عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سنجر
    عضو الملتقى
    • 27-09-2008
    • 165

    #31
    المشاركة الأصلية بواسطة د/ أحمد الليثي مشاهدة المشاركة
    سبحان الله على هذا المزج، وهذا التضاد الرائع؛ فهنا نجد قسم التجسس ولكن فرع مشيخة الأزهر!!!

    أخي الفاضل الأستاذ محمد
    سرد رائع، ولغة محكية سلسلة، ونقل محكم لثقافة نعيشها مهما اختلفت الألسن والألوان، وواقع مر تنسج خيوطه بذرة سوداء متشعبة الأغصان حين تخرج براعمها من الأرض.
    أخشى أن يعم الظلام كفر البلاص، ونفقد بصيص النور. ولكن لعل الواقع أشد إظلامًا مما نعتقد، ولعل نقله لنا بيدك الخبيرة، وقريحتك الواعية هو ما نحتاجه. وأيًّا كان اتجاه كفر البلاص فنحن متابعون للرحلة.
    دمت في طاعة الله.
    أستاذنا الفاضل
    دكتور / احمد الليثي

    دائما ما أنتظر ردكم بفارغ الصبر
    فيهمني في المقام الأول
    رأيكم فيما صارت إليه الأمور في كفر البلاص

    ما زالت هناك مفاجآت
    أرجو أن تتقبلوا تقديري و احترامي لكم

    دمتم بحفظ الله و أمنه

    تعليق

    • محمد سنجر
      عضو الملتقى
      • 27-09-2008
      • 165

      #32
      المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
      [align=center]
      الاديب الروائي
      الرائع الراقي
      الاستاذ محمد سنجر الموقر
      تبدا الحياة من القرية
      هناك نتعلم السياسة
      ونستمد جذور الشورى والديمقراطية الانتخابية
      ونتعلم حل خلافاتنا القبلية فتكون اذا كنا معينا للقادرين فينا
      اسلوب في اللغة وتحكم في الحدث من خلال حوارية روائية فيها الاجتماعي سياسي
      اسجل مروري بكل اعجاب وتقدير
      [/align]
      أخي العزيز
      الأستاذ الفاضل
      يسري راغب
      شكرا جزيلا لطيب ردكم الذي عبق متصفحي
      أرجو أن تتقبل مودتي و احترامي لكم

      دمتم بكل خير

      تعليق

      • محمد سنجر
        عضو الملتقى
        • 27-09-2008
        • 165

        #33
        عمدة كفر البلاص ( 16 )

        ( صرخة عالية شقت سكون القرية ،
        تعلقت العيون و الآذان باتجاه الصرخات ،
        فجأة انطلق أحد الغلمان فارا من بين أعواد الذرة ،
        يمسك جلبابه بفمه و يهرول في اتجاه القرية يصرخ )
        ـ روحوا يا هــــــــــوه ، ( السلعوة ) ظهرت يا جدعان .....
        ( تخونه قدماه الدقيقتان فيتعثر منزلقا إلى الترعة ،
        يخرج منها زاحفا ، ما يلبث أن يعاود الفرار ،
        اختلط الحابل بالنابل ،
        النساء و الأطفال و الرجال يفرون في كل اتجاه )
        ـ اهرب بسرعة ياد يا محمود .
        ـ ما جايز كلب مسعور ياد يا حمودة .
        ـ هو أنا عبيط و الا مختوم على قفايا ؟
        بقولك أنا لسه شايفها في أرض أبوك محمد أبو اسماعيل ....
        ـ يا داهية دقي .....
        ( محمود يفك الحبال التي ربط بها بهائمه ،
        ينهال عليها ضربا بعصاه فتفر البهائم باتجاه القرية ،
        يقفز محمود فوق حماره يهز قدماه بشدة ، يلوح بعصاه عاليا ،
        صرخات الاستنفار تتصاعد هنا و هناك )
        ـ استر يا رب ، انته لسه ما قفلتش يا عم حسنين ؟
        ـ ما أنا بأقفل أهو ، ليكون ديب ياله يا حمودة ؟
        ـ برضك ها يقولي ديب، بقولك ( السلعوة ) أنا شايف عينيها بعيني اللي هاياكلها الدود و هيه بتطق شرار .
        ـ طب اجري بسرعة و بلغ أبوك العمدة ...
        ـ عمدة مين الساعة دي ؟ يا روح ما بعدك روح ....
        ( يغلق عم حسنين باب دكانه الخشبي سريعا ،
        يعلق قضيبا طويلا من الحديد عليه ،
        يضع قفلا كبيرا و يفر هاربا )
        ـ اجري استخبى يا وله انته و هوه بسرعة ، يا لطيف ، يا لطيف .
        ( تجري إحدى النساء تنتشل طفلها من فوق الأرض و تفر به ، تصرخ )
        ـ يا بت يا سعاد ، ادخلي بسرعة يا بنت ال ........
        ( تدخل إلى منزلها ، تغلق الباب خلفها سريعا ،
        طفل صغير يحاول الفرار ، فيسقط تدوسه الأقدام ،
        يوقفه أحد الرجال ، يصرخ في الناس )
        ـ الرحمة يا جدعان حرام عليكم .
        ( يجري الطفل إلى حارة ضيقة ، يختفي عن الأنظار ،
        امراة تصرخ في ولدها )
        ـ شفت أختك فين ياد يا عبوده ؟
        ـ دخلت بيت عم أبو سليمان .
        ( الجميع يحاول الفرار )
        ـ يا ساتر استر يا رب .
        ( ما هي إلا لحظات حتى ساد صمت مميت ،
        جميع الأهالي يهرعون إلى ديارهم ،
        جميع الأبواب تغلق بإحكام ،
        العيون جاحظة تترقب خلف الأبواب و النوافذ ،
        الآذان صاغية تتنصت ،
        البعض صعد فوق السطوح يتابع المشهد من أعلى ،
        يتساءل أحد الرجال)
        ـ مش جايز تعلب و الا ديب و الا كلب مسعور يا جدعان .
        ـ الواد حمودة بيقولك شايف الشرار طالع من عينيها .
        ـ شيخ الغفر بيحلف على المصحف إن هي اللي أكلت كلاب العمدة أول امبارح .
        ـ ده أبو شلبي لسه شايفها امبارح بالليل على جسر الترعة و هي بتسن سنانها يا جدعان .
        ( صرخة عالية تشق الفضاء )
        ـ استر يا رب ، الصرخة دي جاية منين ؟
        ـ دي جاية من ناحية دار أبو خميس .
        ( صوت الصرخات يقترب و يقترب )
        ـ ده صوت عيل صغير ، يالطيف ، يالطيف .....
        ( تظهر من خلف البيوت طفلة صغيرة تصرخ و تجري إلى أحد الأبواب )
        ـ الحقيني يا أمه ، الحقني يا آبا .....
        ( تدق الباب و تدق و لا مجيب ،
        الجميع يتابع ما يحدث من خلف الأبواب و النوافذ و من فوق السطوح ،
        تتعالى صرخات الأهالي ، تتزايد أصواتهم )
        ـ يا ضنايا يا بنتي ، ربنا يكون في عونك .
        ( ينادي أحدهم من خلف الأبواب )
        ـ بنت مين دي يا عالم ؟
        ( يرد عليه آخر )
        ـ دي بنت حسين أبو حبيبة .
        ( البنت تبكي و تصرخ و لا مجيب ،
        فجأة ،
        تخرج ( السلعوة ) من بين أعواد الذرة ،
        يتطاير الشرر من عينيها ،
        سوداء حالكة اللون ،
        يسيل من بين أنيابها لعاب السعار ،
        تقف متحفزة ،
        تتعالى صرخات الأهالي )
        ـ حد يغيتها يا ولاد ، ما تفتح لها ياد يا مسعود .
        ـ ما انته حلو اهوه يا له ، ما تطلع تاخدها انته يا ناصح ، و الا بس بق على الفاضي ؟
        ـ و هو انا مستغني عن نفسي و عن عيالي ، دي سلعوة يا آبا ، عارف يعني إيه سلعوة ؟
        ( تتراجع البنت ملتصقة بالأبواب ،
        نحيبها يمزق القلوب ،
        دقات قلبها الصغير تتردد بين جدران البيوت ،
        لحظات من الترقب )
        ـ يا بلد ما فيهاش راجل ، مفيش حد يغيت البت المسكينة دي ؟
        ـ و هي أهلها سايبنها ليه الساعة دي ؟
        ـ فيه حد يسيب ضناه كده بالذمة ؟
        ( تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
        تصرخ الطفلة و تصرخ حتى يبح صوتها ،
        فجأة ينفتح أحد الأبواب ،
        تخرج منه ( خضرة ) ،
        ترفع في يديها عصا غليظة )
        ـ ما تخافيش يا أمه ، ما تخافيش .
        ( تقف بين السلعوة و البنت الصغيرة ، تتعلق عينها ب السلعوة ،
        تجري البنت لتتشبث بجلبابها )
        ـ دي مين بنت المجنونة دي ؟
        ـ دي البت (خضرة) أم لسانين .
        ـ و الله بت بميت راجل .
        ( تتحرك خضرة بجنبها خطوة خطوة باتجاه بابها ،
        تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
        تفتح خضرة باب دارها بينما عينيها مازالت معلقة على السلعوة ، تدخل البنت من الباب مسرعة ،
        عندها تقفز السلعوة على خضرة تحاول افتراسها ، إلا أنها باغتتها بضربة قوية بعصاها الغليظة على رأسها و صرخت )
        ـ موتي بقى الله ياخدك .....
        ( تسقط السلعوة على إثر الضربة ، إلا إنها تهب ثانية لتهجم على خضرة فتباغتها بضربة ثانية و ثالثة ، و تصرخ )
        ـ الله ياخدك ، الله ياخدك ....
        ( عندها تسقط السلعوة على الأرض لا تستطيع الحراك ، إلا أنها ما زالت حية ،
        عندها نجد أحد الخفر (العوادلي) يخرج من خلف أحد الأبواب ،
        يصرخ )
        ـ إلحقنا يا شيخ الغفر ، إلحقنا يا شيخ الغفر .
        ( عندها يخرج شيخ الخفر يحمل بندقيته ، يصوبها ناحية السلعوة ، و يطلق عليها النار ،
        عندها يصرخ ( العوادلي )
        ـ الله أكبر ، الله أكبر ،
        شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .
        ( عندها يتردد صوته في الفضاء )
        شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .

        ( يتبع )

        تعليق

        • د/ أحمد الليثي
          مستشار أدبي
          • 23-05-2007
          • 3878

          #34
          أخي الفاضل الأستاذ محمد سنجر
          كأني قرأت هذه الحلقة (16) من قبل.
          د. أحمد الليثي
          رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
          ATI
          www.atinternational.org

          تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
          *****
          فعِش للخيرِ ، إنَّ الخيرَ أبقى ... و ذكرُ اللهِ أَدْعَى بانشغالِـي.

          تعليق

          • محمد سنجر
            عضو الملتقى
            • 27-09-2008
            • 165

            #35
            المشاركة الأصلية بواسطة د/ أحمد الليثي مشاهدة المشاركة
            أخي الفاضل الأستاذ محمد سنجر
            كأني قرأت هذه الحلقة (16) من قبل.
            نعم أستاذنا الفاضل
            دكتور أحمد الليثي
            الحلقة ال (15 ) و الحلقة ال ( 16 )
            فلقد نشرت كل منهما من قبل بتصرف
            الأولى باسم ( الحداية ما بترميش كتاكيت )
            و الثانية باسم ( السلعوة )
            و سأنشر لكم الحلقة السابعة عشر سريعا بإذن الله
            أستاذنا الفاضل
            أرجو أن تتقبلوا تحيتي و احترامي و تقديري

            تعليق

            • محمد سنجر
              عضو الملتقى
              • 27-09-2008
              • 165

              #36
              عمدة كفر البلاص ( 17 )

              (العمدة ينادي من داخل القاعة )
              ـ عبد الجبار ، واد يا عبد الجبار ...
              ( يدخل عبد الجبار مسرعا ، يتخبط بباب القاعة ، ينكسر الباب ، يمسك عبد الجبار بالباب قبل أن يسقط على الأرض ، يكاد الدم أن يتفجر من وجنتيه خجلا ، يقف ممسكا بالباب ، ينظر إلى العمدة و الشيخ جمعة الجالس إلى جواره ، و ينظر إلى الباب ، لا يعرف ماذا يفعل ، يصرخ العمدة )
              ـ جاموسة داخلة علينا ؟ إيه اللي انته هببته ده يا بجم ؟
              (وقف عبد الجبار يتصبب منه العرق ، ينظر إلى الأرض ، لا يستطيع النطق بكلمة واحدة ، يحاول لملمة الحروف فلا يستطيع )
              ـ ما ... ما ... أصل ... أصل ...
              ـ انته ها تمأمأ لي ؟ اسند الزفت اللي كسرته ده على الحيطة و غور هات الواد ( قادوم ) يصلحه ، بسرعة .
              ـ أمرك يا حضرة العمدة .
              ( يسند عبد الجبار الباب على الحائط ، و يخرج مسرعا ، يناديه العمدة )
              ـ واد يا عبد الجبار ، انته يا وله ...
              ( يعود عبد الجبار مسرعا لكنه يتردد في الدخول فيقف خارج الباب )
              ـ أمرك يا حضرة العمدة .
              ـ عدي على شيخ الغفر خليه يجيني .
              ـ حاضر .
              ( يذهب عبد الجبار ، يميل الشيخ جمعة على العمدة )
              ـ طيب أستأذنك أنا يا حضرة العمدة ؟
              ـ لا ، تستأذن مين ؟ لازم تقعد لغاية لما يجي و تحضرنا .
              ـ عشان بس ما يبقاش فيها حرج يا عمدة .
              ـ حرج إيه و بتاع إيه ؟ و لا فيها حرج و لا حاجة ، اقعد اقعد ( ينادي ) بت يا بهانة ...
              ( ترد بهانة من خلف الباب الداخلي )
              ـ أأمر يا أبا العمدة .
              ـ اعملي لنا حاجة نشربها يا بت .
              ـ شاي ؟
              ـ شاي شاي ؟ ما فيش غير الشاي ؟
              ـ أعملك قهوة ؟
              ( يكلم الشيخ جمعة )
              ـ إيه رأيك في فنجانين قهوة م البن المحوج اللي جابهولي شيخ الغفر ؟
              ـ ماشي .
              ( ينادي العمدة على بهانة )
              ـ صحيح تعالي يا بت يا بهانة ادخلي ، ما فيش حد غريب ، ده أبوك الشيخ جمعة .
              ( تدخل بهانة )
              ـ السلام عليكم ، إزيك يا أبا الشيخ جمعة ؟
              ـ أهلا يا بهانة ، عاجبك اللي عمله جوزك ده يا بت ؟
              ـ عمل إيه ؟
              ( يقاطعها العمدة )
              ـ كسر الباب يا فالحة .
              ( يشير العمدة إلى الباب المكسور ، تنظر بهانة إلى الباب )
              ـ هوه اللي كسره ؟
              ـ لا آني ، الواد بأنادي عليه لقيته داخل في الباب زي البهيم .
              ـ معلش يا أبا العمدة ، أصله بيحبك قوي و الله ، و ما بيصدق إنك تنادي عليه بيبقى عاوز يطير طير كده و يجيلك .
              ـ حبك برص و عشرة خرص انتي و هوه ، كسبنا صلاة النبي ؟
              ـ اللهم صلى عليه .
              ـ طب اجري بقى اعملي لنا فنجانين قهوة مظبوط م اللي وصى عليهم داود في التذكرة يا بت .
              ـ أمرك يا أبا العمدة ، بس بالله عليك ما تزعل من عبد الجبار يا أبا العمدة.
              ـ خلاص اللي حصل حصل ، بس روحي انتي اعملي القهوة .
              ـ هوا .
              (تخرج بهانة )
              ـ ما قلتليش يا شيخ جمعة ، مش يمكن الناس دول يكونوا قرايبه ؟
              ـ قرايبه مش قرايبه ، المفروض أي حد يدخل البلد و يقعد فيها يكون عندك علم بيه ، و بعدين دول مش واحد و إلا اتنين .
              ـ معاك حق طبعا ، و دول جم البلد إمتى يا شيخ جمعة ؟
              ـ ساعة لما انته كنت في المديرية بتجيب الدكتور الجديد .
              ( يدخل شيخ الخفر )
              ـ السلام عليكم ، خير يا حضرة العمدة ، ازيك يا شيخ جمعة ؟ إيه اللي كسر الباب كده ؟
              ـ و عليكم السلام .
              ـ سيبك م الباب دلوقتي يا شيخ الغفر ، إيه موضوع الناس اللي قاعدين عندك دول ؟
              ـ قرايبي يا حضرة العمدة و جايين زيارة يومين ، ليه خير ؟ حد فيهم عمل حاجة كده و الا كده لا سمح الله ؟
              ـ مش المفروض أبقى على علم بكل حاجة في البلد يا شيخ الغفر ؟ أنا مش قايلك انته مكاني لغاية لما أرجع م البندر ؟ يبقى أي حاجة تحصل في البلد و أنا غايب لازم يكون عندي علم بيها .
              ـ معاك حق طبعا يا أبا العمدة ، عداك العيب ( ينحني شيخ الخفر على كف العمدة يقبله ، يسحب العمدة كفه بسرعة )
              ـ استغفر الله العظيم .
              ـ حقك عليا ، أني غلطان ، بس و الله ما جت فرصة أقولك مش أكتر ، و بعدين دول جايين يقعدوا يومين و ماشيين ، و معروف انك طول عمرك بيتك مفتوح للغريب قبل القريب يا حضرة العمدة .
              ( يدخل عبد الجبار )
              ـ الواد ( قادوم ) مش موجود ، بيقولوا راح البندر ، عنده شغل هناك و مش ها يجي إلا بعد يومين .
              ـ و ها أقعد يومين من غير باب يا فالح ؟
              ( يقاطعه شيخ الخفر )
              ـ فيه واد من قرايبي نجار يا حضرة العمدة ، بعد إذنك عبد الجبار يروح ينادي له يصلحه .
              ـ يعني الناس جايين ضيوف عندنا نقوم نشغلهم برضك ؟
              ( يقاطعه الشيخ جمعة )
              ـ ما فيهاش حاجة يا حضرة العمدة ، يعني نصلح الباب و إلا الدار تفضل مفتوحة كده من غير باب ؟
              ـ أيوة بس أكيد ما معهوش عدة .
              ـ ده ما بيمشيش من غيرها ، روح يا عبد الجبار عندنا الدار و قول لهم شيخ الغفر بيقول لكم ابعتوا الواد (شنكل) بالعدة بتاعته عند أبويا العمدة .
              ـ فوريرة .
              ( يخرج عبد الجبار ، تدخل بهانة بالقهوة )
              ـ القهوة .
              ـ اعملي كمان واحد مظبوط لشيخ الغفر يا بت .
              ـ حاضر .
              ـ سبحان الله ، قريبك النجار ده جه في وقته .
              ـ لأ مش بس كده ، ده أخوه حداد كمان و التالت بنا .
              ـ اللهم صلى ع النبي .
              ( يقاطعهما الشيخ جمعة )
              ـ ما تخليهم يعملوا لنا مدنة للجامع يا عمدة ينوبك ثواب .
              ـ و ماله ، بس يمكن نعطلهم عن شغلهم و إلا حاجة ؟
              ( ينظر إلى شيخ الخفر ، يجيبه )
              ـ و لا عطلة و لا حاجة يا حضرة العمدة ، هي الدنيا ها تطير ؟ يقعدوا لهم أسبوع أو اتنين زيادة ، ها يجرى إيه يعني ؟ ده كفاية الثواب اللي ها ياخدوه .
              ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر .
              ( يدخل عبد الجبار و بصحبته (شنكل) )
              ـ السلام عليكم .
              ـ و عليكم السلام ، (شنكل) ابن خالتي اللي كلمتك عنه يا أبا العمدة .
              ـ أهلا و سهلا بيه .
              ـ شوف لنا الباب الي كسره الدغف ده كده يا شنكل ، ينفع يتصلح ؟
              ـ كل حاجة تتصلح إن شاء الله يا حضرة العمدة .
              ـ يلا ورينا الهمة .
              ( يبدأ شنكل في العمل ، يجلس العمدة و الشيخ جمعة و شيخ الخفر يتناولون القهوة حتى ينتهي شنكل من تصليح الباب سريعا )
              ـ خدمة تانية يا حضرة العمدة ؟
              ـ اللهم صلى على النبي .
              ـ شوف كده يا حضرة العمدة ، لا تقولي بقى ( قادوم ) و لا غيره .
              ـ إيه الحلاوة دي يا وله ؟ ( يغلق الباب و يفتحه ) بسم الله ما شاء الله ، هو ده الشغل على أصوله ، أيوة كده .........
              ( يمد العمدة يده في جيبه ، يخرج حافظة نقوده ، يمسك شيخ الخفر بيده)
              ـ تلاتة بالله العظيم ما انته مطلع مليم أحمر يا عمدة .
              ـ عيب يا شيخ الغفر .
              ( يقاطعهم شنكل )
              ـ و هو أنا أصلا كنت أطول و إلا أحلم أعمل شغل في بيت العمدة ؟ ده كفاية الشرف اللي حط على راسي .
              ـ ما يصحش يا وله .
              ـ تلاتة بالله العظيم ما أني واخد أيتها حاجة .
              ( يقاطعه الشيخ جمعة )
              ـ خلاص بقى يا حضرة العمدة ، طالما حلف ، الراجل ضيف عندنا ، ما توقعوش في حلفانه .
              ـ لا إله إلا الله ، طب إيه رأيك بقى أنا عاوزك تصلح لي شوية الحاجات البايظة اللي في الدار ، بس بشرط .
              ـ أأمر يا عمدة .
              ـ تاخد حقك تالت و متلت ، أنا بأقول من دلوقتي أهو .
              ( يرد شيخ الخفر )
              ـ بكره م النجمة إن شاء الله يكون واقف قدام الدار .
              ـ شكرا يا شيخ الغفر ، ألف شكر يا شنكل .
              ـ الله يسلمك يا حضرة العمدة ، و هو أني عملت حاجة ؟
              ـ طيب ، تأمرنا بأيتها حاجة يا أبا العمدة ؟
              ـ ما تقعدوا تتعشوا معايا .
              ـ دايما عامر بحسك يا حضرة العمدة ، سلام عليكم .
              ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
              ( يتبع )

              تعليق

              • محمد سنجر
                عضو الملتقى
                • 27-09-2008
                • 165

                #37
                عمدة كفر البلاص ( 18 )

                ( دخل الشيخ جمعة مسرعا إلى القاعة ،
                وجد عبد الجبار يفترش الأرض بجوار الحائط ،
                وكزه الشيخ جمعة مناديا )
                ـ واد يا عبد الجبار ، عبد الجبار ....
                ( يجلس عبد الجبار يفرك عينيه ،
                ينظر يمينا و يسارا يحاول أن يتدارك ما يدور من حوله )
                ـ نعم ؟
                ـ فين حضرة العمدة يا وله ؟
                ـ نعم ؟
                ـ مالك يا وله ؟ بأقولك فين أبوك العمدة ؟
                ( ينظر عبد الجبار إلى الشيخ جمعة ، تدور بعينيه علامات الاستفهام ، و كأن الشيخ جمعة ينطق بطلاسم لا يفهمها )
                ـ طيب .
                ( يسحب عبد الجبار الغطاء عليه و يعود متمدادا مرة أخرى متمتما )
                ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير اللهم اجعله خير .
                ( يغضب الشيخ جمعة ، يوكزه وكزة قوية ، تتبعها أخرى )
                ـ واد يا عبد الجبار ، قوم قامت قيامتك ياوله .
                ( يرد عليه عبد الجبار من تحت الغطاء )
                ـ سيبني أنام الله يخليك يا شيخ جمعة .
                ـ نامت عليك حيطة ، قوم رد عليا يا وله .
                ـ فيه إيه بس يا شيخ جمعة ؟
                ـ فين أبوك العمدة يا وله ؟
                ـ أبويــــا العمــــدة نــــــــايم تعبــــــــــــــان ، هيه ارتحت ؟
                ـ نايم تعبان ؟ تعبان ماله يا وله ؟
                ـ الدكتور الجديد كان سهران معاه طول الليل و لسه ماشي هو وشيخ الغفر دلوقتي حالا ، سيبني أنام بقى .
                ـ و الدكتور قال العمدة ماله يا وله ؟
                ـ يا شيخ حرام عليك ، و الله العظيم ما نمت بقى لي يومين بحالهم ، اعتقني بقى لوجه الله .
                ـ طيب ها اعتقك ، بس قولي الأول ، الدكتور قال أبوك العمدة ماله ؟
                ـ قال إنه تعبــــان و لازم يرتــــــــــــــــاح ، سيبني أرتاح بقى أني كمان الله يخليك .
                ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
                ( يدخل شيخ الخفر مسرعا )
                ـ السلام عليكم .
                ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أهلا يا شيخ الغفر .
                ـ أهلا يا شيخ جمعة ، خير ؟
                ـ العمدة ماله يا شيخ الغفر ؟
                ـ ما فيش ، الدكتور قال انه بعافية شوية ، و لازم يرتاح .
                ـ أيوة يعني يكفينا الشر عنده إيه ؟
                ـ الدكتور قال انها زي ما تقول كده انتكاسه ، ربنا يقومه منها بالسلامة .
                ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، طيب ممكن أشوفه ؟
                ـ الدكتور مانع أي حد يشوفه ، ده مشاني أني بذات نفسي من عنده امبارح .
                ـ استغفر الله العظيم ، طب أنا عاوز على الأقل أطمن عليه .
                ـ إطمن يا شيخ جمعة ، و يا ريت تطمن أهل البلد كلهم .
                ـ و ها نعمل إيه يا شيخ الغفر ؟
                ـ نعمل إيه في إيه يا شيخ جمعة ؟
                ـ في البلد ، مين اللي ها يشوف أحوال البلد و يراعيها ؟
                ـ و اني مش مالي عينك و الا إيه يا جمعة ؟
                ـ جمعة كده حاف ؟ ؟؟؟ أني قصدي يعني لازم يكون فيه عمدة يراع.....
                ( تحمر عينا شيخ الخفر ، فيمسك الشيخ جمعة من رقبته )
                ـ بص بقى يا جدع انته ، حاكم أني ساكت لك من الصبح ، البلد دي مالهاش و لا ها يبقى لها غير عمدة واحد ، هو الراجل اللي راقد جوه ده ، و على بال ما ربنا يقومهولنا كده بالسلامة ، كل حاجة ها تمشي زي ما كان مخطط لها بالظبط ، و آني بقى اللي ها أنفذ كل اللي قال لي عليه بالحرف الواحد ، و حسك عينك تهلفط بأي كلام من كلامك الماسخ ده ، جمعة ، ما تخلينيش أوريك الوش التاني ، و إلا تحب تشوفه ؟
                ( ارتعد الشيخ جمعة ، تلعثم ، أول مرة يواجه فيها وحشا ثائرا بهذه الصورة ، حاول المسكين لملمة أية حروف للرد على شيخ الخفر ، و لكن تضيع محاولاته أدراج الرياح ، ينظر الشيخ جمعة إلى الأرض يحاول الهرب من هذا الشرر المتطاير من عيني شيخ الخفر )
                ـ أ .. أ .. أنا .. طبعا ما أقصدش أي حاجة يا حضرة شيخ الغفر لا سمح الله ، ماهو انته الخير و البركة برضه ، و هو فيه حد في البلد يسجر يقول أيتها حاجة ؟
                ـ بحسب .
                ـ طب تأمرني بأيتها حاجة يا حضرة شيخ الغفر ؟
                ـ ياريت في كل صلاة تدعي و تخلي الناس كلتها تدعي للعمدة إن ربنا يشفيه و يقومه بالسلامة .
                ( ينفض التراب عن كتف الشيخ جمعة و يقترب من أذنه يهمس )
                ـ و ياريت برضه توريني همتك كده و ما تسيبش راجل أو ست أو حتى عيل في البلد إلا اما تعرفه إن العمدة فوضني في كل حاجة في البلد لغاية لما ربنا يقومه بالسلامة .
                ( يهرب الشيخ جمعة من وسوسته و ينطلق خارجا )
                ـ طبعا يا حضرة شيخ الغفر ، ضروري طبعا ، سلام عليكم .
                ـ و عليكم السلام ، ( يرفع صوته ملاحقا ) ما تقطعش الجوابات .
                ( ينادي شيخ الخفر على عبد الجبار )
                ـ عبد الجبار .
                ( ينتفض عبد الجبار واقفا )
                ـ أمرك يا شيخ الغفر .
                ـ أني مش منبه عليك ما حدش يدخل هنا ؟
                ـ و الله اني قافل الباب قبل ما انام يا شيخ الغفر ، بس فجأة لقيت الشيخ جمعة فوق راسي ، الظاهر البت بهانة هي اللي فتحت له واني نايم .
                ـ على العموم فتح عينك ، و حسك عينك حد يخرج أو يدخل على أبويا العمدة ، زي ما قال الدكتور ، و نبه برضه على البت بهانة ، تلاتة بالله العظيم لو جيت في مرة و لقيت حد هنا لتكون سنتك سودة ،
                و إلا على إيه ؟ أني ها ابعت واحد م الغفر يقف على الباب من بره ، روح خلي البت بهانة تعمل لي فنجان قهوة م البن بتاع العمدة .
                ـ أمرك يا أبا العمدة ، قصدي أمرك يا حضرة شيخ الغفر ....


                ( يتبع )

                تعليق

                • محمد سنجر
                  عضو الملتقى
                  • 27-09-2008
                  • 165

                  #38
                  [align=right]عمدة كفر البلاص ( 19 )

                  ( هناك ، قريبا من المسجد ،
                  أخذ بعض الرجال يعملون بهمة و نشاط ،
                  مددوا فوق الأرض بجوارهم بعض الأنابيب المعدنية ، أخذوا يحفرون بفؤوسهم حتى أحدثوا فجوة عميقة بالأرض ،
                  ربط العمال ثلاثة أعمدة حديدية ببعضها البعض بالحبال من أطرافها العلوية ، نصبوها بشكل أفقي ، باعدوا بين أطرافها السفلية لتأخذ شكلا هرميا فوق هذه الفجوة ،
                  ثبتوا بأعلى الأعمدة بكرة يتدلى منها طرفي حبل ، مثبت في أحدهما أسطوانة حديدية مفرغة ،
                  أخذ أحدهم يجذب الطرف الآخر من الحبل ثم يفلته بصورة متكررة حتى بدأت هذه الاسطوانة تغوص بالأرض ،
                  و كلما غاصت مسافة ما بباطن الأرض ، رفعوها ليفرغوا ما بداخلها من الرمال ،
                  ثم يعودوا لتكرار شد الحبل و إفلاته بصورة مترددة ,
                  أخذ الرجال يرددون إنشادهم بصوت رخيم )
                  ـ هيلا هيلا ، صلوا ع النبي ، هيلا هيلا ...
                  ( في هذه الأثناء مر عليهم الخفير التوابتي ، صرخ فيهم )
                  ـ بتهبب إيه يا جدع انته و هو ؟ و مين اللي أذن لك أصلا إنك تحفر جنب دار شيخ الغفر ؟ هي العملية سايبة و الا يعني .....
                  ( يخرج شيخ الخفر من داره على إثر صرخاته )
                  ـ مالك يا توابتي فيه إيه ؟
                  ـ لا مافيش يا حضرة شيخ الغفر ، ده أنا كنت باسألهم بس بيعملوا إيه جنب دارك ؟
                  ـ و انته مالك انته ؟ لازم يعني تحط مناخيرك في كل حاجة ؟
                  ـ العفو يا شيخ الغفر العفو ، بس أنا كنت فاكر إن آني ها ....
                  ـ أنت ها تقعد تحكي لي قصة حياتك ، اجري بسرعة لعمك حسنين هات للرجالة صندوق كاكولة .
                  ـ فوريرة .
                  ـ الهمة يا رجالة ، عاوزين نخلص قبل الضهر عشان الشمس .
                  ـ أمرك يا شيخ الغفر .
                  ( يمر الشيخ جمعة )
                  ـ سلام عليكم .
                  ـ سلام سيدي و رحمة الله و بركاته ، عملت إيه يا شيخ جمعة ؟
                  ( يسلم على شيخ الغفر ، يميل مقتربا من أذنه )
                  ـ زي ما قلت لي بالظبط ، ما فيش نفر في البلد إلا و عرف إنك الكل في الكل دلوقتي ، ده غير شاعر الربابة اللي داير في البلد يحكي لهم حكاية أبو زيد الهلالي اللي قتل السلعوة ، ما عدش للناس سيرة غير شيخ الغفر و أفضاله ع الكفر و أهل الكفر ...
                  ـ تمام كده ، الله ينور عليك .
                  ـ لا مؤاخذة و لو فيها رزالة يعني ، الجماعة دول شكلهم أغراب مش م الكفر ، همه بيعملوا إيه لا مؤاخذة ؟
                  ـ و الله العظيم عارف إنك ها تسأل السؤال ده ، بس برضه ما فيش مانع تعرف و تعرف البلد كلتها ، دول رجالة جايبهم م البندر عشان يدقوا لنا طرمبة مية ، خلاص ، ما عدش شرب م الترعة بعد كده .
                  ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر ، أيوة كده ، هو ده الكلام .
                  ـ و أديني عاملها بيني و بين الجامع أهو ، عشان اللي عاوز يتوضى و اللي عاوزة تطبخ .......
                  ـ روح يا شيخ الله يعمر بيتك ، بعد إذنك لما أروح أخلي الولية تعمل للرجالة براد شاي .
                  ـ ما لوش لزوم ، الواد التوابتي راح يجيب لهم كاكولة .
                  ـ بسم الله ما شاء الله ، كده بقى البلهارسيا ها تخرج من بلدنا بلا رجعة .
                  ـ هي البلهارسيا بس ، دي البلهارسيا و كل الأمراض و البلا الأزرق اللي معششة في الكفر ، خلاص ، الجهل و العك اللي كنتم غرقانين فيه ده خلاص ، بح .
                  ( يأتي التوابتي يحمل صندوق المياه الغازية على كتفه )
                  ـ ساقعة يا وله ؟
                  ـ أمال إيه ؟ ده أنا أول ما قلت له عاوز كاكولة لشيخ الغفر نزل جوه الحفرة بنفسه و عبى لك الصندوق كله من تحت خالص .
                  ـ طب حطه هنا يا وله ، و افتح لكل واحد م الرجالة قزازة ، و افتح لك واحدة انته كمان و هات أسقع واحدة هنا لعمك الشيخ جمعة .
                  ـ أوامرك يا شيخ الغفر .
                  ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر ، طول عمر بيت أبو حماد بيت كرم بصحيح.
                  ـ طب تعالى ندخل جوه و خلي الرجالة تشوف شغلها .
                  ( يدخل شيخ الخفر و الشيخ جمعه إلى داخل الدار بينما يعود الرجال للعمل بجد و نشاط ، تتردد أصواتهم )
                  ـ هيلا هيلا ، صلي ع النبي ، هيلا هيلا ....
                  ( داخل الدار ، يجلس شيخ الغفر و الشيخ جمعه يتجاذبان أطراف الحديث)
                  ـ أخبار صحة العمدة إيه دلوقتي ؟
                  ـ زي ما هو ، لا بينطق لا من فوق و لا من تحت .
                  ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، هو إيه اللي جرى له ؟
                  ـ و هو انته بتستقل الكفر و بلاويه ، ده أنتم تنقطوا و تشلوا أتخن تخين ، و بعدين بيني و بينك العضمة كبرت بعيد عنك .
                  ـ طب و الدكتور رأيه إيه ؟
                  ـ ها يقول إيه ؟ كل ما أسأله يقول لي الأمل في ربنا كبير ، بس شكلها كده ما فيش فايدة ،آدينا بنعمل اللي علينا و الباقي على ربنا .
                  ـ طب ما ينفعش نسفره يتعالج ؟
                  ـ سفر إيه يا شيخ جمعة ، و همه يعني الدكاترة هناك على راسهم ريشة ؟ ما هم برضه دكاترة زي الدكتور اللي عندنا بالظبط ، و الشهادة لله الراجل مش مقصر معاه في أيتها حاجة .
                  ـ على رأيك ، يلا ، ربنا يتولاه برحمته .
                  ( يدخل التوابتي يصرخ )
                  ـ إلحق يا شيخ الغفر ...
                  ـ فيه إيه يا وله ؟
                  ـ الطرمبة اللي الرجالة دقوها ...
                  ـ مالها يا وله ؟ حصل إيه ؟ اتكلم ؟
                  ـ تعالى شوف بنفسك .
                  ( ينتفض شيخ الخفر واقفا ، ينطلق إلى خارج الدار )
                  ـ فيه إيه يا رجالة ؟
                  ( و إذا بشعلة نار عالية تخرج من الأنابيب المغروسة بالأرض )
                  ـ إيه ده ؟
                  ـ إلحق يا شيخ الغفر ، الكفر عايمة على بير بترول ...
                  ـ بترول ؟
                  ـ أيوة ، تلاتة بالله العظيم أهوه ، شوف بنفسك ...
                  ـ إيه النار دي يا وله ؟
                  ـ ده الغاز اللي بيبقى متخزن فوق بير البترول ، و لو غوطنا شوية ها نوصل للبير ذات نفسه .
                  ( يتقافز الجميع فرحا في الهواء ، يحتضنون بعضهم ،
                  تتعالى الصرخات هنا و هناك ،
                  يصرخ شيخ الخفر فيهم )
                  ـ بس يا وله انته و هوه ، حسك عينك حد يعرف بالموضوع ده لغاية لما نتأكد ، واد يا توابتي .
                  ـ أمرك يا كبير البلد ؟
                  ـ طفوا النار دي و اقفلوا الماسورة دي بسرعة ، و حط لي عليها اتنين غفر ما يرمشوش .
                  ـ أمرك يا كبير البلد .

                  ( يتبع )






                  [/align]

                  تعليق

                  • محمد سنجر
                    عضو الملتقى
                    • 27-09-2008
                    • 165

                    #39


                    عمدة كفر البلاص ( 20 )
                    ( نشاط غير عادي يدب في القرية ،
                    رجال أشداء من ذوي البشرة البيضاء يرتدون ملابس زرقاء و على رؤوسهم خوذات صفراء ، يعملون بجد و نشاط ،
                    تحول الكفر إلى معسكر حربي ،
                    معدات و سيارات و آلات حفر عملاقة تنتشر هنا و هناك ،
                    تجمهر الأهالي عن بكرة أبيهم حول السياج الذي ضربه الرجال حول المكان )
                    ـ يا حلاوة يا ولاد .
                    ـ علي الطلاق بالتلاتة ما هم أجانب ، تلاقيهم صابغين شعرهم أصفر .
                    ـ يا سلام ، و صابغين جلدهم أبيض كمان ؟
                    ـ طب حد فيكم سمعهم و همه بيتكلموا انجليزي ؟
                    ـ و الله العظيم أجانب ، أقطع دراعي من هناهو إن ماكانوش أجانب ..
                    ـ ياراجل حرام عليك ده أنا سامع بوداني اللي ها ياكلها الدود الراجل اللي واقف هناك جنب الونش دهو و هو بيقول ( نو ) و (يس) كمان ...
                    ـ ما يمكن تكون قطة مستخبية تحت الونش بتنونو و هو بيقولها ( بس )..
                    ـ طب بص بص بص ، السيجارة اللي بيشربها عاملة إزاي ....
                    ـ يا حلاوة يا ولاد ، تلاتة بالله العظيم شيخ الغفر ده مرزق ، شوف حصل إيه أول ما مسك البلد ...
                    ـ و الله و ها تتنغنغي يا بلد ...
                    ـ أمال فين شيخ الغفر يا وله .
                    ـ قاعد مع البهوات جوه عشان يتفق معاهم .
                    ـ و المصحف ما ها نشوف أيام أحلى من أيامك يا شيخ الغفر .
                    ـ شوف قلب حال البلد إزاي .
                    ـ طب و رحمة أمي ربنا بيحبنا عشان بعت لنا الراجل دهو ، قولوا ورايا بسرعة يا ولاد الوزة ، شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
                    ( يهتف الأهالي باسم شيخ الخفر )
                    ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
                    ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
                    ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
                    ( داخل الدار ،
                    جلس شيخ الخفر على كرسيه ، جلس إلى يمينه امرأة شقراء و عن يساره يجلس رجل أشقر يرتدي بنطال (جينز) أزرق و قميص أبيض أنيق ، يقف وراءهم رجل بملابس زرقاء و على رأسه خوذة صفراء ،
                    تضع المرأة أمام شيخ الخفر بعض الأوراق )
                    ـ جرى إيه يا حاجة ؟ ها أمضي عمياني يعني ؟ لا معلش ، مش ها أمضي على أيتها حاجة إلا لما أعرف الأول إيه اللي لينا و إيه اللي علينا .
                    ( يتكلم الرجل الجالس بجواره بالإنجليزية ، عندها يقوم الرجل الواقف وراءهم بترجمة كلامه )
                    ـ سنأخذ حك استخراج البترول و تكريره و تصديره مكابل خمسة دولارات للبرميل الواحد ، و سنضع هذه الأموال في حسابكم الذي سنفتحه لكم ببنوك سويسرا ، علاوة على ذلك سنقوم بإعلان استقلال بلدكم ، لتصبح دولة ذات سيادة و تعيينكم زعيما لهذه الدولة ....
                    ـ نعم نعم ؟ طب و العمدة الله يطول لنا في عمره ؟
                    ـ لا عليك سيدي الزعيم ، سنأخذه في طائرة خاصة و نعالجه في مستشفياتنا و سيلقى العناية اللازمة .
                    ـ أيوة بس هو العمدة برضك ، و المفروض يفضل عمدة .
                    ـ و من قال أننا سنقيله من العمودية ، سيظل كما هو بنفس مسماه ، عمدة كفر البلاص ، و لكن دولة كفر البلاص شيء آخر و كيان آخر ، فلن يعترف المجتمع الدولي بكفر البلاص ، و لكن أمام العالم ستكون دولة كفر البلاص ، دولة مستقلة ذات سيادة ، مجرد مسميات لا أكثر يا أخي الزعيم ، و لك طبعا مطلق الحرية في اختيار من يساعدوك في هذه المهمة ، كما أننا سنقوم كذلك بتوفير الحماية لبلدكم .
                    ـ حماية ؟ ليه إن شاء الله ؟
                    ـ سيدي الزعيم ، أنت تعلم جيدا أن بلدكم لصغر حجمها من الممكن أن تكون مطمعا لأية قوة غريبة تقوم باحتلالها و نهب ثرواتها ، لذلك لن تستطيعوا حماية أنفسكم بهذه البنادق الخشبية ، و لكن سنمدكم بكل الآلات العسكرية اللازمة من دبابات و صواريخ و طائرات و جنود ...
                    ـ طيب ، بس أني برضه عاوز أهالي الكفر ينوبهم م الحب جانب ، الأرض اللي انتم ها تحفروا و تدوروا فيها دي برضه أرضهم و وارثينها أبا عن جد .
                    ـ أكيد ، فسنكوم بتوفير بيت و سيارة و راتب شهري كبير لكل فرد مكابل حرية التنقيب في أي مكان تختاره الشركة .
                    ـ عظيم ، طيب و الأكل و الشرب و الذي منه ؟
                    ـ سنقوم ببناء مجمعات استهلاكية لكل أصناف الأطعمة و المشروبات ، يشترون منها ما يلزمهم ، علاوة على توزيع حصة تموينية لكل منهم مجانا .
                    ـ كده بقى ممكن أمضي و أبصم لكم بالعشرة كمان .
                    ( يوقع شيخ الخفر على الأوراق التي أمامه ، يصيح الرجل الأشقر )
                    ـ ما تسمعينا زغروتة يا جاكلين .
                    ( تتعالى الضحكات بينما تضع المرأة الشقراء يدها على فمها تزغرد ،
                    تنطلق على إثرها الزغاريد و التصفيق و التهليل خارج الدار ،
                    و تعزف الموسيقى و يتراقص العمال فرحا ،
                    أخذ الأهالي يهتفون و يرددون )
                    ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
                    ـ شيخ الغفر يا كبير ، نغنغنا و طلع م البير .


                    ( يتبع )

                    تعليق

                    • د/ أحمد الليثي
                      مستشار أدبي
                      • 23-05-2007
                      • 3878

                      #40
                      الآن أخي محمد أنت تأخذنا في اتجاهات عدة وأخشى أن أتوه؛ فهناك شنكل وجماعته ولا ندري ماذا يفعلون في كفر البلاص، ولا كيف اختفى العمدة فجأة، وماذا سيحدث في موضوع التنصت على المكالمات الهاتفية، والآن اكتشف البترول في الكفر، وشيخ الغفر يتفق مع بني الأصفر، وقبلها يروِّج لنفسه باستخدام مايكروفون الدعاية بصوت الدين ... إلخ. وأخشى أن يتسع الرقع، ونفقد طرف الخيط بين خيوط أخرى كثيرة.
                      أو لعل هذا كله مقصود وهناك ما سيربط جميع هذه الخيوط معًا.
                      أيًّا كان ما سيحدث فيما بعد فلا شك أنك نجحت في جذب اهتمام القارئ (وإن كان موضوع البترول تطور سريع جدًا يفوق رتم الحركة الوئيدة لما كان يحدث في الكفر).
                      وإنا معك متابعون.
                      دام الإبداع.
                      د. أحمد الليثي
                      رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                      ATI
                      www.atinternational.org

                      تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
                      *****
                      فعِش للخيرِ ، إنَّ الخيرَ أبقى ... و ذكرُ اللهِ أَدْعَى بانشغالِـي.

                      تعليق

                      • محمد سنجر
                        عضو الملتقى
                        • 27-09-2008
                        • 165

                        #41
                        أستاذنا الفاضل
                        د/ أحمد الليثي
                        تحية طيبة
                        أسمح لي بالرد على كل جزء على حدة

                        المشاركة الأصلية بواسطة د/ أحمد الليثي مشاهدة المشاركة
                        الآن أخي محمد أنت تأخذنا في اتجاهات عدة وأخشى أن أتوه؛

                        فهناك شنكل وجماعته ولا ندري ماذا يفعلون في كفر البلاص،
                        شنكل و جماعته ماهم إلا جزء من مخطط
                        الغرض منه طبعا فرض السيطرة على الكفر
                        أولا بزيادة نسبة المناصرين لشيخ الغفر مقابل أي جهة أخرى
                        و هو تغيير لطبيعة التوزيع السكاني للكفر
                        و طبعا تم انتقاء هؤلاء الدخلاء بعناية فكلهم من أصحاب قدرات خاصة



                        ولا كيف اختفى العمدة فجأة،

                        نعم العمدة اختفى فجأة
                        فمن يترك لشيخ الغفر الحبل على الغارب
                        لابد أن يؤخذ غدرا في لمح البصر


                        وماذا سيحدث في موضوع التنصت على المكالمات الهاتفية،

                        التنصت ما هو إلا طريقة للسيطرة على أهالي الكفر
                        بمعرفة أسرارهم و نقاط الضعف و القوة لدى كل منهم
                        و بالتالي التحكم فيهم ببساطة


                        والآن اكتشف البترول في الكفر، وشيخ الغفر يتفق مع بني الأصفر،
                        لابد من ظهور بني الأصفر
                        بمجرد خروج رائحة البترول
                        فالموضوع هنا واحد

                        وقبلها يروِّج لنفسه باستخدام مايكروفون الدعاية بصوت الدين ... إلخ.

                        هذا أيضا يصب في استغلال كل أنواع الدعاية للسيطرة على القرية

                        وأخشى أن يتسع الرقع، ونفقد طرف الخيط بين خيوط أخرى كثيرة.
                        أو لعل هذا كله مقصود وهناك ما سيربط جميع هذه الخيوط معًا.
                        أيًّا كان ما سيحدث فيما بعد فلا شك أنك نجحت في جذب اهتمام القارئ (وإن كان موضوع البترول تطور سريع جدًا يفوق رتم الحركة الوئيدة لما كان يحدث في الكفر).
                        وإنا معك متابعون.
                        دام الإبداع.

                        شكرا جزيلا لك
                        أستاذنا الفاضل
                        د/ أحمد الليثي
                        و لو أنكم تأخرتم علينا هذه المرة
                        فقط نرجو أن يكون المانع خيرا بإذن الله

                        دمتم بحفظ الله و أمنه

                        تعليق

                        • محمد سنجر
                          عضو الملتقى
                          • 27-09-2008
                          • 165

                          #42
                          عمدة كفر البلاص ( 21 )
                          ( تبدلت بيوت كفر البلاص الطينية قصورا ،
                          كل قصر يقف أمام بابه أكثر من سيارة فارهة ،
                          تبارى أهالي القرية في فخامة القصور و السيارات ،
                          كل منهم يحاول التميز عن الآخرين ،
                          في مكان فسيح على أطراف القرية ، يبدو عليه أنه أعد خصيصا للمباريات ،
                          أقيم حول المكان بعض المصاطب في صورة مدرجات حجرية للمشاهدة ،
                          بدء بعض الأهالي يتوافدون ،
                          كل منهم يجلس داخل هودج مفروش بفراش حريري محشو بريش النعام ، مطرز بخيوط ذهبية بأبهى الزخارف الملونة ، يتكئون على الوسائد اللينة ،
                          كل هودج يحمله أربعة رجال أشداء من ذوي البشرة السمراء ، عرايا الصدر و البطن ،
                          ما إن وصلوا إلى المكان حتى وضع الحمالون كل هودج فوق إحدى المصاطب الحجرية ،
                          يرفع أحد الحمالين طرفي الستائر الحريرية الشفافة المثبتة في جوانب الهودج ، يخرج الآخر مروحة من ريش النعام يحركها لأعلى و أسفل لتحريك الهواء ،
                          أشار الرجل الجالس داخل هودجه لأحد الحمالين ليقترب منه ،
                          حدثه بصوت واهن )
                          ـ خدني جنب سيدك توفيق .
                          ( رفع الحمالون الهودج ، لاصقوه بجوار آخر ،
                          عندها رحب به توفيق الذي يجلس داخل هودجه )
                          ـ يا أهلا و سهلا ، عامل إيه ؟
                          ـ زي ما أنته شايف .
                          ـ انته جبت منين العبيد البيض دول ؟
                          ـ و غلاوتك لسه جايبهم من أوروبا امبارح ، طلبتهم من شركة ع النت امبارح الصبح ، لقيتهم واصلين بالليل .
                          ـ طب ما تبقى تجيب لي زيهم .
                          ـ من عيني حاضر ، بس لو أنا منك تاخد الصيني أحسن .
                          ـ إشمعنى ؟؟؟
                          ـ الصيني ها يبقى شكله جديد ، عينين ضيقة و كلهم ها يبقوا شبه بعض ، و بعدين كلهم مقاس واحد ، غير كده بيلعبوا كراتيه و يعملوا أكروبات ، و أندومي كمان ، يعني فول أوبشن .
                          ـ خلاص شوف لي الصيني .
                          ( ينادي توفيق )
                          ـ هات اللاب توب يا وله .
                          ( يحضر أحد الحمالين له جهاز الكمبيوتر المحمول ، يقوم توفيق بالعبث بالمفاتيح )
                          ـ خلاص يا ريس ، الليلة يكونوا عندك وحياتك .
                          ـ خلاص كده ؟
                          ـ طبعا ، شوفت العربية الجديدة بتاعتي ؟
                          ـ لا .
                          ـ فيه شركة أجنبية بعت لها تعمل لي عربية مخصوص ، هاند ميد يعني ..
                          ـ يعني إيه ؟ مش فاهم .
                          ـ صانعينها لي مخصوص على إيديهم ، بتشتغل بالطاقة الشمسية ، و فيها أوضة نوم و أوضة سفرة و حمامين و مطبخ ، حاجة كده على ما قسم .
                          ـ الله عليك ، و النبي تقول لهم يعملوا لي واحدة أني كمان .
                          ـ حاضر ، بس هو أني كل ما أعمل حاجة تقولي اعملي زيها ؟
                          ـ من جاور السعيد يسعد ، و بعدين انته مش صاحبي ؟ يبقى لازم تساعدني برضك ، أمال ها أطلب م الغرب يعني .
                          ـ ماشي يا سيدي ، و لا يهمك .
                          ـ هو الماتش ها يبدأ أمتى ؟
                          ـ أهم وصلوا أهم .
                          ( أتي بعض الرجال من ذوي البشرة السمراء ،
                          كل منهم يحمل سلحفاة كبيرة كتب على ظهر كل منها رقما ملونا ،
                          عندها بدأ المذيع الداخلي للساحة بالتعليق على المباراة )
                          ـ سيداتي سادتي ، ستبدأ بعد قليل المباراة النهائية بين السلاحف التي وصلت لهذه المرحلة ، و أحب أن أذكركم أن أكثر من ثلاث مائة سلحفاة قد اشتركت في هذه المسابقة ، لم ينجح غير أربع سلاحف في الوصول لهذه المرحلة النهائية ،
                          سلحفة أبو اسماعين في الحارة رقم واحد ...
                          ( يصفق الحمالون )
                          ـ و سلحفة توفيق أبو شقفة في الحارة رقم اتنين ...
                          ـ سقف جامد يا وله دي بتاعتي ..
                          ( يصفق الحمالون بقوة )
                          ـ و سلحفة إبراهيم أبو عطية في الحارة رقم تلاتة ..
                          ( تصفيق )
                          ـ و أما سلحفة التهامي أبو خميس في الحارة رقم أربعة ،
                          ( وضع الرجال السلاحف على خط البداية المرسوم فوق الأرض ،
                          انبطح كل منهم خلف سلحفاته يحفزها ،
                          أشار أحدهم برايته الشطرنجية فبدأ السباق ،
                          بدأت السلاحف تتحرك داخل الحارات التي أعدت لكل منهم ،
                          بدأ كل من الرجال المنبطحين خلف السلاحف يزحف صارخا لتحفيزها ،
                          في هذه الأثناء تتوافد بعض الجواري ، يحملن على رؤوسهن ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ،
                          تذهب كل منهن لتضع الطعام و الشراب الذي تحمله أمام سيدها داخل هودجه ،
                          أخذ الجميع يشاهدون المباراة بينما يتناولون طعامهم و شرابهم ،
                          بعد قليل أتت بعض الجواري ، تحمل كل منهن أرجيلة كبيرة تفوح منها رائحة الحشيش ، تضعها أمام سيدها ،
                          ما هي إلا ساعات قليلة حتى كادت السلاحف أن تصل لخط النهاية ،
                          عندها زاد التصفيق و التهليل ، عندها تعالى صوت المذيع محفزا )
                          ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تحاول التقدم إلى خط النهاية ، و نرى أيضا سلحفة السيد التهامي أبو خميس تحاول و تحاول ،
                          الله عليكم ، إيه الحلاوة دي ؟ ما هي إلا كام شبر و تصل ، إنها تبذل مجهودا غير عادي ، إنها من النوع النادر ، فعلا ، الغالي تمنه فيه ، الله عليها ، هيا هيا ، فاضل ع الحلو دقة ، لا تقول لي استراليا و لا اليابان ، سلحفة توفيق أبو شقفة هي اللي ها تفوز بالمهرجان ، الله ، الله ، الله ، يلا ، يلا ، يلا ، هيـــــــــه ، الله أكبر ، لقد وصلت فعلا لخط النهاية ...
                          ( تهليل و تصفيق ، يتقافز الحمالون فرحا ، يقبلون بعضهم البعض )
                          ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تفوز بالمركز الأول ، مبروك ، ألف مبروك ، سلحفة السيد التهامي أبو خميس في المركز التاني ، و سلحفة أبو اسماعين في المركز التالت ، مبروووووك للفائزين ، ألف مبرووووووك ..
                          ( عندها يحمل الحمالون السلحفاة ، يأخذونها إلى هودج توفيق ، يقبلها ، يأخذها أحد الحمالين و يرحل ،
                          رجل يحمل كاميرا تلفزيونية ، بصحبته فتاة شقراء ، يتوجهون إلى هودج توفيق ، تسأله الفتاة بينما يقوم الرجل بالتصوير )
                          ـ مبروك يا سيد توفيك ، ألف مبروك ..
                          ـ الله يبارك فيك ، شكرا .
                          ـ هل لنا أن نعرف سر هذا التفوك للسلحفاة التي تخصكم ؟
                          ـ فيه ناس كتير بتسألني السؤال ده ، و طبعا أحب أجاوب عليه من خلال شاشة تليفزيون كفر البلاص ، يا جماعة الفوز ده مش جاي من فراغ ، ده أني صارف عليها كتير و الله ، أولا السلحفة دي من النوع النادر اللي مش موجود زيه في أي مكان في العالم ، ده أنا جايبها من أدغال استراليا ، دي بتاكل خص ورور أمريكي ، بيجي مخصوص كل يوم بطيارة خاصة ، غير كده جايب لها مدربين متخصصين في النوع ده بالذات من هولندا ، ده بقى غير الدكاترة اللي جايبهم لها من انجلترا ، السلحفة بالذات كل ما تراعيها و تدلعها كل ما تديك .
                          ـ شكرا على هذا الحديث الحصري لتلفزيون كفر البلاص و في النهاية تحب تسمع أغنية إيه ؟
                          ـ بأحب أسمع فنان كفر البلاص المحبوب ، الكوارشي ، في أغنيته المشهورة ، دلعنا أكتر دلعنا .

                          ( يتبع )

                          تعليق

                          • محمد سنجر
                            عضو الملتقى
                            • 27-09-2008
                            • 165

                            #43
                            عمدة كفر البلاص ( 22 )

                            ( مركبة عسكرية تقف أمام قصر شيخ الخفر ،
                            ينزل قائد المركبة من ذوي البشرة البيضاء مرتديا زيه العسكري الأنيق ،
                            يسرع إلى باب المركبة الخلفي ، يفتحه و ينحني ،
                            ينزل من المركبة الخفير ( التوابتي ) في زيه العسكري الأنيق و قد وضع نظارته الشمسية على عينيه ،
                            يرفع الجندي يده مؤيدا التحية العسكرية و ضاربا الأرض بقدمه صارخا )
                            ـ عاش الطاهر .
                            ( يرد له التوابتي التحية بإشارة ( هتلرية ) بيده )
                            ـ عاش ، عاش ، عاش .
                            ( يتجه إلى باب القصر ، عندها يقوم الجنود الواقفون أمام الباب بإلقاء التحية )
                            ـ عاش الطاهر .
                            ـ عاش ، عاش ، عاش .
                            ( تعزف الموسيقى العسكرية ،
                            يصحب التوابتي جنديان إلى داخل القصر ،
                            يدبون الأرض بأقدامهم على إيقاع الموسيقى ،
                            يتجهون إلى باب داخلي يقف عليه بعض الجنود ، يؤدون التحية و يصحبون التوابتي إلى باب داخلي آخر ، و أخيرا ينفتح باب قاعة الاجتماعات ، يدخل التوابتي بينما يقف الجنود خارج الباب ،
                            قاعة كبيرة مؤثثة بأفخم الأثاث الأجنبي ، في واجهة القاعة مثبت خريطة كبيرة لكفر البلاص بحجم الحائط ، يجلس شيخ الغفر أمامها على مكتب كبير فخم ، يؤدي التوابتي التحية العسكرية رافعا يده يصرخ )
                            ـ عاش الطاهر ، عاش ، عاش ، عاش .
                            ( عندها يضحك شيخ الغفر )
                            ـ أنت ها تعمل الشويتين دول عليا أنا كمان يا توابتي ؟
                            ـ عفوا جناب شيخ الغفر .
                            ـ طب اقعد لنا في حته ناشفة الله يخليك .
                            ـ أمرك يا افندم .
                            ( يجلس التوابتي على أحد الكراسي بعيدا ،عندها يصرخ فيه شيخ الغفر )
                            ـ تعالى اقعد جنبي يا وله ، إحنا ها نتكلم من بعيد لبعيد كده ؟
                            ـ ما يصحش يا جناب شيخ الغفر .
                            ـ لأ يصح ، تعالى بس قرب ، أني اللي بأقولك ، تعالى تعالى .
                            ( يقترب التوابتي و يجلس )
                            ـ هيه ، إيه آخر الأخبار يا وله ؟
                            ـ الكفر كله بيبوس إيدك يا زعيم ، دول ما لهمش سيرة غير سيرة سعادتك، كلهم بيدعوا لك .
                            ـ على العموم أنا شايف الكفر كله من الشاشات اللي قدامي أهو ، شايف ؟ مركبين لي كاميرا في كل حارة من حواري الكفر و بالألوان كمان ، و بتابع الكفر كله من هنا من مكتبي ، إيه رأيك يا وله ؟
                            ـ اللهم صلي على النبي ، لا تقول لي أوروبا و لا اليابان ، ربنا يزيدك من نعيمه ، بس فيه حاجة كده كنت عاوز أكلمك فيها .
                            ـ خير ؟
                            ـ عمدة زعيبل و عمدة كفر أبو حطب كانوا عاوزين يتشرفوا بمقابلة فخامتك .
                            ـ أيوه ما أنا شايفهم واقفين على الأسلاك من بدري ، خير ؟ هي المعونة مش بتوصل لهم كل أول شهر ؟
                            ـ أيوة طبعا ، بس الأهالي هناك عاملين مظاهرات و بيطالبوا إنك تضم بلدهم لدولة كفر البلاص ، و أهي تبقى كفر البلاص الكبير .
                            ـ هي المشرحة ناقصة قتلى ؟ و دول أضمهم أعمل بيهم إيه إن شاء الله ؟
                            ـ أهو برضك يبقوا عزوة ، و أهي البلد تكبر و تعدادها يزيد ...
                            ـ و مين اللي يخدمنا و يخدم أهالي كفر البلاص ؟
                            ـ ما إحنا بنجيب خدم من بلاد بره .
                            ـ جيرانا أولى بينا ، مش الجار أولى برضه ؟ و بعدين إيه اللي ها ينوبنا لما البلد تكبر و لا تزيد ؟ دي الفتافيت اللي بناخدها يا دوبك مكفيانا بالعافية ، طب تصدق بإيه و لا ليك علي حلفان ؟؟؟؟
                            ـ لا إله إلا الله .
                            ـ كنت عاوز أعمل الكفر زي ( فيينا ) ما آني عارف .
                            ـ زي فيينا إزاي يعني لا مؤاخذة ؟
                            ـ يعني بيوت الكفر كلتها تبقى عايمة في المية ، يعني الكفر كلاته ها يبقى عبارة عن حمام سباحة كبير ، بص التخطيط اللي جيباهولي جاكلين ،
                            ( يشير إلى مجسم صغير موضوع أمامهم على الطاولة )
                            شوف بقى حمام سباحة كبير زي ده ، ها ياخد ميه معدنية قد إيه ، ده غير السمك الملون اللي ها يتحط فيه ، و غير الفلاتر و الأنوار و التجهيزات...
                            ـ يا حلاوة يا ولاد ، و ها يعبوه كله مية معدنية ؟
                            ـ أمال ها نملاه من مية الترعة اللي كلها بلهارسيا ؟ ده كفاية بس إن ما حدش في الكفر ها يمشي على رجليه ، يعني عشان تجيني تركب اليخت بتاعك كده زي الباشا م القصر بتاعك لغاية القصر بتاعي ، يعني لا هيبقى فيه لا عفرة و لا تراب و لا قرف ....
                            ـ طب المزارع و الأراضي ؟
                            ـ مزارع إيه و أراضي إيه يا دغف ؟ و هو حد فاضي يزرع و يقلع ؟ اللي احنا عاوزينه بنجيبه بفلوسنا ، حتى لو لبن العصفور ، و بعدين بأقول لك كفر البلاص ها تبقى حتة من الجنة ، بس شوف انته بقى ، موضوع زي ده عشان ننفذه محتاج فلوس قد إيه ، تقوم تقول لي كفر أبو حطب و ابو زعيبل ؟ مش لما نبقى نشوف نفسنا الأول ؟ و بعدين همه عاوزين إيه أكتر م اللي بيروح لهم كل أول شهر ؟ هي نهيبة و إلا نهيبة ؟
                            ـ على رأيك ، بس أني حبيت أقول لك على اللي بيحصل حوالينا ....
                            ـ سيبك منهم ، المهم دلوقتي ، أهل بلدنا بيقولوا إيه ؟أصل بعيد عنك البهايم اللي ركبوا لي الكاميرات خلوها صورة بس من غير صوت ، و بقى لي شهر ما خرجتش م القصر .
                            ـ إيوه صحيح ، افتكرت ، الغفر كانوا بيسألوا عليك ، هو انته كنت تعبان و إلا حاجة لا سمح الله ؟
                            ـ و لا تعبان و لا حاجة ، بس البت جاكلين جابت لي لعبة جديدة هدية ، بس إيه يا وله ، حاجة و لا في الأحلام ...
                            ـ لعبة إيه دي ؟
                            ـ نضارة كده تلبسها على عينيك ، بس إيه ، تلاقي نفسك في دنيا غير الدنيا ، تحس إنك في عالم تاني خالص ، بالصوت و الصورة ، يعني ممكن تروح بالنضارة دي المريخ أو تنزل على سطح القمر ، و تلاقي نفسك و كأنك جوه صاروخ بالظبط ، لأ و تطير بيه كمان و تنزل على سطح المريخ ، و هناك بقى تلاقي سكان المريخ ، بس أول ما بيشوفوك بيطلعوا يجروا وراك ، و انته طبعا بتهرب منهم ، و طبعا بيبقى معاك أسلحة و تقعد تحاربهم و تموتهم ، بأقول لك حاجة و لا في الأحلام ...
                            ـ يا حلاوة يا ولاد ، طب أنا عاوز ألعبها شوية الله يخليك .
                            ـ و ده وقته ؟
                            ـ الله يخليك يا حضرة شيخ الغفر .
                            ـ إنته ها تشبط زي العيال ؟
                            ـ عشان خاطري ، هو أني ما ليش خاطر عندك ؟
                            ـ حاضر ، حاضر ، بس لما تيجي فرصة كده أبقى أخليك تلعب بيها شوية ، خلينا في المهم دلوقتي ، ما تعرفش أخبار الواد حسان أبو شوشة إيه ؟
                            ـ سيب فخامتك منه ، ده واد أهبل ، قال إيه لا راضي يسكن في القصر بتاعه و لا عاوز ياخد راتب زي بقية خلق الله ، و قاعد يزرع و يفلح في أرضه زي زمان ، ده مش وش تطور ، ده وش تدهور ، الدنيا كلها بتتقدم لقدام و ده بيرجع لورا .
                            ـ على العموم سيبوه براحته ، ما حدش يضايقه أنا بأقولك أهوه .
                            ـ هو حر ، و الله اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر عليه ، و إحنا مالنا ؟
                            ـ ما فيش أخبار عن أبوك العمدة يا وله ؟
                            ـ من ساعة ما بنوا المستشفى الجديد و خدوه هناك و هو في الإنعاش .
                            ـ ربنا يقومه بالسلامة .
                            ـ يقوم مين بالسلامة ؟ بأقول لجنابك في الإنعاش ، عارف جنابك سموها إنعاش ليه ؟
                            ـ ليه يا فالح ؟
                            ـ عشان اللي بيدخلها ـ إن عاش ـ إبقى تعالى تف في وشي .
                            ـ الملافظ سعد يا وله .
                            ـ و هوه أني قلت حاجة غلط ؟ ما هي اللي اسمها كده ، و بعدين ده عايش بالخراطيم ، و لا داري عن الدنيا أيتها حاجة .
                            ـ ربنا يكون في عونه ، على العموم إبقى وصيهم ياخدوا بالهم منه يا وله ، ده مهما كان برضه عمدتنا .
                            ـ كفر البلاص بقت دولة العالم كله بيتكلم عنها دلوقتي ، مش حتة كفر ماحدش يدرى عنها ، على العموم ها أبقى أنبه عليهم حاضر ، تأمرني بحاجة تانية فخامتك ؟
                            ـ ما تقعد ، رايح فين ؟
                            ـ عاوز استأذن عشان مراتي متفقة مع شركة من استراليا ها تعمل لها حمام سباحة ألفرانكا سخن و بارد في الحوش بتاع القصر ، و زمانهم جايين دلوقتي ، تحب أخلي الشركة تعمل لك واحد ؟
                            ـ و ها أحتاج حمام سباحة ليه بقى و البلد كلتها ها تبقى حمام سباحة ؟
                            ( يهمس التوابتي )
                            ـ موت يا حمار .
                            ـ بتبرطم بتقول حاجة يا وله ؟
                            ـ بأقول سلام عليكم .
                            ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، ما تقعد تتغدى معايا .
                            ـ الله يخليك ، دايما عامر ، ده اني لسه ضارب لي خمسة كنتاكي و عشرة كاكولا من شوية ، سلام عليكم .
                            ـ و عليكم السلام ، ألف سلامة .
                            ( يتبع )


                            تعليق

                            • د/ أحمد الليثي
                              مستشار أدبي
                              • 23-05-2007
                              • 3878

                              #44
                              مع كل حلقة لمحمد سنجر يجد القارئ متعة جديدة، وحِرَفِيَة غاية في السهولة، ولا يتعب القارئ في تلمس أطراف القصِّ، أو تتبع الشخصيات الجديدة. وتبرز الأحداث وكأنها كانت موجودة طيلة الوقت، ولا يحتاج القارئ إلا ألى أن يفتح عينيه أكثر.

                              أخي الفاضل الأستاذ محمد سنجر
                              الجلسة في هذا المتصفح غاية في المتعة.
                              دمت في طاعة الله.
                              د. أحمد الليثي
                              رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                              ATI
                              www.atinternational.org

                              تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
                              *****
                              فعِش للخيرِ ، إنَّ الخيرَ أبقى ... و ذكرُ اللهِ أَدْعَى بانشغالِـي.

                              تعليق

                              • محمد سنجر
                                عضو الملتقى
                                • 27-09-2008
                                • 165

                                #45
                                المشاركة الأصلية بواسطة د/ أحمد الليثي مشاهدة المشاركة
                                مع كل حلقة لمحمد سنجر يجد القارئ متعة جديدة، وحِرَفِيَة غاية في السهولة، ولا يتعب القارئ في تلمس أطراف القصِّ، أو تتبع الشخصيات الجديدة. وتبرز الأحداث وكأنها كانت موجودة طيلة الوقت، ولا يحتاج القارئ إلا ألى أن يفتح عينيه أكثر.

                                أخي الفاضل الأستاذ محمد سنجر
                                الجلسة في هذا المتصفح غاية في المتعة.
                                دمت في طاعة الله.
                                أستاذنا الفاضل
                                دكتور / أحمد الليثي
                                شكرا جزيلا لكم على طيب ردكم
                                الذي أسعدني كثيرا

                                فهي شهادة تقدير أعتز و أفتخر بها
                                و أثبتها بين حنايا القلب

                                يسعدني أن ألتقي بكم عند حضوري إلى مصر بإذن الله تعالى

                                أرجو أن تتقبل تقديري و احترامي

                                دمتم بحفظ الله

                                تعليق

                                يعمل...
                                X