القصة الذهبية لشهر يونيو ((هروب عند منتصف الليل )) إيمان الدرع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #46
    و يحضرنى حين الوقوف فى حضرتك
    أبو الطيب المتنبي
    أنا الذي نظر الأعمي إلى أدب
    و أسمعت كلماتي من به صمم
    ................................
    و السيف و الرمح و القرطاس و القلم

    و أحتار دائما أيهما كان له الحق فى الرعاية
    الراية الحمراء أم هذا الهروب .. الذي حمل الكثير
    من انهزامات روحانية بالغة التأثير
    فى وقت ضياع القيمة و المعني
    حين يمتد الفساد إلى جذر .. ماذا تبقي ؟
    مؤلمة أيمان ، فنحن ننتمي للجذور ، ننتمي لها بكل ما تعني لنا
    من فكر و إيمان و ... و ... و ......... . و .....!!
    أشياء غالية لا أول لها و لا آخر
    و أن نجد هذه البنية تحدث هذا و تقلب الموازين !!
    كان درسا رائعا ، و كنت قريبة مني بشكل عجيب !!

    ماذا أقول ، لم يات من فراغ إيمان
    وددت لو حضرت تكريم الوالدة الشاعرة الكبيرة
    ووقفت على ما خلف الوالد من تراث عظيم !!

    تقديري لكم عائلة محمد الدرع العظيم !!
    sigpic

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #47
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      و يحضرنى حين الوقوف فى حضرتك
      أبو الطيب المتنبي
      أنا الذي نظر الأعمي إلى أدب
      و أسمعت كلماتي من به صمم
      ................................
      و السيف و الرمح و القرطاس و القلم

      و أحتار دائما أيهما كان له الحق فى الرعاية
      الراية الحمراء أم هذا الهروب .. الذي حمل الكثير
      من انهزامات روحانية بالغة التأثير
      فى وقت ضياع القيمة و المعني
      حين يمتد الفساد إلى جذر .. ماذا تبقي ؟
      مؤلمة أيمان ، فنحن ننتمي للجذور ، ننتمي لها بكل ما تعني لنا
      من فكر و إيمان و ... و ... و ......... . و .....!!
      أشياء غالية لا أول لها و لا آخر
      و أن نجد هذه البنية تحدث هذا و تقلب الموازين !!
      كان درسا رائعا ، و كنت قريبة مني بشكل عجيب !!

      ماذا أقول ، لم يات من فراغ إيمان
      وددت لو حضرت تكريم الوالدة الشاعرة الكبيرة
      ووقفت على ما خلف الوالد من تراث عظيم !!

      تقديري لكم عائلة محمد الدرع العظيم !!
      ماذا أقول ياأستاذي الغالي..؟؟
      لا يسعني إلا الوقوف والانحناء لإنسانيّتك التي لم يصادفني مثلها...
      تحمل روحاً عظيمة في جنباتك ..
      مدّتني على الصعيد الشخصيّ ..بطاقة جديدة ..
      فيها بعض ملامح عزيمتك..وإصرار قلمك..
      شيء جديد حدث ..أمدّني بأمل مشرق أزال عني بعض التكاسل والتأجيل..
      وانتظار الغد كي يأتي محملاً بالهدايا التي حسبتها تأتي على مهلٍ..
      علّمتني أن الزمن لا ينتظر ..علينا نفض الغبار عنه..وأنّ هذا القلم الذي بين أصابعنا..له الحقّ الأوّل علينا قبل الاعتبارات الأخرى..
      أنا المرأة التي كادت أن تموت حروفها تحت وطأة الواجب..والوظيفة..
      والمجاملات التي لاتنتهي..والتي كانت لولا هذه اليقظة ستنهيني أنا
      عرفان بالجميل كان لابدّ من الاعتراف به وعلى الملأ..
      ممتنّة لك أستاذي ..على كلّ حرفٍ شددتَ به أزري..ونصحتني به..
      وأشكرك على التهنئة اللطيفة بتكريم والدتي أمدّ الله بعمرها:
      لمياء حلبي شاعرة قاسيون.. بالمركز الثقافيّ ببيلا بمحافظة ريف دمشق..
      في السادسة مساء أمس..وكانت فرحة لا توصف لنا ولها..
      فجميل أن يكرّم المرء بحياته وتقدّم له باقة الورد وهو على قيد الحياة وليس على مثواه الأخير بعد الرحيل...هذا ما قالته الوالدة في كلمتها..
      وأفرحتني أنك تذكّرت الوالد رحمه الله..وأشرت إلى مؤلفاته..
      فلا عجب ..لأنه شرب من نيل مصر العظيمة..
      لقد عاش فيها لسنوات طويلة ودرس في أزهرها الشريف في الأربعينيات
      وخرج منها يحمل شهادات عليا في علوم الدين..واللغة العربيّة..
      وله مؤلفات عديدة مميّزة وعميقة في هذين المجالين..
      ليس لديّ ما أقول..إلاّ شكراً على كلّ شيء أيها الكبير..
      دُمتَ بسعادةٍ ...تحيّاتي..

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • أمين خيرالدين
        عضـو ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
        • 04-04-2008
        • 554

        #48
        [quote=إيمان الدرع;483680]
        هروب عند منتصف الليل




        ناداني بصوته الأجشِّ المجلجل ، ارتجفتْ أضلاعي،...فتحتُ الباب بحذرٍ ،نزلتُ درجات السلّم على أطراف أصابعي ، وكأنّي أستعدُّ لملاقاة غولٍ كاسرٍ.


        كرّر النداء بصوت أعلى ، أجبته مذعورة : نعم أبي .. هاقد وصلت.


        عنّفني على تأخّري طالباً مني تهيئة المكان من أجل سهرته المعتادة التي تجمعه بأصدقاء اللَّهو والمجون، وعبيد سمومٍ بيضاءَ أقحموها إلى حياته كغربان سودٍ تحت جنح الظلام .


        لينزعوا بأظفارهم المهووسة .كلّ شيءٍ حلوٍ في هذه المملكة الصغيرة ، ليحيلوها إلى يبابٍ ، يرتعون فيه و يعربدون دون قيود .


        تنحنح أبي لثقلٍ في رأسه، ومدَّد جسمه على الأريكة وراح في عالمه المفصول عن عالم بيته .


        يحاور بغموضٍ وصمتٍ قصوراً موغلةً في السراب ،ويجوب ببحارٍ لا وجود لها .


        إلى أن غالبه النَعاس فأغمض جفنيه وتركني أتخبّط في عذاباتي ، وأنا أعيد ترتيب الأشياء التي بعثرها في عالمه المجنون هذا .


        أزيل بقايا السجائر المحشوّة بمخدّراتٍ أزكمت أنفي برائحة مقزِّزة ، صرت أميّزها بنفورٍ واضحٍ .وأحمل الأكواب العالقة برواسب أشربة شتَّى إلى المطبخ في الصالة.


        وأناجي أمي بدموع ساخنة ، أشكوها للسماء التي كانت تمطر بغزارة في الخارج ،لأنها تركتني وحيدة مع ألمي، ومع بقايا رجلٍ كان يوماً أبي الذي يضج بالحياة والبِشْر ، ويطفح بالخير والطيبة . قبل أن يدخل نفق الإدمان.


        وأهزّها بعنفٍ وأعاتبها بقلبي المجروح أسألها :كيف طاوعك قلبك على البعد عني وأنا وحيدتك ؟ لماذا لم تصبري؟ لمَ رحلتِ وأفرغت هذا البيت من طيفك الجميل الذي كان يحميني ؟


        ولفرط خوفي ألا أكون قد آلمت أمي حتى في طيفها ..، عانقتها و قبَّلتها ، وبكيت متذكّرةً أوجاعها ، وآثار لكمات أبي على جسدها ..، وصدى أصوات تعذيبها الذي سكن جدران هذا البيت البارد -بلا مجيب و لكم حاولت أن أردَه عنها ..أجذبه من ملابسه متوسّلةً ، فيركلني بقدمه ويسطحني أرضاً ،فيصيب أمّي مرّتين : مرّةً بأوجاعها والأخرى قهراً على ابنتها.


        ولأنّه مشلول الفكر طلّقها ثلاثاً متتابعات في أزمنةٍ شتى .


        بوعي ٍ بعد أن أضاع منه كلّ شيءٍ ،و مرَّات عديدة وهو تحت وطأة الإدمان ..


        وبين هذه وتلك كان يتجلَّى ضعفه ، وخساراته ، وهزائمه المعيشيّة التي انهارت ، وعصفت بكلِّ ماجنى عبر أسفاره و إبحاره طلباً للرزق الحلال .


        اِنهار هذا الصرح الجميل -الإدمان- هذا الوحش الكاسر انقضّ على عيوننا الفرحة فاقتلعها ، خنق بسماتنا و أفقرنا .


        و ضاعت أمّي و ُأبعدت أمي .... أمي الطاهرة الحلوة التي غادرت مملكتها الخربة مرغمةً بعد أن استماتت في الدفاع عنها بلا جدوى


        غادرتني في عتمة الّليل ، و هي تضمّني بانكسارٍ إلى صدرها المكلوم ، و زرعتْ فيّ نبضها ومآقيها الدامعة، فما استطعت الفكاك من أسرهما حتى هذه اللحظة ،و ما استطعت أن أنسى صوت إطباق باب السيارة التي أقلّتها ، و كأنها أرتجت على آخر معاقل السعادة في قلبي


        اليوم هي في مملكةٍ أخرى ..... مملكةٍ تعجّ بأولادٍ ليسوا منها و ليسوا من دمي .


        هربت من ظلم الزوج و الأهل إلى واحة مجهولة , علّها تستنشق فيها رائحة هواء نظيف غير هذا الهواء الفاسد الذي سرطن رئتيها عند أبي .


        لعلها ترى نور الشمس , و تحسّ بدفئها بعد هذا الصقيع


        شخير أبي يعلو و يوقظني من شرودي، و هو يتقلّب على الطرف الآخر من الأريكة...


        أسرعت إليه بوسادة أخرى علّها تريحه , و أرخيتُ على جسده الموهن لحافا ًصوفيّاً يقي أضلاعه المتعَبة من البرد الذي يحاصرنا .


        شوقي لأمي اعتصرني حتى آخر نقطة في عروقي ...... ارتديت ملابسي على عجلٍ ، سمع وقْع خطواتي، و ربما نبضاتي، سألني كالمغيّب عن وجهتي:


        قلت له سأعود بعد ساعة في أمر هام طارئ .


        لست أدري إن سمعني أم لا.. خلته عاد إلى عالمه المحموم بالهذيان المنسلخ عن الواقع



        * ************************************


        قرعتُ بابها تسبقني أشواقي إليها , تسمّرتْ عند رؤيتي و على استحياء استقبلتني.


        رميت بنفسي عند أحضانها , قلبها كنوز عطرٍ و واحة أمانٍ و لكنه ليس كما توقعت من القوّة والشوق.


        شاورتُ نفسي أن أعودَ من حيث أتيتُ، و قد هممتُ، لولا أن سمعتُ صوت زوجها الهادر يسأل عن القادم ,


        غالبتْ أمي ارتباكها , و أمسكت بيدي تجذبني نحو الداخل قائلة : تعالي سلّمي على عمّك . ارتطمتُ بعينيه الحادّتين و يده الجافّة و هو يصافحني و يقول مرغماً أهلا و سهلا ...


        مجاملةً واضحةً لشخصٍ لا يعنيه، أتى متطفّلاً ليخرب عليه سهرةً ملوّنةً بكلّ الأصباغ ،كتلك التي كانت تضعها أمي على وجهها عربون صفقة تبادلا فيها الأدوار:


        هو بسكنه و ماله و اسمه، و هي بشبابها و جمالها... و بإشباع نهمه و غرائزه على حواسٍ لم يستطع إسكاتها حتى بحضوري ،إذ كانت ردوده تشي بانزعاجٍ لضيف المساء هذا و هو يطلب منها التعجيل في إعداد القهوة


        أسكتتْ أمي صوت المسجّل الذي كان يعلو بنغمات راقصة مجلجلة، و لمحتُ وشاحها الأحمر الذي كان معقوداً على خصرها مركوناً على عجلٍ في إحدى الزوايا.


        ارتبكتْ المسكينة و هي تجاهد في تقليل جرعة جراحي و آلامي ببعثرة صور شتى فرضت وجودها في هذه الصالة الفخمة التي تضمّ حبيبتي وقد صارتْ بقهرها بعيدةً ......... بعيدة لا وجود لها إلا في ذاكرتي الطفوليّة التي لا تفارقني


        انكسارها و تذلّلها أوجعني ، انسحبت معتذرةً ........ عانقتها عند الباب مودعةً


        امْتزجتْ أنّات مآقينا تحت المطر العاصف بعنفٍ، شدّتْ بأناملها معطفي على جسدي ، و لفّحتني بوشاح الصوف و هي توصيني بنفسي .


        تقاذفتني الريح عند مفترق الطرق


        ************************************************** ********************************


        تمشّيت في الأزقّة العتيقة بدمشق وحدي ،علّني أبثّ بيوتها مكنونات صدري، أسترق ومضة دفءٍ متسّربةٍ خلف الأبواب الّتي كان يجمعها أناس يضحكون ، يأكلون اللقمة معا , يتسامرون ، يختصمون و يصطلحون ، و ينامون في آخر الليل تحت سقف واحدٍ.


        تذكّرت ملامح خالتي الصغرى الأقرب إلى نفسي التي تقطن في حلب بعد زواجها .......


        أحسستها تناديني عن بعد، و تشاركني جولتي المسائية.


        لحظة تمرّد أفقدتني صوابي ’ طرأت لي فكرة ما استطعت أن أخمدها، أردت السفر إليها مهما كانت الأسباب و النتائج , صدري لم يعد يحتمل الوجع أكثر.


        توجّهت إلى محطّة القطار، اقتطعتُ تذكرة سفر، عرفتُ أنّ موعد الانطلاق عند منتصف الليل


        جلست على مقعد قصيّ أنتظر موعد الرحلة , أتناول لقيماتٍ ساخنةً لأُسكت جوعي


        ثلّةٌ من الشبّان الذّين يملؤهم الّصّخب المجنون بكل أشكاله يتقاربون لمقعدي , أدرتُ ظهري بقسوةٍ باديةٍ ، و أسدلت الوشاح على قسماتٍ كثيرةٍ من وجهي ، و استنفرت كلبؤةٍ متوحشّةٍ تُخيف من يقترب منها بزمجرةٍ كامنةٍ ، و أظفارٍ مُعَدّةٍ للنشْب في حال الاقتراب.


        تباعدوا عنّي تلحق أذني تعليقاتهم السّاخرة بأني: لعلّي مجنونةٌ.. مُعَقّدة.. بشعة الملامح.


        ارتحت قليلا واعدةً نفسي بأحضان خالتي الوادعة التي عاصرتْ المعاناة منذ بدئها ،و قد كنت أبّثّها شكواي عند كل عشيّةٍ، فتصبّرني ،و تمسح دمعتي، و تواسيني بفرجٍ قريبٍ وجدته لفرط تعاستي بعيداً.


        و الآن بعد زواجها نأتْ قافلتها عن طريقي و ابتعدت ، فلكم بعُدت عني الأشياء التي أحبها ؟؟


        هذا قدري...


        لاحتْ لي و من خلف نافذة الاستراحة , قطط الّليل الشاردة بأصباغٍ رخيصةٍ و ألبسةٍ فاضحةٍ ما وُجِدتْ إلا لتنادي على فاكهةٍ كَبُرَتْ على سمادٍ صناعيّ ٍ ، مزدانةٍ من الخارج ، خاويةٍ عجفاءَ من الداخل ، تعجّبْتُ من هذه الدنيا.؟؟؟


        جلستْ قربي امرأةٌ تلاطفني و تستأذنني الجلوس , أوغلتْ بفنّ ٍ بتفاصيل حياتي ، و بذكاءٍ شديدٍ حاولتْ الولوج إلى قهر نفسي الذي كنت أداريه عنها .


        انفلتّ من حوارها بإجابات مقتضبة تنمّ عن ضيقٍ من محاصرتها لي بالأسئلة التي كانت تلتقطها برادارها العجيب الغريب .


        ولما أيقنتْ ضجري منها دسّتْ في يدي عنوانها بكثيرٍ من الودّ و الحبّ. كدتُ أن ألقي بنفسي بين ذراعيها لأبكي و أبكي و لكنني لم أفعل.


        يا الله .... اشتقت إلى بيتي، تذكّرت أبي ... بقايا أبي ... سمعته يناديني بجسده المكلوم وهو يستنجد بي ، يريد أن آخذه كطفلٍ مذعورٍ ، مُسْتضعفٍ إلى غرفته بعد أن دارتْ به الأرض .


        مزّقتُ تذكرة السفر ، سابقت الريح إليه ، الأمطار تلسعني و البرق ينشقّ عن ضوءٍ يفضحني و أنا أهرول بين السيارات و المارّة المشدوهين لهذه العجلة ، لم يكن يهمني إلا الوصول لعتبة المنزل


        أدرت المفتاح ........... الدخان الأزرق الكثيف يعلو المكان , وصدى ضحكات مجنونة تجلجل وتزيدني اختناقاً ....


        حاولت أن لا أمعن النظر، هممت في صعود السُلّم لغرفتي ...... أيادٍ شدّتني إلى الصالة تعبث في جسدي ، قُبلات محمومة تناوشني ، صرخت أستنجد بأبي


        أبي أبعد الغربان عني...


        أبي أبعد الغربان .... اختبأت خلف جسده الهزيل ... ما استطاع أن يفعل شيئا


        أبيـــ يييـ ييــ احمني منهم.......


        جاوبني بشفاهٍ مرتعشةٍ تهذي ما بك ....؟ ما بك....؟


        اجلسي معنا ....


        اشتدت أناملهم اشتعالا على جسدي... و قيت بكفي أدفع ما استطعت عني أذاهم , و لما انفلتّ ُ منهم مبتعدةً ، رمقت أبي ، وجدته ما زال مغيبّا و لكن عينيه الحمراوتين كانتا تبكيان.. تبكيان بدموعٍ ما استطاع أن يكتمها رغم فقد وعيه وهذيانه ، كان أضعف من أن يدافع عني


        كأن سلاسل من حديد قيّدتْ أطرافه، وفكّكت ذرّات شرفه و دمه .


        صفقتُ الباب خلفي و أنا أغادر المنزل من جديد ،قادتني قدماي المقرّحتان إلى جدتي المسنةّ التي تقبع في بيت بسيط منسيّ بعد أن ذهب عنها الشباب ، و المال، و الأهل ، منعزلة كشجرةٍ يابسةٍ تنتظر مصيرها.


        كثيرة النسيان كانت و لكنها بشوشة الملامح.....


        ما زال الخير يسكن قلبها الواهن ....


        ابتسمتْ لي عيناها قائلةً : يا ابنتي ادخلي بسرعة ثيابك مبتلّةٌ ...و اعتصرتْ ذاكرتها جاهدةً في تذكّر اسمي , عانقتها , , أمطرتُ دموعاً غزيرةً سالت على أخاديد وجهها .


        أمسكت بيدي برفق إلى أريكة مهترئة قرب الموقد.


        قالت لي : بردانة أنت يا عين جدّتك ...؟؟ ثم أراحتني، دثّرتني، هدّأتْ قلبي ، قدّمتْ لي صحن تمرٍ عربيّ ٍ كانت تأكل منه .


        ابتسمتُ في وجهها استأذنتُها المبيتَ عندها ....؟؟


        رحّبت بي قائلة : إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي


        جلستْ قربي أتنسّم عبير طهرها ، و حدّثتني ببراءة الأطفال عن كلّ ما يجول بعالمها من أحداث حتى استراحت حواسي و غالبني النعاس


        و لمّا أطفأتُ النور أستعرض أحداث يومي الهارب من فوهة بركان دائم الحمم , تلمّست بيدي هذه الأريكة التي أنام عليها ، وجدتها متعبة ، بسيطة ، و لكنها صلبة ٌ ، نظيفة ، تقاوم الزمن . وحمدت الله في سرّي لأنه غمرني بهذا النور الذي أشعل في قلبي الأمل من جديد.


        و تأملت السماء قبل أن أغفو و أنا أمنّي النفس بغدٍ أجمل.


        تذكرت في سرّي الورقة التي دسّتْها امرأةُ المحطّة في يدي ، نزعتها من معطفي ... مزّقتها بين أصابعي منتشية بالنصر.....


        رغم كلّ ِ الألم ......


        انتهت بعون الله


        في 7\6\2010



        قصة/ ملحمة فيها جهاد
        جهاد ضد الخطأ والخطيئة، ضد الضياع والانحراف
        فيها التقاء مع الذات التي ترفض الضياع
        ألأب ضائع، غراب يبكي ضياع نفسه؟، زوجته؟، لكنه يبكي ضعفه،ويبكي عجزه عن إنقاذ قطعة من كبده!!
        جهاد الإبنة ضد الحاضر، تتقاذفها الريح عند انعطافات الخطأ او الخطيئة
        صدرها لا يحتمل الوجع...تهرب كما هربت الأم مع فارق التوجّه
        تهرب الأم إلى المذلّة، وتهرب ابنتها من المذلة، تبحث عن فَرَجٍ قريب يعادل سعة التعاسة
        تهرب في منتصف الليل، لكن شمسها تشرق قبل منتصف الليل بدقائق
        تعود إلى ابيها، لتقع بين أظافر الحيوانات المفترسة، ولتكتشف كم هو مؤلم عجز الإنسان عن ردّ االموت عمن يحب !!!
        تهرب إلى الجدة، الشجرة العتيقة المظللة رغم يباسها، وانتظارها منشار القدر
        "إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي"
        ما أوسع القلوب العتيقة، والذّها، ألذُّ من النبيذ المعتّق!
        "رغم كل الألم".. أحست بالانتصار!!
        الانتصار على الخطيئة ، وعلى الخطأ، على الضياع ، على بريق الحياة ومغرياتها
        إنه انتصار لقصة جذابة لها طعم النبيذ
        دمت ودام قلمك

        [frame="11 98"]
        لأني أحبُّ شعبي أحببت شعوب الأرض

        لكني لم أستطع أن أحب ظالما
        [/frame]

        تعليق

        • إيمان الدرع
          نائب ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3576

          #49
          [quote=أمين خيرالدين;501296]
          المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
          هروب عند منتصف الليل





          ناداني بصوته الأجشِّ المجلجل ، ارتجفتْ أضلاعي،...فتحتُ الباب بحذرٍ ،نزلتُ درجات السلّم على أطراف أصابعي ، وكأنّي أستعدُّ لملاقاة غولٍ كاسرٍ.


          كرّر النداء بصوت أعلى ، أجبته مذعورة : نعم أبي .. هاقد وصلت.


          عنّفني على تأخّري طالباً مني تهيئة المكان من أجل سهرته المعتادة التي تجمعه بأصدقاء اللَّهو والمجون، وعبيد سمومٍ بيضاءَ أقحموها إلى حياته كغربان سودٍ تحت جنح الظلام .


          لينزعوا بأظفارهم المهووسة .كلّ شيءٍ حلوٍ في هذه المملكة الصغيرة ، ليحيلوها إلى يبابٍ ، يرتعون فيه و يعربدون دون قيود .


          تنحنح أبي لثقلٍ في رأسه، ومدَّد جسمه على الأريكة وراح في عالمه المفصول عن عالم بيته .


          يحاور بغموضٍ وصمتٍ قصوراً موغلةً في السراب ،ويجوب ببحارٍ لا وجود لها .


          إلى أن غالبه النَعاس فأغمض جفنيه وتركني أتخبّط في عذاباتي ، وأنا أعيد ترتيب الأشياء التي بعثرها في عالمه المجنون هذا .


          أزيل بقايا السجائر المحشوّة بمخدّراتٍ أزكمت أنفي برائحة مقزِّزة ، صرت أميّزها بنفورٍ واضحٍ .وأحمل الأكواب العالقة برواسب أشربة شتَّى إلى المطبخ في الصالة.


          وأناجي أمي بدموع ساخنة ، أشكوها للسماء التي كانت تمطر بغزارة في الخارج ،لأنها تركتني وحيدة مع ألمي، ومع بقايا رجلٍ كان يوماً أبي الذي يضج بالحياة والبِشْر ، ويطفح بالخير والطيبة . قبل أن يدخل نفق الإدمان.


          وأهزّها بعنفٍ وأعاتبها بقلبي المجروح أسألها :كيف طاوعك قلبك على البعد عني وأنا وحيدتك ؟ لماذا لم تصبري؟ لمَ رحلتِ وأفرغت هذا البيت من طيفك الجميل الذي كان يحميني ؟


          ولفرط خوفي ألا أكون قد آلمت أمي حتى في طيفها ..، عانقتها و قبَّلتها ، وبكيت متذكّرةً أوجاعها ، وآثار لكمات أبي على جسدها ..، وصدى أصوات تعذيبها الذي سكن جدران هذا البيت البارد -بلا مجيب و لكم حاولت أن أردَه عنها ..أجذبه من ملابسه متوسّلةً ، فيركلني بقدمه ويسطحني أرضاً ،فيصيب أمّي مرّتين : مرّةً بأوجاعها والأخرى قهراً على ابنتها.


          ولأنّه مشلول الفكر طلّقها ثلاثاً متتابعات في أزمنةٍ شتى .


          بوعي ٍ بعد أن أضاع منه كلّ شيءٍ ،و مرَّات عديدة وهو تحت وطأة الإدمان ..


          وبين هذه وتلك كان يتجلَّى ضعفه ، وخساراته ، وهزائمه المعيشيّة التي انهارت ، وعصفت بكلِّ ماجنى عبر أسفاره و إبحاره طلباً للرزق الحلال .


          اِنهار هذا الصرح الجميل -الإدمان- هذا الوحش الكاسر انقضّ على عيوننا الفرحة فاقتلعها ، خنق بسماتنا و أفقرنا .


          و ضاعت أمّي و ُأبعدت أمي .... أمي الطاهرة الحلوة التي غادرت مملكتها الخربة مرغمةً بعد أن استماتت في الدفاع عنها بلا جدوى


          غادرتني في عتمة الّليل ، و هي تضمّني بانكسارٍ إلى صدرها المكلوم ، و زرعتْ فيّ نبضها ومآقيها الدامعة، فما استطعت الفكاك من أسرهما حتى هذه اللحظة ،و ما استطعت أن أنسى صوت إطباق باب السيارة التي أقلّتها ، و كأنها أرتجت على آخر معاقل السعادة في قلبي


          اليوم هي في مملكةٍ أخرى ..... مملكةٍ تعجّ بأولادٍ ليسوا منها و ليسوا من دمي .


          هربت من ظلم الزوج و الأهل إلى واحة مجهولة , علّها تستنشق فيها رائحة هواء نظيف غير هذا الهواء الفاسد الذي سرطن رئتيها عند أبي .


          لعلها ترى نور الشمس , و تحسّ بدفئها بعد هذا الصقيع


          شخير أبي يعلو و يوقظني من شرودي، و هو يتقلّب على الطرف الآخر من الأريكة...


          أسرعت إليه بوسادة أخرى علّها تريحه , و أرخيتُ على جسده الموهن لحافا ًصوفيّاً يقي أضلاعه المتعَبة من البرد الذي يحاصرنا .


          شوقي لأمي اعتصرني حتى آخر نقطة في عروقي ...... ارتديت ملابسي على عجلٍ ، سمع وقْع خطواتي، و ربما نبضاتي، سألني كالمغيّب عن وجهتي:


          قلت له سأعود بعد ساعة في أمر هام طارئ .


          لست أدري إن سمعني أم لا.. خلته عاد إلى عالمه المحموم بالهذيان المنسلخ عن الواقع



          * ************************************


          قرعتُ بابها تسبقني أشواقي إليها , تسمّرتْ عند رؤيتي و على استحياء استقبلتني.


          رميت بنفسي عند أحضانها , قلبها كنوز عطرٍ و واحة أمانٍ و لكنه ليس كما توقعت من القوّة والشوق.


          شاورتُ نفسي أن أعودَ من حيث أتيتُ، و قد هممتُ، لولا أن سمعتُ صوت زوجها الهادر يسأل عن القادم ,


          غالبتْ أمي ارتباكها , و أمسكت بيدي تجذبني نحو الداخل قائلة : تعالي سلّمي على عمّك . ارتطمتُ بعينيه الحادّتين و يده الجافّة و هو يصافحني و يقول مرغماً أهلا و سهلا ...


          مجاملةً واضحةً لشخصٍ لا يعنيه، أتى متطفّلاً ليخرب عليه سهرةً ملوّنةً بكلّ الأصباغ ،كتلك التي كانت تضعها أمي على وجهها عربون صفقة تبادلا فيها الأدوار:


          هو بسكنه و ماله و اسمه، و هي بشبابها و جمالها... و بإشباع نهمه و غرائزه على حواسٍ لم يستطع إسكاتها حتى بحضوري ،إذ كانت ردوده تشي بانزعاجٍ لضيف المساء هذا و هو يطلب منها التعجيل في إعداد القهوة


          أسكتتْ أمي صوت المسجّل الذي كان يعلو بنغمات راقصة مجلجلة، و لمحتُ وشاحها الأحمر الذي كان معقوداً على خصرها مركوناً على عجلٍ في إحدى الزوايا.


          ارتبكتْ المسكينة و هي تجاهد في تقليل جرعة جراحي و آلامي ببعثرة صور شتى فرضت وجودها في هذه الصالة الفخمة التي تضمّ حبيبتي وقد صارتْ بقهرها بعيدةً ......... بعيدة لا وجود لها إلا في ذاكرتي الطفوليّة التي لا تفارقني


          انكسارها و تذلّلها أوجعني ، انسحبت معتذرةً ........ عانقتها عند الباب مودعةً


          امْتزجتْ أنّات مآقينا تحت المطر العاصف بعنفٍ، شدّتْ بأناملها معطفي على جسدي ، و لفّحتني بوشاح الصوف و هي توصيني بنفسي .


          تقاذفتني الريح عند مفترق الطرق


          ************************************************** ********************************


          تمشّيت في الأزقّة العتيقة بدمشق وحدي ،علّني أبثّ بيوتها مكنونات صدري، أسترق ومضة دفءٍ متسّربةٍ خلف الأبواب الّتي كان يجمعها أناس يضحكون ، يأكلون اللقمة معا , يتسامرون ، يختصمون و يصطلحون ، و ينامون في آخر الليل تحت سقف واحدٍ.


          تذكّرت ملامح خالتي الصغرى الأقرب إلى نفسي التي تقطن في حلب بعد زواجها .......


          أحسستها تناديني عن بعد، و تشاركني جولتي المسائية.


          لحظة تمرّد أفقدتني صوابي ’ طرأت لي فكرة ما استطعت أن أخمدها، أردت السفر إليها مهما كانت الأسباب و النتائج , صدري لم يعد يحتمل الوجع أكثر.


          توجّهت إلى محطّة القطار، اقتطعتُ تذكرة سفر، عرفتُ أنّ موعد الانطلاق عند منتصف الليل


          جلست على مقعد قصيّ أنتظر موعد الرحلة , أتناول لقيماتٍ ساخنةً لأُسكت جوعي


          ثلّةٌ من الشبّان الذّين يملؤهم الّصّخب المجنون بكل أشكاله يتقاربون لمقعدي , أدرتُ ظهري بقسوةٍ باديةٍ ، و أسدلت الوشاح على قسماتٍ كثيرةٍ من وجهي ، و استنفرت كلبؤةٍ متوحشّةٍ تُخيف من يقترب منها بزمجرةٍ كامنةٍ ، و أظفارٍ مُعَدّةٍ للنشْب في حال الاقتراب.


          تباعدوا عنّي تلحق أذني تعليقاتهم السّاخرة بأني: لعلّي مجنونةٌ.. مُعَقّدة.. بشعة الملامح.


          ارتحت قليلا واعدةً نفسي بأحضان خالتي الوادعة التي عاصرتْ المعاناة منذ بدئها ،و قد كنت أبّثّها شكواي عند كل عشيّةٍ، فتصبّرني ،و تمسح دمعتي، و تواسيني بفرجٍ قريبٍ وجدته لفرط تعاستي بعيداً.


          و الآن بعد زواجها نأتْ قافلتها عن طريقي و ابتعدت ، فلكم بعُدت عني الأشياء التي أحبها ؟؟


          هذا قدري...


          لاحتْ لي و من خلف نافذة الاستراحة , قطط الّليل الشاردة بأصباغٍ رخيصةٍ و ألبسةٍ فاضحةٍ ما وُجِدتْ إلا لتنادي على فاكهةٍ كَبُرَتْ على سمادٍ صناعيّ ٍ ، مزدانةٍ من الخارج ، خاويةٍ عجفاءَ من الداخل ، تعجّبْتُ من هذه الدنيا.؟؟؟


          جلستْ قربي امرأةٌ تلاطفني و تستأذنني الجلوس , أوغلتْ بفنّ ٍ بتفاصيل حياتي ، و بذكاءٍ شديدٍ حاولتْ الولوج إلى قهر نفسي الذي كنت أداريه عنها .


          انفلتّ من حوارها بإجابات مقتضبة تنمّ عن ضيقٍ من محاصرتها لي بالأسئلة التي كانت تلتقطها برادارها العجيب الغريب .


          ولما أيقنتْ ضجري منها دسّتْ في يدي عنوانها بكثيرٍ من الودّ و الحبّ. كدتُ أن ألقي بنفسي بين ذراعيها لأبكي و أبكي و لكنني لم أفعل.


          يا الله .... اشتقت إلى بيتي، تذكّرت أبي ... بقايا أبي ... سمعته يناديني بجسده المكلوم وهو يستنجد بي ، يريد أن آخذه كطفلٍ مذعورٍ ، مُسْتضعفٍ إلى غرفته بعد أن دارتْ به الأرض .


          مزّقتُ تذكرة السفر ، سابقت الريح إليه ، الأمطار تلسعني و البرق ينشقّ عن ضوءٍ يفضحني و أنا أهرول بين السيارات و المارّة المشدوهين لهذه العجلة ، لم يكن يهمني إلا الوصول لعتبة المنزل


          أدرت المفتاح ........... الدخان الأزرق الكثيف يعلو المكان , وصدى ضحكات مجنونة تجلجل وتزيدني اختناقاً ....


          حاولت أن لا أمعن النظر، هممت في صعود السُلّم لغرفتي ...... أيادٍ شدّتني إلى الصالة تعبث في جسدي ، قُبلات محمومة تناوشني ، صرخت أستنجد بأبي


          أبي أبعد الغربان عني...


          أبي أبعد الغربان .... اختبأت خلف جسده الهزيل ... ما استطاع أن يفعل شيئا


          أبيـــ يييـ ييــ احمني منهم.......


          جاوبني بشفاهٍ مرتعشةٍ تهذي ما بك ....؟ ما بك....؟


          اجلسي معنا ....


          اشتدت أناملهم اشتعالا على جسدي... و قيت بكفي أدفع ما استطعت عني أذاهم , و لما انفلتّ ُ منهم مبتعدةً ، رمقت أبي ، وجدته ما زال مغيبّا و لكن عينيه الحمراوتين كانتا تبكيان.. تبكيان بدموعٍ ما استطاع أن يكتمها رغم فقد وعيه وهذيانه ، كان أضعف من أن يدافع عني


          كأن سلاسل من حديد قيّدتْ أطرافه، وفكّكت ذرّات شرفه و دمه .


          صفقتُ الباب خلفي و أنا أغادر المنزل من جديد ،قادتني قدماي المقرّحتان إلى جدتي المسنةّ التي تقبع في بيت بسيط منسيّ بعد أن ذهب عنها الشباب ، و المال، و الأهل ، منعزلة كشجرةٍ يابسةٍ تنتظر مصيرها.


          كثيرة النسيان كانت و لكنها بشوشة الملامح.....


          ما زال الخير يسكن قلبها الواهن ....


          ابتسمتْ لي عيناها قائلةً : يا ابنتي ادخلي بسرعة ثيابك مبتلّةٌ ...و اعتصرتْ ذاكرتها جاهدةً في تذكّر اسمي , عانقتها , , أمطرتُ دموعاً غزيرةً سالت على أخاديد وجهها .


          أمسكت بيدي برفق إلى أريكة مهترئة قرب الموقد.


          قالت لي : بردانة أنت يا عين جدّتك ...؟؟ ثم أراحتني، دثّرتني، هدّأتْ قلبي ، قدّمتْ لي صحن تمرٍ عربيّ ٍ كانت تأكل منه .


          ابتسمتُ في وجهها استأذنتُها المبيتَ عندها ....؟؟


          رحّبت بي قائلة : إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي


          جلستْ قربي أتنسّم عبير طهرها ، و حدّثتني ببراءة الأطفال عن كلّ ما يجول بعالمها من أحداث حتى استراحت حواسي و غالبني النعاس


          و لمّا أطفأتُ النور أستعرض أحداث يومي الهارب من فوهة بركان دائم الحمم , تلمّست بيدي هذه الأريكة التي أنام عليها ، وجدتها متعبة ، بسيطة ، و لكنها صلبة ٌ ، نظيفة ، تقاوم الزمن . وحمدت الله في سرّي لأنه غمرني بهذا النور الذي أشعل في قلبي الأمل من جديد.


          و تأملت السماء قبل أن أغفو و أنا أمنّي النفس بغدٍ أجمل.


          تذكرت في سرّي الورقة التي دسّتْها امرأةُ المحطّة في يدي ، نزعتها من معطفي ... مزّقتها بين أصابعي منتشية بالنصر.....


          رغم كلّ ِ الألم ......


          انتهت بعون الله


          في 7\6\2010



          قصة/ ملحمة فيها جهاد
          جهاد ضد الخطأ والخطيئة، ضد الضياع والانحراف
          فيها التقاء مع الذات التي ترفض الضياع
          ألأب ضائع، غراب يبكي ضياع نفسه؟، زوجته؟، لكنه يبكي ضعفه،ويبكي عجزه عن إنقاذ قطعة من كبده!!
          جهاد الإبنة ضد الحاضر، تتقاذفها الريح عند انعطافات الخطأ او الخطيئة
          صدرها لا يحتمل الوجع...تهرب كما هربت الأم مع فارق التوجّه
          تهرب الأم إلى المذلّة، وتهرب ابنتها من المذلة، تبحث عن فَرَجٍ قريب يعادل سعة التعاسة
          تهرب في منتصف الليل، لكن شمسها تشرق قبل منتصف الليل بدقائق
          تعود إلى ابيها، لتقع بين أظافر الحيوانات المفترسة، ولتكتشف كم هو مؤلم عجز الإنسان عن ردّ االموت عمن يحب !!!
          تهرب إلى الجدة، الشجرة العتيقة المظللة رغم يباسها، وانتظارها منشار القدر
          "إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي"
          ما أوسع القلوب العتيقة، والذّها، ألذُّ من النبيذ المعتّق!
          "رغم كل الألم".. أحست بالانتصار!!
          الانتصار على الخطيئة ، وعلى الخطأ، على الضياع ، على بريق الحياة ومغرياتها
          إنه انتصار لقصة جذابة لها طعم النبيذ
          دمت ودام قلمك
          أخي الفاضل : أمين خير الدين..
          كان لمداخلتك ..طيب الأثر في نفسي..
          أحسست بأنّك قد تناولت الحروف..
          بعمق ..ورؤية ثاقبة..
          كأنك شاركتني كتابتها..
          فدخلت إلى المعنى المراد ،والهدف المقصود..من طرحها..
          أشكرك أستاذ أمين ..
          لقد أشعرتني بقيمة ماأكتب..
          لأنّ هذه المبادئ التي طرحتها..
          تعني لي الكثير...كما هي لكم جميعاً..
          الأخلاق ..والقيم..والجذور..والحفاظ على الأصالة..
          وفرحت بأنها وصلت إليكم بثوبها الذي ذكرت..
          طيبت خاطري بكلماتك الجميلة المشجّعة..
          دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

          تعليق

          • إيمان الدرع
            نائب ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3576

            #50
            [quote=أمين خيرالدين;501296]
            المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
            هروب عند منتصف الليل





            ناداني بصوته الأجشِّ المجلجل ، ارتجفتْ أضلاعي،...فتحتُ الباب بحذرٍ ،نزلتُ درجات السلّم على أطراف أصابعي ، وكأنّي أستعدُّ لملاقاة غولٍ كاسرٍ.


            كرّر النداء بصوت أعلى ، أجبته مذعورة : نعم أبي .. هاقد وصلت.


            عنّفني على تأخّري طالباً مني تهيئة المكان من أجل سهرته المعتادة التي تجمعه بأصدقاء اللَّهو والمجون، وعبيد سمومٍ بيضاءَ أقحموها إلى حياته كغربان سودٍ تحت جنح الظلام .


            لينزعوا بأظفارهم المهووسة .كلّ شيءٍ حلوٍ في هذه المملكة الصغيرة ، ليحيلوها إلى يبابٍ ، يرتعون فيه و يعربدون دون قيود .


            تنحنح أبي لثقلٍ في رأسه، ومدَّد جسمه على الأريكة وراح في عالمه المفصول عن عالم بيته .


            يحاور بغموضٍ وصمتٍ قصوراً موغلةً في السراب ،ويجوب ببحارٍ لا وجود لها .


            إلى أن غالبه النَعاس فأغمض جفنيه وتركني أتخبّط في عذاباتي ، وأنا أعيد ترتيب الأشياء التي بعثرها في عالمه المجنون هذا .


            أزيل بقايا السجائر المحشوّة بمخدّراتٍ أزكمت أنفي برائحة مقزِّزة ، صرت أميّزها بنفورٍ واضحٍ .وأحمل الأكواب العالقة برواسب أشربة شتَّى إلى المطبخ في الصالة.


            وأناجي أمي بدموع ساخنة ، أشكوها للسماء التي كانت تمطر بغزارة في الخارج ،لأنها تركتني وحيدة مع ألمي، ومع بقايا رجلٍ كان يوماً أبي الذي يضج بالحياة والبِشْر ، ويطفح بالخير والطيبة . قبل أن يدخل نفق الإدمان.


            وأهزّها بعنفٍ وأعاتبها بقلبي المجروح أسألها :كيف طاوعك قلبك على البعد عني وأنا وحيدتك ؟ لماذا لم تصبري؟ لمَ رحلتِ وأفرغت هذا البيت من طيفك الجميل الذي كان يحميني ؟


            ولفرط خوفي ألا أكون قد آلمت أمي حتى في طيفها ..، عانقتها و قبَّلتها ، وبكيت متذكّرةً أوجاعها ، وآثار لكمات أبي على جسدها ..، وصدى أصوات تعذيبها الذي سكن جدران هذا البيت البارد -بلا مجيب و لكم حاولت أن أردَه عنها ..أجذبه من ملابسه متوسّلةً ، فيركلني بقدمه ويسطحني أرضاً ،فيصيب أمّي مرّتين : مرّةً بأوجاعها والأخرى قهراً على ابنتها.


            ولأنّه مشلول الفكر طلّقها ثلاثاً متتابعات في أزمنةٍ شتى .


            بوعي ٍ بعد أن أضاع منه كلّ شيءٍ ،و مرَّات عديدة وهو تحت وطأة الإدمان ..


            وبين هذه وتلك كان يتجلَّى ضعفه ، وخساراته ، وهزائمه المعيشيّة التي انهارت ، وعصفت بكلِّ ماجنى عبر أسفاره و إبحاره طلباً للرزق الحلال .


            اِنهار هذا الصرح الجميل -الإدمان- هذا الوحش الكاسر انقضّ على عيوننا الفرحة فاقتلعها ، خنق بسماتنا و أفقرنا .


            و ضاعت أمّي و ُأبعدت أمي .... أمي الطاهرة الحلوة التي غادرت مملكتها الخربة مرغمةً بعد أن استماتت في الدفاع عنها بلا جدوى


            غادرتني في عتمة الّليل ، و هي تضمّني بانكسارٍ إلى صدرها المكلوم ، و زرعتْ فيّ نبضها ومآقيها الدامعة، فما استطعت الفكاك من أسرهما حتى هذه اللحظة ،و ما استطعت أن أنسى صوت إطباق باب السيارة التي أقلّتها ، و كأنها أرتجت على آخر معاقل السعادة في قلبي


            اليوم هي في مملكةٍ أخرى ..... مملكةٍ تعجّ بأولادٍ ليسوا منها و ليسوا من دمي .


            هربت من ظلم الزوج و الأهل إلى واحة مجهولة , علّها تستنشق فيها رائحة هواء نظيف غير هذا الهواء الفاسد الذي سرطن رئتيها عند أبي .


            لعلها ترى نور الشمس , و تحسّ بدفئها بعد هذا الصقيع


            شخير أبي يعلو و يوقظني من شرودي، و هو يتقلّب على الطرف الآخر من الأريكة...


            أسرعت إليه بوسادة أخرى علّها تريحه , و أرخيتُ على جسده الموهن لحافا ًصوفيّاً يقي أضلاعه المتعَبة من البرد الذي يحاصرنا .


            شوقي لأمي اعتصرني حتى آخر نقطة في عروقي ...... ارتديت ملابسي على عجلٍ ، سمع وقْع خطواتي، و ربما نبضاتي، سألني كالمغيّب عن وجهتي:


            قلت له سأعود بعد ساعة في أمر هام طارئ .


            لست أدري إن سمعني أم لا.. خلته عاد إلى عالمه المحموم بالهذيان المنسلخ عن الواقع



            * ************************************


            قرعتُ بابها تسبقني أشواقي إليها , تسمّرتْ عند رؤيتي و على استحياء استقبلتني.


            رميت بنفسي عند أحضانها , قلبها كنوز عطرٍ و واحة أمانٍ و لكنه ليس كما توقعت من القوّة والشوق.


            شاورتُ نفسي أن أعودَ من حيث أتيتُ، و قد هممتُ، لولا أن سمعتُ صوت زوجها الهادر يسأل عن القادم ,


            غالبتْ أمي ارتباكها , و أمسكت بيدي تجذبني نحو الداخل قائلة : تعالي سلّمي على عمّك . ارتطمتُ بعينيه الحادّتين و يده الجافّة و هو يصافحني و يقول مرغماً أهلا و سهلا ...


            مجاملةً واضحةً لشخصٍ لا يعنيه، أتى متطفّلاً ليخرب عليه سهرةً ملوّنةً بكلّ الأصباغ ،كتلك التي كانت تضعها أمي على وجهها عربون صفقة تبادلا فيها الأدوار:


            هو بسكنه و ماله و اسمه، و هي بشبابها و جمالها... و بإشباع نهمه و غرائزه على حواسٍ لم يستطع إسكاتها حتى بحضوري ،إذ كانت ردوده تشي بانزعاجٍ لضيف المساء هذا و هو يطلب منها التعجيل في إعداد القهوة


            أسكتتْ أمي صوت المسجّل الذي كان يعلو بنغمات راقصة مجلجلة، و لمحتُ وشاحها الأحمر الذي كان معقوداً على خصرها مركوناً على عجلٍ في إحدى الزوايا.


            ارتبكتْ المسكينة و هي تجاهد في تقليل جرعة جراحي و آلامي ببعثرة صور شتى فرضت وجودها في هذه الصالة الفخمة التي تضمّ حبيبتي وقد صارتْ بقهرها بعيدةً ......... بعيدة لا وجود لها إلا في ذاكرتي الطفوليّة التي لا تفارقني


            انكسارها و تذلّلها أوجعني ، انسحبت معتذرةً ........ عانقتها عند الباب مودعةً


            امْتزجتْ أنّات مآقينا تحت المطر العاصف بعنفٍ، شدّتْ بأناملها معطفي على جسدي ، و لفّحتني بوشاح الصوف و هي توصيني بنفسي .


            تقاذفتني الريح عند مفترق الطرق


            ************************************************** ********************************


            تمشّيت في الأزقّة العتيقة بدمشق وحدي ،علّني أبثّ بيوتها مكنونات صدري، أسترق ومضة دفءٍ متسّربةٍ خلف الأبواب الّتي كان يجمعها أناس يضحكون ، يأكلون اللقمة معا , يتسامرون ، يختصمون و يصطلحون ، و ينامون في آخر الليل تحت سقف واحدٍ.


            تذكّرت ملامح خالتي الصغرى الأقرب إلى نفسي التي تقطن في حلب بعد زواجها .......


            أحسستها تناديني عن بعد، و تشاركني جولتي المسائية.


            لحظة تمرّد أفقدتني صوابي ’ طرأت لي فكرة ما استطعت أن أخمدها، أردت السفر إليها مهما كانت الأسباب و النتائج , صدري لم يعد يحتمل الوجع أكثر.


            توجّهت إلى محطّة القطار، اقتطعتُ تذكرة سفر، عرفتُ أنّ موعد الانطلاق عند منتصف الليل


            جلست على مقعد قصيّ أنتظر موعد الرحلة , أتناول لقيماتٍ ساخنةً لأُسكت جوعي


            ثلّةٌ من الشبّان الذّين يملؤهم الّصّخب المجنون بكل أشكاله يتقاربون لمقعدي , أدرتُ ظهري بقسوةٍ باديةٍ ، و أسدلت الوشاح على قسماتٍ كثيرةٍ من وجهي ، و استنفرت كلبؤةٍ متوحشّةٍ تُخيف من يقترب منها بزمجرةٍ كامنةٍ ، و أظفارٍ مُعَدّةٍ للنشْب في حال الاقتراب.


            تباعدوا عنّي تلحق أذني تعليقاتهم السّاخرة بأني: لعلّي مجنونةٌ.. مُعَقّدة.. بشعة الملامح.


            ارتحت قليلا واعدةً نفسي بأحضان خالتي الوادعة التي عاصرتْ المعاناة منذ بدئها ،و قد كنت أبّثّها شكواي عند كل عشيّةٍ، فتصبّرني ،و تمسح دمعتي، و تواسيني بفرجٍ قريبٍ وجدته لفرط تعاستي بعيداً.


            و الآن بعد زواجها نأتْ قافلتها عن طريقي و ابتعدت ، فلكم بعُدت عني الأشياء التي أحبها ؟؟


            هذا قدري...


            لاحتْ لي و من خلف نافذة الاستراحة , قطط الّليل الشاردة بأصباغٍ رخيصةٍ و ألبسةٍ فاضحةٍ ما وُجِدتْ إلا لتنادي على فاكهةٍ كَبُرَتْ على سمادٍ صناعيّ ٍ ، مزدانةٍ من الخارج ، خاويةٍ عجفاءَ من الداخل ، تعجّبْتُ من هذه الدنيا.؟؟؟


            جلستْ قربي امرأةٌ تلاطفني و تستأذنني الجلوس , أوغلتْ بفنّ ٍ بتفاصيل حياتي ، و بذكاءٍ شديدٍ حاولتْ الولوج إلى قهر نفسي الذي كنت أداريه عنها .


            انفلتّ من حوارها بإجابات مقتضبة تنمّ عن ضيقٍ من محاصرتها لي بالأسئلة التي كانت تلتقطها برادارها العجيب الغريب .


            ولما أيقنتْ ضجري منها دسّتْ في يدي عنوانها بكثيرٍ من الودّ و الحبّ. كدتُ أن ألقي بنفسي بين ذراعيها لأبكي و أبكي و لكنني لم أفعل.


            يا الله .... اشتقت إلى بيتي، تذكّرت أبي ... بقايا أبي ... سمعته يناديني بجسده المكلوم وهو يستنجد بي ، يريد أن آخذه كطفلٍ مذعورٍ ، مُسْتضعفٍ إلى غرفته بعد أن دارتْ به الأرض .


            مزّقتُ تذكرة السفر ، سابقت الريح إليه ، الأمطار تلسعني و البرق ينشقّ عن ضوءٍ يفضحني و أنا أهرول بين السيارات و المارّة المشدوهين لهذه العجلة ، لم يكن يهمني إلا الوصول لعتبة المنزل


            أدرت المفتاح ........... الدخان الأزرق الكثيف يعلو المكان , وصدى ضحكات مجنونة تجلجل وتزيدني اختناقاً ....


            حاولت أن لا أمعن النظر، هممت في صعود السُلّم لغرفتي ...... أيادٍ شدّتني إلى الصالة تعبث في جسدي ، قُبلات محمومة تناوشني ، صرخت أستنجد بأبي


            أبي أبعد الغربان عني...


            أبي أبعد الغربان .... اختبأت خلف جسده الهزيل ... ما استطاع أن يفعل شيئا


            أبيـــ يييـ ييــ احمني منهم.......


            جاوبني بشفاهٍ مرتعشةٍ تهذي ما بك ....؟ ما بك....؟


            اجلسي معنا ....


            اشتدت أناملهم اشتعالا على جسدي... و قيت بكفي أدفع ما استطعت عني أذاهم , و لما انفلتّ ُ منهم مبتعدةً ، رمقت أبي ، وجدته ما زال مغيبّا و لكن عينيه الحمراوتين كانتا تبكيان.. تبكيان بدموعٍ ما استطاع أن يكتمها رغم فقد وعيه وهذيانه ، كان أضعف من أن يدافع عني


            كأن سلاسل من حديد قيّدتْ أطرافه، وفكّكت ذرّات شرفه و دمه .


            صفقتُ الباب خلفي و أنا أغادر المنزل من جديد ،قادتني قدماي المقرّحتان إلى جدتي المسنةّ التي تقبع في بيت بسيط منسيّ بعد أن ذهب عنها الشباب ، و المال، و الأهل ، منعزلة كشجرةٍ يابسةٍ تنتظر مصيرها.


            كثيرة النسيان كانت و لكنها بشوشة الملامح.....


            ما زال الخير يسكن قلبها الواهن ....


            ابتسمتْ لي عيناها قائلةً : يا ابنتي ادخلي بسرعة ثيابك مبتلّةٌ ...و اعتصرتْ ذاكرتها جاهدةً في تذكّر اسمي , عانقتها , , أمطرتُ دموعاً غزيرةً سالت على أخاديد وجهها .


            أمسكت بيدي برفق إلى أريكة مهترئة قرب الموقد.


            قالت لي : بردانة أنت يا عين جدّتك ...؟؟ ثم أراحتني، دثّرتني، هدّأتْ قلبي ، قدّمتْ لي صحن تمرٍ عربيّ ٍ كانت تأكل منه .


            ابتسمتُ في وجهها استأذنتُها المبيتَ عندها ....؟؟


            رحّبت بي قائلة : إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي


            جلستْ قربي أتنسّم عبير طهرها ، و حدّثتني ببراءة الأطفال عن كلّ ما يجول بعالمها من أحداث حتى استراحت حواسي و غالبني النعاس


            و لمّا أطفأتُ النور أستعرض أحداث يومي الهارب من فوهة بركان دائم الحمم , تلمّست بيدي هذه الأريكة التي أنام عليها ، وجدتها متعبة ، بسيطة ، و لكنها صلبة ٌ ، نظيفة ، تقاوم الزمن . وحمدت الله في سرّي لأنه غمرني بهذا النور الذي أشعل في قلبي الأمل من جديد.


            و تأملت السماء قبل أن أغفو و أنا أمنّي النفس بغدٍ أجمل.


            تذكرت في سرّي الورقة التي دسّتْها امرأةُ المحطّة في يدي ، نزعتها من معطفي ... مزّقتها بين أصابعي منتشية بالنصر.....


            رغم كلّ ِ الألم ......


            انتهت بعون الله


            في 7\6\2010



            قصة/ ملحمة فيها جهاد
            جهاد ضد الخطأ والخطيئة، ضد الضياع والانحراف
            فيها التقاء مع الذات التي ترفض الضياع
            ألأب ضائع، غراب يبكي ضياع نفسه؟، زوجته؟، لكنه يبكي ضعفه،ويبكي عجزه عن إنقاذ قطعة من كبده!!
            جهاد الإبنة ضد الحاضر، تتقاذفها الريح عند انعطافات الخطأ او الخطيئة
            صدرها لا يحتمل الوجع...تهرب كما هربت الأم مع فارق التوجّه
            تهرب الأم إلى المذلّة، وتهرب ابنتها من المذلة، تبحث عن فَرَجٍ قريب يعادل سعة التعاسة
            تهرب في منتصف الليل، لكن شمسها تشرق قبل منتصف الليل بدقائق
            تعود إلى ابيها، لتقع بين أظافر الحيوانات المفترسة، ولتكتشف كم هو مؤلم عجز الإنسان عن ردّ االموت عمن يحب !!!
            تهرب إلى الجدة، الشجرة العتيقة المظللة رغم يباسها، وانتظارها منشار القدر
            "إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي"
            ما أوسع القلوب العتيقة، والذّها، ألذُّ من النبيذ المعتّق!
            "رغم كل الألم".. أحست بالانتصار!!
            الانتصار على الخطيئة ، وعلى الخطأ، على الضياع ، على بريق الحياة ومغرياتها
            إنه انتصار لقصة جذابة لها طعم النبيذ
            دمت ودام قلمك
            أخي الفاضل : أمين خير الدين..
            كان لمداخلتك ..طيب الأثر في نفسي..
            أحسست بأنّك قد تناولت الحروف..
            بعمق ..ورؤية ثاقبة..
            كأنك شاركتني كتابتها..
            فدخلت إلى المعنى المراد ،والهدف المقصود..من طرحها..
            أشكرك أستاذ أمين ..
            لقد أشعرتني بقيمة ماأكتب..
            لأنّ هذه المبادئ التي طرحتها..
            تعني لي الكثير...كما هي لكم جميعاً..
            الأخلاق ..والقيم..والجذور..والحفاظ على الأصالة..
            وفرحت بأنها وصلت إليكم بثوبها الذي ذكرت..
            طيبت خاطري بكلماتك الجميلة المشجّعة..
            دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

            تعليق

            • إيمان الدرع
              نائب ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3576

              #51
              [quote=أمين خيرالدين;501296]
              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
              هروب عند منتصف الليل





              ناداني بصوته الأجشِّ المجلجل ، ارتجفتْ أضلاعي،...فتحتُ الباب بحذرٍ ،نزلتُ درجات السلّم على أطراف أصابعي ، وكأنّي أستعدُّ لملاقاة غولٍ كاسرٍ.


              كرّر النداء بصوت أعلى ، أجبته مذعورة : نعم أبي .. هاقد وصلت.


              عنّفني على تأخّري طالباً مني تهيئة المكان من أجل سهرته المعتادة التي تجمعه بأصدقاء اللَّهو والمجون، وعبيد سمومٍ بيضاءَ أقحموها إلى حياته كغربان سودٍ تحت جنح الظلام .


              لينزعوا بأظفارهم المهووسة .كلّ شيءٍ حلوٍ في هذه المملكة الصغيرة ، ليحيلوها إلى يبابٍ ، يرتعون فيه و يعربدون دون قيود .


              تنحنح أبي لثقلٍ في رأسه، ومدَّد جسمه على الأريكة وراح في عالمه المفصول عن عالم بيته .


              يحاور بغموضٍ وصمتٍ قصوراً موغلةً في السراب ،ويجوب ببحارٍ لا وجود لها .


              إلى أن غالبه النَعاس فأغمض جفنيه وتركني أتخبّط في عذاباتي ، وأنا أعيد ترتيب الأشياء التي بعثرها في عالمه المجنون هذا .


              أزيل بقايا السجائر المحشوّة بمخدّراتٍ أزكمت أنفي برائحة مقزِّزة ، صرت أميّزها بنفورٍ واضحٍ .وأحمل الأكواب العالقة برواسب أشربة شتَّى إلى المطبخ في الصالة.


              وأناجي أمي بدموع ساخنة ، أشكوها للسماء التي كانت تمطر بغزارة في الخارج ،لأنها تركتني وحيدة مع ألمي، ومع بقايا رجلٍ كان يوماً أبي الذي يضج بالحياة والبِشْر ، ويطفح بالخير والطيبة . قبل أن يدخل نفق الإدمان.


              وأهزّها بعنفٍ وأعاتبها بقلبي المجروح أسألها :كيف طاوعك قلبك على البعد عني وأنا وحيدتك ؟ لماذا لم تصبري؟ لمَ رحلتِ وأفرغت هذا البيت من طيفك الجميل الذي كان يحميني ؟


              ولفرط خوفي ألا أكون قد آلمت أمي حتى في طيفها ..، عانقتها و قبَّلتها ، وبكيت متذكّرةً أوجاعها ، وآثار لكمات أبي على جسدها ..، وصدى أصوات تعذيبها الذي سكن جدران هذا البيت البارد -بلا مجيب و لكم حاولت أن أردَه عنها ..أجذبه من ملابسه متوسّلةً ، فيركلني بقدمه ويسطحني أرضاً ،فيصيب أمّي مرّتين : مرّةً بأوجاعها والأخرى قهراً على ابنتها.


              ولأنّه مشلول الفكر طلّقها ثلاثاً متتابعات في أزمنةٍ شتى .


              بوعي ٍ بعد أن أضاع منه كلّ شيءٍ ،و مرَّات عديدة وهو تحت وطأة الإدمان ..


              وبين هذه وتلك كان يتجلَّى ضعفه ، وخساراته ، وهزائمه المعيشيّة التي انهارت ، وعصفت بكلِّ ماجنى عبر أسفاره و إبحاره طلباً للرزق الحلال .


              اِنهار هذا الصرح الجميل -الإدمان- هذا الوحش الكاسر انقضّ على عيوننا الفرحة فاقتلعها ، خنق بسماتنا و أفقرنا .


              و ضاعت أمّي و ُأبعدت أمي .... أمي الطاهرة الحلوة التي غادرت مملكتها الخربة مرغمةً بعد أن استماتت في الدفاع عنها بلا جدوى


              غادرتني في عتمة الّليل ، و هي تضمّني بانكسارٍ إلى صدرها المكلوم ، و زرعتْ فيّ نبضها ومآقيها الدامعة، فما استطعت الفكاك من أسرهما حتى هذه اللحظة ،و ما استطعت أن أنسى صوت إطباق باب السيارة التي أقلّتها ، و كأنها أرتجت على آخر معاقل السعادة في قلبي


              اليوم هي في مملكةٍ أخرى ..... مملكةٍ تعجّ بأولادٍ ليسوا منها و ليسوا من دمي .


              هربت من ظلم الزوج و الأهل إلى واحة مجهولة , علّها تستنشق فيها رائحة هواء نظيف غير هذا الهواء الفاسد الذي سرطن رئتيها عند أبي .


              لعلها ترى نور الشمس , و تحسّ بدفئها بعد هذا الصقيع


              شخير أبي يعلو و يوقظني من شرودي، و هو يتقلّب على الطرف الآخر من الأريكة...


              أسرعت إليه بوسادة أخرى علّها تريحه , و أرخيتُ على جسده الموهن لحافا ًصوفيّاً يقي أضلاعه المتعَبة من البرد الذي يحاصرنا .


              شوقي لأمي اعتصرني حتى آخر نقطة في عروقي ...... ارتديت ملابسي على عجلٍ ، سمع وقْع خطواتي، و ربما نبضاتي، سألني كالمغيّب عن وجهتي:


              قلت له سأعود بعد ساعة في أمر هام طارئ .


              لست أدري إن سمعني أم لا.. خلته عاد إلى عالمه المحموم بالهذيان المنسلخ عن الواقع



              * ************************************


              قرعتُ بابها تسبقني أشواقي إليها , تسمّرتْ عند رؤيتي و على استحياء استقبلتني.


              رميت بنفسي عند أحضانها , قلبها كنوز عطرٍ و واحة أمانٍ و لكنه ليس كما توقعت من القوّة والشوق.


              شاورتُ نفسي أن أعودَ من حيث أتيتُ، و قد هممتُ، لولا أن سمعتُ صوت زوجها الهادر يسأل عن القادم ,


              غالبتْ أمي ارتباكها , و أمسكت بيدي تجذبني نحو الداخل قائلة : تعالي سلّمي على عمّك . ارتطمتُ بعينيه الحادّتين و يده الجافّة و هو يصافحني و يقول مرغماً أهلا و سهلا ...


              مجاملةً واضحةً لشخصٍ لا يعنيه، أتى متطفّلاً ليخرب عليه سهرةً ملوّنةً بكلّ الأصباغ ،كتلك التي كانت تضعها أمي على وجهها عربون صفقة تبادلا فيها الأدوار:


              هو بسكنه و ماله و اسمه، و هي بشبابها و جمالها... و بإشباع نهمه و غرائزه على حواسٍ لم يستطع إسكاتها حتى بحضوري ،إذ كانت ردوده تشي بانزعاجٍ لضيف المساء هذا و هو يطلب منها التعجيل في إعداد القهوة


              أسكتتْ أمي صوت المسجّل الذي كان يعلو بنغمات راقصة مجلجلة، و لمحتُ وشاحها الأحمر الذي كان معقوداً على خصرها مركوناً على عجلٍ في إحدى الزوايا.


              ارتبكتْ المسكينة و هي تجاهد في تقليل جرعة جراحي و آلامي ببعثرة صور شتى فرضت وجودها في هذه الصالة الفخمة التي تضمّ حبيبتي وقد صارتْ بقهرها بعيدةً ......... بعيدة لا وجود لها إلا في ذاكرتي الطفوليّة التي لا تفارقني


              انكسارها و تذلّلها أوجعني ، انسحبت معتذرةً ........ عانقتها عند الباب مودعةً


              امْتزجتْ أنّات مآقينا تحت المطر العاصف بعنفٍ، شدّتْ بأناملها معطفي على جسدي ، و لفّحتني بوشاح الصوف و هي توصيني بنفسي .


              تقاذفتني الريح عند مفترق الطرق


              ************************************************** ********************************


              تمشّيت في الأزقّة العتيقة بدمشق وحدي ،علّني أبثّ بيوتها مكنونات صدري، أسترق ومضة دفءٍ متسّربةٍ خلف الأبواب الّتي كان يجمعها أناس يضحكون ، يأكلون اللقمة معا , يتسامرون ، يختصمون و يصطلحون ، و ينامون في آخر الليل تحت سقف واحدٍ.


              تذكّرت ملامح خالتي الصغرى الأقرب إلى نفسي التي تقطن في حلب بعد زواجها .......


              أحسستها تناديني عن بعد، و تشاركني جولتي المسائية.


              لحظة تمرّد أفقدتني صوابي ’ طرأت لي فكرة ما استطعت أن أخمدها، أردت السفر إليها مهما كانت الأسباب و النتائج , صدري لم يعد يحتمل الوجع أكثر.


              توجّهت إلى محطّة القطار، اقتطعتُ تذكرة سفر، عرفتُ أنّ موعد الانطلاق عند منتصف الليل


              جلست على مقعد قصيّ أنتظر موعد الرحلة , أتناول لقيماتٍ ساخنةً لأُسكت جوعي


              ثلّةٌ من الشبّان الذّين يملؤهم الّصّخب المجنون بكل أشكاله يتقاربون لمقعدي , أدرتُ ظهري بقسوةٍ باديةٍ ، و أسدلت الوشاح على قسماتٍ كثيرةٍ من وجهي ، و استنفرت كلبؤةٍ متوحشّةٍ تُخيف من يقترب منها بزمجرةٍ كامنةٍ ، و أظفارٍ مُعَدّةٍ للنشْب في حال الاقتراب.


              تباعدوا عنّي تلحق أذني تعليقاتهم السّاخرة بأني: لعلّي مجنونةٌ.. مُعَقّدة.. بشعة الملامح.


              ارتحت قليلا واعدةً نفسي بأحضان خالتي الوادعة التي عاصرتْ المعاناة منذ بدئها ،و قد كنت أبّثّها شكواي عند كل عشيّةٍ، فتصبّرني ،و تمسح دمعتي، و تواسيني بفرجٍ قريبٍ وجدته لفرط تعاستي بعيداً.


              و الآن بعد زواجها نأتْ قافلتها عن طريقي و ابتعدت ، فلكم بعُدت عني الأشياء التي أحبها ؟؟


              هذا قدري...


              لاحتْ لي و من خلف نافذة الاستراحة , قطط الّليل الشاردة بأصباغٍ رخيصةٍ و ألبسةٍ فاضحةٍ ما وُجِدتْ إلا لتنادي على فاكهةٍ كَبُرَتْ على سمادٍ صناعيّ ٍ ، مزدانةٍ من الخارج ، خاويةٍ عجفاءَ من الداخل ، تعجّبْتُ من هذه الدنيا.؟؟؟


              جلستْ قربي امرأةٌ تلاطفني و تستأذنني الجلوس , أوغلتْ بفنّ ٍ بتفاصيل حياتي ، و بذكاءٍ شديدٍ حاولتْ الولوج إلى قهر نفسي الذي كنت أداريه عنها .


              انفلتّ من حوارها بإجابات مقتضبة تنمّ عن ضيقٍ من محاصرتها لي بالأسئلة التي كانت تلتقطها برادارها العجيب الغريب .


              ولما أيقنتْ ضجري منها دسّتْ في يدي عنوانها بكثيرٍ من الودّ و الحبّ. كدتُ أن ألقي بنفسي بين ذراعيها لأبكي و أبكي و لكنني لم أفعل.


              يا الله .... اشتقت إلى بيتي، تذكّرت أبي ... بقايا أبي ... سمعته يناديني بجسده المكلوم وهو يستنجد بي ، يريد أن آخذه كطفلٍ مذعورٍ ، مُسْتضعفٍ إلى غرفته بعد أن دارتْ به الأرض .


              مزّقتُ تذكرة السفر ، سابقت الريح إليه ، الأمطار تلسعني و البرق ينشقّ عن ضوءٍ يفضحني و أنا أهرول بين السيارات و المارّة المشدوهين لهذه العجلة ، لم يكن يهمني إلا الوصول لعتبة المنزل


              أدرت المفتاح ........... الدخان الأزرق الكثيف يعلو المكان , وصدى ضحكات مجنونة تجلجل وتزيدني اختناقاً ....


              حاولت أن لا أمعن النظر، هممت في صعود السُلّم لغرفتي ...... أيادٍ شدّتني إلى الصالة تعبث في جسدي ، قُبلات محمومة تناوشني ، صرخت أستنجد بأبي


              أبي أبعد الغربان عني...


              أبي أبعد الغربان .... اختبأت خلف جسده الهزيل ... ما استطاع أن يفعل شيئا


              أبيـــ يييـ ييــ احمني منهم.......


              جاوبني بشفاهٍ مرتعشةٍ تهذي ما بك ....؟ ما بك....؟


              اجلسي معنا ....


              اشتدت أناملهم اشتعالا على جسدي... و قيت بكفي أدفع ما استطعت عني أذاهم , و لما انفلتّ ُ منهم مبتعدةً ، رمقت أبي ، وجدته ما زال مغيبّا و لكن عينيه الحمراوتين كانتا تبكيان.. تبكيان بدموعٍ ما استطاع أن يكتمها رغم فقد وعيه وهذيانه ، كان أضعف من أن يدافع عني


              كأن سلاسل من حديد قيّدتْ أطرافه، وفكّكت ذرّات شرفه و دمه .


              صفقتُ الباب خلفي و أنا أغادر المنزل من جديد ،قادتني قدماي المقرّحتان إلى جدتي المسنةّ التي تقبع في بيت بسيط منسيّ بعد أن ذهب عنها الشباب ، و المال، و الأهل ، منعزلة كشجرةٍ يابسةٍ تنتظر مصيرها.


              كثيرة النسيان كانت و لكنها بشوشة الملامح.....


              ما زال الخير يسكن قلبها الواهن ....


              ابتسمتْ لي عيناها قائلةً : يا ابنتي ادخلي بسرعة ثيابك مبتلّةٌ ...و اعتصرتْ ذاكرتها جاهدةً في تذكّر اسمي , عانقتها , , أمطرتُ دموعاً غزيرةً سالت على أخاديد وجهها .


              أمسكت بيدي برفق إلى أريكة مهترئة قرب الموقد.


              قالت لي : بردانة أنت يا عين جدّتك ...؟؟ ثم أراحتني، دثّرتني، هدّأتْ قلبي ، قدّمتْ لي صحن تمرٍ عربيّ ٍ كانت تأكل منه .


              ابتسمتُ في وجهها استأذنتُها المبيتَ عندها ....؟؟


              رحّبت بي قائلة : إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي


              جلستْ قربي أتنسّم عبير طهرها ، و حدّثتني ببراءة الأطفال عن كلّ ما يجول بعالمها من أحداث حتى استراحت حواسي و غالبني النعاس


              و لمّا أطفأتُ النور أستعرض أحداث يومي الهارب من فوهة بركان دائم الحمم , تلمّست بيدي هذه الأريكة التي أنام عليها ، وجدتها متعبة ، بسيطة ، و لكنها صلبة ٌ ، نظيفة ، تقاوم الزمن . وحمدت الله في سرّي لأنه غمرني بهذا النور الذي أشعل في قلبي الأمل من جديد.


              و تأملت السماء قبل أن أغفو و أنا أمنّي النفس بغدٍ أجمل.


              تذكرت في سرّي الورقة التي دسّتْها امرأةُ المحطّة في يدي ، نزعتها من معطفي ... مزّقتها بين أصابعي منتشية بالنصر.....


              رغم كلّ ِ الألم ......


              انتهت بعون الله


              في 7\6\2010



              قصة/ ملحمة فيها جهاد
              جهاد ضد الخطأ والخطيئة، ضد الضياع والانحراف
              فيها التقاء مع الذات التي ترفض الضياع
              ألأب ضائع، غراب يبكي ضياع نفسه؟، زوجته؟، لكنه يبكي ضعفه،ويبكي عجزه عن إنقاذ قطعة من كبده!!
              جهاد الإبنة ضد الحاضر، تتقاذفها الريح عند انعطافات الخطأ او الخطيئة
              صدرها لا يحتمل الوجع...تهرب كما هربت الأم مع فارق التوجّه
              تهرب الأم إلى المذلّة، وتهرب ابنتها من المذلة، تبحث عن فَرَجٍ قريب يعادل سعة التعاسة
              تهرب في منتصف الليل، لكن شمسها تشرق قبل منتصف الليل بدقائق
              تعود إلى ابيها، لتقع بين أظافر الحيوانات المفترسة، ولتكتشف كم هو مؤلم عجز الإنسان عن ردّ االموت عمن يحب !!!
              تهرب إلى الجدة، الشجرة العتيقة المظللة رغم يباسها، وانتظارها منشار القدر
              "إن لم يسعك قلبي تسعك عيناي"
              ما أوسع القلوب العتيقة، والذّها، ألذُّ من النبيذ المعتّق!
              "رغم كل الألم".. أحست بالانتصار!!
              الانتصار على الخطيئة ، وعلى الخطأ، على الضياع ، على بريق الحياة ومغرياتها
              إنه انتصار لقصة جذابة لها طعم النبيذ
              دمت ودام قلمك
              أخي الفاضل : أمين خير الدين..
              كان لمداخلتك ..طيب الأثر في نفسي..
              أحسست بأنّك قد تناولت الحروف..
              بعمق ..ورؤية ثاقبة..
              كأنك شاركتني كتابتها..
              فدخلت إلى المعنى المراد ،والهدف المقصود..من طرحها..
              أشكرك أستاذ أمين ..
              لقد أشعرتني بقيمة ماأكتب..
              لأنّ هذه المبادئ التي طرحتها..
              تعني لي الكثير...كما هي لكم جميعاً..
              الأخلاق ..والقيم..والجذور..والحفاظ على الأصالة..
              وفرحت بأنها وصلت إليكم بثوبها الذي ذكرت..
              طيبت خاطري بكلماتك الجميلة المشجّعة..
              دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

              تعليق

              • أمين خيرالدين
                عضـو ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
                • 04-04-2008
                • 554

                #52
                [quote=إيمان الدرع;501851]
                المشاركة الأصلية بواسطة أمين خيرالدين مشاهدة المشاركة
                أخي الفاضل : أمين خير الدين..
                كان لمداخلتك ..طيب الأثر في نفسي..
                أحسست بأنّك قد تناولت الحروف..
                بعمق ..ورؤية ثاقبة..
                كأنك شاركتني كتابتها..
                فدخلت إلى المعنى المراد ،والهدف المقصود..من طرحها..
                أشكرك أستاذ أمين ..
                لقد أشعرتني بقيمة ماأكتب..
                لأنّ هذه المبادئ التي طرحتها..
                تعني لي الكثير...كما هي لكم جميعاً..
                الأخلاق ..والقيم..والجذور..والحفاظ على الأصالة..
                وفرحت بأنها وصلت إليكم بثوبها الذي ذكرت..
                طيبت خاطري بكلماتك الجميلة المشجّعة..
                دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

                كلماتك النابعة من القلب كانت مبعث السعادة
                لأني أوجدت الأثر الطيب في نفس أكنّ لها الاحترام
                وأحسّ نحوها بالتقدير والمشاركة بالألم
                سعيد بكلماتك لأنها شهادة على حسن قراءتي
                سعيد لأني طيّبت خاطرك
                كيف لا وأنا أحفظ لك جميل الردود على نصوصي
                دمت أختا كريمة مكرمة
                لك مني الود والاحترام والتقدير
                [frame="11 98"]
                لأني أحبُّ شعبي أحببت شعوب الأرض

                لكني لم أستطع أن أحب ظالما
                [/frame]

                تعليق

                • وسام دبليز
                  همس الياسمين
                  • 03-07-2010
                  • 687

                  #53
                  استمتعت بهذه القصة أبدعت فأجدت أيتها الجميلة
                  مع بطلتك في هروبها هرولت وأنا أضع يدي عل قلبي وأتسأل أين سترمين بها ؟
                  لك زهرة ياسمين أيتها الجميلة كبلدك

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #54
                    [quote=أمين خيرالدين;502057]
                    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة


                    كلماتك النابعة من القلب كانت مبعث السعادة
                    لأني أوجدت الأثر الطيب في نفس أكنّ لها الاحترام
                    وأحسّ نحوها بالتقدير والمشاركة بالألم
                    سعيد بكلماتك لأنها شهادة على حسن قراءتي
                    سعيد لأني طيّبت خاطرك
                    كيف لا وأنا أحفظ لك جميل الردود على نصوصي
                    دمت أختا كريمة مكرمة
                    لك مني الود والاحترام والتقدير
                    ها أنا أخي الفاضل أمين خير الدين..أعود لأشكرك من جديد
                    لقد كنت مثالاً للصدق ، والوفاء، والتعامل النبيل..والخلق الرفيع
                    كم أنا ممتنّة لك...؟؟
                    ستدوم كلماتك الرائعة بأثرها الطيّب الجميل..
                    طويلاً في نفسي...
                    لتعينني..كلّما استعصى القلم..
                    دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • م. زياد صيدم
                      كاتب وقاص
                      • 16-05-2007
                      • 3505

                      #55
                      ** الاديبة الراقية ايمان........

                      مشوقة جدا.. تسارعت فيها نبضات القلوب وتحركت اقدامنا مع البطلة فى كل خطواتها...
                      جميلة وهادفة ..

                      تحايا عبقة بالرياحين..........


                      ****

                      لو سالنا على عنوان البطلة فاين نجده ؟!!! (خارج النص)
                      أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
                      http://zsaidam.maktoobblog.com

                      تعليق

                      • إيمان الدرع
                        نائب ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3576

                        #56
                        المشاركة الأصلية بواسطة وسام دبليز مشاهدة المشاركة
                        استمتعت بهذه القصة أبدعت فأجدت أيتها الجميلة
                        مع بطلتك في هروبها هرولت وأنا أضع يدي عل قلبي وأتسأل أين سترمين بها ؟
                        لك زهرة ياسمين أيتها الجميلة كبلدك
                        الأستاذ ةالراقية: وسام دبليز:
                        كم سررت برأيك...
                        كم أنا سعيدة أنني قدّمت شيئاً..لعلّه يُذكر في قلوبكم..
                        ويلامس بعض إعجابكم..
                        ما أنا إلاّ واحدة منكم..
                        من فيض إبداعكم..
                        أستمدّ منكم..يقين خطواتي..وتوجّهها..
                        انتمائي إليكم يعطيني الثقة والثبات..
                        كم أنا فرحة ومحظوظة..
                        لأنّكم حولي..
                        لا حُرمتُ منكم..
                        الحمد لله لأني وضعت بطلة القصّة في المكان الذي أفرحكم..
                        شكراً على مداخلتك التي أهدت إليّ كلّ هذا الجمال..
                        دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي..

                        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                        تعليق

                        • إيمان عامر
                          أديب وكاتب
                          • 03-05-2008
                          • 1087

                          #57
                          تحياتي بعطر الزهور

                          بجد وحشتني حروفك الإبداعية
                          دائما انت متألقة متميزة
                          استاذة إيمان الدرع
                          صاحبة القلب الطيب والقلم المتميز
                          جئت اليك مهرولة كي أرتوي من نبضات قلبي وقلمك
                          استمتعت بهذه التركيبة الدامية النازفة علي أوتار حروفك وسطورك فغلفتها
                          ببراعة وإبداع
                          فهو تلك الهروب ....هروب ....هروب من الضياع ومن ذئاب جياع
                          نهاية متميزة
                          كنت مع بطلتك في كل دقة قلب يحترق
                          فكانت النهاية رائعة كروعة روحك وقلبك
                          حبيبتي الغالية المتألقة ألف مبروك علي الذهبية
                          دمت بخير وتميز دائما
                          فلك حبي وتقديري
                          لك تحياتي بعطر الزهور
                          "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                          تعليق

                          • بسمة الصيادي
                            مشرفة ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3185

                            #58
                            هروب في منتصف الليل .. ومن الليل نفسه .. بل من كلّ شيء ..
                            من المجتمع الظالم، حيث نخرج من قاع نحو قاع أكثر عمقا ...
                            لكن هل انتهت من الهروب؟! هل استقرّت عند تلك الجدّة التي بالكاد تعرف اسمها ؟!
                            سعدت كثيرا بالنهاية وهي أنها قد مزّقت الورقة .. وكم أتمنى أن تُمَزّق تلك المرأة نفسها، إلى أشلاء !
                            قصة أكثر من رائعة عزيزتي إيمان ...
                            أثرت إعجابي بشدّة بهذا الأسلوب المشوّق ..
                            قبلة لعينيك التي نقلت لنا أهمّ القضايا والصور ..
                            لا أدري ما أقول أكثر .. استحقّت الذهبية بجدارة ...
                            ألــــــــــ مبروك ـــــــــــــف..
                            تحياتي ومحبتي
                            في انتظار ..هدية من السماء!!

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #59
                              المشاركة الأصلية بواسطة م. زياد صيدم مشاهدة المشاركة
                              ** الاديبة الراقية ايمان........

                              مشوقة جدا.. تسارعت فيها نبضات القلوب وتحركت اقدامنا مع البطلة فى كل خطواتها...
                              جميلة وهادفة ..

                              تحايا عبقة بالرياحين..........

                              ****

                              لو سالنا على عنوان البطلة فاين نجده ؟!!! (خارج النص)
                              أخي الغالي زياد:
                              أفرح جداً بمشاركاتك ..وتوقيعك..
                              والأكثر أني أجد فيك هذه القراءة المتأنيّة التي تخترق السطور
                              أدري أنّ هذه البطلة في القصّة أتعبتك في محطّاتها المتعدّدة
                              التي تبغي فيها الستر والحماية والأمان
                              ولكن مالعمل إنها أقدارها..
                              وعن عنوانها الذي سألت: سجّل عندك::
                              فوق غيمة ماطرة ، تحت الشمس ، لها عشّ على أوراق الزيتون،
                              تشرب من أصفى نبع..خلقه الله
                              هل عرفت أين تسكن..؟؟أتمنى ألاّ تتوه ويضنيك البحث..
                              أحبّ فتيل دعاباتك التي ترميه وتمضي عندما تختم مداخلتك
                              شكراً أخي زياد على هذه الإطلالة الرائعة
                              دُمتَ بسعادةٍ....تحيّاتي..
                              والأمان

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              • إيمان الدرع
                                نائب ملتقى القصة
                                • 09-02-2010
                                • 3576

                                #60
                                المشاركة الأصلية بواسطة إيمان عامر مشاهدة المشاركة

                                بجد وحشتني حروفك الإبداعية


                                دائما انت متألقة متميزة


                                استاذة إيمان الدرع


                                صاحبة القلب الطيب والقلم المتميز


                                جئت اليك مهرولة كي أرتوي من نبضات قلبي وقلمك


                                استمتعت بهذه التركيبة الدامية النازفة علي أوتار حروفك وسطورك فغلفتها


                                ببراعة وإبداع


                                فهو تلك الهروب ....هروب ....هروب من الضياع ومن ذئاب جياع


                                نهاية متميزة


                                كنت مع بطلتك في كل دقة قلب يحترق


                                فكانت النهاية رائعة كروعة روحك وقلبك


                                حبيبتي الغالية المتألقة ألف مبروك علي الذهبية


                                دمت بخير وتميز دائما


                                فلك حبي وتقديري


                                لك تحياتي بعطر الزهور
                                إيمان الحبيبة الغالية : أين أنت ...؟؟
                                افتقدتك...لا أدري لماذا يدفعني الشوق للتواصل معك
                                فكراً ، وأدباً ، وروحاً..
                                أنت قريبة من نفسي..
                                أحسّ بثرائك الإنساني ، والإبداعي ...
                                وألمس النقاء والشفافيّة والطيبة في قلبك..
                                عندما دخلت الملتقى للمرّة الأولى كنت من أوائل الذين صافحوني بحرارة
                                مالذي جرى..؟؟مكانك لا أحد يملؤه ففيه بصمتك التي تحمل نسائمك
                                أنتظر عودتك ..لا يجوز للأسرة الواحدة أن يتفرّق أفرادها...
                                سررت برأيك الذي ذكرته ..كم أفخر بك ..
                                تشجيعك قديم وله الأثر الكبير في نفسي..
                                أتمنى أن أقدّم شيئاً..له فكرٌ وقيمة..
                                أشكرك إيمان الحبيبة ..
                                لا حُرمتُ منك ....
                                دُمتِ بسعادةٍ ...تحيّاتي...

                                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                                تعليق

                                يعمل...
                                X