في بعض دلالات القصيدة ومعانيها
المقطع التالي:
قصيدة مرهونة ... للبيع
أدراج كثيرة
: بها كتب كثيرة منها /
كتاب الأم للشافعى
وطبقات المحدثين
وشرح رسالة لأبى زيد القيروانى
وأوهام الحداثة
وكتابا ملونا
أهدى إلى فى طرابلس الغرب
- والغرب نفسه-
أدراج كثيرة
: بها كتب كثيرة منها /
كتاب الأم للشافعى
وطبقات المحدثين
وشرح رسالة لأبى زيد القيروانى
وأوهام الحداثة
وكتابا ملونا
أهدى إلى فى طرابلس الغرب
- والغرب نفسه-
يكشف هذا المقطع من القصيدة حال النخبة المثقفة العربية خصوصا، وحالة الثقافة والتثقيف العربيين عموما
ففي فساد حال النخبة المثقفة، يظهر في المشهد، شاعرٌ يعرض بيع قصيدته، فالقصيدة، وهي أسمى أنواع النظم وأشرفها، باتت سلعة تباع وتشترى، وعزم الشاعر أن يبيع قصيدته جاء، في الأصل، تبعا لبيع الوطن، فإن بِيعَ الوطن، صار كل حواه خاضعا للبيع مهما غلت قيمته
وهذا المقطع من القصيدة يروي أيضا جانبا من زيف الحالة الثقافية السائدة في هذا المجتمع وتخلفها
نعم أدراج كثيرة:
لكنها لا تتسع إلا لصنف واحدٍ من الثقافة والفكر، وقد قسم مصادر هذه الثقافة إلى طبقتين
لكنها لا تتسع إلا لصنف واحدٍ من الثقافة والفكر، وقد قسم مصادر هذه الثقافة إلى طبقتين
أولا: مصادر ثقافية ما قبل قرون أوسطية، ومصادر قرون أوسطية
ثانيا: مصادر حديثة (كتاب أوهام الحداثة) لكنها في الحقيقة، هي هنا على الرف، لمناهضة أي ثقافة غير تقليدية أو غير قرون أوسطية
وجلي، أن مجموعة الكتب، المصفوفة على الرف، كلها أمهات كتب ومراجع، لا يقدر إلا أهل الاختصاص أن يستخدموها، وكأنه يقول هؤلاء المنافقون، الذين يزعمون أنهم يحملون ثقافة، ليسوا إلا حميرا تحمل أسفارا، وأن تلك الكتب هنا على للرف لا للقراءة بل للتظاهر أنهم يحملون ثقافة
وتفصيلا
كتاب الأم للشافعي: كتاب ينظر فيه، مَن يجتهد في الفقه الشافعي، وهو ليس كتاب ثقافة عامة، والعامة، التي تقتنيه، ليست أهلا أن تقرأ فيه
طبقات المحدثين: وهو كتاب في علم السند، أي سلسلة رواة الحديث، وهو علم يبحث في الرواة وأحوالهم تصحيحيا تحسينا وتضعيفا ووضعا، أو علم الجرح والتعديل
وهو، كتاب أكثر اختصاصا من سابقه، حيث لا يقدر أن ينظر في أحوال الرواة والحكم عليهم إلا نخبة نادرة ممن يلمون إلماما تاما بهذا الفرع من علم الحديث، وبالتالي فإن وضعه على الرف، يؤكد حالة الزيف الثقافي العام في هذا الوطن المبيوع
وهو يشير إلى أن نمط الثقافة السائدة هو نمط سلفي تقليدي، غير مستنير، ولا مجال للشك أن صاحب الكتاب لم يشتريه، بل تلقاه هدية، من جهة، راحت تنشر هذا النمط الثقافي، بين عموم العرب، بفضل فيضان ثروة النفط في الخليج مع بداية السبعينات
أما الكتاب الكلاسيكي الثالث، فهو كتاب:وشرح رسالة لأبى زيد القيروانى، فهو في أيضا كتاب مختص بالنحو العربي ومطالعته تتطلب شرحا مفصلا ومعلما معه أصلا
ثم يستعرض النص سائر الكتب المركونة على الرف، فيذكر من بينها "كتابا ملونا"، تلقاه هدية من طرابلس الغرب، وهو هنا يقصد الكتاب الأخضر الشهير على الراجح، وهو الكتاب الذي بشَّر بنظرية عالمية ثالثة، لا شيوعية ولا رأسمالية، وطبعا، لا يخفى على القارئ أن ثمة سخرية لاذعة متضمنة في كلمة "ملونا"، فهو من جهة، يشير إلى ذاك الكتاب (الأخضر) دون تصريح، ومن جهة أخرى، يسخر من عجز عموم العرب عن المطالعة إلا إذا كان الكتاب مصورا ملونا.
ثم يتابع، ساخرا أن "الغرب نفسه للبيع"، وهو هنا يقصد الغرب الأوروبي الأمريكي، ويمكننا أن نتصور صورة لبيع هذا الغرب، بتصور تلك الصفقة بين أنظمة حكم عربية متسلطة وبين الغرب، بحث يضمن الغرب استمرار أنظمة الحكم الفاسدة تلك مقابلة ضمان تدفق النفط العربي رخيصا إلى الغرب إلى جانب منافع أخرى بين الجهتين
ربما نعود مرة أخرى لنتابع إن لم يسهم غيرنا هنا
أثني شكري للشاعر واسع الثقافة والمعرفة على هذا المقطع من القصيدة
تحية خالصة
ربما نعود مرة أخرى لنتابع إن لم يسهم غيرنا هنا
أثني شكري للشاعر واسع الثقافة والمعرفة على هذا المقطع من القصيدة
تحية خالصة
تعليق