رحيل مفاجئ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    رحيل مفاجئ

    شرعت في الكتابة ثمّ توقّفت وكأنّ القلم يعلن عصيانه لي.احتبست الكلمات داخلي.بدا المخاض عسيرا،شقّ معه خروج ما في الأعماق على سطح الورق.
    قاومت الوجع.الصّورة ساكنة في وجداني لكنّ تشكيلها يثيرني.لم تغادرني بل هي تحيا داخلي.مرّت سنة بأكملها لكنّني أرى ذلك اليوم قريبا جدّا،يتمثّله وجداني وذاكرتي...
    "لا تتأخّري ماما أرجوك.أنا في انتظارك وفي انتظار أن تعودي رفقة أنس"
    "لا تقلق حبيبي غدا أعود غدا إن شاء اللّه.انتبه إلى نفسك"
    لاذ الصّغير بالصّمت وفرحة الانتظار مرسومة على شفتيه بعد أن ودّع أمّه.لم يطل ترقّبه.من الغد حلّت أنس بين أحضان عائلتها.
    يتمرّد عليّ قلمي مجدّدا.تعسر ولادة الكلمة.
    "عندما داهمها المخاض توجّهت إلى المستشفى الخاصّ في هدوئها المعتاد ورقّتها اللاّمتناهية .نسمة خفيفة تدغدغ دون أن تؤذي.
    كانت الولادة طبيعيّة.خرجت الحياة من رحمها في صورة مولودة جميلة"هكذا أخبرتني أمّها لاحقا.
    كنّا ننتظر أن يُزَفّ إلينا هذا الخبرالجميل.باشرت العمل من الغد كالمعتاد وحالما دخلت المعهد وجدت السّكون رهيبا على غير العادة.اعترضتني وجوه واجمة لفتت انتباهي فأحسست بالضّيق وكلّما خطوت خطوة نحو قاعة الأساتذة زاد إحساسي بالاختناق.
    وصلت.لم أر غير فيض من الدّموع يبلّل وجوه الموجودين.لم أع في بادئ الأمر شيئا .اضطربت.ارتعش كامل جسدي.لم أستطع من وقع الصّدمة أن أتبيّن صورتها التي علّقت داخل القاعة مع خبر نعيها.لم نقو على الحركة أنا وغيري من الأساتذة والإداريين.
    فاجأنا رحيلها.مزّق أفئدتنا وأدمى قلوبنا.ماتت جيهان لتتفتّح زهرة جميلة رأيتها بعد أسبوعين من ولادتها في أحضان جدّتها .
    "فارقت فلذة كبدي الحياة بعد أربع ساعات تقريبا من من ولادة الصّغيرة أنس.كنت أنتظر خارج غرفة التّوليد على أحرّ من الجمر لكن...أخبرني الطّبيب لاحقا أنّها رأتها وقبّلتها قبل أن تتعكّر صحّتها وتفارق الحياة".
    اختنقت الأمّ .ذرفت الدّمع بغزارة "أفتقد دفئها وحنانها.أفتقد زيارتها لنا وإطلالتها المستمرّة علينا.نفتقدها جميعا.يفتقدها ابنها البكر أسامة الذي لم يتجاوز الخامسة من العمر.يسألني باستمرار عنها:متى تعود؟متى تعود؟ ألم تقولي إنّها في الجنّة؟ متى تعود؟"
    ازداد اختناقها.خذلتها الكلمات مثلما يخذلني الآن قلمي فيشعرني بالعجز عن تشكيل ملامح الصّورة الكامنة في وجداني.
    تهيّج الذكرى أحزاني.أذكر كيف قاومت ضعفي وتماسكت لأودّعها الوداع الأخير.دخلت الغرفة بمعيّة طالباتها اللاّئي أتين إلى موكب عزاء مدرّستهنّ المحبوبة.
    كان الأمر شاقّا لكنّنا تحاملنا على أنفسنا ودخلنا.رأيناها مسجّاة في هدوء أبديّ...
    هي الحياة تحتضن أعمارنا لبعض الوقت ثمّ تسلمنا لنهاياتنا.تسعدنا بالمولود وتؤذينا بالمفقود.لكنّ إيماننا يبدّد بعض وحشتنا.
    سقيا لقبرك جيهان.لم تغادرينا وقد أورثت الحياةَ نبتتين يافعتين ترتويان من مائها.
    اليوم مرّت سنة على وفاتك لكنّك نابضة في قلوبنا.
    يئنّ القلم جيهان.تتعثّر خطواته.يلوذ بالصّمت...لكنّ القلب يخفق لذكراك.

    النّص إلى روح جيهان التي ماتت في مثل هذا اليوم بعد ولادة ابنتها أنس(12-3-2009)
    التعديل الأخير تم بواسطة نادية البريني; الساعة 12-10-2014, 19:14.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الغالية على قلبي
    نادية البريني
    تأخذنا الذكريات لأيام خوالي عشنا فيها الفرح .. والترح
    يزول الفرح وربما لانتذكره إلا لماما لكن الحزن يبقى معششا في دواخلنا
    عشت معك النص لحظة بلحظه
    وأشهد بأني لمست فيك الوفاء الشديد
    تستحقين نادية التقدير والإحترام على هذه الأخلاق الدمثة
    وأحمد الله أنك مربية أجيال لأنهم سيشربون من وفاؤك
    كوني بخير غاليتي ورحمة الله على جيهان صاقة أقولها
    تقبلي ودي ومحبتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      الوفاء من أسمى القيم ، و أروعها ، و أليقها ببنى البشر
      حين نكتبه ، نحتار كثيرا ، و نحاول أن نرى فيه آية ظلت غائبة
      عن الجميع إلا عنى أنا ككاتب ، رأى ، و سمع ، و أختزن !!
      ربما صورة الخلق لم تكن هى محرك إلى الكتابة ،
      و إلا لرأينا عملا مختلفا إطلاقا ،
      حين ينبثق الفجر من غيهب الظلمة ،
      الحياة من رحم الموت
      " يخلق الحى من الميت ، و الميت من الحى " .
      هكذا .. لكنها كانت هنا تسجيلا للحظة وفاء حملت شجون
      و حنين كاتبتنا إلى الذكرى الماثلة أمامها دون غياب !!

      فى مثل هذا اليوم .. مات النهار فى بيت من البيوت
      ليعلو نهار جديد ، سرعان يكبر ، و تستوى شموسه فى الأفق

      تمنيت بلا شك أنا أرى لحظة الولادة ، ألمها ، جبروتها ، كيف تنشق الحياة ،
      من بين دم الأم .. من جنباتها .. صرخاتها .. ألمها القاسى إلى أبعد حدود الإحتمال !!

      لكنها ورقة أو زهرة وفاء من قلب مرهف ، يدرى أمر لغته ، و جمالها ،
      و يرى بين التفاصيل التى تحيط بالمشهد !!

      فى انتظار جديدك دائما
      sigpic

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #4
        سيدتي الغالية .. الأم المربية الفاضلة

        نادية البريني ..

        دعيني أولاً أن أقرأ الفاتحة على روح جيهان الشهيدة ..

        فعلى ما أعتقد أن وفاة الأم أثناء الولادة فهي درجة من درجات الشهادة ؟؟

        بدأت معك النص محاولا استكشاف سبب العصيان و التمرد ..

        كنت أشعر أن هناك أمر جلل .. و بالفعل كان .

        رأيت جيهان و تجسيدك لحالة الولادة التي جاءت على محورين
        ( مخاض للكتابة و مخاض لأنس )

        فكانت تواترا و تطبيقا رائع لكلتا الحالتين ..

        حزنت جدا لما كان الأمر وفاة بعد ولادة و هنا نخرج بعبرة و من لم يعتبر فل يخشع قلبه أبدا ..

        المتضادات تنسجم سويا و تتآتي في لحظة واحدة ..

        كما عهدك أستاذة .. نص قوي ومتين .. و آخره حزناً ..

        أشتم في نصوصك رائحة ثابتة لا تغادر جيوبي الأنفية ..

        رائحة الموت الذي لم يدعني حتى الآن و لم يغادر نصوصي أنا أيضا ..

        فهو الحقيقة الثابتة في الحياة المنعكسة في أقلامنا ..

        دام العطاء و دامت الروعة وأبعد عنك الحزن و لا أراكم الله مكروه أبداً ..

        سلامي لك و لروح جيهان التي أعرفها جيداً .. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ..

        كوني بخير يا صاحبة الوفاء
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • الدكتور نجم السراجي
          عضو الملتقى
          • 30-01-2010
          • 158

          #5
          سيدتي الكريمة نادية البريني
          لا يكتمل الجمال إلا حين نذكر الوفاء والعرفان وها هو جمال خلقك وطيبة قلبك يدعوانك لهذا الوفاء وها هو فكرك يبحث عن كمال الكلمات وجميل العبارات ليحقق الالتزام و تخرج هذه الصور الجميلة والتعبير المترابط المتين المنسوج بدقة وها هي روح الشهيدة ( وكما قال ولدي محمد سلطان ان الموت على الولادة شهادة ) تفرح وتحوم حول روحك تدعو بارئها لك جميل الدعاء فهنيئا لها الجنان وهنيئا لك الإخلاص والوفاء والعرفان
          قد تكون لي ملاحظة على القفلة التي تحولت الى الخطابية المباشرة وخالفت سير النص المتماسك المحبوك بدقة ، قد يكون السب هو انفعال الكاتبة وصدق عاطفتها وإحساسها وتأثرها بالمصاب ، او يكون السبب هو عدم دقتي وتقديري فهي ملاحظة لا أكثر هكذا وجدتها
          بارك الله في هذا القلب الطيب وهذا الخلق الرفيع وهذا الوفاء لمن علمنا حرفا وخلقا وأدبا
          تحياتي
          الدكتور نجم السراجي
          مدير مجلة ضفاف الدجلتين
          [URL="http://www.magazine10.net"]www.magazine10.net[/URL]

          [BIMG]http://i54.tinypic.com/b5m7vr.jpg[/BIMG]

          تعليق

          • العربي الثابت
            أديب وكاتب
            • 19-09-2009
            • 815

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
            شرعت في الكتابة ثمّ توقّفت وكأنّ القلم يعلن عصيانه لي.احتبست الكلمات داخلي.بدا المخاض عسيرا،شقّ معه خروج ما في الأعماق على سطح الورق.
            قاومت الوجع.الصّورة ساكنة في وجداني لكنّ تشكيلها يثيرني.لم تغادرني بل هي تحيا داخلي.مرّت سنة بأكملها لكنّني أرى ذلك اليوم قريبا جدّا،يتمثّله وجداني وذاكرتي...
            "لا تتأخّري ماما أرجوك.أنا في انتظارك وفي انتظار أن تعودي رفقة أنس"
            "لا تقلق حبيبي غدا أعود غدا إن شاء اللّه.انتبه إلى نفسك"
            لاذ الصّغير بالصّمت وفرحة الانتظار مرسومة على شفتيه بعد أن ودّع أمّه.لم يطل ترقّبه.من الغد حلّت أنس بين أحضان عائلتها.
            يتمرّد عليّ قلمي مجدّدا.تعسر ولادة الكلمة.
            "عندما داهمها المخاض توجّهت إلى المستشفى الخاصّ في هدوئها المعتاد ورقّتها اللاّمتناهية .نسمة خفيفة تدغدغ دون أن تؤذي.
            كانت الولادة طبيعيّة.خرجت الحياة من رحمها في صورة مولودة جميلة"هكذا أخبرتني أمّها لاحقا.
            كنّا ننتظر أن يُزَفّ إلينا هذا الخبرالجميل.باشرت العمل من الغد كالمعتاد وحالما دخلت المعهد وجدت السّكون رهيبا على غير العادة.اعترضتني وجوه واجمة لفتت انتباهي فأحسست بالضّيق وكلّما خطوت خطوة نحو قاعة الأساتذة زاد إحساسي بالاختناق.
            وصلت.لم أر غير فيض من الدّموع يبلّل وجوه الموجودين.لم أع في بادئ الأمر شيئا .اضطربت.ارتعش كامل جسدي.لم أستطع من وقع الصّدمة أن أتبيّن صورتها التي علّقت داخل القاعة مع خبر نعيها.لم نقو على الحركة أنا وغيري من الأساتذة والإداريين.
            فاجأنا رحيلها.مزّق أفئدتنا وأدمى قلوبنا.ماتت جيهان لتتفتّح زهرة جميلة رأيتها بعد أسبوعين من ولادتها في أحضان جدّتها .
            "فارقت فلذة كبدي الحياة بعد أربع ساعات تقريبا من من ولادة الصّغيرة أنس.كنت أنتظر خارج غرفة التّوليد على أحرّ من الجمر لكن...أخبرني الطّبيب لاحقا أنّها رأتها وقبّلتها قبل أن تتعكّر صحّتها وتفارق الحياة".
            اختنقت الأمّ .ذرفت الدّمع بغزارة "أفتقد دفئها وحنانها.أفتقد زيارتها لنا وإطلالتها المستمرّة علينا.نفتقدها جميعا.يفتقدها ابنها البكر أسامة الذي لم يتجاوز الخامسة من العمر.يسألني باستمرار عنها:متى تعود؟متى تعود؟ ألم تقولي إنّها في الجنّة؟ متى تعود؟"
            ازداد اختناقها.خذلتها الكلمات مثلما يخذلني الآن قلمي فيشعرني بالعجز عن تشكيل ملامح الصّورة الكامنة في وجداني.
            تهيّج الذكرى أحزاني.أذكر كيف قاومت ضعفي وتماسكت لأودّعها الوداع الأخير.دخلت الغرفة بمعيّة طالباتها اللاّئي أتين إلى موكب عزاء مدرّستهم المحبوبة.
            كان الأمر شاقّا لكنّنا تحاملنا على أنفسنا ودخلنا.رأيناها مسجّاة في هدوء أبديّ...
            هي الحياة تحتضن أعمارنا لبعض الوقت ثمّ تسلمنا لنهاياتنا.تسعدنا بالمولود وتؤذينا بالمفقود.لكنّ إيماننا يبدّد بعض وحشتنا.
            سقيا لقبرك جيهان.لم تغادرينا وقد أورثت الحياةَ نبتتين يافعتين ترتويان من مائها.
            اليوم مرّت سنة على وفاتك لكنّك نابضة في قلوبنا.
            يئنّ القلم جيهان.تتعثّر خطواته.يلوذ بالصّمت...لكنّ القلب يخفق لذكراك.

            النّص إلى روح جيهان التي ماتت في مثل هذا اليوم بعد ولادة ابنتها أنس(12-3-2009)
            هو الموت حين يومض كبرق خاطف فيأخذ أحباءنا إلى حيث لاعودة ...
            قرأت النص ..تأثرت ..ندت عيناي لزهر ذبل سريعا،في عز تفتحه واخضراره ..الموت قاهر..لا مفر منه إلا إليه.
            كان النص قويا ،متينا ولغته جميلة ومشوقة ...
            آيات العزاء لك في هذا الفقدان...وتحية وفاء بقدر وفاءك لروح الراحلة جيهان..
            محبتي وتقديري ...
            العربي الثابت/المغرب
            اذا كان العبور الزاميا ....
            فمن الاجمل ان تعبر باسما....

            تعليق

            • إيمان الدرع
              نائب ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3576

              #7
              الأديبة الرائعة : نادية البريني :
              لهذا الوفاء العظيم، وهذا القلب النابض بالحب الموجع لعزيزٍ رحل عنّا ، وترك خلفه الحنين الذي يتجدد على امتداد العمر ّ...
              نكنّ كلّ احترامٍ وتقدير . ونتوجّه بالدعاء للراحلة الغالية . أن يؤنسها بنوره ورحمته.
              وليدم هذا القلم الذي يتدفّق بالخير والعطاء .
              تحيّاتي...

              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

              تعليق

              • مصطفى الصالح
                لمسة شفق
                • 08-12-2009
                • 6443

                #8
                كنت اود القراءة
                لعلمي المسبق ان النص جميل

                قرات قليلا ثم توقفت

                عيناي تتعبان بسرعة من الخط الصغير جدا

                فاذا عدت مرة اخرى ووجدت الخط اكبر ساقرا باذن الله

                تحية وتقدير
                [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                حديث الشمس
                مصطفى الصالح[/align]

                تعليق

                • أحمد عيسى
                  أديب وكاتب
                  • 30-05-2008
                  • 1359

                  #9
                  جميلة يا نادية .. بأسلوبك السلس وسردك الهادئ ، لكنها حزينة في ذات الوقت ..وكان لابد لها أن تكون كذلك ..

                  رائع أختي نادية ..
                  ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                  [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                  تعليق

                  • إيمان عامر
                    أديب وكاتب
                    • 03-05-2008
                    • 1087

                    #10

                    عزيزتي نادية

                    كانت جميلة بطعم الحزن الساكن بين حنيا القلب الدمى

                    لحظة وفاء وذكري ورحيل اعز الناس
                    يرحل الجسد ويبقي الذكري تحيا وتنبض حب

                    سلمتى حبيبتي من كل شر

                    لك حبي وتقديري

                    دمت بكل خير
                    "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                    تعليق

                    • نادية البريني
                      أديب وكاتب
                      • 20-09-2009
                      • 2644

                      #11
                      أختي العزيزة عائدة
                      كان الحدث أقوى منّا لأنّه مفاجئ.كانت معنا قبل أسبوع ،تعمل بجدّ كعادتها رغم حملها ثمّ فارقت روحها الجسد في اليوم الذي ظهرت فيه مولودتها للحياة.
                      لا تدرين كم شقّت عليّ رؤية الصغيرة أنس بعد أسبوعين من موت أمّها.كانت ملاكا وهي بين أحضان جدّتها.أمّا ابنها أسامة ففي وجهه ذبول وإلحاح على عودة أمّه.
                      صدّقيني يعتصر قلبي الآن وأنا أتحدث إليك بما رأيت وعشت وأحسست.أدرك أنّ الموت حقّ علينا جميعا لكن الفراق صعب ولا يبدّده غير الوفاء.
                      شكرا غاليتي عائدة لحسّك المرهف
                      دمت بخير

                      تعليق

                      • علي التاجر
                        أديب وكاتب
                        • 21-12-2008
                        • 88

                        #12
                        الأخت الفاضلة/ نادية،،

                        وأنا أقرأ نصكِ الرائع، كانت تتفتق في داخلي ذكرياتٌ بعيدةٌ لوداع الأقربين،،

                        نصٌ صادقٌ يستطيع أن يستحث الشعور العميق أن يشتعل من جديد،

                        نصٌ يستحق كلّ الثناء والتقدير،،


                        تغمد الله "جيهان" بواسع رحمته وأسكن روحها فسيح جنانه،،

                        تعليق

                        • سمية البوغافرية
                          أديب وكاتب
                          • 26-12-2007
                          • 652

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                          شرعت في الكتابة ثمّ توقّفت وكأنّ القلم يعلن عصيانه لي.احتبست الكلمات داخلي.بدا المخاض عسيرا،شقّ معه خروج ما في الأعماق على سطح الورق.
                          قاومت الوجع.الصّورة ساكنة في وجداني لكنّ تشكيلها يثيرني.لم تغادرني بل هي تحيا داخلي.مرّت سنة بأكملها لكنّني أرى ذلك اليوم قريبا جدّا،يتمثّله وجداني وذاكرتي...
                          "لا تتأخّري ماما أرجوك.أنا في انتظارك وفي انتظار أن تعودي رفقة أنس"
                          "لا تقلق حبيبي غدا أعود غدا إن شاء اللّه.انتبه إلى نفسك"
                          لاذ الصّغير بالصّمت وفرحة الانتظار مرسومة على شفتيه بعد أن ودّع أمّه.لم يطل ترقّبه.من الغد حلّت أنس بين أحضان عائلتها.
                          يتمرّد عليّ قلمي مجدّدا.تعسر ولادة الكلمة.
                          "عندما داهمها المخاض توجّهت إلى المستشفى الخاصّ في هدوئها المعتاد ورقّتها اللاّمتناهية .نسمة خفيفة تدغدغ دون أن تؤذي.
                          كانت الولادة طبيعيّة.خرجت الحياة من رحمها في صورة مولودة جميلة"هكذا أخبرتني أمّها لاحقا.
                          كنّا ننتظر أن يُزَفّ إلينا هذا الخبرالجميل.باشرت العمل من الغد كالمعتاد وحالما دخلت المعهد وجدت السّكون رهيبا على غير العادة.اعترضتني وجوه واجمة لفتت انتباهي فأحسست بالضّيق وكلّما خطوت خطوة نحو قاعة الأساتذة زاد إحساسي بالاختناق.
                          وصلت.لم أر غير فيض من الدّموع يبلّل وجوه الموجودين.لم أع في بادئ الأمر شيئا .اضطربت.ارتعش كامل جسدي.لم أستطع من وقع الصّدمة أن أتبيّن صورتها التي علّقت داخل القاعة مع خبر نعيها.لم نقو على الحركة أنا وغيري من الأساتذة والإداريين.
                          فاجأنا رحيلها.مزّق أفئدتنا وأدمى قلوبنا.ماتت جيهان لتتفتّح زهرة جميلة رأيتها بعد أسبوعين من ولادتها في أحضان جدّتها .
                          "فارقت فلذة كبدي الحياة بعد أربع ساعات تقريبا من من ولادة الصّغيرة أنس.كنت أنتظر خارج غرفة التّوليد على أحرّ من الجمر لكن...أخبرني الطّبيب لاحقا أنّها رأتها وقبّلتها قبل أن تتعكّر صحّتها وتفارق الحياة".
                          اختنقت الأمّ .ذرفت الدّمع بغزارة "أفتقد دفئها وحنانها.أفتقد زيارتها لنا وإطلالتها المستمرّة علينا.نفتقدها جميعا.يفتقدها ابنها البكر أسامة الذي لم يتجاوز الخامسة من العمر.يسألني باستمرار عنها:متى تعود؟متى تعود؟ ألم تقولي إنّها في الجنّة؟ متى تعود؟"
                          ازداد اختناقها.خذلتها الكلمات مثلما يخذلني الآن قلمي فيشعرني بالعجز عن تشكيل ملامح الصّورة الكامنة في وجداني.
                          تهيّج الذكرى أحزاني.أذكر كيف قاومت ضعفي وتماسكت لأودّعها الوداع الأخير.دخلت الغرفة بمعيّة طالباتها اللاّئي أتين إلى موكب عزاء مدرّستهم المحبوبة.
                          كان الأمر شاقّا لكنّنا تحاملنا على أنفسنا ودخلنا.رأيناها مسجّاة في هدوء أبديّ...
                          هي الحياة تحتضن أعمارنا لبعض الوقت ثمّ تسلمنا لنهاياتنا.تسعدنا بالمولود وتؤذينا بالمفقود.لكنّ إيماننا يبدّد بعض وحشتنا.
                          سقيا لقبرك جيهان.لم تغادرينا وقد أورثت الحياةَ نبتتين يافعتين ترتويان من مائها.
                          اليوم مرّت سنة على وفاتك لكنّك نابضة في قلوبنا.
                          يئنّ القلم جيهان.تتعثّر خطواته.يلوذ بالصّمت...لكنّ القلب يخفق لذكراك.

                          النّص إلى روح جيهان التي ماتت في مثل هذا اليوم بعد ولادة ابنتها أنس(12-3-2009)
                          العزيزة المبدعة المقتدرة نادية البريني
                          حقيقة، حينما يحط الموت على غصن طري في أوج عطائه واخضراره فينتزعه من بيننا وبشكل مفاجئ
                          كما حدث مع زميلتك جيهان لا شك يكون الألم مضاعفا.. ولا شك في قوة اللوعة التي سيفجرها في القلب
                          الذي ألفها بجانبه تعطي وتحلم وتجد وتبني لتصل.. أما أن ينهار كل شيء في لمح البصر فأمر صعب صعب جدا
                          قد نعجز عن مواجهته.. فعزاؤنا في أن الله اختارها بجواره فرحمها الله وألهم أحبتها الصبر والسلوان
                          وأعاد إلينا ألق نصوصك الجميلة التي تجوب القلب دون استئذان وتبسط نفوذها على الذاكرة دون استئذان أيضا..
                          أنتظر قصصك الجميلة أيتها الوفية
                          دمت مبدعة ورمزا للوفاء
                          محبتي
                          التعديل الأخير تم بواسطة سمية البوغافرية; الساعة 15-03-2010, 10:00.

                          تعليق

                          • نادية البريني
                            أديب وكاتب
                            • 20-09-2009
                            • 2644

                            #14
                            أستاذي الفاضل ربيع
                            أردتها أن تكون فعلا ورقة وفاء لعزيزة رحلت.
                            لم يكن هدفي رسم لحظة الانبعاث بل تشكيل لحظة الموت بما خلّفته في النّفوس من جزع.همّي هو نقل قتامة الفراق الذي توازى مع الّلقاء:هذه تفارق الحياة وتلك تلاقيها.ثنائيّة ضدّية تؤسّس جوهر الوجود.
                            بصدق شديد حرقتي على المرحومة جيهان هي التي قدّت الخطاب وحدّدت مساره ولم أبالغ عندما قلت كان المخاض عسيرا لأني لم أعرف كيف ستكون بداية القصّ هل بالموت أم بالحياة.
                            سعيدة أستاذنا ربيع لتفاعلك مع ورقة الوفاء هذه.
                            دمت بخير

                            تعليق

                            • نادية البريني
                              أديب وكاتب
                              • 20-09-2009
                              • 2644

                              #15
                              ابني الغالي محمّد
                              كم استمرأت ذلك النّص الذي بنيته على نصّ.
                              أجدك دوما ناقدا تغوص في أعماق العمل بروحك وعقلك.
                              سعدت بتقديرك لعملي الذي جاء ثمرة وفاء و مخاضا على مخاض.
                              شهادتك أعتزّ بها ابني العزيز محمّد.
                              هل لنا غير الذكرى والوفاء والإيمان نقاوم به ما يعترينا من اضطرابات.
                              كن دوما بالقرب محمّد
                              دمت بألف خير

                              تعليق

                              يعمل...
                              X