الأستاذ الفاضل محمد شعبان الموجي
لي بعض الملاحظات أود تقديمها:
-أولا من حيث الشكل:طريقة حوارية رائعة كان يتبعها أفلاطون في محوراته التي كتبها على لسان سقراط.لكن النص الذي بين أيدينا اقتصر على مداخلة واحدةل(قال)والثانية ل(قلت)وبذلك صودر حق(قال)في الرد،ولم نعرف جوابه وردود أفعاله اتجاه ما سمع،وكأننا في مجال الق.ق.ص.
حسب تقديري المتواضع،كان من المفروض أن نتتبع الفكرة لنعرف كيف تبنى،وأن لا نكتفي بمجموعة من الأحكام التقريرية الصادرة عن التفكير المسبق،كان بالإمكان تقليد سقراط على الأقل في كيفية توليد الأفكار من أذهان محاوريه كما كانت أمه تولد النساء الحوامل،شأن من يطلب العلم والإستفادة،بحيث ينتقل من أقوال محاوره إلى أقوال لازمة عنها ،والغرض من ذلك تخليص العقول من العلم الزائف.أما أن ينتهي الحوار بأحكام جاهزة مسبقة فتلك معضلة.
ربما كنت تقصد –خصوصا وأنت من منشطي هذا الملتقى-أن يختفي ذلك الضمير المستتر في(قال)لتتسع الدائرة ،وتصبح قال عباس وقال أحمد مظهروقالت رنا الخطيب وهكذا..
هنا ما أبرعك!
-كجواب أولي عن السؤال المطروح،يمكن أن أقول وبكل بساطة،أن التفكيرالمسبق ليس جريمة بل بديهية،فالذات العارفة لا يمكن أن تنسلخ عما تشبعت به من أفكارعملت على بنائها عبر مسار تاريخها في الكشف والتنقيب والإصغاء والتعلم.لكن الخطورة تتجلى في الأحكام الجاهزة التي يمكن أن تصدرها هذه الذات تجاه الآخر،وما أكثر ضحايا الأحكام الجاهزة التي يمكن أن تصل حتى إلى ذبح البشر في واضحة النهار وأمام الملأ،هناك شهود عيان على ذلك من العراق الشقيق.
-مثلا في قرية معزولة،حيث تنتشر الأخبار المحلية بسرعة،وتكثر فيها الإشاعات.حينما يلتحق فقيه جديد بالمسجد أو مدرس جديد بالمدرسة.تلك الأحكام الجاهزة التي يصدرها أهل القرية بحقه في البداية تبقى لصيقة به طيلة خدمته هناك،كم منهم أطلق في حقه حكم قيمة-من طرف غير المختصين-بأنه غشاش،ومهما اجتهد وأبدع وتفانى دائما يجازى من طرفهم بتلك النظرة الدونية.وبالعكس من ذلك كم من المخادعين الذين يستطيعون تضليل الأهالي في البداية بتدينهم وإيثارهم،سرعان ما يستهترون بالقيام بواجباتهم ويعذرهم الآهل..أحدهم اكتسب الثقة وبالغ..بعد مرور وقت طويل اكتشف بأنه يدعي النبوة،بل حتى الآيات التي كان يلقنها لتلاميذه فيها تحريف،صاحبنا هذا تعلم وأصبح مدرسا،يحفظ القرآن ا لكريم،لكن كلما قرأ اسم محمد إلا وأضاف له اسمه العائلي،إنه تفكيره المسبق.
يتضح من هذا المثال الحي أن التفكير المسبق ليس دائما على صواب،ليس مطلقا ولايجوز بأي حال من الأحوال أن يعتقد المرء بأنه وصل منتهى الحقيقة،ويوصد الأبواب على نفسه،ولا ينفتح على التفكير المسبق للآخرين،إما من أجل الإستفادة منه،أوإصلاح ما قد ينطوي عليه من اعوجاج،إن كان هناك تواصل بناء أصلا.
هنا أستحضر معك قول ذلك الرجل الأمي الذي لم يؤلف لنا كتابا حتى لاتحسبه علينا ضمن تلك الأطنان التي ذكرتها والتي لا نعلم عنها إلا النزر اليسير،ذلك الرجل الأمي الذي خلده التاريخ لشجاعته قال:{اعرف نفسك بنفسك،اعرف أنك لا تعرف شيئا،وهنا بداية المعرفة}
أما إذا عدنا إلى التاريخ البشري،وأردنا الوقوف عند مسألة أساسية لها تجليات دينية وعلمية وهي من إنتاج التفكير المسبق الذي يخلق الأوهام أيضا،نجد مسألة دوران الأرض حول الشمس التي شكلت انقلابا على التفكير المسبق الذي خيم على الإنسانية لقرون طويلة.وضدا على ذلك افترض كوبرنيك أن الأشياء ليست هي المركز،بل إن الملاحظ لها هو المركز،والأرض ليست ثابتة والأفلاك تدورحولها.وإنما رأى أن الحركة العالمية كلها يمكن النظر إليها من مركز ملاحظ متحرك هو أيضا،بدلا من اعتبار الأشياء مركزا.
قد نتيه في الحديث،والسبب حسب ظني هوغياب خطة،وعدم تحديد للمحاور،لهذا بقي الكلام أشعثا،لوتمت صياغة الموضوع من جديد على ضوء اقتراحات وتوجيهات،كل من د.م عبد الحميد مظهر ود إميل صابر والأستاذ حكيم عباس والأستاذة رنا الخطيب وغيرهم،لكان أفيد.حتى لاتتزاحم المواضيع ويثير بعضها الآخر.
قولك أستاذي:{معظم هذه المناهج الغربية من العلم الذي لا ينفع ومن الجهل الذي لا يضر..ومعظم هذه الكتابات الفلسفية لا تخرج عن كونها آراء متحفية لا ولن ترى النور...وهذا يذكرني بأطنان المجلات السياسية والفلسفية والفكرية الشيوعية..التي كانت تصدر في الستينات والتي كانت تحتوي على آلاف المقالات والأبحاث المحكمة المتقنة الثرية بالأفكار والطروحات ..وكلها انتهى بها الزمن إلى مزبلة التاريخ...}
-لا أنكر أني استفدت منك الكثير،لكن هنا –وليتسع لي صدرك-أقول لك بكل وضوح وصوت مسموع،إنك جانبت الصواب أكثر من مرة،كلامك سيدي فيه الكثير من العموميات والأحكام الجاهزة والأوهام،وأتمنى أن تعيد النظر..وأرجو من خالتك بهية أن تساعدك على ذلك.
أهمس في أذنك سيدي وأقول لك:الفلسفة لا تقدم لنا حلولا أو أجوبة دقيقة،فتلك مهمة مختلف العلوم،هي يكفيها شرفا أنها تدفعنا إلى التساؤل وتجعلنا نشك فيما نعتقد أنه معرفة.إنها تنمية لوعي نقدي وتفكيرحرومستقل،يساعد على اتخاذ المسافة من كل ما هو جاهز ويبدو بديهيا،وعلى التحرر من أشكال الفكر السلبي،كالتبعية الفكرية،والتلقي السلبي للمعارف والآراء والمعلومات.التفكير الفلسفي انعتاق من الذاتية المنغلقة الإقصائية،وانفتاح على التبادل والمشاركة القائم على الإحترام والتسامح والتواصل على أساس قيم الخير والحق والجمال.
-لا تكن مثل من همشوا الفكر الحي عبر التاريخ،فنحن نتجاهل الخصم حتى لا يِؤثر فينا،وقد يغمى علينا أمام الأسد،الأسد هو الفلسفة بالنسبة لنا.
لهذا أحرقوا كتب ابن رشد بل رحلوا حتى جثته،بينما استقبله الغرب بالأحضان،وغيروا اسمه إلى Averroesوترجمت كتبه التي من خلالها تعرفوا على المنطق الأرسطي،وخصوصا شروحاته وبذلك أدمجوه في عقولهم ليساهم في تشكيل تفكيرهم المسبق.
-لهذا أيضا ينعدم تدريس الفلسفة في معظم جامعات أوطاننا العربية،في المغرب مثلا هناك كليات عديدة،لكن فقط اثنتين تدرس فيهما شعبة الفلسفة كتخصص،وعدد الطلبة قليل.من رحم الفلسفة يتخصص السوسيولوجيون والإبستمولوجيون وعلماء النفس،وفلاسفة اللغة والمنطق..
ألم يقل عنها ديكارت إنها أم العلوم؟
أم تريدنا أن نكتفي مثلا أثناء دراستنا لمفهوم الإستعارة بما كتبه الجرجاني وابن جني،أليس من واجبنا أن نطلع على ما كتبه الفلاسفة والعلماء؟كيف يمكن أن نتنكر لما كتبه جونسون وصديقه لاكوف حول مفهوم الإستعارة؟
ألم يأمرنا رسولنا الكريم بقوله:اطلبوا العلم ولو في الصين؟
حتى تلك الشيوعية التي ذكرتها يمكنني أن أستفيد منها كمنهج في التحليل،ألم يعرف لينين الماركسية بقوله:إنها التحليل الملموس لواقع ملموس،لا تهمني عقيدتهم ،فالأمر محسوم،لهم دينهم ولنا ديننا.
حينما نعود للثرات الإنساني ليس بذلك المفهوم المتحفي، ولكن باعتباره إبداعا متجددا بتجدد القراءة والنقد،ونعمل على تأصيله وتبويبه والبناء عليه.ما قلته عن الماركسية يمكن أن أقوله عن البنيوية،كما أن هذا لا يعني إقصاء العلوم الأخرى.
والآداب والفنون،ماهو الضرر إن قرأت للسليك أو لتأبط شرا؟
ربما كان يجدر بنا تحديد المجالات المعرفية التي يمكن أن يجوز فيها التفكير المسبق،وأخرى لا يجوز ذلك بل يعتبر عائقا إبستمولوجيا يحول دون تقدم المعرفة العلمية،مثلا الكندي صنف أنواع المعرفة إلى ثلاثة:
-معرفة حسية أداتها الحس وموضوعها المحسوسات.
-معرفة عقلية أداتها العقل وموضوعها المعقولات.
-معرفة إلهية أداتها الرسل المبلغة عن الله تعالى.
واضح أن محاولة التخلص من الأحكام الجاهزة لا يمكن أن تمتد إلى الأخيرة،لأنها ليست تفكيرا إنسانيا بل رسالة سماوية،ونحن متيقنين بأنها محفوظة،في هذا المنحى تحدث أستاذنا عن المرجعية المعصومة،والتي لاتعني لي غير الشرع(القرآن والسنة).
لا يسعني إلا أن أتوجه إلى لله العلي القدير،وأقول:اللهم ثبت أستاذنا،وأره الحق حقا،وارزقه اتباعه،وأره الباطل باطلا وارزقه اجتنابه.
والسلام
لي بعض الملاحظات أود تقديمها:
-أولا من حيث الشكل:طريقة حوارية رائعة كان يتبعها أفلاطون في محوراته التي كتبها على لسان سقراط.لكن النص الذي بين أيدينا اقتصر على مداخلة واحدةل(قال)والثانية ل(قلت)وبذلك صودر حق(قال)في الرد،ولم نعرف جوابه وردود أفعاله اتجاه ما سمع،وكأننا في مجال الق.ق.ص.
حسب تقديري المتواضع،كان من المفروض أن نتتبع الفكرة لنعرف كيف تبنى،وأن لا نكتفي بمجموعة من الأحكام التقريرية الصادرة عن التفكير المسبق،كان بالإمكان تقليد سقراط على الأقل في كيفية توليد الأفكار من أذهان محاوريه كما كانت أمه تولد النساء الحوامل،شأن من يطلب العلم والإستفادة،بحيث ينتقل من أقوال محاوره إلى أقوال لازمة عنها ،والغرض من ذلك تخليص العقول من العلم الزائف.أما أن ينتهي الحوار بأحكام جاهزة مسبقة فتلك معضلة.
ربما كنت تقصد –خصوصا وأنت من منشطي هذا الملتقى-أن يختفي ذلك الضمير المستتر في(قال)لتتسع الدائرة ،وتصبح قال عباس وقال أحمد مظهروقالت رنا الخطيب وهكذا..
هنا ما أبرعك!
-كجواب أولي عن السؤال المطروح،يمكن أن أقول وبكل بساطة،أن التفكيرالمسبق ليس جريمة بل بديهية،فالذات العارفة لا يمكن أن تنسلخ عما تشبعت به من أفكارعملت على بنائها عبر مسار تاريخها في الكشف والتنقيب والإصغاء والتعلم.لكن الخطورة تتجلى في الأحكام الجاهزة التي يمكن أن تصدرها هذه الذات تجاه الآخر،وما أكثر ضحايا الأحكام الجاهزة التي يمكن أن تصل حتى إلى ذبح البشر في واضحة النهار وأمام الملأ،هناك شهود عيان على ذلك من العراق الشقيق.
-مثلا في قرية معزولة،حيث تنتشر الأخبار المحلية بسرعة،وتكثر فيها الإشاعات.حينما يلتحق فقيه جديد بالمسجد أو مدرس جديد بالمدرسة.تلك الأحكام الجاهزة التي يصدرها أهل القرية بحقه في البداية تبقى لصيقة به طيلة خدمته هناك،كم منهم أطلق في حقه حكم قيمة-من طرف غير المختصين-بأنه غشاش،ومهما اجتهد وأبدع وتفانى دائما يجازى من طرفهم بتلك النظرة الدونية.وبالعكس من ذلك كم من المخادعين الذين يستطيعون تضليل الأهالي في البداية بتدينهم وإيثارهم،سرعان ما يستهترون بالقيام بواجباتهم ويعذرهم الآهل..أحدهم اكتسب الثقة وبالغ..بعد مرور وقت طويل اكتشف بأنه يدعي النبوة،بل حتى الآيات التي كان يلقنها لتلاميذه فيها تحريف،صاحبنا هذا تعلم وأصبح مدرسا،يحفظ القرآن ا لكريم،لكن كلما قرأ اسم محمد إلا وأضاف له اسمه العائلي،إنه تفكيره المسبق.
يتضح من هذا المثال الحي أن التفكير المسبق ليس دائما على صواب،ليس مطلقا ولايجوز بأي حال من الأحوال أن يعتقد المرء بأنه وصل منتهى الحقيقة،ويوصد الأبواب على نفسه،ولا ينفتح على التفكير المسبق للآخرين،إما من أجل الإستفادة منه،أوإصلاح ما قد ينطوي عليه من اعوجاج،إن كان هناك تواصل بناء أصلا.
هنا أستحضر معك قول ذلك الرجل الأمي الذي لم يؤلف لنا كتابا حتى لاتحسبه علينا ضمن تلك الأطنان التي ذكرتها والتي لا نعلم عنها إلا النزر اليسير،ذلك الرجل الأمي الذي خلده التاريخ لشجاعته قال:{اعرف نفسك بنفسك،اعرف أنك لا تعرف شيئا،وهنا بداية المعرفة}
أما إذا عدنا إلى التاريخ البشري،وأردنا الوقوف عند مسألة أساسية لها تجليات دينية وعلمية وهي من إنتاج التفكير المسبق الذي يخلق الأوهام أيضا،نجد مسألة دوران الأرض حول الشمس التي شكلت انقلابا على التفكير المسبق الذي خيم على الإنسانية لقرون طويلة.وضدا على ذلك افترض كوبرنيك أن الأشياء ليست هي المركز،بل إن الملاحظ لها هو المركز،والأرض ليست ثابتة والأفلاك تدورحولها.وإنما رأى أن الحركة العالمية كلها يمكن النظر إليها من مركز ملاحظ متحرك هو أيضا،بدلا من اعتبار الأشياء مركزا.
قد نتيه في الحديث،والسبب حسب ظني هوغياب خطة،وعدم تحديد للمحاور،لهذا بقي الكلام أشعثا،لوتمت صياغة الموضوع من جديد على ضوء اقتراحات وتوجيهات،كل من د.م عبد الحميد مظهر ود إميل صابر والأستاذ حكيم عباس والأستاذة رنا الخطيب وغيرهم،لكان أفيد.حتى لاتتزاحم المواضيع ويثير بعضها الآخر.
قولك أستاذي:{معظم هذه المناهج الغربية من العلم الذي لا ينفع ومن الجهل الذي لا يضر..ومعظم هذه الكتابات الفلسفية لا تخرج عن كونها آراء متحفية لا ولن ترى النور...وهذا يذكرني بأطنان المجلات السياسية والفلسفية والفكرية الشيوعية..التي كانت تصدر في الستينات والتي كانت تحتوي على آلاف المقالات والأبحاث المحكمة المتقنة الثرية بالأفكار والطروحات ..وكلها انتهى بها الزمن إلى مزبلة التاريخ...}
-لا أنكر أني استفدت منك الكثير،لكن هنا –وليتسع لي صدرك-أقول لك بكل وضوح وصوت مسموع،إنك جانبت الصواب أكثر من مرة،كلامك سيدي فيه الكثير من العموميات والأحكام الجاهزة والأوهام،وأتمنى أن تعيد النظر..وأرجو من خالتك بهية أن تساعدك على ذلك.
أهمس في أذنك سيدي وأقول لك:الفلسفة لا تقدم لنا حلولا أو أجوبة دقيقة،فتلك مهمة مختلف العلوم،هي يكفيها شرفا أنها تدفعنا إلى التساؤل وتجعلنا نشك فيما نعتقد أنه معرفة.إنها تنمية لوعي نقدي وتفكيرحرومستقل،يساعد على اتخاذ المسافة من كل ما هو جاهز ويبدو بديهيا،وعلى التحرر من أشكال الفكر السلبي،كالتبعية الفكرية،والتلقي السلبي للمعارف والآراء والمعلومات.التفكير الفلسفي انعتاق من الذاتية المنغلقة الإقصائية،وانفتاح على التبادل والمشاركة القائم على الإحترام والتسامح والتواصل على أساس قيم الخير والحق والجمال.
-لا تكن مثل من همشوا الفكر الحي عبر التاريخ،فنحن نتجاهل الخصم حتى لا يِؤثر فينا،وقد يغمى علينا أمام الأسد،الأسد هو الفلسفة بالنسبة لنا.
لهذا أحرقوا كتب ابن رشد بل رحلوا حتى جثته،بينما استقبله الغرب بالأحضان،وغيروا اسمه إلى Averroesوترجمت كتبه التي من خلالها تعرفوا على المنطق الأرسطي،وخصوصا شروحاته وبذلك أدمجوه في عقولهم ليساهم في تشكيل تفكيرهم المسبق.
-لهذا أيضا ينعدم تدريس الفلسفة في معظم جامعات أوطاننا العربية،في المغرب مثلا هناك كليات عديدة،لكن فقط اثنتين تدرس فيهما شعبة الفلسفة كتخصص،وعدد الطلبة قليل.من رحم الفلسفة يتخصص السوسيولوجيون والإبستمولوجيون وعلماء النفس،وفلاسفة اللغة والمنطق..
ألم يقل عنها ديكارت إنها أم العلوم؟
أم تريدنا أن نكتفي مثلا أثناء دراستنا لمفهوم الإستعارة بما كتبه الجرجاني وابن جني،أليس من واجبنا أن نطلع على ما كتبه الفلاسفة والعلماء؟كيف يمكن أن نتنكر لما كتبه جونسون وصديقه لاكوف حول مفهوم الإستعارة؟
ألم يأمرنا رسولنا الكريم بقوله:اطلبوا العلم ولو في الصين؟
حتى تلك الشيوعية التي ذكرتها يمكنني أن أستفيد منها كمنهج في التحليل،ألم يعرف لينين الماركسية بقوله:إنها التحليل الملموس لواقع ملموس،لا تهمني عقيدتهم ،فالأمر محسوم،لهم دينهم ولنا ديننا.
حينما نعود للثرات الإنساني ليس بذلك المفهوم المتحفي، ولكن باعتباره إبداعا متجددا بتجدد القراءة والنقد،ونعمل على تأصيله وتبويبه والبناء عليه.ما قلته عن الماركسية يمكن أن أقوله عن البنيوية،كما أن هذا لا يعني إقصاء العلوم الأخرى.
والآداب والفنون،ماهو الضرر إن قرأت للسليك أو لتأبط شرا؟
ربما كان يجدر بنا تحديد المجالات المعرفية التي يمكن أن يجوز فيها التفكير المسبق،وأخرى لا يجوز ذلك بل يعتبر عائقا إبستمولوجيا يحول دون تقدم المعرفة العلمية،مثلا الكندي صنف أنواع المعرفة إلى ثلاثة:
-معرفة حسية أداتها الحس وموضوعها المحسوسات.
-معرفة عقلية أداتها العقل وموضوعها المعقولات.
-معرفة إلهية أداتها الرسل المبلغة عن الله تعالى.
واضح أن محاولة التخلص من الأحكام الجاهزة لا يمكن أن تمتد إلى الأخيرة،لأنها ليست تفكيرا إنسانيا بل رسالة سماوية،ونحن متيقنين بأنها محفوظة،في هذا المنحى تحدث أستاذنا عن المرجعية المعصومة،والتي لاتعني لي غير الشرع(القرآن والسنة).
لا يسعني إلا أن أتوجه إلى لله العلي القدير،وأقول:اللهم ثبت أستاذنا،وأره الحق حقا،وارزقه اتباعه،وأره الباطل باطلا وارزقه اجتنابه.
والسلام
تعليق