عام مضى فأوصد الأبواب . وعام أتى ، لكنا نخشى الولوج .
ما زلت كما أنا : شيطان لحظة اللعنة ، يستبيح الكبر , ويمتهن غواية نفسه والآخرين . يشتم ويسب ويرى عيوب العالم ، وتنهشه الحسرة على واقع فاسد أليم ، ووطن سرقه اللصوص ، ولم يكن له فيه نصيب .
ما زال باب بيتي موصدا ، كي لا تهب رياح الصالحين ، فتكسر إثمي الجميل ، وذنبي الذي ما زال يراودني ، فأتمنى أن أمارسه حد الثمالة ، وبعد أن أ صحو فإن الله واسع الرحمة ، والذنب يغتفر .
يوم مضى ، ويوم أتى ، والفرق بينهما عام .
مفكرة سوف ألقيها في سلة المهملات ، ومفكرة أخرى تحمل أعباء مرتقبة ، وأحزانا غير واضحة المعالم .
ما زال التلفاز ينساب في أذني خدرا لذيذا ، طالما أني حذفت الشريط الإخباري من قائمة اختياراتي . وانتبذت مكانا رخيا ، بين حديث الزاهدين ، وأطماع المؤمنين .
تدهشني فيفي عبدو حين تتحدث عن رصيدها من الستر ، وحب الناس . وإليسا التي لا تطمع في غير رضا الجمهور ، وإضفاء السعادة على خصور نسيت الرقص على إيقاع لحن عذب بريء . وعمرو خالد الذي جعل من مواهبه الفنية شركا يصيد به غواية الشياطين .
ما زلت أتحدث عن الفساد والمفسدين ، عن ظلم الحكام ،ومظلمة المحكومين . عن خليفتنا المعتصم : باني الأمجاد . وعن امرأة لم تصرخ
بعد, وامعتصماه.
أستقبل عامي الجديد بوصفة جديدة ، تجعل الأحلام أقل إيلاما ، والنفس أشد مراسا في التعامل مع الخيبات .
أحلم أحيانا أن صدام حسين كان كابوسا ، مجرد كابوس ، لا يمت للحقيقة بصلة ، ولذلك لن يتم اجتياح العراق . وأن أسامة بن لادن أحد شخصيات ألف ليلة وليلة . وأن أفغانستان ، كذبة افتراها ابن بطوطة .
وأحلم أن بحر البقر ، وقانا ، وتل الزعتر ، ومحمد الدرة ، رتوش في مؤامرة ، يقصد منها أن تلهينا عن ذكر الله وطلب طاعته .
أحلم أن عمر بن الخطاب ما زال في الطريق إلى بيت المقدس ، وأن أهل القدس يشترطون على عمر أن تكون المدينة نظيفة من بني يعقوب . لكن شيوخ القبائل تسفه عمر لأنه يستجيب للشروط . فيقتلونه على الطريق . ويدخلون القدس عنوة . فيحرقون المدينة ويعيدون بناء الهيكل . ويوقعون حلفا مقدسا مع بني قريضة والتابعين .
أحلم أن المفاهيم والمقاييس والجهات والأماكن , تم تزويرها . فالبوصلة لا تشير إلى القبلة، والنجوم لا تدل على السماء ، وسقوطي لن يأخذني إلى التراب . وأن المدن العربية لسبب غير واضح اختفت . والعرب يقطنون أقفاصا تصطف على امتداد الصحراء . وأنهم يستميتون في الدفاع عن أقفاصهم ، كي لا يسلبها الأعداء ، ويجعلون من الصحراء حديقة للحيوانات .
تطحنني الكوابيس . لكن أقبح ما فيها : ذلك الجزء الذي لم يأت بعد .
تعليق