مغامرة في شارع يافا
بهائي راغب شراب
7/12/2009
..
كنا ثلاثة أشخاص
"هو"
و"أنا"
و"هو الآخر".
*
"هو" كان أكبرنا
دعانا لجولة في شارع يافا الكبير في مدينة القدس
وافقنا فوراً ..
فليس أجمل من السير في شوارع مدينتنا الأسيرة ..
*
طويلٌ شارعُ يافا
يسكنه اليهود
أبراج ، مطاعم ، أسواق ،
ومدارس دينية في الليل تمارس طقوس التعبد والجريمة ،
و.. تعلم الأطفال كيف يقتلوننا ..
ببرود .
*
مَشَيْنا ومشينا ، لمْ نشعر بأنفسِنا ..
فجأة وقفنا أمام عمارة "شالوم "
مدخلها واسع جداً
لكنها مسكونة باليهود
الداخلون والخارجون .. يهود
لماذا نحن هنا ؟
لماذا توقفنا .. ؟
لماذا ؟
سألت .. ولا جواب ..!
*
"هو .."
استأذن منا للدخول قليلا
لديه موعد عمل مهم مع صاحب العمل ،
لم نمانع
دخل ..
لم أعرف إلي أين ..ولا ماذا يريد هناك
اختفى فيها ..
وعندما تأخر ..
تململت ..
وسألت "هو الآخر" ..
أين "هو" ؟
قال بتعجب : ألا تعرف ؟!
أجبت : لا
أتعلم أنت ؟!
قال : دخل ليضاجع يهودية
لكنه تحدث عن موعد ..
قال غامزاً : هي الموعد المقصود ؟!!
*
صُعِقْتُ ..
ماذا تقول ..؟
كان فدائيا في الكرامة ، كان يجتاز الحدود ،
كان يضرب ويتصيد اليهود..
ابتسم " هو الآخر"
لعلك لمْ تعرف بقية الحكاية ..
لا أريد حكايةً ..
أحتاج أن أُغادرَ المكان ..
هل تصحبني
أجاب : لا .. سأنتظره ..
قلت : بعد الذي فعل بنا ..؟
قال : دعنا نر لماذا فعل ذلك ؟
قلت ..: لا .. لن احتاج لجوابه ..
سأذهب وحدي إذن ..
*
أَدَرْتُ ظهريَ عائداً مِنْ حيث أتيت
"هو" كان دليلنا .. نادى "هو الآخر"
قلت : لا يهمني , لن أنتظره أبدا , لن أسمح بأن يلوثني معه
حاول " هو الآخر" منعي
صممْتُ ..
ومضيت فوق الطريق
*
انتابني بعض الخوف
أنا لا أعرف تفاصيل المكان
لقد صار غريباً عني
أنفاسه النتنة أصابت أنفي بالزكام ،
أضواء مصابيحه شوهت الرؤية الصافية لعيني
و... لقد ... تهت ..
*
دخلت شوارعاً كثيرة ..
تجولت أكثر ..بحرية تامة
كنت وحدي ..
وبثقة سرت مطمئنا استكشف الطريق
من بعيد رأيته مُشِعاً بالبهاء
من بعيد ناداني للاقتراب
من بعيد اتخذ الأقصى شكله ..كجوهرة السماء
*
حددت بوصلتي
ولبيت النداء ..
ومضيت رافعا رأسي بعز وإباء
وكنت وحدي أسير
لم ألتفت أبداً للوراء
ووصلت إلى باب العمود
وما أجمل اللقاء ...
*
كنت وحدي
وعقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل
والشوارع فارغة
أسرعت لموقف السيارات ..
استجدي سيارة مغادرة
تنقذني من لعنة " هو " ... الحيوان
*
كانت السيارة الأخيرة لهذا المساء
وكنت الراكب الأخير ..
وعدت إلى البيت ..
كانت أمي واقفة على الباب
عندما وصلت وحدي
سألتني ؟ : أين الآخران ؟
هززت رأسي باشمئزاز
سكتت ؟؟
وقالت : ألمْ أقل لك
أنت لا تعرفهم ..
لقد جُبِلوا هناك .
***
تعليق