(معايير قصيدة النثر عتند الماغوط ) كما رآها الشاعر العربي: محمود درويش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مهتدي مصطفى غالب
    شاعروناقد أدبي و مسرحي
    • 30-08-2008
    • 863

    #31
    > والخطاب الشهير في السبعينات: «لا تسقطوا غصن الزيتون»؟
    - لا لم أكتبه وحدي. كنا مجموعة وكتبناه معاً. لكن الصحافة ركّزت عليّ وكأنني أنا الذي كتبته.



    حياة خاصة
    > قلت لي انك لم تخرج من البيت منذ ثلاثة!
    - وأحياناً أبقى أكثر.



    > ماذا يعني لك البيت؟ ألا تشعر أحياناً بسأم ما، بوحدة ما...؟
    - البيت يعني لي الجلوس مع النفس ومع الكتب ومع الموسيقى ومع الورق الأبيض. البيت هو أشبه بغرفة إصغاء الى الداخل ومحاولة لتوظيف الوقت في شكل أفضل. ففي الستين يشعر المرء بأنه لم يبق لديه وقت طويل. وشخصياً اعترف بأنني أهدرت وقتاً طويلاً في ما لا يجدي، في السفر، في العلاقات وغير ذلك. انني حريص الآن على ان أوظف وقتي لمصلحة ما اعتقد بأنه افضل وهو الكتابة والقراءة. يشكو كثير من الناس من العزلة، أما أنا فإنني أدمنت العزلة، ربيتها وعقدت صداقة حميمة معها. العزلة هي أحد الاختبارات الكبرى لقدرة المرء على التماسك. وطرد الضجر هو أيضاً قوة روحية عالية جداً. وأشعر بأنني إذا فقدت العزلة فقدت نفسي. أنا حريص على البقاء في هذه العزلة، وهذا لا يعني انه انقطاع عن الحياة والواقع والناس... انني انظم وقتي في شكل لا يسمح لي بأن انغمر في علاقات اجتماعية قد لا تكون كلها مفيدة.



    > لم تعد حياتك صاخبة سياسياً مثلما كانت من قبل؟
    - الصخب لا أستطيع ان أتحرر منه. مصيرنا الوطني والإنساني يعذب النفس ويعذب الفكر. ونحن الآن في لحظة تاريخية يسود فيها، لا أريد ان أقول، قانون الغاب، ولكن استبداد كوني لا يصيبنا وحدنا، لكننا نشعر به اكثر من سوانا، لأننا نحن الأضعف الآن في العالم. ولدينا أزمة حضور وأزمة علاقة بتاريخنا ومستقبلنا. والأخطر هو أزمة العلاقة بالمستقبل. من هنا، فهذا الصخب قوي جداً ولكن يجب ألا نرد عليه بصخب كتابي. فأنت لا تستطيع ان تصارع الصخب بصخب لغوي، فالصخب المادي أقوى من الصوت الذاتي. عليك ان تقاوم هذا الصخب بنقيضه، بل بلغة أهدأ وبالتأمل وبارتباط أعلى بالحياة، وبتمجيد جماليات الحياة وبالبحث عن الطاقة الكامنة في النفس البشرية... هكذا تستطيع ان تسمع صوتك. فالصخب الخارجي العالي يستطيع ان يبتلع صوتك. انني أقاوم الصخب بالسكينة.


    > قلت مرة ان «البيت اجمل من الطريق الى البيت»؟ هل يذكرك هذا القول بكلام الشاعر الألماني هولدرلن عن «العودة الى البيت»؟
    - كثيرون من الشعراء منذ هوميروس كتبوا عن ثنائية الطريق والبيت. كنت دائماً أميل الى تمجيد الطريق، والطريق بؤرة أساسية في الرؤيا الشعرية والصوفية. هذه الثنائية تتناوبها أوليات مختلفة. عندما كنت خارج الوطن، كنت اعتقد ان الطريق سيؤدي الى البيت وان البيت اجمل من الطريق الى البيت. ولكن عندما عدت الى ما يُسمى البيت وهو ليس بيتاً حقيقياً غيّرت هذا القول وقلت: ما زال الطريق الى البيت اجمل من البيت لأن الحلم ما زال




    > إنها حالة عوليس إذاً؟
    - أجل، حالة عوليس الذي لم يجد نفسه ولا ما كان يتوقع، ولم يجد كذلك بينيلوب. وبحسب الحالة الراهنة عدت شعرياً الى التأمل أكثر في الدرب والسبب بسيط لأنني لم أجد البيت.



    > متى توطدت علاقتك القوية بالبيت؟ في أي مرحلة من حياتك؟
    - علاقتي القوية بالبيت نمت في المنفى أو في الشتات. عندما تكون في بيتك لا تمجد البيت ولا تشعر بأهميته وحميميته، ولكن عندما تحرم من البيت يتحوّل الى صبابة والى مشتهى، وكأنه هو الغاية القصوى من الرحلة كلها. المنفى هو الذي عمّق مفهوم البيت والوطن، كون المنفى نقيضاً لهما. أما الآن فلا أستطيع أن أعرّف المنفى بنقيضه ولا الوطن بنقيضه، الآن اختلف الأمر وأصبح الوطن والمنفى أمرين ملتبسين.



    > أي بيت أحببت خلال منفاك؟ وهل من علاقة بين البيت والمدينة التي تكون فيها؟
    - لا شك في هذه العلاقة. فالبيت لا ينفصل عن محيطه. بيت في حيفا يختلف عن بيت في باريس أو القاهرة أو بيروت. نوافذ البيت مفتوحة على أصوات الخارج. أما البيت المجازي الذي يخلقه الشاعر لنفسه فإنما هو بيت داخلي يخترعه الشاعر نفسه. إنه عبارة عن بيت شعري. هكذا يتحول البيت الى بيت شعر وبيت الشعر يصبح مسكناً أو مأوى. لذلك أحب كثيراً عثور العرب على كلمة واحدة ذات معنيين البيت أي المنزل والبيت الشعري، وهذا تطابق جميل.



    > أول بيت سكنته بعد خروجك من فلسطين أين كان؟

    - أول رحلة لي خارج فلسطين كانت الى موسكو. وكنت طالباً في معهد العلوم الاجتماعية، ولكن لم يكن لي هناك بيت في المعنى الحقيقي. كان غرفة في مبنى جامعي.



    > كم أقمت في موسكو؟
    - وكانت موسكو أول لقاء لي بالعالم الخارجي. حاولت السفر قبلاً الى باريس لكن السلطات الفرنسية رفضت دخولي الى أرضها. كان هذا في العام 1968. كان لدي وثيقة اسرائيلية لكنّ الجنسية غير محددة فيها. الأمن الفرنسي لم يكن مطلوباً منه أن يفهم تعقيدات القضية الفلسطينية. كيف أحمل وثيقة اسرائيلية وجنسيتي غير محددة فيها وأقول له بإصرار انني فلسطيني. أبقوني ساعات في المطار ثم سفّروني الى الوطن المحتل.



    >هل أحببت موسكو؟
    -كانت أول مدينة أوروبية وأول مدينة كبيرة أعيش فيها. طبعاً اكتشفت معالمها الضخمة ونهرها ومتاحفها ومسارحها... تصور ما يكون رد فعل طالب فتيّ ينتقل من إقامة محاصرة الى عاصمة ضخمة! تعلمت الروسية قليلاً لأتدبر أمور الشخصية. لكن اصطدامي بمشكلات الروس يومياً جعل فكرة «فردوس» الفقراء التي هي موسكو، تتبخر من ذهني وتتضاءل. لم أجدها أبداً جنة الفقراء، كما كانوا يعلّموننا.



    >هل فقدت فكرتك المثالية عن الشيوعية في تلك اللحظة؟
    - فقدت الفكرة المثالية لكنني لم أفقد ثقتي بالماركسية أو بالشيوعية. كان هناك تناقض كبير بين تصوّرنا أو ما يقوله الإعلام السوفياتي عن موسكو والواقع الذي يعيشه الناس، وهو مملوء بالحرمان والفقر والخوف. وأكثر ما هزّني لدى الناس هو الخوف. عندما كنت أتكلم معهم أشعر بأنهم يتكلمون بسرية تامة. وإضافة الى هذا الخوف كنت أشعر بأن الدولة موجودة في كل مكان بكثافة. وهذا ما حوّل مدينة موسكو من مثال الى مدينة عادية.

    > الى أين سافرت بعد موسكو؟
    - الى القاهرة.



    > كم بقيت في القاهرة؟
    - سنتين هما 1971 و1972.



    > كيف كانت حياتك في القاهرة؟

    - الدخول الى القاهرة كان من أهم الأحداث في حياتي الشخصية. في القاهرة ترسخ قرار خروجي من فلسطين وعدم عودتي اليها. ولم يكن هذا القرار سهلاً. كنت أصحو من النوم وكأنني غير متأكد من مكان وجودي. افتح الشباك وعندما أرى النيل أتأكد من أنني في القاهرة. خامرتني هواجس ووساوس كثيرة، لكنني فتنت بكوني في مدينة عربية، اسماء شوارعها عربية والناس فيها يتكلمون بالعربية. وأكثر من ذلك،وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرأها وأعجب بها. فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريباً والأدب المصري. التقيت بهؤلاء الكتّاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدّهم من آبائي الروحيين.


    > هل التقيت طه حسين قبيل وفاته؟
    -من سوء حظي أنني لم ألتقِ طه حسين، كان في وسعي أن ألتقي به، ولم يحصل اللقاء. وكذلك أم كلثوم لم ألتقِ بها. وحسرتي الكبرى انني لم ألتقِ هذه المطربة الكبيرة. كنت أقول انني ما دمت في القاهرة فلديّ متسع من الوقت لألتقي مثل هذه الشخصيات. التقيت محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ وسواهما والتقيت كبار الكتاب مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم.



    >هل عملت في القاهرة؟
    - عيّنني محمد حسنين هيكل مشكوراً في نادي كتّاب «الأهرام»، وكان مكتبي في الطابق السادس، وهناك كان مكتب توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وبنت الشاطئ. وكان توفيق الحكيم في مكتب فردي ونحن البقية في مكتب واحد. وعقدت صداقة عميقة مع محفوظ وادريس، الشخصيتين المتناقضتين: محفوظ شخص دقيق في مواعيده، ومنضبط، يأتي في ساعة محددة ويذهب في ساعة محددة. وكنت عندما أسأله: هل تريد فنجان قهوة استاذ نجيب؟ كان ينظر الى ساعته قبل أن يجيب، ليعرف إن كان حان وقت القهوة أم لا. أما يوسف ادريس فكان يعيش حياة فوضوية وبوهيمية، وكان رجلاً مشرقاً. وفي القاهرة صادقت أيضاً الشعراء الذين كنت أحبهم: صلاح عبدالصبور وأحمد حجازي وأمل دنقل. كان هؤلاء من الأصدقاء القريبين جداً. وكذلك الابنودي. كل الشعراء والكتاب الذين أحببتهم توطدت علاقتي بهم. والقاهرة كانت من أهم المحطات في حياتي.



    >هل كانت القاهرة منطلقك الشعري الثاني بعد انطلاقتك الاولى في الأرض المحتلة؟
    - نعم. ولكنني سأروي لك هذه الوقيعة: عندما كنت في القاهرة راحت الصحافة العربية وخصوصاً بعض الصحافة اللبنانية تهاجمني. وخصّت مجلة «الحوادث» غلافها مرة لي قائلة: ليته يعود الى اسرائيل. وراحوا يؤبنونني شعرياً معلنين انني انتهيت كشاعر. قبل أن أكتب، حكموا على ما سأكتب. في القاهرة تمّت ملامح تحوّل في تجربتي الشعرية وكأن منعطفاً جديداً يبدأ.



    > ولماذا قامت هذه الحملة عليك؟
    -كان يُنظر إليّ عندما كنت في الأرض المحتلة كوني شاعر المقاومة. وبعد هزيمة 1967 كان العالم العربي يصفق لكل الشعر أو الأدب الذي يخرج من فلسطين، سواء كان رديئاً أم جيداً. اكتشف العرب أنّ في فلسطين المحتلة عرباً صامدين ويدافعون عن حقهم وعن هويتهم. اكتسبت إذاً النظرة الى هؤلاء طابع التقديس، وخلت من أي ذائقة أدبية عامة. هكذا أُسقطت المعايير الأدبية عن نظرة العرب الى هذه الأصوات المقاومة بالشعر والأدب في الداخل. ومن القصائد المهمة التي كتبتها في القاهرة هي قصيدة «سرحان سرحان يشرب القهوة في الكافيتاريا» ونشرت في صحيفة «الأهرام» وصدرت في كتاب «أحبك أو لا أحبك».


    > ما هي المحطة الثانية عربياً في مسارك الشعري؟
    - انها بيروت، بلا شك. فبعد القاهرة انتقلت الى بيروت مباشرة. وأمضيت فيها نحو اثنتي عشرة سنة الى حين الخروج. عشت فيها من العام 1970 الى العام 1982. حنيني الى بيروت ما زلت أحمله حتى الآن. وعندي مرض جميل اسمه الحنين الدائم الى بيروت. ولا أعرف ما هي أسبابه. وأعرف أن اللبنانيين لا يحبون مديح مدينتهم في هذا الشكل. ولكن لبيروت في قلبي مكانة خاصة جداً. ولسوء حظي انني بعد سنوات قليلة من سكني في بيروت، وهي كانت ورشة أفكار ومختبراً لتيارات أدبية وفكرية وسياسية، متصارعة ومتعايشة في وقت واحد، لسوء حظي أن الحرب اندلعت. واعتقد ان عملي الشعري تعثر حينذاك.



    >لكنك كتبت قصائد جميلة في بيروت؟
    - أعتقد أن أجمل ما كتبت ديوان «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق». ولكن بعد اندلاع الحرب صار الدم والقصف والموت والكراهية والقتل... كل هذه صارت تهيمن على أفق بيروت وتعكره. وبعض اصدقائي هناك ماتوا وكان عليّ أن أرثيهم. وأول من فقدت هناك غسان كنفاني. وأعتقد ان الحرب الأهلية في لبنان عطلت الكثير من المشاريع الثقافية والفكرية التي كانت تجتاح بيروت. وانتقل الناس الى جبهات مختلفة ومتناقضة ومتحاربة.



    >هل شعرت يوماً انك طرف في الحرب اللبنانية؟
    - لا، أبداً. أنا منذ البداية كنت أعبّر لأصدقائي ومعارفي عن تشاؤمي من نتائج هذه الحرب. وكنت أطرح السؤال الآتي: هل كان في وسعنا ألا نُستدرج كفلسطينيين الى هذه الحرب؟ كانت هناك أجوبة رسمية تقول أن دور الفلسطينيين في الحرب هو الدفاع عن النفس ومواجهة محاولة إقصائنا. ولكننا أخطأنا في بيروت عندما أنشأنا ما يشبه الدولة داخل الدولة.



    > هل أزعجك هذا الأمر؟
    - كثيراً. وكنت أخجل من اللبنانيين إزاء الحواجز التي كان يقيمها الفلسطينيون في الأرض اللبنانية ويسألون اللبناني عن هويته. طبعاً لكل هذه الأمور تفسيرات وتبريرات. ولكن كنت أشعر دوماً بالخجل. وكنت أطرح على نفسي أسئلة عدة حول هذه الأمور، حتى أمام أصدقائي المتحمسين للقضية الفلسطينية والحركة الوطنية. ومن هذه الأسئلة: ماذا يعني أن ننتصر في لبنان؟ هذا سؤال كان يلح عليّ دوماً. ولنفترض أننا انهينا الحرب وانتصرنا، فماذا يعني الانتصار هنا؟ أن نحتل لبنان ونتسلّم الحكم في لبنان؟ كنت متشائماً جداً. ولم أكتب عن الحرب اللبنانية إلا كتابة شبه نقدية.



    > لكنك أسست مجلة «الكرمل» في بيروت وكأن لديك مشروعاً ثقافياً!
    -هنا المفارقة.



    >الوجود الفلسطيني في بيروت كان له بعد ثقافي وساهم في منح بيروت دلالة ثقافية عربية.
    -تستطيع أن تقول هذا الآن، بعدما وضعت الحروب أوزارها، الحروب الفلسطينية – اللبنانية أو الحروب الأهلية... تستطيع من خلال رؤية محايدة أن تنظر الى الآثار الايجابية للتفاعل الفلسطيني مع الحياة الثقافية اللبنانية أو التفاعل اللبناني مع القضية الفلسطينية. هناك جوانب ايجابية فعلاً. هناك مركز الأبحاث الفلسطينية، مجلة «شؤون فلسطينية» ومجلة «الكرمل» وسواها... كنت أشعر بأن وجودي في بيروت سيطول ولم أكن أشعر بالحرج وكأنني مقيم في شكل شرعي. ولكن أن أكون مقيماً في شكل اجباري ومضاد لرغبة اللبنانيين عبر تعايشهم القسري معنا، فهذا كان يزعجني. وعندما خرجت القيادة الفلسطينية والمقاتلون الفلسطينيون من بيروت لم أخرج. بقيت في بيروت أشهراً عدة. لم أتوقع أن الاسرائيليين سيحتلون بيروت. ولم أجد معنى لخروجي في السفن مع المقاتلين. ولكن في صباح ذات يوم وكنت أسكن في منطقة الحمراء، خرجت لأشتري خبزاً وإذا بي أشاهد دبابة اسرائيلية ضخمة. دخلت اسرائيل قبل الإعلان عن الدخول. حينذاك وجدت نفسي وحيداً أتجوّل في الشوارع ولا أرى سوى الدبابات والجنود الاسرائيليين ورجالاً ملثمين. قضيت فعلاً أياماً صعبة جداً ولم أكن أعرف أين أنام.



    > هل بقيت في الحمراء؟
    - لا. قمت بحيلة. كنت أنام خارج البيت في مطعم، واتصل بجيراني لأسألهم ان كان الاسرائيليون سألوا عني. إذا قالوا: نعم جاؤوا، فكنت أدرك انهم لن يأتوا مرة أخرى، فأذهب الى بيتي، أتجمّم وأرتاح ثم أعود الى المطعم. الى أن حصلت الكارثة الكبرى وهي مجزرة صبرا وشاتيلا. عندذاك تيقنت من أن بقائي هناك ضرب من العبث والطيش.

    >وكيف خرجت؟
    - رتّبت الأمر مع السفير الليبي في بيروت حينذاك، فهو كان في مقدوره أن يأخذني من منطقة الأشرفية التي كانت «الكتائب» تسيطر عليها، الى سورية. ولكن كان عليه أن يجد طريقاً ليأخذني من بيتي الى مدخل الأشرفية. اتفقنا مع ضابط لبناني أوجد لنا شارعاً كان سيمر به الرئيس الراحل شفيق الوزان، وكان هناك اتفاق بين الاسرائيليين والحكومة على ألا يتعرضوا لهذا الشارع. وفعلاً سلكنا هذا الطريق وخرجنا من بيروت. وعندما وصلنا الى طرابلس، ذهبنا الى مطعم لنأكل السمك بعدما مللنا أكل المعلبات. وبعدما دخلت الحمام لأغسل يديّ نظرت الى المرآة فرأيت أنفاً عليه نظارتان. لم أعرف صاحب هذا الوجه لثوانٍ. كأنني كنت أنظر الى وجه آخر. وعندما وصلت الى دمشق أقمت هناك أسبوعاً. وكان حصل حادث طريف جداً على الحدود السورية – اللبنانية. فالضابط اللبناني على الحدود الذي طلب أوراقي، وكنت أحمل جواز سفر تونسياً ديبلوماسياً، وجد ان اقامتي قد انتهت وهذه مخالفة قانونية. قلت له: صحيح، ولكن ألا تسمع الأخبار؟ ألا تعرف ان ما من سفارات أو دوائر تعمل؟


    >الى أين سافرت من دمشق؟
    - الى تونس. وكانت زيارة ورأيت خلالها الرئيس عرفات والأخوان في مشهد تراجيدي. رأيت كل الثورة الفلسطينية تقيم في فندق على شاطئ بحر. كان المشهد مؤلماً جداً ويستدعي كتابة رواية عن هذا المصير. لكن عرفات سرعان ما أعاد بناء مؤسسته. وقال لي للحين: واصل إصدار «الكرمل». كان مهتماً حتى بالجانب الثقافي. فقلت له أين أصدرها؟ قال لي: حيث تشاء، في لندن، في باريس، في قبرص... ذهبت من ثم الى قبرص كي أرتب شؤون الرخصة. وصدرت «الكرمل» من قبرص فيما كنت أنا أحررها في باريس وأطبعها في نيقوسيا وكان معاوني الكبير هو الشاعر سليم بركات.



    >كم دامت إقامتك في باريس؟
    - نحو عشر سنوات ولكن في شكل متقطع، إذ كنت أسافر باستمرار. وكنت هكذا قريباً من منظمة التحرير في تونس.



    >كيف كان انطباعك عن باريس؟
    - كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً.



    >هل ساهمت باريس في انطلاقك عالمياً وفتحت لك الآفاق الرحبة؟
    - لا أعرف. لكنني أعرف بأن في باريس تمت ولادتي الشعرية الحقيقية. وإذا أردت أن أميّز شعري فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في باريس في مرحلة الثمانينات وما بعدها. هناك اتيحت لي فرصة التأمل والنظر الى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء. فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد في شمولتيه. علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والابداع. كل ما فيها جميل. حتى مناخها جميل. في باريس كتب وفي وصف يوم خريفي: «أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟». ومدينة باريس أيضاً هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم. تجد العالم كله ملخصاً في هذه المدينة. وكانت لي صداقات مع كتّاب أجانب كثيرين. وأتاحت باريس لي فرصة التفرّغ أكثر للقراءة والكتابة. ولا أعرف فعلاً ان كانت باريس هي التي أصابتني أم ان مرحلة نضج ما تمت في باريس، أم انه تطابق العنصرين بعضهما مع بعض؟ في باريس كتبت ديوان «ورد أقل» وديوان «هي اغنية» و«أحد عشر كوكباً» و«أرى ما أريد» وكذلك ديوان «لماذا تركت الحصان وحيداً؟» ونصف قصائد «سرير الغريبة». وكتبت نصوص «ذاكرة للنسيان» وغاية هذا الكتاب النثري التحرر من أثر بيروت، وفيه وصفت يوماً من أيام الحصار. معظم أعمالي الجديدة كتبتها في باريس. كنت هناك متفرّغاً للكتابة على رغم انتخابي عضواً في اللجنة التنفيذية. وفي باريس كتبت نص إعلان الدولة الفلسطينية. مثلما كتبت نصوصاً كثيرة ومقالاً اسبوعياً في مجلة «اليوم السابع». كأنني أردت أن أعوّض عن الصخب الذي كان يلاحقني في مدن أخرى.



    > عندما تركت بيروت حصل نوع من سوء الفهم بينك وبين بيروت... ماذا عن سوء الفهم هذا؟
    - لم يحصل سوء فهم أبداً، بل كان لديّ حب عميق لهذه المدينة. لكنّ العلاقة بين المحبين ينتابها عتاب أحياناً. فعلاقتي ببيروت كانت علاقة حب. وقد شعرت في تلك اللحظة المأسوية بأن بيروت ستنسانا. هذا كل ما قلته وهو لا يجرح أحداً. وفعلاً مرّت بيروت لبضعة أيام في حال تراجع تجاه نفسها وتجاه الآخرين. أنت لبناني وتعرف اكثر مني. كانت بيروت محتاجة الى وقت أطول كي تتوازن. لكنها ما لبثت أن مرّت بحروب أهلية أخرى في غياب الفلسطينيين. وهذا دليل على أن الفلسطينيين لم يكونوا السبب الوحيد لهذه الحرب التي استحالت حروباً. لا. أنا لم أكتب عن بيروت سوى الحب. وكتبت بشجاعة العاشق المطمئن الى استعداد الحبيبة للاستماع إليه.



    > مدينة عمان، هل هي لك بمثابة المستقر، اضافة الى رام الله؟
    -بعدما أصبح في إمكاني أن أعود الى «جزء» من فلسطين وليس الى «جزء» شخصي بل الى «جزء» من وطن عام، وقفت طويلاً أمام خيار العودة. وشعرت بأن من واجبي الوطني والأخلاقي ألا أبقى في المنفى. فأنا أولاً لن أكون مرتاحاً، ثم سأتعرض الى سهام من التجريح لا نهاية لها، ثم سيقال انني أفضل باريس على رام الله أو على غزة. وبالتالي اتخذت الخطوة الشجاعة الثانية بعد الخروج وهي خطوة العودة. وهاتان الخطوتان من أصعب الأمور التي واجهتها في حياتي: الخروج والعودة. اخترت عمان لأنها قريبة من فلسطين ثم لأنها مدينة هادئة وشعبها طيب. وفيها أستطيع أن أعيش حياتي. وعندما أريد أن أكتب أخرج من رام الله لأستفيد من عزلتي في عمان.



    > أليس من هدوء في بيتك في رام الله؟

    - لا. التوتر عالٍ جداً في رام الله. ومشاغل الحياة الوطنية واليومية تسرق وقت الكتابة. انني أمضي نصف وقتي في رام الله والنصف الآخر في عمان وفي بعض الأسفار. في رام الله اشرف على إصدار مجلة «الكرمل».



    > أين أصبحت «الكرمل» الآن؟ هل أكملت مشروعها؟

    - كل مجلة يجب أن يكون لها تاريخ انتهاء. لا أعرف إن كانت «الكرمل» وصلت الى هذا التاريخ أم لا. لكنني أبحث فعلاً منذ سنوات عن طريقة لتجديد المجلة طابعاً وروحاً، من خلال تجديد محرريها. أي انني أبحث عن وسيلة للخروج لكي أعطي للجيل الجديد فرصة الاضافة والتطوير. لكنني أشعر حتى الآن بأن المجلة ضرورية ومطلوبة وتقوم بدورها الإبداعي والثقافي إضافة الى الترجمة.



    > هل حاولتم التحاور مع المثقفين الاسرائيليين مثل بعض المجلات الفلسطينية في الداخل؟

    - ليس كثيراً. هذه مسألة فردية. أنا لا أعترض على أي كاتب فلسطيني يحاور كاتباً اسرائيلياً معتدلاً ويجمعهما الحد الأدنى المشترك وهو القبول بالدولة الفلسطينية والحق الفلسطيني. ولكنني لا أقترح هذا الحوار كمقترح عام. وقد حقق زميلنا حسن خضر مساجلات مهمة مع بعض الكتاب الاسرائيليين وهي ليست حواراً مقدار ما هي مواجهة فكرية.



    > هل تتدخل كثيراً في محتويات المجلة؟

    - أقرأها حرفاً حرفاً. وأمارس دوري كرئيس تحرير. لأنني لم أقرر حتى الآن من هو رئيس التحرير المقبل. وهذا لا يتعلق بي وحدي بل بمجلس الأمناء وبمتطلبات الثقافة الفلسطينية في الداخل. فتوقيف مجلة مثل «الكرمل» يشكل تراجعاً كبيراً في الحياة الثقافية الفلسطينية. إننا في حاجة إليها. ولكن يجب أن يتسلّمها شخص سواي.



    > هل ضجرت منها؟

    - لا. لكنني أحررها منذ العام 1981 أي منذ أربع وعشرين سنة. وطبيعة الأشياء أن يتغيّر الأشخاص.





    المرأة والمرأة – الأرض
    > «سرير الغريبة» هو من كتب الحب الجميلة جداً وأعتقد انه استطاع ان يضع حداً لمقولة المرأة – الأرض أو الحبيبة – الوطن التي طالما تكلم عنها النقد إزاء شِعرك. كيف ترى الى هذه المقولة وهل من علاقة لها بـ «سرير الغريبة»؟ هل سئمت هذه المقولة؟

    - لا لم أسأمها، ولكن هناك خطر من استمرار التمسك بالترمز. المرأة كائن بشري وليست وسيلة للتعبير عن أشياء أخرى. الوردة كائن جمالي من دون أن يرمز الى جرح أو دم. هذه محاولة لتطبيع علاقتي مع اللغة أو الكلمات والأشياء، ولتطبيع علاقتي أيضاً بالنظر الى الفلسطيني ككائن بشري أولاً، قبل أن يكون قضية. فالهوية الانسانية للفلسطيني سابقة للهوية الوطنية. صحيح اننا في صراع طويل يستلزم أن يقوم الشاعر خلاله بدور في بلورة الهوية الثقافية وفي حماية الروح من الانكسار، ولكن يجب ألا يلغي هذا الأمر حقنا الانساني في التأمل في طبيعتنا البشرية. فالفلسطيني إنسان يحب ويكره ويتمتع بمنظر الربيع ويتزوج... إذاً المرأة تحمل معاني أخرى غير الأرض. جميل أن تكون المرأة وعاء للوجود كله. ولكن يجب أن تكون لها شخصيتها كامرأة. عندما تعرضت في ديواني «سرير الغريبة» للنقد واتهمت بالتخلي عن ارتباطي بالقضية، قلت ان هذا تعميق للتجربة. ثم ان شعر الحب يمثل البعد الذاتي من أبعاد المقاومة الثقافية، فأن نكون قادرين على الكتابة عن الحب والوجود والموت والماوراء، فهذا يعمق من قيمتنا الوطنية وهويتنا. نحن لسنا خطاباً، نحن لسنا بياناً. وكما قلت أكثر من مرة وأكرر: الفلسطيني ليس مهنة بل كائن بشري يناضل ويدافع عن أرضه وحقه.



    > هل يضيرك أن تُسمى مثلاً شاعر حب وليس شاعر غزل طبعاً؟
    - أتمنى أن أكون شاعر حب أو أتمنى أن تسمح لي ظروفي التاريخية في أن أكون شاعر حب، لأن شعر الحب هو أجمل ما يمكن أن يكتب من شعر. والحب لا ينتهي. شعر النضال ابن مرحلة ما وهو ضروري، ولكنه لا يقدر على الاستمرار. الصراع عملية مستمرة، الصراع في معناه الايجابي، وهو يأخذ أشكالاً متعددة، منها صراع الانسان مع قلبه، الصراع بين العقل والقلب، نداء الغريزة، حق الرغبة في التعبير عن نفسها.



    > هل عشت قصص حب وخيبات حقيقية؟ وهل كتبت انطلاقاً من تجارب عشق حية؟

    - كل ما أكتبه في الحب أم في سواه، ناجم عن تجارب حية.



    > هل هناك امرأة معينة كتبت عنها أو لها؟

    - ربما. ولكن ليس كما يعبر عنها شعري. لماذا؟ لأنك إذا بدأت في كتابة قصيدة حب لا يمكنك ان تكتب عن المطلق في الحب، أنت تكتب عن امرأة معينة. لكن الكتابة تأخذ مجرى يخرج من سياق حادثة الحب. حينذاك تختلط ملامح المرأة التي تكتب عنها بملامح امرأة أخرى أو نسوة أخريات، وكذلك، بملامح الشجر والماء والتراب. النص يبدأ دائماً من المحدد ثم ينتقل الى الكلي. أما أن يكون لدي امرأة مثل «إلسا» حبيبة الشاعر أراغون فهذا صعب. ليس لدي «إلسا». هذا مع اعتقادي بأن «إلسا» كانت ذريعة للشاعر أراغون.

    > سأنتقل الى الكلام عن «نوبل». ففي كل سنة يتجدد الكلام عربياً عن «نوبل» وتطرح دائماً أسماء عربية، وكان اسمك بارزاً هذه السنة من خلال الاحصاء الذي قامت به صحيفة «النهار» البيروتية وقد احتللت فيه المرتبة الأولى بحسب ترشيح بعض المثقفين العرب اسمك للجائزة! كيف ترى الى هذه القضية الاشكالية؟ هل فكرت بالجائزة يوماً؟
    - لم أفكر بجائزة نوبل ولم أحلم بها وأشعر في داخلي بأن على الانسان أن يحلم بما هو ممكن وألا يتحول هذا الموضوع الى «وسواس». القضية غير شخصية وأشكر المثقفين الذين اختاروني للجائزة. ولكن كنت أتمنى ألا يكون اسمي مطروحاً بين الأسماء، لأنني لا أحب دخول هذه «البورصة». كل سنة ترتفع أسهم وتسقط أخرى. وعموماً هناك مشكلة في نظرة العرب الى صورتهم. الأدب العربي لا يحتل مكانته في العالم كما يظن الأدباء العرب. وجائزة نوبل ليست جائزة للأدب العربي. العرب فازوا بها بعد 87 سنة من تأسيسها وحازها نجيب محفوظ باستحقاق عالٍ. ومكانة العرب الأدبية ترتبط أيضاً بمكانتهم العالمية والسياسية وبحضورهم في العالم. ولا يمكن أن يستبعد هذا الشرط. يقيم العرب كل سنة زفة مما جعل القضية هذه محرجة حقاً. ومن حسن حظ العرب ان اعضاء اللجنة السويدية لا يقرأون العربية ولا يضحكون من إصرار العرب على انتزاع الجائزة. وإن فاز بها أي عربي فستكون الفرحة عربية. ولكن علينا أن نتصرف بلياقة أفضل وألا نصاب بمرض أو بهوس اسمه «نوبل». والمشكلة أن بعض الكتاب العرب إذا ترجم لهم كتاب يضعون نفسهم رأساً في قائمة المرشحين للجائزة هذه. وأنا أعتقد ان المرشحين لهذه الجائزة هم بالآلاف. وأي كاتب يمكن أن يُرشحّ الى هذه الجائزة. لكن هذا لا يعني شيئاً. فلماذا يقف العرب كل سنة في «طابور» الانتظار؟ إذا جاءت تكون جاءت وإذا لا فلا.. وعلى الذين يفكرون فيها يجب أن ينسوها، لعلها تتذكرهم.

    > ماذا يعني أن يقول شاعر في حجمك ومرتبتك: «أنا لست لي أنا لست لي...»؟ هل هي الغربة التي يحياها الشاعر الذي فيك؟
    - في آخر الأمر لا يبقى من الشاعر إلا بعض شعره، إذا كان استحق أن يصمد في غربال الزمن. أما هو فليس لنفسه، إنه منذور للغة ولتقديم مسوّغ وجوده على هذه الأرض. انه، في ختام الأمر زائل واللغة هي الباقية. «أنا لست لي» على المستوى الشخصي، ولكن ربما «أكون لي» على المستوى الشعري، وإذا كانت لي قيمة ما، فهي لن تكون لي، بل للغة وللآخرين.



    > هل تخاف الموت؟

    - لم أعد أخشاه كما كنت من قبل. لكنني أخشى موت قدرتي على الكتابة وعلى تذوّق الحياة. لكنني لن أخفيك أن الطريقة التي مات فيها الشاعر معين بسيسو في الفندق، وكانت غرفته مغلقة وعلى الباب إشارة «الرجاء عدم الازعاج» جعلتني أخشى هذه الاشارة أو اللافتة. فجثته اكتشفت بعد يومين. الآن كلما نزلت في فندق لا أضع هذه الاشارة على الباب. ولا أخفيك أيضاً انني لا أضع مفتاح باب البيت في القفل عندما أنام.



    > أليست الفنون قادرة على هزم الموت كما قلت في قصيدتك «جدارية»؟

    - هذا وهم نختلقه كي نبرر وجودنا على الأرض، لكنه وهم جميل..

    ليست القصيدة...قبلة أو سكين
    ليست القصيدة...زهرة أو دماء
    ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
    ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
    القصيدة...قلب...
    كالوردة على جثة الكون

    تعليق

    • مهتدي مصطفى غالب
      شاعروناقد أدبي و مسرحي
      • 30-08-2008
      • 863

      #32
      [align=center]
      أحبتي الأعزاء
      أكتفي بهذا القدر من المواضيع التي تشرح بكل دقة علاقة الشاعر الكبير مع قصيدة النثر ..
      و أجو عذري للإطالة فالتوثيق يستحق أن نقدم الوثيقة كاملة .. لا أن نخطف منها ما يعجبنا و نترك ما لا يعجبنا ..
      و أنا شخصياً أعتبر نفسي قد ختمت الحوار .. محتفظاً برأيي في قصيدة النثر عند الشاعر الكبير محمود درويش ..
      علماً أن لا قصيدة النثر تضيف شيئاً إلى عبقرية الشاعر الكبير محمود درويش و لا قصيدة النثر تأخذ مشروعيتها إن كتبها الشاعر الكبير أم لم يكتبها ... فهو شاعر قصيدة وزن و ليس شاعر قصيدة نثر ... و هو مبدع و مجدد في قصيدته و كتاباته .. و أغلبنا تربى شعرياً و قومياً و فلسطينياً على قصائده و قصائد شعراء فلسطين مثل : سميح القاسم - توفيق زياد - فدوى و ابراهيم طزقان و الشاعر الشهيد الرائع : عبد الرحيم محمود ... فليس من حق أياً كان أن يتهمنا بأننا لم نقرأ محمود درويش ... و نحن قرأناه و حضرنا أغلب أمسياته في سورية و في كل بيت بشكل علم في سورية مكتبة ورقية و صورية و صوتية تحتوي أغلب أعماله كي لا نبالغ و نقول كلها ... فمحمود درويش كما هو محمد الماغوط ليس ملكاً لأحد بل هما و غيرهما من شاعرات و شعراء عرب هم ملك للثقافة العربية التي نحن و غيرنا حرف في كلمة من كلماتها ..
      أنا أحاور الأفكار التي يحملها الشخص و كتاباته و أعتذر إن أسيء فهم أي تعبير لي و فهم على أنه ( شخصي) أنا لا أتعامل مع شخصنة النص بل مع النص ..
      آمل أن نكون بحوارنا هذا حققنا الفائدة للقارئ من قراءة الأراء المختلفة ..
      شكراً للشاعر و العروضي : محمود مرعي
      شكراً للصديق الشاعر و الناقد : محمد ثلجي
      و شكراً لكل من قرأ شارك أم لم يشارك
      و دمتم في عافية و صحة
      و رمضان كريم
      لكم محبتي و تقديري و مودتي
      [/align]
      ليست القصيدة...قبلة أو سكين
      ليست القصيدة...زهرة أو دماء
      ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
      ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
      القصيدة...قلب...
      كالوردة على جثة الكون

      تعليق

      • الشاعر محمود مرعي
        عضو الملتقى
        • 18-05-2010
        • 162

        #33
        تحية لك اخي
        حتى في كل ما نقلت من حوارات
        لم تضف الى ما لدي شيئا، وهذا الحوار مع عبده وازن
        لدي منذ زمن وليس الان .
        أشكرك أخي على رحابة صدرك
        ولا اريد كشف اوراقي الان قبل نهاية بحثي عن الايقاع في شعر درويش
        والبرهان القاطع ان محمود درويش لم يكتب (قصيدة نثر) ، حتى في المزامير، وانا على يقين ان أول من صنف المزامير على ان فيها (قصيدة نثر) لم تكن لديه خبرة في الوزن، وما فعل الشاعر ، ومن جاء بعد الاول اكتفى بترديد راي من سبقه
        ولم ينظر في المزامير.

        تعليق

        • المعطاوي المصطفى
          محظور
          • 31-07-2010
          • 88

          #34
          ننتظر - الأخ محمود مرعي- قراءتك لإيقاعية " المزامير "

          تعليق

          • محمد ثلجي
            أديب وكاتب
            • 01-04-2008
            • 1607

            #35
            > لكنك لم تكتب قصيدة النثر، لماذا؟
            - ما دمت أكتب نثراً فأنا أكتب النثر، من دون أن أسميه قصيدة. لماذا ننظر الى النثر نظرة دونية ونقول انه أقل من الشعر؟ صحيح أن النثر يطمح الى الشعر والشعر يطمح الى النثر... يعجبني قول للشاعر باسترناك: "أجمل ما في القصيدة ذلك السطر الذي يبدو نثرياً". انني لا أريد أن أفرّق كثيراً بين الشعر والنثر، ولكن انطلاقاً من التجنيس الأدبي ما زلت أعطي للنثر اسمه وللشعر اسمه. لكن السؤال هو: كيف تتحقق الشعرية في قوام قصيدة؟ وأعتقد أن علينا أن نوقف النقاش حول الفارق أو الاختلاف أو الائتلاف أو الابتعاد أو الاقتراب بين قصيدة النثر والقصيدة. هذا السجال تجاوزه العالم. أما إذا سألتني عن رغبتي في كتابة قصيدة نثر فأرجو أن أكتب نصاً نثرياً من دون أن أسميه قصيدة نثر.
            > ولكن من الملاحظ في شعرك ولا سيما في المرحلة الأخيرة أن ثمة حواراً بين النثر والشعر، وقد عرفت تماماً كيف تستفيد من قصيدة النثر، لا سيما أنك شاعر تفعيلة، وقد استشهدت بجملة بديعة لأبي حيان التوحيدي في ديوانك الأخير "كزهر اللوز أو أبعد"! وما يميز القصيدة لديك هو هذا الفضاء الرحب، الفضاء النثري والموسيقى الداخلية القائمة على تناغم الحروف!
            - أولاً، أود أن أقول ان ليس لدي أي تحفظ على قصيدة النثر. والتهمة التي لاحقتني في انني ضد قصيدة النثر زمناً هي باطلة.

            قلت وأقول دائماً ان من الانجازات الشعرية المهمة في العالم العربي بروز قصيدة النثر، أي تأسيس طريقة كتابة مغايرة للشعر التقليدي والحداثة التقليدية. قصيدة النثر تريد أن تميز نفسها وتريد أن تطور أو أن تضيف نصاً مختلفاً عن القصيدة الكلاسيكية وعن القصيدة الحديثة التي صنعها جيل الرواد. هذا أولاً. ثانياً، أنا من المعجبين جداً بشعراء كثيرين يكتبون قصيدة النثر. وأقول دائماً إن هناك أزمة في ما يسمى قصيدة التفعيلة، وأنا أكره هذه التسمية، ولكن لا بديل لها. والأزمة أصلاً تكمن في الكتابتين
            [align=right]

            أخي الأديب والناقد مهتدي مصطفى غالب .. قرأت تقريباً كل ما جاء في مداخلتك هذه على وجه الخصوص لتعريجها بشكل أو بآخر على موضوعنا الأساسي وتساؤلنا هل كتب درويش قصيدة النثر !! والجواب حتماً : لا .. هو فعلاً لم يكتبها بل استفاد مما نظر حولها من معايير جمالية وأشكال فنية تعين الكاتب لمحاولة الخروج من نمطية العمودي غير المحدث والتفعيلة التقليدية أو ما تلك التي تمسك القافية منذ المطلع تدريجاً حتى القفلة.

            وهذا ما شهدته معظم دواوينه منذ " لماذا تركت الحصان وحيدا " حتى " أثر الفراشة " مع العودة في " الجدارية " وقصائد أخيرة كتبها قبل وفاته بأشهر وأيام حتى.

            يبقى هنالك ما يسمى اللعب على التفعيلات الثانوية او الصورية وعلى الأعم حصل ذلك في " متفاعلن" صورة " متفاعلاتن " و " فعلن" صورة" فاعلتن " أو " فعلاتن " و"فعولن"صورة "فعول" وقس على ذلك .

            كما أنا درويش عمل على الاستفادة من جواز اكثر من تفعيلة بين الجزء والذي يليه .. وبكثرة مما ساهم بالقول أنه نثر لعدم انضباط الوزن على مدار السياق.

            وأخيراً يعتبر درويش من الشعراء الذين ابدعوا كثيرا بما يسمى التدوير في الشعر وقد تعدى فيه الشطر وما يليه والتقاء مع شطر ومن ثم ثبات وشطر آخر ثم باقي التفعيلة .ناهيك عن وجوب استكمال الفكرة او دلالتها.

            عموماً هذه القضية المتعبة ساهمت بفهم النص على غير واقعه وتشاكل الأمر على أغلب المتابعين والقراء . فظنوها نثراً وهي في حقيقتها غير ذلك.
            [/align]
            ***
            إنه الغيبُ يا ضيّق الصدرِِ
            يا أيها الراسخ اليومَ في الوهمِ والجهلِ
            كم يلزمُ الأمرَ حتى يعلّمك الطينُ أنك منهُ
            أتيت وحيدًا , هبطت غريبًا
            وأنت كذلك أثقلت كاهلك الغضّ بالأمنياتِ
            قتلت أخاك وأسلمته للغرابِ
            يساوى قتيلاً بقابرهِ

            تعليق

            • سامي البدري
              عضو الملتقى
              • 06-01-2009
              • 40

              #36
              المشاركة الأصلية بواسطة مهتدي مصطفى غالب مشاهدة المشاركة
              قصيدة النثر ..عند الماغوط

              كما رآها الشاعر العربي الكبير : محمود درويش





              يقول محمود درويش في الذكرى الأربعين لرحيل محمّد الماغوط، المقامة احتفاليّتها في دار الأوبرا، دمشق، كما جاء في (صحيفة "الحياة"، 23/ 5/ 2006):


              "هو فضيحة شِعرنا. فعندما كانت الريادة الشِّعريّة العربيّة تخوض معركتها حول الوزن، وتقطّعه إلى وحدات ايقاعيّة تقليديّة المرجعيّة، وتبحث عن موقعٍ جديدٍ لقيلولة القافية: في آخر السطر أم في أوّله… في منتصف المقطع أم في مقعدٍ على الرصيف، وتستنجد بالأساطير وتحار بين التصوير والتعبير، كان محمّد الماغوط يعثر على الشِّعر في مكانٍ آخر. كان يتشظّى ويجمع الشظايا بأصابع محترقة، ويسوق الأضداد إلى لقاءات متوتّرة. كان يُدرك العالم بحواسّه، ويُصغي إلى حواسّه وهي تُملي على لغته عفويّتها المحنّكة فتقول المدهش والمفاجئ. كانت حسّيّته المرهفة هي دليله إلى معرفة الشِّعر… هذا الحدث الغامض الذي لا نعرف كيف يحدث ومتى. انقضَّ على المشهد الشِّعريّ بحياء عذراء وقوّة طاغية، بلا نظريّة وبلا وزن وقافية. جاء بنَصّ ساخن ومختلف لا يسمّيه نثرًا ولا شِعرًا، فشَهَق الجميع: هذا شِعر. لأن قوّة الشِّعريّة فيه وغرائبيّة الصور المشعّة فيه، وعناق الخاصّ والعامّ فيه، وفرادة الهامشيّ فيه، وخلوّه من تقاليد النَّظْم المتأصّلة فينا، قد أرغمنا على إعادة النظر في مفهوم الشِّعر الذي لا يستقرّ على حال، لأن جِدَّة الإبداع تدفع النظريّة الى الشك بيقينها الجامد."


              هنا .. بكل بساطة و عفوية و قراءة منطقية لقصيدة النثر عند الماغوط ...
              وضع الشاعر الكبير محمود درويش معايير قصيدة النثر ...
              الله الله ...
              أليس من حقنا أن نقول أنه كلما عَظُمَ المبدع ... إزداد تواضعاً و إزداد محبة لكل المبدعين حتى لو اختلف معهم فنياً
              لنتعلم دروس الإبداع ..
              فليس كل ما نكتبه مقدساً لا نقبل أي تعليق عليه ؟؟
              و لنتعلم من العظماء ... لغة التواضع و تقبل الرأي الأخر

              طاب صباحك ايها الجميل
              وشكرا لما اقتطفت لنا هنا عن فنارين من بين أهم فنارات شعرنا
              تقبل احترامي العميق
              محبتي

              تعليق

              • مهتدي مصطفى غالب
                شاعروناقد أدبي و مسرحي
                • 30-08-2008
                • 863

                #37
                المشاركة الأصلية بواسطة سامي البدري مشاهدة المشاركة
                طاب صباحك ايها الجميل
                وشكرا لما اقتطفت لنا هنا عن فنارين من بين أهم فنارات شعرنا
                تقبل احترامي العميق
                محبتي
                الأديب سامي البدري
                شكراً لك ..
                مع محبتي و تقديري و مودتي
                ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                القصيدة...قلب...
                كالوردة على جثة الكون

                تعليق

                • مهتدي مصطفى غالب
                  شاعروناقد أدبي و مسرحي
                  • 30-08-2008
                  • 863

                  #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد ثلجي مشاهدة المشاركة
                  [align=right]

                  أخي الأديب والناقد مهتدي مصطفى غالب .. قرأت تقريباً كل ما جاء في مداخلتك هذه على وجه الخصوص لتعريجها بشكل أو بآخر على موضوعنا الأساسي وتساؤلنا هل كتب درويش قصيدة النثر !! والجواب حتماً : لا .. هو فعلاً لم يكتبها بل استفاد مما نظر حولها من معايير جمالية وأشكال فنية تعين الكاتب لمحاولة الخروج من نمطية العمودي غير المحدث والتفعيلة التقليدية أو ما تلك التي تمسك القافية منذ المطلع تدريجاً حتى القفلة.

                  وهذا ما شهدته معظم دواوينه منذ " لماذا تركت الحصان وحيدا " حتى " أثر الفراشة " مع العودة في " الجدارية " وقصائد أخيرة كتبها قبل وفاته بأشهر وأيام حتى.

                  يبقى هنالك ما يسمى اللعب على التفعيلات الثانوية او الصورية وعلى الأعم حصل ذلك في " متفاعلن" صورة " متفاعلاتن " و " فعلن" صورة" فاعلتن " أو " فعلاتن " و"فعولن"صورة "فعول" وقس على ذلك .

                  كما أنا درويش عمل على الاستفادة من جواز اكثر من تفعيلة بين الجزء والذي يليه .. وبكثرة مما ساهم بالقول أنه نثر لعدم انضباط الوزن على مدار السياق.

                  وأخيراً يعتبر درويش من الشعراء الذين ابدعوا كثيرا بما يسمى التدوير في الشعر وقد تعدى فيه الشطر وما يليه والتقاء مع شطر ومن ثم ثبات وشطر آخر ثم باقي التفعيلة .ناهيك عن وجوب استكمال الفكرة او دلالتها.

                  عموماً هذه القضية المتعبة ساهمت بفهم النص على غير واقعه وتشاكل الأمر على أغلب المتابعين والقراء . فظنوها نثراً وهي في حقيقتها غير ذلك.
                  [/align]
                  الأديب محمد ثلجي
                  الشاعر: محمود مرعي
                  شكراً لكما ..
                  لكن لا بد لي من الاشارة إلى بعض النقاط المهمة
                  أولا -قلت و كررت أن الشاعر محمود درويش لم يطلق على أي نص له على أنه قصيدة نثر ... و لهذا أسباب عدة يوضحها الدارسون في دراساتهم ... لكن هذا لا ينفي أنه كتب قصيدة النثر ..
                  و لنا في قصيدة يعتبرها النقاد من القصائد المهمة لشاعرنا ( محمود درويش ) و هي قصيدة ( سجل أنا عربي) ..فلنقرأ رأيه في هذه القصيدة من خلال الحوار الذي أجراه معه (سامر أبو هواش) يقول :
                  (كتبتها كخاطرة لا كمشروع قصيدة ، و أردتها صرخة تحدّ)
                  ثم يضيف :
                  ( من قرر أن هذه قصيدة هم الناس و ليس أنا ، هم الذين قالوا لي هذا شعر ، أنا كنت أسميه نصاً قبل أن يشيع مفهوم النص )
                  و يضيف أيضاً:
                  (هذه القصيدة كانت بمثابة عقبة أمام البحث عن الشعر )
                  هذا هو رأي الشاعر في هذه القصيدة ... فهل تطابق هذا الرأي مع رأي العروضيين و نقاد الشعر و الناس ؟؟
                  مطلقاً ..
                  و هذا ما نراه بعلاقته مع قصيدة النثر ... فهو يؤكد أنه يكتب نصاً و يرفض تسميته شعراً مكتوباً بنمط قصيدة النثر لأنه يعتبر أن ما كتبه ليس شعراً لأن الشعر - قصيدة وزن أو قصيدة نثر- أسمى ...
                  إنما القارئ لهذه النصوص القارئ الواعي لمعايير قصيدة النثر يكتشف هذا الانتماء بالهوية و ليس بالتسمية فكم من عربي ينتمي بالاسم للعربية لكنه لا يحمل هويتها ؟؟
                  ثانيا- حين اخترق المقالتين المنشورتين للأديبين (صبحي حديدي) و ( أمجد ناصر) لأنهما من أهم قارئي محمود درويش إضافة لمشاركته في مشروعه الثقافي ( مجلة الكرمل) ...
                  و قدمت المقالتين فقرأتما نصف الأولى و أخذتما فقط قصيدة المزامير التي أعطاها الناقد صبحي الحديدي هوية قصيدة النثر و خالفه بذلك الشاعر الناقد أمجد ناصر و أنا معه في ذلك ... لكنكما لم تشيرا إلى بقية النصوص التي ذكرها كل منهما ...فكان الرد انتقائياً كي يوافق رأيكما العروضي و ليس الشعري فالعروض وسيلة لكتابة الشعر الذي هو غاية هذه الوسيلة و غيرها من الوسائل ؟؟ فماذا عن باقي النصوص ؟؟!!
                  ثالثاً- لنقرأ المعايير التي وصف بها الشاعر محمود درويش تجربة و أعمال شعراء قصيدة النثر الرواد ( محمد الماغوط نموذجا ) تتحدد بالتالي:
                  1- التشظي و جمع الشظايا بالأصابع.
                  2- يسوق الأضداد إلى لقاءات متواترة.
                  3- يدرك العالم بحواسه.
                  4- يصغي إلى حواسه و هي تملي على لغته عفويتها المحنكة.
                  5- الحسية المرهفة هي دليله إلى معرفة الشعر .
                  6- يكتب بلا نظرية و بلا وزن و قافية .
                  7- جاء بنص ساخن و مختلف.
                  8- قوة الشعرية.
                  9- غرائبية الصور المشعة في النص.
                  10- عناق الخاص و العام في النص.
                  11- فرادة الهامشي في النص.
                  12- خلوه من تقاليد النظم المتأصلة فينا.
                  لنأخذ معايير محمود درويش قصيدة النثر و نعاير عليها النصوص التي أورها الأديبان صبحي حديدي و أمجد ناصر و غيرهما ... فهل لا تبتعد قيد أنملة عن هذه المعايير ؟؟
                  رابعاً- ما قام به البعض هو عكس المعايير و استخدام معايير قصيدة الوزن بأنماطها المختلفة كي يؤكدوا أنها قصيدة وزن رغم أنه لم يسمها قصيدة وزن بل قال عنها (نصاً نثرياً) و إذا أخذنا بالمبدأ العروضي ذاته و باستعمال الشاعر محمود مرعي قد نجد أن بعض قصائد محمد الماغوط و أنسي الحاج و غيرهما من شعراء قصيدة النثر .. هي قصائد وزن ( تفعيلة) ليس العروض وحده من يعطي القصيدة هويتها الانتمائية .. العروض الذي نجبره أن يقول ما نريد نحن قوله .. فالعروضي و للأسف يقرأ النص عروضياً بينما نحن نقرأه شعرياً ... و من هنا بدأت الأزمة بين العروضيين و قراء الشعر و الشعر ...فالقراء العروضيين أخذوا الشعر إلى الشكل المكتوب به و أخرجوه من الشاعرية ...بينما الشعراء و قراء الشعر علة مدار العصور العربية كانوا يأخذونه إلى الشاعرية أي غاية الكتابة فشتان بين من يعتبر الشكل أهم من المضمون ( اللفظ أهم من المعنى) و بين من يعتبر أن الشكل هو أداة لإيصال المضمون و جميل أن تكون هذه الأداة بصيغها المتعددة إحدى الإضافات الجمالية للنص و ليست هي وحدها جماليات النص ..؟؟
                  (جدة الابداع تدفع النظرية إلى الشك بيقينها الجامد)
                  الشاعر : محمود درويش
                  خامساً - لماذا تغاضيتم عن فعل ( التكذيب) الذي قام به الشاعر : محمود مرعي و لم يأت بشبه دليل ... علماً أن النص المنقول عن شاعرنا الكبير موثق ؟؟
                  و مع ذلك يرفض ذلك ..
                  أليس هذا هو الجمود الذي تحدث عنه محمود درويش ؟؟
                  سادساً - لنقرأ ما أوردته من رأي الشاعر في قصيدة النثر في حواره مع الأديب: عبده وازن
                  (لأنني عندها سأكتب شعراً. وقصيدة النثر هي شعر. صحيح أن هناك تزاوجاً أو لقاحاً بين النثر والشعر، وأن هناك جنساً أدبياً اسمه نثر وجنساً آخر اسمه شعر. وفي هذا الجنس هناك القصيدة الموزونة وهناك أيضاً قصيدة النثر. والنثر كجنس أمر آخر. إذا خرجت من الشعر سأخرج من الشعر كله. ربما جوابي هذا خطأ. لا أستطيع أن أعرف ما هو مستقبلي الشعري. لماذا أتجادل معك حول هذه النقطة؟ وأعترف ان ما أعمل عليه الآن هو نص نثري. بين يديّ الآن – فعلاً – نص نثري. وهذا ما اعترف به للمرة الأولى. اما أن أضع على مستقبلي قيداً يمنعني من كتابة قصيدة النثر فهذا جواب خاطئ أرجو أن تصححه.)
                  الشاعر: محمود درويش
                  أخيراً - كما كررت لأكثر من مرة أن كتابة الشاعر محمود درويش لقصيدة النثر لا تضيف شيئاً لها أو لا تكمل المشروعية ... كما أنها لا تضيف شيئاً للشاعر الكبير .. إنما نحن نقرأ التاريخ و التجارب الابداعية كي نوثقها ضمن مفاهيمها و هويتها الجمالية.
                  اقتنع الصديق الشاعر محمود مرعي أم لم يقتنع و هو لن يقتنع .. فأنا كررت أكثر من مرة أنني أحترم رأيه ... لكنني لا أوافقه عليه ...
                  لكما محبتي و مودتي و تقديري
                  ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                  ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                  ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                  ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                  القصيدة...قلب...
                  كالوردة على جثة الكون

                  تعليق

                  • الشاعر محمود مرعي
                    عضو الملتقى
                    • 18-05-2010
                    • 162

                    #39
                    يبدو لي ان الاخ الكريم سيظل يركض بحثا عن كل شاردة وواردة
                    ليثبت ان كلامه هو الصحيح
                    يا سيدي المحترم
                    اتحدى ان يثبت احد امامي ان المزامير (قصيدة نثر)
                    وفق المعايير التي وضعت لهذا النوع المستجلب من هناك
                    ، ولا ادري سبب لهاثكم وراء ما يلقون الينا كاننا اتباع لهم.
                    محمود درويش لم يكتب ما تحاول اثباته،
                    وحين يدخل الايقاع في بنية النص ينقله من النثري الى الشعر
                    فدعك من التاويلات التي تتكئ فيها أيضا على اولئك القوم
                    الذين جعلوكم تضيعون ما عندكم ولا تصلون الى بر .
                    العروض هو المقياس الذي يحكم وفقه على النص شعرا او نثرا.
                    وعلى طريقتك يمكنني ان اتيك بنثر من المقامات العربية
                    واقول هذا (قصيدة نثر) والواقع والنص سيكذبني ان اردت الحق
                    لكن ان اردت لي عنق الكلام فلن اقتنع الا بما اريد.
                    وايضا ، انت لا تستطيع انكار الصور البيانية والبلاغية والفنية في التراكيب القرانية، فماذا لو شكلت من مجموعة ايات نصا ونشرته ؟
                    ماذا ستسميه؟ اظن ( قصيدة نثر)
                    ارحمونا من هذا الهباء، فكل ما تحاولونه هباء فارحمونا.

                    تعليق

                    • مهتدي مصطفى غالب
                      شاعروناقد أدبي و مسرحي
                      • 30-08-2008
                      • 863

                      #40
                      المشاركة الأصلية بواسطة الشاعر محمود مرعي مشاهدة المشاركة
                      يبدو لي ان الاخ الكريم سيظل يركض بحثا عن كل شاردة وواردة
                      ليثبت ان كلامه هو الصحيح
                      يا سيدي المحترم
                      اتحدى ان يثبت احد امامي ان المزامير (قصيدة نثر)
                      وفق المعايير التي وضعت لهذا النوع المستجلب من هناك
                      ، ولا ادري سبب لهاثكم وراء ما يلقون الينا كاننا اتباع لهم.
                      محمود درويش لم يكتب ما تحاول اثباته،
                      وحين يدخل الايقاع في بنية النص ينقله من النثري الى الشعر
                      فدعك من التاويلات التي تتكئ فيها أيضا على اولئك القوم
                      الذين جعلوكم تضيعون ما عندكم ولا تصلون الى بر .
                      العروض هو المقياس الذي يحكم وفقه على النص شعرا او نثرا.
                      وعلى طريقتك يمكنني ان اتيك بنثر من المقامات العربية
                      واقول هذا (قصيدة نثر) والواقع والنص سيكذبني ان اردت الحق
                      لكن ان اردت لي عنق الكلام فلن اقتنع الا بما اريد.
                      وايضا ، انت لا تستطيع انكار الصور البيانية والبلاغية والفنية في التراكيب القرانية، فماذا لو شكلت من مجموعة ايات نصا ونشرته ؟
                      ماذا ستسميه؟ اظن ( قصيدة نثر)
                      ارحمونا من هذا الهباء، فكل ما تحاولونه هباء فارحمونا.
                      شكراً لك ...
                      لست في وارد إقناعك ... أو حوارك فأنت ترفض موضوعة الحوار من أساسها و تتهمها باتهامات تدل على الفكر أحادي الرؤية و هذا الفكر لا يقبل الحوار أو الأخر ... و هو حر و نحترمه جداً ... إنما لا نقبل منه أن يعلق المشانق لصيغة فنية جمالية أبدعها مبدعون عرب و أضافوها للشعر العربي أولاً و للثقافة العربية ثانية ... شاء هذا الفكر أو أبى
                      فأنت - يا شاعرنا - من خلال كتاباتك لا ترغب لا في الحوار و لا في أن تقتنع رغم كل الدلائل ...
                      و ليست مشكلتي أن أري الشمس لمن لا يريد أن يراها في وضح النهار ...
                      فهذه مشكلته ..
                      و هو حر أن يفكر كما يشاء و يكتب كما يشاء و يلغي كما يشاء ...
                      لكن الحقيقة تبقى واضحة و نقية و صافية لمن يريد معرفتها ..
                      أما من يضع ملايين الغيوم السوداء على بصره و بصيرته ... فهي مشكلته ؟؟!!
                      و أنا لم أحاورك مطلقاً ... أنا أحاور القارئ الباحث عن المعرفة
                      لك ما شئت أن تتمسك به من رأي ...
                      و للحقيقة أصحابها
                      دمت متألقاً في تواضعك و قبولك للرأي الأخر
                      ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                      ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                      ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                      ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                      القصيدة...قلب...
                      كالوردة على جثة الكون

                      تعليق

                      • زياد عقيلان
                        عضو الملتقى
                        • 19-11-2010
                        • 13

                        #41
                        اتمنى ان يعتمد جميع ادباءنا قصيدة النثر
                        حتى تاخذ العدالة مجراها
                        ويصبح جميع الناس شعراء
                        واتمنى ان يعتبر
                        تعليقي هذا قصيده
                        نثريه

                        تعليق

                        • مهتدي مصطفى غالب
                          شاعروناقد أدبي و مسرحي
                          • 30-08-2008
                          • 863

                          #42
                          المشاركة الأصلية بواسطة جومرد حاجي مشاهدة المشاركة
                          بارك الله فيك أخي الشاعر مهتدي مصطفى
                          سررت بمروري من هنا ، لك مني جزيل الشكر
                          و التقدير
                          شكراً لك صديقي
                          علينا أن نقول كلمتنا
                          فالحقيقة لا تكون إلا بالتواضع و الإعتراف أن الحقيقة ليست ما نراه نحن حقيقة بل هي أمر معرفي يجمعنا معاً
                          لك محبتي و مودتي و تقديري
                          ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                          ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                          ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                          ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                          القصيدة...قلب...
                          كالوردة على جثة الكون

                          تعليق

                          • ظميان غدير
                            مـُستقيل !!
                            • 01-12-2007
                            • 5369

                            #43
                            قصيدة النثر
                            تعاني من إشكالية اسمها ..
                            كيف تكون قصيدة وهي نثر
                            والقصد لدى العرب هو إتمام بين شييئين..
                            اي الشطر الايمن والايسر ..والمقصود به هنا هو البيت
                            ومن عدة ابيات تتكون قصيدة..
                            والاتمام هنا ليس وزنا فقط ولكنه ايضا إتمام للمعاني وللفظ
                            لا أعتبر قصيدة النثر تجديدا موسيقيا..لانه هروب
                            مشكلة البعض انه يعتبر الاوزان والتفاعيل مجرد قيود
                            ولا يعلم ان هذه التفاعيل هو موسيقى
                            والموسيقى ..تعتبر أداة تعبير في الشعر
                            فهناك الموسيقى الحزينة ..وهنا الموسيقية الطربية التي تعبر عن حالة الفرح
                            وهناك الموسيقى الحماسية....الخ
                            والشاعر هو وحده من يستطيع اختيار البحر بأناقة حسب الحالة الشعورية

                            لو قلنا...تجديد كما يحصل في الشعر التفعيلي حيث تنويع التفعيلات وتنويع القوافي
                            او كما يحدث في الموشح
                            او كما يفعل بعض الشعراء بابتكار اوزان جديدة ...
                            لكن ان يختلط النثر بالشعر هذا امر ارفضه تماما

                            وعلى العموم يمكن للأدباء ان يكتبوا قصيدة النثر لكن أن يأخذوا بعين الاعتبار
                            أن لا يصنفوا هذا الصنف الادبي تحت دائرة قصيدة النثر
                            كأن يصنفوه نثرا..فقط ...فهو وادب الخواطر ليس أقل شأنا من الشعر لو كان هناك من يكرس وقته له
                            دون أن يقيم اعتبارا للمسائل الشكلية

                            كل الذين يريدون ان يثبتوا ان قصيدة النثر ..تعتبر شعرا
                            يحاولون فقط ان يجدوا القاسم المشترك الوحيد بينه وبين الشعر
                            وهو الصورة البلاغية...

                            كأن بقية الاصناف الاديبة ليس بها صورة بلاغية
                            القرآن به صور بلاغية
                            النثر عند العرب به صور بلاغية
                            القصة والرواية بها صور بلاغية
                            الخواطر بها صور بلاغية
                            المقامة بها صور بلاغية
                            وليس شرطا أن يسمى شعرا كل نص به صور شعرية
                            فهذا شيء مشترك
                            ولكن الاشكال تختلف
                            فالشعر من أساسه هو الغناء والطرب لهذا به وزن وقافية الخ
                            متى نفهم المضمون؟؟ ولا ننغر بالشكل ؟؟
                            نادت بإسمي فلما جئتها ابتعدت
                            قالت تنح ّ حبيبي لا أناديكا
                            إني أنادي أخي في إسمكم شبه
                            ما كنت َ قصديَ إني لست أعنيكا

                            صالح طه .....ظميان غدير

                            تعليق

                            • زياد عقيلان
                              عضو الملتقى
                              • 19-11-2010
                              • 13

                              #44
                              المشاركة الأصلية بواسطة ظميان غدير مشاهدة المشاركة
                              قصيدة النثر
                              تعاني من إشكالية اسمها ..
                              كيف تكون قصيدة وهي نثر
                              والقصد لدى العرب هو إتمام بين شييئين..
                              اي الشطر الايمن والايسر ..والمقصود به هنا هو البيت
                              ومن عدة ابيات تتكون قصيدة..
                              والاتمام هنا ليس وزنا فقط ولكنه ايضا إتمام للمعاني وللفظ
                              لا أعتبر قصيدة النثر تجديدا موسيقيا..لانه هروب
                              مشكلة البعض انه يعتبر الاوزان والتفاعيل مجرد قيود
                              ولا يعلم ان هذه التفاعيل هو موسيقى
                              والموسيقى ..تعتبر أداة تعبير في الشعر
                              فهناك الموسيقى الحزينة ..وهنا الموسيقية الطربية التي تعبر عن حالة الفرح
                              وهناك الموسيقى الحماسية....الخ
                              والشاعر هو وحده من يستطيع اختيار البحر بأناقة حسب الحالة الشعورية

                              لو قلنا...تجديد كما يحصل في الشعر التفعيلي حيث تنويع التفعيلات وتنويع القوافي
                              او كما يحدث في الموشح
                              او كما يفعل بعض الشعراء بابتكار اوزان جديدة ...
                              لكن ان يختلط النثر بالشعر هذا امر ارفضه تماما

                              وعلى العموم يمكن للأدباء ان يكتبوا قصيدة النثر لكن أن يأخذوا بعين الاعتبار
                              أن لا يصنفوا هذا الصنف الادبي تحت دائرة قصيدة النثر
                              كأن يصنفوه نثرا..فقط ...فهو وادب الخواطر ليس أقل شأنا من الشعر لو كان هناك من يكرس وقته له
                              دون أن يقيم اعتبارا للمسائل الشكلية

                              كل الذين يريدون ان يثبتوا ان قصيدة النثر ..تعتبر شعرا
                              يحاولون فقط ان يجدوا القاسم المشترك الوحيد بينه وبين الشعر
                              وهو الصورة البلاغية...

                              كأن بقية الاصناف الاديبة ليس بها صورة بلاغية
                              القرآن به صور بلاغية
                              النثر عند العرب به صور بلاغية
                              القصة والرواية بها صور بلاغية
                              الخواطر بها صور بلاغية
                              المقامة بها صور بلاغية
                              وليس شرطا أن يسمى شعرا كل نص به صور شعرية
                              فهذا شيء مشترك
                              ولكن الاشكال تختلف
                              فالشعر من أساسه هو الغناء والطرب لهذا به وزن وقافية الخ
                              متى نفهم المضمون؟؟ ولا ننغر بالشكل ؟؟
                              ما اجمل هذا الكلام
                              فقد ابدعت ووفيت وكفيت
                              وانصفت ووفقت وجئت بنهاية المطاف وزبدة القول
                              فاذا صنفناه شعرا فهو من الجنس الثالث مثلي
                              واذا صنفناه نثرا فهو من الجنس الثالث مثلي
                              فنحن في زمن شرعنة المثليه
                              في كل شيء

                              تعليق

                              • مهتدي مصطفى غالب
                                شاعروناقد أدبي و مسرحي
                                • 30-08-2008
                                • 863

                                #45
                                المشاركة الأصلية بواسطة ظميان غدير مشاهدة المشاركة
                                قصيدة النثر
                                تعاني من إشكالية اسمها ..
                                كيف تكون قصيدة وهي نثر
                                والقصد لدى العرب هو إتمام بين شييئين..
                                اي الشطر الايمن والايسر ..والمقصود به هنا هو البيت
                                ومن عدة ابيات تتكون قصيدة..
                                والاتمام هنا ليس وزنا فقط ولكنه ايضا إتمام للمعاني وللفظ
                                لا أعتبر قصيدة النثر تجديدا موسيقيا..لانه هروب
                                مشكلة البعض انه يعتبر الاوزان والتفاعيل مجرد قيود
                                ولا يعلم ان هذه التفاعيل هو موسيقى
                                والموسيقى ..تعتبر أداة تعبير في الشعر
                                فهناك الموسيقى الحزينة ..وهنا الموسيقية الطربية التي تعبر عن حالة الفرح
                                وهناك الموسيقى الحماسية....الخ
                                والشاعر هو وحده من يستطيع اختيار البحر بأناقة حسب الحالة الشعورية

                                لو قلنا...تجديد كما يحصل في الشعر التفعيلي حيث تنويع التفعيلات وتنويع القوافي
                                او كما يحدث في الموشح
                                او كما يفعل بعض الشعراء بابتكار اوزان جديدة ...
                                لكن ان يختلط النثر بالشعر هذا امر ارفضه تماما

                                وعلى العموم يمكن للأدباء ان يكتبوا قصيدة النثر لكن أن يأخذوا بعين الاعتبار
                                أن لا يصنفوا هذا الصنف الادبي تحت دائرة قصيدة النثر
                                كأن يصنفوه نثرا..فقط ...فهو وادب الخواطر ليس أقل شأنا من الشعر لو كان هناك من يكرس وقته له
                                دون أن يقيم اعتبارا للمسائل الشكلية

                                كل الذين يريدون ان يثبتوا ان قصيدة النثر ..تعتبر شعرا
                                يحاولون فقط ان يجدوا القاسم المشترك الوحيد بينه وبين الشعر
                                وهو الصورة البلاغية...

                                كأن بقية الاصناف الاديبة ليس بها صورة بلاغية
                                القرآن به صور بلاغية
                                النثر عند العرب به صور بلاغية
                                القصة والرواية بها صور بلاغية
                                الخواطر بها صور بلاغية
                                المقامة بها صور بلاغية
                                وليس شرطا أن يسمى شعرا كل نص به صور شعرية
                                فهذا شيء مشترك
                                ولكن الاشكال تختلف
                                فالشعر من أساسه هو الغناء والطرب لهذا به وزن وقافية الخ
                                متى نفهم المضمون؟؟ ولا ننغر بالشكل ؟؟
                                شكراً لك .. صديقي غدير الشعر
                                أتمنى لو أنك قرأت كل مافي الموضوع لكنت استغنيت عما كتبت ....
                                فأنت تختم تعقيبك بقولك (فالشعر من أساسه هو الغناء و الطرب لهذا به وزن و قافية إلخ ) ..
                                أعتقد أن فهمك هذا الذي أحترمه لكنني لا أوافق عليه لأنه ينسف مفهوم الشعر من جذوره و يحوله إلى حفلة رقص و فقش و الشعر يا صديقي أعمق بكثير من هذا المفهوم الشكلي المسبق و القاصر ..
                                الشعر هو الحياة ... فليست كل الحياة غناء و طرب و رقص و فقش ... بل هي معاناة و فكر و رؤية ..
                                أمنا ما تتحدث عنه تحت مسمى إشكالية المصطلح ... فآمل منك العودة إلى معاجم اللغة العربية و كتب نقد و قراءة الشعر و الشعراء قديمها و حديثها لتتعرف على :
                                أولاً - ما هو المعنى الحرفي للفظة ( الشعر ) و لفظة ( النثر ) و لفظة ( النظم)
                                ثانياً - ما هو مفهوم ( الشعر ) و ( النثر ) و (النظم) كمفاهيم جمالية و فنية و إبداعية و اصطلاحية.
                                ثالثاً - ما هو المعنى الحرفي للفظة ( قصيدة ) و ما هو مفهومها الإصطلاحي و من ثم العروضي .
                                رابعا - ما هو المعنى الحرفي للفظة ( الموسيقى) و معناها الاصطلاحي الفني و الفكري و الفلسفي.
                                خامساً - ما هو المعنى الحرفي للفظة ( الغناء) و لفظة ( الطرب) و من ثم معنى كل منهما الاصطلاحي و الفني .
                                حينها تحدث عن إشكالية المصطلح ... فالمصطلح نتاج الحراك الثقافي العربي و ليس نتاج مزاجية أي شخص كان ... فهو مصطلح دقيق جداً جداً ... و أترك لك أن تكتشفه من خلال المفاهيم السابقة ....
                                أما أن قولك أن ( القصد لدى العرب هو إتمام بين شيئين) فهو قول غير دقيق لأن ( القصد) في أقدم معاجم العربية ( القاموس المحيط) هو :استقامة الطريق و الاعتماد الأم ، قصده و له و إليه يقصده و ضدُّ الافراط كالاقتصاد و مواصلة عمل الشاعر القصائد كالاقتصاد ... و استخدم مصطلح ( القصيدة) من خلال هذا المصدر اللغوي للمفردة ...التي عنى بها العروضيون كلّ نصٍّ شعري كتب بطريقة النظم العروضي و تجاوز عدد أبياته السبعة أبيات ....
                                فمصطلح ( القصيدة) و مفهومها لدى شعراء قصيدة النثر بالتأكيد يخالف المصطلح و المفهوم العروضي .. هذا طبيعي .... فالمصطلح يصبح قاصراً حين يصبح كمياً و شكلياً ... بينما هو بمعناه اللفظي و الفكري أعمق ...
                                سؤال بسيط : هل هناك مفردة عربية غير موزونة أي اشتقاقاً و مصدراً ...؟!
                                من المستحيل أن تستقيم لفظة عربية مالم تكن موزونة و الموسيقا يا صديقي كعلم و فن هي توافق تبادلي بين الحركة و السكون ... بين الصوت و الصمت ... و لا توجد كلمة عربية أو غير عربية بهذا المفهوم العلمي و الفني للموسيقى غير موسيقية ...
                                شكراً لك ... و أتمنى ألا نتعامل مع الفكر الجمال و القيم و الابداعات الفنية و الجمالية برؤية مزاجية مسبقة لا تعتمد المنطق العلمي و الفكري ...
                                لنا الحق أن نتذوق العمل الابداعي و أن نرفضه ذوقياً فهذا حقنا ... إنما ليس من حقنا أن نحاول إلغاء قيمة فنية و جمالية و نحاول تبرير هذا الإلغاء بمقولات تتحايل على اللغة ...
                                فنرتكب أخطاءً قصدية ...
                                وجود قصيدة النثر لا يلغي قصيدة النظم ...
                                فلكل جمالياته الفنية و الفكرية ... المهم أن يكون النص شعرياً ... و الشعر هو التعبير الفني عن الحياة بصيغ فنية متعددة ... فكما يعبر النظم ( الوزن و القافية) عن الحياة بشكل فني و جمالي ...
                                كذلك النثر يعبر عن الحياة بشكل فني و جمالي ... و كما لكل من هذه الصيغ الفنية الشعرية من يبدعها .. كذلك لكل من هذه الصيغ الفنية الشعرية من يتطفل عليها ...
                                فليس كل من سمى ما كتبه قصيدة نظم .... شاعراً و الكثير الكثير الكثير .. مما كتب تحت هذه التسمية لا علاقة له مطلقاً بالشعر
                                كما أنه ليس كل من سمى ما يكتبه قصيدة نثر .... شاعراً و الكثير الكثير الكثير .. مما كتب تحت هذه التسمية لا علاقة له مطلقاً بالشعر ..
                                النظم و النثر هما وسيلتان لغاية واحدة هي الشعر ...
                                فنقيض النثر ليس الشعر كما أراد النظامون أن يعمموا هذه الرؤية ... نقيض الثر هو النظم و ليس الشعر ... هكذا هي رؤية معاجم اللغة العربية و كتب فقه اللغة العربية ...
                                فبالنثر نكتب المسرحية و القصة و الخطبة و المقالة ... كل الأجناس و الأنواع الكتابية ممكن أن نكتبها نثراً أو نظماً ... و تجارب اللغة العربية تؤكد ذلك فهناك قصة منظومة و قصيدة منظومة و مسرحية منظومة و كتاب علمية منظوم .. كما في (ألفية ابن مالك) و ( الاجرومية) و الكثير الكثير من التجارب النظمية و النثرية ...
                                فخلط المفاهيم و تحريفها هو ما يضر بالتراث الشعري العربي و يخربه بشكل مقصود و متعمد ليخدم رأي مسبق و متعنت يرفض الأخر قبل أن يتعرف عليه ..
                                أعيد و أشكرك .... و أتمنى أن نقبل الأخر الذي يضيف إلينا الكثير الكثير ... و رأي الشاعر العربي الكبير محمود درويش .. في الشاعر العربي الكبير محمد الماغوط هو أكبر دليل أن المبدع الحقيقي يحترم الابداع الحقيقي ...فالتواضع و احترام تجربة الأخر الإبداعية .. أهم أعمدة العبقرية و الابداع ...
                                أما رفض الأخر لمجرد أنه يخالفنا ....فهذه معضلة التعنت ... و التعصب الأعمى بصراً و بصيرة
                                لك محبتي و مودتي و تقديري متمنياً لغدير الشعر أن يتدفق بالشاعرية و الجمال و المحبة و الابداع
                                دمت متألقاً
                                ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                                ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                                ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                                ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                                القصيدة...قلب...
                                كالوردة على جثة الكون

                                تعليق

                                يعمل...
                                X