انكفأت على نفسي داخل غرفتي.غاصت عيناي في كلّ ركن من أركانها تقرآن قصّة أمسي.تشابكت السّطور مع غمرة الدّموع التّي فاضت على وجنتيّ فتعطّلت قدرتي على متابعة حروف ماضيّ.
حاولت تهدئة روحي المكدودة لكنّني كنت أخدعها.أبواب الحزن لا يمكن أن توارب بعد اليوم.
أحسست بثقل جسدي الذّي أعلن عصيانه لي فلم يطاوعني في التّسلّل إلى الخارج.أصرّت الغرفة أيضا على رهني داخلها.منذ انفتحت على الحياة وجدت نفسي بين أحضانها،تحاورت مع جدرانها،ألفت كلّ أركانها،توحّدت روحي مع بنيانها.
غرقت في بحر هواجس أخرجني منها صوت أمّي.تحاملت على نفسي فكفكفت دموعي ونهضت.ما كان لي أن أضاعف حزنها حتّى وإن كنت أرى الغرفة تحتضر وتحتضر معها قصّة عشقي لها.
شرعت في جمع أغراضي داخل حقائب احتوت أيضا حبل الوريد الذي انقطع بيني وبين مرتع صبايا.حملت بعضها إلى الخارج فوجدت أثاث
بيتنا قد تكدّس و كأنّه يعلن احتجاجه على ما حلّ به ويئنّ تحت وطأة تعذيبه بنقله من هنا إلى هناك.
بدا هذا المشهد في أعماقي كتلة من المشاعر المتضاربة التي يجمع بينها خيط رفيع هو كينونتنا داخل بيتنا لذا عذّبتني رؤية والديّ اللّذين يحاولان تجنيبنا مرارة خيبتنا.أراهما منهكي النّفس وهما يعرّيان البيت من كلّ محتوياته إيذانا بالرّحيل الذي لم نحسب له يوما حسابا إلاّ ساعة صدمتنا الحقيقة المرّة التي انفجرت كالبركان "سيباع البيت" هكذا سرى الخبر بيننا وبات يقضّ مضجعنا.
كنت مشتّتة الفكر والحركة.لم أستطع المكوث في الخارج .كان الحنين يشدّني إلى الدّاخل حيث أجواء الألفة التي جمعتنا.
أحسست لوهلة أنّ الغرف تبكي لبكائنا ،يصدمها الفراق المفاجئ الذي استشعرته من صدى أصواتنا وهو يتردّد داخلها بعد أن خلت من عبق أنفاسنا.
واريت دموعي لمّا رأيت من نافذة غرفتي شاحنة النّقل التي اكتراها أبي لحمل أثاث بيتنا تبتعد تدريجيّا حتّى تغيب عن ناظريّ فتتشكّل صورة مستقبل غامض سيقوم على أنقاض الحاضر الآسن الذي قوّض استقرارنا بإفلاس أبي بعد تأثّر تجارته بأزمة ماليّة طوّقت البلاد.كثرت ديونه فلم يستطع تسديد القروض البنكيّة.
خوى مستودع الخشب الذي خلّفه له جدّي كخواء روحي الآن من الأمل فوجد نفسه بين خيارين صعبين:السّجن مقابل دفع الدّيون أو بيع ممتلكاتنا بما فيه بيتنا.
لم يكن لنا خيار غير أن ننتزع من جنّتنا الدّنيويّة التّي قضيت فيها سنين طفولتي وشبابي.
وقفت على أطلال غرفتي بعد أن جرّدت من كلّ محتوياتها.وجدتها كئيبة.
نزفت الألم والمرارة.
هنا كان فراشي الذي طالما هدهدتني فيه أمّي بصوتها الحنون وهناك مكتبتي الصّغيرة التي كانت تتربّع عرش المكان فأتباهى بها أمام أقراني لما تحتويه من كتب مثّلت غذاء فكري وروحي.حتّى نافذة غرفتي كانت لي معها قصص وحكايات،قصص قلب نبض للحبّ والجمال فتدفّقت مشاعره حالمة معطاء.
من خلال هذه النّافذة عرفت نبض الحبّ لأوّل مرّة فأورقت نفسي وأزهرت.لكنّني اليوم أفقد كلّ شيء حتّى الأحلام.
أحسّ والدي بالمرارة التي تعتصرني فطوّقني بذراعه وأخذني خارج البيت.
وددت لو أخفّف عناءه وعبء تحمّله مسؤوليّة ما أصابنا لكنّني أنزف من الدّاخل وأصرخ بصوت مكتوم حتّى أكاد أختنق.
حسدت أخويّ التّوأمين اللّذين لم يتجاوزا الرّابعة من العمرفقد كفاهما صغر سنّهما عذاب هذا الفراق القاتل.لا شكّ أنّه ستبقى في وجدانهما بعض الخيوط التي تصلهما ببيتنا لكّنها ستكون ضبابيّة.أمّا أنا فسأقف باستمرار على أطلال ماضيّ أبكي الرّحيل والفراق وعزائي أنّ أسرتنا كتلة من مشاعر الحبّ والألفة ولن نقدر بغير هذا الحبّ أن نشقّ طريقنا.
حاولت تهدئة روحي المكدودة لكنّني كنت أخدعها.أبواب الحزن لا يمكن أن توارب بعد اليوم.
أحسست بثقل جسدي الذّي أعلن عصيانه لي فلم يطاوعني في التّسلّل إلى الخارج.أصرّت الغرفة أيضا على رهني داخلها.منذ انفتحت على الحياة وجدت نفسي بين أحضانها،تحاورت مع جدرانها،ألفت كلّ أركانها،توحّدت روحي مع بنيانها.
غرقت في بحر هواجس أخرجني منها صوت أمّي.تحاملت على نفسي فكفكفت دموعي ونهضت.ما كان لي أن أضاعف حزنها حتّى وإن كنت أرى الغرفة تحتضر وتحتضر معها قصّة عشقي لها.
شرعت في جمع أغراضي داخل حقائب احتوت أيضا حبل الوريد الذي انقطع بيني وبين مرتع صبايا.حملت بعضها إلى الخارج فوجدت أثاث
بيتنا قد تكدّس و كأنّه يعلن احتجاجه على ما حلّ به ويئنّ تحت وطأة تعذيبه بنقله من هنا إلى هناك.
بدا هذا المشهد في أعماقي كتلة من المشاعر المتضاربة التي يجمع بينها خيط رفيع هو كينونتنا داخل بيتنا لذا عذّبتني رؤية والديّ اللّذين يحاولان تجنيبنا مرارة خيبتنا.أراهما منهكي النّفس وهما يعرّيان البيت من كلّ محتوياته إيذانا بالرّحيل الذي لم نحسب له يوما حسابا إلاّ ساعة صدمتنا الحقيقة المرّة التي انفجرت كالبركان "سيباع البيت" هكذا سرى الخبر بيننا وبات يقضّ مضجعنا.
كنت مشتّتة الفكر والحركة.لم أستطع المكوث في الخارج .كان الحنين يشدّني إلى الدّاخل حيث أجواء الألفة التي جمعتنا.
أحسست لوهلة أنّ الغرف تبكي لبكائنا ،يصدمها الفراق المفاجئ الذي استشعرته من صدى أصواتنا وهو يتردّد داخلها بعد أن خلت من عبق أنفاسنا.
واريت دموعي لمّا رأيت من نافذة غرفتي شاحنة النّقل التي اكتراها أبي لحمل أثاث بيتنا تبتعد تدريجيّا حتّى تغيب عن ناظريّ فتتشكّل صورة مستقبل غامض سيقوم على أنقاض الحاضر الآسن الذي قوّض استقرارنا بإفلاس أبي بعد تأثّر تجارته بأزمة ماليّة طوّقت البلاد.كثرت ديونه فلم يستطع تسديد القروض البنكيّة.
خوى مستودع الخشب الذي خلّفه له جدّي كخواء روحي الآن من الأمل فوجد نفسه بين خيارين صعبين:السّجن مقابل دفع الدّيون أو بيع ممتلكاتنا بما فيه بيتنا.
لم يكن لنا خيار غير أن ننتزع من جنّتنا الدّنيويّة التّي قضيت فيها سنين طفولتي وشبابي.
وقفت على أطلال غرفتي بعد أن جرّدت من كلّ محتوياتها.وجدتها كئيبة.
نزفت الألم والمرارة.
هنا كان فراشي الذي طالما هدهدتني فيه أمّي بصوتها الحنون وهناك مكتبتي الصّغيرة التي كانت تتربّع عرش المكان فأتباهى بها أمام أقراني لما تحتويه من كتب مثّلت غذاء فكري وروحي.حتّى نافذة غرفتي كانت لي معها قصص وحكايات،قصص قلب نبض للحبّ والجمال فتدفّقت مشاعره حالمة معطاء.
من خلال هذه النّافذة عرفت نبض الحبّ لأوّل مرّة فأورقت نفسي وأزهرت.لكنّني اليوم أفقد كلّ شيء حتّى الأحلام.
أحسّ والدي بالمرارة التي تعتصرني فطوّقني بذراعه وأخذني خارج البيت.
وددت لو أخفّف عناءه وعبء تحمّله مسؤوليّة ما أصابنا لكنّني أنزف من الدّاخل وأصرخ بصوت مكتوم حتّى أكاد أختنق.
حسدت أخويّ التّوأمين اللّذين لم يتجاوزا الرّابعة من العمرفقد كفاهما صغر سنّهما عذاب هذا الفراق القاتل.لا شكّ أنّه ستبقى في وجدانهما بعض الخيوط التي تصلهما ببيتنا لكّنها ستكون ضبابيّة.أمّا أنا فسأقف باستمرار على أطلال ماضيّ أبكي الرّحيل والفراق وعزائي أنّ أسرتنا كتلة من مشاعر الحبّ والألفة ولن نقدر بغير هذا الحبّ أن نشقّ طريقنا.
تعليق