نص ـ تلك وصية الشيطان ـ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الدكتور نجم السراجي
    عضو الملتقى
    • 30-01-2010
    • 158

    نص ـ تلك وصية الشيطان ـ

    [frame="13 85"]

    قصة قصيرة : الدكتور نجم السراجي


    ـ تلك وصية الشيطان ـ



    متوازيان ، يفصل بينهما ساتر من الفتور


    مبدأ التوازي من المسلمات في هذه الحياة في التجارة والفكر والتسلح والجنس و...


    التوازي لغة يفهمها الأضداد ،


    في زمن الرق تخطط الجارية بذكاء لمبدأ التوازي ،


    " الرغبة والتمنع " خطان متوازيان يلهبان شهوة " السيد " ، يحرقه تمنعها حتى يركع أمامها صاغرا لتنتقم لكرامتها المهدورة


    يأمرها السيد !


    لن تقول هيت لك ، تتمنع / للجواري كرامة مهدورة وللأسياد حق التملك ... ! /


    يركع للمرة الأولى بين فخذيها كمن يركع لآلهته أو لسلطانه


    يوبخه أبوه / الأسياد لا يركعون للعبيد / أيها العربيد،


    خذ سوطا واجلدها حتى الموت !


    تموت شهيدة الكرامة المهدورة ! مشهد يفضح عري الفكر والإنسانية إلى يومنا هذا الذي تزدهر فيه أسواق النخاسة وتجارة اللحم الأبيض !


    في زمن الحرب يخطط الجندي لمبدأ التوازي أيضا لكن بغباء حين يضع " الطاعة والتمرد " كخطين متوازيين ويختار الطاعة دوما دون اعتراض


    يأمره السيد الضابط !


    يطيع ، يقف استعدادا


    نعم سيدي ...


    يتقدم ، يموت ، يبرق نوط الشجاعة على صدر الضابط / السيد /


    عابر السبيل يسأل آخر جندي سيقتل في حرب قادمة يقودها " شيطان "


    ـ هل وجدت لنفسك مكانا في طابور الموت !


    يصمت ...


    صمته يشبه صمت صاحب الوجه الحديدي بوجه غريمه الثرثار،


    الجندي كائن صامت ، مخلوق للطاعة والبسطال لا يؤمن بالتمرد كي لا يخرج عن دائرة الموت ،


    الطاعة لغة تطاوع الجندي دون اعتراض ، الكل يحب أن يطاع ... الضابط في الثكنات يحب أن يطاع ، يحذر الجنود من التسيب ، رجل الدين يحب أن يطاع ، يحذر العباد من الانزلاق، الحزبي يحب أن يطاع ، يحذر الأعضاء من الانفلات...


    عابر السبيل يعتبر الطاعة التي تقوده إلى الموت دون قناعة أو هدف منشود غباء ،


    لا يطيع أحدا ولا يحب أن يطاع إلا طاعة ذاته لأنه يعيها حسب اعتقاده ، ولأنه رجل مشاكس شكاك فقد تمرد على الأيام كمحاولة فردية لتقويم العالم المعوج !


    يقول في سره المشاكس :


    ـ أنا اكره الأرض لأنها لا تثمر التمرد ولأنها زُرعَت بأشلاء الجنود والفقراء ولأنها تنبت السنابل ليجوع الفقراء ولأنها لا ترفض تلك البساطيل التي تدق فروة رأسها وتدعك قلبها لتسيل الدماء!


    ماذا لو لم يكن فقير وعسكر وبسطال وشيطان وقواد ؟


    يشخص بعينيه إلى زوايا المكان ، تحاصره الاتجاهات ، حين لا يجد جوابا يتكور في دائرة ينظر من ثقب فيها إلى توازي خطواتهما / الثرثار وصاحب الوجه الحديدي /


    متوازيان / ندان / يفصل بينهما ساتر من الفتور ويجمعهما كره مستفيض ورغبات مشتركة ونهج الذم والمدح للفكر .


    خطان ، آلهتهما انتزعت الحكمة من رأسيهما وزرعت المكر والتحدي وضوابط العسكر كي يحصل التوازن .


    توازيهما لا يعني التعادل أو تكافؤ القوى لكنه يعني الكثير بالنسبة لعابر السبيل الذي يحصي الخسائر بعد كل معركة فكرية أو نفسية أو حربية من نشرات الأخبار الصديقة والمعادية


    الخسائر النفسية منسية ! لا تحصى لأنها لا تشكل أهمية ا للصحافة ولا تعنيهما في شيء ، ما يهمهما صناعة الموت وزرع أشلاء الجنود على أرصفة الجبهات في زمن يمر عبر أنين الجياع والمستضعفين وعبر بريق الشعارات وعبر زمن يستوعب ثرثرة الأول وصمت الآخر،


    عابر السبيل يختبئ في ليل البساتين حيث ترتفع درجات الحرارة كلما استباحت خطواتهما جزءا جديدا من المكان !


    في ليل البساتين لم يعد البوم يزعج النيام حين علا نزف الانفجار نعيقه ...


    ندان يتأرجحان بين الثرثرة والصمت ... ثرثرة الأول ليست تهريجا وليست فخا للمتناقضات، يوازيها صمت الآخر وما خلفه من ضعف أو قوة / للصمت رهبة الغموض /


    متوازيان يسيران بخطوات محسوبة الأبعاد والاتجاه كالبركان الخامد لا يعلم متى يتقيأ نيرانه ،


    عابر السبيل يسترق السمع أحيانا ، يسمعهما يتلاسنان :


    ـ سأسمعك ما يكسر صمتك وما لا تحب، صوت الحرية وزقزقة العصافير، يقولون إن عصافيركم جائعة، لا تزقزق !


    ـ سأسمعك حكمة قد تفيدك لأنك لا تفقهها : " الحكمة نعمة خاب من ظل سبيلها "


    ـ ماذا لو اتفقنا ! أتخلى عن ثرثرتي وتتخلى عن صمتك


    ـ كأنك تتكلم عن نهايتينا ،


    ـ لنلعب إذن لعبة القط والكلب ، تهرب أنت وانأ اتبعك ،


    ـ أفضل لعبة اللص والكلب ، تهرب أنت وانأ اتبعك ،


    ـ ماذا لو قتلتك !


    ـ لا يمكنك ، أو أن تحفر قبرك قبل قتلي، موتي يعني موتك البطيء ! نديتي هي رئتك اليمنى لا يمكنك التنفس عميقا بدونها،


    الثرثرة تغلب الصمت في الظاهر، والثرثار ماكر محتال أكثر لباقة وانسيابية ، يخطط لإخراج صاحب الوجه الحديدي / الثلجي / من صمته وغموضه وكشف ضعفه ، ليدخله في صمت ذليل أزلي ، تلك رغبته ورغباته إرادة واجبة التنفيذ ،


    يسير الأخر صامتا يبدو عليه القلق، يتلمس وجهه الحديدي بانفعال يزيد من ارتباكه ، تثيره كثيرا ثرثرة صاحبه المتزايدة وتستفزه رغباته المجنونة ، هو يعلم جيدا ما خلف ثرثرته من قوة خفية ودهاء،


    الثرثار صياد ماهر ، يعلم كيف ومتى ومن أين تؤكل الكتف ! معجون بدم الخبث ، يقرأ الأفكار والعيون ! حين قرأ الارتباك في عيني غريمه خطط بلا تردد لساعة الانقضاض و ساعة الصفر...


    ـ يبدو أن المكان لم يعد يتسع لخطواتهما معا ...


    ساعة الحسم هي ساعة الفراق يفرضها الأقوى ،يواصل بعدها المشوار منتصرا ليرفع الأخر راية الاندحار، تلك نواميس الحرب والسلام...


    عابر السبيل يرقب الأحداث عن قرب ، يقرأ ما في العيون وما تفرزه انفعالات الوجوه ورعشة الأصابع والشفاه وحشرجة الأصوات وهز الأرجل وغيرها من الانعكاسات النفسية ،


    يخاطب عن بعد ذا الوجه الحديدي الصامت لأن الصمت اقرب إلى نفسه من خبث الثرثرة :


    ـ لم يعد لصمتك رهبة الغموض لكن لا تضعف إلى حد الانكسار ،لا تكشف وجهك كاملا حين الاندحار ، عهدتك طويل النفس ، ستدخل لعبة التحدي .


    ***



    تلمس وجهه الحديدي مرات قبل أن يقبل لعبة التحدي مرغما لأنه يرفض ذل الأسر ويرفض الانقياد ، ذاك ديدن القادة والثوار ( يحاول التزلف اليهم ... ).


    رفض الثرثار أسلوب " التحكيم " أو " القرعة " ليحرم خصمه فرصة التكافؤ في الغلبة أو الاندحار، ورفض كذلك العودة إلى زمن النبلاء ومبدأ البقاء للأمهر أو العودة إلى زمن رعاة البقر ومبدأ البقاء للأسرع حيث السيف أو المسدس هو الفيصل...


    هو يعلم كيف ينتصر وبأقل الخسائر لكنه فضل عدم الخسارة في هذا اللقاء إذ فكر بالخديعة والدهاء كبديل للقوة، اقترح:


    لعبة " عض الإصبع „ يضع كل منهما سبابته في فم الأخر وتبدأ عملية العض يخرج فيها من يصرخ أولا !


    وافق الصامت دون تفكير أو دراية بمقالب اللعبة و دس سبابته على عجل في فم الثرثار،


    استمع الثرثار الى وحيه ! جاءه النداء ... ادخل يده في جيبه ثم دس سبابته المسمومة في فم غريمه الذي تقيأ أحشاءه قبل أن ينهارغدرا ... رقص الشيطان



    ***


    للتحدي " حياة " وللغالب بريق التفوق ونشوة الانتصار وللمغلوب دف ء التمني وحرقة الانكسار،


    يسير مختالا فخورا بلا غريم تتملكه نوازع الشر والهيمنة ولا تمسكه قيود ،


    نشوة الانتصار أوهمته أن ما به من نعمة هي عليه كرامة الإله و على الغير هوان ، يشمخ بها بأنفه ، يستصغر قدر العباد ، يتعالى ، يحلم ، يمسك أقطار الأرض ويرمق آفاق السماء ليبقى ...


    هو المنتصر... ولكي يحافظ على روح النصر وديمومة الاقتدار عليه أن يصنع "الأعداء" ثم محاربتهم !


    " تلك وصية الشيطان "


    ـ ! You have to have an enemyـ


    أغرته الفكرة لأنه عاجز عن وعي ذاته ولأنه لا يفقه ضوابط الانفراد .


    انخرط في وصايا الشيطان ، تفنن في صنع " أعداء " اختلفت أشكالهم وأفكارهم وألوانهم الأمر الذي اوجد الخلاف بينهم ومعه ، ولكي ينظم هذه الخلافات ويفرض سيطرته عليها وعلى المتخاصمين فرض عقوبة " صفع الوجه " على المتخاصمين بان يصفع أحدهما وجه الآخر وقد تشدد العقوبة إلى البصق حين يشتد الخلاف


    للتفرد نواميس تفرزها مفردات الحياة، هو يعمل وفق هذه النواميس التي مهدت الأمور له ، لا يفكر حتى بصاحبه " رفيق المسير " ومصيره وهو يعلم جيدا صدق كلامه حين قال انه رئته اليمنى !


    تمرس بمرور الزمن في صنع الأعداء والسيطرة عليهم ، في ليلة باردة تنذر بشتاء بارد كئيب خرج عن طوعه عدوان لم يفلح وقتها في السيطرة على شراستهما ، عاقبهما ، رفضا لعبة البصق وصفع الوجوه لأنهما يعلمان أن لا حياء في وجهيهما وكونها لعبة لا تؤلم ولا ترضي خشونتهما ، أصبحا عبئا على غطرسته ، فكر مليا في التخلص منهما ... اقترح لعبة " عض الإصبع " وترك لهما خَيار اللعبة الأخرى وبلا قيود إذا رغبا مواصلة التحدي حد الموت ...


    استمرت اللعبة طويلا دون صراخ حتى قضم احدهما سبابة الآخر لتبدأ بعدها اللكمات على الوجه وفوق الحزام ، ابتسم حين بدأ الركل الشديد وتحت الحزام ليخصي احدهما الآخر... انتهت اللعبة باللاغالب واللامغلوب ، تنفس السيد المنتصر( الثرثار) بعدها الصعداء و تخلص منهما كنفايات الحروب .


    تفرغ بعدها لصناعة أعداء جدد كي تكثر الدمى في الأسواق ! تلك رغبة الشيطان الذي يخطط لأبعد من ذكاء السيد المبهور بتلك الانتصارات ...!


    ***


    سكرة التفرد أنسته حتى النظر يوميا في مرآة القصر وأنسته الاعتناء بصحته وقد تفاقمت عليه الأمراض والمشاكل واشتد ضيق النفس عليه وبانت عليه علامات الشيخوخة المبكرة...


    لم ينزل الثلج في ليلة أعياد الميلاد تلك ! و لم يشارك السيد المنتصر احتفالات العام الميلادي الجديد ليظهر قوته وتسامحه وفصاحته كما يفعل كل عام / عادة المنتصرين الأقوياء /


    يبدو أن الدوائر دارت عليه وأصبح جمعه بددا !


    في صباح ضبابي وجدوه مخصيا ، قتله الأصدقاء بأمر الشيطان !


    " الشيطان " لا يحترم " المخصيين "


    انتهت


    لندن 26 كانون الثاني 2010



    [/frame]
    الدكتور نجم السراجي
    مدير مجلة ضفاف الدجلتين
    [URL="http://www.magazine10.net"]www.magazine10.net[/URL]

    [BIMG]http://i54.tinypic.com/b5m7vr.jpg[/BIMG]
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أهلا بك دكتور نجم ، وهذه القطعة التى استقطعت
    الكثير من الوقت غير الضائع ، الكثير من طيات
    الأرجل و الرحلات ، الكثير من المجادلة .. و التوازى
    أيضا !!
    ليستقر الحال بين الثرثرة و الصمت .. و لأيهما تكون
    الغلبة ، و هل هى غلبة بمعناها المتعارف عليه .. أم هى
    نوع من الخداع ؟

    كان الشكل هنا مغايرا تماما ، ربما ذكرنى ، بالتجريب
    فى عالم الرواية لدى ماركيز فى خريف البطريرك ..
    و لا أدرى ما الصلة بين الشكلين .. و لكنى وجدتنى أستحضره ،
    كما أستحضر الكثير من التجارب ، و لكنها للأسف لم تكن فى
    القصة القصيرة ، و أهمها تلك المحاولات التى صاغها صنع
    الله ابراهيم بداية من بيروت ، و انتهاء بالواحات مرورا
    برواية ذات ، و تبنيه عالما و شكلا مغايرا ، قد يدعى البعض
    أنه لا يمت لعالم الرواية بصلة !!
    و هنا .. هل وقعنا فى هذه ؟
    ربما وقعنا فيها ، إلى حد ما ، و إن استجلبت أمامى أعمالا قصيرة
    للرائع عبد الغفار مكاوى ، و محاوراته المسرحية .. لكننى بالفعل
    و بكل صدق أقف حائرا ، هل مثل هذا الأدب يخلق المتعة المطلوبة ؟
    أم أن المقصود هنا وعيا منفصلا عن المتعة .. أظن أن المعادلة تصبح عصية .. تماما عصية !!

    على كل حال قرأت و استمتعت إلى حد بعيد بالرأس الذى قادنى خلال
    العمل ، و تلك التوليفات التى قام عليها !!

    لكنى أقولها صادقا ، افتقدت هنا دكتور نجم القصاص البارع ،
    و أعماله المدهشة ، رغم ما تحمل تلك !!

    فى انتظارك دائما صديقى !!

    محبتى
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 31-01-2010, 04:44.
    sigpic

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      أكان شكلا من أشكال التفتيت ،
      للثنائيات المتناقضة ،
      و التى أرى بينها قوة جذب خطيرة ،
      ما بين الجلاد و الضحية ،
      كأن الصورة لا تكتمل إلا بهما معا ..
      يالبشاعة الصورة !!
      ربما كنت أتمنى لو أحدثت قطعا ما ،
      و هذا موجود بين الحالات المطروحة ،
      الخادمة و السيد
      الجندى و الضابط
      ثم ما بين الثرثرة و الصمت ،
      و ترقيم حالات التوازى حتى الوصول إلى نقطة النهاية !

      اللغة كانت منتقاة بشكل واضح ،
      كانت لغتك صديقى ،
      كما قرأتها سابقا و أحببتها !

      كان تدخلك أو تدخل الحاكى أو القاص واضحا
      وكأنه شخصية خلف أفق الموضوع ،
      يطرحه ،حتى أنه لم ينس أن يحاورنى هنا كقارىء !


      أراك تبحث عن كعب أخيل ..
      وما وصلت إليه !!
      مرة ثانية وملامسة متعة مع العقل !!

      لم ألتفت إلى كلمة ( نص ) التى لم تغفلها فى طرحك للعنوان
      إلا الآن و بعد مداخلتى الثانية ،
      ربما لتفوت الفرصة على محاكمة النص كنص قصصى
      وهذا جميل و مقنع صديقى !!
      محبتى
      التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 31-01-2010, 12:54.
      sigpic

      تعليق

      • دريسي مولاي عبد الرحمان
        أديب وكاتب
        • 23-08-2008
        • 1049

        #4
        أولا دعني أعبر عن سروري عندما وجتك هنا.فسعادتي لا توصف لأنك سمعت النداء والتقطت معانيه لتشرفنا بحضورك الذي طالما اعتبرته ثقليا له رأسمالية رمزية كتجرية انسانية وابداعية...
        مرحبا بك دكتور نجم السراجي...
        لا أدري لم استحضرت نص عنق الزجاجة يحتضر وأنا أتابع فصول الوصية الشيطانية لأجعلها متتالية تتصل بهذا النص خالقة منها تصورا جديدا يهم اطارها الشكلي ومحتواها المضموني...
        وصية الشيطان نص ليس من السهل الاحاطة به...لأنه سيرورة قفزت بطفرات نوعية على الاحساس بالمألوف لتحفر بضربات رنانة في وعي استبطن في دهاليز الوعي والوعي الزائف لتكشف لنا عبر ومضات فكرية لا تبرح ذاكرة القرائية لتعود اليها فتنحبس انفاسك لتحلق بها عبر رفيف أجنحة فكرك ونقدك وعلمك في سماء التوازي...
        عوالم شتى لامسها النص بحرفية لن يستنكه أغوارها سوى من عانق بفكر حاذق جدلية العبد والسيد في اطار تقابلات غالبا من نتجاوزها بمعناها المتحول لتغدو أخلاقيات نرفضها أحيانا ونستسيغها أحيانا أخرى...
        ولاشك أن التوازي هنا في تقابلاته يشي باستحالة الالتقاء الموضوعي لذات تروم الحرية ومواضيع شكلت لنا طابوها في لا شعورنا المعرفي لتنساب عبر هذه الوصية في فصولها...وهنا كان العنوان صريحا في لمسه لعصب الاطار العام الذي حدد النص...
        كثر هم الشياطين يا أستاذي الجليل...هم مقنعين بأقنعة الزيف...ولا شك أن أدبيا مثل هذا النص وتلك الأسطورة في عنق الزجاجة سيشكل عملا استثنائيا تحدده خبرة تجارب مضت لتعطينا في اخر المطاف خصبا وعناء في تمثل المعنى...
        أما في ظل زمن الخصي هذا...فلنكتب بسوائلنا المنوية نهاية أمل الانسان في زعمه بوجود عدالة في هذه الدنيا...
        دكتور نجم...دعني أعانقك بحرارة...لأنك تعلمني دوما أشياء جديدة أجد امتداد لها في أدبك...
        محبتي أيها القدير وشكرا جزيلا لأنك كنت هنا معنا.
        محبتي.

        تعليق

        • الدكتور نجم السراجي
          عضو الملتقى
          • 30-01-2010
          • 158

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          أهلا بك دكتور نجم ، وهذه القطعة التى استقطعت
          الكثير من الوقت غير الضائع ، الكثير من طيات
          الأرجل و الرحلات ، الكثير من المجادلة .. و التوازى
          أيضا !!
          ليستقر الحال بين الثرثرة و الصمت .. و لأيهما تكون
          الغلبة ، و هل هى غلبة بمعناها المتعارف عليه .. أم هى
          نوع من الخداع ؟

          كان الشكل هنا مغايرا تماما ، ربما ذكرنى ، بالتجريب
          فى عالم الرواية لدى ماركيز فى خريف البطريرك ..
          و لا أدرى ما الصلة بين الشكلين .. و لكنى وجدتنى أستحضره ،
          كما أستحضر الكثير من التجارب ، و لكنها للأسف لم تكن فى
          القصة القصيرة ، و أهمها تلك المحاولات التى صاغها صنع
          الله ابراهيم بداية من بيروت ، و انتهاء بالواحات مرورا
          برواية ذات ، و تبنيه عالما و شكلا مغايرا ، قد يدعى البعض
          أنه لا يمت لعالم الرواية بصلة !!
          و هنا .. هل وقعنا فى هذه ؟
          ربما وقعنا فيها ، إلى حد ما ، و إن استجلبت أمامى أعمالا قصيرة
          للرائع عبد الغفار مكاوى ، و محاوراته المسرحية .. لكننى بالفعل
          و بكل صدق أقف حائرا ، هل مثل هذا الأدب يخلق المتعة المطلوبة ؟
          أم أن المقصود هنا وعيا منفصلا عن المتعة .. أظن أن المعادلة تصبح عصية .. تماما عصية !!

          على كل حال قرأت و استمتعت إلى حد بعيد بالرأس الذى قادنى خلال
          العمل ، و تلك التوليفات التى قام عليها !!

          لكنى أقولها صادقا ، افتقدت هنا دكتور نجم القصاص البارع ،
          و أعماله المدهشة ، رغم ما تحمل تلك !!

          فى انتظارك دائما صديقى !!

          محبتى
          تحية الإخاء إليك أيها الفارس بميدان الأدب
          اسمح لي قبل ان ادخل في تفاصيل الموضوع كرد لما تفضلت به ان تقبل هذه الرسالة البسيطة من أخيك
          (( ـ حين تسقط أمريكا كقوة عالمية عظمى أحادية القطب تخلو من التوازي على يد الشيطان إسرائيل لتعود القوة والهيمنة مرة أخرى الى أوربا أرجو أن تعاود قراءة هذا النص وتتذكرني لو طال بنا العمر ـ تلك قراءة للمستقبل لا غير.))
          العزيز الأديب ربيع عقب الباب
          طرحت في ردك أكثر من نقطة تستحق المتابعة والوقوف عندها لأهميتها سأختار منها
          ـ ليستقر الحال بين الثرثرة و الصمت .. و لأيهما تكون
          الغلبة ، و هل هى غلبةبمعناها المتعارف عليه .. أم هى
          نوع من الخداع ؟
          ـ كان الشكل هنا مغايرا تماما ، ربما ذكرنى ، بالتجريب
          فى عالم الرواية لدىماركيز فى خريف البطريرك .. و لكنها للأسف لم تكن فى
          القصة القصيرة
          ـ قد يدعى البعضأنه لا يمت لعالم الرواية بصلة !! و هنا .. هل وقعنا فى هذه؟
          ـ و بكل صدق أقف حائرا ، هل مثل هذا الأدب يخلق المتعة المطلوبة ؟
          أم أن المقصودهنا وعيا منفصلا عن المتعة .. أظن أن المعادلة تصبح عصية
          بكل بساطة لا اجدها عصية عليك انت بالذات لانك تختلف عن الغير...

          ـ أقولها صادقا ، افتقدت هنا دكتور نجم القصاص البارع ،
          و أعماله المدهشة ، رغم ماتحمل تلك !!

          افتقادك لدكتور نجم الذي عهدته هو إشارة إلى ذائقتك الأدبية العالية التي لم تأت من فراغ بل من خلفية أدبية راقية وهو غاية لي تعمدتها في هذا النص وان كان ذاك الافتقاد يميل الى خانة السلب القطعي لأني أوجدت التغيير الذي يهمني في هذه المرحلة ويبقى الحكم على هذا التغيير مشروع وقفات مع النفس ومع النص أكثر لمسك الحقائق حين الغوص الجميل والعميق وانت أهلا لها وقد عهدتك غواصا ماهرا في بحور الأدب العارف بان فكرة العمل تتطلب أسلوبا مغايرا في الكتابة يتوالف مع الفكرة والحدث.
          وكذلك حين يكرر الكاتب نفسه في الفكرة والأسلوب ( لكن ليس على حساب النوعية التي هي موضع خلاف دائما حين يكون النص القصصي او الروائي او الشعري مغايرا وخارجا عن المألوف ) يصبح معهودا مألوفا حتى لو وصل الى درجة مقنعة من الإبداع وقد يتهم أحيانا بعدم القدرة على التغيير وعليه فالتغيير في المفاهيم والأسلوب والفكرة يتطلب الخروج عن المألوف وان وجد معارضة في ظل التغييرات المفروضة قسرا على المجتمعات وتفرز انعكاساتها سلبا أو إيجابا على الفكر والثقافة والعرف الاجتماعي ، إذن الخروج عن المألوف مشروع يفرض نفسه ليواجه القبول او الرفض ،فضوابط قصة و رواية و شعر و نثر الأمس هي ليست ضوابط قصة و رواية و شعر و نثر اليوم او غد ، لابد ان تخضع لمفاهيم التغيير ولا يهم على يد من او إن كان تغييرا محدودا جزئيا او تغييرا شاملا جذريا ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قولبة تلك الضوابط لأنها ستنتج المستنسخات وتخرج عن إطار الإبداع الذي يدعو الى التجديد كأبسط شرط .
          فحين نحكم على هذا العمل على أساس ضوابط الأمس للقصة أي لو حاكمت العمل بزمن العملاق يوسف السباعي مثلا فحكمنا سيكون قطعيا بإبعاد العمل عن ساحة القص وحين نحكم عليه بزمن اليوم على أسس ومسارات التغيير والتحديث فإننا سنجد له مكانا ما في تلك الساحة المفتوحة لما هو جديد ونافع وان افتقد الى عامل التشويق او المتعة التي هي أيضا مفهوم نسبي وليس مطلق فالفلسفة والمنطق والاجتماع علوم لا تمتع بل ينفر منها الكثير لكنها أيضا في نفس الوقت متعة لمن أحبها . وهناك موضوع الشفاعة ان صح التعبير فالمباشرة والتقريرية مرفوضة جملة وتفصيلا في الشعر لكن قد وأقول قد يشفع لها مضمون وفكرة ولغة القصيدة في قبولها . وإذا بحثنا أكثر عن المتعة سنجدها في القصص التقليدية السطحية المكررة التي تعالج قضايا المجتمع في الحب والعشق واليتم وغيرها يوظف الكاتب فيها إمكاناته الفنية والتقنية لاستدراج عاطفة المتلقي وإحساسه لأنه قد صادف تلك القصة شخصيا وعاش أحداثها كقصة حب في مرحلة الجامعة ويأخذ حبيبته آخر وهذا يحب هذه وهي تحب غيره او سوء معاملة طفل او يتيم او ظلم اجتماعي او عدوان عسكري او احتلال دولة وعزو عسكري وغيرها من الأحداث التي تلهب عاطفة
          المتلقي وتجعله يتفاعل مع الحدث لكن السؤال هنا هل الغاية ان اجعل المتلقي يتفاعل عاطفيا معي بأسلوب مكرر تجده في الصحف اليومية والافلام والمسلسلات؟؟؟ ألا يجدر بنا ان نخرج عن اجترار الأفكار ونأتي بجديد وان لم يقبل في أول الأمر ؟يعاب على الكاتب تكرار نفسه فكيف اذا كرر غيره؟ عملية التكرار والتقليد وحتى التناص في بعض الأحيان تبتعد عن الإبداع وحتى كلمة إبداع أصبحت مستهلكة في يومنا هذا لكثرة استعمالها في غير محلها من باب التملق والمجاملات ،
          أطلت عليك لكن تأكد ايها الحبيب بأنك لو وقفت في زاوية أخرى او أكثر من زاوية ونظرت الى النص أكثر من مرة ستجد الكثير فكلمة نص التي سبقت العنوان غيرت قليلا من قناعاتك فكيف اذا وقفت عند بعض الصور القصصية التي هي اقرب الى الشعرية او النثرية وان كلفك هذا الكثير من السكائر والقهوة او الشاي! سآتيك بمثل
          " عابر السبيل يسأل آخر جندي سيقتل في حربقادمة يقودها " شيطان" "
          تأمل حين تجمع جملة مستقبلية الماضي والحاضر في خاصرتها وهي جملة تهكمية ناقدة وفيها الكثير من الصور الاخرى ستجدها
          " الجندي كائن صامت ، مخلوق للطاعةوالبسطال لا يؤمن بالتمرد كي لا يخرج عن دائرة الموت ، "
          " ـ أنا اكره الأرض لأنها لا تثمر التمردولأنها زُرعَت بأشلاء الجنود والفقراء ولأنها تنبت السنابل ليجوع الفقراء ولأنها لاترفض تلك البساطيل التي تدق فروة رأسها وتدعك قلبها لتسيلالدماء! "
          " ماذا لو لم يكن فقير وعسكر وبسطالوشيطان وقواد ؟ "
          " في ليل البساتين لم يعد البوم يزعجالنيام حين علا نزف الانفجار نعيقه ... "
          هذه نماذج فقط ولا ادخل في بقية التفاصيل ولا في النهاية وعملية الاستشراق والتنبؤ فمسؤولية القاص ليست يزرق المتلقي ابرة العاطفة والتعاطف وينسى العمل حين ينتهي مفعولها ، المسؤولية اعمق في توثيق الأحداث والتنبؤ للمستقبل وطرح أفكار اكبر من قصة حب في الجامعة تبدأ لتنتهي بنهاية مفتوحة او محددة بالموت او السعادة رغم حاجتنا الملحة لهذه القصص لانها تعكس واقعنا وتجاربنا وما اعنيه ليس إهمالها أو إنكارا لهذا الإبداع لكن التنويع والتحديث وعدم التكرار هو القصد
          تقبل احترامي واعتذاري عن الإطالة الغير مبرره فأنت الأخ والصديق والقارئ والكاتب النخبة المتمكن من فنه وعمله
          تحايا قلبية
          الدكتور نجم السراجي
          مدير مجلة ضفاف الدجلتين
          [URL="http://www.magazine10.net"]www.magazine10.net[/URL]

          [BIMG]http://i54.tinypic.com/b5m7vr.jpg[/BIMG]

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            كان كل ما ذكرت هنا ، لم أبتعد عنه مثقال ذرة ،
            و لكن حين فكر العملاق ارتولد بريخت ، فى هدم
            ما بنى السابقون ، أو التأسيس عليه ، لرؤية خاصة
            كانت تهاجمه ، و تؤرقه .. فى ماهية المسرح .. و العرض
            المسرحى على وجه الخصوص ،
            و ما يتركه من أثر على المشاهد
            فكانت وقفته ، أنه لا يريد التعاطف و التباكى ، وتغيب العقل
            بله يريد التفاعل ، و الجدل مع
            جمهوره ، و أيضا جمهوره مع نفسه !!
            و حين راح يأتى بالحلول ،
            أتى بها فى حدود الفن ، و البعد عن المباشرة
            والتقرير فى الربط ،
            و فى احالة العرض إلى الملحمية ، حيث كان
            الاستعانة باللحن و الأغنية ، و الراوى ( أى الجوقة القديمة )
            و لكن هنا ، ربما صعب العمل أو
            مادة العمل على انتاج قصة ،
            بل أن قصة تحمل عملا كهذا ،
            اهدار للعمل ، و كان الأولى بك أن تشق بها غمار
            فن آخر ، كرواية ، أو كمسرحية !!
            لست ضد التجديد و التحديث أيا كانت أشكاله


            معك أتعلم و أستعيد ذاكرتى

            محبتى
            التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 31-01-2010, 21:40.
            sigpic

            تعليق

            يعمل...
            X