أنفلونزا الخنازير تقتل أديبة مصرية مشهورة.
[align=justify]في السابع عشر(17) من أكتوبر تُوُفِّيت أديبة مصرية مشهورة بوباء أنفلونزا الخنازير اللعين و هي في الثانية و الثلاثين من العمر و في أوج عطائها الأدبي.
كانت أديبتُنا، رحمها الله، ملء مصر بمقالاتها و أشعارها و مواقفها الجريئة في محاربة السفور و الجهر بالتغريب الذي غزا البلد فقامت مع ثلة طيبة من الأدباء الرجال تقاومه و تنتقده بكل جرأة و صراحة، و هي ابنة أحد عظماء مصر الأفذاذ و زوجة رجل ثري و سري من سُراة قبيلة الرماح بالفيوم، شمالي الصعيد.
لأديبتنا مشوار علمي و ثقافي زاخر بالعطاء، رغم قصر عمرها في هذه الحياة لكنها تركت ثروة من الكتابات نثرا و شعرا، أطالت عمرها القصير و كتبتها في الخالدين إلي يوم الدين، إن شاء الله رب العالمين، فبعد مرحلة التلقي في المدرسة الابتدائية و حصولها على الشهادة الابتدائية و التحاقها بقسم المعلمات في مدرسة المعلمين، مارست التعليم لسنين ثم تزوجت و انقطعت لزوجها و بيتها لكنها لم تنقطع عن الكتابة و التأليف و المساهمة في الحركة الثقافية بشجاعة و جرأة و تحدٍ بين للتيارات الاستغرابية التغريبة الشرسة.
يقول عنها أحد النقاد البُصراء المتابعين الصرحاء:" أظهر ما تدل عليه كتابة الباحثة من أخلاقها عذوبة الروح و سراوة الخلق و ذكاء الطبع و صحة الدين و الرغبة في الإصلاح، تعدها والدها الكريم منذ طفولتها بأدبه، و نفث فيها من روحه، فأخذت تعالج القريض و هي في الحادية عشرة من عمرها، ثم توافرت على صناعة الإنشاء فبلغت منها مكانة تحسدها عليها الرجال..."
و يسرُّني أن أنقل مقطوعة من قصيدتها عن حال المرأة في مصر تقول في مطلعها:
"أعْمَلْتُ أقلامي و حينا منطقي=في النصح و المأمول لم يتحقق
أيسوؤكم أن تسمعوا لبناتكم=صوتا يهز صداه عطف المشرق؟
أيسركم أن تستمر بناتكم=رهن الأساور و رهن جهل مطبق؟
هل تطلبون من الفتاة سفورها؟=حسن، و لكن أين بينكم التقي؟
لا تتقي الفتياتُ كشف وجوهها=لكن فساد الطبع منكم تتقي
تخشى الفتاة حبائلا منصوبة=غشيتموها في الكلام برونق
لا تظفروا بل أصلحوا فتياتكم=و بناتكم و تسابقوا للأليق
و دعوا النساء و شأنهن فإنما=يدري الخلاص من الشقاوة من شقي
ليس السفور مع العفاف بضائر=و بدونه فَرْط التّحجّب لا بقي"
رحمك الله يا أديبتنا الطيبة تقولين هذا عن السفور فقط فكيف لو رأيت العري و ما سقطت فيه النساء من الفجور ؟
نعم، إخوتي الأعزاء، كانت هذه نبذة سريعة و مقتضبة عن الأديبة المصرية ملك حنفي ناصف، رحمهما الله تعالى و أسكنهما فسيح جنانه، باحثة البادية، التي توفيت في 17 أكتوبر 1918، أي منذ 91 سنة و بضعة أشهر، بأنفلونزا الخنازير (و التي كانت تدعى وقتها بـ "الأنفلونزا الإسبانية" إبان الحرب العالمية الأولى) و قد خصص لها الأستاذ أحمد حسن الزيات، رحمه الله تعالى، حيزا في كتابه "تاريخ الأدب العربي" و عنه نقلت القول المنسوب إلى "أحد النقاد البُصراء المتابعين الصرحاء" فهو نفسه.
[/align]
تعليق