِيبٌ بِأنْ تَحْيَا بِذَا زَمَنٍ = تَصْلَى سِنِيناً عُجَاباً يُسْرُهَا فَزَعُ
وَرَغْمَ ذَلِكَ لَمْ تَيْأسْ فَمَبْدَأُهَا = للهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَةٌ تَقَعُ
فَاسْكُبْ هُمُومَكَ فِي الأقْدَاحِ وَاجْرَعُهَا = دَمْعَاً مَرِيراً بِلا نُدْمَانِ تَجْتَمِعُ
هَوِّنْ عَلَيْكَ فُؤادِي وَاتَّخِذْ أمَلاً = مِنْ عِنْدِ مَنْ يَرْفَعُ الآمَالَ أوْ يَضَعُ
تعليق