سالم جبران استفز اوراق حلمي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نور عامر
    أديب وناقد ومفكر
    • 19-03-2009
    • 36

    سالم جبران استفز اوراق حلمي

    سالم جبران استفز اوراق حلمي


    وايضا الحلم تعتريه كبوة .. إلا أنه يستفز فجأة ، يستيقظ ، يتماهى مع قصيدة ليست ككل القصائد.
    هي قصيدة أحد شعراء المقاومة سالم جبران :
    " كان ليل النكبة الأسود لا اشعاع فيه / غير اشعاع القنابل / وهي تنصب على رأس قرّى / ليست تقاتل ! / ولماذا يا بلادي ؟ / قالت الأعين ، في رعب / ولم تفهم تفاصيل القضية / من خلال القلق المشبوب ، قالت ... / ثم ألقينا " البنانير " على الأرض الشقية / ورجعنا للبيوت .. "
    انه عام 48 نكبة فلسطين . المقطع الأول من قصيدة القاها الشاعر في ايار2008 في عكا ، ندوة عن النكبة بدعوة من مؤسسة الأسوار .
    طريقة إلقائه كانت تفصح عن مدى تأثره ألمه وغضبه المكبوت ، تثب الحروف من أعماقه حارة تجأر الى مسامات وجداننا ونسغنا . ربما تأثرت أكثر من غيري بهذه القصيدة ، كوني وسالم جبران أصلا من هذه البيئة الجميلة ، قرية البقيعة الجليلية . لقد أعادني الى مرحلة الطفولة ، الى أحلامنا البريئة تطارد الفراشات في " الحواكير " ، وتركب أجنحة الطيور ، أعادني الى لعبة

    " البنانير " في الحارة ساحة العين ، الى شجرة التوت القديمة تفرش علينا ظلها الوارف ايام القيظ ، وكلما عطشنا نغب من النبع ونعود الى لعبتنا .
    في هذه البقعة تحديدا شهد سالم جبران الحدث الأسود . التشريد الفعلي الى لبنان وغيرها ، وحالة الإستعداد للترحيل القسري وما يرافقها من توتر وقلق . وهنا تبرز شخصية الطفل الفلسطيني كأصدق ما تكون حسا ولغة ، فيسأل بانتظار أجوبة :
    " ولماذا يا أبي ؟ / أترى لبنان حلو كبلادي ؟ / أترى فيه حواكير جميلة / بينها ترتاح أحلام الطفولة / أترى فيه صغار ، كبلادي ، يا ابي ؟ / اترى فيه .. طعام ؟!! / .......... لا كلام ! / دمعتْ عين أبي ، اول مره / كان كالفولاذ ، طول العمر / والدمع بعين الحُر جمرة ! "
    النموذج التالي يعكس إحساس الانسان بقيمة الأشياء العزيزة بعد فقدانها . طفل يوشك أن ينتزع من بيته وبيئته ، ومن نبعه الذي يبدو حزينا وكئيبا هو الآخر؛ حضور الظاهرة الإحيائية ، إحياء الجمادات :
    " هذا البيت يا أماه / ما كان عزيزا أي يوم / فلماذا يا ترى صار عزيزا وجميلا ؟ / أيها النبع الذي جاد ، بلا من ، على طول السنين / من ترى يشرب من مائك ، بعد اليوم / من أيها النبع الحزين " .
    على مستوى الإنفعالات النفسية ضمن الجو المأساوي العام ، لا أتصور نصا شعريا محكما بهذه الدرجة . كذلك لا أتصوّر نداء أكثر فجيعة وألما من المقطع الرابع من القصيدة :

    " اسكتوا ... صوت ينادي ! / منْ تراهْ ؟ ! / ـــ أنصتوا ، بالله ، حين . / ـــ انه صوت " أبي راضي " الحزين / هيهيا عيسى تعالْ . / اترك الماء .. اترك الصبّة / اترك كل شيء .. وتعال !/ ألف صوت كان من فوق السطوح / يتعالى مثقل النبرات ، مخنوقا ، جريح / أيها الراعي وراء التل ، أترك / حيثما كان ، القطيع / أترى ان ضاع مأساة / وكل الشعب في الأرض يضيع ؟ / أيها الفلاح ، لن ينفعكم " قش الجباب " / فعلى الأفق ضياع / وعلى الأفق اغتراب / سوف تبقى الأرض ، هذا العام ، بورا / وستبقى ألف عام .. " .
    انه التشظي في أعنف صورته ، احباط كامل أمام بشاعة الجريمة ، تداعت كل الاشياء ، استحالت الى ملامح تختزل صدى الزلزال وطعم الإقتلاع . لم يبق للحياة معنى في هذه الأرض ، لكن ظل الصوت " النداء " يحكي قصة التمزق والضياع ، اني اسمعه الآن طازجا قويا متجددا ، ينداح صعدا وعمقا ، وسيسمعه الجيل القادم وما بعد بعد .. " هيهيا عيسى تعال / اترك كل شيء وتعال " .
    هذه القصيدة كتبت سنة 1964 . حقيقة لم توقظني في شعر المقاومة قصيدة كهذه معبأة حتى النخاع ، وعصية على الإندثار حتى بعد ألف عام .
  • صادق حمزة منذر
    الأخطل الأخير
    مدير لجنة التنظيم والإدارة
    • 12-11-2009
    • 2944

    #2
    [align=center]
    قصيدة جميلة وشاعر يستحق الإشادة

    وعرض شيق وتقيم بسيط ساهم في حملنا إلى أجواء أرضنا المغتصبة التي
    نقلتها القصيدة

    الأستاذ نور عامر .. أشكرك على هذه المشاركة الراقية

    نحيتي وتقديري
    [/align]




    تعليق

    يعمل...
    X