عقوبة مركبة ..!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي ابريك
    كاتب وباحث سياسي
    • 08-07-2010
    • 42

    عقوبة مركبة ..!!

    ضغط بيديه النحيلتين على بطنه، و بالكاد استطاع استرجاع أنفاسه ، فقد كان منذ دقائق يصرخ وينتحب بصوت عالي، ولكن لا يبدو أنّ شريكه بالغرفة يبالي بمعاناته ، لقد مضي أكثر من شهرين وهو على هذه الحال ، ولاشك بأنّ رفيقه سأم مساعدته ..!!
    الألم بدأ أكثر ضراوة هذه المرة ، لم يفلح في إيقافه ، رغم كمية المياه التي شربها ، ينبطح على بطنه مرة أخرى ، و بلاط الأرضية البارد يسمح ببعض الراحة تتسلل إليه ، رغم الغبار الذي يستنشقه .. ظلّ يحتضن الأرض حتى ساعات الصباح الأولي ، ورفيقه لم يتحرك أو يحتج على صراخه أو يهرع إلى مساعدته .. نهض إلى حيث فراشه ، في أقصى الغرفة المغلقة ، تمدد ، لم يستطيع إغلاق عينيه .. النور المنبعث من مصباح في الممر الخارجي عبر الكوة الصغيرة فوق الباب الحديدي الأسود، و لا زال ضوءا شاحبا .. إنّه ينتظر تغيّّره .. وأخيرا لاح نور الصبح ..!!
    ينهض إلى صاحبه ليوقظه ، يكتشف أنّ عينيه مفتوحتان ، يبتسم له ، ولكن رفيقه تسمرتا عيناه على الكوة ، أنهما لا تتحركان .. يدنو منه .. لا يسمع أنفاسه .. فيضع يده على جبهة الرجل ، إنها باردة .. يكلمه .. يناديه باسمه ، يهزّه .. يصرخ طالبا النجدة .. بعد لحظات يأتي الحارس معنفا .. " هل عاودك الألم أيها الشقي ..؟ " .. فتح الباب ، عينا السجين المتورمتين تملئهما الدموع ، وبشفاه ترتعد يخبر الحارس .. لاحظ الحارس أنّ السجين الأخر لا بد أن يكون ميتا فقد صفعه وهزه من شعره .. قبل أن يتحسس حرارة جسده ..!!

    قام بمساعدة رجال النظافة في إخراج الفراش وباقي الحاجيات الاخري للسجين الميت .. لم يشعر بالحزن لفراقه .. ولكن شيء ما في داخله يثير أشجانه .. فغرفة العزل هذه ، لا يدخلها إلاّ المصابين بالسل أو الامراض المعدية ألأخرى .. وقليلا ما يخرجون منها أحياء ..
    في ذلك المساء لم تعاوده الآم بطنه ، فقد أعطأه طبيب السجن مسكنا جديدا .. ومع أنّه لم ينم الليلة الماضية وبعد ظهر اليوم كعادته دائما .. إلاّ أنّ النوم هذه المرة جافي عينيه المتقرحتان ، الغرفة تبدو أكبر حجما ، والهدوء والظلام وبعض الخوف من الموت يدفعانه لقراءة بعض القرآن بصوت خافت .. خيل إليه إنّه يسمع أنفاس رفيقه ، يعلم أنّ الغرفة خالية ، يقوم من فراشه ، يقترب من الباب ، يسند ظهره إليه ، يضع أذنه علي الباب ، الهدوء في الخارج أيضا ، ثمّ أصوات صرير لأبواب تقفل وصراخ سجين يتألم ، إنهم يضربونه ، تبا ..! يعود مسرعا إلى فراشه ، يضع اللحاف فوق رأسه ، ولكنه يكاد يختنق ، فيزيحه عنه و يرمى به في وسط الغرفة ..

    أخيرا ، نفحة من الهوا تقتحم الغرفة ، يملاء رئتيه منها .. ولكن المكان تفوح منه الرطوبة المصحوبة برائحة المواد المعقمة مما يزيد من توتره ، فينهض إلى حيث كان فراش رفيقه .. يجلس ، يغلق عينيه يظم ركبتيه إلى صدره بعد أن وضع اللحاف فوق راسه ، ثم أسند برفق راسه على ذراعيه ، وترك الدموع الذليلة تبللهما في صمت علي غير عادته .. ركلة الحارس له ،رغم قسوتها لم تكن تؤلمه ،بل أيقظت هواجسه ، فقد ظنّ أنّ رفيقه بالغرفة قد عاد إلى ركنه ..!! " هيا أيها الأحمق" لقد تقرر نقلك لغرفة إنفرادية فهذه الغرفة موبؤة ..
    [gdwl]العرب أمّة ستعرّب العالم بقرآنها ...كل العالم ..[/gdwl]
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    علي ابريك
    نص موجع وفيه شجن ينزرع داخل الروح
    هناك بعض الأخطاء
    مثلا
    لكن رفيقه تسمرتا عيناه/ الأفضل تسمرت عيناه
    أرجو من مراجعة النص مرة أخرى فهو نص جيد وان السرد شفافا وسلسا وفيه حقيقة
    أرجو أن تشارك الزميلات والزملاء نصوصهم وتبدي رأيك ورؤيتك حول ما تقرأ فهذا فيه فائدة للجميع صدقني
    ودي ومحبتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      الأستاذ القدير علي ابريك/
      نافذة أخرى تناولت من خلالها ظروف السّجناء و معاناتهم و ما يلقونه من إهانة و سوء معاملة و فضاعة تصل إلى الحدّ الذي ينتفي معه الفرق بين حياتهم و عدمها.
      * نقلت لنا المشهد المعتم للّزنزانة بدقّة و اقتدار ،و كان الوصف مذهلا و مؤثّرا .
      * كتل الأحداث وردت مترابطة و مرتّبة على نحو تصاعديّ جميل و منظّم.
      غير أنّي تعثّرت في العديد من أخطاء الرّسم.
      و لست إذ أقول هذا من عسس الّلغة ،إنّما نوّهت بذلك فقط لأنّها قد تسيء للعمل لا أكثر.
      و سجّلت في خاتمة النصّ بعض الغموض تسبّب فيه تواتر الأفعال متّصلة و على نسق سريع ورد أوّلها في زمن الحاضر و آخرها في الزّمن الماضي بشكل غير مبرّر لغويّا من وجهة نظري.
      * الشّاهد من النصّ:

      " أخيرا ، نفحة من الهوا(الهواء) تقتحم الغرفة ، يملاء(يملأ) رئتيه منها .. ولكن المكان تفوح منه الرطوبة المصحوبة برائحة المواد المعقمة مما يزيد من توتره(حبّذا لو وردت :ممّا زاد في توتّره) ، فينهض إلى حيث كان فراش رفيقه .. يجلس ، يغلق عينيه يظم ركبتيه إلى صدره بعد أن وضع اللحاف فوق رأسه ، ثم أسند برفق رأسه على ذراعيه ، و ترك الدموع الذليلة تبللهما..."

      1 فإمّا أن يكون الكاتب قد ساق فعليْ: أسند و ترك في الزّمن الماضي على وجه الخطىء . و هذا مرجّح.
      2 و إمّا أنّ السّجين لم يظمّ ركبتيه إلى صدره إلاّ بعد أن وضع الّلحاف على وجهه و أسند رأسه إلى ذراعيه و ترك الدّمع يبلّلهما.( أخبرت بذلك أداة "بعد أن" و نفته "ثمّ")و هذا غريب لأنّ الذراعين مستندتان على ركبتيه المضمومتين إلى صدره سلفا.
      هذا في اعتقادي أستاذي الكريم أهمّ ما ينبغي مراجعته في النصّ من خلل.
      أمّا ما عدا ذلك فإنّ القصّة فهي من النّوع الذي لا يغادر الذّاكرة.

      في النّهاية أجدّد احترامي و تقديري لك أستاذ علي ابريك و أرجو أن تشملني سعة صدرك .و دمت بألف خير.

      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • علي ابريك
        كاتب وباحث سياسي
        • 08-07-2010
        • 42

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
        الزميل القدير
        علي ابريك
        نص موجع وفيه شجن ينزرع داخل الروح
        هناك بعض الأخطاء
        مثلا
        لكن رفيقه تسمرتا عيناه/ الأفضل تسمرت عيناه
        أرجو من مراجعة النص مرة أخرى فهو نص جيد وان السرد شفافا وسلسا وفيه حقيقة
        أرجو أن تشارك الزميلات والزملاء نصوصهم وتبدي رأيك ورؤيتك حول ما تقرأ فهذا فيه فائدة للجميع صدقني
        ودي ومحبتي
        نعم صدقتي ..
        شكرا للتنبيه ..
        مرور رائع ..
        دمت بود
        [gdwl]العرب أمّة ستعرّب العالم بقرآنها ...كل العالم ..[/gdwl]

        تعليق

        • علي ابريك
          كاتب وباحث سياسي
          • 08-07-2010
          • 42

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
          الأستاذ القدير علي ابريك/
          نافذة أخرى تناولت من خلالها ظروف السّجناء و معاناتهم و ما يلقونه من إهانة و سوء معاملة و فضاعة تصل إلى الحدّ الذي ينتفي معه الفرق بين حياتهم و عدمها.
          * نقلت لنا المشهد المعتم للّزنزانة بدقّة و اقتدار ،و كان الوصف مذهلا و مؤثّرا .
          * كتل الأحداث وردت مترابطة و مرتّبة على نحو تصاعديّ جميل و منظّم.
          غير أنّي تعثّرت في العديد من أخطاء الرّسم.
          و لست إذ أقول هذا من عسس الّلغة ،إنّما نوّهت بذلك فقط لأنّها قد تسيء للعمل لا أكثر.
          و سجّلت في خاتمة النصّ بعض الغموض تسبّب فيه تواتر الأفعال متّصلة و على نسق سريع ورد أوّلها في زمن الحاضر و آخرها في الزّمن الماضي بشكل غير مبرّر لغويّا من وجهة نظري.
          * الشّاهد من النصّ:

          " أخيرا ، نفحة من الهوا(الهواء) تقتحم الغرفة ، يملاء(يملأ) رئتيه منها .. ولكن المكان تفوح منه الرطوبة المصحوبة برائحة المواد المعقمة مما يزيد من توتره(حبّذا لو وردت :ممّا زاد في توتّره) ، فينهض إلى حيث كان فراش رفيقه .. يجلس ، يغلق عينيه يظم ركبتيه إلى صدره بعد أن وضع اللحاف فوق رأسه ، ثم أسند برفق رأسه على ذراعيه ، و ترك الدموع الذليلة تبللهما..."

          1 فإمّا أن يكون الكاتب قد ساق فعليْ: أسند و ترك في الزّمن الماضي على وجه الخطىء . و هذا مرجّح.
          2 و إمّا أنّ السّجين لم يظمّ ركبتيه إلى صدره إلاّ بعد أن وضع الّلحاف على وجهه و أسند رأسه إلى ذراعيه و ترك الدّمع يبلّلهما.( أخبرت بذلك أداة "بعد أن" و نفته "ثمّ")و هذا غريب لأنّ الذراعين مستندتان على ركبتيه المضمومتين إلى صدره سلفا.
          هذا في اعتقادي أستاذي الكريم أهمّ ما ينبغي مراجعته في النصّ من خلل.
          أمّا ما عدا ذلك فإنّ القصّة فهي من النّوع الذي لا يغادر الذّاكرة.

          في النّهاية أجدّد احترامي و تقديري لك أستاذ علي ابريك و أرجو أن تشملني سعة صدرك .و دمت بألف خير.

          محمد ..
          سعيدا بمرورك ..
          وكم بهرتني القراءة الرائعة ..
          ولكن ..
          يأتي النص فأنشره لأني لا أرى ما ترونه ولو قرأته أربعين مرة ..!!
          ومع ذلك أعد محظوظا لأني عملي بالكاد يمنحني فرصة كتابة المقال الأسبوعي ..مرورك أفادني ..
          ولك عاطر التحايا والتقدير ..
          دمت بود
          [gdwl]العرب أمّة ستعرّب العالم بقرآنها ...كل العالم ..[/gdwl]

          تعليق

          • محمد فطومي
            رئيس ملتقى فرعي
            • 05-06-2010
            • 2433

            #6
            سعيد بالمصافحة أستاذ علي ابريك.
            هنيئا لك بهذه الروح الأدبيّة العالية ،و أتشرّف بصداقتك.
            و دمت بألف خير.
            مدوّنة

            فلكُ القصّة القصيرة

            تعليق

            • علي ابريك
              كاتب وباحث سياسي
              • 08-07-2010
              • 42

              #7
              محمد فطومي ..
              وأنا أسعد بمعرفتك ..
              دمت بود
              [gdwl]العرب أمّة ستعرّب العالم بقرآنها ...كل العالم ..[/gdwl]

              تعليق

              • علي ابريك
                كاتب وباحث سياسي
                • 08-07-2010
                • 42

                #8
                شكرا لكل من مر من هنا
                تحية تليق
                [gdwl]العرب أمّة ستعرّب العالم بقرآنها ...كل العالم ..[/gdwl]

                تعليق

                • محمد الثاني
                  عضو الملتقى
                  • 25-02-2014
                  • 107

                  #9
                  قلم جيد .. ننتظر منك الأجمل/ بقول نيتشه/ كل الكائنات ظلت حتى الساعة تبدع أشياء فوقمنزلتها، وأنتم ، أتريدون أن تكونوا حركة الجزر في هذا الدفق العظيم فتفضلوا العودةإلى منزلة الحيوان على مجاوزة الإنسان؟/ تحيتي لك

                  تعليق

                  • عبير هلال
                    أميرة الرومانسية
                    • 23-06-2007
                    • 6758

                    #10
                    معاناة ما بعدها معاناة بالفعل

                    قصة صراحة مدهشة

                    جعلتني أشعر بعمق معاناة السجين

                    وبعض البؤس الذي يعانيه أي سجين

                    بوركت أناملك المبدعة

                    sigpic

                    تعليق

                    يعمل...
                    X