كلما رأيت لوناً ضاحكاً في عين طفل ... تتفتح الأزاهير في سواد قميصي
"في حلكة ظلام هذا الوقت المتأخر من الليل، و في هذا المكان الذي يبدو له غريباً و موبوأً ، لم يكن من السهل عليه أن يهرب من خيال يدفع به الى عالم الأساطير و الجان و الضمائر الشيطانية . لقد أمضى معظم نهار أمس و الشق الأول من الليل جارياً أمام خطر لا يفهمه و لا يعي سببه ، خطر يتعقبه بدهاء و عزم حيوان متوحش يريد الفتك بفريسته .
خائف و حائر ، توقف عند تخوم الغابة التي قطعها وثباً ، ليلتقط انفاسه و يريح رجليه التي بدأت الآلام تنخر عظامها اليافعة . لاهثاً تعباً و رعباُ ، أجال نظره في السكون الممتد أمامه و ارتعش .... بحر من الآعشاب تتماوج تحت وميض قمر إمتص خضرتها و صبغها بوشاح فضي لامع و بارد . مرج مكشوف لا يستطيع أن يُخفيه عن انظار مطارديه الذين لن يكفوا عن ملاحقته الى أن يسكتوه كما أسكتوا اخوته و والدته .... لا يجب ان يدع هول ما رأى يسيطر على مشاعره ، هناك وقت طويل لذلك . الآن عليه ان يصل الى مكان آمن ، عليه ان يُخبر عما جرى ، عليه ان يكشف عن الجرائم التي ابادت عائلته و العوائل الأخرى في قريته ...."
هذا النص جزء من قصة كُتب كموضوع نقاش للمشاكل النفسية والصحية و الإجتماعية التي يعاني منها معظم المهجَّرين و اللاجئين نتيجة المعاناة التي يواجهونها خلال الحروب الأهلية و الحروب السياسية و الإحتلال . طبعاً الضحية الأولى و الأكثر تضرراً هي الأطفال بلا منازع ..
القصة مبنية على حقيقة عاشها ولد في التاسعة من العمر في احدى الدول الأفريقية و هو الآن في السادسة عشر من العمر لا يزال يعاني آثار البطش و القتل و التعذيب .
كثيراُ ما ننظر الى الإنسان الحزين كما ننظر الى الإنسان الكئيب و نحاول التعامل مع الاثنين و كأن المعاناة واحدة ، و هذا خطاً فادح نقع به ..
الشخص الحزين يشعـر بالحزن أما المكتئب فـلا يشعـر بشيء . الحزين يكون على اتصال مع شعوره بينما يفقد المكتئب الاتصال مع كل مشاعره .
الشخص الحزين يشعر بالأسى فيبكي و تصبح دموعه حلقـة في مسيرة الشفاء من الحزن، الشخص المكتئب يجيش بمشاعر لا يعرفها .
الحزن طبيعي و مؤقت ، أما الكآبة فهي حلقة مفرغة .. و معظم الأطفال – ضحايا جنون السلطة و الجشع – يعانون من الكآبة و يدورون في حلقتها المفرغة ... و يدور الرعب في حناياي .
تعليق