في الطّريق إلى دبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    #16
    أستاذي الكريم ركاد

    حباك الكريم بنور البصيرة وحفظك بحفظه وأدام علينا إطلالة قلمك أيها النبيل .

    ليست هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها محاولتك في مجال القصة ، وإنني والله ولا أدعي وأقول بتلقائية وبلا مراء إنني أحب أن اقرأ لك كل ما تكتب ، فنبل قلمك أدعى أن يُقرأ ، زادك الله من بسطة حبه وحب خلقه .

    لقد قرأت الأجزاء الثلاثة وإنها لقراءة أولى ، تعودت في مثل تلك المواضيع أن أعيد فيها القراءة ولذا فإنني هنا لألقي التحية وأقول لأستاذي الكريم ، نعم نحن هنا متابعون وبشوق . وإن شاء الله بعد تمامها سيكون لنا مع التعليق لقاء .

    لك التحية الطيبة والتقدير الذي يليق بسمو حضورك الكبير في نفوس قرائك .

    ودم بخير أبدا


    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

    تعليق

    • حكيم عباس
      أديب وكاتب
      • 23-07-2009
      • 1040

      #17
      [align=right]أخي العزيز الشّاعر ركاد

      اليوم أشعر بأخوّتك أكثر ، و اليوم أعيد أكتشاف حجم "الخراب" الذي يربطنا ... لا بأس عليك .. ألف لا بأس عليك .. نحن من يحوّل المرّ حلوا و إلاّ فلا...

      الحلقة الأولى فاجأتني ، ببدايتها الرّوائية الرّائعة ، و التّنوع الصاعق الذي هو جزء لا يتجزّا من لحم المآساة ، جمعت الهند بكوريا و لندن و دبي مرورا بالبحار و المحيطات ، لفتة مرعبة في أسطر قليلة ، لحجم التّشرّد الإنساني ، حسبت أنّنا سنخوض في رواية ملحمية ، شاملة يتداخل و يندمج فيها الخاص بالعام ، و الذّاتي و القومي بالإنساني ، أنهيت الحلقة الأولى و أنى أرتجف متمنّيا أن يبقى التّكثيف شديدا ، و السّرد روائيا مفعما بزركشات إنسانية تلفحها مسحة من الشاعرية و غموضها الجميل ، و تسقط الجفرافيا نهائيا أمام تحليق روح حُكم عليها أن تدور العالم ، و متمنّيا أن تكون رواية أحداثها العالم ، و بطلها الإنسان ، أن تتجاوز التاريخ الشخصي و المحلي و تتجاوز الجغرافية الضيّقة ، أن تخرج من المكان و الزّمان كما بشّرت بقوة الحلقة الأولى...
      في الحلقتين التاليتين ، أبى الخاص إلا أن يفرض نفسه بقوة و بأنانية ، فأتى صريحا مباشرا تفصيليّا ، هو وحده و لا شيء آخر على المسرح معه ، دون تكثيف أو غموض ، دون تحليق و طيران ...
      على أيّ حال لا يمكنني التّكلّم كثيرا عن الحلقة الثانية و الثالية ، إلاّ بعد اكتمال الحلقات و نرى كيف سترجع أنت الشاعر للروح ، تعلّق أجنحتها و تحلّق خارج الخاص ، خارج المكان ، كما حلّقت في الحلقة الاولى ، أم أنّك ستبقي أجنحتها جانبا و تكتفي بإعادة فصول المآساة بوجه و لون و طعم واحد؟؟
      علينا أن ننتظر ..
      لا أتمكّن من ضبط أمنية ، متلهفة في أن أراك تردّ الفرس لتعود للعدو في المدى الإنساني الفسيح ، المتنوّع ، الحر الطليق ، الذي لا يرضى بالتّاريخ و لا بالجغرافية حدودا و فقط ، و لا يرضى بأقل من غموض الشعر و رعشاته الجميلة..

      تحياتي و مودّتي
      حكيم
      [/align]

      تعليق

      • مصطفى بونيف
        قلم رصاص
        • 27-11-2007
        • 3982

        #18
        أتابع بدهشة وانبهار....

        معك يا أستاذ ركاد في هذه المذكرات القوية
        [

        للتواصل :
        [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
        أكتب للذين سوف يولدون

        تعليق

        • ركاد حسن خليل
          أديب وكاتب
          • 18-05-2008
          • 5145

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
          أستاذي الكريم ركاد

          حباك الكريم بنور البصيرة وحفظك بحفظه وأدام علينا إطلالة قلمك أيها النبيل .

          ليست هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها محاولتك في مجال القصة ، وإنني والله ولا أدعي وأقول بتلقائية وبلا مراء إنني أحب أن اقرأ لك كل ما تكتب ، فنبل قلمك أدعى أن يُقرأ ، زادك الله من بسطة حبه وحب خلقه .

          لقد قرأت الأجزاء الثلاثة وإنها لقراءة أولى ، تعودت في مثل تلك المواضيع أن أعيد فيها القراءة ولذا فإنني هنا لألقي التحية وأقول لأستاذي الكريم ، نعم نحن هنا متابعون وبشوق . وإن شاء الله بعد تمامها سيكون لنا مع التعليق لقاء .

          لك التحية الطيبة والتقدير الذي يليق بسمو حضورك الكبير في نفوس قرائك .

          ودم بخير أبدا

          الأخت العزيزة والأستاذة الفاضلة نجيّة يوسف
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          والله.. يا أخت نجيّة لا شيء يمكن أن يسعدني أكثر من سعادتي بكلماتك الكريمة.. لقد أكرمتني بأكثر من ما أستحق أيّتها الفاضلة.. أرجو أن أبقى دائمًا عند حسن ظنّك وتقديرك
          ويشهد الله أختاه أنّك كريمة مخلصة وفيّة صديقة للحقِّ ولا يفوتك واجب.. وهذه صفات لا يتمتّع بها كثيرون
          وأشهد أنّك قارئة جيّدة وأستاذة في اللغة ويهمّني بل يُشرّفني أن أراك تتابعين كتاباتي.. ورأيك وسام أعتزّ به
          أشكرك أستاذتي العزيزة وأنتظر قراءتك المتأنّية لما سيتبع من فصول قصّتي
          تقديري ومحبّتي
          ركاد أبو الحسن

          تعليق

          • يوسف الديك
            شاعر وأديب
            مؤسس ملتقى نخبة الإبداع
            • 22-07-2008
            • 894

            #20
            أخي الأستاذ ركاد أبو الحسن الموقر .

            قرأت الفصول الثلاثة المنشورة حتى الآن ..والتي تتراوح بين السرد الجميل كما هي البداية الموفّقة ..وبين الذكريات الخاصة التي طغت عليها سردية الذات لاحقاً وهو ما سبقني لفت النظر حوله الأخ الأديب حكيم عباس لتؤثر على هوية العمل ..كراوية .

            عزيزي الأخ ركاد ..قلمك جميل وإحساسك نبيل ولغتك راقية .. والمواقف التي نثرتها عبر السطور عظيمة وتستحق الفخر ..لكني مع منح هوية العمل ما تستحقه ..بمعنى أن عملك هنا يستحق صفة السرد الذاتي ..أو السيرة الشخصية بكل ما فيها من جمال لغة وروعة مواقف .

            دمت بخير ...وعطاء .
            عَلَى الذينَ تهمُّهم المدائحُ ويزعِجُهمْ النَّقدْ ..
            أن يَبحثوا لذواتِهم الضَيّقة عنْ منطقةٍ خارجَ طُهرِ الكَلمة.. ونقاءِ الأدبْ ...
            وسُبُلِ الإبْدَاعْ .المُجَامَلة...فجورٌ لمنْ لا يستحقّونْ .
            يوسف الديك​

            تعليق

            • ركاد حسن خليل
              أديب وكاتب
              • 18-05-2008
              • 5145

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة حكيم عباس مشاهدة المشاركة
              [align=right]أخي العزيز الشّاعر ركاد

              اليوم أشعر بأخوّتك أكثر ، و اليوم أعيد أكتشاف حجم "الخراب" الذي يربطنا ... لا بأس عليك .. ألف لا بأس عليك .. نحن من يحوّل المرّ حلوا و إلاّ فلا...

              الحلقة الأولى فاجأتني ، ببدايتها الرّوائية الرّائعة ، و التّنوع الصاعق الذي هو جزء لا يتجزّا من لحم المآساة ، جمعت الهند بكوريا و لندن و دبي مرورا بالبحار و المحيطات ، لفتة مرعبة في أسطر قليلة ، لحجم التّشرّد الإنساني ، حسبت أنّنا سنخوض في رواية ملحمية ، شاملة يتداخل و يندمج فيها الخاص بالعام ، و الذّاتي و القومي بالإنساني ، أنهيت الحلقة الأولى و أنى أرتجف متمنّيا أن يبقى التّكثيف شديدا ، و السّرد روائيا مفعما بزركشات إنسانية تلفحها مسحة من الشاعرية و غموضها الجميل ، و تسقط الجفرافيا نهائيا أمام تحليق روح حُكم عليها أن تدور العالم ، و متمنّيا أن تكون رواية أحداثها العالم ، و بطلها الإنسان ، أن تتجاوز التاريخ الشخصي و المحلي و تتجاوز الجغرافية الضيّقة ، أن تخرج من المكان و الزّمان كما بشّرت بقوة الحلقة الأولى...
              في الحلقتين التاليتين ، أبى الخاص إلا أن يفرض نفسه بقوة و بأنانية ، فأتى صريحا مباشرا تفصيليّا ، هو وحده و لا شيء آخر على المسرح معه ، دون تكثيف أو غموض ، دون تحليق و طيران ...
              على أيّ حال لا يمكنني التّكلّم كثيرا عن الحلقة الثانية و الثالية ، إلاّ بعد اكتمال الحلقات و نرى كيف سترجع أنت الشاعر للروح ، تعلّق أجنحتها و تحلّق خارج الخاص ، خارج المكان ، كما حلّقت في الحلقة الاولى ، أم أنّك ستبقي أجنحتها جانبا و تكتفي بإعادة فصول المآساة بوجه و لون و طعم واحد؟؟
              علينا أن ننتظر ..
              لا أتمكّن من ضبط أمنية ، متلهفة في أن أراك تردّ الفرس لتعود للعدو في المدى الإنساني الفسيح ، المتنوّع ، الحر الطليق ، الذي لا يرضى بالتّاريخ و لا بالجغرافية حدودا و فقط ، و لا يرضى بأقل من غموض الشعر و رعشاته الجميلة..

              تحياتي و مودّتي
              حكيم
              [/align]

              الأخ العزيز الأستاذ د. حكيم عباس
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              لقد أثلجت صدري أخي حكيم.. بهذا الحضور الرّاقي..
              نعم يا عزيزي نحن أخوة إن شاء الله
              أخوة لأننا من نسلٍ مكشوف الغطاء.. وبساطنا منتهك واجتمع في بيتنا كل ثعابين الأرض
              أخوة لأن دارنا معقورة.. وحواكيرنا عاثت بها أقدامٌ غير أقدامنا
              أخوة لأنّنا تقاسمنا الويل واللّيل وجابهنا وحدنا الظّلام
              أخوة لأنّنا تجرّعنا وحدنا ما حمله الأنبياء على كواهلهم
              أخوة لأنّنا نشبه بعض.. وأسئلتنا واحدة.. وأجوبتها في ذمّة كلّ إنسِيّ
              أخي العزيز د. حكيم
              لا أخجل من القول أن كتاباتي تجارب شخصيّة ذاتيّة ولا تبعد عن الأنا.. ومع ذلك أرويها لأنّ الأنا هنا وعندنا نحن بالتّحديد تُشبه الأنا في كل بيتٍ من بيوتنا..
              آهاتنا.. لها نفس النّوتة ونفس المدى.. ونفس الصّدى.. ونفس الوقع..
              أوجاعنا.. من نفس الجرح ونفس السّكّين على نفس الوريد
              من هنا قصدتُ بأنايَ أناكَ وأنا ذلك الحيُّ الميت والميت الحيّ في كلّ مسامات أرضنا..
              أعلمت الآن لماذا جاءت قصّتي وكأنّها تحاكي حكايانا جميعنا؟
              أنا أرويها بلساني
              لأنّي عايشت مرارتها وفصولها.. وقست بنفسي ساعاتها وثوانيها.. ولأنها كذلك اعتقدت وقد أكون مخطئًا بأنها كذلك يمكن أن تكون أصدق وأكثر تأثيرًا..
              مسألة التّكثيف.. أدري أنّها مهمّة وأعلم ضرورتها في العمل الرّوائي.. لكن تجربتي البسيطة تجعل من قلمي يميل للمباشرة الغير مقصودة وعلى غفلة منّي.. وهذه إحدى الأسباب التي دائمًا ما تجعلني لا أصل للرأي الفصل بكل ما يُنتج قلمي.. وكثيرًا ما أرى بعد نشره.. رأيًا غير ما كان.. وأقول لنفسي لم كانت صياغتي هنا كذلك.. أما كان من الأفضل لو كتبت هذه الفقرة أو هذا الجزء بطريقة أخرى؟
              أو أن أقول لو أضفت هنا كذا.. أو حذفت كذا..
              وهكذا أجد نفسي غير راضٍ تمامًا عن ما أنشر..
              لكنّي أنشر.. وهذا ما يجعلني دائمًا محتاجًا لرأي كرأيك.. ويهمّني أن أسمع فعلاً رأي القرّاء
              وأعد أن تكون الفصول القادمة أكثر تكثيفًا قدر استطاعتي
              أشكرك أخ حكيم على متابعتك واهتمامك وحرصك
              وسعادتي أن أسمع رأيك باستمرار
              تحيّاتي خالصة
              تقديري ومحبّتي
              ركاد أبو الحسن

              تعليق

              • ركاد حسن خليل
                أديب وكاتب
                • 18-05-2008
                • 5145

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى بونيف مشاهدة المشاركة
                أتابع بدهشة وانبهار....

                معك يا أستاذ ركاد في هذه المذكرات القوية
                أشكرك عزيزي مصطفى على حضورك
                أسعدني أنّك هنا
                تقديري ومحبّتي
                ركاد أبو الحسن

                تعليق

                • ركاد حسن خليل
                  أديب وكاتب
                  • 18-05-2008
                  • 5145

                  #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة يوسف الديك مشاهدة المشاركة
                  أخي الأستاذ ركاد أبو الحسن الموقر .

                  قرأت الفصول الثلاثة المنشورة حتى الآن ..والتي تتراوح بين السرد الجميل كما هي البداية الموفّقة ..وبين الذكريات الخاصة التي طغت عليها سردية الذات لاحقاً وهو ما سبقني لفت النظر حوله الأخ الأديب حكيم عباس لتؤثر على هوية العمل ..كراوية .

                  عزيزي الأخ ركاد ..قلمك جميل وإحساسك نبيل ولغتك راقية .. والمواقف التي نثرتها عبر السطور عظيمة وتستحق الفخر ..لكني مع منح هوية العمل ما تستحقه ..بمعنى أن عملك هنا يستحق صفة السرد الذاتي ..أو السيرة الشخصية بكل ما فيها من جمال لغة وروعة مواقف .

                  دمت بخير ...وعطاء .

                  الأخ العزيز أستاذنا الفاضل وشاعرنا الكبير يوسف الديك
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  سعادتي جد غامرة أن يقرأ لي الأستاذ الكبير يوسف الديك
                  نعم أخي الكريم.. قصّتي هذه صياغة ذاتية لأحداث كنت فيها ضحيّة.. بكل ما يمكن أن تتعرّض له الضحيّة من آلام.. وكنت فيها الشّاهد الذي من حقّه أن يروي شهادته صادقةً كما كانت وقائعها للأجيال..
                  في الحقيقة احترت أين أنشرها.. هل في قسم السّير الذاتية أم في ملتقى القصة.. وتردّدت كثيرًا قبل نشرها في خياري..
                  وقادتني فكرة أن هذه القصة ليست قصة ركاد.. أيّ ركاد والسّلام..
                  إنّما قصّة ركاد الفلسطيني.. وأحداثها كما جرت ما كانت لتكون لولا فلسطينيّتي.. إلى وضعها في ملتقى الرّواية..
                  ولمّا كانت تجربتي قليلة في هذا المجال.. وعن غير قصد وفي غفلة مني يحيد قلمي بعض الشيء للمباشرة.. كما أشرت في ردّي السابق على د. حكيم عبّاس..
                  وكما قلت أيضًا.. أنا أعلم أهمية التّكثيف في العمل الرّوائي وفي الكتابة الأدبية بشكل عام.. وأرجو أن أتمكّن من هذه المَلَكة في الفصول اللاحقة وبلوغ ذلك ما قدّرني الله إليها سبيلا
                  شهادتك أخي الكريم.. وسام يشرّفني
                  شكرًا لك أستاذي.. يسعدني حضورك دائمًا ويهمّني سماع رأيك باستمرار..
                  تحيّاتي خالصة
                  تقديري ومحبّتي
                  ركاد أبو الحسن

                  تعليق

                  • صادق حمزة منذر
                    الأخطل الأخير
                    مدير لجنة التنظيم والإدارة
                    • 12-11-2009
                    • 2944

                    #24
                    [align=center]

                    الأخ الأستاذ ركاد حسن ..
                    لقد تابعت قراءتك في هذه الفصول الثلاثة الجميلة والتي غلبت عليها السردية التلقائية والاستحضار الذاتي للأحداث كعرض لسيرة شخصية .. رغم تعرض القصة لموضوع أرحب بكثير تضيق عنه حدود الوطن الكبير وجروحه وانتكاساته ..
                    لقد كان الحزن يسيطر على جميع مفاصل الأحداث ومشاعر الخيبة والتراجع تنقلنا بين السطور .. ولي ملاحظتين قد تهمك في هذا العمل

                    1- من المهم أن يظل الأفق العام للقصة واسعا مفتوحا على العالم بكل مصاعبه فهذا يخدم الموضوع والقضية ويبني قواعدا أمتن وفلكا أوسع للتحرك وقد كانت بدايتك رائعة في هذا المجال من ( مستعمرة ) جبل طارق وجموع العمال المتعددي الجنسيات ..

                    2- من المهم في العمل الروائي أن تبتعد ككاتب عن بطل القصة حتى وأن كنت
                    بصدد عمل يمثل سيرة ذاتية .. لأن هذه الحدود الواضحة بين البطل والكاتب هي المسافة اللازمة لتسمح للكاتب بالاهتمام بالشؤون الأدبية للرواية وتوظيف الذاكرة والأحداث من أجل الإبداع الأدبي في العمل الروائي الراهن وهذا لم يبدُ واضحا لديك بعد .. أو ربما كان غير مستهدف لديك وأتمنى الاهتمام به ..

                    تحيتي وتقديري لك .. ومتابعون بشغف ..
                    [/align]




                    تعليق

                    • نجيةيوسف
                      أديب وكاتب
                      • 27-10-2008
                      • 2682

                      #25
                      أستاذي النبيل / ركاد

                      كم أنا مزهوة بكل هذا الكم من الحب والود لك ، حينما أرى كل هؤلاء يقفون خلف عملك هذا يتابعون مثلي بشغف وود كبير ، ويعطون إضاءات لقلمك النبيل .
                      نعم ، امض فكلنا لك من المتابعين .

                      دم بخير أبدا



                      sigpic


                      كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

                      تعليق

                      • ركاد حسن خليل
                        أديب وكاتب
                        • 18-05-2008
                        • 5145

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة صادق حمزة منذر مشاهدة المشاركة
                        [align=center]

                        الأخ الأستاذ ركاد حسن ..
                        لقد تابعت قراءتك في هذه الفصول الثلاثة الجميلة والتي غلبت عليها السردية التلقائية والاستحضار الذاتي للأحداث كعرض لسيرة شخصية .. رغم تعرض القصة لموضوع أرحب بكثير تضيق عنه حدود الوطن الكبير وجروحه وانتكاساته ..
                        لقد كان الحزن يسيطر على جميع مفاصل الأحداث ومشاعر الخيبة والتراجع تنقلنا بين السطور .. ولي ملاحظتين قد تهمك في هذا العمل

                        1- من المهم أن يظل الأفق العام للقصة واسعا مفتوحا على العالم بكل مصاعبه فهذا يخدم الموضوع والقضية ويبني قواعدا أمتن وفلكا أوسع للتحرك وقد كانت بدايتك رائعة في هذا المجال من ( مستعمرة ) جبل طارق وجموع العمال المتعددي الجنسيات ..

                        2- من المهم في العمل الروائي أن تبتعد ككاتب عن بطل القصة حتى وأن كنت
                        بصدد عمل يمثل سيرة ذاتية .. لأن هذه الحدود الواضحة بين البطل والكاتب هي المسافة اللازمة لتسمح للكاتب بالاهتمام بالشؤون الأدبية للرواية وتوظيف الذاكرة والأحداث من أجل الإبداع الأدبي في العمل الروائي الراهن وهذا لم يبدُ واضحا لديك بعد .. أو ربما كان غير مستهدف لديك وأتمنى الاهتمام به ..

                        تحيتي وتقديري لك .. ومتابعون بشغف ..
                        [/align]

                        الأخ العزيز والأستاذ الفاضل صادق حمزة منذر
                        أشكرك أخي الكريم على رعايتك واهتمامك
                        لقد قرأت قراءتك عن ما كتبت وأراك ومن سبقك من الأساتذة الكرام المتداخلين قد اتفقتم على تسمية هذا العمل بالسردي لسيرة شخصية..
                        وأجدني لم أُنكِر ذلك.. وأعلنت صراحة وبلا مواربة اتفاقي معكم فيما ذهبتم إليه.. إلاّ أنّي أردفت أسبابي ومبرّراتي في ردّيّ على الأستاذين الكريمين حكيم عبّاس ويوسف الديك.. وإنّي أصدقك القول أخي العزيز صادق.. صعوبة الفصل بين الخاص والعام هنا لأنّ أفق هذه الرّواية إن صحّ نسبها لهذا اللون الأدبي.. وإن انطلق من جهات أفقي الأربع.. إلاّ أنّه يلامس الأفق العام.. وكما قلت قصّتي هذه ما كانت لتكون لولا فلسطينيتي.. وإنّي هنا لا أمثّل شخصي كفرد.. وأنا هنا لست إلاّ رمزًا للعام.. ربّما أخي العزيز سوف تشفع لي الفصول القادمة ومجريات ما يدور فيها من أحداث.. لإعادة القصة هنا لإطارها المقبول..
                        تحيّاتي لك خالصة
                        آملاً منك المتابعة مشكورًا
                        تقديري ومحبّتي
                        ركاد أبو الحسن

                        تعليق

                        • ركاد حسن خليل
                          أديب وكاتب
                          • 18-05-2008
                          • 5145

                          #27
                          المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
                          أستاذي النبيل / ركاد

                          كم أنا مزهوة بكل هذا الكم من الحب والود لك ، حينما أرى كل هؤلاء يقفون خلف عملك هذا يتابعون مثلي بشغف وود كبير ، ويعطون إضاءات لقلمك النبيل .
                          نعم ، امض فكلنا لك من المتابعين .

                          دم بخير أبدا
                          الأخت الكريمة والأستاذة الفاضلة نجية يوسف
                          وأنا مزهوٌّ بحضورك ومتابعتك ورؤية مداخلاتك عزيزتي في متصفّحي
                          لك جزيل شكري وفائق تقديري واحترامي ومحبّتي
                          شرفٌ لي معرفتك وأخوّتك وصداقتك

                          لك خالص تحاياي
                          ركاد أبو الحسن

                          تعليق

                          • ركاد حسن خليل
                            أديب وكاتب
                            • 18-05-2008
                            • 5145

                            #28
                            [frame="7 10"]

                            في الطّريق إلى دبي
                            ركاد حسن خليل

                            (4)


                            لطالما سمعت عن البحر وما يحمل من أسرار وغموض.. فيه تنتهي حكايات الشّاطر حسن والأميرات والسّندباد والحوريّات.. فيه يكمن الدّر والمرّ والمارد والمرجان والقرصان.. لم يعن لي البحر من قبل إلاّ المستحيل الذي يحول بيننا وبين الوصول إلى الحلم.. بين أن تطأ أقدامنا ذلك البرّ المنشود.. ذلك البرّ الذي يعيد لنا رعشة الرّوح وشمس الخلاص.. وبين أن نبقى على جزيرة الأقزام تكبّلنا خيوطهم وتعقصنا أفاعيهم.. وتحيط بنا العقارب من كل حدبٍ وصوب.. وكأنّنا نعيش الزّمن المقلوب.. وكأنّ طوب الأرض الذي وقع على رؤوسنا قد حجبنا عن عالم الإنس.. وجعلنا نهيم في دنيا الأشباح.. لا نعلم في أي وحل تغوص أقدامنا وقد هربت كلّ الدّروب أمامنا.. أمّا الآن وبعد هذه الشهور الطويلة التي جبت فيها البحار دون النّزول إلى البّر إلاّ بضع مرّاتٍ معدودات.. على متن سفينتنا هذه التي أتركها اليوم عائدًا لمتابعة دراستي التّأهيلية ولي في كل ركن من أرجائها ذكرى وأثر.. اكتسبت معرفةً لصداقة الدّلفين وكيفية العيش مع الحيتان والغيلان
                            كنت خائفًا من ركوب البحر.. جميعنا كان خائفًا..
                            وقد تملّكنا هذا الشّعور بعد أن سمعنا أخبارًا بأن الجماعات المنشقة تُطلق صواريخها على كل مركبٍ يخرج من ميناء طرابلس اعتقادًا منها بأنّ الرئيس ياسر عرفات ربّما قرّر مغادرة لبنان بحرًا..
                            وأمرٌ آخر كان يقلقنا.. هو أن تعترض إحدى البوارج الحربية الإسرائيلية المرابطة في عرض البحر كعادتها في مراقبة السواحل اللبنانية ومجريات القتال الدّائر هنا.. مركبنا لنفس الاعتقاد الذي ذهب إليه المنشقون بأنّ الرّئيس أبو عمّار قد يكون فيه..
                            هذه الحرب المجنونة يُحرّكها الشّيطان بمكر الأبالسة..
                            ليس بعد الجنون إلاّ جنون.. ويبدو أن قرار شطب الهوية الفلسطينية من سجل الأمم دخل مرحلة خطيرة وأصبح في مراحله النّهائية.. وما لم تستطع فعله الآلة العسكرية الصّهيونية نصنعه الآن بأيدينا.. ونكمل هدم كياننا المعنوي بمعاولنا.. فأي جنون أقذى من هذا وأيّ انتحارٍ نُقدم عليه بملءِ إرادتنا..
                            يا لفلسطين كم تنزف.. وكم أصبح غائرًا هذا الجرح وأبناءها يستنزفون آخر ذرة عقل وآخر قطرة انتماء..
                            كم هي الخيوط التي حيكت والشّباك التي نُصبت حتّى ارتمينا في هذا الأتون وهذا الأخدود والنّار فيه موقدةٌ لم تُطفئها دموع كل الثكالى والأيامى ولا عبرات يذرفها أطفالنا عبر تاريخ نكبتنا الطّويل..
                            إلى أين سيذهب بنا كل هذا الجنون.. هل بعد الموت موت؟ وهل بعد الخراب صوت؟؟
                            لقد أوصلونا إلى اليباب.. لم هذا الصّراع ولأجل ماذا جعلوا من دمائنا رخيصة وكرامتنا بخسة وغاياتنا نجسة..
                            هل هم متأكّدون أن هذه الدّرب هي درب فلسطين؟؟ ألم يعلموا بعد أن بيننا وبين الاندثار والتّبّخّر والوصول إلى الهباء دويّ صاروخ من صواريخهم يقع على الأبرياء في مخيّم أو طلقةٍ عمياء سقطت على سقف بيت من "الزّينكو" اخترقته لتلتحم في لحم صبيّ وصولاً لعقله
                            في مثل هذا الجو المحموم المشحون بكل أنواع الحزن ومراتب الغضب قرّرنا أن نخلع أنفسنا من أرواحنا.. قرّرنا أن نترك الأهل والأحبّة لعلاّم الغيوب.. دون أن نعلم مصائرهم وقد أصبحت على أنياب الضّياع الأبدي.. التّيه الذي لا نجاة فيه.. في صحراء قاحلة لا أثر فيها لنبتٍ أخضر أو لطعم الماء..
                            أيّ ألم هذا الذي يفعل فعله في قلوبنا وعقولنا ونحن لا حول لنا ولا قوة في إنقاذهم.. وها نحن كمن يهرب من ولده يوم القيامة.. اللهمّ نفسي.. اللّهمّ نفسي..
                            هل هذا هو ديدنُ الحياة أم ديدن الموت؟؟
                            سؤالٌ راودنا وقد اجتمعنا خمستنا على الرّصيف عند مكتب السّفريّات ننتظر ساعة غروبنا عن مستنقع الموت هذا..
                            كنّا نتحدّث عن ما سمعنا من أخبار قبل وصولنا إلى هنا..
                            فلانٌ قُتل بينما كان يحاول أن يهرب بأولاده خارج المخيّم..
                            وقذيفة سقطت في حارة بين صبيةٍ نُقلوا إلى المستشفى إصابات معظمهم خطيرة..
                            قيل أن في المستشفى الإسلامي.. ما لا يقل عن مئة جريحٍ معظمهم من المدنيّين.. وأنّ معظم جثث القتلى في ثلاجة مستشفى المظلوم..
                            كنّا جميعًا وكأنّنا مُقدمون على ارتكاب جُرم.. منفعلون.. وجوهنا تنضح بما يعتمر في قلوبنا.. فبدت وكأننا أصبحنا في بطن مغارة الغول.. لا نعلم متى وكيف سينقضُّ علينا لالتهامنا.. متأهّبون.. لا نريد أن ننظر خلفنا لعلمنا بما خلفنا.. وخائفون من خطوةٍ إلى الأمام مع أن بعدها خلاصنا..
                            كانت الساعة العاشرة والنصف مساءً.. عندما جاء ربّان المركب ليخبرنا بأن الرحلة ستبدأ عند الواحدة صباحًا.. وأن خط سير الرّحلة سوف يكون مختلفًا عن ما هو معتاد في الإبحار من طرابلس نحو قبرص..
                            وقال.. تجنّبًا لأي طارئ وبعدًا عن الخطر قدر الإمكان.. سيكون خط سير رحلتنا كما يلي..
                            نتّجه أوّلا أكثر إلى الشّمال بدلاً من الغرب بمحاذاة المياه الإقليميّة السّوريّة.. إبحارنا سيكون بدون أضواء.. بعد ذلك وتجنّبًا لاعتراض البوارج الإسرائيلية لمركبنا.. سنتّجه أكثر إلى أعلى.. وعندما نصبح مقابل مدينة طرطوس السورية نغيّر وجهتنا نحو قبرص..
                            كنّا نستمع لربّان المركب وقد هجرتنا كل الأسئلة والاستفسارات.. لم نأبه للقادم من أخطار.. طالما أنّ الذي خلفنا أخطر.. وقد سلّمنا أمرنا لصاحب الأمر هو الذي بيده التّيسير والتّسهيل.. حتّى ولو اجتمعت علينا كل جلاوزة الأرض.. نحن ماضون في هذه الرّحلة مهما كانت نتائجها.. ولا مجال للتراجع حتّى ولو قطعنا هذا البحر سباحةً..
                            كان الانتظار مقيتًا.. كلّنا يتطلّع إلى ما بعد هذا الماء.. عند الساعة الحادية عشر توجّهنا للصعود إلى المركب.. وقلوبنا تكاد تثب من صدورنا لتسارع دقّاتها.. وقدّ أثّر فينا عدم وجود أيّ من الأهل والأحبة والأصدقاء كي يلوّح لنا بيده عند انطلاقنا وتركنا للرّصيف.. هذا الأمر على بساطته إلاّ أنّه فعل فعله في نفوسنا.. فجميعنا يسافر بعيدًا عن الأهل لأوّل مرّة.. ولسنا معتادون على الغربة وما فيها من مرار.. ما أضاف على حزننا مزيدًا من حزن.
                            كان المركب صغيرًا لا يزيد طوله عن الخمسة عشر مترًا.. وعرضه لا يتجاوز الخمسة أمتار..
                            تساءلنا بيننا إن كان مركبًا صغيرًا كهذا يستطيع السفر في أعالي البحار ويمكنه الوصول بنا إلى البرّ القبرصي بأمان.
                            تفاجأنا عند صعودنا إلى المركب.. أنّ من معنا على متنه وفدًا فلسطينيًّا يرأسه رئيس إتّحاد نقابات عمّال فلسطين وأعضاء من اللجان الشّعبيّة الفلسطينيّة في مخيّمات شمال لبنان وهم خمسة أعضاء.. كانوا مغادرين إلى تونس بتكليفٍ من الرّئيس أبو عمّار لحضور مؤتمرٍ عمّالي عربي في مقر الجامعة العربية في تونس..
                            تعارفنا وقد كنت أعرف معظم أعضاء هذا الوفد سابقًا دون أن ألتقيهم.. وها نحن سنكون رفقة طريق ونشارك معًا في مغامرةٍ لا نعرفُ عقباها
                            وكان معنا أيضًا فتاة لبنانية.. المرأة الوحيدة في المركب قدّمت نفسها باسم وفاء.. وقالت أنّها راقصة استعراضية ومغنّية تُحيي حفلات في فندق شاطئ البحر المتوسط في مدينة "ليماسول".. كانت تلفت الأنظار بجمالها ولباسها المثير وحركاتها التي لا تُعيرها كثير انتباه..
                            أما طاقم المركب فقد كان إضافة للقبطان ومساعده.. بحّار واحد والطّبّاخ..
                            ولمّا اقتربت الساعة من منتصف الليل بدأ هدير المحرّك يعلو.. وكنّا نسمع صوت الرّاديو وحديثٍ بين الرّبان ومكتب السفريات مالك المركب.. بينما نحن نجلس وقد هجرتنا حروف اللغة.. وتبخّر كلّ الكلام.. نكاد نسمع دقّات قلوبنا تتناغم مع صوت عقرب الثواني لتلك الساعة المعلقة على الجدار بالرّغم من صوت المحرّك وصوت الرّاديو..
                            عند الواحدة إلاّ ربع صباحًا فكّ مساعد الرّبان الحبال وبدأ المركب يبتعد رويدًا رويدًا عن الرّصيف في شبه ظلام دامس إلاّ من ضوءٍ خافتٍ مخنوق في برج القيادة..
                            كان الطّقس قد تبدّل وبدأ مطرٌ غزير يتساقط وكأنّ السّماء تودّعنا بالبكاءِ.. وبدأ البحر يَلطم المركب بأمواجه وكأنّه يُحدّثنا بلغته موصلاً رسالته الحزينة لنا.. بينما المركب يمخر بصعوبة الموج مُعلنًا بدء رحلتنا..
                            في محاذاة الشّاطئ متّجهًا نحو المياه الإقليمية السّوريّة كان المركب يبحر بطيئًا.. وبعد أقل من ساعة على انطلاقة أصبح بعضنا وأنا منهم يترنّح من فعل دوار البحر في رؤوسنا فتشبّث كلّ منّا بمقعده لا يرومُ حراكًا.. ويأبّى الموج إلاّ أن يخُضَّ أمعاءنا خضّا..
                            ولمّا مرّت ساعتان على بداية الرّحلة.. أضاء الرّبان المركب وقال لنا.. نحن الآن بمحاذاة المياه الإقليمية السوريّة.. وسنواصل إبحارنا شمالاً.. فقال رئيس الوفد الفلسطيني.. عمى الله أبصارهم.. وكان يقصد الجماعات المنشقّة.. نسأل الله أن تُعمى عيون الإسرائيليين أيضًا..
                            شعرنا ببعض ارتياح بالرّغم من دوار البحر الذي أتعبنا كثيرًا.. وبدأ الجميع يتحدّث وكأنّ غُمّة انزاحت عن كواهلنا.. وكانت وفاء الرّاقصة والمغنّيّة تبدو نشيطة ولا يبدو عليها أيّ قلق.. وقد انسجمت مع الجميع وكأنّها تعرفنا من سنين..
                            قالت.. يا جماعة لا تقلقوا سوف نصل إن شاء الله.. ما رأيكم لو نُغيّر هذا الجوّ الكئيب؟
                            وبدأت تدندن بصوتٍ منخفض "القلب معاك ثانية بثانية.. لو حتّى تروح آخر الدّنيا" ما لبث أن ارتفع.. وهي أغنية لشادية.. وبدأنا نُصفّق ونُغنّي معها.. ونسي الجميع ما خلّف وراءه.. ولم يعد يُفكّر بما يمكن أن تحمله الساعات القليلة القادمة.. حتى رقصات المركب جرّاء الموج العاتي.. غدت متناسقة مع صوت وفاء.. ولم ألحظ أن أحدًا منّا تذكّر أنّنا في ليل أو أنّه لم ينم منذ ما يزيد عن أربعٍ وعشرين ساعة.. واستمرّت وفاء في الغناء.. غنّت لنجاة الصّغيرة.. لوردة الجزائريّة..لأم كلثوم.. لفيروز.. ولماجدة الرّومي.. وكانت فعلاً تتمتّع بصوتٍ شجيّ جميل أخذ انتباه الجميع.. وصفّقوا لها بإعجاب..
                            وصلنا قبالة طرطوس.. ومن هناك أخذ المركب وجهة جديدة مبحرًا نحو الغرب كما أشار الرّبّان لنا سابقًا.. وبدا أننا أقلمنا أنفسنا على حركة المركب المتراقص جرّاء هذا الجوّ العاصف..
                            ولمّا مرّت ستُّ ساعات على انطلاقنا من ميناء طرابلس.. وبعد أن أخذ المركب وجهته الجديدة غربًا نحو قبرص.. بدأ ضوء النّهار برغم غضب السّماء المتزايد من التّسلّل معلنًا رحيل الظّلام..
                            ازدادت الأنواء عصفًا.. ونحن نحاول استراق النّظر من الخارج.. وقد اسودّ ماء البحر كسمائه.. ولم نعد نسمع إلاّ صوت الموج حين يضرب المركب ولم نعد نقوى على الثّبات في مقاعدنا.. نتقلّب من ركن إلى آخر مع كل الأشياء الغير مثبّتة على الطاولة من أوانٍ كفناجين القهوة وبعض الكؤوس والصّحون..
                            وبدأ صراخنا يعلو.. الله أكبر.. الله أكبر..
                            كان الموج عاليًا جدًّا يحمل المركب في صعوده وكأنه يريد أن يطال عنان السّماء.. وما أن ينقلبَ.. يقع المركب إلى قاعٍ يكاد يضرب أرض البحر وكأنّ لا ماء تحته..
                            وتواصلت ضربات الموج الغاضبة لتطال حتّى برج القيادة.. وبدا المركب وكأنّه على وشك الغرق أو الانشطار..
                            سمعت عن البحر وغدره وغضبه من قبل.. لكن لم يخطر في بالي يومًا أنّي سوف أعيش مثل هذه الأنواء..
                            أجزم الآن وبعد ما اكتسبت من خبرة في البحر.. أنّ ربّان المركب لم يتعلّم في أيّ أكاديميّة بحريّة.. وأنّ المكتب المالك للمركب لا يراعي قوانين السلامة.. و أنّهم ليسو على علمٍ بالأحوال الجويّة ورصدها مسبقًا.. وإلاّ كيف يسمحون لمركبٍ صغيرٍ كهذا أن يبحر ليواجه كلّ هذه المخاطر..
                            معظمنا تقيّأ ما في داخله.. وكنّا كمن يلفظ أنفاسه الأخيرة.. لا ندري ما الذي يحدث.. حتّى الرّبّان ومساعده كانا كمن بلعا لسانهما.. وكانا مثلنا وقد تفاجآ بثورة البحر هذه..
                            واستمر هذا الهيجان.. وهذا الغضب إلى ما يقرب الرّابعة بعد الظّهر.. فقدنا خلالها الأمل بالنّجاة.. وتشاهدنا.. ولسان حالنا يقول.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. إلى أن بدأت العواصف تهدأ تدريجيًّا.. وخفّت قوة الموج.. وأصبحت رقصات المركب محمولة.. وعاد لنا بعض توازننا..
                            قال السيّد رئيس اتحاد نقابات عمّال فلسطين ورئيس الوفد لربّان المركب.. هل السفّر في مثل هذه الأحوال الجوّيّة طبيعي؟؟
                            أجاب الرّبّان.. لم نكن نتوقّع هذه الظّروف.. وقد كتب الله لكم السلامة..
                            قال رئيس الوفد.. مؤكّد أنّنا كنّا في خطر.. وهل زال الآن؟
                            قال الرّبّان.. حمدًا لله على سلامتكم.. أعتقد أن الأحول الجوّية العاصفة تتّجه إلى الهدوء..
                            قال رئيس الوفد.. أين نحن الآن.. وهل ما زال الخطر الإسرائيلي قائمًا؟؟
                            أجاب الرّبان.. لا أعتقد أنّ البوارج الحربية الإسرائيلية ممكن أن تعترض سبيل أحد في مثل هذه الأحوال الجوّيّة.. هي تترك للبحر أن يفعل فعلها مع مركبٍ صغير كمركبنا.. على العموم تستطيع أن تقول أنّ الله نجّاكم ونحن الآن أصبحنا بعيدين عن أماكن السيطرة الإسرائيلية.. لم يبق الكثير حتّى ندخل المياه الإقليميّة القبرصية..
                            واستمر إبحار المركب.. وهدأت نفوسنا.. وشعرنا بالأمان.. وخلد البعض للنوم.. وبدا أن البحر قد هدأ تمامًا..
                            طلبت أنا وآخرين من الطّبّاخ شيئًا نأكله.. فقد فعل الجوع فعله في أمعائنا الخاوية.
                            بعد أن فرغتُ من الطّعام.. ما عاد باستطاعتي مقاومة عيوني.. واستسلمت لنومٍ عميق.. لم أصحُ منه إلاّ بعد ساعتين على صوت زميلي أحمد يقول..
                            قم انهض.. لقد دخلنا المياه الإقليمية القبرصيّة..
                            قم جهّز أوراقك وجواز سفرك.. فقد أخبرنا الرّبّان أن حرس السّواحل القبارصة سوف يحضرون إلى المركب بعد قليل للتفتيش..
                            تساءلت.. وهل التفتيش يجري هنا في عرض البحر؟
                            قال أحمد.. الرّبان أخبرنا أنّ الدّخول إلى الميناء بمعيّتهم.. والتّفتيش يجري في الميناء.. هذه إجراءات حرس السّواحل مع المراكب الصّغيرة.. الأمر طبيعي..
                            كانت الساعة تشير إلى السابعة والنّصف عندما بدأت الأنوار على البرّ تظهر لنا.. وكنّا نشعر أنّ الشّاطئ هو الذي يجري نحونا لاستقبالنا.. في هذه الأثناء برز لنا قاربٌ يبدو عسكريّ.. يُبحر باتّجاهنا.. وقد تكلّموا مع الرّبان في الرّاديو..
                            قال الرّبان على أثره لنا.. إن حرس السواحل قادمون إلينا.. فلا تقلقوا.. الأمر كما قلنا عادي جدًّا..
                            ما هيّ إلاّ عشر دقائق فقط.. خفّف مركبنا سرعته إلى أن توقّف تمامًا.. واقترب قارب حرس السواحل حتّى لامس مركبنا.. وتمكّن اثنين من الحرّاس الصّعود إلى المركب.. توجّها مباشرة إلى برج القيادة.. بينما القارب العسكري ابتعد عن مركبنا قليلاًً.. ليأمرنا بالإبحار بموازاته لدخول الميناء..
                            امتثل مركبنا وأبحر بسلاسة وهدوء ودخل ميناء ليماسول وتوقّف تمامًا وشُدّت حباله على أحد الأرصفة.. في حين كان الحارسان اللّذان صعدا إلى المركب قد جمعا جوازات وتذاكر سفرنا.. وأخبرا الرّبّان أن لا تأشيرات تُعطى للفلسطينيين لدخول الأراضي القبرصيّة.. عليهم العودة من حيث أتوا..
                            سوف نُبقي وثائقهم إلى الصّباح معنا.. ولا ينبغي لأحد مغادرة المركب.. هناك بعض الإجراءات قبل مغادرتهم عائدين إلى لبنان..
                            تدخّل رئيس الوفد الفلسطيني قائلاً.. نحن لا نريد سوى تأشيرة مرور.. نحن ذاهبون لمؤتمر..
                            قال أحد الحارسين.. في كل الأحوال لن ننظر في أي أمر قبل الصّباح.. لا ينبغي لأحد مغادرة القارب..
                            نزل الحارسان من المركب.. وبقينا جميعًا نضربُ أخماسًا بأسداسٍ لا نعلم ماذا في جُعبة الصّبّاح

                            يُتبع
                            [/frame]

                            تعليق

                            • نجيةيوسف
                              أديب وكاتب
                              • 27-10-2008
                              • 2682

                              #29
                              وبعد انتظار يا أستاذنا الكريم نجد الجزء الرابع .

                              كنت سأضع هنا سؤالا عنه إذ تأخر قليلا ، وتمنيت أن يكون المانع خيرا



                              كنت رائعا في رسم الحالة النفسية التي جعلتنا نعيش معها دقات قلوبكم .

                              ومعك نحن هنا مرابطون ، ومع أحداث قصتك نعيش الأمل .

                              دمت بخير ،


                              sigpic


                              كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

                              تعليق

                              • جلاديولس المنسي
                                أديب وكاتب
                                • 01-01-2010
                                • 3432

                                #30
                                [align=center]
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                أستاذي الرائع حقاً / ركاد حسن خليل
                                مع اول سطورك ومعاناة أبناء فلسطين في تكملة دراساتهم عادت بي ذاكرتي لأيام الصغر وتذكرت صديقتي الفلسطينيهوكم كانت تعاني من التفرقه الدائمه والملحوظه بينها وبيننا مجرد ان اباها فلسطيني كانت تعامل معامله مختلفه ، ببعض نشاطات المدرسه كانت ترفض مشاركاتها لأنها لا تحمل الجنسيه المصريه .
                                كنت أتسائل ألا يكفي انها بغربه عن اهلها محتله ارضها ..
                                ألا يجب على العرب جميعهم حسن معاملاتهم ..ألسنا عرب ! لما هذه الفرقه أليس لفلسطين علينا حق ...! ..
                                ومع متابعتي لسردك الممتع أستاذي عايشت حجم معاناتكم بالبلاد وخارجها عايشت حجم التيه الذي فرضه الغاصب وحققه له تخاذل عربي ....
                                أستاذي الفاضل إستمتع معك ومع سردك الأخاذ وهنا شعرت وكأني أقراء للأستاذ أنيس منصور أدب الرحلات .
                                موفق دائما أستاذي
                                [/align]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X