مغامرة في شارع يافا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بهائي راغب شراب
    أديب وكاتب
    • 19-10-2008
    • 1368

    مغامرة في شارع يافا

    مغامرة في شارع يافا

    بهائي راغب شراب
    7/12/2009


    ..

    كنا ثلاثة أشخاص
    "هو"
    و"أنا"
    و"هو الآخر".
    *
    "
    هو" كان أكبرنا
    دعانا لجولة في شارع يافا الكبير في مدينة القدس
    وافقنا فوراً ..
    فليس أجمل من السير في شوارع مدينتنا الأسيرة ..
    *

    طويلٌ شارعُ يافا
    يسكنه اليهود
    أبراج ، مطاعم ، أسواق ،
    ومدارس دينية في الليل تمارس طقوس التعبد والجريمة ،
    و.. تعلم الأطفال كيف يقتلوننا ..
    ببرود .
    *

    مَشَيْنا ومشينا ، لمْ نشعر بأنفسِنا ..
    فجأة وقفنا أمام عمارة "شالوم "
    مدخلها واسع جداً
    لكنها مسكونة باليهود
    الداخلون والخارجون .. يهود
    لماذا نحن هنا ؟
    لماذا توقفنا .. ؟
    لماذا ؟
    سألت .. ولا جواب ..!
    *
    "
    هو .."
    استأذن منا للدخول قليلا
    لديه موعد عمل مهم مع صاحب العمل ،
    لم نمانع
    دخل ..
    لم أعرف إلي أين ..ولا ماذا يريد هناك
    اختفى فيها ..
    وعندما تأخر ..
    تململت ..
    وسألت "هو الآخر" ..
    أين "هو" ؟
    قال بتعجب : ألا تعرف ؟!
    أجبت : لا
    أتعلم أنت ؟!
    قال : دخل ليضاجع يهودية
    لكنه تحدث عن موعد ..
    قال غامزاً : هي الموعد المقصود ؟!!
    *

    صُعِقْتُ ..
    ماذا تقول ..؟
    كان فدائيا في الكرامة ، كان يجتاز الحدود ،
    كان يضرب ويتصيد اليهود..

    ابتسم " هو الآخر"
    لعلك لمْ تعرف بقية الحكاية ..
    لا أريد حكايةً ..
    أحتاج أن أُغادرَ المكان ..
    هل تصحبني
    أجاب : لا .. سأنتظره ..
    قلت : بعد الذي فعل بنا ..؟
    قال : دعنا نر لماذا فعل ذلك ؟
    قلت ..: لا .. لن احتاج لجوابه ..
    سأذهب وحدي إذن ..
    *

    أَدَرْتُ ظهريَ عائداً مِنْ حيث أتيت
    "هو" كان دليلنا .. نادى "هو الآخر"
    قلت : لا يهمني , لن أنتظره أبدا , لن أسمح بأن يلوثني معه
    حاول " هو الآخر" منعي
    صممْتُ ..
    ومضيت فوق الطريق
    *
    انتابني بعض الخوف
    أنا لا أعرف تفاصيل المكان
    لقد صار غريباً عني
    أنفاسه النتنة أصابت أنفي بالزكام ،
    أضواء مصابيحه شوهت الرؤية الصافية لعيني
    و... لقد ... تهت ..
    *

    دخلت شوارعاً كثيرة ..
    تجولت أكثر ..بحرية تامة
    كنت وحدي ..
    وبثقة سرت مطمئنا استكشف الطريق
    من بعيد رأيته مُشِعاً بالبهاء
    من بعيد ناداني للاقتراب
    من بعيد اتخذ الأقصى شكله ..كجوهرة السماء
    *
    حددت بوصلتي
    ولبيت النداء ..
    ومضيت رافعا رأسي بعز وإباء
    وكنت وحدي أسير
    لم ألتفت أبداً للوراء
    ووصلت إلى باب العمود
    وما أجمل اللقاء ...
    *

    كنت وحدي
    وعقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل
    والشوارع فارغة
    أسرعت لموقف السيارات ..
    استجدي سيارة مغادرة
    تنقذني من لعنة " هو " ... الحيوان
    *
    كانت السيارة الأخيرة لهذا المساء
    وكنت الراكب الأخير ..
    وعدت إلى البيت ..
    كانت أمي واقفة على الباب
    عندما وصلت وحدي
    سألتني ؟ : أين الآخران ؟
    هززت رأسي باشمئزاز
    سكتت ؟؟
    وقالت : ألمْ أقل لك
    أنت لا تعرفهم ..
    لقد جُبِلوا هناك .
    ***

    التعديل الأخير تم بواسطة بهائي راغب شراب; الساعة 04-11-2021, 18:28.
    أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

    لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

    تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    نص مشرق بمضمون موحي عميق استاذ بهائي
    تحيتي وتقديري
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • اسماعيل الناطور
      مفكر اجتماعي
      • 23-12-2008
      • 7689

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة بهائي راغب شراب مشاهدة المشاركة
      مغامرة في شارع يافا

      بهائي راغب شراب
      7/12/2009

      كنا ثلاثة أشخاص
      "هو"
      و"أنا"
      و"هو الآخر".
      *
      "هو" كان أكبرنا
      دعانا لجولة في شارع يافا الكبير في مدينة القدس
      وافقنا فورا ..
      فليس أجمل من السير في شوارع مدينتك الأسيرة ..
      *
      طويل شارع يافا
      يسكنه اليهود
      أبراج ، مطاعم ، أسواق ،
      ومدارس دينية في الليل تمارس طقوس التعبد والجريمة ،
      و.. تعلم الأطفال كيف يقتلوننا .. ببرود .
      *
      مشينا ومشينا ، لم نشعر بأنفسنا ..
      فجأة وقفنا أمام عمارة "شالوم "
      مدخلها واسع جدا
      لكنه مسكون باليهود
      الداخلون والخارجون .. يهود
      لماذا نحن هنا ؟
      لماذا توقفنا .. ؟
      لماذا ؟
      سألت .. ولا جواب ..!
      *
      "هو .."
      استأذن منا للدخول قليلا
      لديه موعد عمل مهم مع صاحب العمل ،
      لم نمانع
      دخل ..
      لم اعرف إلي أين ..ولا ماذا يريد هناك
      اختفى فيها ..
      وعندما تأخر ..
      تململت ..
      وسألت "هو الآخر" ..
      أين "هو" ؟
      قال بتعجب : ألا تعرف ؟!
      أجبت : لا
      أتعلم أنت ؟!
      قال : دخل ليضاجع يهودية
      لكنه تحدث عن موعد ..
      قال غامزا : هي الموعد المقصود ؟!!
      *
      صعقت ..
      ماذا تقول كان فدائيا في الكرامة ، كان يجتاز الحدود ،
      كان يضرب ويتصيد اليهود
      ابتسم " هو الآخر"
      لعلك لم تعرف بقية الحكاية ..
      لا أريد حكاية ..أحتاج أن أغادر المكان ..
      هل تصحبني
      أجاب : لا سأنتظره ..
      قلت : بعد الذي فعل بنا ..؟
      قال : دعنا نر لماذا فعل ذلك ؟
      قلت ..: لا .. فلن احتاج لجوابه ..
      سأذهب وحدي إذن ..
      *
      أدرت ظهري عائدا من حيث أتيت
      "هو" كان دليلنا ، نادى "هو الآخر"
      قلت : لا يهمني , لن انتظره أبدا , لن أسمح بان يلوثنا معه
      حاول " هو الآخر" منعي
      صممت ..
      ومضيت فوق الطريق
      *
      انتابني بعض الخوف
      أنا لا أعرف تفاصيل المكان
      لقد صار غريبا عني
      أنفاسه النتنة أصابت انفي بالزكام ،
      أضواء مصابيحه .. شوهت الرؤية الصافية لعيني
      و... لقد ... تهت ..
      *
      دخلت شوارع كثيرة ..
      تجولت أكثر ..بحرية تامة
      كنت وحدي ..
      وبثقة سرت مطمئنا استكشف الطريق
      من بعيد رأيته مشعا بالبهاء
      من بعيد ناداني للاقتراب
      من بعيد اتخذ الأقصى شكله ..كجوهرة السماء
      *
      حددت بوصلتي
      ولبيت النداء ..
      ومضيت رافعا راسي بعز وإباء
      وكنت وحدي أسير
      لم ألتفت أبدا للوراء
      ووصلت إلى باب العمود
      وما أجمل اللقاء .
      *
      كنت وحدي
      وعقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل
      والشوارع فارغة
      أسرعت لموقف السيارات ..
      استجدي سيارة مغادرة
      تنقذني من لعنة " هو " ...الحيوان
      *
      كانت السيارة الأخيرة لهذا المساء
      وكنت الراكب الأخير ..
      وعدت إلى البيت ..
      كانت أمي واقفة على الباب
      عندما وصلت وحدي
      سألتني ؟ : أين الآخران ؟
      هززت رأسي باشمئزاز
      سكتت ؟؟
      وقالت : الم أقل لك
      أنت لا تعرفهم ..
      لقد جبلوا هناك .
      ***
      أتعلم أخي بهائي
      أن كلامك كالسياط
      أدمى القلب قبل أن يدمي الجسد
      نعم هناك من فعلها
      نعم هذا ما كان وراء الجري وراء السلام "شالوم"
      شالوم كان ينتظرنا منذ رفعنا غصن لزيتون تحمله يد ضعيفة ترتعش وتهتز على رقصات المال القادم من الرباعيات الدولية والمحلية
      تحياتي
      وأحمد الله إنك عدت
      فكثيرا غيرك لا زال هناك

      تعليق

      • دريسي مولاي عبد الرحمان
        أديب وكاتب
        • 23-08-2008
        • 1049

        #4
        السيد القدير بهائي راغب شراب مساء الخير...
        هذه المغامرة في واقع الحال هي بمثابة نضال مبدئي يكتنه الانا الشريفة ازاء القضايا المصيرية خاصة تلك المتعلقة بالسيدة الأرض فلسطين وأزمتها الاستيطانية...
        ثلاثية فرويدية هي الأنا والهو والأنا الأعلى بمعناه الهو الاخر تحاول أن تستجلي حقيقة المنطقة المعتمة التي أتت على لسان الأم المناضلة التي عانقت حروفي في اخر النص قائلة:ألم أقل لك..أنت لا تعرفهم..لقد جبلوا هناك...
        مغامرة قصصية سأعيد قراءتها بينيويا علني ألتقط بنية دالة من رؤية تخصني...لمست فيها قضية وجمالا لغة وشكلا وانسيابا...
        سأرشح هذا النص للذهبية بامتياز لأنه يستحق دراسة تليق بمقامه وبفنيته...
        تقبل مروري سيدي الكريم...
        توكيدات تقديري.

        تعليق

        • بهائي راغب شراب
          أديب وكاتب
          • 19-10-2008
          • 1368

          #5
          أستاذة مها راجح

          عافاك الله دائما أنت رائعة
          في حضورك
          وفي كلماتك

          بوركت
          أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

          لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

          تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

          تعليق

          • بهائي راغب شراب
            أديب وكاتب
            • 19-10-2008
            • 1368

            #6
            استاذي الكبير واخي اسماعيل الناطور

            للأسف سيدي أن الكثيرين ما زالوا هناك ..
            بعضهم استمرا دخوله ولم يحب الخروج .. الله عليه

            وبعضهم دخل وحجز هناك .. منعته اوهام او مخاوفة من الرجوع..!
            وبعضهم دخل .. فتاه .. وضيعته بهرجة الألوان المزيفة ..

            كم اشتهي ان نعود جميعا لنصبح على قلب رجل واحد وفكر واحد ويد واحدة ..
            نجاهد ونضرب المعتدين

            السلام مع اليهود ليس حقيقة ولم يكن كذلك أبدا ..
            اما استسلام بعضنا فهو للأسف من أعطى لليهود حقيقتهم الباطلة ..

            سلم فؤادك الغالي .. أيها الغالي
            وبوركت
            أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

            لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

            تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

            تعليق

            • بهائي راغب شراب
              أديب وكاتب
              • 19-10-2008
              • 1368

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان مشاهدة المشاركة
              هذه المغامرة في واقع الحال هي بمثابة نضال مبدئي يكتنه الانا الشريفة ازاء القضايا المصيرية خاصة تلك المتعلقة بالسيدة الأرض فلسطين وأزمتها الاستيطانية...
              ثلاثية فرويدية هي الأنا والهو والأنا الأعلى بمعناه الهو الاخر تحاول أن تستجلي حقيقة المنطقة المعتمة التي أتت على لسان الأم المناضلة التي عانقت حروفي في اخر النص قائلة:ألم أقل لك..أنت لا تعرفهم..لقد جبلوا هناك...
              مغامرة قصصية سأعيد قراءتها بينيويا علني ألتقط بنية دالة من رؤية تخصني...لمست فيها قضية وجمالا لغة وشكلا وانسيابا...
              سأرشح هذا النص للذهبية بامتياز لأنه يستحق دراسة تليق بمقامه وبفنيته...
              .
              أستاذي العزيز دريسي مولاي عبد الرحمان
              بكلمات قليلة منحتني الكثير من المعاني الكبيرة التي تنبع من روح خفاقة ...
              أشكر لك مبادرتك وإحساسك تجاه النص..
              الذي يمثل إحدى صور الحياة الفلسطينية المتواصلة في جهادها وصمودها ... رغم كل الصعوبات ..

              كلماتك سيدي هي الوسام الماسي الذي أفخر به

              بوركت استاذي
              أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

              لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

              تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

              تعليق

              يعمل...
              X