وسطية الإسلام
في
النقد والجدال
في
النقد والجدال
بقلم أ.د: بكري شيخ أمين
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو اللجنة العالمية للغة العربية
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو اللجنة العالمية للغة العربية
للرجل المتعلم أدبان : أدب درس ، وأدب نفس
ولا تكتمل شخصية الإنسان إلا بهما معاً .. فأدب الدرس وحده ، دون أن يرافقه أدب النفس غير مجد ، بل غير مفيد . فالعالم الذي استوعب علوم الأولين والآخرين لن يفيد أحد من علومه إن لم يقترن علمه بأدب النفس .
كم رأينا علماء كباراً في العلوم الطبيعية ، أو الرياضية ، أو الفقهية ، أو العلوم الإنسانية ، أو اللغوية ، أو النحوية ، أو الأدبية ، أو غيرها .. كانوا سيئي الخلق مع أسرهم من زوجات وأبناء وبنات ، أو مع جيرانهم ، أو مع من يتعاملون معهم ، أو من يتعلمون على أيديهم ..
إن مثل هؤلاء الناس لن ينتفع منهم احد ، ولن يمدح سلوكهم إنسان ، ولن يحترمهم قريب أو بعيد ، لأنهم فقدوا العنصر الثاني من المعادلة ، وهي : أدب النفس .
ولو كان محمد بن عبد الله ، وهو رسول من الله ، ومبلغ رسالته ، والذي نزل عليه القرآن ، ونزل عليه أمين وحي الله جبريل .. لو كان فظاً غليظ القلب ، خشن الطباع ، سيئ المعاملة ، لانفض عنه أتباعه ، ولكفر به الذين آمنوا بدينه ، ولزالت رسالته من الوجود .
فظاظة المعاملة ، وسلاطة اللسان ، وقسوة القلب ، وتجهم الوجه ، وسوء المعاملة ، منفرة للقريب والبعيد ، مبعدة للناس عنه ، حتى لو كان صاحبها أعلم من في الأرض .
أما أدب النفس :
ففيه معان شتى .
أولها : الرفق واللين ، فما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما خلا من شيء إلا شانه .
وثانيها: حلاوة اللسان ، وبشاشة الوجه .. واللسان الحلو جلاب لكل مودة ، مقرب لكل بعيد ، مدن لكل قاص.. وأما العبوس فهو أول طارد لكل قريب ورفيق وجار .
جرب أن تكشر وجهك ، وتحملق عينيك في وجه طفل عمره سنة واحدة أو سنتان .. وانظر إلى تعبيرات وجهه .. حتى لو كنت أباه ، أو أمه ، أو أخاه ، أو أخته ..
يتأمل الطفل في أول الأمر سحنتك ، ويتعجب من منظر وجهك .. ثم يعود إلى ذاكرته ، ويقارن بين ما اعتاد أن يراك عليه .. وبين الحالة التي أنت فيها الآن .
بعدها تبدأ ملامح وجهه بالتغير ، ويظل ينظر إليك .. وأنت على تلك السحنة .. وفجأة يعلو صونه بالبكاء ، وتظهر عليه علامات الرعب والخوف ، ويشيح بوجهه عنك ، ويهرب من أمام وجهك ،ويلتجئ إلى أقرب الناس إليه ..وكأنه يحتمي منك .. هذا مع الطفل الصغير .. تأمل تكشيرات سحنتك ، وخاف منها ومنك .. ولا تظنن أن يعود إلى أحضانك ولو كنت أباه ، أو أمه ، أو أخته ، أو أخاه .. إلا مر زمن طويل ، ومسحت تلك الهيئة المخيفة من ذاكرته مع الأيام .. كذلك الأمر مع اليافع والشاب والتلميذ والمتعلم والناس البعداء الآخرين ؟
في الأثر أن هناك شاعراً حكيماً علم ابنه الطريقة المثلى لمعاشرة الناس ومحادثتهم فقال :
أبنيَّ ! إن البِرَّ شيءٌ هيِّنُ وجهٌ بشوشٌ وكلامٌ ليِّنُ
أعرف رجلاً أوتي حظاً كبيراً من العلم ، بل قد يكون أكثر تفوقاً من الكثيرين أمثاله ، له قلم سيال يكتب المقالات ،والنقد ، والتحليل ، وكان في مقام رفيع ، يستطيع به أن يضر وينفع ، ويحول من شاء إلى ما شاء ..لكنه كان سليط اللسان ، شرس الطباع ، كثير اللعن دائم الشتم والنقد ، والسباب.. ساخطاً على الحياة وقوانينها ، ذاماً للدنيا التي ترفع الصغير ، وتسفل الكبير .. ـ وكأنه كان يعني نفسه ـ .
تلك هي سمات النقد الإسلامي ، وتلك هي آدابه ومقوماته ، وتلك هي الوسطية التي دعا إليها الدين الحنيف . وأكرمْ بها من دعوة وأخلاق .
حلب المحروسة
10/7/2007م بكري شيخ أمين
ولا تكتمل شخصية الإنسان إلا بهما معاً .. فأدب الدرس وحده ، دون أن يرافقه أدب النفس غير مجد ، بل غير مفيد . فالعالم الذي استوعب علوم الأولين والآخرين لن يفيد أحد من علومه إن لم يقترن علمه بأدب النفس .
كم رأينا علماء كباراً في العلوم الطبيعية ، أو الرياضية ، أو الفقهية ، أو العلوم الإنسانية ، أو اللغوية ، أو النحوية ، أو الأدبية ، أو غيرها .. كانوا سيئي الخلق مع أسرهم من زوجات وأبناء وبنات ، أو مع جيرانهم ، أو مع من يتعاملون معهم ، أو من يتعلمون على أيديهم ..
إن مثل هؤلاء الناس لن ينتفع منهم احد ، ولن يمدح سلوكهم إنسان ، ولن يحترمهم قريب أو بعيد ، لأنهم فقدوا العنصر الثاني من المعادلة ، وهي : أدب النفس .
ولو كان محمد بن عبد الله ، وهو رسول من الله ، ومبلغ رسالته ، والذي نزل عليه القرآن ، ونزل عليه أمين وحي الله جبريل .. لو كان فظاً غليظ القلب ، خشن الطباع ، سيئ المعاملة ، لانفض عنه أتباعه ، ولكفر به الذين آمنوا بدينه ، ولزالت رسالته من الوجود .
فظاظة المعاملة ، وسلاطة اللسان ، وقسوة القلب ، وتجهم الوجه ، وسوء المعاملة ، منفرة للقريب والبعيد ، مبعدة للناس عنه ، حتى لو كان صاحبها أعلم من في الأرض .
أما أدب النفس :
ففيه معان شتى .
أولها : الرفق واللين ، فما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما خلا من شيء إلا شانه .
وثانيها: حلاوة اللسان ، وبشاشة الوجه .. واللسان الحلو جلاب لكل مودة ، مقرب لكل بعيد ، مدن لكل قاص.. وأما العبوس فهو أول طارد لكل قريب ورفيق وجار .
جرب أن تكشر وجهك ، وتحملق عينيك في وجه طفل عمره سنة واحدة أو سنتان .. وانظر إلى تعبيرات وجهه .. حتى لو كنت أباه ، أو أمه ، أو أخاه ، أو أخته ..
يتأمل الطفل في أول الأمر سحنتك ، ويتعجب من منظر وجهك .. ثم يعود إلى ذاكرته ، ويقارن بين ما اعتاد أن يراك عليه .. وبين الحالة التي أنت فيها الآن .
بعدها تبدأ ملامح وجهه بالتغير ، ويظل ينظر إليك .. وأنت على تلك السحنة .. وفجأة يعلو صونه بالبكاء ، وتظهر عليه علامات الرعب والخوف ، ويشيح بوجهه عنك ، ويهرب من أمام وجهك ،ويلتجئ إلى أقرب الناس إليه ..وكأنه يحتمي منك .. هذا مع الطفل الصغير .. تأمل تكشيرات سحنتك ، وخاف منها ومنك .. ولا تظنن أن يعود إلى أحضانك ولو كنت أباه ، أو أمه ، أو أخته ، أو أخاه .. إلا مر زمن طويل ، ومسحت تلك الهيئة المخيفة من ذاكرته مع الأيام .. كذلك الأمر مع اليافع والشاب والتلميذ والمتعلم والناس البعداء الآخرين ؟
في الأثر أن هناك شاعراً حكيماً علم ابنه الطريقة المثلى لمعاشرة الناس ومحادثتهم فقال :
أبنيَّ ! إن البِرَّ شيءٌ هيِّنُ وجهٌ بشوشٌ وكلامٌ ليِّنُ
أعرف رجلاً أوتي حظاً كبيراً من العلم ، بل قد يكون أكثر تفوقاً من الكثيرين أمثاله ، له قلم سيال يكتب المقالات ،والنقد ، والتحليل ، وكان في مقام رفيع ، يستطيع به أن يضر وينفع ، ويحول من شاء إلى ما شاء ..لكنه كان سليط اللسان ، شرس الطباع ، كثير اللعن دائم الشتم والنقد ، والسباب.. ساخطاً على الحياة وقوانينها ، ذاماً للدنيا التي ترفع الصغير ، وتسفل الكبير .. ـ وكأنه كان يعني نفسه ـ .
تلك هي سمات النقد الإسلامي ، وتلك هي آدابه ومقوماته ، وتلك هي الوسطية التي دعا إليها الدين الحنيف . وأكرمْ بها من دعوة وأخلاق .
حلب المحروسة
10/7/2007م بكري شيخ أمين
صندوق البريد : 13003 حلب ـ سورية
هاتف المكتب : 2124266 21 00963
هاتف المنزل : 2664752 21 00963
هاتف الجوال : 664752 944 00963
e.mail:sheikha@scs-net.org
هاتف المكتب : 2124266 21 00963
هاتف المنزل : 2664752 21 00963
هاتف الجوال : 664752 944 00963
e.mail:sheikha@scs-net.org
تعليق