يوم إجازتك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.إميل صابر
    عضو أساسي
    • 26-09-2009
    • 551

    يوم إجازتك

    يوم إجازتك


    11-7-2010


    إنه يوم إجازتك الأسبوعية المنتظر.. هدنة من التجوال عبر الأعمال.. جرعة مكثفة من النوم.. تعِب ما تقدر عليه من العدد الأسبوعي للجريدة المفضلة.. تشاغب صغارك في غرفتهم، حيث تحتبسهم أمهم لتنفرد هي بأتربة الشقة، وعبثهم بأثاثها طوال أسبوع، تسعى فيه لتعاونك على سعار أسعار الحياة.. تستتر بمشاغلة أطفالك؛ لتهرب من نوال حصتك من الغبار ومشاركتها فيما هي فيه.. تريح ضميرك بحديث داخلي أنك لن تتخلى عنها تماما، بل ستتولى مسألة إعداد الغداء، وكأنك تشاركها العناء مثلما تقدم لك، وليس أنك تستمع بممارسة واحدة من هواياتك القديمة.


    يستعرضون معك اكتشافاتهم في عالم ألعاب التكنولوجيا.. تعلو بمستوى الحوار فتشرح لهم بعض تقنيات التواصل الحديث.. تستفيض في الكلام عن فوائد العلم والثقافة وعدم الاكتفاء بالحاسوب كأداة تسلية.. يطول حديثك الجاد.. تهرب أذانهم بعيدا عن كلماتك المعقدة.. يسرقون خيط الحديث منك.. يستحثون فيك روح الطفل.. يدعونك فتشاطرهم بعض الألعاب.. تختار واحدا من تلك التي تناسب يداك الثقيلتان على لوحة المفاتيح.. يتفوقون عليك.. البهجة تملأ عيونهم.. ضحكاتهم تعلو..


    صرخة مكتومة تتسرب إلى أذنيك من بين صيحاتهم.. تتبعها صرخة أعلى.. دربكة.. يتبعها صوت ارتطام جسد بالأرض..


    تصمت لحيظة.. تدرك أن الصرخة آتية من حيث تعرف أن حبيبتك هناك تمارس شغفها الأسبوعي..


    تهرع نحو صالة الاستقبال.. الصمت يغلف المكان.. الشباك العريض مفتوح على مصراعيه.. الشمس تحتل نصف الصالة.. ولا أحد هنا إلا آثار انقلاب الأثاث للتنظيف.. تستيقظ الأفكار السوداء في عقلك.. قلبك يثور بين ضلوعك طلبا لرسالة سلام.. تجول بناظريك بحثا عن حبيبتك.. تنادي.. تتناهى إلى مسامعك أنات خفيفة.. وجلا تتقدم نحو الأنين.. عيونك تجري في المكان.. تنتبه أن أحد أذرع النجفة فوق مصدر الأنين مكسور والسلم الصغير يقف وحيدا أسفلها.. تسرع إليه..


    على البساط؛ بجوار الطاولة الكبيرة يتكوم جسدها الرقيق فوق بعضه.. تحرك رأسها ناحيتك.. قبس من ضوء ينير فكرك المعتم.. بعيون ذاهلة ترفع إليك نظرة.. بيسارها تمد إليك يمينها المحترق.. قلبك يُسحق أسفا حين تتذكر كم نبهتك سابقا أن النجفة بها ماس كهربائي ويجب إصلاحها؛ ولكنك منذ وطئت قدماكما أرض الغربة، مازلت تجهل أماكن رجال الصيانة المهرة، وتخشى من المدعين وأفعالهم، فتقاعست - كعادتك المستجدة - عن مجرد أن تفصل عنها التيار؛ متشاغلا بحواراتك السخيفة مع أصدقاء وهميين عبر الفضاء المستحدث..


    ترتمي بجوارها.. دموعك لا تكفي لإطفاء لهيب الألم المتصاعد من كفها الذي مسح على شعرك مرارا.. تلثم ظاهر يدها بشفتيك معتذرا بلا طائل؛ فقد تأذت حبيبتك فيما تستمتع أنت بصولاتك وجولاتك.. يتجمع حولكما قرودكما الثلاثة.. تطمئنانهم وأنتما لم تطمئنا بعد.. يغمرونكما بقبلات ودعوات بالحفظ والسلامة.. تحضنها محاولا مساعدتها على الوقوف.. تصرخ جراء ألام في الكاحل.. تحملها على ذراعيك كما تحمل أطفالك إلى فراشهم بعدما يغفون أمام التلفاز.. تطلب منهم إزاحة العوائق من الطريق.. تريح جسدها المصعوق على الفراش.. يتحلقون حول الفراش في هلع.. تطلبان منهم الصلاة شكرا.. تهرول نحو باب الشقة.. تكتشف أنك مازلت بملابس البيت وجيوبك خاوية.. لا تنتظر المصعد.. تنهب السلالم نزولا وصعودا حاملا ما يلزم من الصيدلية.. تضمد الكف الحاني بخبرتك الطبية.. تعاين الكاحل برفق.. تلفه بأربطة مساندة.. تحضر لها بعض من العصير الطازج.. بمحبة وتوسل ترغمها على تناوله مصحوبا بحبات دواء.. ترسل أطفالك – بعدما هدأ روعهم قليلا - نحو غرفتهم ريثما تنال هي قسطا من النوم.. تركع بجوار الفراش ووجهك ناحيتها؛ كي ما يتاح لك حضن الكف المحترق برفق.. تصمت طويلا حيث لا قيمة لحديثك.. ينطبق جفناها رويدا رويدا.. يزور نومها اضطراب ما.. تربت على جبينها.. تهدأ.. تستغرق في النوم.. تنظر فإذا أنيسك المحمول – ضرتها كما يحلو لها أن تدعوه - راقدا على الكومدينو.. بيسارك تسحبه في هدوء.. تسكنه فوق ركبتيك.. تفتح بوابته ونوافذه.. تبدأ فتسجل القصة على قرصه الصلب؛ مستغلا سخونة الحدث.. الكلمات تنساب في سلاسة ويسر.. يزورها كابوس ثان.. تعاود المسح على جبينها..


    عصافيرك الصغار يتهادون على أطراف أصابعهم، يزقزقون طلبا لما يحفظ لهم الحياة والنشاط.. ببطء تريح يدها على صدرها.. تودع حاسوبك مكانه.. وتنطلق سعيا لاستئناف مسئولياتكما مجتمعة.. محاولا حل معضلتها اليومية العادية؛ والمتمثلة في قدرتها الفائقة على جدولة الأعمال المطبخية، والاحتياجات الطفولية، والرجولية، والأنثوية، بين مواعيد العمل الرسمية.. منهيا إجازاتك إلى ما شاء الله.



    ـــــــــــــــ


    حدثت 3-7-2010،
    [frame="11 98"]
    [FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Tahoma][FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Simplified Arabic][COLOR=blue][SIZE=5][SIZE=6][FONT=Tahoma][COLOR=#000000]"[/COLOR][/FONT][/SIZE][FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#000000][FONT=Tahoma]28-9-2010[/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
    [FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy]
    [FONT=Tahoma][SIZE=5][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]هناك أناس لو لم يجدوا جنازة تُشبع شغفهم باللطم، قتلوا قتيلا وساروا في جنازته[/FONT][/COLOR][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]لاطمون.[/FONT][/COLOR][/SIZE][/FONT]
    [COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic][FONT=Tahoma][SIZE=5]لدينا الكثير منهم في مصر.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][SIZE=6]" [/SIZE]
    [SIZE=4]د.إميل صابر[/SIZE]
    [/FONT][/SIZE][/FONT]
    [CENTER][FONT=Tahoma][COLOR=navy][B]أفكار من الفرن[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
    [CENTER][U][COLOR=#000066][URL]http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=484272[/URL][/COLOR][/U][/CENTER]
    [/frame]
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل الرائع
    د. إميل صبري
    من أروع ما قرأت لك
    نص شفاف ورقيق بالرغم من الحدث المجلجل
    مشاعر صادقة ومرهفة حتى أني كدت ألمسها
    كم أحب هذا الحنان الذي يربط الأسر بين بعضها
    أسجل إعجابي
    ودي الأكيد ومحبتي

    الخلاص
    وفاء لم يكد ْيدلف البيت, حتى تناهت أصوات القادمين لسمعها, وطرقعة الأسلحة, تدوّي حولها, تقرع أجراس الخطر, فبان الهلع, على قسمات وجهها الحزين: - اهرب قصي, سيقتلونك, اسرع أمسك يدها, يسحبها - معي وفاء, لنهرب معاً, سيقطّعونك بدلا عني, سيعذبونك, حتى الموت. - لن يفعلوا, سأشاغلهم, فقط اسرع قبل أن يقتحموا الباب. حمل سلاحه, قفز
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • آمنه الياسين
      أديب وكاتب
      • 25-10-2008
      • 2017

      #3
      د. إميل صابر

      مساؤك خير وسعادة ورضا

      جميل ما قرأت لك في اعلاه فقد كنت شفافاً للغاية

      ناهيك عن صدق الموقف الذي اضفى للحكاية نوع من التميز

      لا انسى الوصف الذي ابدعتنا فيه فقد كنت ارى الاطفال وهم

      يزيحون الاشياء المعوقة لحركة الاب وهو ينقل زوجته الحبيبة

      كما انه قد لفت انتباهي (( ضرتي )) يبدو ان النساء

      متفقات على هذا المصطلح بالاجماع ...؟؟؟!!!

      امتعتنا دكتور باركك الرحمن وحفظك

      خالص تقديري

      ر
      ووو
      ح

      تعليق

      • م. زياد صيدم
        كاتب وقاص
        • 16-05-2007
        • 3505

        #4
        ** الراقى الاديب د. اميل......

        الانسان هو الانسان... حتى فى يوم اجازته تأخذه متاهات استحضار الواقع فلا مفر منه... ثم يبدا عقله فى تسجيل الوقائع وكان الاجازة لم تكن...ثم يعاود الى رتابته وروتينه المعتاد...

        تحايا عبقة بالزعتر............
        أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
        http://zsaidam.maktoobblog.com

        تعليق

        • هادي زاهر
          أديب وكاتب
          • 30-08-2008
          • 824

          #5
          أخي د اميل صابر
          قصة زاخرة بالحنان
          كنت أفضل الاستمرار باستعمال العصافير التي تزقزق بدلاً من القرود
          محبتي
          هادي زاهر
          " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            رغم الجدة ، إلا أنى أري ما يتعدي المداعبة .
            فى أسلوبك كامن غريب ، يقترب و يبتعد من وجودي
            عنيد ، يصر ألا يكونه ،
            و قد تجلى هذا فى تلك المشاعر الغريبة التى ما تحركت
            كثيرا نحو تلك التى عبثت بها الكهرباء ، و ربما تكون قد قتلتها
            و أنت لا تدري ، و لا تقيم وزنا لذلك .. هل هو الرضا بأي شىء
            مقابل أي شىء أيضا ؟!

            لا أدري .. أيها كان الحدث الرئيسي ؟
            سقوط الزوجة بالصعقة الكهربية نتيجة الاهمال و أشياء أخري
            أم متابعة الأولاد ؟
            أم كونك كاتب سجلت ما وقع وما تم ؟

            ضعي من فضلك فى نهرك .. وقل لى من أين ]اتى النهر
            و إيلام يصب ؟!!


            أرجوك .ز اقرأ العمل مرة أخرى
            فلديك خاصية تصحيح !!

            استمتعت برغم أى شىء بك و بحديثك و طرحك

            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • إيمان الدرع
              نائب ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3576

              #7
              الآن عرفت سرّ ابتعاد د. إميل صابر عنا طيلة هذه الفترة
              مشكلتنا أخي الغالي تكمن في تطرّف ما نحب ويستحوذ علينا
              ليس النت هو المسؤول الأوحد
              بل نحن لأننا نحتاج وأتحدّث عن نفسي بالدرجة الأولى
              إلى شيء من عدم الاندفاع الكامل نحو أي أمر كان ولو بشيء نسبي
              ليس هذا العالم الافتراضي هو المسؤول
              دليل أنك كتبت إليه تشتكي له ما يعتريك من مشاعر
              في الوقت الذي كدنا نفشل فيه من التواصل الذي نروم مع من يجاورنا
              لك ولكل محبيك السلامة ...
              دُمتَ بسعادةٍ ....تحياتي..

              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

              تعليق

              • مصطفى الصالح
                لمسة شفق
                • 08-12-2009
                • 6443

                #8
                د اميل

                عمل جميل معبر

                يفيض عذوبة وحنانا

                تجولنا معك في دهاليز يوم الاجازو بمتعة وترقب

                دمت مبدعا

                تحيتي وتقديري
                [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                حديث الشمس
                مصطفى الصالح[/align]

                تعليق

                • د.إميل صابر
                  عضو أساسي
                  • 26-09-2009
                  • 551

                  #9
                  السادة الأفاضل جميعا
                  عائدة نادر
                  أمنة الياسين
                  زياد صيدم
                  هادي زاهر
                  ربيع عقب الباب
                  إيمان الدرع
                  مصطفى الصالح
                  مع حفظ الألقاب والاحترام للجميع

                  أعذروني جميعا
                  منذ وقعت هذه الحادثة وأنا قد قررت حصر تعاملي مع الانترنت في أضيق نطاق
                  ليس إلا لكسر التعود عليه، ومحاولة الانسلاخ من إدمانه

                  أكن لكم جميعا كل الاحترام،
                  أقرأ مشاركاتكم، ومشاركات بقية الزملاء، كثيرا حتى لو دون دخول، ودون ردود
                  وهو أمر جد صعب،
                  لكن لو كسرته مرة سأكسره دوما،
                  كثيرا ما تدفعني المشاعر التي تسكبونها على الصفحات للمشاركة، لكن كبح جماح النفس أراه حاليا مهما.

                  حتى كتاباتي أقلل نشرها إلى أبعد حد
                  والردود ستكون مجمعة،

                  أرجوكم لا تغضبوا
                  من يريد قرائتي أهلا به بكل الحب،

                  لكنني أتوقف تماما عن الإنخراط الكلي كما في السابق

                  تقبلوا التحية والاحترام
                  التعديل الأخير تم بواسطة د.إميل صابر; الساعة 27-09-2010, 17:12.
                  [frame="11 98"]
                  [FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Tahoma][FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Simplified Arabic][COLOR=blue][SIZE=5][SIZE=6][FONT=Tahoma][COLOR=#000000]"[/COLOR][/FONT][/SIZE][FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#000000][FONT=Tahoma]28-9-2010[/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
                  [FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy]
                  [FONT=Tahoma][SIZE=5][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]هناك أناس لو لم يجدوا جنازة تُشبع شغفهم باللطم، قتلوا قتيلا وساروا في جنازته[/FONT][/COLOR][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]لاطمون.[/FONT][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                  [COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic][FONT=Tahoma][SIZE=5]لدينا الكثير منهم في مصر.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][SIZE=6]" [/SIZE]
                  [SIZE=4]د.إميل صابر[/SIZE]
                  [/FONT][/SIZE][/FONT]
                  [CENTER][FONT=Tahoma][COLOR=navy][B]أفكار من الفرن[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
                  [CENTER][U][COLOR=#000066][URL]http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=484272[/URL][/COLOR][/U][/CENTER]
                  [/frame]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X