"اللّيجو"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • منجية بن صالح
    رد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    الأستاذ الدكتور حكيم عباس


    لقد وعدت بالرجوع و الحمد لله على ذلك و بعد إعادة قراءة مقالك القيم ( أرجو التصويب إن أخطأت ) توصلت الى تقسيمه الى ثلاثة عناصرلقد تطرقت اليها بوضوح رغم تداخلها و تشعبها كما لها صلة وثيقة بموضوعك الآخر و الذي لا يقل ثراء عن هذاالموضوع و هما فعلا يتكاملان كما أفصحت عن ذلك في مقدمة موضوع القصة الحية

    و العناصر الثلاثة هي :الذاكرة , الخيال و الفن
    1-الذاكرة

    و تتداعي فينا صور لا حصر لها ، كأن باب الذاكرة انفتح على مصراعيه ، ننظر منه إلى ما مضى من سنين العمر ، بكل ما تحمل من جميل و قبيح ، من سعادة و ألم ، فكأننا نرى الوجوه و المكان بكل تفاصيله ، نسمع صرير الباب و الضحكات ...الخ
    ماذا جرى؟ مجرّد رائحة التقطها أنفنا بينما كنّا نعبر الشارع استحضر كمّا هائلا من المخزون الذي التقطته باقي الحواس منذ ثلاثين سنة...!!!


    فللذاكرة دور هام في تسيير حياة الإنسان فكلما رأى صورة أو عاش حدثا رجعت به الذاكرة الى مخزونها و تداعت عليه الصور بحلوها و مرها و كأنه أمام شاشة كبيرة يشاهد و يعيش أحداثا ليست بالأحداث و وا قعا ليس هو إذ يختلط فيها الماضي بالحاضر و الخيال بالواقع فهو يعيش في نفس اللحظة أحداثا داخلية على مستوى الذاكرة و الحس و الصورة و حدثا أو صورة أخرى خارجية تواصلت مع مخزون الذاكرة فهناك تفاعل وثيق بين داخل الإنسان و محيطه الخارجي و هذا التفاعل هو من في غالب الأحيان يحدد سلوك الفرد ,مقاله و حاله فأمام الفعل يقوم الإنسان بردة فعل

    إذا للذاكرة قدرة هائلة على تخزين المعلومات التي تلتقطها الحواس و كلنا يعرف دورالجينات و الأمراض الوراثية فهل نستطيع أن نقول أنها أي الذاكرة يمكن أن تحتوي على معلومات منذ خلق سيدنا آدم ؟

    و أنا أحكم العقل و المنطق فكما يرث الجسد لون البشرة و العين و الطول و القصر و الأمراض التي أثبت العلم أن بعضها وراثي , يمكن أن نفترض أن في خلايا المخ صور و أحداث ترسخ في الإنسان معاني يتوارثها أب عن جد و يقول هذا ما وجدنا عليه آبائنا و تكون له قناعات تتحكم في سلوكه و فكره و تجعله لا يتزحزح عنها قيد أنملة

    ففي الجسد أمراض مزمنة تموت مع صاحبها و ليس لها دواء و حضرتك أدرى بذلك مع الفرق أن فكر الإنسان يمكن أن يغير قناعته إذا أراد ذلك فمن رحمة الله بنا أنه أنزل لنا القرآن الكريم و السنة الشريفة حتى نقتدي بهما و نتبع الأمر و ننتهي عند النهي و لا نتمسك بالموروث و ننسج منه سلوكا و فكرا فيكون فاعلا في حياتنا و نصبح له تابعين.

    و هذا الموروث الفكري إذا لم نتخلى عنه و نتجرد منه نظرنا من خلاله إلى الأشياء و شهدناها بعينه و أولناها بأدواته و أدركناها بمقتضاه كمن لبس نظارة سوداء و رأى الأشياء من خلالها أو كالمريض (شفى الله الجميع) لا يستطيع أن يأكل ما يريد بل ما به هو الذي يملي عليه حمية معينة و سلوكا معينا أعرف أنه موضوع شائك ولكن حضرتك قلت أن لا ثابت عندك إلا القرآن و السنة الصحيحة و أنا أيضا كذلك .أتوقف عند هذا الحد و للحديث بقية إن شاء الله تعالى أرجو إذا لم يكن لديك مانعا أن نناقش ما طرحت بعدها سوف أنتقل بإذن الله تعالى إلى العنصر الثاني و أضيف ملاحظة أن القراءة بالنسبة لي هي مفتاح لباب ينفتح على أبواب أخرى مقفلة يمكن أن تفتح بإذن الله تعالى

    أستاذي الكريم شكرا على سعة صدرك مع تحياتي و تقديري
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    اترك تعليق:


  • منجية بن صالح
    رد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الأستاذ القدير حكيم عباس

    الحقيقة أن موضع "اللّيجو" أخذ جانبا آخر ، لتوضيح عمق الإحساس بالجمال فينا ، و الفنّ هو ممارسته ، و كيف أنّ كليهما (الجمال و الفن) يلتحمان ليشكّلا معا إحدى خصائصنا الطبيعية الملازمة للحياة و لإنسانيّتنا التي خلقنا الله عليها ، بنفي هذه الخاصيّة ، نفقد قوام الطبيعة الإنسانية الجمالية و التي هي بمثابة عمود الوسط في الخيمة ، إن سقط ، لا تنتهي الحياة إذ تبقى الخيمة و لكنّها تبقى مدمّرة و محطّمة .. كومة من قماش...غير قابلة للاستخدام كخيمة .. أشباه مخلوقات ، تشبه الإنسان شكلا.. ليس إلاّ..


    أستاذي القدير قد أبدعت شكلا و مضمونا في مقالتك و ردودك سلم قلمك و فكرك النير
    لقد كتبت شعرا و قصة و نثرت جمالا و فنا ذكرني بكتابات الرافعي رحمه الله تعالى لقد قرأتك بنفس الروح و بنفس الإحساس الذي تثيره الكلمة و المعنى لما فيهما من سمو خلق و صدق مشاعر و إحساس بالوجود
    مقالك ثري جدا ثراء مظاهر الحقيقة في الطبيعة و يتطلب تأني في الرد و لي عودة إن شاء الله تعالى فقط أردت التنويه بهذه الكتابة الراقية و الموضوع الهادف

    جزاك الله كل خير
    مع تحياتي و تقديري
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    اترك تعليق:


  • حكيم عباس
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة سهير الشريم مشاهدة المشاركة
    الدكتور القدير / حكيم عباس
    صباحك سعيد ..
    وتلك منظومة الجمال التي سطرتها لنا تركيبة تركيبة .. فامتزجت بجمالية الوصف وجمالية التسلسل والقفز بقصص مستخدم بها صورة وقصص ومستحضر ماضي سحيق لاسرة مكونة من أفراد ومن ثم تقلب الصفحات بسرعة دون أن تؤثر على الصورة التي تسبقها على منظر احدث لرجل يتراكض بين أرصفة المطارات وحقائب كثيرة ..
    أليس هذا من أروع جماليات الحياة .. التخيل والسفر والقفز والمرح فقط ببضعة ثواني .. أو أقل أحيانا ..
    هي ومضة تبرق بلمح البصر ، فتشرق تلك الفكرة عن لوحة رائعة متداخلة ذات أبعاد عديدة ملونة أحيانا ومن ثم قاتمة في إحدى الزوايا ..
    أتعلم دكتوري العزيز أنني كلما دخلت متجر تويز آر أص ,,, وقفت ردهة من الزمن خلف ستاند زجاجي بداخله مستعمرة من الليجو .. فاتنقل بينه وبين غيره من المعروضات والقلاع والجمال في نظم وترتيب تلك القطع الملونة . في ذلك الوقت كنت فقط أنظر أستمتع وأنبهر من الذي جلس كل تلك الساعات لينجز هذا العمل الرائع جدا .. لا أدري عندما قرأت مقالتك تلك شدتني ذاكرتني وأخذت تعدو بسرعة البرق من مجلسي أمام الحاسوب لاجد نفسي بذاكرتي أقف أمام تلك اللوحات المجسمة .. بينما كان عقلي يلهث من طول المسافات التي قطعها بومضة إلا أنني أمامها الآن بكل تفاصيلها .. في كل قطعة اتذكر منظومة أخرى مركبة ومنظمة شبيهة بعقلي وأحداثي وذاكرتي .. إلا أنها حية تترابط في بينها بالحياة والروح والتفاعل .. فعندما مرت أيضا تلك الفكرة في رأسي،والفرق بين جمود قطع الليجو والحياة في قطعنا نحن تراءى لي الموت .. وكيف لتلك النظومة ستتهاوى اذا زارها الموت يوما .. ولا يزور الموت قطع الليجو ..!!!
    أرى أنني أصبحت أتابع سير عقلي وفكري وخيالي .. حيث إنتقلت الى العالم الآخر بلحظة أو بومضة ضوء..
    ما أروع هذا الجمال ، وسبحان الله وما أروع تلك المنظومة التي تعمل بصمت على مدار الوقت . جلوسي هنا على الجهاز هي مسحة جمالية متحركة تصدر أفكار وتصب حروفا ما بين العقل والقلب والايحاء وترتيب الأفكار وتنسيق العبارات دون حتى استخدام الورق أو محو او خطأ .. تزداد تلك التركيبة تعقيدا أمامي ..
    وتعلو قلعة الليجو أمامي وتزداد الألوان .. وتأخذ منحنيات أكبر وقطع أكثر .. ورغم جماليتها الا انها تفتقد للحياة .. ولكنها تتمتع بالخلود .. استغفر الله لا خالد غير وجه الله .. ولكن أعني أنها غير معرضة للموت كما تركيباتنا الجميلة والتي تتقاطر إبداعا وإعجازا ..
    في الحقيقة أستاذي الفاضل إن مساحات الجمال تحتاج الى صفحات كثيرة بل إنها غير متناهية .. رغم أننا نحتفظ بكل تفاصيلها في ذلك الرأس الصغير .. فنكاد نسمع نبضها وتنفسها ونرى لونها وشكلها .. ولكن ربما يلزمها عالم غير متناهي لنقلها للورق .. فسبحان الله ما أروع الخالق
    أبدعت استاذي ، أبدعت .. شكرا لك على مساحة الجمال هذا .. ماأروعها

    تقديري واحترامي
    كنت هنااا والزهر
    -----------------------------------
    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=right]
    الأستاذة الفاضلة سهير الشريم
    تحيّة طيّبة

    أشكرك جزيل الشكر على مداخلتك هذه ، الصادقة و المرهفة حسّاً ، الغنيّة تأملا ، المزدحمة فضولا و تساؤلا ، المتّقدة تحفّزاً و تفحّصاً ، العامرة نشاطاً عقلياً و لا تخلو من مسحة حزن ، كشعلة ضرورية للإحساس بعمق الأشياء.

    نعم سيّدتي ، أظنّ أن اختراع "اللّيجو" يكمن خلفه تطلّعا (لمماحكة) الزّمن ، من خلال تحويل كلّ شيء للعبة ، لعبة أطفال ، فكيف لا و يبيّض الرأس فينا و نصل حافة القبر و ما زال الطفل فينا حاضر بكلّ تفاصيله ، يخنقنا الحنين له و لا نصل ، بيننا و بينّه الزّمن ، فبدلا من ألنّواح و البكاء ، نلهو و نلعب ، ألا يحمل الفنّ في طيّاته هذا الميول نحو اللّعب؟؟ بلا و لكن دون أن يختفي طعم مرارة الحاضر الذي أفرزه الزّمن من خلال بتره عن الماضي ، فيأتي لعبة بنكهة الحزن ، هذا هو نحيب الذّات في قفارها ... الفن ...الكشف عن جمال و تناغم و انسجام الأشياء.
    لكن الموت في الحقيقة (حصاد الزّمن) ليس هكذا ، بل هو مكمّل جمالي للحياة ، يكمل الثنائية التي بهما معا نكون (الحياة و الموت) ، و لو كان هنا متّسعا ، لشرحت بإسهاب ما نسمّيه في البيولوجيا = apoptesis كيف أن جينات و خلايا متخصّصة ، و كي يتمكّن الجسم من النّمو و التطور و تتخصّص أنسجته و أعضاءه و يستكمل الدّفاع عن نفسه ، كيف تعطي إشارات للخلايا التي أدت دورها و انتهت ، أو التي أصيبت بخطأ في تركيب الـ RNA (أحد الأحماض النووية) تجبرها على الموت ، على الانتحار ، و حين تعجز عن فعل هذا في بعض الحالات ، ينمو فينا السرطان أو نشوّه خلقيا ...الخ
    هي هارموني الحياة و الموت لاستكمال وحدة جمالية وظيفية فاعلة .. حكمة قدسية إلهية نحتاج لسنين أخرى طويلة كي نفهم بالضّبط ماذا يجري من "ديالوج" بين الخلايا و كيف تُجبر على شرب الماء حتى الانفجار (الانتحار) ...
    لو كنت أملك أمرا ، لمنعت الإفتاء في أي مجال من مجالات الحياة تحت طائلة العقاب الشديد ، إلا بعد الجلوس مع لجنة منتقاة من المتخصّصين في ذلك المجال ، لأنّه ليس من المعقول أن يفتي في علم الجينات أو أي حقل آخر من لم يسمع عنه ، بل من كانت مؤهلاته العامة لا تتجاوز أنفه.
    أفتيَ بتحريم الصورة و بعض الفنون من قبل هؤلاء مثلا..
    تحياتي
    حكيم
    [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

    اترك تعليق:


  • حكيم عباس
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة سعاد عثمان علي مشاهدة المشاركة
    أستاذ حكيم عباس
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صور جمالية ...من زاوية اخرى
    الحواس الخمس ايضاً استخدمها علماء وخبراء النفس
    فهي موجودة ومخلوقة ومؤصلة في كل إنسان
    وتختلف نشاطها من إنسان لآخر
    فشخص تكون لديه حاسة سمع قوية-مرهفة-
    هذا اعطوه نمط سمعي
    والسمعي هذا يتصف بأنه -عاقل-يسمع اكثر مما يتكلم
    النمط الثاني يكون-لماح-شديد الملاحظة-فأسموه-بصري-
    النمط الثالث -هو النمط الحسي
    لكن هذا الحسي يمتلك اكثر من حاسة
    فالسمعي يمتلك رهافة السمع-والبصري يمتلك رهافة وسرعة النظر والتقييم
    أما الحسي فهو يمتلك-اللمس-الشم-الذوق
    ولكي يسهل تفاهمك مع شخص-يجب ان تعرف نمطه
    السمعي دائما ينطق معك-كلمات مثل-اسمعني شوية-سمعت صوت-جرس-رعد
    البصري تجده يقول لك-خللي بالك معاي-شايف كيف-شفت ازاي-برق-لمعان مثل الماس
    اما الحسي ممكن يقول-حاسس بسعادة
    ولما يكون زعلان يقول-حاسس بمرارة في حلقي
    ويصف الشيء-بنعومة متناهية-مثل الحرير-رقيق-هاديء-اخفض صوت التلفزيون-وهكذا
    جميعها دلالات وصفات جمالية يخصص الله بها شخص عن آخر
    ويعطي الجمال للجميع
    والله جميل يحب الجمال
    ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    اللهم حسًن خُلقي كما حسنت خلق
    مع اطيب التحايا
    سعادة
    ------------------
    [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
    شكرا أختي الفاضلة سعاد عثمان على حضورك العطر ، و جزاك الله خيرا على ما أضفت من معلومات.

    الحقيقة أن موضوع "اللّيجو" أخذ جانبا آخر ، لتوضيح عمق الإحساس بالجمال فينا ، و الفنّ هو ممارسته ، و كيف أنّ كليهما (الجمال و الفن) يلتحمان ليشكّلا معا إحدى خصائصنا الطبيعية الملازمة للحياة و لإنسانيّتنا التي خلقنا الله عليها ، بنفي هذه الخاصيّة ، نفقد قوام الطبيعة الإنسانية الجمالية و التي هي بمثابة عمود الوسط في الخيمة ، إن سقط ، لا تنتهي الحياة إذ تبقى الخيمة و لكنّها تبقى مدمّرة و محطّمة .. كومة من قماش...غير قابلة للاستخدام كخيمة .. أشباه مخلوقات ، تشبه الإنسان شكلا.. ليس إلاّ..

    تحيّاتي
    حكيم
    [/align][/cell][/table1][/align]

    اترك تعليق:


  • سهير الشريم
    رد
    الدكتور القدير / حكيم عباس
    صباحك سعيد ..

    وتلك منظومة الجمال التي سطرتها لنا تركيبة تركيبة .. فامتزجت بجمالية الوصف وجمالية التسلسل والقفز بقصص مستخدم بها صورة وقصص ومستحضر ماضي سحيق لاسرة مكونة من أفراد ومن ثم تقلب الصفحات بسرعة دون أن تؤثر على الصورة التي تسبقها على منظر احدث لرجل يتراكض بين أرصفة المطارات وحقائب كثيرة ..
    أليس هذا من أروع جماليات الحياة .. التخيل والسفر والقفز والمرح فقط ببضعة ثواني .. أو أقل أحيانا ..
    هي ومضة تبرق بلمح البصر ، فتشرق تلك الفكرة عن لوحة رائعة متداخلة ذات أبعاد عديدة ملونة أحيانا ومن ثم قاتمة في إحدى الزوايا ..
    أتعلم دكتوري العزيز أنني كلما دخلت متجر تويز آر أص ,,, وقفت ردهة من الزمن خلف ستاند زجاجي بداخله مستعمرة من الليجو .. فاتنقل بينه وبين غيره من المعروضات والقلاع والجمال في نظم وترتيب تلك القطع الملونة . في ذلك الوقت كنت فقط أنظر أستمتع وأنبهر من الذي جلس كل تلك الساعات لينجز هذا العمل الرائع جدا .. لا أدري عندما قرأت مقالتك تلك شدتني ذاكرتني وأخذت تعدو بسرعة البرق من مجلسي أمام الحاسوب لاجد نفسي بذاكرتي أقف أمام تلك اللوحات المجسمة .. بينما كان عقلي يلهث من طول المسافات التي قطعها بومضة إلا أنني أمامها الآن بكل تفاصيلها .. في كل قطعة اتذكر منظومة أخرى مركبة ومنظمة شبيهة بعقلي وأحداثي وذاكرتي .. إلا أنها حية تترابط في بينها بالحياة والروح والتفاعل .. فعندما مرت أيضا تلك الفكرة في رأسي،والفرق بين جمود قطع الليجو والحياة في قطعنا نحن تراءى لي الموت .. وكيف لتلك النظومة ستتهاوى اذا زارها الموت يوما .. ولا يزور الموت قطع الليجو ..!!!
    أرى أنني أصبحت أتابع سير عقلي وفكري وخيالي .. حيث إنتقلت الى العالم الآخر بلحظة أو بومضة ضوء..
    ما أروع هذا الجمال ، وسبحان الله وما أروع تلك المنظومة التي تعمل بصمت على مدار الوقت . جلوسي هنا على الجهاز هي مسحة جمالية متحركة تصدر أفكار وتصب حروفا ما بين العقل والقلب والايحاء وترتيب الأفكار وتنسيق العبارات دون حتى استخدام الورق أو محو او خطأ .. تزداد تلك التركيبة تعقيدا أمامي ..
    وتعلو قلعة الليجو أمامي وتزداد الألوان .. وتأخذ منحنيات أكبر وقطع أكثر .. ورغم جماليتها الا انها تفتقد للحياة .. ولكنها تتمتع بالخلود .. استغفر الله لا خالد غير وجه الله .. ولكن أعني أنها غير معرضة للموت كما تركيباتنا الجميلة والتي تتقاطر إبداعا وإعجازا ..
    في الحقيقة أستاذي الفاضل إن مساحات الجمال تحتاج الى صفحات كثيرة بل إنها غير متناهية .. رغم أننا نحتفظ بكل تفاصيلها في ذلك الرأس الصغير .. فنكاد نسمع نبضها وتنفسها ونرى لونها وشكلها .. ولكن ربما يلزمها عالم غير متناهي لنقلها للورق .. فسبحان الله ما أروع الخالق
    أبدعت استاذي ، أبدعت .. شكرا لك على مساحة الجمال هذا .. ماأروعها

    تقديري واحترامي

    كنت هنااا والزهر

    اترك تعليق:


  • سعاد عثمان علي
    رد
    أستاذ حكيم عباس
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صور جمالية ...من زاوية اخرى
    الحواس الخمس ايضاً استخدمها علماء وخبراء النفس
    فهي موجودة ومخلوقة ومؤصلة في كل إنسان
    وتختلف نشاطها من إنسان لآخر
    فشخص تكون لديه حاسة سمع قوية-مرهفة-
    هذا اعطوه نمط سمعي
    والسمعي هذا يتصف بأنه -عاقل-يسمع اكثر مما يتكلم
    النمط الثاني يكون-لماح-شديد الملاحظة-فأسموه-بصري-
    النمط الثالث -هو النمط الحسي
    لكن هذا الحسي يمتلك اكثر من حاسة
    فالسمعي يمتلك رهافة السمع-والبصري يمتلك رهافة وسرعة النظر والتقييم
    أما الحسي فهو يمتلك-اللمس-الشم-الذوق
    ولكي يسهل تفاهمك مع شخص-يجب ان تعرف نمطه
    السمعي دائما ينطق معك-كلمات مثل-اسمعني شوية-سمعت صوت-جرس-رعد
    البصري تجده يقول لك-خللي بالك معاي-شايف كيف-شفت ازاي-برق-لمعان مثل الماس
    اما الحسي ممكن يقول-حاسس بسعادة
    ولما يكون زعلان يقول-حاسس بمرارة في حلقي
    ويصف الشيء-بنعومة متناهية-مثل الحرير-رقيق-هاديء-اخفض صوت التلفزيون-وهكذا
    جميعها دلالات وصفات جمالية يخصص الله بها شخص عن آخر
    ويعطي الجمال للجميع
    والله جميل يحب الجمال
    ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    اللهم حسًن خُلقي كما حسنت خلق
    مع اطيب التحايا
    سعادة

    اترك تعليق:


  • حكيم عباس
    كتب موضوع "اللّيجو"

    "اللّيجو"

    [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
    ملاحظة : أهدف من هذه المقالة الوقوف بكلّ قامتي منتصبا في الجهة المعاكسة للجهة التي يقف فيها من يعتقد بإمكانية أن تكون الحياة أو تستمر كينونتها دون فن ، دون الإحساس العميق بـالجمال "كهارموني" عميقة بين عناصر الكون كلّها باحياءه و جماده ، و هي العصارة السرية التي تقف على رأس دبوسها الحياة .
    بعد أن يُشبع هذا الموضوع نقاشا و حوارا وفق الأسس التي وضعها "الصالون الأدبي" ، أنوي نقله إلى موضوع الأستاذ محمد شعبان الموجي ، حول البحث الموسوعي عن الجمال ، و لكي يظلّ بعيدا عن جلبة الحوار و غبار معاركه ، فضلت أولا وضع مقالتي هنا منفصلة ، ثم بعد الهدوء نقلها هناك حيث يجب أن تكون.
    [/align][/cell][/table1][/align]

    "اللّيجو"

    [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
    شاءت حكمة الله أن يخلق فينا السمع و البصر و الشمّ و التذوق و الإحساس ، نأتي إلى العالم الحي بها كأدوات جهزنا بها الله و منحنا إيّاها ، كمن يريد الخروج في رحلة ، فيجهز نفسه بلباس يقيه الحرّ أو البرد ، و صرّة طعام و قنينة ماء و بعض الأدوات الأخرى تعينه في رحلته.
    بهذه الأدوات نتعرّف على جسمنا ، و على مَن و ما حولنا من ناس و أجسام و طبيعة ، من قبّة السّماء المزيّنة بالنّجوم ، حتى ثنايا التّراب حيث تسبح الحشرات و الديدان ...
    هكذا نلتقط آلافا مؤلفة من الأصوات بذبذباتها و طبقاتها المختلفة ، و نخزّنها ، آلافا مؤلّفة من الرّوائح و الأطعمة ، و ملمس الأشياء ، كما نلتقط ملايين الصور ، كلّ ما نلتقطه بأدواتنا الحسيّة ، يُخزّن في الدّماغ ، فيما بعد يُصبح المخزون الحسّي هذا وسيلتنا للتّعرف على الأشياء ، نشمّ الرّائحة فقط دون أن نرى شيئا ، فنعرف أنّها رائحة "الكُشَري" مثلا ، نأخذ شريحة من اللّحم فتعجبنا لطعمها اللّذيذ الذي يشبه شرائح اللّحم التي تناولناها ذات مرّة ، في مطعم شاميّ أدهشنا ، أو نمتعض منها لأنّها غير ناضجة ، أو ملحها يزيد عن ما نرغب به .
    تقع يدنا دون أن ننتبه على سطح ما ، فنعرف أنّه زجاجي أو معدني أو خشبي أو إسمنتي أو من قماش ، ربما نتمكّن من تحديد نوع القماش أيضا ، نرى وجها في الشارع يمرّ أمامنا فيجذبنا به شيئ ما ، ربّما لا ندركه فورا ، فنتابعه و نجهد الذاكرة ، فنتذكّر أنّه زميل لنا من أيام المدرسة ، لم نره منذ عشرين سنة ، لكنّ شيئا ما ، سجّلته أعيننا منذ عشرين سنة ، جعلنا الآن نتعرف عليه ، إذ بقيت ملامحه تحتفظ بذلك الشيء ، أو توحي له .
    نسمع صوتا يأتي من خارج البيت ، فنعرف مصدره من يمين البيت لا من خلفه أو من أمامه ، و نعرف أنه صوت امرأة و ليس صوت طفل أو رجل ، و نعرف أنّها جارتنا "بهيّة" (خالته للأستاذ محمد شعبان الموجي) ، تزعق على ابنها المراهق الذي " يعكنن" عيشتها...
    لاحظوا معي كيف كلّما زادت تجربتنا تكون أصلا زادت قبلها أو بمواكبتها هذه النّماذج الحسيّة التي التقطناها بحواسنا الخمس ، بمعنى ، كلّما اتّسع مخزوننا و أثريَ بهذه اللّقطات ، ازداد فهمنا و إدراكنا و وعينا لما يدور حولنا .
    أنظروا لهذه الهدية الإلهية التي منحت لنا يوم ميلادنا كيف هي حواس خمس ، بل أسس خمس تقوم عليها الحياة فيما بعد.
    هذا ليس كلّ شيء ، الحواس تعمل معا من خلال هارموني و ايقاع شديد التناغم و الانسجام ،
    كيف؟؟
    نعبر الشارع فنشتم رائحة طعام تنبعث من أحد البيوت ، فنتذكر "أكلة" لها نفس الرّائحة ، كانت الوالدة رحمها الله ، منذ ثلاثين سنة تُحضّرها ، وكنّا جميعا ، كلّ أفراد الأسرة نحبّها إلا شقيقنا الأصغر ، كان يكرهها ، نشعر بغصّة في الصدر لمرور الزّمن الذي فرق الأسرة كلا في بلد و كلا في حال ، نتذكر مقلبا مضحكا ذات يوم افتعله شقيقنا الأصغر الذي لا يحبّ هذه "الأكلة" ، و تتداعي فينا صور لا حصر لها ، كأن باب الذاكرة انفتح على مصرعيه ، ننظر منه إلى ما مضى من سنين العمر ، بكل ما تحمل من جميل و قبيح ، من سعادة و ألم ، فكأننا نرى الوجو و المكان بكل تفاصيله ، نسمع صرير الباب و الضحكات ...الخ
    ماذا جرى؟ مجرّد رائحة التقطها أنفنا بينما كنّا نعبر الشارع استحضر كمّا هائلا من المخزون الذي التقطته باقي الحواس منذ ثلاثين سنة...!!!
    إذن ما تلتقطه حواسنا ، يمتزج بعضه ببعض ، يُنشئ علاقات فيما بينه ، لا ينفصل الشمّ عن الملمس عن الطّعم عن الصورة و لا عن الصوت ، حتى لو كانت قد التُقطت في أزمنة مختلفة ، فما جُمع عن طريق الأنف حين يخزّن في دماغنا ، لا يجلس وحيدا هناك ، و لا معزولا يرفض الاحتكاك بمن حوله ، بل يقيم علاقات و روابط مع ما خُزّن عن طريق العين و الأذن و اللّسان و الجلد ،


    تزاد حكمة الله وضوحا وقوة ، حين منحنا الحواس الخمس في أوّل خطوة لنا في رحلتنا في غابات الحياة...!!!
    هذا العمل الذي يتمّ في مخزوننا الدّماغي ، و الذي جمعته حواسنا ، أشبه ما يكون بعمل "أوركسترا" تنفّذ معزوفة موسيقية ، "أوركسترا" مكوّنة من عدد كبير من العازفين المختلفين في كلّ النّواحي ، و أدوات موسيقية مختلفة و متنوّعة ، لكن العازفين و الأدوات و رغم اختلافهم و تنوّعهم ، و رغم أن لكلّ منهم عزفه المنفرد ، إلاّ أنهم يشتركون في عزف مقطوعة واحدة بإنسجام و "هارموني" جمالي رفيع.
    هذا أيضا ليس كلّ شيء. التّعرف على ما حولنا على أساس ما اختزناه من نتاج حواسنا لا يتم بشكل آلي ، رتيب ، روتيني ، و لا تتداعى فينا الذاكرة بكل مخزونها المتنوّع من صور و أصوات و روائح و أحداث ، تداعيا روتينيّا رتيبا آلي ، بل هناك شيء آخر يحدث ، يمكننا رصده بسهولة ، و هو قدرتنا على التّخيّل .
    التخيّل يعني بناء ما هو غير موجود ، رؤيته و هو غير موجود ، سماع صوته و هو غير موجود ، نشتم رائحته و هو غير موجود ، نحسّ ملمسه و هو غير موجود ، نتذوّقه و هو غير موجود ، أقصد بـ "غير موجود" يعني غير موجود "فيزيقيا" ، لا وجود جسدي ، لا تجسيد له .
    فنحن نتذكّر حوادث وقعت ، مادية حسيّة ، من خلال ما اختزنته حواسنا المادية عن تلك الأحداث من صور و أصوات و روائح ، لكنّنا نعيد تركيبها حين نتذكر ، قدرتنا على التّخيل هي التي تفعل هذا . التّخيل ليس مقدرة فقط باتجاه الماضي ، إعادة تركيب ما مضي و بناءه بعد أن فنى و انتهى و تبخّر من الوجود ، لا ، فالأمر أوسع و أشمل ، إذ أن هذه المقدرة تمتدّ أيضا باتّجاهٍ آخر ، باتّجاه المستقبل ، نحو الذي لم يحصل ، لم نخبره و لم نره ، لا وجود له ، و لم يسبق له أن وجد .
    لنتمعّن ما يلي : تسير في الشارع فتشاهد في حديقة أمام منزل ما ، شجرة غريبة ، تتباطأ لتشبع منها النّظر، فتجدها رائعة الجمال ، تتمنّى أن يكون عندك مثلها ، تكمل طريقك ، لكنّ الشجرة و الحديقة لم تفارقا ذهنك ، كما أنّ الأمنية لم تتبخّر بعد ، بل تحوّلت لصورة استحضرتها عن بيتك و حديقته (إن كان له حديقة) ثم قارنت بين ما عندك و ما رأيته ، بدأت تتخيّل كيف ستبني بيتا جديدا ، و كيف ستكون حديقته ، و أين سيكون موقع الشجرة ، و ستحاول تغيير موقعها أكثر من مرّة إلى أن يستقر بك الرأي فترضى ، و سترى نفسك تجلس مع أولادك في ظلها تلعبون ...و آلاف الصور الأخرى ..
    لكن يبرق الواقع فيك وسط الخيال و لو لحظة ، فتتذكّر أن ليس لديك ما يكفي من النّقود لبناء بيت ، فيوخزك شيء من الدّاخل ، يسبح فكرك باتّجاه النقود ، كيف و من أين تحصل عليها؟ لم يرفعوا راتبك منذ سنين ، تبدأ بالتّفكير كيف لك أن تدفعهم لرفع راتبك ، يخطر ببالك أن تعمل بالتّجارة إضافة لوظيفتك ، فتقلّب الفكر ، بأي تجارة تريد العمل ؟ تستهويك تجارة الأخشاب مثلا ، كم تحتاج من النقود؟ ما رأس مالها ؟ تقرّر سؤال فلان فهو يعرف ، تهدأ قليلا ، فتتخيّل المنطقة الصناعية و تحدّد أين سيكون مكان متجرك ، ترى المتجر مليء بالأخشاب ، و ترى نفسك خلف مكتبك تأمر و تنهى ، و تقبض النقود ..... آلاف الصور و التشعبات ، و ربّما القرارات ، نحب و نكره ، نرضى و نغضب و نقرر ، و كلّه في الخيال في بضع خطوات نعبر بها الشارع بعد أن حرّضتنا أمنية أو حلم أو تطلّع..!!!
    ماذا فعلت هنا ، لقد بنيت في ذهنك صورا متكاملة متسلسلة تتناسل من بعضها البعض ، كنت تراها و تسمع الأصوات تماما كما في الواقع ، و الحقيقة أن لا شيء موجود ، لم يسبق أن خبرته ، و لم يسبق له أن وجد ، لكنّك تحسّ بكل شيء فيه ، هذه هي القدرة على التّخيل ، شعلة دائمة الاشتعال فينا ، مثل الشعلة الأولمبية ، قبس يعجّ بالحياة لا ينطفئ ، لا ينطفئ أبدا ، محرّك هائل القوة يدفعنا في كلّ الاتّجاهات ، هو الوجه الآخر للنّبض ، للحياة فينا ، لا تخلو لحظة واحدة من حياتنا من هذه الشعلة ، لا تمرّ بنا لحظة واحدة دون تخيّل ، حتى في أشد اللحظات عصبية و عنف ، نكون بمكان ما نتخيّل ما سيحدث ، و نتخيل كيف ستكون ردّة فعل من حولنا .
    ما هي أدواتنا التي نبني بها حين نتخيلّ؟
    إنّها نفس الأدوات ، نفس المخزون الذي جمعته لنا حواسنا الخمس من صور و أصوات و روائح و أذواق و ملمس للأشياء .
    حين نريد فهم ما حولنا ، نستخدم المخزون ذاته ، حين نتذكّر و حين نتخيّل و في كلّ صغيرة و كبيرة نقوم بها في حياتنا ، نستخدم ذات المخزون .. إنّها لعبة "اللّيجو" ، لعبة الأطفال الشهيرة ، التي تحتوي على قطع "الليجو" و يقوم الطفل بتركيب ما يشاء من هذه القطع ، فيركّب سيارة ، ثم يفكّكها ليركّب من ذات القطع بيتا ، ثم يفكّكه ليركّب كرسيّا ... الخ
    كيف يمكن لقطعة "ليجو" واحدة ، لنَقُل طوبة مثلا ، كيف لها أن تكون جزءا من سيارة ، و جزءا من بيت و من شجرة و من وجه حبيب و حبيبة ، و جزءا من باب الدّار و من مقعد الطائرة و من الغيوم تعمر بها السماء و الأرض... كيف؟ من أيّ مادة مصنوعة قطعة "الليجو" هذه؟؟
    كلّما كانت قِطَع "الليجو" أكثر عددا كلّما استطاع الطفل تركيب أجسام و أشكال أكثر عددا و أكثر تنوّعا.
    هل هناك أوسع من حكمة الله حين أهدانا خمسة حواس ، فقط خمس ، لنبدأ رحلتنا في غابات الحياة... ؟؟؟!!
    فها نحن نمتلك "هارموني" داخلية و انسجاما يشبه انسجام و تناغم "السمفوني" ، نمتلك شعلة التخيّل التي لا تنطفئ ، نمتلك قطع "الليجو" السحرية التي نركب منها كلّ شيء ، إنّها السحر بعينه ، في وسط الجمال هذا كلّه ، المنسجم تماما ، لماذا لا نرى الله و نسمعه و نشتمّه و نتعرّف على طعمه و ملمسه ؟؟؟ نحن قادرون على رؤية كلّ ما هو غير موجود فيزيقيّا حولنا ، نتخيّله و نبنيه فنراه ، نسمع صوته و نشتمّه ، أليس لنا أن نرى الله أيضا فينا ، في هذه "الهارموني" ، في هذا الانسجام ، في هذا الجمال ؟؟! إنّها القدرة على الإحساس بالجمال ، الجمال هو هذا الذي يسري في عروقنا حين نتخيّل ، و حين نتذكّر ، و حين نتفاعل ، و حين تتداعى فينا مخزونات حواسنا منسجمة تستحضر الواحدة الأخرى ...
    الجمال هو تلك العصارة السّرية التي تجري في عروق كلّ الاشياء بغض النّظر أكانت جبالا ، نجوما ، غيوما ، بحارا أو عصافير أو نمل أو ديدان أو وجه الحبيبة ، لون خدّ حبة التّفاح أو قوس قزح يتمرّغ فوق القمم ، نسمة تهبّ فتراقص السّكون ، أو دمعة أو بسمة تلاحق وقع أقدام تبتعد أو تقترب ... الجمال هو ديبيب الحياة في كل شيء ، خافتا أحيانا و صارخا أحيانا أخرى ، الحياة هي لمسة من الله ، و اللّواقط (الحواس) هي هدية الله للحياة ، و بين الله في الأولى و الله في الثانية ، لا شيء غير الانسجام و الاندماج و الشّعور بدبيب الحياة الذي هو دبيب الجمال ، الشّعور به ، من لا يرى الله في هذا ، لا يخبر الجمال ، و من لا يخبر الجمال لا يرى الله ...!!
    الفنّ هو الأداة التي بها نلتقط و ("نركّب"= نبني ) هذا الجمال و نبثّه ، نعرضه على باقي المخلوقات ، الفن هو تقليد لما يحصل في الدّماغ ، ممارسة عملية للقدرة على التّخيل ، إنه بعض من قبس الشعلة التي تضيء فينا على مدار اللّحظة ، و لا تتركنا إلا إذا تركتنا الرّوح ، فهو ملازم لها ، إنّه القوة الوحيدة فينا التي تستطيع استخدم قطع "الليجو" السحرية ، فنركّب منها أشكالا و ألوانا و وجوها أخرى ، أمتدادا لما نفعله كلّ لحظة في خيالنا . الفن هو هذا الجزء الذي لا يمكن أن ينفصل عن الحياة ، لا يمكن أن ينفصل عن الكائن الحي ، كسرُه ، عزلُه ، رفضه ، هو العميُ عن الانسجام الجمالي في هذا الكون ، العمي عن رؤية الله و سماع صوته و الاحساس بملمسه و رائحته و طعمه (مع فارق التشبيه) .. تحريم الفن .. يساوي تحريم الانسجام و "الهارموني" مع الكون و مع النفس و فيها ، يساوي إعدام الجمال ...
    الله لا يفعل هذا .. لا يفعل الله ما ينافي طبيعته ..!!! من يرضى تقويل الله ما لم يقل؟؟؟

    تحياتي للجميع
    حكيم
    [/align][/cell][/table1][/align]
يعمل...
X